المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح حديث (لم يعملوا خيراً قط) لابن خزيمة


كيف حالك ؟

salaf
04-06-2005, 12:01 AM
(73): (باب ذكر الدليل أن جميع الأخبار التي تقدم ذكري لها إلى هذا الموضع في شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام في إخراج أهل التوحيد من النار إنما هي ألفاظ عامة مرادها خاص).

قوله: (أخرجوا من النار من كان في قلبه وزن كذا من الإيمان) أن معناه بعض من كان في قلبه قدر ذلك الوزن من الإيمان، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قد أعلم أنه يشفع ذلك اليوم أيضاً غيره، فيشفعون، فيأمر الله أن يخرج من النار بشفاعة غير نبينا محمد عليه الصلاة والسلام من كان في قلوبهم من الإيمان، قَدْرُ ما، أعلم أنه يخرج بشفاعة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، اللهم إلا أن يكون من يشفع من أمة النبي عليه الصلاة والسلام، إنما يشفع بأمره، كخبر آدم بن علي عن ابن عمر، وجائز، أن تنسب الشفاعة إلى النبي عليه الصلاة والسلام لأمره بها، كما بينت في مواضع من كتبي، أن العرب تضيف الفعل إلى الآمر كإضافتها إلى الفاعل ومعروف أيضاً في لغة العرب الذين بلغتهم، خوطبنا أن يقال: أخرج الناس من موضع كذا وكذا، والقوم أو من كان معه كذا أو عنده كذا وإنما يراد بعضهم، لا جميعهم، لا ينكر من يعرف لغة العرب أنها بلفظ عام يريد الخاص، قد بينّا في هذا النحو من كتاب ربنا وسنة نبينا المصطفى عليه الصلاة والسلام، في كتاب معاني القرآن وفي كتبنا المصنفة من المسند في الفقه، ما في بعضه الغنية والكفاية لمن وفق لفهمه، كان معنى الأخبار التي قدمت ذكرها في شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام عندي خاصة، معناها، أخرجوا من النار من كان في قلبه من الإيمان كذا، أي غير من قضيت إخراجهم من النار بشفاعة غير النبي عليه الصلاة والسلام، من الملائكة والصديقين والشفعاء غيره ممن كان لهم أخوة في الدنيا يصلون معهم ويصومون معهم (ويحجون معهم، ويغزون معهم) قد قضيت إني أشفعهم فيهم، فأخرجوهم من النار بشفاعتهم، في خبر حذيفة بشفاعة الشافعين، قد خرجته قبل هذا الباب بأبواب.


1- (464): فحدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا جعفر بن عوف، ثنا هشام بن سعد، قال: ثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، قال: (قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة)؟ فذكر الحديث بطوله، وقال: ثم يضرب الجسر على جهنم، قلنا: وما الجسر يا رسول الله، بأبينا أنت وأمّنا؟ قال: (دحض مزلة) له كلاليب وخطاطيف، وحسكة تكون بنجد، عقيفاً يقال لها السعدان فيمر المؤمنون كلمح البرق، وكالطرف وكالريح وكالطير، وكأجود الخيل، والراكب: فناج مسلّم، ومخدوش مرسل ومكدوش في نار جهنم، والذي نفسي بيده ما أحدكم بأشد مناشد في الحق يراه من المؤمنين في إخوانهم إذا رأوا أن قد خلصوا من النار، يقولون: أي ربنا، إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا قد أخذتهم النار، فيقول الله لهم، اذهبوا فمن عرفتم صورته فأخرجوه وتحرم صورتهم، فيجد الرجل قد أخذته النار إلى قدميه، وإلى أنصاف ساقيه، وإلى ركبتيه، وإلى حقويه، فيخرجون منها بشراً كثيراً ثم يعودون، فيتكلمون فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال قيراط خير، فأخرجوه، فيخرجون منها بشرًا كثيراً، ثم يعودون، فيتكلمون، فيقول: اذهبوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف قيراط من خير، فأخرجوه، فيخرجون بشراً كثيراً، ثم يعودون، فيتكلمون فلا يزال يقول ذلك (لهم، حتى يقول) اذهبوا، فأخرجوا من وجدتم في قلبه مثقال ذرة فأخرجوه) وكان أبو سعيد إذا حدث بهذا الحديث يزيد (يقول).

قل أبوبكر: لم أجد في كتابي يقول أن لم تصدقوا فاقرءوا: (أن الله لا يظلم مثقال ذرة –قرأ إلى قوله عظيماً) فيقولون: ربنا لم نذر فيها خيرا، فيقول: هل بقي إلا أرحم الراحمين، قد شفعت الملائكة، وشفع الأنبياء، وشفع المؤمنون فهل بقي إلا أرحم الراحمين، قال: فيأخذ قبضة من النار فيخرج قوماً قد صاروا حممة لم يعملوا له عمل خير قط، فيطرحوا في نهر يقال له نهر الحياة، فينبتون فيه، (والذي نفسي بيده كما تنبت الحِبّة في حَمِيْل السيل) ثم ذكر محمد بن يحيى باقي الحديث، خرجته بتمامه في كتاب الأهوال).


2- (465): (حدثنا محمد بن يحيى)، قال: ثنا عبدالرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن زيد بن أسلم بهذا الإسناد، فذكر نحو هذه القصة خرجته في باب آخر بعد، غير أنه لم يذكر الجسر، ولا صفة المرور عليه، وإنما قال: (إذا خلص المؤمنون من النار وأمنوا، فما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا) ثم ساق ما بعد هذا من الحديث.
قال أبوبكر: هذه اللفظة (لم يعملوا خيراً قط) من الجنس الذي يقول العرب: ينفي الاسم عن الشيء لنقصه عن الكمال والتمام، فمعنى هذه اللفظة على هذا الأصل، لم يعملوا خيرا قط، على التمام والكمال، لا على أوجب عليه وأمر به، وقد بينت هذا المعنى في مواضع من كتبي.


