المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : توجيهات مهمة لشباب الأمة للعلامة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان-حفظه الله


كيف حالك ؟

الحارث بن عبد الله
07-12-2005, 05:59 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛ ؛ ؛ وبعد:
فهذه محاضرة اخرى ضمن سلسلة المحاضرات لعلماء الدعوة السلفية التي أسأل الله أن يوفقني أن أواصل هذا الخدمة وما هذا إلا جهد المقل المقل .
محاضرة بعنوان : توجيهات مهمة لشباب الأمة
ألقاها فضيلة الشيخ العلامة / صالح بن محمد اللحيدان -حفظه الله-
بمسجد القاضي - الرياض - المملكة العربية السعودية.
يمكنك تحميلها مرتبةومخرجة الأحاديث والآيات .
------------------

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده وخليله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديهم وتمسك بسنتهم إلى يوم الدين وبعد :
فإن أهم ما يتواصى به الناس وأولى ما يحرصون عليه تقوى الله جل وعلا في السر والعلن ، والاهتمام بهذا الدين الذي رضيه الله جل وعلا لعباده وأكرمهم به ولا يقبل من أحد ديناً سواه ، رضي لنا سبحانه الإسلام دينا وجعل أمة محمد خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر تقيم العدل وتدعو إلى الله وتنشر دعوة الإسلام لإخراج الناس من الظلمات إلى النور وإن أولى ما ينبغي أن يهتم به كل مسلم أن يراقب الله جل وعلا إذا خلى في بيته في برِّية في مسجد من المساجد كيف تعامله فيما بينه وبين خالقه جل وعلا؟ هل يستوي منه العلانية والإصرار؟ هل هو مهتم بأمر المسلمين؟ هل يحس من نفسه رغبة تامة في هداية الخلق؟ هل يتعلم لما يحدث في الأمة الإسلامية ؟ ليتحقق فيه قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : « المسلمون في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد في السهر والحمى أو بالحمى والسهر »( ) هل يراقب وينظر لأحوال شباب الأمة وما يعصف بالمجتمعات من تيارات متقابلة وعواصف فتن عاتية ؟ هل يفعل ما يستطيع أن يفعله ولو بالدعاء بأن يسأل الله جل وعلا أن يصلح حال الأمة وينشأ شبابها على تعظيم شرع الله ،لا شك أن شباب الأمة إذا الله جل وعلا أصلحهم وهداهم ووفقهم هم رجالها وحملة رايتها ، وحامل لواء الدعوة إلى دين الله الحق كيف السبيل إلى تحقيق ذلك إنه مطلب هام عظيم يحتاج إلى أن تتضافر الجهود ويتعاون الناس على تحقيق ذلك . يحتاج إلى أن تهتم البيوت بمن فيها من الناشئة اهتماماً يحقق تربية إسلامية تعظيماً لشعائر الدين ، اهتماماً بالمساجد التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه تعظيماً لهذه العبادة العظيمة التي يقف العباد فيها عباد الله المسلمون يناجون ربهم ويخاطبونه في خمسة مواقف حتم عليهم ذلك ثم يقفون مواقف لا حصر لها تقرباً إلى الله جل وعلا، رجاء المثوبة ، أملاً في أن يدفع الله عن الناس ويدافع عنهم وإذا الله دافع عن أمة أو بلد فلا غالب لها، وإنما يدافع الله عن أهل الإيمان { إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا}( ) إن تربية الشباب وتعويدهم الخوف من الله جل وعلا ، والنظر في العواقب، واختيار المسالك وسبر أحوال من يصحبهم ليتم اختيار الجليس الصالح، لأن باختيار الجلساء الصالحين تؤمن ...( ) ويحتاط لدفع البلاء والشر إن الشاب الناشئ في طاعة الله الذين يمن الله عليه جل وعلا بأن يفقهه في دينه وليس المقصود بالفقه في الدين فقط معرفة كلام الفقهاء وإنما يكون مع ذلك عنده الاهتمام بهذا الدين وقد جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم وغيره « سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ذكر منهم شاب نشأ في عبادة الله »( ) فهنيئاً للشباب الناشئين على العبادة المخلصين لله العمل المهتمين بمستقبلهم في الدنيا والآخرة وهنيئاً لذويهم ووالديهم وأسرهم لأن والديهم لا ينقطع منهم العمل إذا كان وراءهم أولاد صالحين للحديث الصحيح : « إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة »( ) وذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم « الولد الصالح » فنحتاج وتحتاج الأمة للاهتمام بالناشئة لتعويدهم من الصغر الشعور بمخافة الله والتفكير في أداء العبادات من فرائض ونوافل وفي الحديث الصحيح القدسي يقول المولى جل وعلا « وما تقرب إليّ عبدي من شيء أحب إليّ مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به »( ) إلى أخر الحديث فالإنسان لتحفظ عليه جوارحه وليصل إلى ركود الطريق الأمن يحتاج إلى أن يحسن أداء الفرائض وليتقرب إلى الله جل وعلا مع ذلك بأداء النوافل من مختلف العبادات .
