أبو عمر العتيبي
11-10-2003, 11:58 AM
العواجي والحوالي والدويش وقلب الحقائق
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد:
فقد شاهدت عند بعض من أعرفه برنامج "بلا حدود" المعروض على قناة الجزيرة، والذي كان المذيع أحمد منصور يحاور فيه د. محسن العواجي حول أسباب التفجير وعدم تسليم الإرهابيين أنفسهم وما يتعلق بهذا الموضوع .
وحصلت أثناء البرنامج مداخلتان: الأولى: للدكتور سفر الحوالي في الربع الأخير من البرنامج ، والثانية: لسليمان الدويش في السبع دقائق الأخيرة من البرنامج .
وقبل أن أذكر قلب الحقائق عند أولئك أذكر بعض الإيجابيات! في ذلك اللقاء حتى لا يظن البعض أن كلَّ ما قالوه باطل!!
الإيجابيات في البرنامج:
1- دعوة العواجي لاحترام الإنسان ، ومحاولة إيجاد حل جذري للمشكلة (كلام عام).
2- بيان أن جذور مشكلة التكفير والغلو من حرب أفغانستان مع خطئه في أمور سأنبه عليها ستأتي.
3- عندما ذكر سبب عدم تسليم الإرهابيين أنفسهم ذكر سببين أولهما الأيديلوجية التي ينطلقون منها وهو التعطش للتكفير وقتال من يكفرون.
4- دعوته هو والحوالي للإرهابيين بتسليم أنفسهم وأن يرجعوا إلى الصواب وهذه من أهم إيجابيات البرنامج ويشكر عليها.
هذه الجوانب الإيجابية التي رأيتها في حوار العواجي مع أحمد منصور ، مع تخلل كثير من السلبيات أثناء الحوار .
قلب الحقائق عند العواجي والحوالي والدويش:
لقد قلب الدكتور العواجي الحقائق وكتمها ، وحاول التغطية على ما كانت تمارسه الجماعات الجهادية في أفغانستان والقاعدة من غسل لأدمغة الشباب ، والسعي للتدمير في بلادهم ، ووضعه اللائمة على الحكومات .
فقد ذكر الدكتور العواجي أن سبب وجود عمليات التفجير وممارسة التكفير من الإرهابيين الذين فجروا في الرياض وغيرها هو استقبال الأنظمة لمن جاهد في أفغانستان بالسجن والأحكام الجائرة ، والتجريم والتعذيب.
وهذا من الدكتور العواجي إما لعدم معرفته بالواقع وإما لأنه يسير وفق مخطط سري لوضع اللائمة على الحكومات دون المجرمين الحقيقيين .
ولتوضيح هذا أقول:
إن معظم الدول العربية والإسلامية وقفت صفاً واحداً ضد المد الشيوعي والحرب في أفغانستان ، وبذلت تلك الدول أموالاً وقدمت تضحيات من أبنائها لخدمة البلاد الإسلامية تجاه المد الشيوعي الغاشم .
ولكن لوحظ في أواخر أيام الجهاد ومع دخول الطاغية صدام حسين إلى الكويت خروج نابتة من الشباب الجهادي تكفر حكام المسلمين وتدعو إلى الثورة ضد الحكام ، واغتيال المسؤولين .
وقد كنت واحداً ممن ذهب إلى أفغانستان في شهر ذي القعدة عام 1411هـ ، لمدة شهر ، ثم عدت مرة أخرى في شهر صفر عام 1412هـ لمدة شهر تقريباً.
وكنت أتدرب في معسكر الصديق ثم الفاروق وهما تابعان لأسامة بن لادن ، وكانوا في معسكراتهم يكفرون الدولة السعودية -حَرَسَهَا اللهُ- ، وينشرون كتاب "الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية" للمقدسي ، وكثيراً ما يقولون لنا : لابد من إحياء سنة الاغتيالات ، أي اغتيالات المسؤولين في السعودية .
وكانوا لا يسمونها "المملكة العربية السعودية" بل يمنعون من ذلك ويسمونها بـ"الجزيرة" .
وكانوا يدربوننا على وضع المتفجرات ، وعلى كيفية تهريب الأسلحة من المطارات ونحو ذلك من الأمور الفاسدة .
كل ذلك بمباركة من السروريين والقطبيين بل معظم رواد المعسكرات منهم .
