المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آداب قضاء الحاجة والسواك وخصال الفطرة للشيخ العلامة صالح الفوزان


كيف حالك ؟

قاسم علي
04-27-2005, 06:16 PM
آداب قضاء الحاجة

اعلم وفقني الله وإياك وجميع المسلمين أن ديننا كامل متكامل، ما ترك شيئا مما يحتاجه الناس في دينهم ودنياهم؛ إلا بينه، ومن ذلك آداب قضاء الحاجة؛ ليتميز الإنسان الذي كرمه الله عن الحيوان بما كرمه الله به؛ فديننا دين النظافة ودين الطهر؛ فهناك آداب شرعية تفعل عند دخول الخلاء وحال قضاء الحاجة‏.‏

فإذا أراد المسلم دخول الخلاء - وهو المحل المعد لقضاء الحاجة -؛ فإنه يستحب له أن يقول‏:‏ بسم الله، أعوذ بالله من الخبث والخبائث‏.‏ ويقدم رجله اليسرى حال الدخول، وعند الخروج يقدم رجله اليمنى، ويقول‏:‏ غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني‏.‏ وذلك لأن اليمنى تستعمل فيما من شأنه التكريم والتجميل، واليسرى تستعمل فيما من شأنه إزالة الأذى ونحوه‏.‏

وإذا أراد أن يقضي حاجته في فضاء - أي‏:‏ في غير محل معد لقضاء الحاجة - فإنه يستحب له أن يبعد عن الناس؛ بحيث يكون في مكان خال، ويستتر عن الأنظار بحائط أو شجرة أو غير ذلك، ويحرم أن يستقبل القبلة أو يستدبرها حال قضاء الحاجة، بل ينحرف عنها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة،(10) وعليه أن يتحرز من رشاش البول أن يصيب بدنه أو ثوبه، فيرتاد لبوله مكانا رخوا، حتى لا يتطاير عليه شيء منه‏.‏

ولا يجوز له أن يمس فرجه بيمينه، وكذلك لا يجوز له أن يقضي حاجته في طريق الناس، أو في ظلهم، أو موارد مياههم؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛(11) لما فيه من الإضرار بالناس وأذيتهم‏.‏

ولا يدخل موضع الخلاء بشيء فيه ذكر الله عز وجل أو فيه قرآن، فإن خاف على ما معه مما فيه ذكر الله؛ جاز له الدخول به، ويغطيه‏.‏ ولا ينبغي له أن يتكلم حال قضاء الحاجة؛ فقد ورد في الحديث أن الله يمقت على ذلك،(12) ويحرم عليه قراءة القرآن‏.‏

فإذا فرغ من قضاء الحاجة؛ فإنه ينظف المخرج بالاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالأحجار أو ما يقوم مقامها، وإن جمع بينهما؛ فهو أفضل، وإن اقتصر على أحدهما؛ كفى‏.‏

والاستجمار يكون بالأحجار أو ما يقوم مقامها من الورق الخشن والخرق ونحوها مما ينقى المخرج وينشفه، ويشترط ثلاث مسحات منقية فأكثر إذا أراد الزيادة‏.‏

ولا يجوز الاستجمار بالعظام ورجيع الدواب - أي‏:‏ روثها - لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك،(13) وعليه أن يزيل أثر الخارج وينشفه؛ لئلا يبقى شيء من النجاسة على جسده، ولئلا تنتقل النجاسة إلى مكان آخر من جسده أو ثيابه‏.‏

قال بعض الفقهاء‏:‏ إن الاستنجاء أو الاستجمار شرط من شروط صحة الوضوء لا بد أن يسبقه، فلو توضأ قبله؛ لم يصح وضوؤه، لحديث المقداد المتفق عليه‏:‏ ‏(‏يغسل ذكره، ثم يتوضأ‏)‏

قال النووي‏:‏ والسنة أن يستنجي قبل الوضوء، ليخرج من الخلاف، ويأمن انتقاض طهره‏.‏

أيها المسلم ‏!‏ احرص على التنزه من البول؛ فإن عدم التنزه منه من موجبات عذاب القبر؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏استنزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه‏)‏ رواه الدارقطني، قال الحافظ‏:‏ ‏"‏ صحيح الإسناد، وله شواهد، وأصله في ‏"‏ الصحيحين ‏"‏‏.‏

أيها المسلم‏!‏ إن كمال الطهارة يسهل القيام بالعبادة، ويعين على إتمامها وإكمالها والقيام بمشروعاتها‏.‏

