لاقط الدرر
11-12-2003, 10:06 PM
المفتي العام: الأحداث الإجرامية في الرياض ومكة تتنافى مع روح الدين وصريح تعاليمه وتدمي قلب كل مسلم
وصف سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وادارة البحوث العلمية والافتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ الاحداث الاجرامية التي وقعت في مدينتي الرياض ومكة المكرمة وروعت المسلمين بأنها تتنافى مع روح الدين وصريح تعاليمه وتدمي قلب كل مسلم خصوصا وانها وقعت في شهر رمضان المبارك مبينا حرمة البلد الامين وخطورة الالحاد في الحرم وترويع الآمنين في البلد وكيف ان ذلك أمر يحرمه الاسلام أشد التحريم وان حرمة البلد الامين أمر مستقر في فطرة المسلمين مستدلا بقوله تعالى {ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام ابراهيم ومن دخله كان آمنا} وقوله تعالى {واذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا} فأمن بيت الله الحرام أمر مفترض على المسلمين شرعا.. يقول صلى الله عليه وسلم "ان هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والارض ولم يحرمه الناس وانه حرام بتحريم الله له إلى يوم القيامة لا يعضد شجره ولا ينفر صيده ولا يختلي خلاه ولا يسفك فيه دم" وقال "ان الله احلها لي ساعة من نهار ثم عادت حرمتها كما كانت" مبينا أن هذه الرخصة فقط لرسوله صلى الله عليه وسلم ولا تحل لاحد غيره.
وابان سماحته في برنامج (لقاء اليوم) الذي بثته اذاعة القرآن الكريم بالمملكة الأحد الماضي أن حرمة البيت الحرام مستقرة في نفوس المسلمين وانه بلد من دخله كان آمنا ويجب أن لا يمس بسوء لانه في أشرف بقعة وأقدسها مفيدا أن من نوى السوء في الحرم يعتبر مفسدا وان لم يفعل فكيف اذا سعى في ذلك مستشهدا بقوله تعالى {ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم}.
وقال سماحته "فاولئك المفسدون في حرم الله المروعون للآمنين المصلين الصائمين اولئك من الملحدين في حرم الله وليسوا على هدى وانما هم أعوان للشيطان" استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا ان حزب الشيطان هم الخاسرون".
واستعاذ سماحة مفتي عام المملكة بالله العلي القدير من زيغ القلب ومن الضلال بعد الهدى.. مبينا انه من المصيبة استحسان الباطل.. قال تعالى {افمن زين له سوء عمله فرآه حسنا}.
وقال سماحته "ان حرمة دماء المسلمين أمر معروف في الشرع لان سفك الدماء بغير حق كبيرة من أعظم الكبائر وهي مفسدة تلي الشرك قال تعالى {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} وورد في الحديث "لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما".. فالدم الحرام - والعياذ بالله - سبب لفساد القلب وضعف الايمان فليحذر المسلم من أن يقدم على هذه الجرائم.. ليحذر ان يلقى الله وقد سفك دماء المسلمين بغير حق.. ليحذر المسلم من ذلك".
وأكد سماحته أن هذه الجرائم لا يقدم عليها من يخاف الله ويرجوه ومن في قلبه ايمان لان الاقدام على هذه الجرائم أمر خطير حيث ان من استحل دماء المسلمين واعتقد حل دمائهم وأموالهم بغير حق فهذا كفر مبينا ان استحلال دماء المسلمين واستحلال اموالهم وحل سفك دمائهم بغير حق كفر وردة عن الاسلام لان المسلم يعظم دماء المسلمين فالذي يستحلها بغير حق ويسلك الطرق الملتوية في استباحة دماء المسلمين فان في قلبه مرضاً اذ لو كان مؤمنا حقا يخاف الله ويتقيه لما اقدم على ما اقدم عليه من هذه الجرائم من ترويع الآمنين وتدمير ممتلكاتهم.
وقال سماحته ان المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من امنه الناس على دمائهم وأموالهم.. فليس بمؤمن من لم يحترم دماء المسلمين وليس بمؤمن من لم يحترم أموالهم وليس بمسلم من لم يكف لسانه ويده عن اخوانه المسلمين.
وحذر سماحته من التجرؤ على حدود الشرع من خلال تكفير أو تفسيق أو تبديع الناس وقال "ان بعض أولئك أقدموا معتقدين كفر هذا وفسق هذا أو ضلال هذا فهذه الاعتقادات القلبية لا تزال بهم حتى تظهر افرازاتها القبيحة بالاقدام على الاجرام".
وأوصى سماحته المسلم بتقوى الله وان لا يقدم على أمر حتى ينظر في الكتاب والسنة نظر المتأمل الصادق محذرا من الاغترار والانخداع بالاراء والاقاويل المبنية على الدجل والافتراء حتى يستحل دماء الناس واموالهم فيقدم على ما يقدم عليه يظن انه على خير وهو على خسارة لقوله تعالى {قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا}.
