علي رضا
11-16-2003, 06:15 PM
(( هل صح أن الصلاة في بيت المقدس بألف صلاة ، وأن من أهدى له زيتاً يسرج فيه كان كمن أتاه ؟ ))
روى ابن ماجة في ( السنن ) برقم ( 1407 ) حديثاً في فضل الصلاة ببيت المقدس ، فقال : حدثنا إسماعيل بن عبد الله الرقي ، حدثنا عيسى بن يونس ، حدثنا ثور بن يزيد ، عن زياد بن أبي سودة ، عن أخيه عثمان بن أبي سودة ، عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت : قلت : يا رسول الله ! أفتنا في بيت المقدس ؟ قال :
( أرض المحشر والمنشر 0 ائتوه فصلوا فيه ؛ فإن صلاة فيه كألف
صلاة في غيره 0
قلت : أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه ؟
قال : فتهدي له زيتاً يسرج فيه ، فمن فعل ذلك فهو كمن أتاه ) 0
هذا الحديث صححه شيخنا مقبل بن هادي الوادعي في ( الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين ) 2 / 519 ؟
لقد وقع شيخنا رحمه الله في تصحيح هذا الحديث ؛ بناءً على ظاهر الصحة في إسناده ؛ فالبحث الأولي في رجاله قد يجعل الحكم صحيحاً على السند ، وحينذاك فالحديث صحيح على ما يظهر 0
هنا سؤال يطرح نفسه - كما يقال - : هل نجاري أولئك الجهلة الذين يطعنون في تحقيقات ( علي رضا ) لأن الشيخ مقبلاً الوادعي رحمه الله طعن فيها ؟
الحقيقة لا تخفى على المحققين في هذا العلم الشريف بحمد الله تعالى ؛ فطعن الشيخ رحمه الله كان بدافع الرد المحض الذي لم يأت فيه بجديد من العلم ، أو تحرير للمسألة ؛ بدليل أنه رحمه الله تعالى كان من أوائل المعتذرين عن طعنه في تحقيقات ( علي رضا ) بعد أن قرأت عليه تحرير القول في هذا الحديث الذي أورده هو في
( الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين ) ! فشكر ذلك جداً ، ووعد بتصحيح الخطأ ، عازياً الفضل - بعد الله - لعلي رضا 0
ولست بصدد التشنيع على شيخنا رحمه الله ؛ فإن ذلك من دأب أهل الحسد والهوى ، ولكن الله تعالى يحب الإنصاف والعدل ، فردي عن
الطعن حق مشروع ، مع غاية الاحترام لشيخنا مقبل رحمه الله رحمة واسعة 0
فما هي علة هذا الحديث الذي فيه رد على المليباري وأذنابه من المُحدِثين - من الإحداث لا من التحديث ! - الذين ظنوا - والظن أكذب الحديث - أن الألباني من أولئك الذين يغترون بظواهر الأسانيد ، فيصححون حسب التشهي والهوى ؟
الواقع أن هناك إعلالاً للسند من جهة الانقطاع ، ومن جهة الكلام في اثنين من رواته هما : زياد بن أبي سودة ، وأخوه عثمان بن أبي سودة 0
قال الحافظ الذهبي في ( الميزان ) 2 / 90 : ( زياد بن أبي سودة ، عن أخيه عثمان ، عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ابعثوا بزيت يسرج في قناديله - يعني بيت المقدس 0
هذا حديث منكر جداً ؛ رواه سعيد بن عبد العزيز ، عن زياد ، عنها ؛ فهذا منقطع 0 ورواه ثور بن يزيد ، عن زياد متصلاً 0 قال عبد الحق : ليس هذا الحديث بقوي 0 وقال ابن القطان : زياد وعثمان ممن يجب التوقف عن روايتهما ) 0 ثم ذكر الذهبي لميمونة بنت سعد ، ويقال : بنت سعيد : أربعة أحاديث قال بأنها منكرة كلها ، وأحدها هذا الحديث 0
أما ابن التركماني ، فقد أعله بالاختلاف في إسناده كما في ( الجوهر النقي ) بحاشية ( السنن الكبرى ) للبيهقي 2 / 441 0
