المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الذي صوبه أكثر المحققين جواز القصر والإتمام ابراهيم الرحيلي


كيف حالك ؟

الجزائري
05-10-2005, 10:04 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


زعم الرافضي أن الصحابة غيروا حتى
في الصلاة والرد عليه

قال الرافضي ص130 تحت عنوان: (الصحابة غيروا حتى في الصـــلاة).
«قال أنس بن مالك ما عرفت شيئاً مما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مثل الصلاة، قال: أليس ضيعتم ما ضيعتم فيها.
وقال الزهري: دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي. فقلت: ما يبكيك فقال: لا أعرف شيئاً مما أدركت إلا هذه الصلاة، وقد ضيعت.
وحتى لايتوهم أحد أن التابعين هم الذين غيروا ما غيروا بعد تلك الفتن والحروب، أود أن أذكّر بأن أول من غير سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة، هو خليفة المسلمين عثمان بن عفان، وكذلك أم المؤمنين عائشة. فقد أخرج الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بمنى ركعتين، وأبو بكر بعده، وعمر بعد أبي بكر وعثمان صدراً من خلافته ثم إن عثمان صلى بعد أربعاً).
كما أخرج مسلم في صحيحه قال الزهري: قلت لعروة: ما بال عائشة تتم الصلاة في السفر؟ قال: إنها تأولت كما تأول عثمان...».
والرد عليه:
أن هذين الأثرين اللذين ذكرهما ثابتان عن أنس –رضي الله عنه- وقد أخرجهما البخاري في صحيحه(1) وليس فيهما أي مطعن على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما زعم الرافضي، وذلك أن أنساً إنما قال ذلك إنكاراً على الحجاج بن يوسف الذي كان والياً على العراق لبني أمية، وكان يؤخر الصلاة إلى آخر وقتها -كما كان على ذلك بعض أمراء بني أمية-(2) فأنكر ذلك أنس –رضي الله عنه- عندما كان مقيماً بالعراق على ما روى ثابت البناني قال: (كنا مع أنس بن مالك فأخر الحجاج الصلاة، فقام أنس يريد أن يكلمه فنهاه إخوانه شفقة عليه منه، فخرج فركب دابته فقال في مسيره ذلك: والله ما أعرف شيئاً مما كنا عليه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ...)(3) الخ كلامه.
ثم إن أنساً بعد ذلك ذهب إلى دمشق وتكلم بالأثر الثاني الذي رواه عنه الزهري بعد قدومه إلى دمشق.
قال ابن حجر: «كان قدوم أنس دمشق في إمارة الحجاج على العراق، قدمها شاكياً من الحجاج للخليفة، وهو إذ ذاك ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صحيح البخاري (كتاب مواقيت الصلاة، باب تضييع الصلاة عن وقتها) فتح الباري 2/13.
(2) انظر: البداية والنهاية لابن كثير 9/94.
(3) ذكره ابن حجر في فتح الباري 2/13.
الوليد بن عبدالملك».(1)
فتبين أن قول أنس - رضي الله عنه - هو وصف لحال ذلك الزمان الذي
أدركه في آخر حياته، وما رأى فيه من التغيير، وتأخيير الصلوات عن
وقتها، من قبل بعض الأمراء في عهد الدولة الأموية. وأنس رضي الله عنه -- كان من المعمرين ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث دعا له بطول العمر، فعن أنس قال: قالت أم سليم: خويدمك ألا تدعوا له؟ فقال: (اللهم أكثر ماله وولده، وأطل حياته، واغفر له، فدعا لي بثلاث: فدفنت مائة وثلاثة، وإن ثمرتي لتطعم في السنة مرتين، وطالت حياتي حتى استحييت من الناس وأرجو المغفرة).(2)
ووفاة أنس - رضي الله عنه - كانت سنة ثلاث وتسعين(3)، وكان قدومه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فتح الباري 2/13.
(2) أخرجه البخاري في الأدب المفرد في (باب من دعا بطول العمر) الأدب المفرد مع شرحه فضل الله الصمد 2/106.
وقدصحح الحديث الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 5/284، ح2241.