وقال "الخوارج (أعداء الله) لما فهموا النصوص على غير فهمها ولم تتسع صدورهم للجمع بين نصوص القران استحلوا دماء المسلمين فحكموا بكفر الصحابة وحل دمائهم وأموالهم ثم قاتلوهم وحكموا بأن علي بن ابى طالب كافر وان طلحة والزبير كذلك وان معاوية كافر وبالنتيجة استحلوا دماءهم واموالهم لانهم يرونهم كفاراً.. وهم اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.. ان هذا التأويل الخاطئ والتأويل السيئ والتقليد الاعمى لبعض من لا بصيرة ولا علم عنده يدعوهم إلى الوقوع في هذه المهالك".
وأوضح سماحة مفتي عام المملكة موقف الشرع من قتل النفس وهو المنع مستدلا بقوله بقوله تعالى {ولاتقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما} وقال عليه الصلاة والسلام "من قتل نفسه بشئ عذب به يوم القيامة" وقال "من قتل نفسه بحديدة فحديدته بيده يجأ بها بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا".
وعد سماحته قتل النفس - والعياذ بالله - جريمة وقال "كيف تقتل نفسك.. يقتل نفسه لانه - والعياذ بالله - قد اغتر بالباطل وانخدع بالآراء المضللة فيريد ان لا يكشف حال اعوانه من المجرمين فيقتل نفسه فيعجلها لنار الله جل وعلا.. فليحذر المسلمون من هذا.. فنفسك أمانة عندك لا يجوز التفريط فيها ولا الحاق الضرر بها".
وحذر سماحته من هذه الجرائم ووصفها بأنها اخلاق سيئة لا يعرفها المسلمون وانما هي أخلاق من لا ايمان عنده.. فالاسلام يدعو إلى الثبات واحتساب الاجر لو اصابه البلاء ولهذا نهى المسلم عن تمنى الموت فكيف عن الاقدام على قتل النفس - والعياذ بالله - .
وحث سماحته شباب المسلمين على الاستقامة على طاعة الله والابتعاد عن الدعايات المضللة والافكار المنحرفة واذا أشكل عليهم شيء أن يسآلوا أهل العلم حتى لا يقعوا في هذا الباطل.. وعلى من ابتلى أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً وان يعزم على ان لا يعود والندم على ما مضى وقال "ياشباب الاسلام احذركم من دعاة الباطل.. احذركم من دعاة السوء.. احذركم من دعاة الفرقة من الذين يسعون في الارض فسادا من الذين يريدون بكم الضرر في دينكم ودنياكم من أناس ليسوا ناصحين لكم ولا محبين الخير لكم ولكن يريدوا ان يوقعوكم في هذه المتاهات.. احذروهم والزموا الطريق المستقيم.. قال تعالى {وأن هذا سراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيلي}.
ونبه سماحته من خطر الخروج على جماعة المسلمين وشق عصا الطاعة لولاة الامور مبينا ان الله يرضى ان نعبده ولا نشرك به شيئا وان نكون صفا واحدا وأمة واحدة وأن نناصح من ولاه الله أمرنا نصيحة حقيقتها الوقوف معهم في جانب الحق وتأييدهم في جانب الحق والتعاون معهم على البر والتقوى ليكون بين الولاة والمواطن ارتباطا وثيقا وصلة قوية للتعاون لان المصلحة والخير للجميع.. وقد أمرنا الله تعالى بطاعة ولاة أمرنا فقال جل شأنه {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم} وقال عليه الصلاة والسلام "من مات وليس في عنقه بيعه فميتته ميتة الجاهلية" مؤكدا سماحته أن طاعة ولاة الامر أمر واجب والالتفاف حولهم به قوام الدنيا والاخرة وليس من يعتقد خلاف ذلك استشهد بقول الحسن - رحمه الله - ان الولاة رحمة من الله بهم يقيم الله الحدود وبهم يحفظ الله الثغور وبهم ينتصف للمظلوم من ظالمه وبهم تقام الجمعة والاعياد". وتابع يقول "من تابع الولاة ومكانة الولاة رأى كيف أن الاسلام دعا إلى الاجتماع وحرم الخروج.. وقال "من اتاكم وأمركم مجتمع يريد ان يشق عصاكم فأضربوه بالسيف كائنا من كان" لان الواجب عليها قطع دابر الفساد واجتماع الكلمة ووحدة الصف فبالاجتماع يكون الخير وتحصل البركة والامن والاطمئنان.. والمسلم ينصح ويوجه ويدعو إلى الخير.. ان رأى خطأ سعى في الاصلاح بالتوجيه والنصيحة فيما بينه وبين اي مسئول ويكون قصده حسنا وحب الخير لا قصده التشهير ولا الاضرار.. فان المسلم لا يشيع الشر والفساد وانما يشيع وينشر الخير قال تعالى {ان الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة}.
وبين سماحته أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض والمؤمن ولي لاخيه المؤمن مما يقتضي منه محبته لاخيه المؤمن وسعيه في ايصال الخير اليه ونصحه وتوجيهه واعانته على الخير وتجنيبه طريق الشر والبلاء مصداقا لقوله تعالى {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله ان الله عزيز حكيم}.
