المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : __ حُكْمُ الشَّرْعِ فيِ اللَّعِبِ بِكُرِةِ القَدَمِ __ للإمام الألباني-رحمه الله-


كيف حالك ؟

عبد الحق آل أحمد
08-16-2005, 05:30 PM
حُكْمُ الشَّرْعِ فيِ اللَّعِبِ بِكُرِةِ القَدَمِ

لفضيلة الشيخ العلامة الإمام ناصر السُنَّة وقامع البدعة
محمد ناصر الدين الألباني
-رحمه الله تعالى وأسكنه الفردوس الأعلى-

بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة و السلام على رسوله الأمين،
أما بعد:
يسر الإخوة الكرام، يسر تسجيلات الآثار الإسلامية بجدة أن تقدم لكم اللقاء الطيب و النافع مع فضيلة العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، والذي كان صباح يوم الاثنين، الثامن من شهر جمادى الآخرة لعام 1410هجرية:
قال الشيخ العلامة الإمام ناصرة السُنَّة وقامع البدعة محمد ناصر الدين الألباني-رحمه الله تعالى وأسكنه الفردوس الأعلى-:
" سألَ سائلٌ بالأمس القريب عن مسألة قد أبتلي بها كثيرا، أكثر المسلمين، كل بلاد الإسلام، فأحبَّ أن يعرف حكم الله تبارك وتعالى فيها، ألا وهي (اللعب بكرة القدم)، حيث صارت شهوة كل شاب نشأ في مجتمع فيه شيء مما يسمى اليوم بالمدنية، وجوابي على ذلك كما يأتي:
اللعب بالكرة لا يخرج عن أيِّ لعبة أخرى يتعاطاها المسلم، فهي داخلة في عموم قوله –عليه الصلاة و السلام-:[كل لهو يلهو به بن آدم باطلٌ، إلاَّ ملاعبته زوجه، ومداعبته لفرسه، ورميه لقوسه]، لقد ذكر النبي-صلى الله عليه و على آله وسلم-هذه اللُعب و الملاهي التي كان يلهوا بها الناس يومئذ فاستثناها من اللهو الباطل، ويجب أن نتنبه هنا لمناسبة هذا الحديث لأمرين اثنين؛ الأول: أنَّ الحديث كما سمعتم بلفظ: ( باطل)، وليس بلفظ (محرم)، والأمر الثاني: أننا إذا انتبهنا إلى هذا الفرق فحينئذ نعلم أنَّ هناك فرقا فقهيا أيضا، فإذا كان الحديث إنما ورد بلفظ باطل فلا يعني أنه بمعنى محرم، لأن الباطل أشبه ما يكون من حيثُ المعنى المراد منه هو (ليلهوا)، أمَّا المحرم فهو حكم صريح في وجوب الابتعاد عنه، إذا عرفنا ذلك، فحينئذٍ نستطيع أن نقول إنَّ كُلَّ لهوٍ يلهوا به الإنسان في أيِّ زمان و مكان فهو باطل لا أجر له، هذا إن نجى من الإثم، والإثم قد يأتي من ذات النوع الذي يبعث به و قد يأتي مما يحيطُ من نوع اللعب الذي يلعب به، ولنضرب على ذلك بمثالين اثنين؛ الأمر كما قال تعالى{وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون -أو يتذكرون-}، المثالان هما: اللعب بالنَّردِ واللعب بالشطرنج، واللعب بالنرد منهيٌ عنه بالنَّصِ ولذاته، فقد جاء وصحَّ عن النبي-صلى الله عليه و على آله و سلم-أنه قال: [ من لعب بالنَّرْدَشِيرْ فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه] ، و النصُ الآخر هو [من لعب بالنرد فقد عصى الله و رسوله]، فإذا لا يجوز اللعب بالنرد لذاته لما فيه من هذا الترهيب الشديد، من لعب بالنرد فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه ومعلوم عند الجميع أن لحم الخنزير ودمه نجس نجاسة عينية، فلا يجب إذن اللعب بهذا النوع من الملاهي، وهذا هو المثال الأول.
