المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل تشترط النصيحة قبل الرد على المخالف


كيف حالك ؟

شكيب الأثري
11-05-2003, 10:57 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

هذه المُذكرة ليست في وجوب الرد على المخالف ! ، أو متى تباح الغيبة الجائزة ! ، أو الفرق بين النصيحة والغيبة !! ، إنما في قضية معينة واحدة فقط وهي ( النصيحة للمخالف ) .. فهل تشترط قبل الرد ؟! ، وهل تكون سراً أم علناً ؟! ، لهذا جمعت ما تيسر من أقوال أهل العلم حول هذا الأمر في أمل التعمق فيها أكثر مستقبلاً ، والذي ستدركه لاحقا أخي القارئ أن النصيحة قبل الرد على المخالف لا تشترط خاصَّة إذا أعلن المخالف بمخالفته مع مراعاة ما يلي : التفريق بين السنّي وغير السنّي ، بين الداعية وغير الداعية ، بين الذي تَعلَم منه قبول النصح والذي لا يقبل النصح ، هذا ستة حالات استخلصتها مما سيأتي نقله لاحقا ، فيجب أن يُتنبّـه إليها ، وإن كان هناك استدراكات فلا تبخلوا بها علينا ، والله من وراء القصد .


** الإمام المجدد العلامة عبد العزيز بن باز

سُئِلَ -رحمه الله- ما يلي :
سؤال : متى -حفظكم الله- تكون النصيحة سراً ومتى تكون علناً ؟ .
الجواب : يعمل الناصح بما هو الأصلح ، إذا رأى أنها سراً أنفع نَصَحَ سراً ، إذا رأى أنها في العلن أنفع فعل لكن إذا كان الذنب سراً لا تكون النصيحة إلا سراً ، إذا كان يعلم من أخيه ذنباً سراً ينصحه سراً لا يفضحه ، ينصحه بينه وبينه ، أما إذا كان الذنب معلناً يراه الناس مثلاً في المجلس قام واحد بشرب الخمر ينكر عليه أو قام واحد يدعوا إلى شرب الخمر وهو حاضر أو إلى الربا يقول يا أخي لا يجوز هذا ، أما ذنب تعلمه من أخيك تعلم أن أخاك يشرب الخمر أو تعلم أنه يتعاطى الربا تنصحه بينك وبينه سراً تقول يا أخي بلغني كذا .. تنصحه ، أما إذا فعل المنكر علانية في المجلس وأنت تشاهد المنكر أو شاهده الناس تنكر عليه ، إذا سَكتَّ معناه أنك أقرَّيت الباطل ، فإذا كُنَّا في مجلس ظهر فيه شرب الخمر تنكره إن استطعت ، وكذلك ظهر فيه منكر آخر من الغيبة تقول يا إخواني ترى ما تجوز الغيبة أو ما أشبهه من المعاصي الظاهرة ، إذا كان عندك علم تنكرها لأن هذا منكر ظاهر لا تسكت عليه من باب إظهار الحق والدعوة إلية .(1) اهـ


** الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني

سُئِل -رحمه الله- ما نصّه :
ِسؤال : يتفرَّع عن هذا(2) قول بعضهم أو اشتراط بعضهم بمعنى أصّح أنه في حالة الردود لابد قبل أن يُطبع الرّد إيصال نسخة إلى المردود عليه حتى ينظر فيها ، ويقول إن هذا من منهج السلف ؟.
الجواب : هذا ليس شرطـاً ، لكن إن تيسّر وكان يُرجى من هذا الأسلوب التقارب بدون تشهير القضية بين الناس فهذا لا شك أنه أمر جيّد ، أما أولاً أن نجعله شرطاً ، وثانياً أن نجعله شرطاً عاماً فهذا ليس من الحكمة في شيء إطلاقاً ، والناس كما تعلمون جميعاً معادن كمعادن الذهب والفضَّة ، فمن عرفت منه أنه معنا على الخط وعلى المنهج وأنه يتقبّل النصيحة فكتبت إليه دون أن تُشهّر بخطئه على الأقل في وجهة نظرك أنت فهذا جيّد ، لكن هذا ليس شرطاً ، وحتى ولو كان شرطاً ليس أمراً مستطاعاً ، من أين تحصل على عنوانه ؟! ، وعلى مراسلته ؟! ، ثم هل يأتيك الجواب منه أو لا يأتيك ؟! ، هذه أمور ظنية تماماً ..... هذا الشرط تحقيقه صعب جداً ولذلك المسألة لا تُأخذ شرطاً .(3) اهـ