وأذكر أننا كنا في معسكر الفاروق جاءنا شيخ اسمه محمد أو عبد الرحمن العجلان ، وكان من مواقفه أن قال لبعض الشباب الجزائريين : لماذا أتيت للجهاد هنا ، اذهب جاهد-أي بالسلاح- في بلدك !!!
وقد صرح واحد من أولئك في مجلة صوت الجهاد المنشورة على الإنترنت بأن أسامة بن لادن ومن كان يؤيده من السروريين كانوا يعدون الشباب للقتال في السعودية -حَرَسَهَا اللهُ-
فهذا هو السبب الحقيقي من وراء التكفير والتفجير ، ووالله إني ذهبت للجهاد في أفغانستان وأعرف شباباً ذهبوا ورجعت ورجعوا ولم يسألهم أحد أين كنتم؟ وليس لنا أي علاقة بالدولة إلا الإقامة على أرضها .
فأين تلك السجون والأحكام الجائرة؟!!
إن الشباب الذين ذهبوا للجهاد ، ووجد منهم من يسعى للتفجير والتخريب ، بل خربوا وأحرقوا بعض المحلات في الرياض ، ومن يجالس من يسعى للتخريب ويدافع عنه هم الذين حقق معهم ، ولقي جزاءه من لقي منهم بما يستحق لا ظلماً ولا عدواناً ، علما بأن الخطأ قد يقع ، ولكن جعله هو السبب فهو من الجهل أو الكذب والافتراء.
فهذه من أشد السلبيات في كلام العواجي.
2- من السلبيات –أيضاً- : جعل الدكتور العواجي المسؤولية عن وجود المفجرين والمكفرين على الحكومة والمؤسسة الدينية والمثقفين!!
ولم يتطرق في حديثه وشرحه إلا للحكومة وقليلاً عن المؤسسة الدينية!
وأغفل هو والحوالي لما ذكر علاج قضية التكفير جوانب كثيرة من المشكلة كتلك الخطب النارية ، والمحاضرات التثويرية التي كان يلقيها سفر الحوالي كشريطه "فستذكرون ما أقول لكم" ، وسلمان العودة كشريطية"صانعوا الخيام" ، "وهموم ملتزمة!" وناصر العمر وبشر البشر وسعيد آل زعير وإبراهيم الدبيان وعبد العزيز القاري وأمثالهم .
وأغفلوا دور رؤوس الخوارج الذين أثروا على عقول شبابنا كأبي محمد المقدسي وأبي قتادة الفلسطيني ، وأبي بصير وأشباههم.
وأغفلوا دور الكتب الفكرية الثورية الداعية للخروج على الحكام والطاعنة على العلماء ككتب سيد قطب وخاصة معالم في الطريق ، وكتاب "وعد كسنجر" ، وكتاب "ظاهرة الإرجاء" كلاهما لسفر الحوالي وكتب صلاح الصاوي والراشد ونحوهم.
وكذلك تقع المسؤولية على الإرهابيين أنفسهم حيث تنكروا لبلادهم وعلمائهم وولاة أمرهم وتبعوا نواعق الشرق والغرب ، وهم ليسوا أطفالاً لم يبلغوا الحلم ، بل هم مسؤولون عن جميع أفعالهم ، وعندهم عقول يفكرون بها فالمسؤلية الرئيسية تكون عليهم وعلى من أغواهم ونفخ فيهم .
3- طعنه السافر في الدعوة الوهابية وفي علمائها ، مع أن الدعوة الوهابية باتفاق المعاصرين من الدعوات الإصلاحية التي أيقظت المجتمع ، وأحيت فيه روح الاجتهاد وعدم الركون إلى التقليد والتبعية العمياء.
وأعادت الناس إلى عقيدة التوحيد الصافية الخالية من الشرك والخرافة
وما حصل من تجاوزات من بعض الأفراد المنتسبين للوهابية مردود عليهم ولا تعاب الدعوة الوهابية بسببهم .
وزعمه أن الملك عبد العزيز -رحمَهُ اللهُ- عانى من الوهابية كذب وباطل ، بل أنصاره من العلماء كانوا من أكبر دعاة الوهابية ، وإنما عانى الملك عبد العزيز من بعض الشباب المتحمس وذوي المصالح الشخصية كفيصل الدويش وسلطان بن بجاد وأشباههما من الجهال وأصحاب الفتن.