أمّض المثال الثاني فكما ذكرتُ أنفا اللعب بالشطرنج، لا يوجد هناك حديثٌ صحيح للنهي عن اللعب بالشطرنج وإذا الأمر كذلك فما حكمه لا نستطيع أن نقول أنه حرام، لأنه لم يردْ فيه نص، ولا نستطيع أن نقول أنه مباح مطلقٌ، لأنه داخل في حديث جابر هذا فيه العموم أن كل اللعب إنما هو باطل، فمن ذلك إذن اللعب بالشطرنج فهو باطل، هذا الباطل يجب أن ينظر إليه بالنسبة إلى ما قد يُحيطُ به من منكرٍ يرفعهُ ويحطه في محط المحرمات، وإمَّا أن يرفعه إلى مساط المُباحات، فإذا كان اللعبُ بالشطرنج كما هو الواقع اليوم فيه بعض التماثيل مما يعرف اليوم -مثلا-بالفيل، والفرس، و المَلِك..، وأنالا ألعبها، لكن أقرأ أو أسمع، اذكر هذه الأشياء، منها ولا شك عندكم جميعا-إن شاء الله-إن لم يكن قد تسرب إليكم بعض الآراء المنافية للسًنَّة الصحيحة، مِن أنَّ الصور المحرمة لإنما هي التي تضر في الأخلاق و ليس هناك ما يضر في مثل هذه الأصنام في العقيدة، لأنَّ النبي-صلى الله عليه وسلم-فيما زعموا نهى عن التصوير وعن اقتنائه نهياً مؤقتاً من باب سد الذريعة وذلك قبل أن يتمكن التوحيد من قلوب أصحابه، فلما زالت الشبهة في قلوبهم وتمكن التوحيد من قلوبهم، فانتفى هذا الحكم الشرعي؛ ألا وهو تشديد النهي عن التصوير واقتناء الصور!، هذه شبهة طالما سمعناها كثيرا من بعض من لم يتفقهوا في الدين ولا أريد أن أطيل في هذا المجال الآن..، وإنما حسبي أن اذكر أن التصوير بكل أنواعه سواءً كان مصوراً بالقلم أو بالريشة أو بالدهان أو بالتطريز أو بأي آلة حديثة اليوم وهي كثيرة، فما دام أن هناك ما يصح أن يطلق عليه لغة إنه مصور وإنها صورة، فلا يجوز تصويرها والثاني لا يجوز اقتنائها لدخول ذلك، أو في دخول تلك الأنواع كلها في عموم هذه الأحاديث المشار إليها كمثل قوله –عليه السَّلام-من حيث تحذيره عن التصوير [كل مصور في النَّار]، ومن حيث نهيه عن اقتناء كل صورة ألا وهو قوله –عليه السلام-[لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة أو كلب]، إذْ الأمر كذلك فلا يجوز اللعب بالشطرنج ما دامت هذه التماثيل ظاهرة فيه، وحينئذ إذا كان ولا بدَّ من اللعب بالشطرنج فيجبُ القضاء على هذه التماثيل، بعد ذلك يأتي شرط ثاني: ألا وهو أن لا يصبح اللاعبُ للشطرنج عبداً لهُ، يصرفهُ عن عبوديته الحق بالنسبة لله-سبحانه و تعالى-يصرفه للقيام بفرائضه التي تجب عليه، وليست هي الصلوات الخمس –مثلاً-ومع الجماعة؛ أي لا يكفي أن نقول إنَّ المحضور من اللعب بالشطرنج هو فقط أن لا يُلهيه عن القيام بالواجبات و الفرائض الخمس ومع الجماعة؛ بلْ يجب أَنْ نَقْرُنَ إلى ذلك أنَّ هذا اللعب لا يصرفه عن كل واجب فرضه الله-تبارك و تعالى-عليه، كمثل-مثلاً-القيام بواجبه اتجاه أهله، أولاده، اتجاه إخوانه بصورة عامة، فإنْ خلا ولا أقول إذا خلا، فإن خلا اللعب بالشطرنج من هذا النوع من المعاصي نقول حينذاك إنه جائز تمسكاً بالبراءة الأصلية، حيث أنَّ الأصل في الأشياء الإباحة إلاَّ إذا جاء نصُ يضطرنا إلى أن ننتقل منه إلى ما تضمنه الناقل إلى الحكم، إما تحريما و إما كراهةً.
