المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : توحيد الألوهية (الإيمان بالله عز وجل )الشيخ العلامة الفوزان


كيف حالك ؟

قاسم علي
03-01-2005, 08:17 PM
توحيد الألوهية (الإيمان بالله عز وجل )الشيخ العلامة الفوزان

توحيد الألوهية هو إفراد الله تعالى بجميع أنواع العبادة.
فالألوهية معناها العبادة، والإله معناه المعبود، ولهذا يسمى هذا النوع من التوحيد توحيد العبادة.
والعبادة في اللغة: الذل، يقال: طريق معبد: إذا كان مذللا قد وطأته الأقدام.
وأما معنى العبادة شرعا؛ فقد اختلفت عبارات العلماء في ذلك مع اتفاقهم على المعنى:
فعرفها طائفة منهم بأنها ما أمر به شرعا من غير اطراد عرفي ولا اقتضاء عقلي.
وعرفها بعضهم: بأنها كمال الحب مع كمال الخضوع.

وعرفها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: بأنها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة.
وهذا التعريف أدق وأشمل؛ فالدين كله داخل في العبادة، ومن عرفها بالحب مع الخضوع؛ فلأن الحب التام مع الذل التام يتضمنان طاعة المحبوب والانقياد له؛ فالعبد هو الذي ذلله الحب والخضوع لمحبوبه، فبحسب محبة العبد لربه وذله له تكون طاعته؛ فمحبة العبد لربه وذله له يتضمنان عبادته له وحده لا شريك له.

فالعبادة المأمور بها تتضمن معنى الذل ومعنى الحب، وهي تتضمن ثلاثة أركان هي: المحبة والرجاء والخوف، ولا بد من اجتماعها؛ فمن تعلق بواحد منها فقط؛ لم يكن عابدا لله تمام العبادة؛ فعبادة الله بالحب فقط هي طريقة الصوفية، وعبادته بالرجاء وحده طريقة المرجئة، وعبادته بالخوف فقط طريقة الخوارج.

والمحبة المنفردة عن الخضوع لا تكون عبادة؛ فمن أحب شيئا ولم يخضع له؛ لم يكن عابدا؛ كما يحب الإنسان ولده وصديقه، كما أن الخضوع المنفرد عن المحبة لا يكون عبادة؛ كمن يخضع لسلطان أو ظالم اتقاء لشره. ولهذا لا يكفي أحدهما عن الآخر في عبادة الله تعالى، بل يجب أن يكون الله أحب إلى العبد من كل شيء، وأن يكون الله عنده أعظم من كل شيء.
والعبادة هي الغاية المحبوبة لله والمرضية له، وهي التي خلق الخلق من أجلها؛ كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، وبها أرسل جميع الرسل؛ كما قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}. والعبادة لها أنواع كثيرة، فالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد للكفار والمنافقين، والإحسان إلى الحيوان والأيتام والمساكين وابن السبيل والمملوك من الآدميين والبهائم، والدعاء، والذكر، والقرآن؛ كل ذلك من العبادة، وكذلك حب الله وحب رسوله، وخشية الله والإنابة إليه؛ كل ذلك من العبادة، وكذلك الذبح والنذر والاستعاذة والاستعانة والاستغاثة.
فيجب صرف العبادة بجميع أنواعها لله وحده لا شريك له؛ فمن صرف منها شيئا لغير الله؛ كمن دعا غير الله، أو ذبح أو نذر لغير الله، أو استعان أو استغاث بميت أو غائب أو بحي حاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله؛ فقد أشرك الشرك الأكبر وأذنب الذنب الذي لا يغفر إلا بالتوبة، سواء صرف هذا النوع من العبادة لصنم أو لشجر أو لحجر أو لنبي من الأنبياء أو ولي من الأولياء حي أو ميت؛ كما يفعل اليوم عند الأضرحة المبنية على القبور؛ فإن الله لا يرضى أن يشرك معه في عبادته أحد؛ لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا ولي ولا غيرهم: قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}، وقال تعالى: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}، وقال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}.
ومع الأسف الشديد؛ فقد اتخذت القبور اليوم في بعض البلاد أوثانا تعبد من دون الله ممن يدعون الإسلام... وقد يدعو أحدهم غير الله في أي مكان، ولو لم يكن عند قبر؛ كمن يقول: يا رسول الله! عند قيامه أو مفاجأته بشيء غريب!! أو يقول: المدد يا رسول الله! أو: يا فلان... وإذا نهوا عن ذلك؛ قالوا: نحن نعلم أن هؤلاء ليس لهم من الأمر شيء، ولكن هؤلاء أناس صالحون، لهم جاه عند الله، ونحن نطلب بجاههم وشفاعتهم!! ونسي هؤلاء أو تناسوا- وهم يقرءون القرآن- أن هذا بعينه قول المشركين؛ كما ذكره الله في القرآن في قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}، وقوله تعالى: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}، فسماهم كفارا كذبة، وهم يعتقدون أن هؤلاء الأولياء مجرد وسائط بينهم وبين الله في قضاء حوائجهم، وهذا ما يقوله عباد القبور اليوم، {تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ}.
فالواجب على علماء الإسلام أن ينكروا هذا الشرك الشنيع ويبينوه للناس، والواجب على حكام المسلمين هدم هذه الأوثان وتطهير المساجد منها.
وقد أنكر كثير من الأئمة المصلحين هذا الشرك ونهوا عنه وحذروا وأنذروا، ومن هؤلاء: شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، والشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ محمد بن إسماعيل الصنعاني، والشيخ محمد بن علي الشوكاني... وكثير من الأئمة قديما وحديثا، وهذه مؤلفاتهم بين أيدينا.
وفي ذلك يقول الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار": "وكم سرى من تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الإسلام، منها اعتقاد الجهلة كاعتقاد الكفار للأصنام وأعظم من ذلك، فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الضرر، فجعلوها مقصدا لطلب قضاء الحوائج وملجأ لنجاح المطالب، وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم، وشدوا إليها الرحال، وتمسحوا بها واستغاثوا، وبالجملة: إنهم لم يدعوا شيئا مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ومع هذا المنكر الشنيع والكفر الفظيع لا نجد من يغضب لله ويغار حمية للدين الحنيف؛ لا عالما ولا متعلما ولا أميرا ولا وزيرا ولا ملكا!!
ولقد توارد إلينا من الأخبار ما لا يشك معه أن كثيرا من هؤلاء القبوريين أو أكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمه؛ حلف بالله فاجرا، وإذا قيل له بعد ذلك: احلف بشيخك ومعتقدك الولي الفلاني؛ تلعثم وتلكأ وأبى واعترف بالحق!! وهذا من أبين الأدلة الدالة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال: إنه تعالى ثاني اثنين، أو ثالث ثلاثة.