** الإمام المجتهد محمد بن صالح العثيمين

قال -رحمه الله- مجتهداً في هذا الأمر ما نصّه :
الواجب التثبت أولا ، ثم يتم مناقشة من نُقِلَ عنه الخبر أو الفكر ، فإن أصَّر على الباطل فإنه يُكشَف ويُـبيّن حتى لا يغتّر الناس به ، فالواجب التثبت أولا ثم المناقشة الثانية بين الإنسان وبين من نُقِلَ عنه هذا الخبر ثم بعدها بيان الحق إن أصّر على ما هو عليه من باطل وبيان الحق من الباطل .(4) اهـ


** الشيخ العلامة أحمد بن يحي النجمي

سُئِلَ -حفظه الله تعالى- ما نصّه :
سؤال : ما دورنا نحن طلبة العلم ؛ تجاه إخواننا من الشباب ؛ الذين ابتدءوا السير مع الأحزاب ؛ التي أشرت إليها في بعض كتبك , ودروسك المكتوبة منها , والمسموعة , وهل لكم من توجيه سديد ؛ حول هذا الموضوع , الذي هو جدير بالعناية والاهتمام , وجزاكم الله خير ؟ .
الجواب : أقول : دور طلاب العلم أصحاب المنهج السلفي ؛ دورهم في هذا الباب ؛ ينبغي أن يكون عظيماً . وينبغي أن يكون جهدهم كبيراً ؛ تارةً بالدعوة إلى الله , وإلى سبيله , وإلى المنهج الحق الذي هو منهج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تارةً يكون بيان الأخطاء ؛ التي ارتكبت من أصحاب المناهج الجديدة وإما أن يكون ذلك ؛ بالتأليف , وإما أن يكون بالكلمات الطيّبة , والمناصحة السرّية أو العلنية ، كل ذلك ينبغي أن يُفعل لعلّ الله عز وجل أن ينقذ منهم من ينقذ وأن يُوَّفِق للرجوع منهم من يُوَّفق , ثم نحن إذا عَمَلنَا الأسباب نكون قد أبرأنا ذمتنا من هؤلاء الهالكين ....... فيجب على طلاب العلم أصحاب المعرفة الذين عرفوا المنهج السلفي وعرفوا المناهج الأخرى ؛ يجب عليهم أن يـبيّنُوا لغيرهم وأن يقولوا , وأن يتكلّموا وأن يُلقوا الخطب , وأن يُوَّضِحُوا في كل مقام , وفي كل مناسبة الحق ؛ الذي يجب أن يتبع والباطل الذي يجب أن يترك ويجتنب ؛ أما الذين سكتوا عن بيان الحق للناس فإنهم لا يُعذرون بسكوتهم , ولو قالوا : نحن لسنا معهم , فإنهم لا يُعذرون ؛ حتى ولو قالوا : نحن لسنا مع أهل هذه الأحزاب الضَّالة عن طريق الحق ؛ إلا أن ينكروا ما هم عليه من الضلال .(5) اهـ


** الشيخ العلامة عبيد بن عبد الله الجابري

سُئِلَ -حفظه الله- ما يلي :
سؤال : متى تكون النصيحة سراً ، ومتى تكون علانية ؟
الجواب : أولاً : المسلم مأمور أن يأمر بالمعروف وأن ينهى عن المنكر ، بالحكمة والموعظة الحسنة وباللين والرفق ما دام الرفق ينفع ؛ ويؤدي الغرض ، ويوصل الحق إلى طالب الحق .
ثانيا : صاحب المخالفة ؛ قد تكون مخالفته في نفسه ، وقد تكون مخالفته عامة ، يعني أنه يدعو إلى ما يراه من المخالفة .
فالأول : يُنصح في نفسه ويُـبيَّن له خطأه سرّاً .
والثاني : يرد خطأه بالدليل ، فإن ظهر منه بعد ذلك الإصرار والعناد ؛ فإنه يُعامَل بِما يستحقه ، وقد قدّمت آنفاً أن أهل السنَّة ينظرون إلى المخالفة والمخالف ، فليرجع إلى ذلك .(6) اهـ