هذانِ مثالان من الأمثلة التي أبتلي الناس باللهو بها و إضاعة الوقت عليها، مثالٌ منهيٌ عنه مباشرة ولا يجوز تعاطيه مطلقاً ألا وهو (النرد)، ومثالٌ لم يصح فيه ني خاصٌ وهو (الشطرنج) فيجبُ أن يدار الحكم فيه حسب ما يحيطه من المحاذير، فإن خلى عن شيء من ذلك جاز اللعب به من باب الترويح عن النفس ليس إلاَّ كما يقال.
إذا عرفنا حكم هذين المثالين انتقلنا إلى الجواب عن السؤال وهو: اللعب بالكرة لا شك أنَّ اللعب بالكرة هو شأن كل الألعاب التي تعرف اليوم إلى ما ندر منها أعجميٌ، النرد اسمه (النردشير) من [بلد] (فارس)، و(الشطرنج) فيما أظن و أعلم أن أصله من (الصين) أو غيره من البلاد، الشاهد كذلك كرة القدم وهذه لُعبةٌ وبدعةٌ عصريةٌ جاءتنا من البلاد الأوربية، فإذا أراد المسلمون أن يلعب بها فأول كل شيء يجب أن ينوي التقوي، تقوية البدن استعدادا لما يجب عليهم أن يخوض في العهد القريب أو البعيد في لقاء أعداء الله -تبارك و تعالى-، فلا بدَّ و الحالة هذه أن تكون أبدانهم صلبةً قويةً تثبتُ أمام أعدائهم الأشداء، وقد جاء في الحديث الصحيح من قوله –عليه الصلاة و السلام-:[إن المؤمن القوي أحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير]، فلا يخلوا المؤمن ولو ضعيفا -حتى في إيمانه-لا يخلوا من خير قد ينجيه من الخلود في العذاب يوم يُقال لجهنم هل امتلأت فتقول هل من مزيد، فإذا كانت القوة مرغوبة في المسلم فإذًا لا مانع بل لعلَّه يستحب أن يتعاطى المسلم هذا اللعب بهذه النية الصالحة، فقد جاء أيضا في الصحيح قوله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-في تفسير الآية الكريمة:{و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة}، قال-عليه السَّلام-[ألا إنَّ القوة الرمي، ألا إنَّ القوة الرمي، ألا إنَّ القوة الرمي]، فاللاعبُ بالرمي سواء أكان قديما بالقوس أو حديثا بالرصاص أو القذائف أو نحو ذلك من الأسلحة المدمرة اليوم، فهو من الوسائل التي لابُدَّ أن يتعاطاها المسلم لتقوية جسمه، ذلك قد يتطلب خروجا عن البلد حتى لا يصاب بعض المسلمين خطأ بأذى الرمي، أما هذه اللعبة لعبة الكرة فهذه ليس فيها ما يُخشى منها سوى ما قد أشرنا إليه أنفاً مما قد يتعرض له اللاعب بالشطرنج، فينبغي أن نُقيِّد الجواز بتلك الشروط، ومن الملاحظ أنَّ أكثر الألعاب و لِنَقُل بخاصة المباريات التي تجري بين فريقين و لو كان مسلمين فإنَّهُ لا يرعى في ذلك حدود الله –تبارك وتعالى-فقد تفوت اللاعبين بعض الصلوات كصلاة العصر-مثلاً-إذا بدأت المباراة قبل العصر أو صلاة المغرب إذا بدأت الصلاة بعد صلاة العصر وقبيل صلاة المغرب، فهذا شرطٌ يشمله ما سبق من الكلام، وثَمَّة شيءٌ آخر يتعلق بهذه اللعبة ومثيلاتها ككرة السلة ونحوها، فإنَّ عادت الكفار ما دام أنهم هم الذين ابتدعوها هذه الكرات أنهم يلبسون لها لباساً قصيراً لا يستر العورة، [فـ] ـالواجب سترها شرعاً، فاللباس هذا يكشف عن الفخذ و الفخذ كما صح عن النبي-صلى الله و على آله وسلم-أنه قال: [الفخذ عورة]، فلا يجوز للاعبين ولو كانوا متمرنين فضلاً عما إن كانوا مبارين غيرهم فلا يجوز لهم أن يلبسوا هذا اللباس القصير، الذي يسمى في لغة الشرع- اللغة العربية- (بالتُبَّان)، والتُبَّن هو السروال الذي ليس له كمَّن ويُسمى في بعض البلاد باللغة الأجنبية(بالشُرتْ)، وأنتم ما أدري ماذا تسمونه ها..