روى الإمام أحمد رحمه الله عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ‏(‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الصبح، فقرأ الروم فيها، فأوهم، فلما انصرف؛ قال‏:‏ إنه يلبس علينا القرآن، إن أقواما منكم يصلون معنا لا يحسنون الوضوء، فمن شهد الصلاة معنا؛ فليحسن الوضوء‏)‏ وقد أثنى الله على أهل مسجد قباء بقوله‏:‏ ‏{‏فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ‏}‏ ولما سئلوا عن صفة هذا التطهر؛ قالوا‏:‏ ‏(‏إنا نتبع الحجارة الماء‏)‏ رواه البزار‏.‏

وهنا أمر يجب التنبيه عليه، وهو أن بعض العوام يظن أن الاستنجاء من الوضوء، فإذا أراد أن يتوضأ؛ بدأ بالاستنجاء، ولو كان قد استنجى سابقا بعد قضاء الحاجة، وهذا خطأ؛ لأن الاستنجاء ليس من الوضوء، وإنما هو من شروطه؛ كما سبق، ومحله بعد الفراغ من قضاء الحاجة، ولا داعي لتكراره من غير وجود موجبه - وهو قضاء الحاجة وتلوث المخرج بالنجاسة‏.‏

أيها المسلم‏!‏ هذا ديننا دين الطهارة والنظافة والنزاهة، أتى بأحسن الآداب وأكرم الأخلاق، استوعب كل ما يحتاجه المسلم، وكل ما يصلحه، ولم يغفل شيئا فيه مصلحة لنا؛ فلله الحمد والمنة، ونسأله الثبات على هذا الدين، والتبصر في أحكامه، والعمل بشرائعه، مع الإخلاص لله في ذلك، حتى يكون عملنا صحيحا مقبولا‏.‏
السواك وخصال الفطرة

روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال‏:‏ ‏(‏السواك مطهرة للفم مرضاة للرب‏)‏ رواه أحمد وغيره‏.‏

وثبت في ‏"‏ الصحيحين ‏"‏ عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏خمس من الفطرة‏:‏ الاستحداد، والختان، وقص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر‏)‏

وفي ‏"‏ الصحيحين ‏"‏ أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا‏:‏ ‏(‏أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى‏)‏ من هذه الأحاديث وما جاء بمعناها أخذ الفقهاء الأحكام التالية‏:‏

مشروعية السواك، وهو استعمال عود أو نحوه في الأسنان واللثة، ليذهب ما علق بهما من صفرة ورائحة‏.‏ وقد ورد أنه من سنن المرسلين؛(14) فأول من استاك إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه مطهرة للفم؛ أي‏:‏ منظف له مما يستكره، وأنه مرضاة للرب؛ أي‏:‏ يرضي الرب تبارك وتعالى، وقد ورد في بيانه والحث عليه أكثر من مائة حديث، مما يدل على أنه سنة مؤكدة، حث الشارع عليه، ورغب فيه، وله فوائد عظيمة، من أعظمها وأجمعها ما أشار إليه في هذا الحديث‏:‏ أنه مطهرة للفم مرضاة للرب‏.‏ ويكون التسوك بعود لين من أراك أو زيتون أو عرجون أو غيرها مما لا يتفتت ولا يجرح الفم‏.‏

ويسن السواك في جميع الأوقات، حتى للصائم في جميع اليوم، على الصحيح، ويتأكد في أوقات مخصوصة؛ فيتأكد عند الوضوء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لولا أن أشق على أمتي؛ لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء‏)‏ فالحديث يدل على تأكد استحباب السواك عند الوضوء ويكون ذلك حال المضمضة؛ لأن ذلك أبلغ في الإنقاء وتنظيف الفم، ويتأكد السواك أيضا عند الصلاة فرضا أو نفلا؛ لأننا مأمورون عند التقرب إلى الله أن نكون في حال كمال ونظافة؛ إظهارا لشرف العبادة، ويتأكد السواك أيضا عند الانتباه من نوم الليل أو نوم النهار؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل؛ يشوص فاه بالسواك، والشوص‏:‏ الدلك، وذلك لأن النوم تتغير معه رائحة الفم؛ لتصاعد أبخرة المعدة، والسواك في هذه الحالة ينظف الفم من آثارها، ويتأكد السواك أيضا عند تغير رائحة الفم بأكل أو غيره، ويتأكد أيضا عند قراءة قرآن؛ لتنظيف الفم وتطييبه لتلاوة كلام الله عز وجل‏.‏

وصفة التسوك أن يمر المسواك على لثته وأسنانه؛ فيبتدئ من الجانب الأيمن إلى الجانب الأيسر، ويمسك المسواك بيده اليسرى‏.‏