واوضح سماحته ان هذه الموالاة تقتضي من المؤمن النصح لاخيه والمحبة ونصرته ان كان مظلوما بأن يعينه على استرجاع حقه ونصرته وان كان ظالما بأن يردعه عن الظلم ويذكره الله والدار الاخرة مصداقا لما جاء في قوله تعالى {انما المؤمنون اخوة} مبينا ان المؤمنين اخوة فيما بينهم وهي اخوة الدين التي فوق أخوة النسب فهي أخوة الايمان والاسلام. وقال سماحته "ان الله تعالى يقول لنا {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} فأمرنا بالاعتصام بحبله وهو دينه الذي بعث به نبيه صلى الله عليه وسلم وأن نجتمع على ذلك ولا نتفرق (ولا تفرقوا) وذكرنا نعمته بقوله تعالى {واذكروا اذ كنتم أعداء فالف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا} فبالاسلام صرنا اخوانا.. وبالايمان صار بعضنا وليا لبعض وبعضنا يشد عضد البعض وبعضنا يقوي البعض {يا أيها الذين آمنوا اذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} فالتنازع سبب للفشل وسبب لتمكين الاعداء وسبب لزوال النعم وسبب لحدوث البلاء مؤكدا أن اجتماع الكلمة ووحدة الصف وتراص الصفوف سبب للقوة والثبات امام كل الازمات والشدائد.
والمح سماحته إلى وجوب أخذ العبرة والفائدة من نتاج الاحداث وأن تكون سببا لارتباطنا واجتماع كلمتنا وتعاوننا فيما بيننا كذلك تدارس الاوضاع الخاصة بنا وبيان أسباب الخلل لكي نتداركها بتوفيق من الله وليكن ذلك عن نية صادقة واخلاص ومحبة للخير ومد يد العون مع الولاة في التعاون على البر والتقوى حتى نكون أمة واحدة.
وقال سماحة مفتي عام المملكة "الاخطاء وحصول الاخطاء أو جود الاخطاء مني ومن فلان وفلان.. هذا أمر لا يمكن تلافيه فالاخطاء موجودة قديما وحديثا لكن المسلم امام الشدائد يحاول بقدر ما يمكن جمع الكلمة وسد الخلل وتوحيد الصف وأن نكون امة واحدة حتى لا يجد العدو فينا مطمعه.. ان أعدءنا يستهدفون ديننا قبل كل شيء يستهدفون هذا الدين لان - لا سمح الله - اذا تخلينا عن ديننا فان ذلك خسران لنا في الدنيا والآخرة".
ومضى سماحته يقول "انهم يستهدفون أمننا هذا الامن الذي نعيشه في طمأنينة وراحة والواحد منا ينتقل شمالا وجنوبا ومن اقصى الشرق إلى الغرب.. يستهدفون هذا الامن الذي تنعم به هذه البلاد فهي غريبة من بين دول العالم.. يستهدفون خيراتنا ونعم الله التي تفضل بها علينا هذه النعم التي يعيشها ابناء هذا البلد ويعيش معهم أضعافهم من العالم.. جاؤوا لطلب المعيشة فعاشوا في ظل هذا الامن والطمأنينة والاستقرار لا ظلم ولا عدوان ولكن عدل ولله الفضل والمنة".
وأكد سماحته أن اجتماع الكلمة ووحدة الصف والوقوف مع الولاة وقفة صدق واخلاص هي بتوفيق من الله سبب لمحاصرة الاجرام والاخذ على أيدي المجرمين وقطع طريق الرجعة عليهم حتى لا يجدوا لهم ملجأ ولا مكانا.. ويجدوا الامة متكاتفة متعاونة مرتبط بعضها ببعض مذكرا كل مسلم بواجب أمته عليه بواجبه أولا بالصدق مع الله في التعامل معه سبحانه وان يكون صادقا في أمته فلا يكون معينا للمفسدين فان من الكذب أن تعين المفسد أوالمزور أو من يروج الباطل أو من يسعى في الارض فسادا. وحذر مفتي عام المملكة الشباب من الانسياق خلف الافكار المنحرفة والتي تسعى إلى التفرقه بين المسلمين وان يميزوا بين الصح والخطأ وان لا يصغوا إلى اي رأى أو فكر الا بعد ان يقوموه التقويم الصحيح وان ينظروا إلى هذا الفكر من منطلق من صلاح وخير أو منطلق من شر وفتنه وفساد وقال "كم من ناس يصفون أفكارهم بأنها إصلاحية وبأنها هادفة وبأنها تعديل اوضاع وإقامة ما اعوج من أعمال ولكن لو تدبرت حق التدبر لرأيتها على العكس من ذلك ولرأيتها اراءً شاطة وأقوالاً باطلة وأفكاراً غير صواب.. فيا شبابنا لا تصغوا لكل من يقول ولا لكل من يتحدث ولا لكل من استطال لسانه بكل قول.. زنوا الاقوال والافكار.. زنوها بالميزان الشرعي واعلموا أنكم في بلادكم على خير وعلى هدى ومهما كان فينا من خطأ أو وجد فينا من نقص فإن الكمال لله والعصمة لانبيائه ولكن ولله الحمد مجتمعكم لا يزال بخير.. فاذا اردنا ابقاء هذا الخير فلنسع بالاصلاح الهادف المنطلق من المحبة للخير لا منطلق من أفكار وآراء وافدة وآراء شاطة يريد بها أربابها ان يضربوا بعضنا ببعض ويوجدوا فجوة بيننا وبين قيادتنا ويحدثوا بيننا خلخلة في صفوفنا.. لا.. بل نقف من هذه الآراء والافكار موقف الرافض لها لأن كل قول يدلى عليك أو فكر فحاول أن تزنه بالميزان الشرعي وتعرف من عرضه وحاله وتاريخه لتعلم اذا درست تاريخ ذلك الانسان ومنشأه ومراحل تعليمه استطعت ان تنتبه للاخطاء وتقيم الناس التقويم الصحيح".