فالدعوة الوهابية دعوة إصلاحية قامت عليها الدولة السعودية ولولا أن الله سخر للإمام محمد بن سعود الشيخ محمد بن عبد الوهاب لما قامت الدولة السعودية .
فإن الدولة قامت على نشر الخير والهدى ومحاربة الخرافات والعقول المتحجرة .
وقال الإمام المجدد الملك عبد العزيز -رحمَهُ اللهُ- في خطبة ألقاها بمكة في ذي الحجة عام 1347هـ : "هذه هي العقيدة التي قام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب يدعو إليها ، وهذه هي عقيدتنا ، وهي عقيدة مبنية على توحيد الله -عزَّ وجلَّ- خالصة من كل شائبة ، مُنَزَّهَة من كل بدعة ، فعقيدة التوحيد هذه، هي التي ندعو إليها ، وهي التي تنجينا مما نحن فيه من محن وأوصاب" انظر: المصحف والسيف(ص/85-86) .
وكذلك طعن سلمان العودة في الوهابية حيث قال في برنامج ساعة حوار في قناة المجد بتاريخ 24 / 7 1424 هـ : [الدعوه الوهابية والدعوات السلفية لم تواكب الواقع الذي تعيش فيه ].
4- طعنه هو وسليمان الدويش في العلماء ووصفهم بالرسميين!!
ولا أدري ما العيب في كون العلماء رسميين؟!!
فهذا طعن في كل من يعينه الرؤساء من علماء لكونهم رسميين!!
وهذا جهل عريض .
فالعالم إنما يمدح بمقدار موافقته للحق والصواب ، ويذم بمقدار مخالفته للحق
وليس بكونه رسميا أو غير رسمي .
فهؤلاء العلماء الرسميون لم نر منهم تحريضا على العنف ، ولا قلباً للحقائق كما يمارسه –بشدة- دعاة الإصلاح!!
5- لَمَّا سئل الدكتور العواجي عن مرجعية الشباب المفجرين والمكفرين ما كان من العواجي إلا قلب الحقائق كما جرت به العادة!!
حيث قال مبيناً سبب التفجير والتكفير من هؤلاء الشباب هو "ضياع المرجعية"!!
فهذا باطل ، بل أولئك لهم مرجعية ، ولهم شيوخ يسألونهم ويستفتونهم ، ويحرضونهم على ما هم فيه من فساد وإفساد ومنهم : علي الخضير وحمود الشعيبي وناصر الفهد ، وأبو محمد المقدسي ، وأبو قتادة ، وأبو بصير .
ومن ورائهم يغطون عليهم ، ويصرفون النظر عنهم دعاة الإصلاح المزعوم كسفر وسلمان والعواجي والطريري وغيرهم.
6- من السلبيات –أيضاً- : إضفاء الشرعية على جمعية الحقوق التي أسسها المسعري وحاكمت الدولة السعودية -حَرَسَهَا اللهُ- أعضاءها ومنهم العواجي!
فيظهر أن العواجي حنَّ إلى السابق ، وما زال يذكر جمعيته بخير.
وجاء إضفاء الشرعية على جمعية الحقوق في كلام العواجي لَمَّا ذكر أن الفتاوى الرسمية لا يعول عليها وذكر أمثلة منها جمعية الحقوق فقد حرمها العلماء على المسعري والعواجي وأباحوها للدولة!!
وهذا تلبيس من الدكتور العواجي –هداه الله- فإن العلماء إنما حرموا جمعية حقوق المسعري لما فيها من الباطل والافتئآت على ولي الأمر ، وإنشاء دولة داخل دولة!
أما إذا قامت الحكومة نفسها بذلك فهي صاحبة الأمر وهي الدولة فليس فيها المحظورات التي كانت في جمعية المسعري.
7- شكك سليمان الدويش في كون الخوارج هم وراء التكفير ، وأنكر وجود خلايا إرهابية في الأحياء السكنية –والواقع يكذبه- ، وأنكر على الدولة طريقتها في التعامل مع العنف ولم يذكر أسباب تطرف أولئك الشباب حقيقة كما سبق بيانه.
8- ذكر الدكتور سفر الحوالي قضية التكفير ومعالجتها بأمور منها: إلغاء القوانين الوضعية وتغيير المنكرات ومحاسبة أصحاب الأقلام الصحفية المسيئة للإسلام ، وإلغاء المخالفات الشرعية ومقاومة الضغوط على الدولة .
