المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أن العرش فوق السموات وأن اللّه سبحانه وتعالى فوق العرش


كيف حالك ؟

عبدالله العامري
03-14-2005, 09:37 AM
.

فصل
في بيان أن العرش فوق السموات
وأن اللّه سبحانه وتعالى فوق العرش

ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي اللّه تعالى عنه الذي في البخاري لما قضى الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي. وبسط الاستدلال على ذلك بالسنة ثم قال: قال علماء السنَّة: أن اللّه عزَّ وجلَّ على عرشه بائن من خلقه، وقالت المعتزلة: هو بذاته في كل مكان، وقالت الأشعرية: الاستواء عائد إلى العرش.
قال: ولو كان كما قالوا لكانت القراءة برفع العرش، فلما كانت بخفض العرش دل على أنه عائد إلى اللّه سبحانه وتعالى. قال: وقال بعضهم: استوى بمعنى استولى، قال الشاعر:



قَدِ اسْتَوَى بِشْرٌ على العِراقِ=مِنْ غَيرِ سَيفٍ ودَمٍ مِهْراقِ


والاستيلاء: لا يوصف به إلا مَنْ قَدِرَ على الشيء بعد العجز عنه، واللّه تعالى لم يزل قادراً على الأشياء ومستولياً عليها. ألا ترى أنه لا يوصف بِشْرٌ بالاستيلاء على العراق إلا وهو عاجز عنه قبل ذلك.
ثم حكى أبو القاسم، عن ذي النون المصري أنه قيل له: ما أراد اللّه سبحانه بخلق العرش؟ قال: أراد أن لا يتوه قلوب العارفين.

قال: وروي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في تفسير قوله تعالى: "ما يَكُونَ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إلاَّ هُوَ رابِعُهُم" سورة المجادلة آية 7. قال: هو على عرشه وعلمه في كل مكان.. ثم ساق الاحتجاج بالآثار إلى أن قال: وزعم هؤلاء أن معنى الرحمن على العرش استوى أي: ملكه، وأنه لا اختصاص له بالعرش أكثر مما له بالأمكنة، وهذا إلغاء لتخصيص العرش وتشريفه.

وقال أهل السنة: خلق الله تعالى السموات، وكان عرشه مخلوقاً قبل خلق السموات والأرض، ثم استوى على العرش بعد خلق السموات والأرض على ما ورد به النص، وليس معناه المماسة، بل هو مستوى على عرشه بلا كيف كما أخبر عنه نفسه.

قال: وزعم هؤلاء أنه لا يجوز الإشارة إلى الله سبحانه بالرؤوس والأصابع إلى فوق، فإن ذلك يوجب التحديد، وقد أجمع المسلمون أن الله سبحانه العلي الأعلى، ونطق بذلك القرآن، فزعم هؤلاء أن ذلك بمعنى علو الغلبة لا علو الذات، وعند المسلمين أن لله عز وجل علو الغلبة، والعلو من سائر وجوه العلو، لأن صفة مدح، فنثبت أن لله تعالى علو الذات وعلو الصفات وعلو القهر والغلبة، وفي منعهم الإشارة إلى الله سبحانه وتعالى من جهة الفوق خلاف منهم لسائر الملل، لأن جماهير المسلمين وسائر الملل قد وقع منهم الإجماع على الإشارة إلى الله سبحانه وتعالى من جهة الفوق في الدعاء والسؤال، واتفاقهم بأجمعهم على ذلك حجة، ولم يستجز أحد الإشارة إليه من جهة الأسفل، ولا من سائر الجهات سوى جهة الفوق.

وقال تعالى: "يَخافُونَ ربهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ" سورة النحل آية 50.

وقال تعالى: "إلَيهِ يَصْعَدُ الكَلمُ الطيبُ" سورة فاطر آية 10.

وقال تعالى: "تَعْرُجُ المَلائِكَةُ والرُّوحُ إليْهِ" سورة المعارج آية 4.

وأخبر تعالى عن فرعون أنه قال: "يا هَامَانُ ابْنُ لي صَرْحاً لَعَلّي أبْلُغ الأسْبَابَ، أسْبابَ السّموات فاطّلعُ إلى إلَهِ مُوسَى" سورة غافر آية 36-37. فكان فرعون قد فهم من موسى عليه الصلاة والسلام أنه يثبت إلهاً فوق السماء، حتى رام بصرحه أن يطلع إليه، واتهم موسى عليه الصلاة والسلام بالكذب في ذلك، والجهمية لا تعلم أن الله فوقها بوجود ذاتها، فهم أعجز فهماً من فرعون، بل وأضل.

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل الجارية التي أراد مولاها عتقها: أين الله؟ قالت: في السماء، وأشارت برأسها إلى السماء وقال: من أنا؟ فقالت: أنت رسول الله، فقال: أعتقها، فإنها مؤمنة، فحكم النبي صلى الله عليه وسلم بإيمانها حيث قالت: إنّ الله في السماء، وحكم الجهمي بكفر من يقول ذلك. هذا كله كلام أبي القاسم التيمي رحمه الله تعالى.

قول الإمام أبي عمرو عثمان بن أبي الحسن بن الحسين السهروردي: الفقيه المحدث من أئمة أصحاب الشافعي، من أقران البيهقي وأبي عثمان الصابوني وطبقتهما. له كتاب في أصول الدين قال في أوّله: الحمد لله الذي اصطفى الإسلام على الأديان. وزيَّن أهله بزينة الإيمان. وجعل السنة عصمة أهل الهداية. ومجانبتها إمارة أهل الغواية، وأعزّ أهلها بالاستقامة، ووصل عزهم بالقيامة، وصلى الله على محمد وسلم وعلى آله أجمعين. وبعد.

فإنّ اللَّهَ تعالى لما جعل الإسلام ركن الهدى، والسنّة سبب النجاة من الردى، ولم يجعل من ابتغى غير الإسلام ديناً هادياً، ولا من انتحل غير الإسلام نحلة ناجياً، جمعت أصول السنة الناجي أهلها التي لا يسع الجاهل نكرها، ولا العالم جهلها، ومن سلك غيرها من المسالك. فهو في أودية البدع هالك.

إلى أن قال: وَدعاني إلى جمع هذا المختصر في اعتقاد السنة على مذهب الشافعي وأصحاب الحديث، إذ هم أمراء العلم، وأئمة الإسلام قول النبي صلى الله عليه وسلم تكون البدع في آخر الزمان محنة، فإذا كان كذلك فمن كان عنده علم فليظهره، فإن: كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم .

من كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية - للامام ابن القيم الجوزية

.

بوخالد
03-24-2005, 02:18 PM
جزاك الله خير

12d8c7a34f47c2e9d3==