المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحقيق الإسلام للأمن ووسائل توفره


كيف حالك ؟

قاسم علي
06-11-2005, 08:17 PM
تحقيق الإسلام للأمن ووسائل توفره
ولما بعث الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم انجابت هذه الظلمات وأخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ‏}‏ ‏[‏إبراهيم‏:‏ 1‏]‏ وقال سبحانه‏:‏ ‏{‏وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ‏}‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏ 107‏]‏ وقال سبحانه‏:‏ ‏{‏لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 164‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 103‏]‏‏.‏
وبذلك تحول مجتمع العرب الذين دخلوا في هذا الدين إلى مجتمع يسوده الأمن، ويحكمه الوحي الإلهي، وتوجهه العقيدة السليمة، وتظلله راية التوحيد‏.‏ وقد بين الله سبحانه مقومات هذا الأمن وأسبابه التي يتحقق بتوافرها ويزول بزوالها، وهي كما يلي‏:‏
1- إصلاح العقيدة بإخلاص العبادة لله، وترك عبادة ما سواه والبراءة منها ومن أهلها، وملازمة العمل الصالح، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ‏}‏ ‏[‏النور‏:‏ 55‏]‏‏.‏
فربط سبحانه حصول هذه المطالب العالية‏:‏ الاستخلاف في الأرض والتمكين من الدين، وإبدال الخوف بالأمن ربطها بتحقق شيئين هما‏:‏ عبادة الله سبحانه، وترك الإشراك به‏.‏ وقد بعث الله بذلك جميع الرسل، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 36‏]‏ وهما حق الله على عباده، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏حق الله على العباد‏:‏ أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا‏)‏ ‏[‏تقدم تخريجه‏]‏‏.‏
2- ومن مقومات الأمن وأسبابه بعد التوحيد إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ‏.‏ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ‏}‏ ‏[‏الحج‏:‏ 40، 41‏]‏ فربط سبحانه حصول النصر على الأعداء الذي يتوفر به الأمن للمسلمين؛ لأن من انتصر على عدوه فقد أمن شره، ربط ذلك بإقام الصلوات الخمس التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وإيتاء الزكاة التي هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وخص هذين الركنين لما لهما من الأهمية؛ لأن الأول‏:‏ إحسان فيما بين العبد وبين ربه بإخلاص العبادة له، وهذا هو الأساس الذي ينبني عليه الدين كله‏.‏
والثاني‏:‏ إحسان فيما بين العبد وبين إخوانه، ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللذان يتحقق بهما نصرة دين الله، وقدم إقام الصلاة وإيتاء الزكاة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا بد أن يكون عاملاً بما يأمر به، ومتجنبًا لما ينهى عنه، وصالحًا في نفسه قبل أن يكون مصلحًا لغيره‏.‏
هذا وكما أن هذه الأمور هي أهم مقومات الأمن وأسباب النصر في الدنيا فهي كذلك أسباب الأمن في الدار الآخرة، قال تعالى‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 82‏]‏ أي‏:‏ لم يخلطوا عبادتهم بشرك ‏{‏أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 82‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ‏.‏ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ‏}‏ ‏[‏الدخان‏:‏ 51، 52‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ‏}‏ ‏[‏الحجر‏:‏ 46‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ‏}‏ ‏[‏سبأ‏:‏ 3‏]‏ فنالوا الأمن بالجنة بسبب إيمانهم في الدنيا وإخلاصهم العبادة لله وابتعادهم عن الشرك، قال الإمام ابن كثير‏:‏ هؤلاء الذين أخلصوا العبادة لله وحده ولم يشركوا به شيئًا هم الآمنون يوم القيامة، المهتدون في الدنيا والآخرة‏.‏
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية‏:‏ فمن سلم من أجناس الظلم الثلاثة‏:‏ ‏(‏الشرك، وظلم العباد، وظلمه لنفسه بما دون الشرك‏)‏ كان له الأمن التام والاهتداء التام، ومن لم يسلم من ظلمه لنفسه كان له الأمن والاهتداء المطلق‏.‏ بمعنى‏:‏ أنه لا بد أن يدخل الجنة كما وعد بذلك في الآية الأخرى، يعني‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ‏.‏ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا‏}‏ ‏[‏فاطر‏:‏ 32، 33‏]‏ وقد هداه الله إلى الصراط المستقيم الذي تكون عاقبته فيه إلى الجنة، ويحصل له من نقص الأمن والاهتداء بحسب ما نقص من إيمانه بظلمه لنفسه‏.‏ انتهى‏.‏
3- ومن أسباب الأمن اجتماع الكلمة وطاعة ولاة الأمور بالمعروف، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 103‏]‏‏.‏
وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 46‏]‏‏.‏ فالاجتماع قوة والفرقة تضعف كيان المجتمع‏.‏
4- ومن مقومات الأمن شكر النعمة، ومن أسباب زواله كفر النعمة، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ‏}‏ ‏[‏إبراهيم‏:‏ 7‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 53‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 112‏]‏ وقال عن سبأ‏:‏ ‏{‏لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ‏.‏ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ‏.‏ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ‏.‏ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ‏.‏ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ‏}‏ ‏[‏سبأ‏:‏ 15- 19‏]‏‏.‏
وهكذا نجد في هذه الآيات أن استقرار الأمن مربوط بشكر النعمة، وأن زواله مقرون بكفرها، كما نجد أن توافر الأمن لا بد أن يسبق توافر الغذاء، مما يدل على أن الضرورة إليه أشد من الضرورة إلى الغذاء؛ لأنه لا يمكن التلذذ بالغذاء لو توافر مع عدم الأمن والاستقرار؛ ولهذا كان في دعاء الخليل عليه السلام تقديم طلب الأمن على طلب الرزق، كما ذكر الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 126‏]‏ وقد امتن الله على قريش بتوفير هاتين النعمتين، وأمرهم أن يفردوه بالعبادة شكرًا له على ذلك، فقال‏:‏ ‏{‏لإِيلافِ قُرَيْشٍ‏.‏ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ‏.‏ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ‏.‏ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ‏}‏ ‏[‏قريش‏:‏ 1-4‏]‏‏.‏ منقول من موقع الشيخ الفوزان
http://www.alfuzan.net/