لا شك أن أعظم العبادات العملية الصلوات الخمس التي من حفظها وحافظ عليها كانت له نوراً ونجاةً وبرهاناً وكانت له عند الله عهداً يدخله الجنة .إن الشباب إذا نشئوا على الاهتمام بالمساجد والحرص على أداء الفرائض فيها وعند الفراغ تقصد المساجد للتقرب إلى الله جل وعلا بتلاوة القرآن ،نصيحتي لأولياء أمورهم أن يكونوا شديدي الحرص عليهم والتفقد لسيرهم والتعرف على من يصحبهم ومن يصاحبونه ، لئن لا يصحب الشاب الناشئ أصحاباً مضلين فيمتلأ قلبه من حب ما هم فيه من ضلال ثم في التالي يصعب اقتلاع الضلال من القلوب لأن القلب إن امتلأ خيراً دفع الشر بإذن الله وإن امتلأ شراً صعب أن يجد الخير له مسلكاً فيه والعبء كبير على الوالدين وقد قال سيد البشر صلى الله عليه وسلم « ما من مولود ولد إلا و يولد على فطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه »( ) فإذا لم يعتن الآباء بالذرية ونحن في عصر تلاطمت فيه أمواج الفتن وتنوعت الدعايات الضالة واختلطت المفاهيم وانتشرت دعايات الرذيلة والضلال فصار بذلك العبء على الآباء عبئاً كبيراً وثقيلا، ولكن لمن تترك الذرية أتترك لتجتالها الشياطين، من شياطين الجن والإنس إنهم أمانة في أعناق أولياء أمورهم من أباء وأمهات ومن أخوة و قرابات ومن أهل المسؤولية الكبرى فقد قال سيد البشر صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:« كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته الإمام راعِ ولي الأمر الأعلى في الدولة راعِ ومسؤول عن رعيته والرجل راعِ في بيته ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيته » ثم ذكر « الخادم أنه راعِ في مال سيده ومسؤول عن رعيته وكلكم راعِ وكلكم مسؤول عن رعيته »( ) فليفكر كل راعِ في موقف المسائلة وقد جاء في الحديث الصحيح « لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه »( ) فتذكر ماذا يكون جوابك إذا سألت عن عمرك وقد يكون مديداً « وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين جمعه وفيما أنفقه وعن علمه كيف عمل به » .هذه المسائل الأربع بحسب الإجابة عليها يجتاز ذلك الامتحان وبالخبط والتخليط فيها يقع ما لا تحمد عاقبته ونسأل الله السلامة للجميع .
