المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ترجمه موجزه لفضيلة العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ


كيف حالك ؟

أبو القاسم السلفي
04-06-2005, 10:34 PM
الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ



سماحة العلامة الكبير الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب الإمام العلامة والحبر البحر الفهامة رئيس قضاة المملكة الغربية السعودية وفقيهها عالم عصره وعلامة مصره.

ولد في مدينة الرياض في اليوم السابع عشر من شهر محرم ستة احدى عشرة وثلاث مائة وألف من الهجرة.

وكان مولده في بيت علم وفضل وزعامة دينية فنشأ على عادة أهله وآبائه محبا للعلم طموحا إلى الفضل وكان والده العلامة الشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف يومئذ هو قاضي مدينة الرياض.

فهو من أكابر علماء نجد ومشاهير هم فاحتذى الابن سنة أبيه فمن حين بلغ السابعة من عمره شرع يتعلم القرآن الكريم في كتاب للمقرئ عبد الرحمن ابن مفريج فأتم قراءته وإجادته ثم شرع في حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب فما بلغ الحادية عشرة حتى أتمه حفظا.

ثم شرع في طلب العلم فأخذ في القراءة على أبيه وعلى عمه علامة نجد في زمنه الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف وقراءته الأولى في التوحيد وأصول العقيدة قراءة حفظ وتفهم ثم قراء مختصرات كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومختصرات كتب شيخ الإسلام بن تيمية وابن القيم كالواسطية والحموية وكذلك عنى بمختصرات النحو والفرائض كالأجرومية والرحبية.

وكف بصره وهو في الرابعة عشرة من عمره فصبر واحتسب ولم يثنه عن عزمه وتصميمه في طلب العلم فقد زاد هيامه في تحصيله وقضى أيام حياته في ادراكه فشرع في القراءة على علماء الرياض زيادة على القراءة على عمه وأبيه فشرع في قراءة التفسير والحديث وأصولها على الشيخ سعد ابن عتيق وفي النحو وعلوم العربية على الشيخ حمد بن فارس وفي المطولات من كتب الفرائض على الشيخ عبد الله بن راشد بن جلعود فأدرك في كل هذه العلوم ادراكا جيدا.

وتوفي والده عام 1329هـ فصار لإخوته الصغار كالأب في الحنو والشفقة وجعل من أخيه الشيخ عبد اللطيف مرافقا له في الذهاب والإياب ومعينا له في تحضير المسائل وإعداد الدروس فاستفاد كل منهما من أخيه، ولم يزل على حاله في الاشتغال بالعلم وصرف جميع أوقاته في تحصيله حتى أدرك في زمن قصير ما لم يدركه الكبار في الزمن الطويل وصار عين تلاميذ عمه العلامة الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف.

ولما مرض عمه وثقل عليه المرض دل جلاله الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود على أخيه المترجم له وأشار إلى علمه وعقله وبعد نظره وحسن إدراكه فلما توفي الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف كان المترجم له قد بلغ أشده وارتقت مداركه واتسعت معلوماته وعلا ذكره وذاع صيته فخلف عمه في الزعامة الدينية والرياسة العلمية وتولى ما كان يقوم به عمه من التدريس والإفتاء وإمامة الجامع والخطابة والتصدر في مجالس العلم فالتف حوله الطلاب وشرعوا في القراءة عليه والاستفادة منه، كما أن جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله رأى فيه الكفاية والسداد ليكون مستشارا شرعيا له في توليه القضاء وإبداء الرأي في الأمور الشرعية، ولقد كان من أكبر المساهمين في دحض شبه غلاة البادية فرد شبههم وأبطل حججهم وبين طريق الحق والرشاد.

ولقد قام بهذه الوظائف الدينية والعلمية أحسن قيام وأتمه لا سيما الدروس فإنه شغل جل وقته في تعليمه وتلقينه لطلابه على اختلاف مراتبهم وتباعد درجاتهم فكان يجلس في مسجد الشيخ عبد الله ابن عبد اللطيف الذي هو في حي دخنة بعد صلاة الصبح لصغار الطلاب فيدرسون عليه مبادئ النحو في الأجرومية ثم يأتي بعدهم المتوسطون في العمر ثم يأتي بعدهم الكبار بالألفية وكل واحد من هذه الطوائف الثلاث يعطيه ما يناسبه من المسائل والبحث والدرس.

