المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الهجر وبعض ضوابطه


كيف حالك ؟

نادر
02-02-2005, 09:15 PM
وقال رحمه الله:
«سئل عمن يجب أو يجوز بغضه أو هجره»

ـ وسئل رحمه الله: عمن يجب أو يجوز بغضه أو هجره، أو كلاهما لله تعالى؟ وماذا يشترط على الذي يبغضه أو يهجره لله تعالى من الشروط؟ وهل يدخل ترك السلام في الهجران أم لا؟ وإذا بدأ المهجور الهاجر بالسلام هل يجب الرد عليه أم لا؟ وهل يستمر البغض والهجران لله عز وجل، حتى يتحقق زوال الصفة المذكورة التي أبغضه وهجره عليها؟ أم يكون لذلك مدة معلومة؟ فإن كان لها مدة معلومة، فما حدها؟ أفتونا مأجورين.
فأجاب: الهجر الشرعي نوعان: أحدهما: بمعنى الترك للمنكرات. والثاني: بمعنى العقوبة عليها.
فالأول: هو المذكور في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِى ءَايَـتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَـنُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّـلِمِينَ} [الأنعام: 68]. وقوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى الْكِتَـبِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ ءَايَـتِ اللَّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَـفِقِينَ وَالْكَـفِرِينَ فِى جَهَنَّمَ جَمِيعاً} [النساء: 140].
فهذا يراد به أنه لا يشهد المنكرات لغير حاجة، مثل قوم يشربون الخمر، يجلس عندهم. وقوم دعوا إلى وليمة فيها خمر وزمر لا يجيب دعوتهم، وأمثال ذلك. بخلاف من حضر عندهم للإنكار عليهم، أو حضر بغير اختياره. ولهذا يقال: حاضر المنكر كفاعله. وفي الحديث: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يشرب عليها الخمر» وهذا الهجر من جنس هجر الإنسان نفسه عن فعل المنكرات. كما قال صلى الله عليه وسلّم: «المهاجر من هجر ما نهى الله عنه».
ومن هذا الباب الهجرة من دار الكفر والفسوق إلى دار الإسلام والإيمان. فإنه هجر للمقام بين الكافرين والمنافقين الذين لا يمكنونه من فعل ما أمر الله به، ومن هذا قوله تعالى: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 5].
النوع الثاني: الهجر على وجه التأديب، وهو هجر من يظهر المنكرات، يهجر حتى يتوب مها، كما هجر النبـي صلى الله عليه وسلّم والمسلمون: الثلاثة الذين خلفوا، حتى أنزل الله توبتهم، حين ظهر منهم ترك الجهاد المتعين عليهم بغير عذر،ولم يهجر من أظهر الخير، وإن كان منافقاً. فهنا الهجر هو بمنزلة التعزير.
والتعزير يكون لمن ظهر منه ترك الواجبات، وفعل المحرمات، كتارك الصلاة والزكاة والتظاهر بالمظالم والفواحش، والداعي إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة التي ظهر أنها بدع.
وهذا حقيقة قول من قال من السلف والأئمة: إن الدعاة إلى البدع لا تقبل شهادتهم، ولا يصلى خلفهم، ولا يؤخذ عنهم العلم، ولا يناكحون. فهذه عقوبة لهم حتى ينتهوا؛ ولهذا يفرقون بين الداعية وغير الداعية؛ لأن الداعية أظهر المنكرات، فاستحق العقوبة، بخلاف الكاتم، فإنه ليس شراً من المنافقين الذين كان النبـي صلى الله عليه وسلّم يقبل علانيتهم، ويكل سرائرهم إلى الله، مع علمه بحال كثير منهم. ولهذا جاء في الحديث: «إن المعصية إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها، ولكن إذا أعلت فلم تنكر ضرت العامة» وذلك لأن النبـي صلى الله عليه وسلّم قال: «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه».
فالمنكرات الظاهرة يجب إنكارها؛ بخلاف الباطنة فإن عقوبتها على صاحبها خاصة.
وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوتهم وضعفهم وقلتهم وكثرتهم، فإن المقصود به زجر المهجور وتأديبه ورجوع العامة عن مثل حاله. فإن كانت لمصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفيته كان مشروعاً، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك، بل يزيد الشر، والهاجر ضعيف، بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته، لم يشرع الهجر؛ بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر.
والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف؛ ولهذا كان النبـي صلى الله عليه وسلّم يتألف قوماً ويهجر آخرين. كما أن الثلاثة الذين خلفوا كانوا خيراً من أكثر المؤلفة قلوبهم، لما كان أولئك كانوا سادة مطاعون في عشائرهم، فكانت المصلحةالدينية في تأليف قلوبهم، وهؤلاء كانوا مؤمنين، والمؤمنون سواهم كثير، فكان في هجرهم عز الدين، وتطهيرهم من ذنوبهم، وهذا كما أن المشروع في العدو القتال تارة، والمهادنة تارة، وأخذ الجزية تارة، كل ذلك بحسب الأحوال والمصالح.
وجواب الأئمة كأحمد وغيره في هذا الباب مبني على هذا الأصل. ولهذا كان يفرق بين الأماكن التي كثرت فيها البدع، كما كثر القدر في البصرة، والتنجيم بخراسان، والتشيع بالكوفة، وبين ما ليس كذلك، ويفرق بين الأئمة المطاعين وغيرهم، وإذا عرف مقصود الشريعة سلك في حصوله أوصل الطرق إليه.
المجلد28صفحة203فتاوى شيخ الأسلام

أبو علي السلفي
02-02-2005, 09:41 PM
جزاك الله خير ياأخي نادر والموضوع قد كتب من قبل وهذا رابطه

http://alathary.net/vb2/showthread.php?t=5592

12d8c7a34f47c2e9d3==