ثم إنني أوصي الشباب من أول نشأتهم وتمييزهم ومن بلوغهم سن الاحتلام وفي ميادين دراستهم وأعمالهم لدينهم ودنياهم أن يحرصوا على مراقبة الله جل وعلا وأنه لا نجاة لهم من هموم الدنيا ومشاكلها وبلاياها وفتنها إلا بالاعتصام بالله وحسن التوكل عليه والإيقان والإيمان أنه جل وعلا يرى منا كل عمل ولا يغيبه عنه سبحانه وتعالى أي شيء منا وأنه سواء لديه من استخفى منا ومن أعلن أحاط عمله بكل شيء على الشباب إذا ما خلى في موضع يفكر في عمل يعلمه أو في الإعراض عن شيء أن يتذكر أن الله يراه ويطلع عليه يرون أحد العلماء النحو ثعلب أنه حرص أن يدخل على الإيمان أحمد ابن حنبل لأن ثعلب شيباني والإمام أحمد شيباني دخل عليه فقال له فيما تنظر أن ما هي دراستك قال العربية أو قال النحو فأنشده أحمد قول الشاعر:
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسب أن الله يغفل سـاعة و لا أنما تأتي عليه يغــيب
فينبغي للشاب إذا خلا بنفسه أن يفكر في مستقبله في الدنيا وفي الآخرة ويفكر في علاقته بأهله وذويه ويفكر في من يتعلم معهم أو يتعلم على يديهم أو من يعلمهم ثم يحرص على أن يصطحب معه في التعامل كلها التقوى فإنه من يتقي الله يجعل له من كل هم فرجا .
على الشاب أن يهتم بأن يكون من من يعجب الله منهم ففي الأثر « يعجب الله من الشاب ليست له صبوة »( ) أي ليس له ميل إلى المحرمات والمكروهات ولأن زمننا زمن خطر والأفكار تبث على الناس باستئذان وبدون استئذان وتدخل عليهم في بيوتهم وفي طرقاتهم وفي كثير من التجمعات يحتاج كل واحد إلى أن يتحصن بماذا بالإيمان بالله جل وعلا ثم بما دل عليه القرآن الكريم والسنة الكريمة النبوية فإن في الكتاب والسنة نجاة لمن حرص على الاعتصام بهما فأنصح الشباب أن يكثروا مطالعة تفسير كتاب الله جل وعلا وسنة محمد صلى الله عليه وسلم وما قاله أهل العلم في إيضاح ما قد يشكل في الكتاب والسنة كما أنصح الشاب إذا أدرك قسط من العلم أن لا يظن أنه أصبح رجل الدنيا و واحدها بل يحرص على التزود وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم « منهومان لا يشبعان فذكر طالب الدنيا وطالب العلم »( ) ينبغي أن يحرص الإنسان على أن يأخذ دينه عم ما يتصفون بالتقوى والورع والتثبت ويعرفون ببعد النظر وحسن تقدير الأمور وعلى أوليائهم أن يكثروا من مسائلتهم من أصحابكم وإذا كثرت الاتصالات عبر الهواتف فيسأل الأب أو الأم من هذا الذي يخاطبك ويحرص الشاب أن لا يتأفف من أمثال ذلك وأن يتصور بعد فترة وقد يكون الآن أباً لشباب ما الذي يحس بهم نحوهم، لا شك أن كل أب وكل أم عند كل واحد منهما الرغبة التامة أن يكون الولد من ذكر وأنثى على أحسن ما يكون من الأخلاق والتثبت وصدق القول ، وحسن العمل . فليحرص الشاب ومن ولي أمره على إصلاح الحال وينبغي للشاب إذا ظن أنه صار أهلاً لأن يقول :أهلاََ لأن يناقش أن يعرض أفكاره على أهل العلم وأن يستشيرهم هل أصبح قادرا على أن يقول ويناقش .فقد كان علماء السلف لا يتأهب الواحد منهم للقول وإصدار الأحكام إلا بعد أن يشهد له عدد من العلماء أنه صار أهلا لذلك ، مع أن عوارض الفتن في وقتهم ليست بالكثرة التي نعيشها ولا بالتلون الذي يخالط هذا الزمن ولم تكن الوسائل كالوسائل التي يراها الناس ويسمعونها ويقرؤونها نصيحتي للشباب أن يعتنوا بمن يختارونه رفيقاً ثم يصطحب كل واحد منهم الغيرة في نفسه على دين الله والاهتمام على التمسك بالأخلاق والحرص على اصطحاب الحياء من الله جل وعلا ثم من خلقه وفي الحديث الصحيح « إنما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فأصنع