والكلام الذي أشار إليه الشيخ -حفظه الله- كالتالي :
سؤال : كيف السبيل إلى اتحاد كلمة السلفيين ، ورأب الصدع بينهم ؟ .
الـجواب : ....... والواجب على السنّي أن يَحفظ كرامة السنّي ، الواجب على السلفي أن يصون السلفي ، وأن يرعى كرامته ، كما أنه لا يتابعه على زلته إذا زلت به القدم ، فأهل السنَّة ينظرون إلى المخالفة كما ينظرون إلى المخالف .
فالمخالفة يردونها ولا يقبلونها ، لأنه قد يُخالف السلفي ما عند السلفي الآخر ؛ قد يُخطئ ؛ فالسلفي بَشر كغيره من سائر البشر .
ثم ينظر أهل السنَّة كذلك إلى المخالف ، فإن كان المخالف على السنَّة مُؤصلٌ عليها مَعرُوفٌ بالسير عليها ، فإنه لا يُتابع على زلّته وتُحفظ كرامته ، وإن كان من أهل البدع ، فلا كرامة له عندهم .
ومن هنا نقول : على السلفيين ؛ على أهل السنَّة أن يوّسعوا صدورهم لبعضهم ، وأن يتناقشوا فيما حدث بينهم من خلافات ، وأن يعرضوا ما عندهم مما هو مُختلفٌ فيه بينهم على من هو أقدر منهم من أهل العلم من الذين هم على السنَّة ، بهذا تزول الخلافات وتجتمع الكلمة ، ويتحد الصف ويتماسكون -إن شاء الله تعالى- .(7) اهـ

وقال -حفظه الله- ما نصّه :
فنحن لا نقبل الخطأ ، ونبرّر لـه بأن هذا سَلَفي ، الخطأ يُرَّد رداً علماً .
إن أمكن مناصحة أخينا هذا السلفي بأن قوله في المسألة الفلانية خطأ هذا جميل ، وإذا لم يُمكن بُيِّن بالدليل بأنه خالف في كذا لكن لا يُتعَامل مع السلفي مثل ما يتعامل مع أهل البدع ، يُشنع عليه ! ، السلفي لا يُشنَّع عليه ، ولا يُحذَّر منه ، ولا يُشَّد عليه شّدة تُضيّع كل جهوده وآثاره السلفية المباركة ، فهذا في الحقيقة إفراط ، وحيف -يعني ظلم- غير مقبول .(8) اهـ


** الشيخ العلامة زيد بن هادي المدخلي

قال -حفظه الله تعالى- ما نصّه :
أهل العلم لا يحابون أبداً ، هم أهل النصيحة لأهل الخطأ .(9) اهـ

وقال أيضاً ما يُـبيّن أن النصيحة مُحدَّدة بالشرع فلا تَقبل التغيير إلا لمن اجتهد وهو أهل لذلك فمعفو عنه :
... فـإنه سيتبيَّن لكم -إن شاء الله- أن الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكيفية إسداء النصيحة كلها قد حددت معالمها النصوص القرآنية والنصوص النبوية ، فمن خالف مدلولات نصوصها فقد أصيب بداء الانحراف عن سنن الحق في هذه الأبواب وخير له الرجوع عن الاستمرار في هذا الداء وأزكى وأفضل .(10) اهـ

وقال أيضاً ما يُوجب النصيحة لعامة للمسلمين :
من قواعد الدعوة السلفية الراسخة ، ومزاياها الرفيعة الثابتة ..... وجوب بذل النصح ممن يحسنه للمسلمين والمسلمات إذ أن ذلك من أعظم الفرائض وأزكى القُربات بشرط أن يكون الناصح متحليا بالعلم والحلم والصدق والإخلاص ، وكيف لا تكون هذه المنزلة الرفيعة للنصيحة ، وقد قال النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- : (( الدين النصيحة )) الحديث .(11) اهـ