فيا علماء الدين! ويا ملوك المسلمين!
أي رزء للإسلام أشد من الكفر؟! وأي بلاء لهذا الدين أضر عليه من عبادة غير الله؟! وأي مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة؟! وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك البين واجبا؟!
لقد أسمعـت لو ناديت حيـا ** ولكن لا حياة لمن تنـادي
ولو نارا نفخت بها أضاءت ** ولكن أنت تنفخ فى رمـاد
انتهى كلام الشوكاني رحمه الله.
وقد زاد البلاء بعده وصار أشد مما وصف، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

علاقة توحيد الإلهية بتوحيد الربوبية والعكس
وعلاقة أحد النوعين بالآخر أن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الإلهية، بمعنى أن الإقرار بتوحيد الربوبية يوجب الإقرار بتوحيد الإلهية والقيام به.
فمن عرف أن الله ربه وخالقه ومدبر أموره؛ وجب عليه أن يعبده وحده لا شريك له.
وتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية؛ بمعنى أن توحيد الربوبية يدخل ضمن توحيد الألوهية؛ فمن عبد الله وحده ولم يشرك به شيئا؛ فلا بد أن يكون قد اعتقد أنه هو ربه وخالقه؛ كما قال إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ}.

والألوهية والربوبية: تارة يذكران معا فيفترقان في المعنى ويكون أحدهما قسيما للآخر؛ كما في قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ}؛ فيكون معنى الرب: هو المالك المتصرف في الخلق، ويكون معنى الإله: أنه المعبود بحق المستحق للعبادة وحده. وتارة يذكر أحدهما مفردا عن الآخر، فيجتمعان في المعنى؛ كما في قول الملكين للميت في القبر: من ربك؟ ومعناه: من إلهك وخالقك؟ وكما في قوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ}، وقوله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا}، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}؛ فالربوبية في هذه الآيات هي الإلهية.
والذي دعت إليه الرسل من النوعين هو توحيد الألوهية؛ لأن توحيد الربوبية يقر به جمهور الأمم، ولم ينكره إلا شواذ من الخليقة؛ أنكروه في الظاهر فقط، والإقرار به وحده لا يكفي؛ فقد أقر به إبليس: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} ...، وأقر به المشركون الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كما دلت على ذلك الآيات البينات؛ كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}
فمن أقر بتوحيد الربوبية فقط؛ لم يكن مسلما، ولم يحرم دمه ولا ماله، حتى يقر بتوحيد الألوهية؛ فلا يعبد إلا الله.
وبهذا يتبين بطلان ما يزعمه علماء الكلام والصوفية من أن التوحيد المطلوب من العباد هو الإقرار بأن الله هو الخالق المدبر، ومن أقر بذلك؛ صار عندهم مسلما، ولهذا يعرفون التوحيد في الكتب التي ألفوها في العقائد بما ينطبق على توحيد الربوبية فقط؛ حيث يقولون مثلا: التوحيد هو الإقرار بوجود الله وأنه الخالق الرازق... إلخ!! ثم يوردون أدلة توحيد الربوبية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فإن عامة المتكلمين الذين يقررون التوحيد في كتب الكلام والنظر غايتهم أن يجعلوا التوحيد ثلاثة أنواع، فيقولون: هو واحد في ذاته لا قسيم له، وواحد في صفاته لا شبيه له، وواحد في أفعاله لا شريك له. وأشهر الأنواع الثلاثة عندهم هو الثالث، وهو توحيد الأفعال، وهو أن خالق العالم واحد، وهم يحتجون على ذلك بما يذكرونه من دلالة التمانع وغيرها... ويظنون أن هذا هو التوحيد المطلوب، وأن هذا هو معنى قولنا: لا إله إلا الله، حتى يجعلوا معنى الألوهية القدرة على الاختراع! ومعلوم أن المشركين من العرب الذين بعث إليهم محمد صلى الله عليه وسلم أولا لم يكونوا يخالفونه في هذا، بل كانوا يقرون بأن الله خالق كل شيء، حتى إنهم كانوا يقرون بالقدر أيضا، وهم مع هذا مشركون...". .
هذا كلام الشيخ رحمه الله، وهو واضح في الرد على من اعتقد أن التوحيد المطلوب من الخلق هو الإقرار بتوحيد الربوبية، ويؤيد هذا قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}؛ فالرسل لم يقولوا لأممهم: أقروا أن الله هو الخالق! لأنهم مقرون بهذا، وإنما قالوا لهم: {اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضا: "التوحيد الذي جاءت به الرسل إنما يتضمن إثبات الإلهية لله وحده؛ بأن يشهد أن لا إله إلا الله لا يعبد إلا إياه...".
إلى أن قال: "وليس المراد بالتوحيد مجرد توحيد الربوبية، وهو اعتقاد أن الله وحده خلق العالم، كما يظن ذلك من يظنه من أهل الكلام والتصوف، ويظن هولاء أنهم إذا أثبتوا ذلك بالدليل؛ فقد أثبتوا غاية التوحيد، وأنهم إذا شهدوا هذا وفنوا فيه؛ فقد فنوا في غاية التوحيد.
فإن الرجل لو أقر بما يستحقه الرب تعالى من الصفات، ونزهه عن كل ما ينزه عنه، وأقر بأنه وحده خالق كل شيء؛ لم يكن موحدا، حتى يشهد أن لا إله إلا الله وحده، فيقر بأن الله وحده هو الإله المستحق للعبادة، ويلتزم بعبادة الله وحده لا شريك له، والإله هو المألوه الذي يستحق العبادة، وليس الإله بمعنى القادر على الاختراع، فإذا فسر الإله بمعنى القادر على الاختراع، واعتقد أن هذا المعنى هو أخص وصف الإله، وجعل إثبات هذا هو الغاية في التوحيد؛ كما يفعل ذلك من يفعله من متكلمة الصفاتية، وهو الذي يقولونه عن أبي الحسن وأتباعه؛ لم يعرفوا حقيقة التوحيد الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فإن مشركي العرب كانوا مقرين بأن الله وحده خالق كل شيء، وكانوا مع هذا مشركين.
قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}؛ قال طائفة من السلف: تسألهم من خلق السماوات والأرض؟ فيقولون: الله، وهم مع هذا يعبدون غيره.
قال تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ}.
فليس كل من أقر بأن الله تعالى رب كل شيء وخالقه يكون عابدا له دون ما سواه، داعيا له دون ما سواه، يوالي فيه ويعادي فيه ويطيع رسله...
وعامة المشركين أقروا بأن الله خالق كل شيء، وأثبتوا الشفعاء الذين يشركونهم به، وجعلوا له أندادا...".
إلى أن قال رحمه الله: "ولهذا كان من أتباع هؤلاء من يسجد للشمس والقمر والكواكب ويدعوها ويصوم وينسك لها ويتقرب إليها، ثم يقول: إن هذا ليس بشرك، إنما الشرك إذا اعتقدت أنها المدبرة لي، فإذا جعلتها سببا وواسطة؛ لم أكن مشركا، ومن المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أن هذا شرك..."انتهى كلامه.
قلت: وهذا ما يقوله عباد القبور اليوم؛ يتقربون إليها بأنواع العبادة، ويقولون: هذا ليس بشرك؛ لأننا لا نعتقد فيها أنها تخلق وتدبر، وإنما جعلناها وسائط نتوسل بأصحابها...
أساليب القرآن في الدعوة إلى توحيد الإلهية
لما كان توحيد الربوبية قد أقر به الناس بموجب فطرهم ونظرهم في الكون، وكان الإقرار به وحده لا يكفي للإيمان بالله ولا ينجي صاحبه من العذاب، ركزت دعوات الرسل على توحيد الإلهية، خصوصا دعوة خاتم الرسل نبينا محمد عليه وعليهم أفضل السلام، فكان يطالب الناس بقول: لا إله إلا الله، المتضمنة لعبادة الله، وترك عبادة ما سواه، فكانوا ينفرون منه ويقولون: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}.
وحاولوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم أن يترك هذه الدعوة ويخلي بينهم وبين عبادة الأصنام، وبذلوا في ذلك معه كل الوسائل؛ بالترغيب تارة وبالترهيب تارة، وهو عليه الصلاة والسلام يقول: "والله، لو وضعوا الشمس بيميني، والقمر بشمالي، على أن أترك هذا الأمر؛ لا أتركه حتى يظهره الله أو أهلك دونه".
وكانت آيات الله تتنزل عليه بالدعوة إلى هذا التوحيد، والرد على شبهات المشركين، وإقامة البراهين على بطلان ما هم عليه