فإذا انتهت دروس النحو شرع في دروس الفقه فأخذ الطلاب يقرأون عليه مختصر المقنع عن ظهر قلب ثم شرع في شرحه وبيان معانيه ثم يعيدون الدرس بعد شرحه بقراءة أحدهم واستماع الباقين وهو يقاطع القارئ بشرح جمله وتعليل أحكامه وإلحاق فائدة لما هو عليه من سعة في الفقه وجودة استحضار وغزارة مادة فلا ينتهون من هذه القراءة إلا وقد أشبع رغبات الطلاب بما أزاح من الإشكالات وأوضح من المعاني وصور من المسائل وزاد من الفوائد وبعد انتهائهم من درس الفقه يشرعون في درس الحديث

وهكذا قد فرغ كل أوقاته وصرف جميع حالاته في خدمة العلم وتحصيله ونشره.

ومن هذا الإقبال العظيم على العلم والانصراف إلى مراجعته وتدريس وسماع هذه الكتب النافعة والأسفار المفيدة تدرك السر في سعة علمه وكثرة تحصيله ومدى اطلاعه فإنه لبث على الحال منذ توفي عمه عام 1339هـ حتى عام 1380هـ حينما أسندت إليه كبار الأعمال وتعددت مسئولياته وكثرت مشاغله كما أن هذه الهمة الكبيرة في العلم والرغبة الملحة في نشره وتعليمه صار لها أثر كبير في حياته فقد نبغ على يديه كبار العلماء وتخرجت عليه أفواج لا تحصى من طلاب العلم والذين نعرفهم من تلاميذه الكبار النابهين هم:

1- الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله مفتي المملكة العربية السعودية سابقا.

2- الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد رئيس مجلس الشورى.

3- الشيخ عبد الرحمن بن قاسم صاحب المؤلفات وجامع فتاوى شيخ الإسلام بن تيمية.

4- الشيخ عبد الله بن محمد القرعاوى الداعية الإسلامي في حنوب المملكة العربية السعودية.

5- الشيخ عبد العزيز بن ناصر بن رشيد.

6- الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ.

7- الشيخ عبد الملك بن إبراهيم آل الشيخ.

8- الشيخ عبد العزيز بن محمد آل الشيخ.

9- الشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ.

10- الشيخ سليمان بن عبيد

11- الشيخ عبد الله بن دهيمش.

12- الشيخ عبد الله بن سليمان المسعري.

13- الشيخ حمد الجاسر.

14- الشيخ محمد بن هليل

15- الشيخ عبد الله بن يوسف الوائلى.

16- الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن حسن آل الشيخ.

17- الشيخ حمد بن محمد بن فريان.

18- الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن فريان.

19- الشيخ راشد بن صالح بن خنين

20- الشيخ زيد بن فياض .

21- الشيخ سعود بن رشود رئيس .

22- الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ.

23- الشيخ عبد الرحمن بن فارس .

وغير هؤلاء كثير فهو شيخ الوقت ومرجع العلماء ومقصد الطلاب فقد تجشموا الأسفار الطويلة للأخذ عنه والاستفادة منه.

مؤلفاته:

ما كتبه من مؤلفات ليست هي على قدر علمه بل هي أقل من مستواه العلمي فهي رسائل وردود ولا تكون مقياس لما يحمله من علم ولا ما بذله من نشاط في سبيل نشره فإنه من مشاهير العلماء وذوى الاطلاع الواسع.

أعماله:

إن أول حياته صرف همته في العلم تعليما وانه مع قيامه بالتدريس والوعظ والإرشاد والتوجيه فهو رئيس قضاة نجد في أعمالهم القضائية وغيرها من الشئون الشرعية، هكذا كان فلما من الله تعالى على هذه الدولة بينابيع الخير وكثرت موارد المال لديها أخذت في تطوير البلاد في شتى المرافق والمصالح وشرعت في النهوض ببلادها والرقي في شعبها وتقديم كل وسائل الإصلاح له فصار للمترجم له نصيب كبير من المشاركة في تحمل هذه الأعباء الجسام والمسئوليات الكبيرة لما له من الثقة العظيمة في نفوس الجهات العليا وأعلاهم جلالة الملك ومن تلك الأعمال ما يلي:

أولا: شكلت المحاكم الشرعية في نجد والمنطقة الشرقية وأسست الدوائر الشرعية فكان رئيسها المتولي الإشراف عليها وعلى أعمالها وبعد وفاة سماحة رئيس القضاة في الحجاز الشيخ عبد الله بن حسن وحدت المحاكم في المملكة فصار هو رئيس القضاة العام في المملكة العربية السعودية فنظم المحاكم وعين القضاة وأشرف على أعمالهم.