ما شئت »( ) والنبي أخبر صلى الله عليه وسلم أن الحياء لا يأتي إلا بخير بحديث خير كله وفي الحديث الأخر « والحياء شعبة من الإيمان »( ) فإذا أحس الشاب أنه ينتقد في أمر ما من فعل أو قول فليفكر في هذا الأمر وكل ما أمكنه أن يتلافى أحاديث الناس عنه والخوض في عرضه فليفعل فإنه في الحديث الصحيح « من اتقى الشبهات فقد استبرئ لدينه وعرضه » أي أن كل واحد من الشباب وغيرهم مطالب بأن يستبرئ لدينه ولعرضه يصون دينه لأن لا يدنسه ويصون عرضه لأن لا يلوكه الآخرون ، نصيحتي في هذا الوقت التي أصبحت دعايات الباطل ودعايات الإغراء بأنواع الضلالات تغشى الناس في كل مكان أن يحرص الواحد من الشباب ومن يلي أمرهم على العزيمة والصدق في مراقبة الله ،والحياء أن يرى الله عبده وقد أصح بدنه ويسر له الرزق وهيأ له من يقوم بأمره إذا كان لديه من يقوم بأمره أن يبادر الشكر لما يضاده لأن من شكر النعم أن يحمد الله جل وعلا على ما أولى يشكر على ما دفع مما يضادها وقد قال الله جل وعلا { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }( ).
وفي هذا الوقت الذي كثر فيه النقد والانتقاد والضلال والتضليل والكفر والتكفير ينبغي للشاب أن يكون شديد الحذر لأن تزل به القدم وأن يهتم بحفظ لسانه فإن اللسان إما أن يكون سبب فلاح الدنيا والآخرة وإنما أن يكون سبب الشقاء في الدنيا والآخرة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لما أرشد معاذ رضي الله عنه لما أرشده إليه من أمر الإسلام: « وأن رأس الأمر إسلام وعموده الصلاة وأن ذروة الإسلام هي الجهاد في سبيل الله » ثم قال في أخر كلامه « ألا أدلك على ملاك ذلك كله قال بلا فأمسك صلى الله عليه وسلم بطرف لسانه لسان نفسه وقال: أمسك عليك هذا قال: إن لمؤاخذون بما نتكلم به بألسنتنا قال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على مناخرهم أو قال على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم »( ) وفي الحديث الصحيح « إن الرجل يتكلم بالكلمة ما يظن أن تبلغ من سخط الله ما بلغت ليكتب الله شقاءه إلى يوم يلقاه » وفي المقابل يظن أن تبلغ من رضا الله ما بلغت يكتب الله له بها راضه إلى يوم يلقاه إن الإنسان ولا سيما الشباب ولا سيما من يعشقون سرعة المبادرة في القول ومبادرة المفاكهة في المزاح ينبغي من كل أهل مجلس أن يعتنوا بذكر الله إذا جلسوا وبالاستغفار إذا انفض مجلسهم وقد أخبر سيد البشر أن الاستغفار الذي يختم به المجالس عن كانت مجالس خير كان الطابع عليها والختم فيحفظها من الضياع ،وإن كانت مجالس تخليط كان الاستغفار كفارة لها فعلى كل أحد وعلى الشباب بالخصوص لكثرة ما يحصل من مجالس الشباب من مزاح وربما جر مزاح إلى خصام وكم خصام جره المزاح وفي ما يتعلق بالدعايات والحزبيات والتجمعات فإن الأصل في الإسلام أن المسلمين حزب واحد وأن التفرق بالشيع والحزبيات فيه نوع من الجاهلية وإنما الإسلام يجمع المسلمين وكما يقول أحد الصحابة :
أبي الإسـلام لا أب لي سواه إذا افتــخروا بقيس أو تميم