قاسم علي
03-26-2005, 07:08 PM
هل يمكن للمسلم أن يعالج نفسه بنفسه بالقراءة والنفث في الماء؟
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أحس بمرض ينفث في يديه (ثلاث مرات) ب (قل هو الله أحد) و (المعوذتين) ، ويمسح بهما في كل مرة ما استطاع من جسده عند النوم عليه الصلاة والسلام ، بادئا برأسه ووجهه وصدره ، كما أخبرت بذلك عائشة رضي الله عنها في الحديث الصحيح ، ورقاه جبرائيل لما مرض في الماء بقوله : " بسم الله أرقيك ، من كل شيء يؤذيك ، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك ، بسم الله أرقيك " (ثلاث مرات) ، وهذه الرقية مشروعة ونافعة .

وقد قرأ بلال في ماء لثابت بن قيس رضي الله عنه ، وأمر بصبه عليه ، كما روى ذلك أبو داود في الطب بإسناد حسن . . . إلى غير هذا من أنواع الرقية التي وقعت في عهده عليه الصلاة والسلام ، ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم رقى بعض المرضى بقوله : اللهم رب الناس ، أذهب البأس ، واشف أنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما


مجموع فتاوى ومقالات_الجزء الثامن

الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

قاسم علي
03-26-2005, 07:53 PM
سائل من العراق يقول : عندنا عندما يمرض شخص يذهب إلى السادة ويكتبون له أوراقا يعلقونها في رءوسهم ، فهل يجوز هذا أم لا؟ . . كذلك الحلف : هناك من يحلف بغير الله ، أو يحلف بهؤلاء السادة فما الحكم في ذلك؟
تعليق التمائم على الأولاد ، خوفا من العين أو من الجن أو من المرض ، أمر لا يجوز ، وهكذا تعليق التمائم على المرضى وإن كانوا كبارا لا يجوز؛ لأن هذا فيه نوع من التعلق على غير الله سبحانه وتعالى ، وهو لا يجوز لا مع السادة ولا مع غيرهم من الناس؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له ))

وفي رواية عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : .(( من تعلق تميمة فقد أشرك ))
والتميمة هي ما يعلق على الأولاد أو المرضى أو غيرهم عن العين ، أو عن الجن أو المرض ، من خرز أو ودع أو عظام ذئب أو طلاسم ، أو غير ذلك ، ويدخل في ذلك الأوراق المكتوب فيها كتابات حتى ولو كانت من القرآن على الصحيح؛ لأن الأحاديث عامة ليس فيها استثناء .

فالرسول صلى الله عليه وسلم عمم وأطلق ، ولم يستثن شيئا ، فدل ذلك على أن التمائم كلها ممنوعة ، ولأن تعليق ما يكتب من القرآن أو الدعوات الطيبة وسيلة لتعليق غيرها من التمائم الأخرى وقد جاءت الشريعة الكاملة بسد الذرائع المفضية إلى الشرك أو المعاصي .

والمشروع في هذا أن يسأل المسلم ربه العافية ، ويتعاطى الأدوية المباحة ، ولا بأس أن يرقى من القرآن الكريم والأدعية الطيبة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا ولأنه صلى الله عليه وسلم : رقى بعض الصحابة ، ورقاه جبرائيل عليه السلام .

أما التعليق فلا يجوز لما تقدم من الأحاديث ، وهو من الشرك الأصغر ، وقد يكون شركا أكبر إذا اعتقد المعلق أن التمائم تدفع عنه ، وأنها تكفيه الشرور دون الله عز وجل ، أما إذا اعتقد أنها من الأسباب ، فهذا من الشرك الأصغر . والواجب قطعها وإزالتها ،

وكذلك الحلف بغير الله لا يجوز ، وهو من الشرك الأصغر أيضا ، وقد يكون من الشرك الأكبر إذا اعتقد الحالف بغير الله أن هذا المحلوف به مثل الله ، أو يصح أن يدعى من دون الله ، أو أنه يتصرف في الكون من دون الله فإنه يكون شركا كبير ، نعوذ بالله من ذلك . والحاصل أن الحلف بغير الله لا يجوز ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت )) وقال : (( لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد ))
وقال عليه الصلاة والسلام : (( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك )) وفى رواية : (( من حلف بشيء دون الله فقد أشرك )) وقال عليه السلام : (( من حلف بالأمانة فليس منا )) وكلها أحاديث صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وأدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما أصحابه بالسفر يحلفون بآبائهم ، فقال لهم عليه الصلاة والسلام : (( إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله أو ليصمت))

وقال الإمام أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله المتوفى سنة 463هـ : إن العلماء أجمعوا على أنه لا يجوز الحلف بغير الله وهذا يدل على أن الحلف بالأمانة ، أو بالنبي صلى الله عليه وسلم ، أو بالكعبة أو بحياة فلان ، أو بشرف فلان ، كله لا يجوز وإنما يكون الحلف بالله وحده . . والله الموفق .

فتاوي الشيخ رحمه الله المجلد الخامس

الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

قاسم علي
03-26-2005, 07:54 PM
هل يُعتبر التحسُّر والتأسُّف على ما مضى مما لم يُدرك أمرًا مذمومًا؟ وما حكمة منع استعمال كلمة (لو)؟
لا يجوز التحسُّر والتأسُّفُ على ما لم يدرك الإنسان إذا كان عمل السبب لحصوله ولم يحصل؛ فإنه لا يدري؛ لعل عدم حصوله خير له، ولأن هذا يدل على التسخُّط على قضاء الله وقدره؛ قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ، لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: 22-23.].

أما قوله: لو أني فعلت كذا؛ لكان كذا! فقد نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ففي "الصحيح" عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "احرص على ما ينفعُك، واستعن بالله، ولا تَعجِزَن، وإن أصابك شيء؛ فلا تقل: لو أني فعلتُ؛ لكان كذا وكذا، ولكن قُل: قدَّرَ الله، وما شاء فعل. فإنَّ (لو) تفتحُ عمل الشيطان" [رواه مسلم في "صحيحه" (4/2052) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.].
فكلمة (لو) تفتح عمل الشيطان لما فيها من التأسُّف على ما فات والتحسُّر ولوم القدر، وذلك ينافي الصَّبر والرِّضى بالقضاء والقدر.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ؛ ما سُقت الهديَ" [رواه مسلم في "صحيحه" (2/879) من حديث عائشة رضي الله عنها، وهو جزء من الحديث.]؛ فهو إخبار عن مستقبل، وليس فيه اعتراض على قدر؛ فهو إخبار عمَّا سيفعل في المستقبل لو حصل.