وروى الحديث من طريق أخرى البخاري في صحيحة (كتاب الدعوات، باب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه بطول العمر...) فتح الباري 11/144، ورواه مسلم في (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضل أنس) 4/1928 وليس في رواية الصحيحين (أطل حياته).
(3) انظر البداية والنهاية لابن كثير 9/94، والإصابة لابن حجر 1/113.
إلى دمشق قبل وفاته بسنة في سنة اثنتين وتسعين.
قال ابن كثير روى عبدالرزاق بن عمر، عن إسماعيل قال: «قدم
أنس على الوليد في سنة اثنتين وتسعين».(1)
ومعلوم أنه في ذلك الوقت لم يكن بقي فيه من الصحابة إلا القليل، بل ذهب بعض العلماء إلى أن أنس بن مالك هو آخر من مات من الصحابة،ثم أبوالطفيل عامربن واثلة الليثي-رضي الله عنهما-.(2)
وعلى هذا فأي لوم على الصحابة في تغير الناس من بعدهم، ومن كان حيــاً منهــم فهو منكر لذلك، كمــا تقدم في الأثرين عن أنس - رضي الله عنه -.
على أن هذا التغيير الذي ذكره أنس لا يعم أمصار المسلمين كلها، وإنما كان في بعض الأمصار كالعراق والشام، دون بقية البلاد، يشهد لهذا ما رواه البخاري من حديث بشير بن يسار الأنصاري، أن أنس بن مالك قدم المدينة، فقيل له: ما أنكرت منا منذ يوم عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال:(ماأنكرت شيئاً إلا أنكم لا تقيمون الصفوف).(3)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1) البداية والنهاية 9/94.
(2) الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث لابن كثير ص160.
(3) رواه البخاري (كتاب الأذان، باب إثم من لم يتم الصفوف) فتح الباري 2/209، ح724.
وقد نبه على هذا الحافظ ابن حجر -رحمه الله- عند شرحه للأثرين السابقين لأنس، حيث قال: «إطلاق أنس محمول على ما شاهده من أمراء الشام والبصرة خاصة، وإلا فسيأتي في هذا الكتاب أنه قدم المدينة فقال: (ما أنكرت شيئاً...)» (1)، ثم ساق الأثر.
وأما قول الرافضي: إن أول من غير سنة النبي صلى الله عليه وسلم هو عثمان وعائشة -رضي الله عنهما- مشيراً لإتمام عثمان -- ا رضي الله عنه لصلاة في منى، وأن عائشة كانت تتم الصلاة في السفر.
فجوابــه: أن عثمان وعائشة -رضي الله عنهما- كانا مجتهدين، وقد اختلف العلماء في وجه اجتهادهما اختلافاً كبيراً، وذكروا وجوهاً كثيرة في ذلك. (2) لكن الذي صوبه أكثر المحققين وقطعوا به، أنهما كانا يريان جواز القصر والإتمام، فأخذا بأحد الجائــزين.
قال النووي: «اختلف العلماء في تأويلهما، فالصحيح الذي عليه المحققون:أنهما رأيا القصر جائزاً والإتمام جائزاً، فأخذا بأحد الجائزين،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1) فتح الباري 2/14.
(2) انظر شرح صحيح مسلم للنووي 5/195، والمفهم للقرطبي 2/327، وفتح الباري لابن حجر 2/570-571.
وهو الإتمام».(1)
وقال القرطبي: «اختلف في تأويل إتمام عائشة وعثمان في السفر على أقوال، وأولى ما قيل في ذلك أنهما تأولا: أن القصر رخصة غير واجبة، وأخذا بالأكمل، وما عدا هذا القول إما فاسد وإما بعيد».(2) ثم ذكر بقية الأقوال ورد عليها.
وهذا الذي ذكره القرطبي هنا في سبب تأولهما فيه ترجيح الإتمام على القصر على اعتبار أن القصر رخصة، وأن الإتمام عزيمة ولذا قال: أخذا بالأكمل. بخلاف توجيه النووي فالظاهر منه أنه يستوى فيه الأمران وإنما أخذا بأحد الجائزين.
وقـــد فــرق بعض المحققين بين سبب إتمام عثمان، وإتمام عائشة -رضي الله عنهما-.