وأضاف سماحته "أما اذا قبل قول كل من قال واستطال واذاع ونشر ولو كان على غير هدى فتلك مصيبة أسال الله ان يجنب المسلمين الشر والبلاء".
ورأى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ ان الشباب بأمس الحاجه إلى حوار يقصد منه تبين الحق لهم وتحذيرهم من هذه الاخطار وأن على أهل العلم ان يقوموا بهذه المهمه وذلك بزيارة الشباب في مجتمعاتهم ودعوتهم إلى الخير وتوجيههم واحتوائهم والاخذ بيديهم حتى يسلموا من هذه الاخطار التي يراد بها ابعادهم عن دينهم وان يعززوا الصلة بينهم وبين الشباب وان يفتحوا صدورهم لأولئك ويفسحوا المجال لهم ويسمعوا مشاكلهم ويصغوا إلى مايقولون حتى يفهموا ماذا عندهم ثم يعالجون الاخطاء بالعلاج الشرعي قبل ان يستفحل الخطأ ويقضى عليه بمهده بتوفيق من الله. وشدد سماحته على ضرورة تقوى الله تعالى وان يسأل الشباب اهل العلم فيما يشكل عليهم مستشهدا بقوله تعالى {فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.
وحذر سماحته من المشككين بأهل العلم ويصفونهم بصفات ذميمه مبينا انه يجب على المسلم ان يتقي الله فيما يقول وان لا يتفوه بلسانه بدون بصيرة حيث ان بعض الناس يسير في اعراض الناس ولا يبالي ولا يخشى من قول الله {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} وقول رسوله الكريم "ان العبد ليتكلم بالكلم من سخط الله ما يظن ان تبلغ ما بلغت يكتب الله له به سخطه إلى يوم يلقاه" وقوله صلى الله عليه وسلم " وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم".
وأكد سماحته ان هذا الفكر والفعل المنحرف وراءه اعداء الاسلام وراءه من يغذيه - والعياذ بالله - ويخرجه وكأنه جهاد في سبيل الله ولهذا قال الله سبحانه وتعالى عن فرعون انه قال عن موسى عليه السلام "اني اخاف ان يبدل دينكم أو ان يظهر في الارض الفساد" حيث جعل دعوة موسى إلى الله والاصلاح والخير جعلها فسادا وهكذا اعداء الاسلام يقلبون الحقائق ويجعلون الفساد إصلاحاً والإصلاح فسادا لكن المؤمن ذا البصيرة لا تلتبس عليه الاحوال بل يميز بين الحق والباطل. وأوصى الشباب السعودي بتقوى الله في انفسهم وان يعرفوا قدر نعمة الله عليهم بهذا الدين وبهذا الاجتماع وبهذه النعمة ويعرفوا قدر نعمة الله عليهم ويسعوا في المحافظة عليها وان لا يفتحوا لاي مغرض مهما كان اي منفذ وان يكونوا يدا واحدة فيما بينهم ومع ولاتهم ايضا في التعاون على الخير وقطع دابر الفساد.
كما اوصى طلاب العلم بأن يبصروا الامة ويكونوا منبهين لها من اخطارها ومنبهين الشباب ومتعاونين مع ولاتها حريصين على تدارك الاخطاء واصلاح الاخطاء بالطرق الشرعية مبينا فضل الترابط والتلاحم حيث يقضي بحول الله على مخططات الاعداء ان شاء الله.
ودعا سماحته في الختام الله العلي القدير ان يحفظ الله بلادنا من كل سوء وان يحفظ ديننا وأمننا وولاتنا وان يرزقنا العودة اليه وان يعيذنا من شر انفسنا وسيئات اعمالنا وان يرزقنا البصيره والانتباه والحذر من المعاصي.
كما دعا الله ان يمتن الرابط بين الراعي والرعيه وان يجعل بين الجميع ارتباطاً قوياً ومحبة في ذات الله وان يصلح ولاة الامر وان يهديهم إلى الصواب وان يرزقهم الاستقامة والبصيره وان يدلهم على ما فيه خير دينهم وبلادهم وان يحبب رعيتهم اليهم وان يرزقهم السعي في الخير والاصلاح ماوجدوا إلى ذلك سبيلا وان يرزقهم الاعوان الصادقين المخلصين الذين يعينونهم اذا ذكروا ويذكرونهم اذا نسوا وان يرزقهم جميعا حب الخير لهذا البلد والسعي في الإصلاح بما يوافق شرع الله جل وعلا.