الشيخ صالح بن فوزان الفوزان

قاسم علي
03-26-2005, 07:55 PM
خرجت مع جماعة التبليغ للهند والباكستان ، وكنا نجتمع ونصلي في مساجد يوجد بها قبور ، وسمعت أن الصلاة في المسجد الذي يوجد به قبر باطلة فما رأيكم في صلاتي وهل أعيدها؟ وما حكم الخروج معهم لهذه الأماكن؟
جماعة التبليغ ليس عندهم بصيرة في مسائل العقيدة فلا يجوز الخروج معهم إلا لمن لديه علم وبصيرة بالعقيدة الصحيحة التي عليها أهل السنة والجماعة حتى يرشدهم وينصحهم ويتعاون معهم على الخير ؛ لأنهم نشيطون في عملهم ، لكنهم يحتاجون إلى المزيد من العلم ، وإلى من يبصرهم من علماء التوحيد والسنة .
رزق الله الجميع الفقه في الدين والثبات عليه .
أما الصلاة في المساجد التي فيها القبور فلا تصح ، والواجب إعادة ما صليت فيها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) متفق على صحته ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك). أخرجه مسلم في صحيحه . والأحاديث في هذا الباب كثيرة .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد ، وآله وصحبه وسلم.

الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

قاسم علي
03-26-2005, 07:57 PM
السؤال : هل يجوز للذي يدعو رب العالمين أن يقول بحق محمد عليك؟
الحمد لله

لا يجوز في السؤال أن يقال : بحق محمد ، ولا بجاه محمد ، ولا بحق الأنبياء ولا غيرهم ؛ لأن ذلك بدعة لم يرد في الأدلة الشرعية ما يرشد إليه والعبادات توقيفية لا يجوز منها إلا ما دل عليه الشرع المطهر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته وفي رواية لمسلم : (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)

ولأن ذلك من وسائل الشرك والغلو في المتوسل به ، وإنما المشروع التوسل إلى الله سبحانه بأسمائه وصفاته لقول الله سبحانه : {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} وهكذا التوسل بالأعمال الصالحة ؛ كالإيمان بالله ورسوله وتوحيد الله سبحانه ، ومحبة الله ورسوله وبر الوالدين ، والعفة عما حرم الله ، وأداء الأمانة ونحو ذلك من الأعمال الصالحات لقول الله عز وجل : {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا} إلى قوله : {إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ}

وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد). وقوله صلى الله عليه وسلم : (اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم).

وللحديث الصحيح في قصة أصحاب النار (وهم ثلاثة ممن كان قبلنا آواهم المبيت والمطر إلى غار فانحدرت عليهم صخرة وسدت عليهم الغار فلم يستطيعوا دفعها فقالوا فيما بينهم لن ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تسألوا الله بصالح أعمالكم فسأل أحدهم ربه أن يفرج عنهم هذه الصخرة ببره لوالديه وتوسل الآخر إلى ربه بعفته عن الزنا بعد قدرته عليه وتوسل الثالث بأدائه الأمانة إلى صاحبها بعدما رباها ونماها ففرج الله عنهم الصخرة وخرجوا) أخرجه الشيخان في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

قاسم علي
03-26-2005, 07:58 PM
السؤال : بعض الناس إذا أراد أن يبني بيتًا ذبح في هذا البيت خروفًا أو شاة وقال: هذا من أجل أن يثبت البنيان والأصل؟
الجواب :
هذا شرك بالله عز وجل وهو ذبح للجن؛ لأنهم يذبحون على عتبة البيت أو إذا وضعوا مشروع شركة أو مصنع يذبحونها أول ما تدار الحركات، ويقولون: هذا فيه مصلحة للمصنع، وهو شرك بالله؛ لأن هذا ذبح للجن واعتقاد بالجن، وهم الذين أمروهم بهذا وأوحوا إليهم أن هذا الذبح ينفعهم. ومن ذبح لغير الله فقد أشرك.

وفي الحديث: ((لعن الله من ذبح لغير الله))([1])،
قال الله سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162]، فالنسك: هي الذبيحة. قرنها مع الصلاة. فكما أن الإنسان لا يصلي لغير الله فكذلك لا يذبح لغير الله قال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]، فالنحر عبادة لا تجوز إلا لله.

قاسم علي
03-26-2005, 08:00 PM
فضيلة الشيخ : ماذا فعل الشيخ محمد بن عبد الوهاب لعبدة القبور وماذا فعلوا به ؟
الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لا شك أنه ظهر ومعظم الناس يعبدون أهل القبور ويعبدون الأشجار والأحجار ، كما كانت الجاهلية الأولى تفعل ، فوعظهم وأورد عليهم نصوص الكتاب والسنة ، وبين لهم أن هذا الفعل لا يجوز ، ثم لما قوي أمره ووجد من يعينه على ذلك ألا وهو الإمام محمد بن سعود ت ( 1179هـ) ـ رحمهما الله ـ هدم الأضرحة وقطع الأشجار وحذر الناس من الوقوع في ذلك ، كغيره من دعاة الحق وعلى رأسهم الرسل والأنبياء الذين بعثهم الله عز وجل بذلك ، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة وكان حول الكعبة ثلاثمائة وستون صنماً هدمها كلها وأرسل أصحابه لهدم المعبودات الباطلة في نواحي مكة ، وهكذا يفعل المجددون ومنهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، يهدمون الأضرحة ويقطعون الأشجار التي فيها فتنة للناس ، ويحذرون الناس من الوقوع في هذه الفتنة الكبرى وهي الإشراك بالله عز وجل الذي قال الله في شأنه ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ...)[ النساء /48و116]الآية .

الشيخ زيد بن محمد المدخلي

قاسم علي
03-26-2005, 08:26 PM
ما حكم قول بعض الناس : إن معنى " لا إله إلا الله " إخراج اليقين الفاسد على الأشياء وإدخال اليقين الصادق على الله، أنه هو الضار والنافع والمحيي والمميت، وكل شيء لا يضر ولا ينفع وأن الله هو الذي وضع فيه الضر والنفع؟
قول هذا القائل قول ناقص، فإن هذا معنى من معاني " لا إله إلا الله " ومعناها الحقيقي الذي دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفر به المشركون أنه لا معبود بحق إلا الله، فالإله بمعنى مفعول، وتأتي فِعال بمعنى مفعول وهذا كثير ، ومنه فراش بمعنى مفروش ، وبناء بمعنى مبني، وغراس بمعنى مغروس، فإله بمعني مألوه، أي الذي تألهه القلوب وتحبه وتعظمه ولا يستحق هذا حقّاً إلا الله.
فهذا معنى لا إله إلا الله.
وقد قسم العلماء التوحيد إلى أقسام ثلاثة : ربوبية، وألوهية، وأسماء وصفات، فتوحيد الربوبية هو إفراد الله سبحانه بالخلق والملك والتدبير، وتوحيد الألوهية هو إفراد الله سبحانه بالعبادة، وتوحيد الأسماء والصفات هو إفراد الله بما يجب له من الأسماء والصفات بأن نثبتها لله تعالى على وجه الحقيقة من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.
وقد يقول : البعض : إن هذا التقسيم للتوحيد بدعة. ولكن نقول : بتتبع النصوص الواردة في التوحيد وجدناها لا تخرج عن هذه الأقسام الثلاثة، والاستدلال المبني على التتبع والاستقراء ثابت حتىفي القرآن، كما في قوله تعالى:( أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالاً وولداً. أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهداً ).والجواب:لا هذا ولا هذا. ولهذا قال تعالى:( كلا سنكتب ما يقول).
وبعض المتكلمين قالوا : التوحيد أن تؤمن أن الله واحد في أفعاله لا شريك له، واحد في ذاته لا جزء له، واحد في صفاته لا شبيه له، وهذا تقسيم قاصر.

