المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإجتماع بالإخوان فائدة من فوائد الإمام ابن القيم رحمه الله


كيف حالك ؟

الجزائري
07-09-2005, 02:19 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

قال الإمام ابن قيم رحمه الله :

الإجتماع بالإخوان قسمان :

أحدهما :اجتماع على مؤانسة الطبع وشغل الوقت ,فهذا مضرّته أرجح من منفعته , وأقل مافيه أنه يفسد القلب ويضيع الوقت.
الثاني :الاجتماع بهم على التعاون وعلى أسباب النجاة والتواصي بالحق والصبر ,فهذا من أعظم الغنيمة وأنفعها ,ولكن فيه آفات :
إحداهما :تزيّن بعضهم لبعض .
الثانية :الكلام والخلطة أكثر من الحاجة .
الثالثة :أن يصير ذلك شهوة وعادة ينقطع بها عن المقصود.

وبالجملة ,فالاجتماع والخلطة لقاح إما للنفس الأمّارة وإما للقلب والنفس المطمئنة ,والنتيجة مستفادة من اللقاح ,فمن طاب لقاحه طابت ثمرته ,وهكذا الأرواح الطيبة لقاحها من الملك ,والخبيثة لقاحها من الشيطان, وقد جعل الله سبحانه
بحكمته الطيبات للطيّبين والطيبين للطيبات ,وعكس ذلك.

من كتاب الفوائد طبعة مكتبة دار البيان صفحة93

المفرق
07-09-2005, 06:22 PM
جزاك الله خيرا أخي الجزائري و قد قال أيضا الإمام بن القيم - رحمه الله - في بدائع الفوائد (ج 2/498_500) :

( إن فضول المخالطة هي الداء العضال الجالب لكل شر وكم سلبت المخالطة والمعاشرة من نعمة وكم زرعت من عداوة وكم غرست في القلب من حزازات تزول الجبال الراسيات وهي في القلوب لا تزول ففضول المخالطة فيه خسارة الدنيا والآخرة وإنما ينبغي للعبد أن يأخذ من المخالطة بمقدار الحاجة ويجعل الناس فيها أربعة أقسام متى خلط أحد الأقسام بالآخر ولم يميز بينهما دخل عليه الشر
أحدها من مخالطته كالغذاء لا يستغنى عنه في اليوم والليلة فإذا أخذ حاجته منه ترك الخلطة ثم إذا احتاج إليه خالطه هكذا على الدوام وهذا الضرب أعز من الكبريت الأحمر وهم العلماء بالله تعالى وأمره ومكايد عدوه وأمراض القلوب وأدويتها الناصحون لله تعالى ولكتابه ولرسوله ولخلقه فهذا الضرب في مخالطتهم الربح كله
القسم الثاني من مخالطته كالدواء يحتاج إليه عند المرض فما دمت صحيحا فلا حاجة لك في خلطته وهم من لا يستغنى عنه مخالطتهم في مصلحة المعاش وقيام ما أنت محتاج إليه من أنواع المعاملات والمشاركات والإستشارة والعلاج للأدواء ونحوها فإذا قضيت حاجتك من مخالطة هذا الضرب بقيت مخالطتهم من
القسم الثالث وهم من مخالطته كالداء على اختلاف مراتبه وأنواعه وقوته وضعفه فمنهم من مخالطته كالداء العضال والمرض المزمن وهو من لا تربح عليه في دين ولا دنيا ومع ذلك فلا بد من أن تخصر عليه الدين والدنيا أو أحدهما فهذا إذا تمكنت مخالطته واتصلت فهي مرض الموت المخوف
ومنهم من مخالطته كوجع الضرس يشتد ضربا عليك فإذا فارقك سكن الألم
ومنهم من مخالطته حمى الروح وهو الثقيل البغيض العقل الذي لا يحسن أن يتكلم فيفيدك ولا يحسن أن ينصت فيستفيد منك ولا يعرف نفسه فيضعها في منزلتها بل إن تكلم فكلامه كالعصي تنزل على قلوب السامعين مع إعجابه بكلامه وفرحه به فهو يحدث من فيه كلما تحدث ويظن أنه مسك يطيب به المجلس وإن سكت فأثقل من نصف الرحا العظيمة التي لا يطاق حملها ولا جرها على الأرض
ويذكر عن الشافعي رحمه الله أنه قال ما جلس إلى جانبي ثقيل إلا وجدت الجانب الذي هو فيه أنزل من الجانب الآخر
ورأيت يوما عند شيخنا قدس الله روحه رجلا من هذا الضرب والشيخ يحمله وقد ضعف القوى عن حمله فالتفت إلي وقال مجالسة الثقيل حمى الربع ثم قال لكن قد أدمنت أرواحنا على الحمى فصارت لها عادة أو كما قال وبالجملة فمخالطة كل مخالف حمى للروح فعرضية ولازمة
ومن نكد الدنيا على العبد أن يبتلى بواحد من هذا الضرب وليس له بد من معاشرته ومخالطته فليعاشره بالمعروف حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا
القسم الرابع من مخالطته الهلاك كله ومخالطته بمنزلة أكل السم فإن اتفق لأكله ترياق وإلا فأحسن الله فيه العزاء وما أكثر هذا الضرب في الناس لا كثرهم الله وهم أهل البدع والضلالة الصادون عن سنة رسول الله الداعون إلى خلافها الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا فيجعلون البدعة سنة والسنة بدعة والمعروف منكرا والمنكر معروفا إن جردت التوحيد بينهم قالوا تنقصت جناب الأولياء والصالحين وإن جردت المتابعة لرسول الله قالوا أهدرت الأئمة المتبوعين وإن وصفت الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير غلو ولا تقصير قالوا أنت من المشبهين وإن أمرت بما أمر الله به ورسوله من المعروف ونهيت عما نهى الله عنه ورسوله من المنكر قالوا أنت من المفتنين وإن اتبعت السنة وتركت ما خالفها قالوا أنت من أهل البدع المضلين وإن انقطعت إلى الله تعالى وخليت بينهم وبين جيفة الدنيا قالوا أنت من المبلسين وإن تركت ما أنت عليه واتبعت أهواءهم فأنت عند الله تعالى من الخاسرين وعندهم من المنافقين فالحزم كل الحزم التماس مرضاة الله تعالى ورسوله بإغضابهم وأن لا تشتغل بإعتابهم ولا باستعتابهم ولا تبالي بذمهم ولا بغضبهم فإن عين كمالك كما قال :