** الإمام المحدث ربيع بن هادي المدخلي

سئل -حفظه الله- ما نصّه :
سؤال : هل النصيحة واجبة لمن انتشر خطئه قبل الكلام عليه والرد على أخطائه وأنه لا يُرَّد على خطئه حتى يُنصح ؟ .
الجواب : إذا انتشر خطئه فلا علاج له إلا أن يُعالج علانية ، إذا أعلن خطئه فأنت لابد أن تبيّن للناس الحق ، لأن الناس سيقعون في حبائل الشيطان وسيركضون وراء هذا الخطر لا سيما إذا كان من العالم ، فبيّن بالحجّة البرهان خطئه ، بشرط أن يكون قصدك وجه الله وقصدك النصيحة لا التشهير وأطلب منه التراجع ، ومع ذلك نحن نُجبَر على المناصحة حتى لا يتخذ من وقع في الخطأ من ذلك سبيلا أو يدفعه الشيطان إلى العناد والمكابرة ، فلا نحاربه بل نسايسه ونُقدّم له النصيحة ، ولقد سايست عبد الرحمن عبد الخالق سنين طويلة وكان الناصحون يطلبون مني أن أرد عليه فأرفض سنوات طويلة وكنت أناصحه سرا وهو ما شاء الله ينقد بأدب ولكنه ماضٍ في سبيله لأنه رسم لنفسه الرايـة لابد أن يُحقّقها وبعد أن كَثُرَ الفساد واستفحل وضَّل بفكره كثير من الناس و....( ) به منكر كبير اضطررنا بعد ذلك إلى البيان ، وعدنان سكتنا عنه طويلا ، والمغراوي سكتنا عنه طويلا ، وأبو الحسن سكتنا عنه طويلا ، والآن تعاني اليمن من هذا السكوت تعاني منه الأمرّين ، فنحن ....( ) الشباب السلفي وقد وجهّوا إلينا نداء لندلي لهم بالحق فكان هذا مما أحزنني ، فرقوا بين إنسان لا يُميّز بين الحق والباطل وبين إنسان يغالط نفسه ويُغالط الناس .( ) اهـ


** الشيخ العلامة فالح بن نافع الحربي

سُئِلَ -حفظه الله تعالى- ما يلي :
سؤال : ما رأيكم في من يقول : لا يجوز التحذير من الداعية الذي اشتهر بالسلفية وإن وَقع في أخطاء تُخرِجُه من المنهج السلفي حتى يُنصح ، أما أخطاءه فتبُـيّن ولا تُشتَرطُ النصيـحة ، وأعطى مثالاً على ذلك بالمغراوي ، قال : لو أن المغراوي تُوفِيَّ قبل أن تظهر أخطائه للعلماء فلا يَجُوز لهم أن يصنِّفُوه مع أهل البدع ؟! .
الجواب : ليس بصحيح هذا الكلام ، إِنَّمَا يُنظر إلى كَونِ الشخص الذي وُجِدَت منه الانحرافات في المنهج وفي العقيدة ، يُنظر هل هذا الشخص يَحتاج إلى إقامة الحجّة أو لا يحتاج إلى إقامة الحجّة ، فإن كان يحتاج إلى إقامة الحجّة فمثل قالوا ، وإن كان لا يَحتاج إلى إقامة الحجّة فإنه يُحكم عليه سواءً كان حيًّا أم ميّتًا ، والُمهِّم هو بـيَان الانحراف والضلال والتحذير من الشخص إذا كان حيًّا .(12) اهـ

وسُئِلَ أيضاً ما نصّه :
سؤال : هل الشيخ فالح نصح عائض القرني من قبل ؟ .
الجواب : الحمد لله أشكر الأخ على السؤال وأقول له :

