المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة


كيف حالك ؟

قاسم علي
08-14-2005, 05:37 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة

وقوله‏:‏ ‏{‏وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ‏}‏ ‏{‏عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ‏}‏ ‏{‏لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ‏}‏ ‏{‏لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ‏}‏ وهذا الباب في كتاب الله كثير‏.‏ ومن تدبر القرآن طلبًا للهدى تبين له طريق الحق‏.‏

الشرح‏:‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وُجُوهٌ‏}‏ أي‏:‏ وجوه المؤمنين ‏{‏يَوْمَئِذٍ‏}‏ أي‏:‏ يوم القيامة ‏{‏نَّاضِرَةٌ‏}‏ بالضاد من النضارة وهي البهاء والحسن‏.‏ أي‏:‏ ناعمة غضة حسنة مضيئة مشرقة ‏{‏إِلَى رَبِّهَا‏}‏ أي‏:‏ خالقها ‏{‏نَاظِرَةٌ‏}‏ أي‏:‏ تنظر إليه بأبصارها كما تواترت به الأحاديث الصحيحة، وأجمع عليه الصحابة والتابعون وسلف الأمة واتفق عليه أئمة الإسلام‏.‏ فالشاهد من الآية الكريمة‏:‏ إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏عَلَى الأَرَائِكِ‏}‏ جمع أريكة وهي السرر ‏{‏يَنظُرُونَ‏}‏ إلى الله ـ عز وجل ـ‏.‏

وأما الكفار فقد تقدم في الآيات التي قبل هذه الآية أنهم ‏{‏عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ‏}‏ والشاهد من الآية إثبات رؤية المؤمنين لربهم ـ عز وجل ـ‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ‏}‏ بالقيام بما أوجبه الله عليهم من الأعمال والكف عما نهاهم عنه من المعاصي ‏{‏الْحُسْنَى‏}‏ أي‏:‏ المثوبة الحسنى‏.‏ وقيل‏:‏ الجنة‏.‏ ‏{‏وَزِيَادَةٌ‏}‏ هي النظر إلى وجه الله الكريم، كما ثبت تفسيرها بذلك عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صحيح مسلم وغيره، وكما فسرها بذلك سلف هذه الأمة، وعلى ذلك يكون الشاهد من الآية الكريمة‏:‏ إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا‏}‏ أي‏:‏ للمؤمنين في الجنة ما تشتهي أنفسهم وتلذ أعينهم من فنون النعيم وأنواع الخير ‏{‏وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ‏}‏ أي‏:‏ زيادة على ذلك هو النظر إلى وجه الله الكريم‏.‏ وهذا هو الشاهد من الآية الكريمة وهو إثبات النظر إلى وجه الله الكريم في الجنة‏.‏

ما يستفاد من الآيات الكريمة‏:‏ يستفاد منها إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، وأنها أعظم النعيم الذي ينالونه‏.‏ وهذا هو قول الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين‏.‏ خلافًا للرافضة والحهمية والمعتزلة الذين ينفون الرؤية يخالفون بذلك الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها‏.‏ ويعتمدون على شبه واهية وتعليلات باطلة منها‏:‏

1 ـ قولهم‏:‏ إن إثبات الرؤية يلزم منه إثبات أن الله في جهة، ولو كان في جهة لكان جسمًا ـ والله منزه عن ذلك ـ والجواب عن هذه الشبهة أن نقول‏:‏ لفظ الجهة فيه إجمال‏.‏ فإن أريد بالجهة أنه حال في شيء من مخلوقاته فهذا باطل والأدلة ترده وهذا لا يلزم من إثبات الرؤية‏.‏ وإن أريد بالجهة أنه سبحانه فوق مخلوقاته فذا ثابت لله سبحانه ونفيه باطل وهو لا يتنافى مع رؤيته سبحانه‏.‏

2 ـ استدلوا بقوله تعالى لموسى‏:‏ ‏{‏لَن تَرَانِي‏}‏ والجواب عن هذا الاستدلال‏:‏ أن الآية الكريمة واردة في نفي الرؤية في الدنيا ولا تنفي ثبوتها في الآخرة كما ثبت في الأدلة الأخرى‏.‏ وحالة الناس في الآخرة تختلف عن حالتهم في الدنيا‏.‏

3 ـ استدلوا بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ‏}‏ والجواب عن هذا الاستدلال‏:‏ أن الآية إنما فيها نفي الإدراك وليس فيها نفي الرؤية‏.‏ والإدراك معناه الإحاطة، فالله سبحانه وتعالى يراه المؤمنون ولا يحيطون به، بل نفي الإدراك يلزم منه وجود الرؤية‏.‏ فالآية من أدلة إثبات الرؤية والله تعالى أعلم‏.‏

وقول المؤلف ـ رحمه الله ـ‏:‏ ‏(‏وهذا الباب في كتاب الله كثير‏)‏ أي‏:‏ باب إثبات أسماء الله وصفاته في القرآن كثير وإنما ذكر المؤلف بعضه‏.‏ فقد ورد في آيات كثيرة من كتاب الله إثبات أسماء الله وصفاته على ما يليق به ‏(‏ومن تدبر القرآن‏)‏ أي‏:‏ تفكر فيه وتأمل ما يدل عليه من الهدى ‏(‏تبين له طريق الحق‏)‏ أي‏:‏ اتضح له سبيل الصواب وتدبر القرآن هو المطرب من تلاوته قال تعالى‏:‏ ‏{‏كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ‏}‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا‏}‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ‏}‏‏.‏
كتاب شرح العقيدة الواسطية
الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله تعالى

12d8c7a34f47c2e9d3==