والله جلّ وعلا إنما ذكر أخوة الإسلام والإيمان وبين أن أكرم الناس عند الله أتقاهم فليحرص الشباب على هذا الأمر ثم ليتجنبوا الخوض في الانتقادات التي لا تترتب عليها مصالح في الدين والدنيا فإن أول الفتن في الأمة الإسلامية بدأت في الانتقادات بدأت في بداية الأمر في قول المنافقين ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أجبن عند اللقاء وكانت هذه أوائل الانتقادات والنقد الظالم وأنزل الله في أولئك ما أنزل وأول انتقادات وجدت بعد استقرار الأمر وقيام الدولة العزيزة المنيعة ما وجه من الانتقادات إلى الخليفة الراشد الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم بعد عمله في أحد أعماله الجليلة وكل أعماله جليلة أن قال « ما على عثمان ما عمل بعد اليوم » فتسلط أناس عماتهم ليسوا ضلالاً ولا فساقاًَ ولكنهم انخدعوا فصارت انتقادات وكان ذلك العمل منهم أول شرارة تتخذ لإشعال نار الفتن في المجتمع الإسلامي ثم لم تنطفئ نيران الفتن لكن تارة تخبو وتارة يرتفع نارها و سعيرها وأكثر ما تكون راياتها بأيدي الشباب وأكثر ما يحمل هذه الفتن الشباب لا حباً منهم في الشر ولكن لأن تجاربهم محدودة وعندهم جموح وطموح ولم تكن عندهم الروية كاملة ولا التجارب طويلة فيستغلون ولذلك كان عامة من سلك طريق الخوارج شباب كما يقول أبو حمزة الخارجي في خطبة ألقاها في مكة عندما قال:تعيرونني بأن أصحابي شباب . ثم أراد أن يحسن وضعه وهل كان أصحاب محمد إلا شباب . شباب كانوا مكتهلين في شبابهم صدق قوله عن أصحاب محمد وكذب في قوله عن أصحابه فقد قتلوا من قتلوا في مكة وكذلك من قاموا ضد عثمان رضي الله عنه ثم من قاموا بعد ذلك . فنصيحتي للشباب كلما لاحت لهم فكرة ينبغي أن يعرضوها على أهل العلم وإن كانوا حصلوا قسطاً من العلم يعرضونها على ما يعرفون فإذا رأوا فيها جنوحاً وجموحاً وشاوروا أهل العلم وكرروا ذلك فإن الإنسان في علاج بدنه يعرض نفسه على عدد من الأطباء ويقول لعل هذا أفضل من هذا نصيحتي للشباب أن يجتهدوا في ذلك ثم إني أنصح الشباب أن يقلوا من الرحلات المتكررة إلا ما كان في دراسة علم ، أما رحلات محدودة فيها ترويح عن النفس وأن تكون مفصولة عن القيل و القال والوقوع في أعراض عباد الله ولا سيما فيما يتعلق بولاة الأمر الذين قال السلف عنهم كالإمام أحمد ابن حنبل وأصحابه رضي الله عنهم لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لدعوت بها لولي الأمر حتى لو رأى الإنسان شيئاً يكرهه ينبغي أن لا يشيع بل يدعو بصلاحهم وهدايتهم وأن يوفقهم الله لإعزاز الدين ومن قدر على المناصحة فعلها، ومن لم يستطع ذلك فعنده الدعاء الذي لا مراقبة عليه فيه والله جلّ وعلا يقول : { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}( ) وإذا كان السلف يقول أحدهم لو أعلم أن لي دعوة مستجابة ما قال دعوت بها لنفسي وإنما يدعو بها لمن يظن أن أثرهم إذا صلحوا أثر كبير في صلاح الأمة نصيحتي للشباب أن يحرصوا على أن لا تكون لهم انتماءات لأنواع من الحزبيات والجماعات فإن أفضل هذه الأمة الصحابة رضي الله عنهم ثم التابعون ثم أتباع التابعين ولقد شهد لهؤلاء المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في حديث عمران بن الحصين رضي الله عنهما وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه ففي حديث عمران : « خير الناس القرن الذين بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم » يقول عمران: لا أدري أعدّ بعد قرنه قرنين أو ثلاثة قال: « ثم يأتي قوم يخونون ولا يؤتمنون ويشهدون ولا يُستشهدون تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته » إلى آخر الحديث أما حديث عبد الله بن مسعود فلم يزد على أن قال: « قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم » أي أن أهل تلك القرون كان الخير فيهم أكثر وكان الشر فيهم أقل وكان الرجوع على الله جلّ وعلا هو الظاهر وكان العلماء فيهم أكثر تحرياً وأشد حرصاً على السنة أعظم إجلالاً لها وأشد زجراً عن الفتن المتعلقة بالعلاقات العامة والخاصة والعقائد.