وهل يصـح الشيء إذا يـحتاج النهار إلى دلـيل

أنا ذكرت أني نصحته مباشرة في بعض أو في مسألة وأنني كتبت ما كتبته لأجل أن يتطلع عليه فيتراجع ، ثم بعد ذلك نصحته اللجنة الخماسية من هيئة كبار العلماء ، ونصحه أيضاً من نصحه من المشايخ بأن يأتي إلىَّ ويأخذ الأخطاء الأخرى ليصحّحها ، ووجهوه أن يتوب التوبة بشروطها ، ولكن صار ما صار ، وهو ما أشرنا إليه في المحاضرة من مراوغاته ومغالطاته إلى الآن ، فكونه نصح هذا تم وجرى وكونه اطلع على الملاحظات التي كُنّا سميّناها أخطاء غير ملاحظات علمية قد سمعت ما قرأناه منها ، وإن كان في منهجنا لا يلزم أنه يُنصح إذا انتشر خطأه وألف ، فقد استهدف وإن انتشر سواء في أشرطة أو في المجتمعات بأي وسيلة ، ومن ذلك التأليف فإنه لا يلزم أن ينصح له بل ويلزمه إذا رد عليه أن يقبل الحق ويتراجع ، ولا يلجأ إلى قاعدته وإلى قاعدة -أيضاً- من يأخذ بهذه القاعدة وهي أنه يقول : تعهدني بنصحك بانفراد ، هذا باطل هذا كلام غير صحيح هذا الكلام إذا كان بانفرادٍ إذا كان الشخص يخالف أو أذنب ذنباً خاصاً به في خاصة نفسه ولم ينشر هذا بين الناس ، ولم يكن معلناً ومجاهراً فإنه نعم ينصح بينه وبين نفسه أما إذا أخطأ خطأً نشره بين الناس ، وقدّمه للناس على أنه حق ، وتصدّر أمام الناس على أنه هو العالم ، وهو الذي يُسأل ، وأن ما يقوله هو الإسلام ، وهو يُمثّل الدعوة ، وهو يُمثّل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإلى آخره فإنه لا يلزم فحينئذٍ يرد على ما يصدر منه من باطل ، ولا يلزم أن -أيضاً كذلك- نتكلّم بالموازنات على أنه أخطأ بكذا وأصاب بكذا ، ما من مسلم إلا وعنده صواب وعنده .. وعنده من الحق ، وعنده .. ، ولكن المقصود هو التحذير من الخطأ ، والتحذير وضع الخطأ في إطاره إن كان شركاً فشرك ، وإن كان بدعةً فبدعة ، وإن كان وسيلة للشرك فهو وسيلة للشرك ، وإن كان وسيلة للبدعة وسيلة للبدعة ، وإن كان خرافة ، وإن كان خطأً علمياً فخطأ علمي وهكذا يعني يوضع الخطأ في إطاره ويُبـيّن للناس من أجل ألا يُحسَب على الإسلام ، وأنه حق ويتدين الناس وبه وهو من ضلال البشر ومن أخطاء فكرهم وضعفهم وجهلهم يَنسب إلى الإسلام ويُرفع إلى التشريع ، لأجل هذا يجب البيان ويجب الإيضاح للأمّة وسلك سلوك الوسائل ، واتخاذ الوسائل التي يحصل بها البيان ، ويحصل بها النصح .(13) اهـ

وقال أيضـاً -حفظه الله- في الرد على الدجَّال أبي الحسن المصري :
ما علمنا الشيخ حفظه الله إلا متثبتاً متريثاً حريصاً على ذلك ، ويشهد لـه به كل من يعرفه من أهل العدل والإنصاف لا الميل والإجحاف ، وقد تريث في أمرك كثيراً عبر مدة طويلة، يصدق فيه :

حليماً إذا ما الحلم كان مروءة *** وأجهل أحياناً إذا التمسوا جهلي
أظـن الحلـم دلّ علي قومي *** وقــد يستجهل الرجل الحليم

ووصل الحال إلى :

ووضع الندى في موضع السيف بالعلا * مضر كوضع السيف في موضع الندا

وكم هي المدة التي حددها الشرع ؟ ؛ كم أمهل عمر صبيغاً ؟ ؛ وكم أمهل ابن عمر معبداً الجهني ؟ ؛ وكم أمهل علي الخوارج ؟ ؛ وكم أمهل الإمام أحمد وغيره من الأئمة من وقعوا في مخالفات أو بدع .
إنَّ الشيخ ربيعاً قد أمهلك طويلاً إلى درجة الإهمال فماذا تريد ؟ ، وهل نصرة المظلوم والذّب عن سنّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الزج بالنفوس في الصراع الظالم ؟ .(14) اهـ