كما ذهب إلى ذلك الحافظ ابن حجر حيث قال في شرح عبارة: (إن عائشة تأولت كما تأول عثمان): «التشبيه بعثمان في الإتمام بتأويل، لا اتحاد تأويلهما، ويقويه أن الأسباب اختلفت في تأويل عثمان فتكاثرت، بخلاف تأويل عائشة».(3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1) شرح صحيح مسلم 5/195.
(2) المفهم للقرطبي 2/327.
(3) فتح الباري لابن حجر 2/571.
قال بعد ذلك: «والمنقول أن سبب إتمام عثمان أنه كان يرى القصر مختصاً بمن كان شاخصاً سائراً، وأما من أقام في مكة في أثناء سفره فله حكم المقيم فيتم، والحجة فيه ما رواه أحمد بإسناد حسن عن عباد بن عبدالله بن الزبير قال: لما قدم علينا معاوية حاجاً صلى بنا الظهر ركعتين بمكة، ثم انصرف إلى دار الندوة، فدخل عليه مروان وعمرو بن عثمان فقالا: لقد عبت أمر ابن عمك لأنه كان قد أتم الصلاة، قال: وكان عثمان حيث أتم الصلاة إذا قدم مكة صلى بها الظهر والعصر والعشاء أربعاً أربعاً، ثم إذا خرج إلى منى وعرفة قصر الصلاة، فإذا فرغ من الحج وأقام بمنى أتم الصلاة».(1)
فيكون هذا الذي ذكره ابن حجر قولاً آخر في سبب إتمام عثمان - رضي الله عنه -.
ولهذا ذكر ابن حجر بعده القول المتقدم عن القرطبي، وعزاه إلى ابن بطال وقال: «وهذا رجحه جماعة من آخرهم القرطبي، لكن الوجه الذي قبله أولى لتصريح الراوي بالسبب». (2)
وأما وجه اجتهاد عائشة -رضي الله عنها- فيقول ابن حجر فيه:«وأما عائشة فقد جاء عنها سبب الإتمام صريحاً، وهو فيما أخرجه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1) فتح الباري 2/571، والحديث رواه أحمد في المسند 4/94.
(2) فتح الباري لابن حجر 2/571.
البيهقي من طريق هشام بن عروة، عن أبيه: (أنها كانت تصلي في السفر أربعاً، فقلت لها: لو صليت ركعتين، فقالت: ابن اختى إنه لا يشق علي). إسناده صحيح وهو دال على أنها تأولت أن القصر رخصة، وأن الإتمام لمن لا يشق عليه أفضل).(1)
قلــت: وهـذا مــوافق لما ذكره القرطبي سابقاً في سبب إتمامها -رضي الله عنها-.
هذا وقد ذكر بعض العلماء المحققين في: (باب الصحابة) في معرض ردهم على الرافضة أن الذي حمل عثمان - رضي الله عنه - على الإتمام في منى لما بلغه أن بعض الأعراب الذين كانوا شهدوا معه الصلاة في الأعوام الماضية ظنوا أنها ركعتان فأراد أن يعلمهم أنها أربع.
قــال أبــونعيــم في :(كتاب الإمامة): «وإن الذي حمل عثمان - رضي الله عنه - على الإتمام أنه بلغه أن قوماً من الأعراب ممن شهدوا معه الصلاة بمنى رجعوا إلى قومهم فقالوا: الصلاة ركعتان، كذلك صليناها مع أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه - بمنى، فلأجل ذلك صلى أربعاً ليعلمهم ما يستنوا به للخلاف والاشتباه». (2)
وقال ابن العربي في العواصم في معرض رده على الشبه التي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1) المصدر نفسه.
(2) الإمامة والرد على الرافضة ص312.
أُثيرت ضد عثمان - رضي الله عنه -: «وأما ترك القصر: فاجتهاد إذ سمع أن الناس افتتنوا بالقصر، وفعلوا ذلك في منازلهم، فرأى أن السنة ربما أدت إلى إسقاط الفريضة، فتركها مصلحة خوف الذريعة، مع أن جماعة من العلماء قالوا: إن المسافر مخير بين القصر والإتمام».(1)
قلت: ويؤيد هذا أن عثمان -- رضي الله عنه ما كان يقصر الصلاة في بداية عهده، بل بقي سبع سنين من خلافته وهو يقصر الصلاة بمنى، ثم أتم بعد ذلك، فهو دليل أنه ما فعل ذلك إلا لأمر طرأ.
