المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ‏ وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم


كيف حالك ؟

نميره
03-20-2005, 05:25 PM
في قوله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون‏)‏‏)‏‏(‏ البقرة ‏:‏ الاية رقم ‏:‏ ‏(‏216‏)‏‏.‏‏)‏

في هذه الاية عدة حكم واسرار ومصالح للعبد ، فان العبد اذا علم ان المكروه قد ياتي بالمحبوب ، والمحبوب قد ياتي بالمكروه ، لم يامن ان توافيه المضرة من جانب المسرة ، ولم يياس ان تاتيه المسرة من جانب المضرة لعدم علمه بالعاقب ، فان الله يعلم منها ما لا يعلمه العبد ‏(‏و‏)‏ اوجب له ذلك امورا‏:‏

منها‏:‏ انه لا انفع له من امتثال الامر وان شق عليه في الابتداء؛ لان عواقبه كلها خيرات ومسرات ولذات وافراح ، وان كرهته نفسه فهو خير لها وانفع، وكذلك لا شيء اضر عليه من ارتكاب النهي وان هويته نفسه ومالت اليه، فان عواقبه كلها الام واحزان وشرور ومصائب ، وخاصة العقل تحمل الالم اليسير لما يعقبه من اللذة العظيمة والخير الكثير، واجتناب اللذة اليسيرة لما يعقبها من الالم العظيم والشر الطويل ، فنظر الجاهل لا يجاوز المبادئ الى غاياتها، والعاقل الكيس دائما ينظر الى الغايات من وراء ستور مبادئها فيرى ما وراء تلك الستور من الغابات المحمودة والمذمومة‏.‏ فيرى المناهي كطعام لذيذ قد خلط فيه سم قاتل ، فكلما دعته لذته الى تناوله نهاه ما فيه من السم ويرى الاوامر كدواء كريه المذاق مفض الى العافية والشفاء ، وكلما نهاه كرهه مذاقه عن تناوله امره نفعه بالتناول‏.‏ ولكن هذا يحتاج الى فضل علم تدرك به الغايات من مبادئها وقوة صبر يوطن به نفسه على تحمل مشقة الطريق لما يؤمل عند الغاية ، فاذا فقد اليقين والصبر تعذر عليه ذلك ، واذا قوي يقينه وصبره هان عليه كل مشقة يتحملها في طلب الخير الدائم واللذة الدائمة‏.‏

ومن اسرار هذه الاية انها تقتضي من العبد التعويض الى من يعلم عواقب الامور والرضا بما يختاره له ويقضيه له لما يرجو فيه من حسن العاقبة‏.‏

ومنها ‏:‏ انه لا يقترح على ربه ولا يختار عليه ولا يساله ما ليس له به علم ، فلعل مضرته وهلاكه فيه وهو لا يعلم ، فلا يختار على ربه شيئا بل يساله حسن الاختيار له وان يرضيه بما يختاره فلا انفع له من ذلك‏.‏

ومنها‏:‏ انه اذا فوض الى ربه ورضي بما يختاره له امده فيما يختاره له بالقوة عليه والعزيمة والصبر وصرف عنه الافات التي هي عرضة اختيار العبد لنفسه واراه من حسن عواقب اختياره له ما لم يكن ليصل الى بعضه ، بما يختاره هو لنفسه ‏.‏

ومنها‏:‏ انه يريحه من الافكار المتعبة في انواع الاختيارات ، ويفرغ قلبه من التقديرات والتدبيرات التي يصعد منها في عقبة وينزل في اخرى ، ومع هذا فلا خروج له عما قدر عليه، فلو رضي باختيار الله اصابه القدر وهو محمود مشكور ملطوف به فيه، والا جرى عليه القدر وهو مذموم غير ملطوف به فيه؛ لانه مع اختياره لنفسه ، ومتى صح تفويضه ورضاه، اكتنفه في المقدور العطف عليه واللطف به فيصير بين عطفه ولطفه، فعطفه يقيه ما يحذره ، ولطفه يهون عليه ما قدره‏.‏

اذا نفذ القدر في العبد كان من اعظم اسباب نفوذه تحيله في رده، فلا انفع له من الاستسلام والقاء نفسه بين يدي القدر طريحا كالميتة ، فان السبع لا يرضى باكل الجيف‏.‏

الفوائد لابن القيم

الكاسر
03-20-2005, 09:06 PM
جزاك الله خير

السلفيه
03-20-2005, 10:15 PM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك

عبد السلام الليبي الآثري
04-01-2005, 07:57 PM
ما أحوجنا لمثل هذه الفوائد في مثل هذه الايام

أم حمد
04-28-2005, 11:01 PM
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا..

ديما
04-29-2005, 01:04 AM
بارك الله فيك

12d8c7a34f47c2e9d3==