(مجموع فتاوى ورسائل)

الشيخ محمد بن صالح العثيمين

قاسم علي
03-26-2005, 08:27 PM
إن رجلا خطيب مسجد بإحدى قرى مصر التي نعيش فيها نحن‏,‏ وهو من الصوفية والطريقة الشاذلية التي يسمونها على أنفسهم‏,‏ وهذا الرجل يدعو الناس ويعلمهم التوسل بمخلوقات الله مثل‏:‏ الأنبياء‏,‏ والأولياء‏,‏ ويدعوهم إلى زيارة الأضرحة ‏(‏القباب‏)‏‏,‏ ويحل لهم الحلف بالنبي والولي والكفارة في هذا الحلف إذا حنث الحالف‏,‏ ونحن جماعة من الجماعات الإسلامية ناظرناه في ذلك الخطأ الذي يفعله ويعلمه للناس ولكنه مصر على ذلك‏,‏ ويستدل بأحاديث ضعيفة وموضوعة فهل هذا يصلى وراءه‏؟‏ لأننا لم نتم بناء المسجد‏;‏ لأننا جمعنا تبرعات لبناء هذا المسجد ولكن لم ينشأ إلى الآن‏,‏ فنرجو فتواكم على هذا السؤال وفقنا ووفقكم الله تعالى‏,‏ وغير هذا أنه كفر شيوخ الإسلام‏,‏ مثل شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية‏,‏ والإمام محمد بن عبد الوهاب رضي الله عنهم ورحمهم الله‏.‏

إن الاستغاثة بالأموات ودعاءهم من دون الله أو مع الله شرك أكبر يخرج من ملة الإسلام‏,‏ سواء كان المستغاث به نبيا أم غير نبي‏,‏ وكذلك الاستغاثة بالغائبين شرك أكبر يخرج من ملة الإسلام والعياذ بالله‏,‏ وهؤلاء لا تصح الصلاة خلفهم لشركهم‏.‏ أما من استغاث بالله وسأله سبحانه وحده متوسلا بجاههم أو طاف حول قبورهم دون أن يعتقد فيهم تأثيرا،وإنما رجا أن تكون منزلتهم عند الله سببا في استجابة الله له فهو مبتدع آثم مرتكب لوسيلة من وسائل الشرك‏,‏ ويخشى عليه أن يكون ذلك منه ذريعة إلى وقوعه في الشرك الأكبر‏.‏ ونسأل الله أن يعينكم على نشر التوحيد ونصرة الحق وجهاد المبتدعين‏.‏

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد‏,‏ وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

قاسم علي
03-26-2005, 08:36 PM
هناك من يقول : إن الصلاة يختلف حكمها في المسجد الذي فيه قبر عن المسجد الذي فيه قبران عن المسجد الذي فيه ثلاثة أو أكثر . نرجو التوضيح في هذا ، وكيف الحكم والنبي صلى الله عليه وسلم قال : لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد مع العلم بأن بعض الناس الذين يأتون من المدينة المنورة يحتجون بأن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فيه قبره عليه الصلاة والسلام وقبر صاحبيه رضي الله عنهما فهو كعامة المساجد تجوز الصلاة فيه ، أرجو التوضيح .
الرسول صلى الله عليه وسلم لعن من يتخذ المساجد على القبور ، وحذر من ذلك ، كما في الحديث السابق ، وقال : ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك رواه مسلم في الصحيح ، وروى الشيخان ، عن عائشة رضي الله عنها ، أن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها بأرض الحبشة وما فيها من الصور فقال أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله

فبين صلى الله عليه وسلم أن الذين يبنون المساجد على القبور هم شرار الخلق عند الله ، وحذر من فعلهم .

فدل ذلك على أن المسجد المقام على قبر أو أكثر لا يصلى فيه ، ولا فرق بين القبر الواحد أو أكثر ، فإن كان المسجد هو الذي بني أخيرا على القبور وجب هدمه ، وأن تترك القبور بارزة ليس عليها بناء ، كما كانت القبور في عهده صلى الله عليه وسلم ، في البقيع وغيره ، وهكذا إلى اليوم في المملكة العربية السعودية ، فالقبور فيها بارزة ليس عليها بناء ولا قباب ولا مساجد ، ولله الحمد والمنة .

أما إن كان المسجد قديما ولكن أحدث فيه قبر أو أكثر فإنه ينبش القبر وينقل صاحبه إلى المقابر العامة التي ليس عليها قباب ولا مساجد ولا بناء ، ويبقى المسجد خاليا منها حتى يصلى فيه .

أما احتجاج بعض الجهلة بوجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبر صاحبيه في مسجده فلا حجة في ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم دفن في بيته وليس في المسجد ، ودفن معه صاحباه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ، ولكن لما وسع الوليد بن عبد الملك بن مروان المسجد أدخل البيت في المسجد؛ بسبب التوسعة ، وغلط في هذا ، وكان الواجب أن لا يدخله في المسجد؛ حتى لا يحتج الجهلة وأشباههم بذلك ، وقد أنكر عليه أهل العلم ذلك ، فلا يجوز أن يقتدى به في هذا ، ولا يظن ظان أن هذا من جنس البناء على القبور أو اتخاذها مساجد؛ لأن هذا بيت مستقل أدخل في المسجد؛ للحاجة للتوسعة ، وهذا من جنس المقبرة التي أمام المسجد مفصولة عن المسجد لا تضره ، وهكذا قبر النبي صلى الله عليه وسلم مفصول بجدار وقضبان .

وينبغي للمسلم أن يبين لإخوانه هذا؛ حتى لا يغلطوا في هذه المسألة .

والله ولي التوفيق .

برنامج نور على الدرب ، الشريط رقم ( 62 ) .

الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

قاسم علي
06-08-2006, 06:30 PM
قال شيخ الإسلام: محمد بن عبد الوهاب، قدس الله روحه: -
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي يستدل على وجوب وجوده ببدائع له من الأفعال، المنزه في ذاته، وصفاته، عن النظائر والأمثال، أنشأ الموجودات، فلا يعزب عن علمه مثقال، أحمده سبحانه و أشكره، إذ هدانا لدين الإسلام، وأزاح عنا شبه الزيغ والضلال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة موحد له في الغدو، والآصال 0
وأشهد: أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، نبي جاءنا بدين قويم، فارتوينا مما جاءنا به، من عذب زلال؛ اللهم صلِ على محمد، وعلى آل محمد، وأصحابه الذين هم خير صحب، وآل، وسلم تسليما 0
أما بعد: فقد طلب مني بعض الأصدقاء، الذين لا تنبغي مخالفتهم، أن أجمع مؤلفاً، يشتمل على مسائل أربع،
وقواعد أربع، يتميز بهن المسلم، من المشرك 0
الأولى: أن الذي خلقنا، وصورنا، لم يتركنا هملاً، بل أرسل إلينا رسولاً، معه كتاب من ربنا، فمن أطاع فهو في الجنة، ومن عصى، فهو فيِ النار؛ والدليل قوله تعالى: (إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً) [المزمل: 15] وقال تعالى: (ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم، ومن يعصِ الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين) [النساء: 13، 14] 0
الثانية: أنه سبحانه ما خلق الخلق إلا ليعبدوه وحده، مخلصين له الدين، والدليل على ذلك، قوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) [الذاريات: 56] وقال: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة)[البينة:5]
الثالثة: أنه إذا دخل الشرك في عبادتك، بطلت، ولم تقبل؛ وأن كل ذنب يرجى له العفو إلا الشرك، والدليل قوله تعالى: (ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) [الزمر: 65] وقال تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً) [النساء: 116] وقال تعالى: (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار) [المائدة: 72]
ومن نوع هذا الشرك: أن يعتقد الإنسان في غير الله، من نجم، أو إنسان، أو نبي، أو صالح، أو كاهن، أو ساحر، أو نبات، أو حيوان، أو غير ذلك: أنه يقدر بذاته على جلب منفعة من دعاه، أو استغاث به، أو دفع مضرة، فقد قال الله تعالى: (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده) [فاطر: 2] وقال تعالى: (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله) [يونس: 107] 0
فإذا تبين في القلب: أنه عزَّ وجلَّ بهذه الصفة، وجب أن لا يستغاث إلا به، ولا يستعان إلا به، ولا يدعى إلا هو؛ ولذلك قال تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون) [التوبة: 51] 0
وقال تعالى: موبخاً لأهل الكتاب، الذين يستغيثون بعيسى، وعزير، عليهما السلام لما أنزل الله عليهم القحط، والجوع: (قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا، أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا) [الإسراء: 56 – 57] 0
وقال تعالى لنبيه : (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليَّ إنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعباده ربه أحداً) [الكهف: 110] وقال تعالى: (قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو
كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون) [الأعراف: 188] 0
ومن نوع هذا الشرك: التوكل، والصلاة، والنذر، والذبح لغير الله؛ فقد قال الله تعالى: (فاعبده وتوكل عليه) الآية [هود: 123] وقال تعالى: (وتوكل على الحي الذي لا يموت) [الفرقان: 58] وقال تعالى: (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) [التوبة: 51] وقال تعالى: (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به) إلى قوله: (وما ذبح علي النصب) [المائدة: 3] وقال تعالى: (فصلِ لربك وانحر) [الكوثر: 2] وقال تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) [الأنعام: 162] 0
ومن نوع هذا الشرك: تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحل الله، واعتقاد ذلك، فقد قال تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله هو سبحانه عما يشركون) [التوبة: 31] وقال: عدي بن حاتم، يا رسول الله، ما عبدوهم، فقال رسول الله : " أما أحلوا لهم الحرام فأطاعوهم ؟ وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم ؟ قال: بلى؛ قال: فتلك عبادتهم " 0
وأحبارهم، ورهبانهم: علماؤهم، وعبادهم؛ وذلك: أنهم اتخذوهم أرباباً، وهم لا يعتقدون ربوبيتهم، بل يقولون : ربنا وربهم الله، ولكنهم أطاعوهم في تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحل الله، وجعل الله ذلك عبادة، فمن أطاع إنساناً عالماً، أو عابداً، أو غيره، في تحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرم
الله، واعتقد ذلك بقلبه، فقد اتخذه رباً، كالذين: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله 0
ومن ذلك: أن أناساً من المشركين، قالوا: يا محمد، الميتة من قتلها ؟ قال: الله؛ قالوا كيف تجعل قتلك أنت وأصحابك حلالاً ؟ وقتل الله حراماً ؟ فنزل قوله تعالى: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون)، [الأنعام: 121] 0
ومن نوع هذا الشرك: الاعتكاف على قبور المشهورين بالنبوة، أو الصحبة، أو الولاية، وشد الرحال إلى زيارتها، لأن الناس يعرفون الرجل الصالح، وبركته، ودعاءه، فيعكفون على قبره، ويقصدون ذلك؛ فتارة: يسألونه؛ وتارة: يسألون الله عنده؛ وتارة: يصلون ويدعون الله عند قبره 0
ولما كان هذا بدء الشرك، سد النبي  هذا الباب؛ ففي الصحيحين، أنه قال في مرض موته: " لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " يحذر ما صنعوا، قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجداً 0
وقال: " لا تتخذوا قبري عيداً، وصلوا عليَّ حيث كنتم، فإن صلاتكم تبلغني " وقال : " ولعن الله زائرات
القبور، والمتخذين عليها المساجد، والسرج " وفي الموطأ عنه  أنه قال: " اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد " 0
وفي صحيح مسلم، عن علي، قال: بعثني رسول الله  أن لا أدع قبراً مشرفاً إلا سويته، ولا أدع تمثالاً إلا طمسته؛ فأمر بمسح التماثيل من الصور، الممثلة على صورة الميت، والتمثال الشاخص، المشرف فوق قبره، فإن الشرك يحصل بهذا، أو بهذا 0
وبلغ عمر رضي الله عنه: أن قوماً يذهبون إلى الشجرة، التي بايع النبي  أصحابه تحتها، فأمر بقطعها 0
وأرسل إليه أبو موسى: أنه ظهر بتستر: قبر دانيال وعنده مصحف، فيه أخبار ما سيكون، وفيه أخبار المسلمين، وأنهم إذا جدبوا، كشفوا عن القبر، فمطروا، فأرسل إليه عمر، يأمره: أن يحفر في النهار ثلاثة عشر قبراً، ويدفنه بالليل بواحد منها، لئلا يعرفه الناس، فيفتنون به 0
واتخاذ القبور مساجد: مما حرم الله ورسوله، وإن لم يبن عليها مسجد، ولما كان اتخاذ القبور مساجد، وبناء المساجد عليها محرماً، لم يكن من ذلك شيء، على عهد الصحابة، والتابعين 0
وكان الخليل عليه السلام: في المغارة التي دفن فيها، وهي مسدودة، لا أحد يدخلها، ولا تشد الصحابة الرحال إليه، ولا إلى غيره من المقابر، ففي الصحيحين عنه 