روى ابن أبي شيبة عن عمران بن حصين أنه قال: (حججت مع عثمان سبع سنين من إمارته لا يصلي إلا ركعتين، ثم صلى بمنى أربعــــاً).(2)
وعلى كل حال فكل من عثمان وعائشة -رضي الله عنهما- كانا مجتهدين فيما ذهبا إليه أياً كان السبب الحامل لهما على ذلك.
وإذا ما تقرر هذا اندحضت دعوى الرافضي في النيل منهما، وانكشفت شبهته، وبطل افتراؤه وظلمه.
وزيادة على هذا أذكر هنا بعض الأوجه الأخرى المؤكدة لما تقدم من براءة أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وأم المؤمنين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1) العواصم من القواصم ص90.
(2) المصنف لابن أبي شيبة 2/207.
عائشة -رضي الله عنهما- مما رماهما به الرافضي.
الوجه الأول: أنهما مجتهدان، والمجتهد معذور، بل مأجور على كل حال لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر).‎(1)
وهذا أمر مقرر عند أهل السنة لا يختلفون فيه، وإنما يخالف فيه أهل البدع.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «ولا ريب أن الخطأ في دقيق العلم مغفور للأمة، وإن كان ذلك في المسائل العلمية، ولولا ذلك لهلك أكثر فضلاء الأمة».‎(2)
ويقول أيضاً: «هذا قول السلف وأئمة الفتوى كأبي حنيفة والشافعي، والثوري، وداود بن على وغيرهم، لايؤثمون مجتهداً مخطئاً في المسائل الأصولية ولا في الفرعية. كما ذكر ذلك عنهم ابن حزم وغيره، وقالوا: هذا هو القول المعروف عن الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، وأئمة الدين، أنهم لايكفرون ولا يفسقون ولا يؤثمون أحداً ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1) رواه البخاري في: (كتاب الاعتصام، باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ) فتح الباري 13/318، ح7352، ومسلم: (كتاب الأقضية، باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ) صحيح مسلم 3/1342، ح1716.
(2) مجموع الفتاوى 20/165.
من المجتهدين المخطئين، لا في مسألة عملية ولا علمية...».‎‎(1)
الوجه الثاني: أن القول بإتمام الصلاة في السفر لم ينفرد به عثمان وعائشة -رضي الله عنهما- وإنما هو قول طائفة من الصحابة.
قال أبو نعيم: «وقد رأى جماعة من الصحابة إتمام الصلاة في السفر منهم عائشة -رضي الله عنها- وعن أبيها، وعثمان - رضي الله عنه - وسلمان - رضي الله عنه - وأربعة عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ».‎(2)
قلت: وسلمان - رضي الله عنه - ممن يعتقد الرافضة عدالته كما جاء في الكافي فيما نسبوه إلى محمد الباقر -وهو من ذلك بريء-: (كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة... المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي -رحمة الله وبركاته عليهم-...).‎(3)
فإذا كان سلمان - رضي الله عنه - معذوراً في اجتهاده بإتمام الصلاة فكذلك عثمان، وعائشة -رضي الله عنهما- معذوران في ذلك حكمهما حكمه. كما أن الطعن في عثمان وعائشة بهذا طعن في سلمان، ويتوجه عليه من الذم والقدح ما يتوجه عليهما على
حد سواء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1) المصدر نفسه 19/207.
(2) الإمامة 312.
(3) روضة الكافي 8/245.
الوجه الثالث: أن الصحابة –رضي الله عنهم- سواء من قال بإتمام الصلاة في السفر، أو من قال بالقصر، ما كان بعضهم يعيب على بعض، كما روى ابن أبي شيبة من طريق عبدالرحمن بن حصين عن أبي نجيح
المكي قال: (اصطحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في السفر، فكان بعضهم يتم، وبعضهم يقصر، وبعضهم يصوم، وبعضهم يفطر، فلا يعيب هؤلاء على هؤلاء، ولا هؤلاء على هؤلاء).‎(1)
قلت: وهذا يدل على أنهم كانوا يرون التوسعة في هذا، وإلا
لأنكر كل فريق منهم على الآخر ما يرى أنه منكر ومخالفة، فهم أقوم الناس بعد رسول الله بدينه، وأشدهم على المخالفين لهديه، فرضي الله عنهم أجمعين.