قلت : نعم ؛ الاختلاف وجه من وجوه إعلال السند ؛ لأنه يدل على عدم ضبط الرواة له ، بل هناك اختلاف في متن الحديث أيضاً ؛ فقد رواه أبو داود في ( السنن ) برقم ( 457 ) ، والبيهقي في ( السنن الكبرى ) 2 / 441 من طريق سعيد بن عبد العزيز المنقطعة التي أشار إليها الذهبي ، وفيه : ( قلت : كيف والروم إذ ذاك فيه ؟ قال : فإن لم تستطيعوا فابعثوا بزيت يسرج في قناديله ) 0
والرواية المتصلة من طريق ثور بن يزيد تقدم أنها في ( ابن ماجة ) ، وهي كذلك في ( المسند ) من رواية أحمد ، ومن رواية ابنه في
( زوائد المسند ) 6 / 463 ، وكذا أخرجه أبو يعلى في ( المسند ) 12 / 523 برقم ( 7088 ) لكن فيه أن الحديث لميمونة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ! وهذا الخلاف في صحابي الحديث لا يؤثر لو سلم الحديث من التضعيف بغير ذلك ؛ وهيهات !
وقد ذكر الخلاف في هذا الحافظ ابن حجر في ( الإصابة ) 4 / 413 ، وأشار إليه الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) 4 / 6 - 7 0
ورواه الطبراني في ( المعجم الكبير ) 25 / 32 من طريق معاوية بن صالح متصلاً ؛ لكن في الطريق إليه عبد الله بن صالح ، وهو كاتب الليث بن سعد : ضعيف من أجل كثرة غلطه ، والراوي عنه : بكر بن سهل الدمياطي ، قال النسائي : ضعيف 0 وتكلم فيه غيره لروايته المنكرات ، واستظهر شيخنا الألباني رحمه الله أن حديثه الذي انفرد به : ( أعروا النساء يلزمن الحجال ) : ضعيف جداً ، وذلك في تحقيق لم أر أحداً سبقه إليه في ( الضعيفة ) برقم
( 2827 ) 0
ورواه البيهقي في ( شعب الإيمان ) 3 / 495 برقم ( 4176 ) من الطريق المنقطعة بإسناد مظلم 0
هذا ما تيسر لي حول الكلام على سند الحديث ، أما المتن : فمنكر جداً لأمور : 1- مخالفته لما صح من أن هذا الفضل في الصلاة ، وأنها بألف صلاة فيما سواه : إنما هو لمسجده عليه الصلاة والسلام 0 2- مخالفته لما هو معلوم من سنته عليه الصلاة والسلام القولية والفعلية ( السنة التركية ) في الأمر بإيقاد السرج في مسجده ؛ فلا يعرف هذا في حديث صحيح ، بمعنى أنه لم يأمرهم بقوله ، ولم يفعله هو بنفسه ، عليه الصلاة والسلام 0 3- تقدم القول بنكارة متنه عن الذهبي ؛ بل أفصح عنه غاية الإفصاح والبيان في ( مهذب البيهقي ) 1 / 80 / 2 , ونقله عنه شيخنا رحمه الله في ( تحقيق أبي داود ) - غراس للنشر والتوزيع - ( 9 / 158 - 161 ) فقال الذهبي : ( وهذا خبر منكر ، وكيف يسوغ أن يبعث بزيت ليسرجه النصارى على التماثيل والصلبان ؟ وأيضاً : فالزيت منبعه من الأرض المقدسة ، فكيف يأمرهم أن يبعثوا به من الحجاز ؛ محل عدمه إلى معدنه ؟! ثم إنه عليه السلام لم يأمرهم بوقود ، ولا بقناديل في مسجده ، ولا فعله ، وميمونة لا يدرى من هي ، ولا يعرف لعثمان سماع منها ) 0
والخلاصة هي كون الحديث منكراً كما جزم شيخنا الألباني في ( ضعيف ابن ماجة ) برقم ( 298 ) 0
اللهم اجعلنا هداة مهتدين 0
كتبه \علي رضا
روى ابن ماجة في ( السنن ) برقم ( 1407 ) حديثاً في فضل الصلاة ببيت المقدس ، فقال : حدثنا إسماعيل بن عبد الله الرقي ، حدثنا عيسى بن يونس ، حدثنا ثور بن يزيد ، عن زياد بن أبي سودة ، عن أخيه عثمان بن أبي سودة ، عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت : قلت : يا رسول الله ! أفتنا في بيت المقدس ؟ قال :
( أرض المحشر والمنشر 0 ائتوه فصلوا فيه ؛ فإن صلاة فيه كألف
صلاة في غيره 0
قلت : أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه ؟
