المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أهل الحديث عند شيخ الإسلام ابن تيمية


كيف حالك ؟

salaf
01-30-2005, 10:48 PM
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
"ونحن لا نعني بأهل الحديث المقتصرين على سماعه أو كتابته أو روايته بل نعني بهم كل من كان أحق بحفظه ومعرفته وفهمه ظاهرا أو باطنا واتباعه باطنا وظاهرا وكذلك أهل القرآن وأدنى خصلة في هؤلاء محبة القرآن والحديث والبحث عنهما وعن معانيهما والعمل بما علموه من موجبهما ففقهاء الحديث أخبر بالرسول من فقهاء غيرهم وصوفيتهم أتبع للرسول من صوفية غيرهم وأمراؤهم أحق بالسياسة النبوية من غيرهم وعامتهم أحق بموالاة الرسول من غيرهم ومن المعلوم ان المعظمين للفلسفة والكلام المعتقدين لمضمونهما هم أبعد عن معرفة الحديث وأبعد عن اتباعه من هؤلاء هذا أمر محسوس بل إذا كشفت أحوالهم وجدتهم من أجهل الناس بأقواله وأحواله وبواطن أموره وظواهرها حتى لتجد كثيرا من العامة أعلم بذلك منهم ولتجدهم لا يميزون بين ما قاله الرسول وما لم يقله بل قد لا يفرقون بين حديث متواتر عنه وحديث مكذوب موضوع عليه إنما يعتمدون في موافقته على ما يوافق قولهم سواء كان موضوعا أو غير موضوع فيعدلون إلى أحاديث يعلم خاصة الرسول بالضرورة اليقينية أنها مكذبة عليه عن أحاديث يعلم خاصته بالضرورة اليقينية أنها قوله وهم لا يعلمون مراده بل غالب هؤلاء لا يعلمون معاني القرآن فضلا عن الحديث بل كثير منهم لا يحفظون القرآن أصلا فمن لا يحفظ القرآن ولا يعرف معانيه ولا يعرف الحديث ولا معانيه من أين يكون عارفا بالحقائق المأخوذة عن الرسول وإذا تدبر العاقل وجد الطوائف كلها كلما كانت الطائفة إلى الله ورسوله أقرب كانت بالقرآن والحديث أعرف وأعظم عناية وإذا كانت عن الله وعن رسوله أبعد كانت عنهما أنأى حتى تجد في أئمة علماء هؤلاء من لا يميز بين القرآن وغيره بل ربما ذكرت عنده آية فقال لا نسلم صحة الحديث وربما قال لقوله عليه السلام كذا وتكون آية من كتاب الله وقد بلغنا من ذلك عجائب وما لم يبلغنا أكثر وحدثني ثقة أنه تولى مدرسة مشهد الحسين بمصر بعض أئمة المتكلمين رجل يسمى شمس الدين الأصبهاني شيخ الأيكي فأعطوه جزءا من الربعة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم المص حتى قيل له ألف لام ميم صاد فتأمل هذه الحكومة العادلة ليتبين لك أن الذين يعيبون أهل الحديث ويعدلون عن مذهبهم جهلة زنادقة منافقون بلا ريب ولهذا لما بلغ الإمام أحمد عن ابن أبي قتيلة أنه ذكر عنده أهل الحديث بمكة فقال قوم سوء فقام الإمام أحمد وهو ينفض ثوبه ويقول زنديق زنديق زنديق ودخل بيته فإنه عرف مغزاه وعيب المنافقين للعلماء بما جاء به الرسول قديم من زمن المنافقين الذين كانوا على عهد النبي وأما أهل العلم فكانوا يقولون هم الأبدال لأنهم أبدال الأنبياء وقائمون مقامهم حقيقة ليسوا من المعدمين الذين لا يعرف لهم حقيقة كل منهم يقوم مقام الأنبياء في القدر الذي ناب عنهم فيه هذا في العلم والمقال وهذا في العبادة والحال وهذا في الأمرين جميعا وكانوا يقولون هم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة الظاهرون على الحق لأن الهدى ودين الحق الذي بعث الله به رسله معهم وهو الذي وعد الله بظهوره على الدين كله وكفى بالله شهيدا "


مجموع الفتاوى، الجزء 4، صفحة 97-95

12d8c7a34f47c2e9d3==