وقد يتذرّع الكثير من الشباب السلفي بأن الإمام ربيع -حفظه الله- من أسلوبه بذل النصيحة في الرد على المخالف وقد تطول مدّتها !! ، لكن هذا من اجتهاده وهو أهل للاجتهاد ، وأنقل إليك قولاً قاله -حفظه الله- في إحدى تنبيهاته في معرض التحذير والرد على أبي الحسن المصري ، ما نصّه :
ألفت نظر العقلاء إلى مدى اللطف والاحترام اللذين بذلتهما لهذا الرجل في هذه الملاحظات عند كتابتها الأولى وصبري عليه من التاريخ المشار إليه بل من قبله من عام 1416هـ في سيّد قطب والإخوان المسلمين وعبد الرحمن عبد الخالق ثم عدنان عرعور والمغراوي من سنوات وهو سادر في المخالفات والمواجهات السرّية والعلنية ، وإني لأظن أنه لا أحد يصبر على بلاء يعرفه ويستيقنه مثل صبري على هذا الرجل وأمثاله وأعوانه ، فاللهم عفواً ومعذرة إليك .(15) اهـ

لذلك فليُعلَم أن اجتهادات العلماء والأئمة ليس منهجاً ، وإليك نص كلام الشيخ فالح الحربي والحجّة في ذلك :
... نجد من يُخصِّص عالـمًا أو علماء فيقول : أنا منهجي منهج فلان ، وكأنه يدعي له بذلك العصمة لأنه يريد أن يقلَّد هذا الشخص ، هذا تقليد مذموم وتقليد يضّل أصحابه وهو ما يسمَّى التعصب على خلاف التقليد الذي هو اتباع العلماء في حق غيرهم ، وهو الائتمار بأمر الله سبحانه وتعالى الذي يقول : + فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ _(16) ، وإنما هو معرفة الحق بالرجال ، والذي مقته سلفنا وأهل السنَّة وأسَّسوا قاعدة عظيمة وهي قولهم : ( الرجال يعرفون بالحق ولا يعرف الحق بالرجال ) ، " ممـن يقول منهجي منهج الشيخ فلان أو علاّن " .......... كم من الضياع الذي فيه هؤلاء الناس حينما يأتي ويقول أنا منهجي منهج فلان وكأن فلاناً معصوم ! ، كأنه معصوم !! ، وهذا هو مُقتضى حاله أنه إذا قال أنا منهجي منهج فلان جعل فلاناً معصوما لا يُخطئ ، ولكن الأفراد والأشخاص مهما بلغوا من العلم والفقه في الدين والمكانة والمنـزلة فإنه يجوز عليهم الخطأ ، أما المنهج فإنه لا يُتطرّق إليه الخطأ ، لأن المنهج هو إتباع الإسلام الذي جاء به رسولنا -صلى الله عليه وسلم- هذا هو معنى المنهج ، المنهج معصوم ، منهج أهل السنَّة والجماعة معصوم ، وقامت النصوص على كونه معصوماً ، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- : (( لا تجتمع أمتي على ضلالة )) ، لأنها إذا اجتمعت فهي على المنهج وإذا لم تجتمع فإن أفرادها غير معصومين ، لأنه لا يلزم أن يكونوا على المنهج ! ، قد يخالفون المنهج فيجتهد المجتهد فيصيب ويُخطئ وعلى حسب اجتهاده إذا كان أهلاً للاجتهاد ونحن نعني العلماء ، العلماء أهل للاجتهاد ولا يَقفُونَ بما ليس لهم به علم + وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً _(17) ، لأن العلماء يعرفون الطريق الذي يسلكونه ولا يخرجون عليه ولا عنه ، فإذا علموا وقفوا عند علمهم ، وإذا ما وجدوا دليلاً واحتاج الأمر إلى اجتهاد فإنهم يجتهدون ، وحينئذٍ هُم أفراد غير معصومين ، المعصومة إنما هي الأمة كلّها فهي لا تجتمع على ضلالة ، فلا وجه إذاً ولا اعتبار إطلاقا لقول من يقول أن منهجي منهج فلان ، أو يتحكَّم ويقول أنا لا أقبل من العلماء ، لكن بدون تَحكُّم ودون تحجيم وتضييق لما وسَّعه الله سبحانه وتعالى هذا وذاك فإن كُلاًّ منه يُعامل مجتمعه ، يعامل من يتعامل معهم باجتهاد .
ولا يُمكن أن يكون في كل قضية يجتهد فيها لديه دليل ، وقد يرى باجتهاده أن الخير في هذا الأدب أو في هذا السلوك أو في هذا التعامل ولكنه يكون مخطئاً ، بل قد يكون أثرَّت عليه المؤثرات كما يُقرِّر العلماء في الترجيح .(18) اهـ