ابو يحي
06-12-2005, 02:57 AM
السلام عليكم


48- بَاب مَنْ تَرَكَ بَعْضَ الِاخْتِيَارِ مَخَافَةَ أَنْ يَقْصُرَ فَهْمُ بَعْضِ النَّاسِ عَنْهُ فَيَقَعُوا فِي أَشَدَّ مِنْهُ
126- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ الزُّبَيْرِ كَانَتْ عَائِشَةُ تُسِرُّ إِلَيْكَ كَثِيرًا فَمَا حَدَّثَتْكَ فِي الْكَعْبَةِ قُلْتُ قَالَتْ لِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَائِشَةُ لَوْلَا قَوْمُكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِكُفْرٍ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ فَجَعَلْتُ لَهَا بَابيْنِ (1) بَاب يَدْخُلُ النَّاسُ وَبَاب يَخْرُجُونَ فَفَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ .


--------------------------------------------------------------------------------
1- وهذا من العلم، وهو أن يترك بعض الاختيار مخافة أن تنكره قلوب الناس، ومن ذلك ترك النبي -صلى الله عليه وسلم-

نقص الكعبة وجعل بابين لها، وهو مستحب لا واجب؛ مخافة أن تنكره قلوب الناس لكونهم

حدثاء عهد بكفر، وفي الحديث دليل للقاعدة المشهورة وهي: "ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما، وتفويت أدنى المصلحتين

لتحصيل أعلاهما"، ودليل للقاعدة وهي: "أن درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح".

من موقع الشيخ الرسمي

والمرة القادمة بصوت الشيخ

12d8c7a34f47c2e9d3==