أنصح الشباب أن يكثر من قراءة كتب السلف كالإمام أحمد بن حنبل وأقرانه ومالك والشافعي وذكري أحمد لأن وقته صارت الفتن قائمة ونشطة والاستنكار على الوالي ظهر بقوة والوالي قام بنصرة البدعة بصلف وقوة ومع ذلك كان رضي الله عنه ورحمه ينصح بالتثبت وأن لا يحدث فتق في الإسلام فليحرص كل شاب على الاهتداء بهدي السلف ومراجعة كلامهم واستشارة أهل العلم في مراجعة ما تكون مراجعته أسلم عاقبة ثم إني أنصح كل شاب وكل كهل و من فوقه أن يختزل جزءاً من ليله في بيته بيت أهله أو بيته يناجي فيه ربه جلّ وعلا ،يصلي ما تيسر وليحرص على المداومة على القليل فإن في الحديث الصحيح « أحب العمل إلى الله أدومه » وكان عمل النبي صلى الله عليه وسلم ديناً فنصيحتي للشاب لكل شاب أن يختزل جزءاً من الليل يصلي فيه ثلاث ركعات خمس ركعات سبع ركعات تسع ركعات أحد عشرة ثلاث عشرة إن كان يحفظ شيئاً من القرآن أو يحفظه يقرأ من حفظه وإن لم يكن كذلك يقرأ في صلاته من المصحف في فعله ذلك إضاءة للبيت وإنارة له والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن كالبيت الخرب . يدعو لنفسه ولأهل بيته يهتم بالدعاء لوالديه ليصدق فيه ما مر ذكره في الحديث الصحيح ولد صالح يدعو له ولتتطلع نفسه لأن يكون من الشباب الذين نشأوا في طاعة الله يفوز بالاستظلال في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله . وليحرص على محبة عباد الله فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :« لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ثم قال : ألا أدلكم على ما إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم »
ليحرص كل واحد منا جميعاً ومن الشباب فيما هم مقبلون عليه على هذه الأمور أسأل الله جلّ وعلا بأسمائه وصفاته أن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها أن يصلحنا ويصلح ذرياتنا وأزواجنا و قراباتنا وشباب المسلمين وكهولهم وكل مسلم وان يحفظ علينا ديننا وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد وأن يحفظ لهذه المملكة أمنها ويزيدها ثباتاً على الحق واجتهاداً في نصرة هذا الدين وأن يصلح ولاة أمرها وأن يوفقهم لما يحبه و يرضاه وأن يعيذنا وإياهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يبارك لنا ولهم في أوقاتنا وأن يحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا ويكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان وأن يجعلنا وإياهم من الراشدين، وأن يعظم في نفوسهم خوف الله والاهتمام في دينه والقيام بنصرة الحق وأهله وأن يكون ذلك منهم ابتغاء مرضاة الله كما نسأله أن يثيبهم على ذلك بالتوفيق لأمثاله وصلاحنا وإياهم وذرياتنا وذرياتهم وأن يتم على هذه البلاد أمنها نعمة أمرها على دينها ودنياها وأن يجيرها من كيد الأعداء وضلالات المضلين وأن ينصر الحق وأهله ويخذل الباطل وأهله في كل مكان وأن يرينا عجائب قدرته في عباده الظالمين المجرمين المعتدين على بلاد الإسلام المنتهكين لحرماتها المكثرين من سفك الدماء فيها أن يرينا آثار ظلمهم عليهم في ما هم فيه وفي بلادهم وأن يكون ذلك في صالح الإسلام وعز المسلمين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .

فكري الدينوري
07-13-2005, 01:22 AM
جزاكم الله خيرا أخي الحارث

12d8c7a34f47c2e9d3==