وإليك هذه الشذرات الثلاثة :
قال أبو داود في مسائله للإمام أحمد(19) : ورأيت أحمد سلّم عليه رجل من أهل بغداد -قال أبو داود : بلغني أنّه أبو بكر المغازلي- ممن وقف فيما بلغني ، فقال له : أُغرب لا أرينّك تجيء إلى بابي -في كلامٍ غليظ- ولم يرد عليه السلام ، وقال له : ما أحوجك أن يصنع بك ما صنع عمر بصَبيغ -أفهمني ( عمر بصَبيغ ) بعض أصحابنا- فدخل بيته وردّ الباب . اهـ
فـأين هي النصيحة فيما سبق ؟ .

وعن سليمان بن يسار أنّ رجلاً من بني غنيم يقال له : صَبيغ بن عِسْل قدم المدينة ، وكانت عنده كتب ، فجعل يسأل عن متشابه القرآن فبلغ ذلك عمر فبعث إليه وقد أعدّ له عراجين النخيل .
فلما دخل عليه جلس ، قال : من أنت ؟ .
قال : أنا عبد الله صَبيغ .
قال عمر : وأنا عبد الله عمر وأومأ عليه فجعل يضربه بتلك العراجين ، فما زال يضربه حتى شجّه وجعل الدم يسيل على وجهه .
فقال : حسبك يا أمير المؤمنين فقد والله ذهب الذي أجد في رأسـي .(20) اهـ
فهل ناصحه -رضي الله عنه- ؟؟! .

وعن يحيى بن يعمر ، قال : كان أول من قال بالقدر بالبصرة معبد الجهني ، فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين ، فقلنا : لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر ، فوُفّق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلاً المسجد ، فاكتنفته أنا وصاحبي ، أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله ، فظننت أنّ صاحبي سَيَكِلُ الكلام إليّ ، فقلت : أبا عبد الرحمن ، إنّه قد ظهر قبلنا ناسٌ يقرءون القرآن ويتقفّرون العلم ، وذكر من شأنهم ، وأنّهم يزعمون أن لا قدر ، وأن الأمر أُنُف ، قـال : فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أنّي بريءٌ منهم ، وأنّهم برآء منّي ، والذي يحلف به عبد الله بن عمر ! لو أنّ لأحدهم مثل أُحُدٍ ذهباً فأنفقه ، ما قَبل الله منه حتى يؤمن بالقدر .(21) اهـ
فهل ناصحهم -رضي الله عنهم- ؟؟! .

ووالله إن كتب السنَّة طافحة مكتظة بهذه الآثار السلفية ، فرحم الله سلفنا الصالح وثبت أتباعهم من وراءهم إلى يوم الدين .
أكتفي بما نقلته ، لأنه يصعب أن نجمع جميع الأقوال في هذا الأمر المهم وهذا الأصل العظيم ، والمهم أولاً وأخراً أن الرد على المخالف في أصله نصيحة للمسلمين قبل أن يكون نصيحة للمخالف ورحمة به ، سواء نصحته قبل الرد أم لم تنصحه ، سراً كان أو علانية .

وفق الله الجميع لإتباع مرضاته إنه ولي لك والقادر عليه .
وصلى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .


الحـواشي :