قال: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا " فكان من يأتي منهم إلى المسجد الأقصى، يصلون فيه، ثم يرجعون، لا يأتون مغارة الخليل، ولا غيرها، وكانت مسدودة حتى استولى النصارى على الشام، في أواخر المائة الرابعة، وجعلوا ذلك مكان كنيسة، ولما فتح المسلمون البلاد: اتخذه بعض الناس مسجداً، وأهل العلم ينكرون ذلك 0
وهذه البقاع، وأمثالها: لم يكن السابقون الأولون يقصدونها، ولا يزورونها، فإنها محل الشرك؛ ولهذا توجد فيها الشياطين كثيراً، وقد رآهم غير واحد، على صورة الإنسان، يتلون لهم رجال الغيب، فيظنون أنهم رجال من الإنس، غائبون عن الأبصار، وإنما هم جن، والجن يسمون رجالاً، قال تعالى: (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً) [الجن: 6] 0
وما حدث في الإسلام، من هذه الخرافات، وأمثالها: ينافي ما بعث الله به محمداً  من كمال التوحيد، وإخلاص الدين لله وحده، وسد أبواب الشرك، التى يفتحها الشيطان 0
ولهذا: يوجد من كان أبعد عن التوحيد، والإخلاص، ومعرفة الإسلام، أكثر تعظيماً لموضع الشرك؛ فالعارفون سنة محمد  أولى بالتوحيد، والإخلاص، وأهل الجهل بذلك: أقرب إلى الشرك، والبدع؛ ولهذا يوجد في الرافضة أكثر مما يوجد في غيرهم؛ لأنهم أجهل من غيرهم، وأكثر شركاً،
وبدعاً؛ ولهذا: يعظمون المشاهد، ويخربون المساجد، فالمساجد لا يصلون فيها جمعة، ولا جماعة؛ وأما المشاهد: فيعظمونها، حتى يرون زيارتها أولى من الحج 0
وكلما كان الرجل: أتبع لدين محمد  كان أكمل توحيداً لله وإخلاصاً لدينه؛ وإذا أبعد عن متابعته، نقص عن دينه بحسب ذلك؛ فإذا كثر بعده عنه: ظهر فيه من الشرك، والبدع ما لا يظهر فيمن هو أقرب منه، لاتباع الرسول ، والله إنما أمر بالعبادة في المساجد، وذلك عمارتها، فقال تعالى: (إنما يعمر مساجد الله) [التوبة: 18] ولم يقل مشاهد الله، وأما نفس بناء المساجد، فيجوز أن يبنيه البر، والفاجر، وذلك بناء، كما قال : " من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة " 0
ثم كثير من المشاهد، أو أكثرها: كذب؛ كالذي بالقاهرة، على رأس الحسين رضي الله عنه، فإن الرأس: لم يحمل إلى هناك، وكذلك مشهد: علي، إنما حدث في دولة: بني بويه؛ قال الحافظ، وغيره: هو قبر المغيرة بن شعبة؛ وعلي: إنما دفن بقصر الإمارة بالكوفة؛ ودفن معاوية، بقصر الإمارة بدمشق؛ ودفن عمرو بن العاص، بقصر الإمارة بمصر، خوفاً عليهم إذا دفنوا في المقابر، أن تنبشهم الخوارج 0
المسألة الرابعة: أنه إذا كان عملك صواباً، ولم يكن خالصاً، لم يقبل؛ وإذا كان خالصاً، ولم يكن صواباً، لم
يقبل؛ فلا بدَّ: أن يكون خالصاً، على شريعة محمد ، ولذلك قال سبحانه، في علماء أهل الكتاب، وعبادهم، وقرائهم: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً) [الكهف: 103 – 104] وقال تعالى: (وجوه يومئذٍ خاشعة، عاملة ناصبة، تصلى ناراً حامية) [الغاشية: 2 – 4] وهذه الآيات: ليست في أهل الكتاب خاصة، بل كل من اجتهد في علم، أو عمل، أو قراءة، وليس موفقاً لشريعة محمد  فهو: من الأخسرين أعمالاً، الذين ذكرهم الله تعالى، في محكم كتابه العزيز، وإن كان له ذكاء، وفطنة، وفيه زهد، وأخلاق، فهذا العذر: لا يوجب السعادة، والنجاة من العذاب، إلا باتباع الكتاب والسنة؛ وإنما قوة الذكاء، بمنزلة قوة البدن، وقوة الإرادة، فالذي يؤتى فضائل علمية، وإرادة قوية، وليس موافقاً للشريعة، بمنزلة من يؤتى: قوة في جسمه، وبدنه 0
وروي في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله  يقول: " يخرج فيكم قوم، تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعلمكم مع علمهم، يقرؤون القرآن، لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين، كما يمرق السهم من الرمية، ينظر في النصل فلا يرى شيئاً، وينظر في القدح فلا يرى شيئاً، وينظر في الريش فلا يرى شيئاً، ويتمارى في الفوق " 0
وروى في صحيح البخاري، قال سمعت رسول الله  يقول: " يأتي في آخر الزمان، ناس، حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، يمرقون من الإسلام، كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم، فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة " وقال رسول الله : " يكون في آخر الزمان، رجال كذابون، يأتون من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم، ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم، لا يضلونكم، ولا يفتنونكم " رواه أبو هريرة 0
وقال رسول الله : " ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا له من أمته حواريون، وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل " رواه ابن مسعود رضي الله عنه 0
وقال رسول الله : " لا تزال طائفة من أمتي، قائمة على الحق، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم، حتى يأتي الله بأمره وهم على ذلك " رواه معاوية رضي الله عنه، وقال : " كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى " قيل: يا رسول الله، ومن يأبى ؟ قال: " من أطاعنى دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى " رواه أبو هريرة رضي الله عنه،
وعن ابن عمر، عن النبي  قال: " لا يؤمن أحدكم، حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به " 0
وقد تبين: أن الواجب، طلب علم ما أنزل الله على رسوله  من الكتاب، والحكمة، ومعرفة ما أراد بذلك، كما كان عليه الصحابة، والتابعون، ومن سلك سبيلهم، فكل ما يحتاج إليه الناس، فقد بينه الله، ورسوله، بياناً شافياً كافياً، فكيف أصول التوحيد، والإيمان، ثم إذا عرف ما بينه الرسول، نظر في أقوال الناس، وما أرادوا بها، فعرضت على الكتاب، والسنة والعقل الصريح، الذي هو موافق للرسول، فإنه الميزان، مع الكتاب، فهذا سبيل الهدى 0
وأما سبيل الضلال، والبدع، والجهل، فعكسه: أن تبدع بدعة بأراء رجال، وتأويلاتهم، ثم تجعل ما جاء به الرسول، تبعاً لها، و تحرف ألفاظه، وتأويله، على وفق ما أصلوه، وهؤلاء تجدهم في نفس الأمر: لا يعتمدون على ما جاء به الرسول، ولا يتلقون منه الهدى، ولكن ما وافقهم منه قبلوه، وجعلوه حجة لا عمدة، وما خالفهم منه، تأولوه؛ كالذين يحرفون الكلم عن مواضعه؛ أو فوضوه، كالذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني 0
وكثير منهم: إنما ينظر في تفسير القرآن، والحديث، فيما يقوله، موافقة على المذهب؛ وكثير منهم: لم يكن عمدتهم في نفس الأمر، اتباع نص أصلاً، كالذين ذكرهم الله من اليهود: الذين يفترون على الله الكذب، وهم يعلمون؛
ثم جاء من بعدهم: من ظن صدق ما افترى أولئك، وهم في شك منهم، كما قال تعالى: (وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب) [الشورى: 14] 0
ففي الصحيحين عنه  " لتتبعن سنن من كان قبلكم، حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه " قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال: " فمن " ؟ فهذا دليل على أن ما ذم الله به أهل الكتاب، يكون في هذه الأمة، من يشبههم فيه، هذا حق شوهد، قال الله تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد) [فصلت: 53] فمن تدبر ما أخبر الله به رسوله، رأى: أنه قد وقع من ذلك أمور كثيرة 0