وذكر من طرق معالجة التكفير إلغاء الدمج وعودة ما تغير من المناهج ، وتخفيض الأسعار ، ومعالجة البطالة ، وعدم احتكار الوظائف العليا .
ولكنه أغفل أهم نقطة لعلاج قضية التكفير وخروج هؤلاء الخوارج وهي : بيان حرمة الخروج على ولي الأمر ووجوب طاعته بالمعروف ولو فعل جميع ما سبق حتى يظهر منه الكفر البواح الذي فيه عندنا من الله برهان .
فهذه القضية مما يجب على سفر الحوالي أن يعالج نفسه منها ثم يطلب من إخوانه! المفجرين أن ينتبهوا لها وأن يعودوا إلى جادة الحق فيها .
فإذا كان الثوار خرجوا على عثمان -رضي الله عنه- وهو الخليفة الراشد الثالث، ومع ذلك اخترعوا له أخطاء وضخموا بعض الأخطاء وقتلوه -رضي الله عنه.
وكذلك الخوارج على علي -رضي الله عنه- وهكذا في سلسلة حتى عصرنا الحاضر.
فلا شك أن العدل أساس بقاء الْمُلْك ، ومن أسباب قطع الطريق على الخوارج ، ولكنه ليس العلاج الرئيس كما يموه به دعاة الإصلاح المزعوم وعلى رأسهم سفر الحوالي.
فسفر الحوالي ما زال على معتقده القديم ، ويسعى للسلطة ولكن بذكاء ومكر، واستغلال للأحداث ، وتوظيف الأحداث في صالحه وطريقته الفاسدة.
هذه بعض أهم السلبيات في ذلك البرنامج ويظهر فيه مدى قلب أولئك للحقائق، وخداع المجتمع والعالم ، والظهور بمظهر الإصلاح وما هو والله في الحقيقة إلا الفساد.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
كتبه: أبو عمر أسامة بن عطايا بن عثمان العتيبي
تنبيه : ذكرت الإيجابيات ليستفيد من الرد أكبر عدد ممكن (مراعاة حال المدعوين والمغترين) ، ومن نظر في السلبيات وجد أنها تنسف إيجابياته نسفاً فليتأمل .
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد:
فقد شاهدت عند بعض من أعرفه برنامج "بلا حدود" المعروض على قناة الجزيرة، والذي كان المذيع أحمد منصور يحاور فيه د. محسن العواجي حول أسباب التفجير وعدم تسليم الإرهابيين أنفسهم وما يتعلق بهذا الموضوع .
وحصلت أثناء البرنامج مداخلتان: الأولى: للدكتور سفر الحوالي في الربع الأخير من البرنامج ، والثانية: لسليمان الدويش في السبع دقائق الأخيرة من البرنامج .
وقبل أن أذكر قلب الحقائق عند أولئك أذكر بعض الإيجابيات! في ذلك اللقاء حتى لا يظن البعض أن كلَّ ما قالوه باطل!!
الإيجابيات في البرنامج:
1- دعوة العواجي لاحترام الإنسان ، ومحاولة إيجاد حل جذري للمشكلة (كلام عام).
2- بيان أن جذور مشكلة التكفير والغلو من حرب أفغانستان مع خطئه في أمور سأنبه عليها ستأتي.
3- عندما ذكر سبب عدم تسليم الإرهابيين أنفسهم ذكر سببين أولهما الأيديلوجية التي ينطلقون منها وهو التعطش للتكفير وقتال من يكفرون.
4- دعوته هو والحوالي للإرهابيين بتسليم أنفسهم وأن يرجعوا إلى الصواب وهذه من أهم إيجابيات البرنامج ويشكر عليها.
هذه الجوانب الإيجابية التي رأيتها في حوار العواجي مع أحمد منصور ، مع تخلل كثير من السلبيات أثناء الحوار .
قلب الحقائق عند العواجي والحوالي والدويش:
لقد قلب الدكتور العواجي الحقائق وكتمها ، وحاول التغطية على ما كانت تمارسه الجماعات الجهادية في أفغانستان والقاعدة من غسل لأدمغة الشباب ، والسعي للتدمير في بلادهم ، ووضعه اللائمة على الحكومات .