(1) مجلة ( الإصلاح ، العدد : 241-17 ، بتاريخ 23/6/1993 ميلادي ) ، نقلاً عن شبكة سحاب السلفية بتاريخ 16/10/2002 ميلادي .
(2) السؤال الذي سبق هذا كان حول مسألة ذكر الحسنات في أثناء الرد على المخالف !.
(3) شريـط ( الموازنة في النقد ! / الوجه الأول ) ، من سلسلة ( الهدى والنور ، رقم 638 ) .
(4) شريط ( لقاء الشيخ ربيع بالشيخ بن عثيمين ) .
(5) ( الفتاوى الجلية عن أسئلة المناهج الدعوية ، ص48-50 ) [ الطبعة الأولى - دار الآثار - اليمن ] .
(6) من أجوبة الشيخ -حفظه الله- على أسئلة شبكة سحاب السلفية / المجموعة الأولى ، السؤال الخامس ، نقلا من كتاب ( تحذير الخلان من أخطاء الشيخ صالح السدلان ) للأخ مانع بن محمد العجمي السلفي .
(7) من أجوبة الشيخ -حفظه الله- على أسئلة شبكة سحاب السلفية / المجموعة الأولى ، السؤال الأول ، نقلا من كتاب ( تحذير الخلان من أخطاء الشيخ صالح السدلان ) للأخ مانع بن محمد العجمي السلفي .
(8) شريط ( تزكيات العلماء والمشايخ لفضيلة الشيخ فوزي الأثري ) ، بتسجيلات أهل الحديث - مملكة البحرين - المحرق ، نقلاً عن مذكرة ( تزكيات العلماء والمشايخ ، ص23 ) .
(9) المصدر السابق ، نقلاً عن مذكرة ( تزكيات العلماء والمشايخ ، ص21 ) .
(10) مذكرة ( الأجوبة السديدة على الأسئلة الرشيدة ، ص73 ) جمع وتعليق : أبو إبراهيم محمد بن محمد بن مانع الآنسي الأثري ، نسخة مكتبة سحاب السلفية .
(11) ( المصدر السابق ، ص75 ) .
(12) شريط ( المجروحون ) العدد : 1 ، تسجيلات أهل الحديث - الجزائر .
(13) ضمن الأسئلة التي كانت في محاضرة ( عائض القرني وبنيَّات الطريق ) ، وهي مفرَّغة في مكتبة سحاب السلفية .
(14) مذكرة ( صد العدوان الشنيع على فضيلة العلامة الشيخ ربيع ، ص5 / الحاشية ) ، نسخة مكتبة سحاب السلفية .
(15) ( انتقاد عقدي ومنهجي لكتاب السراج الوهاج لأبي الحسن ، ص33 ) ، نسخة الموقع الرسمي للشيخ على الإنترنت .
(16) سورة الأنبياء ، الآية : 7 .
(17) سورة الإسراء ، الآية : 36 .
(18) شريط ( تنبيه ذوي الحجا إلى أن اجتهادات العلماء غير معصومة وليست منهجا ) ، نُشِر مفرَّغا في شبكة سحاب السلفية بتاريخ 24/5/2003 ميلادي ، وأنصح بقراءتها كاملة لأنها محاضرة بحق فيها تأصيل سلفي منهجي قوي جداً .
(19) ( ص355 ، برقم 1707 ) ، نقلاً عن ( إجماع العلماء على الهجر والتحذير من أهل الأهواء ، ص36 ) ، نسخة مكتبة سحاب السلفية .
(20) ( شرح السنّة للالكائي ، 3/635-636 ) ، نقلا عن ( المصدر السـابق ، ص49 ) .
(21) ( رواه مسلم ، 8 ) ، نقلا عن ( المصدر السابق ، ص49 ) .


جمع : أبي عبد الله شكيب السلفي
- عامله الله بلطفه -



والملف من هنا

http://www.sahab.net/sahab/attachment.php?s=&postid=355886

الخطوط :

http://www.sahab.net/sahab/attachment.php?s=&postid=340387

شكيب الأثري
11-06-2003, 10:29 PM
للرفع

شكيب الأثري
11-07-2003, 10:33 PM
للرفع

شباح عزالدين
11-08-2003, 02:08 PM
السلام عليم ورحمة الله وبركاته
أخوك شباح عزالدين من مدينة باتنة وساكن بولاية معسكر عضو جديد معكم في هذه الشبكة ، جزاك الله خيرا على هذا الموضوع ، وعلى كل المواضيع التي تتحرى فيها جمع أقوال العلماء ،
وجزاك الله خيرا .
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته

أبو حمزة السلفي
02-12-2004, 03:42 PM
جزاك الله خيرا اخي شكيب

الأثري السلفي
04-15-2004, 01:21 PM
جزاك الله خيرا اخي شكيب

عبيد الأثري
09-29-2004, 07:59 PM
جزاك الله خيرا اخي شكيب

شكيب الأثري
02-05-2005, 01:27 PM
للرفـــــــــع

بن حمد الأثري
06-24-2008, 06:45 PM
http://alathary.net/vb2/showthread.php?t=13445

شكيب الأثري
06-10-2009, 08:33 PM
للرفع والفائدة

الناصر
06-11-2009, 01:49 AM
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم

12d8c7a34f47c2e9d3==