وإذا أتتك مذمتي من ناقص *** فهي الشهادة لي بأني كامل

وقال آخر :

وقد زادني حبا لنفسي أنني ***بغيض إلى كل امريء غير طائل.....إلخ )


و قال شيخ الإسلام بن تيمية في مجموع الفتاوى (ج10 /526_527):

( وأما قوله هل الأفضل للسالك العزلة أو الخلطة ، فهذه ( المسألة ) وإن كان الناس يتنازعون فيها أما نزاعا كليا وإما حاليا فحقيقة الأمر أن ( الخلطة ) تارة تكون واجبة أو مستحبة والشخص الواحد قد يكون مأمورا بالمخالطة تارة وبالإنفراد تارة وجماع ذلك أن ( المخالطة ) إن كان فيها تعاون على البر والتقوى فهى مأمور بها وإن كان فيها تعاون على الإثم والعدوان فهى منهى عنها فالإختلاط بالمسلمين فى جنس العبادات كالصلوات الخمس والجمعة والعيدين وصلاة الكسوف والإستسقاء ونحو ذلك هو مما أمر الله به ورسوله ،وكذلك الإختلاط بهم فى الحج وفى غزو الكفار والخوارج المارقين وإن كان أئمة ذلك فجارا وإن كان فى تلك الجماعات فجار وكذلك الإجتماع الذى يزداد العبد به إيمانا أما لإنتفاعه به وإما لنفعه له ونحو ذلك ، ولا بد للعبد من أوقات ينفرد بها بنفسه فى دعائه وذكره وصلاته وتفكره ومحاسبة نفسه وإصلاح قلبه وما يختص به من الأمور التى لا يشركه فيها غيره فهذه يحتاج فيها إلى إنفراده بنفسه إما فى بيته كما قال طاووس نعم صومعة الرجل بيته يكف فيها بصره ولسانه واما فى غير بيته فإختيار المخالطة مطلقا خطأ وإختيار الإنفراد مطلقا خطأ وأما مقدار ما يحتاج إليه كل إنسان من هذا وهذا وما هو الأصلح له فى كل حال فهذا يحتاج إلى نظر خاص كما تقدم ...إلخ)

أبي التياح الضبعي
07-11-2005, 07:24 PM
جزاكم الله خير فوائد قميه وطيبه

أبو سفيان
07-12-2005, 02:52 AM
جزاكم الله خير

محمد الصميلي
07-17-2005, 08:19 PM
جزاكم الله خيرا، موضوع يستحق الرفع، ولدي اسئلة في هذا الموضوع لو يُفيدونا الإخوة وجزاهم الله خيرا: وهما
ماهي فوائد المُخالطة؟
وما هي مفاسدها؟
وما هي فوائد العزلة؟
وما هي مفاسدها؟
يرجى الإفادة وبكلام أهل العلم و جزاكم الله خيرا. وبالله التوفيق.