فقد ذكر الدكتور العواجي أن سبب وجود عمليات التفجير وممارسة التكفير من الإرهابيين الذين فجروا في الرياض وغيرها هو استقبال الأنظمة لمن جاهد في أفغانستان بالسجن والأحكام الجائرة ، والتجريم والتعذيب.
وهذا من الدكتور العواجي إما لعدم معرفته بالواقع وإما لأنه يسير وفق مخطط سري لوضع اللائمة على الحكومات دون المجرمين الحقيقيين .
ولتوضيح هذا أقول:
إن معظم الدول العربية والإسلامية وقفت صفاً واحداً ضد المد الشيوعي والحرب في أفغانستان ، وبذلت تلك الدول أموالاً وقدمت تضحيات من أبنائها لخدمة البلاد الإسلامية تجاه المد الشيوعي الغاشم .
ولكن لوحظ في أواخر أيام الجهاد ومع دخول الطاغية صدام حسين إلى الكويت خروج نابتة من الشباب الجهادي تكفر حكام المسلمين وتدعو إلى الثورة ضد الحكام ، واغتيال المسؤولين .
وقد كنت واحداً ممن ذهب إلى أفغانستان في شهر ذي القعدة عام 1411هـ ، لمدة شهر ، ثم عدت مرة أخرى في شهر صفر عام 1412هـ لمدة شهر تقريباً.
وكنت أتدرب في معسكر الصديق ثم الفاروق وهما تابعان لأسامة بن لادن ، وكانوا في معسكراتهم يكفرون الدولة السعودية -حَرَسَهَا اللهُ- ، وينشرون كتاب "الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية" للمقدسي ، وكثيراً ما يقولون لنا : لابد من إحياء سنة الاغتيالات ، أي اغتيالات المسؤولين في السعودية .
وكانوا لا يسمونها "المملكة العربية السعودية" بل يمنعون من ذلك ويسمونها بـ"الجزيرة" .
وكانوا يدربوننا على وضع المتفجرات ، وعلى كيفية تهريب الأسلحة من المطارات ونحو ذلك من الأمور الفاسدة .
كل ذلك بمباركة من السروريين والقطبيين بل معظم رواد المعسكرات منهم .
وأذكر أننا كنا في معسكر الفاروق جاءنا شيخ اسمه محمد أو عبد الرحمن العجلان ، وكان من مواقفه أن قال لبعض الشباب الجزائريين : لماذا أتيت للجهاد هنا ، اذهب جاهد-أي بالسلاح- في بلدك !!!
وقد صرح واحد من أولئك في مجلة صوت الجهاد المنشورة على الإنترنت بأن أسامة بن لادن ومن كان يؤيده من السروريين كانوا يعدون الشباب للقتال في السعودية -حَرَسَهَا اللهُ-
فهذا هو السبب الحقيقي من وراء التكفير والتفجير ، ووالله إني ذهبت للجهاد في أفغانستان وأعرف شباباً ذهبوا ورجعت ورجعوا ولم يسألهم أحد أين كنتم؟ وليس لنا أي علاقة بالدولة إلا الإقامة على أرضها .
فأين تلك السجون والأحكام الجائرة؟!!
إن الشباب الذين ذهبوا للجهاد ، ووجد منهم من يسعى للتفجير والتخريب ، بل خربوا وأحرقوا بعض المحلات في الرياض ، ومن يجالس من يسعى للتخريب ويدافع عنه هم الذين حقق معهم ، ولقي جزاءه من لقي منهم بما يستحق لا ظلماً ولا عدواناً ، علما بأن الخطأ قد يقع ، ولكن جعله هو السبب فهو من الجهل أو الكذب والافتراء.
فهذه من أشد السلبيات في كلام العواجي.
2- من السلبيات –أيضاً- : جعل الدكتور العواجي المسؤولية عن وجود المفجرين والمكفرين على الحكومة والمؤسسة الدينية والمثقفين!!
ولم يتطرق في حديثه وشرحه إلا للحكومة وقليلاً عن المؤسسة الدينية!
وأغفل هو والحوالي لما ذكر علاج قضية التكفير جوانب كثيرة من المشكلة كتلك الخطب النارية ، والمحاضرات التثويرية التي كان يلقيها سفر الحوالي كشريطه "فستذكرون ما أقول لكم" ، وسلمان العودة كشريطية"صانعوا الخيام" ، "وهموم ملتزمة!" وناصر العمر وبشر البشر وسعيد آل زعير وإبراهيم الدبيان وعبد العزيز القاري وأمثالهم .