الوجه الرابع: أنه ثبت أن عامة الصحابة الذين شهدوا الصلاة مع عثمان - رضي الله عنه - في منى تابعوه على ذلك، بل كان بعضهم إماماً خاصاً لأصحابه فصلى بهم أربعاً متابعة لعثمان - رضي الله عنه - الإمام العام للحج على ماروى الطبري في تاريخه أن عبدالرحمن بن عوف كلم عثمان في إتمامه للصلاة فاعتذر له فخرج عبدالرحمن فلقي ابن مسعود فقال: (أبا محمد غُير ما يُعلم؟ قال: لا، قال: فما أصنع؟ قال: اعمل أنت بما تعلم، فقال ابن مسعود: الخلاف شر، قد بلغني أنه صلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1) المصنف لابن أبي شيبه 2/208.
أربعاً، فصليت بأصحابي أربعاً، فقال عبد الرحمن بن عوف: قد بلغني أنه صلى أربعاً فصليت بأصحابي ركعتين، وأما الآن فسوف يكون الذي تقول -يعني نصلي معه أربعـاً-).‎‎(1)
وفي سنن أبي داود قال الأعمش: فحدثني معاوية بن قرة عن أشياخه (أن عبد الله صلى أربعاً قال: فقيل له: عبت على عثمان، ثم صليت أربعاً قال: الخلاف شر).‎(2)
قال الخطابي معلقاً: «قلت لو كان المسافر لا يجوز له الإتمام، كما يجوز له القصر، لما تابعوا عثمان عليه، إذ لا يجوز على الملأ من الصحابة متابعته على الباطل، فدل ذلك على أن من رأيهم جواز الإتمام، وإن كان الاختيار عند كثير منهم القصر».‏(3)
الوجه الخامس: أنه ثبت عن علي - رضي الله عنه - أنه اجتهد في مسائل فأخطأ وخالف بذلك السنة متأولاً فلم يضره ذلك لمّا كان مجتهداً.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية بعض هذه المسائل فقال: «وكذلك قضى علي - رضي الله عنه - في المفوضة بأن مهرها يسقط بالموت، مع قضاء النبي صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق بأن لها مهر نسائها. وكذلك ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1) تاريخ الطبري 4/268.
(2) رواه أبو داود في سننه: (كتاب المناسك، باب الصلاة بمنى) 2/492.
(3) معالم السنن 2/181.
طلبه نكاح بنت أبي جهل، حتى غضب النبي صلى الله عليه وسلم فرجع عن ذلك. وقوله لما ندبه وفاطمة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة بالليل فاحتج بالقدر، لما
قال: ألا تصليان فقال علي: إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فولّى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضرب فخذه ويقول (وكان الإنسان أكثر شئ جدلاً...) وعلي عرف رجوعه عن بعضها فقط، كرجوعه عن خطبة بنت أبي جهل.
وأما بعضها كفتياه بأن المتوفى عنها تعتد أبعد الأجلين، وأن المفوضة لامهر لها إذا مات الزوج، وقوله إن المخيرة إذا اختارت زوجها فهي واحدة، مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير نساءه ولم يكن ذلك طلاقاً، فهذه لم يعرف إلا بقاؤه عليها حتى مات، وكذلك مسائل كثيرة ذكرها الشافعي في كتاب (اختلاف علي وعبدالله)...».‎(1)
قلت: وأعظم من هذا ما حصل في عهد علي - رضي الله عنه - من الاقتتال العظيم بين المسلمين الذي كان أحد أطرافه حتى قتل من قتل من المسلمين، فإن كان علي - رضي الله عنه - معذوراً في هذا وفي تلك المسائل التي خالف فيها، وهي كثيرة كما ذكر شيخ الإسلام، فعثمان أولى بالعذر في مسألة واحدة وافقه عليها من وافقه من الصحابة، وعذره الباقون، هذا مع ما امتاز به عهده من عصمة دماء المسلمين، حتى إنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1) منهاج السنة 6/28-29.