ومن زاد في الدين بشيء، ما فعله الرسول  وليس عليه الصحابة، والتابعون، فكأنما نقص؛ عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله  قال: " لا تشددوا على أنفسكم، فيشدد الله عليكم، فإن قوماً شددوا على أنفسهم، فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديار، رهبانية ابتدعوها، ما كتبناها عليهم " وعن عائشة رضي الله عنها، عن النبي  قال: " ما بال قوم يتنزهون عن شيء أصنعه ؟‍! فوالله إني لأعلمهم، وأشدهم لله خشية " 0
وعن أنس بن مالك، قال: جاء ثلاثة رهط، إلى بيوت أزواج رسول الله  يسألون عن عبادة النبي  فلما أخبروا،
كأنهم تقالوها، قالوا: وأين نحن من النبي ، وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ؟ فقال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل، ولا أرقد؛ وقال أحدهم: أنا أصوم الدهر، ولا أفطر؛ وقال الآخر: أنا أعتزل النساء، ولا أتزوج؛ فجاء النبي  فقال؛ " أنتم الذين قلتم: كذا، وكذا ؟ أما والله، إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، ولكني: أصوم، وأفطر؛ وأصلي، وأرقد؛ وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي، فليس مني " رواه البخاري؛ وقال : " أنتم أعلم بأمر دنياكم فخذوا به " 0وعن عائشة: أن النبي  تلا: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه) [آل عمران: 7] قال : " إذا رأيتم الذين يتبعون المتشابه، ويتركون المحكم، فأولئك الذين سمى الله: أهل الزيغ، فاحذروهم " وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: هاجرت إلى رسول الله  فسمع صوت رجلين اختلفا في آية، فخرج في وجهه الغضب، فقال: " إنما هلك من كان قبلكم، بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء، فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء، فاجتنبوه " 0
وقال : " من أحيا سنة من سنتي، قد أميتت بعدي، فإن له من الأجر، مثل أجور من عمل بها، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن ابتدع بدعة، ضلالة، لا
يرضاها الله، ورسوله، كان عليه من الإثم، مثل آثام من عمل بها، لا ينقص ذلك من أوزارهم شيء " رواه بلال بن الحارث المازني، رضي الله عنه؛ وروى في صحيح البخاري، ومسلم، عن عائشة قالت: قال رسول الله : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " وروى عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أن رسول الله  قال لعائشة: " إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً، أصحاب البدع والأهواء من هذه الأمة " 0
وعن العرباض بن سارية، قال: صلى بنا رسول الله  الصبح، فوعظنا موعظة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، وقال قائل: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع، فأوصنا؛ قال " أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة لأميركم، وإن حبشياً، فإنه من يعش منكم، فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة " 0
وروي في سنن أبي داود، والترمذي؛ وقال: حديث حسن صحيح؛ وروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله : " تفرقت بنو إسرائيل على اثنتين وسبعين ملة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار، إلا واحدة " قالوا من هي يا رسول الله ؟ قال: " من عمل بما أنا عليه اليوم، وأصحابي " قال عبد الله
ابن مسعود: إن أحسن الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها؛ رواه جابر مرفوعاً إلى رسول الله  0
وعن أبي المختار الطائي، عن ابن أخي الحارث الأعور، عن الحارث الأعور، قال: مررت بالمسجد، فإذا الناس يخوضون في الأحاديث، فدخلت على علي رضي الله عنه، فقلت: يا أمير المؤمنين، ألا ترى أن الناس قد خاضوا في الأحاديث ؟ قال: أو قد فعلوها ؟ قلت: نعم؛ قال: فإني سمعت رسول الله  يقول: ألا إنها ستكون فتنة، قلت فما المخرج يا رسول الله ؟ قال: كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله 0
وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسن، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، وهو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: (إنا سمعنا قرآناً عجباً، يهدي إلى الرشد) [الجن: 1 – 2] من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم 0
قوله: لا تزيغ به الأهواء؛ يعنى: لا يصير بسببه مبتدعاً ضالاً؛ وقوله: لا تلتبس به الألسن؛ أي: لا يختلط به
غيره، بحيث يشبه، ويلتبس الحق بالباطل؛ قال تعالى: (وإنا له لحافظون)، [الحجر: 9] 0
وقال : " إن الدين بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء، الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدى من سنتي " رواه طلحة عن أبيه عن جده؛ وقال : " من تمسك بسنتي عند فساد أمتي، فله أجر مائة شهيد" رواه أبو هريرة؛ وعن أبي هريرة عن النبي : ": إنكم في زمن من ترك منكم عشر ما أمر الله به هلك، ثم يأتي زمان من عمل بعشر ما أمر الله به نجا " حديث غريب 0
وعن عبد الله بن مسعود، قال: خط لنا رسول الله  خطاً، ثم قال: " هذا سبيل الله " ثم خط خطوطاً عن يمينه، وعن شماله وقال: " هذه سبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، وقرأ: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون)
[الأنعام: 153] 0
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : " نزل القرآن على خمسة وجوه: حلال، وحرام؛ ومحكم، ومتشابه؛ وأمثال؛ فأحلوا الحلال؛ وحرموا الحرام؛ واعملوا بالمحكم؛ وآمنوا بالمتشابه؛ واعتبروا بالأمثال " وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله : " الأمر ثلاثة: أمر بين غيه، فاجتنبه؛ وأمر بين رشده، فاتبعه؛ وأمر اختلف فيه، فكله إلى الله تعالى " 0
وفي الصحيحين عن أبي موسى: عن النبي  " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن، مثل الأترجة، طعمها طيب، وريحها طيب؛ ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن، مثل التمرة، طعمها طيب، ولا ريح لها؛ ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن، مثل الريحانة، ريحها طيب، وطعمها مر؛ ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن، مثل الحنظلة، طعمها مر، ولا ريح لها " فبين: أن في الذين يقرؤون القرآن، مؤمنين، ومنافقين 0
وإذا كانت سعادة الأولين والآخرين، هي: باتباع المرسلين؛ فمن المعلوم: أن أحق الناس بذلك أعلمهم بآثار المرسلين، واتبعهم لذلك؛ فالعالمون بأقوالهم، وأفعالهم، المتبعون لها، هم أهل السعادة في كل زمان ومكان؛ وهم: الطائفة الناجية، من أهل كل ملة؛ وهم: أهل السنة والحديث، من هذه الأمة 0
والرسل: عليهم البلاغ المبين؛ وقد بلغوا البلاغ المبين؛ وخاتم الرسل: محمد  أنزل الله عليه كتابه، مصدقاً لما بين يديه من الكتاب، ومهيمناً عليه؛ فهو: المهيمن على جميع الكتب؛ وقد بين أبين بلاغ وأتمه وأكمله، وكان أنصح الخلق لعباد الله، وكان بالمؤمنين رؤوفاً رحيماً، بلغ: الرسالة، وأدى الأمانة، وجاهد في الله حق جهاده، وعبد الله حتى أتاه اليقين، فأسعد الخلق، وأعظمهم نعيماً، وأعلاهم درجة: أعظمهم اتباعاً له؛ وموافقة علماً
وعملاً؛ والله سبحانه وتعالى أعلم 0

12d8c7a34f47c2e9d3==