وأغفلوا دور رؤوس الخوارج الذين أثروا على عقول شبابنا كأبي محمد المقدسي وأبي قتادة الفلسطيني ، وأبي بصير وأشباههم.
وأغفلوا دور الكتب الفكرية الثورية الداعية للخروج على الحكام والطاعنة على العلماء ككتب سيد قطب وخاصة معالم في الطريق ، وكتاب "وعد كسنجر" ، وكتاب "ظاهرة الإرجاء" كلاهما لسفر الحوالي وكتب صلاح الصاوي والراشد ونحوهم.
وكذلك تقع المسؤولية على الإرهابيين أنفسهم حيث تنكروا لبلادهم وعلمائهم وولاة أمرهم وتبعوا نواعق الشرق والغرب ، وهم ليسوا أطفالاً لم يبلغوا الحلم ، بل هم مسؤولون عن جميع أفعالهم ، وعندهم عقول يفكرون بها فالمسؤلية الرئيسية تكون عليهم وعلى من أغواهم ونفخ فيهم .
3- طعنه السافر في الدعوة الوهابية وفي علمائها ، مع أن الدعوة الوهابية باتفاق المعاصرين من الدعوات الإصلاحية التي أيقظت المجتمع ، وأحيت فيه روح الاجتهاد وعدم الركون إلى التقليد والتبعية العمياء.
وأعادت الناس إلى عقيدة التوحيد الصافية الخالية من الشرك والخرافة
وما حصل من تجاوزات من بعض الأفراد المنتسبين للوهابية مردود عليهم ولا تعاب الدعوة الوهابية بسببهم .
وزعمه أن الملك عبد العزيز -رحمَهُ اللهُ- عانى من الوهابية كذب وباطل ، بل أنصاره من العلماء كانوا من أكبر دعاة الوهابية ، وإنما عانى الملك عبد العزيز من بعض الشباب المتحمس وذوي المصالح الشخصية كفيصل الدويش وسلطان بن بجاد وأشباههما من الجهال وأصحاب الفتن.
فالدعوة الوهابية دعوة إصلاحية قامت عليها الدولة السعودية ولولا أن الله سخر للإمام محمد بن سعود الشيخ محمد بن عبد الوهاب لما قامت الدولة السعودية .
فإن الدولة قامت على نشر الخير والهدى ومحاربة الخرافات والعقول المتحجرة .
وقال الإمام المجدد الملك عبد العزيز -رحمَهُ اللهُ- في خطبة ألقاها بمكة في ذي الحجة عام 1347هـ : "هذه هي العقيدة التي قام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب يدعو إليها ، وهذه هي عقيدتنا ، وهي عقيدة مبنية على توحيد الله -عزَّ وجلَّ- خالصة من كل شائبة ، مُنَزَّهَة من كل بدعة ، فعقيدة التوحيد هذه، هي التي ندعو إليها ، وهي التي تنجينا مما نحن فيه من محن وأوصاب" انظر: المصحف والسيف(ص/85-86) .
وكذلك طعن سلمان العودة في الوهابية حيث قال في برنامج ساعة حوار في قناة المجد بتاريخ 24 / 7 1424 هـ : [الدعوه الوهابية والدعوات السلفية لم تواكب الواقع الذي تعيش فيه ].
4- طعنه هو وسليمان الدويش في العلماء ووصفهم بالرسميين!!
ولا أدري ما العيب في كون العلماء رسميين؟!!
فهذا طعن في كل من يعينه الرؤساء من علماء لكونهم رسميين!!
وهذا جهل عريض .
فالعالم إنما يمدح بمقدار موافقته للحق والصواب ، ويذم بمقدار مخالفته للحق
وليس بكونه رسميا أو غير رسمي .
فهؤلاء العلماء الرسميون لم نر منهم تحريضا على العنف ، ولا قلباً للحقائق كما يمارسه –بشدة- دعاة الإصلاح!!
5- لَمَّا سئل الدكتور العواجي عن مرجعية الشباب المفجرين والمكفرين ما كان من العواجي إلا قلب الحقائق كما جرت به العادة!!
حيث قال مبيناً سبب التفجير والتكفير من هؤلاء الشباب هو "ضياع المرجعية"!!