قال : فتهدي له زيتاً يسرج فيه ، فمن فعل ذلك فهو كمن أتاه ) 0
هذا الحديث صححه شيخنا مقبل بن هادي الوادعي في ( الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين ) 2 / 519 ؟
لقد وقع شيخنا رحمه الله في تصحيح هذا الحديث ؛ بناءً على ظاهر الصحة في إسناده ؛ فالبحث الأولي في رجاله قد يجعل الحكم صحيحاً على السند ، وحينذاك فالحديث صحيح على ما يظهر 0
هنا سؤال يطرح نفسه - كما يقال - : هل نجاري أولئك الجهلة الذين يطعنون في تحقيقات ( علي رضا ) لأن الشيخ مقبلاً الوادعي رحمه الله طعن فيها ؟
الحقيقة لا تخفى على المحققين في هذا العلم الشريف بحمد الله تعالى ؛ فطعن الشيخ رحمه الله كان بدافع الرد المحض الذي لم يأت فيه بجديد من العلم ، أو تحرير للمسألة ؛ بدليل أنه رحمه الله تعالى كان من أوائل المعتذرين عن طعنه في تحقيقات ( علي رضا ) بعد أن قرأت عليه تحرير القول في هذا الحديث الذي أورده هو في
( الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين ) ! فشكر ذلك جداً ، ووعد بتصحيح الخطأ ، عازياً الفضل - بعد الله - لعلي رضا 0
ولست بصدد التشنيع على شيخنا رحمه الله ؛ فإن ذلك من دأب أهل الحسد والهوى ، ولكن الله تعالى يحب الإنصاف والعدل ، فردي عن
الطعن حق مشروع ، مع غاية الاحترام لشيخنا مقبل رحمه الله رحمة واسعة 0
فما هي علة هذا الحديث الذي فيه رد على المليباري وأذنابه من المُحدِثين - من الإحداث لا من التحديث ! - الذين ظنوا - والظن أكذب الحديث - أن الألباني من أولئك الذين يغترون بظواهر الأسانيد ، فيصححون حسب التشهي والهوى ؟
الواقع أن هناك إعلالاً للسند من جهة الانقطاع ، ومن جهة الكلام في اثنين من رواته هما : زياد بن أبي سودة ، وأخوه عثمان بن أبي سودة 0
قال الحافظ الذهبي في ( الميزان ) 2 / 90 : ( زياد بن أبي سودة ، عن أخيه عثمان ، عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ابعثوا بزيت يسرج في قناديله - يعني بيت المقدس 0
هذا حديث منكر جداً ؛ رواه سعيد بن عبد العزيز ، عن زياد ، عنها ؛ فهذا منقطع 0 ورواه ثور بن يزيد ، عن زياد متصلاً 0 قال عبد الحق : ليس هذا الحديث بقوي 0 وقال ابن القطان : زياد وعثمان ممن يجب التوقف عن روايتهما ) 0 ثم ذكر الذهبي لميمونة بنت سعد ، ويقال : بنت سعيد : أربعة أحاديث قال بأنها منكرة كلها ، وأحدها هذا الحديث 0
أما ابن التركماني ، فقد أعله بالاختلاف في إسناده كما في ( الجوهر النقي ) بحاشية ( السنن الكبرى ) للبيهقي 2 / 441 0
قلت : نعم ؛ الاختلاف وجه من وجوه إعلال السند ؛ لأنه يدل على عدم ضبط الرواة له ، بل هناك اختلاف في متن الحديث أيضاً ؛ فقد رواه أبو داود في ( السنن ) برقم ( 457 ) ، والبيهقي في ( السنن الكبرى ) 2 / 441 من طريق سعيد بن عبد العزيز المنقطعة التي أشار إليها الذهبي ، وفيه : ( قلت : كيف والروم إذ ذاك فيه ؟ قال : فإن لم تستطيعوا فابعثوا بزيت يسرج في قناديله ) 0
والرواية المتصلة من طريق ثور بن يزيد تقدم أنها في ( ابن ماجة ) ، وهي كذلك في ( المسند ) من رواية أحمد ، ومن رواية ابنه في
( زوائد المسند ) 6 / 463 ، وكذا أخرجه أبو يعلى في ( المسند ) 12 / 523 برقم ( 7088 ) لكن فيه أن الحديث لميمونة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ! وهذا الخلاف في صحابي الحديث لا يؤثر لو سلم الحديث من التضعيف بغير ذلك ؛ وهيهات !