لم أطلت الفتنة برأسها وحاصره الثوار في البيت آثر المسلمين على نفسه، ونهى من أراد نصرته من الصحابة عن القتال حتى قتل شهيداً - رضي الله عنه -، بخلاف علي - رضي الله عنه - الذي قاتل ورغّب في القتال معه، وهو في كل ذلك معذور بل مأجور - رضي الله عنه - وأرضاه. وإنما أردت دحض شبهة هذا الرافضي الحاقد بما لا يستطيع رده ولا دفعه.
وبهذا تظهر براءة عثمان وعائشة -رضي الله عنهما- مما رماهما به الرافضي بسبب الاجتهاد في مسألة القصر.
فللـــه الحمــد والفضــل.

المرجع : الانتصار للصحب والآل من افتراءات السماوي الضال / إبراهيم بن عامر الرحيلي

هل الشيخ ربيع يشبه هذا الرافضي اللهم سلم سلم.

ابو يحي
05-14-2005, 04:13 PM
السلام عليكم
رد الشيخ ربيع على اسامة سالم في مقاله حكم التنازل عن الواجبات ناقلا كلاما للخطابي
والان هل يرضى الشيخ ربيع بكلام الخطابي نفسه ام سيلمزه كمالمز من نقل عنهم اسامة سالم واليكم النقل
وفي سنن أبي داود قال الأعمش: فحدثني معاوية بن قرة عن أشياخه (أن عبد الله صلى أربعاً قال: فقيل له: عبت على عثمان، ثم صليت أربعاً قال: الخلاف شر).‎(2)
قال الخطابي معلقاً: «قلت لو كان المسافر لا يجوز له الإتمام، كما يجوز له القصر، لما تابعوا عثمان عليه، إذ لا يجوز على الملأ من الصحابة متابعته على الباطل، فدل ذلك على أن من رأيهم جواز الإتمام، وإن كان الاختيار عند كثير منهم القصر».‏(3)
اللهم سلم

ابو يحي
05-15-2005, 02:30 AM
السلام عليكم
نقل الشيخ ربيع كلام للخطابي واستدل به على ترك الواجبات في رسالته حكم التنازل على الواجبات
قال ربيع قال أبو سليمان الخطابي المتوفى سنة 388هـ وهو من المعاصرين للدارقطني ومن شيوخ الحاكم أبي عبد الله ,قال في مسألة القصر في السفر : ( واختلف أهل العلم في هذه المسألة فكان أكثر مذاهب علماء السلف وفقهاء الأمصار على أن القصر هو الواجب في السفر وهو قول عمر وعلي وابن عمر وجابر وابن عباس وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز والحسن وقتادة وقال حماد بن أبي سليمان يعيد من صلى في السفر أربعاً , وقال مالك بن أنس يعيد ما دام في الوقت ، وقال أحمد بن حنبل السنة ركعتان , وقال مرة أنا أحب العافية من هذه المسألة ثم ذكر أن الشافعي قال بالخيار ) معالم السنن مع مختصر المنذري لأبي داود (2/47) .
والان مع الرد من نفس المجلد لنفس المؤلف ولنفس المتكلم
وفي سنن أبي داود قال الأعمش: فحدثني معاوية بن قرة عن أشياخه (أن عبد الله صلى أربعاً قال: فقيل له: عبت على عثمان، ثم صليت أربعاً قال: الخلاف شر).‎ رواه أبو داود في سننه: (كتاب المناسك، باب الصلاة بمنى) 2/492
قال الخطابي معلقاً: «قلت لو كان المسافر لا يجوز له الإتمام، كما يجوز له القصر، لما تابعوا عثمان عليه، إذ لا يجوز على الملأ من الصحابة متابعته على الباطل، فدل ذلك على أن من رأيهم جواز الإتمام، وإن كان الاختيار عند كثير منهم القصر».‏معالم السنن 2/181
فما راي الشيخ ربيع فهل سيطعن في السند ام الطبقة ام سيقول يخطئ ويصيب اقصد الخطابي

ابو يحي
05-15-2005, 02:34 AM
نقاشنا مع الشيخ ربيع ليس وجوب القصر او استحبابه

12d8c7a34f47c2e9d3==