المصــــــــدر (http://www.alriyadh.com.sa/Contents/12-11-2003/Mainpage/LOCAL1_12063.php)
وصف سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وادارة البحوث العلمية والافتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ الاحداث الاجرامية التي وقعت في مدينتي الرياض ومكة المكرمة وروعت المسلمين بأنها تتنافى مع روح الدين وصريح تعاليمه وتدمي قلب كل مسلم خصوصا وانها وقعت في شهر رمضان المبارك مبينا حرمة البلد الامين وخطورة الالحاد في الحرم وترويع الآمنين في البلد وكيف ان ذلك أمر يحرمه الاسلام أشد التحريم وان حرمة البلد الامين أمر مستقر في فطرة المسلمين مستدلا بقوله تعالى {ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام ابراهيم ومن دخله كان آمنا} وقوله تعالى {واذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا} فأمن بيت الله الحرام أمر مفترض على المسلمين شرعا.. يقول صلى الله عليه وسلم "ان هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والارض ولم يحرمه الناس وانه حرام بتحريم الله له إلى يوم القيامة لا يعضد شجره ولا ينفر صيده ولا يختلي خلاه ولا يسفك فيه دم" وقال "ان الله احلها لي ساعة من نهار ثم عادت حرمتها كما كانت" مبينا أن هذه الرخصة فقط لرسوله صلى الله عليه وسلم ولا تحل لاحد غيره.
وابان سماحته في برنامج (لقاء اليوم) الذي بثته اذاعة القرآن الكريم بالمملكة الأحد الماضي أن حرمة البيت الحرام مستقرة في نفوس المسلمين وانه بلد من دخله كان آمنا ويجب أن لا يمس بسوء لانه في أشرف بقعة وأقدسها مفيدا أن من نوى السوء في الحرم يعتبر مفسدا وان لم يفعل فكيف اذا سعى في ذلك مستشهدا بقوله تعالى {ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم}.
وقال سماحته "فاولئك المفسدون في حرم الله المروعون للآمنين المصلين الصائمين اولئك من الملحدين في حرم الله وليسوا على هدى وانما هم أعوان للشيطان" استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا ان حزب الشيطان هم الخاسرون".
واستعاذ سماحة مفتي عام المملكة بالله العلي القدير من زيغ القلب ومن الضلال بعد الهدى.. مبينا انه من المصيبة استحسان الباطل.. قال تعالى {افمن زين له سوء عمله فرآه حسنا}.
وقال سماحته "ان حرمة دماء المسلمين أمر معروف في الشرع لان سفك الدماء بغير حق كبيرة من أعظم الكبائر وهي مفسدة تلي الشرك قال تعالى {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} وورد في الحديث "لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما".. فالدم الحرام - والعياذ بالله - سبب لفساد القلب وضعف الايمان فليحذر المسلم من أن يقدم على هذه الجرائم.. ليحذر ان يلقى الله وقد سفك دماء المسلمين بغير حق.. ليحذر المسلم من ذلك".
وأكد سماحته أن هذه الجرائم لا يقدم عليها من يخاف الله ويرجوه ومن في قلبه ايمان لان الاقدام على هذه الجرائم أمر خطير حيث ان من استحل دماء المسلمين واعتقد حل دمائهم وأموالهم بغير حق فهذا كفر مبينا ان استحلال دماء المسلمين واستحلال اموالهم وحل سفك دمائهم بغير حق كفر وردة عن الاسلام لان المسلم يعظم دماء المسلمين فالذي يستحلها بغير حق ويسلك الطرق الملتوية في استباحة دماء المسلمين فان في قلبه مرضاً اذ لو كان مؤمنا حقا يخاف الله ويتقيه لما اقدم على ما اقدم عليه من هذه الجرائم من ترويع الآمنين وتدمير ممتلكاتهم.
وقال سماحته ان المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من امنه الناس على دمائهم وأموالهم.. فليس بمؤمن من لم يحترم دماء المسلمين وليس بمؤمن من لم يحترم أموالهم وليس بمسلم من لم يكف لسانه ويده عن اخوانه المسلمين.
وحذر سماحته من التجرؤ على حدود الشرع من خلال تكفير أو تفسيق أو تبديع الناس وقال "ان بعض أولئك أقدموا معتقدين كفر هذا وفسق هذا أو ضلال هذا فهذه الاعتقادات القلبية لا تزال بهم حتى تظهر افرازاتها القبيحة بالاقدام على الاجرام".
وأوصى سماحته المسلم بتقوى الله وان لا يقدم على أمر حتى ينظر في الكتاب والسنة نظر المتأمل الصادق محذرا من الاغترار والانخداع بالاراء والاقاويل المبنية على الدجل والافتراء حتى يستحل دماء الناس واموالهم فيقدم على ما يقدم عليه يظن انه على خير وهو على خسارة لقوله تعالى {قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا}.