وقد ذكر الخلاف في هذا الحافظ ابن حجر في ( الإصابة ) 4 / 413 ، وأشار إليه الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) 4 / 6 - 7 0
ورواه الطبراني في ( المعجم الكبير ) 25 / 32 من طريق معاوية بن صالح متصلاً ؛ لكن في الطريق إليه عبد الله بن صالح ، وهو كاتب الليث بن سعد : ضعيف من أجل كثرة غلطه ، والراوي عنه : بكر بن سهل الدمياطي ، قال النسائي : ضعيف 0 وتكلم فيه غيره لروايته المنكرات ، واستظهر شيخنا الألباني رحمه الله أن حديثه الذي انفرد به : ( أعروا النساء يلزمن الحجال ) : ضعيف جداً ، وذلك في تحقيق لم أر أحداً سبقه إليه في ( الضعيفة ) برقم
( 2827 ) 0
ورواه البيهقي في ( شعب الإيمان ) 3 / 495 برقم ( 4176 ) من الطريق المنقطعة بإسناد مظلم 0
هذا ما تيسر لي حول الكلام على سند الحديث ، أما المتن : فمنكر جداً لأمور : 1- مخالفته لما صح من أن هذا الفضل في الصلاة ، وأنها بألف صلاة فيما سواه : إنما هو لمسجده عليه الصلاة والسلام 0 2- مخالفته لما هو معلوم من سنته عليه الصلاة والسلام القولية والفعلية ( السنة التركية ) في الأمر بإيقاد السرج في مسجده ؛ فلا يعرف هذا في حديث صحيح ، بمعنى أنه لم يأمرهم بقوله ، ولم يفعله هو بنفسه ، عليه الصلاة والسلام 0 3- تقدم القول بنكارة متنه عن الذهبي ؛ بل أفصح عنه غاية الإفصاح والبيان في ( مهذب البيهقي ) 1 / 80 / 2 , ونقله عنه شيخنا رحمه الله في ( تحقيق أبي داود ) - غراس للنشر والتوزيع - ( 9 / 158 - 161 ) فقال الذهبي : ( وهذا خبر منكر ، وكيف يسوغ أن يبعث بزيت ليسرجه النصارى على التماثيل والصلبان ؟ وأيضاً : فالزيت منبعه من الأرض المقدسة ، فكيف يأمرهم أن يبعثوا به من الحجاز ؛ محل عدمه إلى معدنه ؟! ثم إنه عليه السلام لم يأمرهم بوقود ، ولا بقناديل في مسجده ، ولا فعله ، وميمونة لا يدرى من هي ، ولا يعرف لعثمان سماع منها ) 0
والخلاصة هي كون الحديث منكراً كما جزم شيخنا الألباني في ( ضعيف ابن ماجة ) برقم ( 298 ) 0
اللهم اجعلنا هداة مهتدين 0
كتبه \علي رضا