المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسلوب التأليف تقريره ومن يستعمل في حقه


كيف حالك ؟

salaf
04-15-2005, 10:18 PM
"قد يحتاج الداعية حين سلوك دعوته أن يتألف أناسا لقبول دعوته والعمل بما يأمر به وترك ما ينهى عنه فيحتاج إلى تقريب أمره إلى قلوبهم واستمالتها نحو إتباع الحق وقد يحتاج إلى دفع شر يوشك حصوله وذلك لمصلحة الدين لا إتباعا للنفس والهوى .
وقد سلك النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوب رجاء قبول الحق وإتباعه فلما قسم النبي صلى الله عليه وسلم أموال هوزان قال رجال من الأنصار يغفر الله لرسول الله يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {فإنني لأعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم ألا ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعون إلى رحالكم برسول الله ؟ فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به }
وكان يقول صلى الله عليه وسلم {والله لوسلك الناس واديا وسلك الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار }
وكان يقول صلى الله عليه وسلم {الأنصار شعار والناس دثار ولولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار }
وفي حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ما يدل على هذا الأسلوب النبوي الحكيم حيث أعطى رهطا وسعد جالس فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا قال عنه سعد هو أعجبهم إلي فأعاد سعد على النبي صلى الله عليه وسلم أمر هذا الرجل حتى قال صلى الله عليه وسلم {يا سعد إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه أن يكبه الله في النار }
قال الحافظ بن حجر- رحمه الله -
ومحصل القصة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يوسع العطاء لمن اظهر الإسلام تالفا )
وقد بوب البخاري - رحمه الله - بابا في صحيحه على الأسلوب النبوي الكريم حيث قال :[ باب الدعاء للمشركين ليتألفهم ] وأورد تحته : أن طفيل بن عمرو الدوسي قدم هو وأصحابه على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا :يا رسول الله إن دوسا عصت وأبت فادعُ الله عليها فقيل هلكت دوس فقال النبي صلى الله عليه وسلم {اللهم اهد دوسا وائت بهم }
وكان النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الباب يقول {الأنصار ومزينة وجهينة وغفار وأشجع ومن كان من بني عبد الله مواليّ دون الناس والله ورسوله مولاهم }
وكان يقول صلى الله عليه وسلم {أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها }
وإذا قال قائل يشكل على ما أوردته من تأليف النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء لهم ما صح عنه أنه قنت شهرا يدعو على أحياء من العرب فالجواب - والله اعلم - انه دعا لمن يرجى إسلامه منهم وحيث ينفع الدعاء ودعا على آخرين حيث لا ينفع فيهم الدعاء .
وساق شيخ الإسلام بن تيمية - رحمه الله - بعض الأحوال المتصلة بالعبادات والتي تراعى في باب تأليف القلوب حيث يقول في الصلاة النافلة :
"وان كان الرجل مع قوم يصلونها [ أي الصلاة قبل الجمعة ] فان كان مطاعا إذا تركها وبيّن لهم السنة لم ينكروا عليه بل عرفوا السنة فتركها حسن , وان لم يكن مطاعا ورأى أن في صلاتها تأليفا لقلوبهم إلى ما هو أنفع أو دفعا للخصام والشر لعدم التمكن من بيان الحق لهم وقبولهم له ونحو ذلك فهذا أيضا حسن" الفتاوى {24/194}
ويقول - رحمه الله -: "ولذلك استحب الأئمة احمد وغيره أن يدع الإمام ما هو عنده أفضل إذا كان فيه تأليف المؤمنين " {24 /195 }
ويقول:"وكذلك لو كان ممن يرى المخافتة بالبسملة أفضل أو الجهر بها, وكان المأمومون على خلاف رأيه ففعل المفضول عنده لمصلحة الموافقة والتأليف التي هي راجحة على مصلحة تلك الفضيلة كان جائزا حسنا " {24 /195- 196 }
ومن خلال ما سبق ذكره من الأحاديث العظيمة وكلام أهل العلم في هذا الأسلوب النبوي يتضح ضرورة التزام الداعية بهذا المسلك النبوي وان يكون على علم بهذه الناحية والطريقة الحكيمة التي بها يصل إلى هدفه وذلك من خلال العطاء المالي عند الاستطاعة والقدرة أو بالكلمة الطيبة والمدح والثناء بما هو خير او بترك الفاضل والعدول إلى المفضول إذا كان في هذا مصلحة راجحة على ذلك الفاضل .
ولا يعني هذا أن يوسع في باب التأليف حتى يرتكب المؤِلف أمرا محرما فان هذا تأليف مذموم ليس عليه دليل ولا سلطان من كتاب الله - عزّ وجل- وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بل قامت الأدلة الشرعية على إلقائه وعدم اعتباره فلا يجوز أن يُرتكب ما حرم الله عزّ وجل أو أن يسكت عنه وعن بيانه للناس للمسلمين بحجة تأليف القلوب واستمالتها فبيان الحق شيء والحكمة في الدعوة والأسلوب الحسن فيها شيء آخر وهذا هو الواجب في حق الداعية.
وأما السكوت عن الباطل بحجة التأليف فلا يجوز ذلك أبدا والأدهى من ذلك والأمر أن يصل هذا إلى أصول الدين ومسائل العقيدة بحيث يسكت عنها بحجة التأليف والتجميع وهذا - والله - منهج سقيم مخالف للمنهج السلفي المستقيم."

انتهى من كتاب أسس منهج السلف في الدعوة إلى الله ص [155-157]

تأليف فواز بن هليل بن رباح السحيمي
قدّم له سماحة العلامة صالح بن فوزان الفوزان
فضيلة الشيخ عبيد بن عبد الله الجابري
فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي
فضيلة الشيخ صالح بن عبد الله الحديثي

12d8c7a34f47c2e9d3==