وقال "الخوارج (أعداء الله) لما فهموا النصوص على غير فهمها ولم تتسع صدورهم للجمع بين نصوص القران استحلوا دماء المسلمين فحكموا بكفر الصحابة وحل دمائهم وأموالهم ثم قاتلوهم وحكموا بأن علي بن ابى طالب كافر وان طلحة والزبير كذلك وان معاوية كافر وبالنتيجة استحلوا دماءهم واموالهم لانهم يرونهم كفاراً.. وهم اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.. ان هذا التأويل الخاطئ والتأويل السيئ والتقليد الاعمى لبعض من لا بصيرة ولا علم عنده يدعوهم إلى الوقوع في هذه المهالك".
وأوضح سماحة مفتي عام المملكة موقف الشرع من قتل النفس وهو المنع مستدلا بقوله بقوله تعالى {ولاتقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما} وقال عليه الصلاة والسلام "من قتل نفسه بشئ عذب به يوم القيامة" وقال "من قتل نفسه بحديدة فحديدته بيده يجأ بها بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا".
وعد سماحته قتل النفس - والعياذ بالله - جريمة وقال "كيف تقتل نفسك.. يقتل نفسه لانه - والعياذ بالله - قد اغتر بالباطل وانخدع بالآراء المضللة فيريد ان لا يكشف حال اعوانه من المجرمين فيقتل نفسه فيعجلها لنار الله جل وعلا.. فليحذر المسلمون من هذا.. فنفسك أمانة عندك لا يجوز التفريط فيها ولا الحاق الضرر بها".
وحذر سماحته من هذه الجرائم ووصفها بأنها اخلاق سيئة لا يعرفها المسلمون وانما هي أخلاق من لا ايمان عنده.. فالاسلام يدعو إلى الثبات واحتساب الاجر لو اصابه البلاء ولهذا نهى المسلم عن تمنى الموت فكيف عن الاقدام على قتل النفس - والعياذ بالله - .
وحث سماحته شباب المسلمين على الاستقامة على طاعة الله والابتعاد عن الدعايات المضللة والافكار المنحرفة واذا أشكل عليهم شيء أن يسآلوا أهل العلم حتى لا يقعوا في هذا الباطل.. وعلى من ابتلى أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً وان يعزم على ان لا يعود والندم على ما مضى وقال "ياشباب الاسلام احذركم من دعاة الباطل.. احذركم من دعاة السوء.. احذركم من دعاة الفرقة من الذين يسعون في الارض فسادا من الذين يريدون بكم الضرر في دينكم ودنياكم من أناس ليسوا ناصحين لكم ولا محبين الخير لكم ولكن يريدوا ان يوقعوكم في هذه المتاهات.. احذروهم والزموا الطريق المستقيم.. قال تعالى {وأن هذا سراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيلي}.
ونبه سماحته من خطر الخروج على جماعة المسلمين وشق عصا الطاعة لولاة الامور مبينا ان الله يرضى ان نعبده ولا نشرك به شيئا وان نكون صفا واحدا وأمة واحدة وأن نناصح من ولاه الله أمرنا نصيحة حقيقتها الوقوف معهم في جانب الحق وتأييدهم في جانب الحق والتعاون معهم على البر والتقوى ليكون بين الولاة والمواطن ارتباطا وثيقا وصلة قوية للتعاون لان المصلحة والخير للجميع.. وقد أمرنا الله تعالى بطاعة ولاة أمرنا فقال جل شأنه {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم} وقال عليه الصلاة والسلام "من مات وليس في عنقه بيعه فميتته ميتة الجاهلية" مؤكدا سماحته أن طاعة ولاة الامر أمر واجب والالتفاف حولهم به قوام الدنيا والاخرة وليس من يعتقد خلاف ذلك استشهد بقول الحسن - رحمه الله - ان الولاة رحمة من الله بهم يقيم الله الحدود وبهم يحفظ الله الثغور وبهم ينتصف للمظلوم من ظالمه وبهم تقام الجمعة والاعياد". وتابع يقول "من تابع الولاة ومكانة الولاة رأى كيف أن الاسلام دعا إلى الاجتماع وحرم الخروج.. وقال "من اتاكم وأمركم مجتمع يريد ان يشق عصاكم فأضربوه بالسيف كائنا من كان" لان الواجب عليها قطع دابر الفساد واجتماع الكلمة ووحدة الصف فبالاجتماع يكون الخير وتحصل البركة والامن والاطمئنان.. والمسلم ينصح ويوجه ويدعو إلى الخير.. ان رأى خطأ سعى في الاصلاح بالتوجيه والنصيحة فيما بينه وبين اي مسئول ويكون قصده حسنا وحب الخير لا قصده التشهير ولا الاضرار.. فان المسلم لا يشيع الشر والفساد وانما يشيع وينشر الخير قال تعالى {ان الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة}.
وبين سماحته أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض والمؤمن ولي لاخيه المؤمن مما يقتضي منه محبته لاخيه المؤمن وسعيه في ايصال الخير اليه ونصحه وتوجيهه واعانته على الخير وتجنيبه طريق الشر والبلاء مصداقا لقوله تعالى {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله ان الله عزيز حكيم}.