فهذا باطل ، بل أولئك لهم مرجعية ، ولهم شيوخ يسألونهم ويستفتونهم ، ويحرضونهم على ما هم فيه من فساد وإفساد ومنهم : علي الخضير وحمود الشعيبي وناصر الفهد ، وأبو محمد المقدسي ، وأبو قتادة ، وأبو بصير .
ومن ورائهم يغطون عليهم ، ويصرفون النظر عنهم دعاة الإصلاح المزعوم كسفر وسلمان والعواجي والطريري وغيرهم.
6- من السلبيات –أيضاً- : إضفاء الشرعية على جمعية الحقوق التي أسسها المسعري وحاكمت الدولة السعودية -حَرَسَهَا اللهُ- أعضاءها ومنهم العواجي!
فيظهر أن العواجي حنَّ إلى السابق ، وما زال يذكر جمعيته بخير.
وجاء إضفاء الشرعية على جمعية الحقوق في كلام العواجي لَمَّا ذكر أن الفتاوى الرسمية لا يعول عليها وذكر أمثلة منها جمعية الحقوق فقد حرمها العلماء على المسعري والعواجي وأباحوها للدولة!!
وهذا تلبيس من الدكتور العواجي –هداه الله- فإن العلماء إنما حرموا جمعية حقوق المسعري لما فيها من الباطل والافتئآت على ولي الأمر ، وإنشاء دولة داخل دولة!
أما إذا قامت الحكومة نفسها بذلك فهي صاحبة الأمر وهي الدولة فليس فيها المحظورات التي كانت في جمعية المسعري.
7- شكك سليمان الدويش في كون الخوارج هم وراء التكفير ، وأنكر وجود خلايا إرهابية في الأحياء السكنية –والواقع يكذبه- ، وأنكر على الدولة طريقتها في التعامل مع العنف ولم يذكر أسباب تطرف أولئك الشباب حقيقة كما سبق بيانه.
8- ذكر الدكتور سفر الحوالي قضية التكفير ومعالجتها بأمور منها: إلغاء القوانين الوضعية وتغيير المنكرات ومحاسبة أصحاب الأقلام الصحفية المسيئة للإسلام ، وإلغاء المخالفات الشرعية ومقاومة الضغوط على الدولة .
وذكر من طرق معالجة التكفير إلغاء الدمج وعودة ما تغير من المناهج ، وتخفيض الأسعار ، ومعالجة البطالة ، وعدم احتكار الوظائف العليا .
ولكنه أغفل أهم نقطة لعلاج قضية التكفير وخروج هؤلاء الخوارج وهي : بيان حرمة الخروج على ولي الأمر ووجوب طاعته بالمعروف ولو فعل جميع ما سبق حتى يظهر منه الكفر البواح الذي فيه عندنا من الله برهان .
فهذه القضية مما يجب على سفر الحوالي أن يعالج نفسه منها ثم يطلب من إخوانه! المفجرين أن ينتبهوا لها وأن يعودوا إلى جادة الحق فيها .
فإذا كان الثوار خرجوا على عثمان -رضي الله عنه- وهو الخليفة الراشد الثالث، ومع ذلك اخترعوا له أخطاء وضخموا بعض الأخطاء وقتلوه -رضي الله عنه.
وكذلك الخوارج على علي -رضي الله عنه- وهكذا في سلسلة حتى عصرنا الحاضر.
فلا شك أن العدل أساس بقاء الْمُلْك ، ومن أسباب قطع الطريق على الخوارج ، ولكنه ليس العلاج الرئيس كما يموه به دعاة الإصلاح المزعوم وعلى رأسهم سفر الحوالي.
فسفر الحوالي ما زال على معتقده القديم ، ويسعى للسلطة ولكن بذكاء ومكر، واستغلال للأحداث ، وتوظيف الأحداث في صالحه وطريقته الفاسدة.
هذه بعض أهم السلبيات في ذلك البرنامج ويظهر فيه مدى قلب أولئك للحقائق، وخداع المجتمع والعالم ، والظهور بمظهر الإصلاح وما هو والله في الحقيقة إلا الفساد.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
كتبه: أبو عمر أسامة بن عطايا بن عثمان العتيبي
تنبيه : ذكرت الإيجابيات ليستفيد من الرد أكبر عدد ممكن (مراعاة حال المدعوين والمغترين) ، ومن نظر في السلبيات وجد أنها تنسف إيجابياته نسفاً فليتأمل .