ثانيا: لما قصرت الدراسة في العلوم الشرعية والعربية على طريق الأول في المساجد على العلماء استبدلتها الحكومة بإنشاء معاهد دينية مهمتها تخريج علما في الشريعة الإسلامية والعلوم العربية فأنشأت لهم كليتى الشريعة واللغة العربية وكان المترجم له الرئيس العام لها والمشرف عليها وعلى سير أعمالها الإدارية والدراسية.

ثالثا: لما كان لدعوة التضامن الإسلامي صدى لفت أنظار الأمة الإسلامية إلى المملكة العربية السعودية مهبط الوحي ومبعث نور الهداية فاقتضت مصلحة الدعوة إلى تضامن المسلمين وترابطهم إلى إنشاء رابطة العالم الإسلامي فكان المترجم له هو رئيس المجلس التأسيسي فيها وهو المرجع العام لها.

رابعا: كان التعليم فيما مضي مقتصرا على البنين فقط إلا ما كان من مدارس أهلية بسيطة فأرادت الحكومة الرشيدة السنية إنشاء مدارس للبنات وإعطاء هذا الجنس حقه من العلم والمعرفة ولخطورة هذه الخطوة والتخوف منها فقد أسندت إنشاءها وتولى أمورها المترجم له رحمه الله فقام بها أحسن قيام وحصل للفتاة السعودية أكبر نصيب من العلم مع الحفاظ على الحشمة والتقاليد الإسلامية.

خامسا: الدعوة الإسلامية الصحيحة ونداء المسلمين إلى الرجوع إلى دينهم الصحيح هو جل ما تعنى به حكومتنا السنية أيدها الله، فكانت تبذل في هذا المضمار كل من شأنه تبصرة المسلمين وغير المسلمين بالدين الإسلامي ومن هذه الجهود إنشاء الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة فأنشأتها وجعلت الدراسة الأكثرية لغير السعوديين فكان المترجم له هو المشرف على تأسيسها والرئيس العام لها.

سادسا: أنشأ دار الإفتاء فجعل معه من خيرة العلماء فكانت الفتاوى الرسمية الشرعية تصدر على هذه الدار وكانت تقوم مع ذلك بالأشراف على طباعة الكتب ونشر المؤلفات وتوزيعها مجانا لنشر العلم وتيسير سبله وكان هو المفتى الأول في البلاد ومرجع هذه الأعمال.

وفاته:

ناهز الثمانين من عمره وهو في نشاطه وفي أعماله ومهام منصبه، ثم أصيب بمرض عضال فسافر من أجل علاجه إلى لندن مرتين وعاد في المرة الثانية وقد أثقله المرض وبعد الظهر من يوم الأربعاء وفي اليوم الرابع والعشرين من شهر رمضان عام 1389هـ، انتقل إلى رحمة الله تعالى فصلى عليه بعد صلاة العصر في جامع الرياض الكبير وكان الجمع حاشدا والزحام شديدا حيث خرجت الأمة كلها لتشييع الفقيد وكان على رأس المشيعين جلالة الملك فيصل وفيهم الأمراء والعلماء والوزراء والأعيان ودفن في مقبرة الرياض المسماة العود وحضر العزاء في بيت الفقيد صاحب الجلالة الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود وأبدى أسفه الشديد على الفقيد وظهر أثر ذلك على جلالته وترحم عليه وأثنى عليه وذكر خسارة البلاد بوفاته وواسى أفراد أسرته والحاضرين من العلماء على عادته حفظه الله في تقدير الموقف ومعرفة الرجال.

والحقيقة أن الشعب هزته وفاته وأصيب أفراده جميعا بالفزع لفقده ورأوا أنهم فقدوا شخصية كبيرة غالية من أعز أبناء البلاد لا سيما أهل العلم الذين يرون فيه الوالد والشيخ والرئيس والمرجع، فقد اشتد عليهم الأمر ورجعوا إلى القول المأثور : أنا لله وإنا إليه راجعون، يرددونه بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره وصار الناس يعزى بعضهم البعض لاشتراكهم في المصيبة.

ولا شك أن البلاد السعودية فقدت بموته شخصية كبيرة في علمها وعملها ومركزها ومقامها. ولذا فقد انهالت القصائد والكلمات في رثائه والتأسف والثناء عليه وتعديد مناقبه وأعماله وخصصت بعض المجلات والصحف أعدادا لمناسبة وفاته، ونختار من تلك

وخلف الشيخ أربعة أبناء هم سماحة الشيخ عبد العزيز و معالي الشيخ إبراهيم وأحمد وعبد الله، فرحمه الله تعالى وأجزل له الأجر والمثوبة، وجعل في عقبه الخير والبركة.

12d8c7a34f47c2e9d3==