عبد الله الجزائري السلفي
07-20-2005, 06:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله، وبعد:
أيها الإخوة-حفظكم الله- هذه بعض فوائد العُزلة و المخالطة؛ منتقاة-باختصار- من كتاب(مختصر منهاج القاصدين) لابن قدامة المقدسي-رحمه الله تعالى-طبعة دار الفكر-بتحقيق: عبد الله الليثي الأنصاري، فمن أراد البسط فليرجع إلى هذا الكتاب، و الآن مع بعض فوائد العُزلة وتليها بعض فوائد المُخالطة:
• الفراغ للعبادة، والاستئناس بمناجاة الله سبحانه.
• التخلص بالعزلة عن المعاصي التي يتعرض لها الإنسان غالبا بالمخالطة، وهي أربعة:
o الغيبة.
o الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر:فإن من خالط الناس لم يخلُ عن مشاهدة المنكرات، فإن سكت عصى الله، وإن أنكر تعرض لأنواع من الضرر، وفي العزلة سلامة من هذا.
o الرياء وهو الداء العضال الذي يعسر التحرز منه.
o مسارقة الطبع من أخلاقهم الرديئة.
• الخلاص من الفتن و الخصومات.
• الخلاص من شر الناس.
• أن ينقطع طمع الناس عنك، وطمعك عنهم.
• الخلاص من مشاهدة الثقلاء و الحمقى، ومقاساة أخلاقهم.
و الآن مع بعض فوائد المخالطة:
• التعلم و التعليم.
• النفع و الانتفاع.
• التأديب و التأدب.
• الاستئناس و الإيناس.
• نيل الثواب في القيام بالحقوق.
• اعتياد التواضع.
• استفادة التجارب من مشاهدة هذه الأحوال، والاعتبار بها.
أسأل الله تعالى أن ينفع بما نقلت وأن يرزقنا العلم النافع و العمل الصالح، والحمد لله رب العالمين.

محمد الصميلي
07-20-2005, 07:19 PM
قال ابن حزم –رحمه الله-:
"لا ترغب فيمن يزهد فيك، فتحصل على الخيبة و الخزي".
وقال كذلك:"لا تزهد فيمن يرغب فيك، فإنه بابٌ من أبواب الظلم، وترك مقارضة الإحسان، وهذا قبيح" أنظر كتابه (الأخلاق و السير) له.

الجزائري
07-23-2005, 12:30 AM
قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار


الحديث الثامن والستون
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "مثل الجليس الصالح والسوء: كحامل المسك، ونافخ الكِير. فحامل المسك: إما أن يَحْذِيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة. ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة" متفق عليه.
اشتمل هذا الحديث على الحث على اختيار الأصحاب الصالحين، والتحذير من ضدهم.
ومثَّل النبي صلى الله عليه وسلم بهذين المثالين، مبيناً أن الجليس الصالح: جميع أحوالك معه وأنت في مغنم وخير، كحامل المسك الذي تنتفع بما معه من المسك: إما بهبة، أو بعوض. وأقل ذلك: مدة جلوسك معه، وأنت قرير النفس برائحة المسك.
فالخير الذي يصيبه العبد من جليسه الصالح أبلغ وأفضل من المسك الأذفر، فإنه إما أن يعلمك ما ينفعك في دينك ودنياك، أو يهدي لك نصيحة، أو يحذرك من الإقامة على ما يضرك. فيحثك على طاعة الله، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، ويبصرك بعيوب نفسك، ويدعوك إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها، بقوله وفعله وحاله. فإن الإنسان مجبول على الاقتداء بصاحبه وجليسه، والطباع والأرواح جنود مجندة، يقود بعضها بعضاً إلى الخير، أو إلى ضده.
وأقل ما تستفيده من الجليس الصالح – وهي فائدة لا يستهان بها – أن تكف بسببه عن السيئات والمعاصي، رعاية للصحبة، ومنافسة في الخير، وترفعاً عن الشر، وأن يحفظك في حضرتك ومغيبك، وأن تنفعك محبته ودعاؤه في حال حياتك وبعد مماتك، وأن يدافع عنك بسبب اتصاله بك، ومحبته لك.
وتلك أمور لا تباشر أنت مدافعتها، كما أنه قد يصلك بأشخاص وأعمال ينفعك اتصالك بهم.
وفوائد الأصحاب الصالحين لا تعد ولا تحصى. وحسب المرء أن يعتبر بقرينه، وأن يكون على دين خليله.
وأما مصاحبة الأشرار: فإنها بضد جميع ما ذكرنا. وهم مضرة من جميع الوجوه على من صاحبهم، وشر على من خالطهم. فكم هلك بسببهم أقوام. وكم قادوا أصحابهم إلى المهالك من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون.
ولهذا كان من أعظم نعم الله على العبد المؤمن، أن يوفقه لصحبة الأخيار. ومن عقوبته لعبده، أن يبتليه بصحبة الأشرار.
صحبة الأخيار توصل العبد إلى أعلى عليين، وصحبة الأشرار توصله إلى أسفل سافلين.
صحبة الأخيار توجب له العلوم النافعة، والأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة، وصحبة الأشرار: تحرمه ذلك أجمع {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً 27 يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً 28 لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً}(1)
-----------------------------------------
(1) سورة الفرقان – الآيات 27 – 29

12d8c7a34f47c2e9d3==