واوضح سماحته ان هذه الموالاة تقتضي من المؤمن النصح لاخيه والمحبة ونصرته ان كان مظلوما بأن يعينه على استرجاع حقه ونصرته وان كان ظالما بأن يردعه عن الظلم ويذكره الله والدار الاخرة مصداقا لما جاء في قوله تعالى {انما المؤمنون اخوة} مبينا ان المؤمنين اخوة فيما بينهم وهي اخوة الدين التي فوق أخوة النسب فهي أخوة الايمان والاسلام. وقال سماحته "ان الله تعالى يقول لنا {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} فأمرنا بالاعتصام بحبله وهو دينه الذي بعث به نبيه صلى الله عليه وسلم وأن نجتمع على ذلك ولا نتفرق (ولا تفرقوا) وذكرنا نعمته بقوله تعالى {واذكروا اذ كنتم أعداء فالف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا} فبالاسلام صرنا اخوانا.. وبالايمان صار بعضنا وليا لبعض وبعضنا يشد عضد البعض وبعضنا يقوي البعض {يا أيها الذين آمنوا اذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} فالتنازع سبب للفشل وسبب لتمكين الاعداء وسبب لزوال النعم وسبب لحدوث البلاء مؤكدا أن اجتماع الكلمة ووحدة الصف وتراص الصفوف سبب للقوة والثبات امام كل الازمات والشدائد.
والمح سماحته إلى وجوب أخذ العبرة والفائدة من نتاج الاحداث وأن تكون سببا لارتباطنا واجتماع كلمتنا وتعاوننا فيما بيننا كذلك تدارس الاوضاع الخاصة بنا وبيان أسباب الخلل لكي نتداركها بتوفيق من الله وليكن ذلك عن نية صادقة واخلاص ومحبة للخير ومد يد العون مع الولاة في التعاون على البر والتقوى حتى نكون أمة واحدة.
وقال سماحة مفتي عام المملكة "الاخطاء وحصول الاخطاء أو جود الاخطاء مني ومن فلان وفلان.. هذا أمر لا يمكن تلافيه فالاخطاء موجودة قديما وحديثا لكن المسلم امام الشدائد يحاول بقدر ما يمكن جمع الكلمة وسد الخلل وتوحيد الصف وأن نكون امة واحدة حتى لا يجد العدو فينا مطمعه.. ان أعدءنا يستهدفون ديننا قبل كل شيء يستهدفون هذا الدين لان - لا سمح الله - اذا تخلينا عن ديننا فان ذلك خسران لنا في الدنيا والآخرة".
ومضى سماحته يقول "انهم يستهدفون أمننا هذا الامن الذي نعيشه في طمأنينة وراحة والواحد منا ينتقل شمالا وجنوبا ومن اقصى الشرق إلى الغرب.. يستهدفون هذا الامن الذي تنعم به هذه البلاد فهي غريبة من بين دول العالم.. يستهدفون خيراتنا ونعم الله التي تفضل بها علينا هذه النعم التي يعيشها ابناء هذا البلد ويعيش معهم أضعافهم من العالم.. جاؤوا لطلب المعيشة فعاشوا في ظل هذا الامن والطمأنينة والاستقرار لا ظلم ولا عدوان ولكن عدل ولله الفضل والمنة".
وأكد سماحته أن اجتماع الكلمة ووحدة الصف والوقوف مع الولاة وقفة صدق واخلاص هي بتوفيق من الله سبب لمحاصرة الاجرام والاخذ على أيدي المجرمين وقطع طريق الرجعة عليهم حتى لا يجدوا لهم ملجأ ولا مكانا.. ويجدوا الامة متكاتفة متعاونة مرتبط بعضها ببعض مذكرا كل مسلم بواجب أمته عليه بواجبه أولا بالصدق مع الله في التعامل معه سبحانه وان يكون صادقا في أمته فلا يكون معينا للمفسدين فان من الكذب أن تعين المفسد أوالمزور أو من يروج الباطل أو من يسعى في الارض فسادا. وحذر مفتي عام المملكة الشباب من الانسياق خلف الافكار المنحرفة والتي تسعى إلى التفرقه بين المسلمين وان يميزوا بين الصح والخطأ وان لا يصغوا إلى اي رأى أو فكر الا بعد ان يقوموه التقويم الصحيح وان ينظروا إلى هذا الفكر من منطلق من صلاح وخير أو منطلق من شر وفتنه وفساد وقال "كم من ناس يصفون أفكارهم بأنها إصلاحية وبأنها هادفة وبأنها تعديل اوضاع وإقامة ما اعوج من أعمال ولكن لو تدبرت حق التدبر لرأيتها على العكس من ذلك ولرأيتها اراءً شاطة وأقوالاً باطلة وأفكاراً غير صواب.. فيا شبابنا لا تصغوا لكل من يقول ولا لكل من يتحدث ولا لكل من استطال لسانه بكل قول.. زنوا الاقوال والافكار.. زنوها بالميزان الشرعي واعلموا أنكم في بلادكم على خير وعلى هدى ومهما كان فينا من خطأ أو وجد فينا من نقص فإن الكمال لله والعصمة لانبيائه ولكن ولله الحمد مجتمعكم لا يزال بخير.. فاذا اردنا ابقاء هذا الخير فلنسع بالاصلاح الهادف المنطلق من المحبة للخير لا منطلق من أفكار وآراء وافدة وآراء شاطة يريد بها أربابها ان يضربوا بعضنا ببعض ويوجدوا فجوة بيننا وبين قيادتنا ويحدثوا بيننا خلخلة في صفوفنا.. لا.. بل نقف من هذه الآراء والافكار موقف الرافض لها لأن كل قول يدلى عليك أو فكر فحاول أن تزنه بالميزان الشرعي وتعرف من عرضه وحاله وتاريخه لتعلم اذا درست تاريخ ذلك الانسان ومنشأه ومراحل تعليمه استطعت ان تنتبه للاخطاء وتقيم الناس التقويم الصحيح".