(74) (باب ذكر البيان أن الصديقين يتلون النبي عليه الصلاة والسلام في الشفاعة يوم القيامة ثم سائر الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين، يتلون الصديقين، ثم الشهداء يتلون الأنبياء عليهم السلام أن صح الحديث).


1- (468): حدثنا أحمد بن سعيد الدرامي، وأحمد بن منصور المروزي قال الدرامي: حدثني، وقال المرزوي: أخبرنا النضر بن شميل، قال: أخبرنا أبو نَعامَة، قال: ثنا أبو هُنَيْدة البراء بن نوفل، عن والآن، عن حذيفة عن أبي بكر الصديق، قال: (أصبح رسول الله ‘ ذات يوم، فصلى الغداة، ثم جلس، حتى إذا كان من الضحى ضحك رسول الله ‘، ثم جلس مكانه، حتى صلى الأولى، والعصر والمغرب، كل ذلك، لا يتكلم حتى صلى العشاء الآخرة، ثم قام إلى أهله، فقال الناس لأبي بكر: سل رسول الله عليه الصلاة والسلام ما شأنه، صنع اليوم شيئاً، لم يصنعه قط، فقال: نعم، (فسأله، فقال): عرض على ما هو كائن من أمر الدنيا والآخرة، يجمع الأولون والآخرون بصعيد واحد، ففظع الناس بذلك، حتى انطلقوا إلى آدم، والعرق يكاد يلجمهم، فقالوا: يا آدم، أنت أبو البشر، وأنت اصطفاك الله، اشفع لنا إلى ربك، فقال: لقد لقيت مثل الذي لقيتم، انطلقوا إلى أبيكم بعد أبيكم إلى نوح، أن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم (وآل عمران) على العالمين، فينطلقون إلى نوح فيقولون: اشفع لنا إلى بك، فأنت اصطفاك الله، واستجاب لك في دعائك، ولم يدع على الأرض من الكافرين ديارا، فيقول: ليس ذاكم عندي، انطلقوا إلى إبراهيم، فإن الله اتخذه خليلا، فيأتون إبراهيم، فيقول: ليس ذاكم عندي، ولكن انطلقوا إلى موسى، فإن الله كلمه تكليماً، فيقول موسى: ليس ذاك عندي، ولكن انطلقوا إلى عيسى بن مريم، فإنه كان يبرئ الأكمه والأبرص (ويحيى الموتى) فيقول عيسى: ليس ذاك عندي، ولكن انطلقوا إلى سيد ولد آدم، وأول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، انطلقوا إلى محمد عليه الصلاة والسلام، فليشفع لكم إلى ربكم، قال: فينطلق فيأتي جبريل ربه، فيقول الله تبارك وتعالى: ائذن له وبشره بالجنة، قال: فينطلق به جبريل، فيخرّ ساجداً قدر جمعة، ثم يقول الله (عز وجل): ارفع رأسك يا محمد، وقل، يسمع، واشفع، تشفع، قال: فيذهب، ليقع ساجداً، قال: فيأخذ جبريل بضبعيه، فيفتح الله عليه من الدعاء شيئاً لم يفتحه على بشر قط، فيقول: أي رب، جعلتني سيد ولد آدم، ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، ولا فخر، حتى أنه ليرد على الحوض أكثر مما بين صنعاء وأيلة، ثم يقال: ادع الصديقين، ليشفعوا، ثم يقال: ادع الأنبياء، قال: فيجئ النبي ومعه العصابة، والنبي ومعه الخمسة والستة والنبي وليس معه أحد، ثم يقال: ادع الشهداء، فيشفعون لمن أرادوا، فإذا فعلت الشهداء ذلك، قال: يقول الله تبارك وتعالى: أنا أرحم الراحمين، أدخلوا جنتي من كان لا يشرك بالله شيئاً، قال: فيدخلون الجنة قال فيقول الله تبارك وتعالى انظروا في النار هل تلقون من أحد عمل خيرا قط قال: فيجدون في النار رجلا، فيقال له: هل عملت خيرا قط؟ فيقول: لا، غير إني كنت أسامح الناس في (البيع والشراء) قال: فيقول الله (عز وجل): اسمحوا لعبدي كإسماحه إلى عبيدي، ثم يخرجون من النار رجلا آخر فيقال له: هل عملت خيرا قط؟ قال: لا، غير إني أمرت ولدى إذا أنا متّ فأحرقوني بالنار، ثم اطحنوني حتى إذا كنت مثل الكحل، فاذهبوا بي إلى البحر، فاذروني في الريح (والله لا يقدر على رب العالمين أبدا) فقال الله، لم فعلت ذلك؟ قال: من مخافتك، قال: فيقول تعالى: نظر إلى ملك أعظم ملك، فإن لك عشرة أضعاف ذلك، قال: فيقول أتسخر بي وأنت الملك! فذاك الذي ضحكت منه (من الضحى) هذا لفظ حديث أحمد بن منصور.

قال أبوبكر: إنما استثنيت صحة الخير في الباب، لإني في الوقت الذي ترجمت الباب لم أكن أحفظ في ذلك الوقت عن والان، خبراً غير هذا الخبر، فقد روى (عنه مالك بن عمير الحنفي، غير أنه قال: العجلي لا العدوي).(1)

-------------------------------------------------------------------
(1) كتاب التوحيد أبي بكر محمّد بن إسحاق بن خزيمة

12d8c7a34f47c2e9d3==