كذلك..لعلها لفظة إنجليزية..فاسمه العربي هو هذا ، لأنَّ من الإسلام أن نستبدل الذي هو خير بالذي هو أدنى، أن نستبدل اللفظ العربي باللفظ الأجنبي أن نقيل اللفظ الأجنبي ونحيل مكانه اللفظ العربي لأنها لغة القرآن الكريم، وهذا اللباس التُبَّان لا يجوز للمسلم أن يلبسه أمام أحد سوى زوجته فقط، فالذي يلعب هذه اللعبة أمام بعض الناس فذلك حرام لا لذاتها وإنما لما أحاط بها من اللباس الغير مشروع، فصار عندنا بالنسبة لهذه اللعبة خاصة أن تلهي كالشطرنج عن بعض الواجبات الشرعية كالصلاة، وثانيا: أن يكون اللباسُ شرعيا ساترا للعورة، ويأتي ثالثاً:أن يكون اللعب بما يسمي اليوم اسما على غير المسمى بالروح الرياضية، أقول اسم على غير مسمى لأنَّ كثيراً ما يقع قتالٌ وضربٌ بين المسلمين المتابرين فضلا عن الكافرين، وفي الغرب تقع مشاكل ضخمة جداً يروح فيها قتلى وهم يزعمون أن المقصود من هذه الألعاب هو فنية الروح الرياضية، والمقصود بها بطبيعة الحال أنَّ الإنسان لا يحقد إذا ما شعر بأن خصمه سيتغلب عليه أو غلب عليه، المسلم لا يحقد ولا يحسد.
فلا ينبغي أن تُضفي هذه اللعبة أداة إفساد للأخلاق، فحينا ذاك ولو توفرت الشروط أو الشرطان السابقان حيثُ عدم أن يكون سببا لإضاعة الصلوات، وكشف العورات، فلو فرضنا أن هذه اللعبة خلت من هذين الظاهرتين المخالفتين للشرع ولكنها تنمي و تقوي في نفوس اللاعبين بها هو روح الانتقام، و الحقد، والتغلب بالباطل على الخصم، فحين ذاك يكون هذا الأمر من جملة السباب التي ينبغي منع تعاطي هذه اللعبة.
فإذا الأصلُ –نُلخص الآن ما تقدم-الأصلُ في الملاهي التي يلهوا بها النَّاسُ ما عدا الأربع الخصال المذكورة في حديث جابر أنها باطلٌ {...}لا قيمة له، ولا ينبغي للمسلم أن يُضيع وقتهُ من ورائها، اللهمَّ إلاَّ إذا حسنة النيَّةُ ولا أقل أن يكون فيها المقصود الترويح عن النفس مع ملاحظة الشروط التي سبق ذكرها. هذا كما تيسر لي الجواب عن ذاك السؤال الذي كان قد وُجِّهَ إليَّ في الجلسة القريبة." اهـ

قال مفرغ المادة الفقير إلى رحمة الله-جل وعلا-( عبد الحق آل أحمد ): تم نسخها-بحمد الله تعالى وعونه - على شريط رقم(13) من سلسلة فتاوى جدة لعام (18/جمادى الآخرة/1410هجرية)، وكان النسخ في المسودة عام (1423هجرية)، وتم التبييض عليها يوم الاثنين:(10/ رجب/1426هجرية)، أسأل الله تعالى أن ينفع بها الجميع؛ آمين.

نواف الحسيني
08-16-2005, 08:52 PM
جزاك الله خير

معلومة مباركة

عبد الحق آل أحمد
08-17-2007, 02:26 AM
جزاك الله خير

معلومة مباركة

وإياكم أخي..

12d8c7a34f47c2e9d3==