وأضاف سماحته "أما اذا قبل قول كل من قال واستطال واذاع ونشر ولو كان على غير هدى فتلك مصيبة أسال الله ان يجنب المسلمين الشر والبلاء".
ورأى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ ان الشباب بأمس الحاجه إلى حوار يقصد منه تبين الحق لهم وتحذيرهم من هذه الاخطار وأن على أهل العلم ان يقوموا بهذه المهمه وذلك بزيارة الشباب في مجتمعاتهم ودعوتهم إلى الخير وتوجيههم واحتوائهم والاخذ بيديهم حتى يسلموا من هذه الاخطار التي يراد بها ابعادهم عن دينهم وان يعززوا الصلة بينهم وبين الشباب وان يفتحوا صدورهم لأولئك ويفسحوا المجال لهم ويسمعوا مشاكلهم ويصغوا إلى مايقولون حتى يفهموا ماذا عندهم ثم يعالجون الاخطاء بالعلاج الشرعي قبل ان يستفحل الخطأ ويقضى عليه بمهده بتوفيق من الله. وشدد سماحته على ضرورة تقوى الله تعالى وان يسأل الشباب اهل العلم فيما يشكل عليهم مستشهدا بقوله تعالى {فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.
وحذر سماحته من المشككين بأهل العلم ويصفونهم بصفات ذميمه مبينا انه يجب على المسلم ان يتقي الله فيما يقول وان لا يتفوه بلسانه بدون بصيرة حيث ان بعض الناس يسير في اعراض الناس ولا يبالي ولا يخشى من قول الله {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} وقول رسوله الكريم "ان العبد ليتكلم بالكلم من سخط الله ما يظن ان تبلغ ما بلغت يكتب الله له به سخطه إلى يوم يلقاه" وقوله صلى الله عليه وسلم " وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم".
وأكد سماحته ان هذا الفكر والفعل المنحرف وراءه اعداء الاسلام وراءه من يغذيه - والعياذ بالله - ويخرجه وكأنه جهاد في سبيل الله ولهذا قال الله سبحانه وتعالى عن فرعون انه قال عن موسى عليه السلام "اني اخاف ان يبدل دينكم أو ان يظهر في الارض الفساد" حيث جعل دعوة موسى إلى الله والاصلاح والخير جعلها فسادا وهكذا اعداء الاسلام يقلبون الحقائق ويجعلون الفساد إصلاحاً والإصلاح فسادا لكن المؤمن ذا البصيرة لا تلتبس عليه الاحوال بل يميز بين الحق والباطل. وأوصى الشباب السعودي بتقوى الله في انفسهم وان يعرفوا قدر نعمة الله عليهم بهذا الدين وبهذا الاجتماع وبهذه النعمة ويعرفوا قدر نعمة الله عليهم ويسعوا في المحافظة عليها وان لا يفتحوا لاي مغرض مهما كان اي منفذ وان يكونوا يدا واحدة فيما بينهم ومع ولاتهم ايضا في التعاون على الخير وقطع دابر الفساد.
كما اوصى طلاب العلم بأن يبصروا الامة ويكونوا منبهين لها من اخطارها ومنبهين الشباب ومتعاونين مع ولاتها حريصين على تدارك الاخطاء واصلاح الاخطاء بالطرق الشرعية مبينا فضل الترابط والتلاحم حيث يقضي بحول الله على مخططات الاعداء ان شاء الله.
ودعا سماحته في الختام الله العلي القدير ان يحفظ الله بلادنا من كل سوء وان يحفظ ديننا وأمننا وولاتنا وان يرزقنا العودة اليه وان يعيذنا من شر انفسنا وسيئات اعمالنا وان يرزقنا البصيره والانتباه والحذر من المعاصي.
كما دعا الله ان يمتن الرابط بين الراعي والرعيه وان يجعل بين الجميع ارتباطاً قوياً ومحبة في ذات الله وان يصلح ولاة الامر وان يهديهم إلى الصواب وان يرزقهم الاستقامة والبصيره وان يدلهم على ما فيه خير دينهم وبلادهم وان يحبب رعيتهم اليهم وان يرزقهم السعي في الخير والاصلاح ماوجدوا إلى ذلك سبيلا وان يرزقهم الاعوان الصادقين المخلصين الذين يعينونهم اذا ذكروا ويذكرونهم اذا نسوا وان يرزقهم جميعا حب الخير لهذا البلد والسعي في الإصلاح بما يوافق شرع الله جل وعلا.
المصــــــــدر (http://www.alriyadh.com.sa/Contents/12-11-2003/Mainpage/LOCAL1_12063.php)