ومن المزايا التي جاء بها ديننا الحنيف خصال الفطرة التي مر ذكرها في الحديث، وسميت خصال الفطرة؛ لأن فاعلها يتصف بالفطرة التي فطر الله عليها العباد، وحثهم عليها، واستحبها لهم؛ ليكونوا على أكمل الصفات وأشرفها، وليكونوا على أجمل هيئة وأحسن خلقة، وهي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع، وهذه الخصال هي‏:‏

1 - الاستحداد‏:‏ وهو حلق العانة، وهي الشعر النابت حول الفرج، سمي استحدادا؛ لاستعمال الحديدة فيه، وهي الموسى، وفي إزالته تجميل ونظافة؛ فيزيله بما شاء من حلق أو غيره‏.‏

2- الختان‏:‏ وهو إزالة الجلدة التي تغطي الحشفة حتى تبرز الحشفة، ويكون زمن الصغر؛ لأنه أسرع برأ، ولينشأ الصغير على أكمل الأحوال‏.‏ ومن الحكمة في الختان تطهير الذكر من النجاسة المتحقنة في القلفة وغير ذلك من الفوائد‏.‏

3- قص الشارب وإحفاؤه وهو المبالغـة في قصه؛ لما في ذلك من التجميل والنظافة ومخالفة الكفار‏.‏ وقد وردت الأحاديث في الحث على قصه وإحفائه وإعفاء اللحية وإرسالها وإكرامها؛ لما في بقاء اللحية من الجمال ومظهر الرجولة، وقد عكس كثير من الناس الأمر؛ فصاروا يوفرون شواربهم ويحلقون لحاهم أو يقصونها أو يحاصرونها في نطاق ضيق؛ إمعانا في المخالفة للهدي النبوي، وتقليدا لأعداء الله ورسوله، ونزولا عن سمات الرجولة والشهامة إلى سمات النساء والسفلة، حتى صدق عليهم قول الشاعر‏:‏

يقضى على المرء في أيام محنته ** حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن

وقول الآخر‏:‏

ولا عجب أن النساء ترجلت ** ولكن تأنيث الرجال عجيب

4- ومن خصال الفطرة‏:‏ تقليم الأظافر، وهو قطعها؛ بحيث لا تترك تطول؛ لما في ذلك من التجميل وإزالة الوسخ المتراكم تحتها، والبعد عن مشابهة السباع البهيمية، وقد خالف هذه الفطرة النبوية طوائف من الشباب المتخنفس والنساء الهمجيات؛ فصاروا يطيلون أظافرهم؛ مخالفة للهدي النبوي، وإمعانا في التقليد الأعلى‏.‏

5- ومن خصال الفطرة‏:‏ نتف الإبط - أي‏:‏ إزالة الشعر النابت في الإبط -، فيسن إزالة هذا الشعر بالنتف أو الحلق أو غير ذلك، لما في إزالة هذا الشعر من النظافة وقطع الرائحة الكريهة التي تتضاعف مع وجود هذا الشعر‏.‏

أيها المسلم‏!‏ هكذا جاء ديننا بتشريع هذه الخصال؛ لما فيها من التجمل والتنظف والتطهر؛ ليكون المسلم على أحسن حال وأجمل مظهر؛ مخالفا بذلك هدي المشركين، ولما في بعضها من تمييز بين الرجال والنساء؛ ليبقى لكل منهما شخصيته المناسبة لوظيفته في الحياة، لكن؛ أبى كثير من المخدوعين، الذين يظلمون أنفسهم، فأبوا إلا مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم، واستيراد التقاليد التي لا تتناسب مع ديننا وشخصيتنا الإسلامية، واتخذوا من سفلة الغرب أو الشرق قدوة لهم في شخصيتهم؛ فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، بل استبدلوا الخبيث بالطيب، والكمال بالنقص؛ فجنوا على أنفسهم وعلى مجتمعهم، وجاءوا بسنة سيئة، باءوا بإثمها وإثم من عمل بها تبعا لهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‏.‏
اللهم وفق المسلمين لإصلاح أعمالهم وأقوالهم، وارزقهم الإخلاص لوجهك الكريم، والتمسك بسنة نبيك صلى الله عليه وسلم‏.‏
من كتاب المخلص الفقهي

السني1
04-27-2005, 06:24 PM
جزاك الله خيرا أخانا قاسم علي

وجعله في ميزان حسناتك

قاسم علي
04-27-2005, 07:49 PM
جزاك الله خيرا أخي الفاضل السني

قاسم علي
01-24-2006, 04:30 PM
الررررررررفع

12d8c7a34f47c2e9d3==