المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الامام ابن القيم رحمه الله يرد على المميعه


كيف حالك ؟

السبيق
01-25-2005, 10:41 PM
قال الامام ابن القيم رحمه في كتابه القيم زادالمعاد الجزء الثالث ص34 مانصه :

((وقوله‏:‏ ‏{‏الم اَحَسِبَ النَّاسُ اَنْ يُتْرَكُوا اَن يَقُولُوا امَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَليَعْلَمَنَّ الْكَّاذِبِينَ امْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّـيِّئاتِ اَن يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ مَنْ كَانَ يَرْجُواْ لِقَاءَ اللهِ فَانَّ اَجَلَ اللهِ لاتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ وَمَنْ جَاهَدَ فَانَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ اِنَّ اللهَ لَغَنِىٌ عَنِ العَالَمِينَ وَالَّذِينَ امَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَـيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ اَحْسَنَ الذي كَانُوا يَعْمَلُونَ وَوَصَّيْنَا الانسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَان جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا اِلَىَّ مَرْجِعُكُمْ فَاُنَـبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَالَّذِينَ امَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ في الصَّالِحِينَ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ امَنَّا بِاللِّهِ فَاذَا اُوذِىَ في اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ وَلئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ اِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ اَوَ لَيْسَ اللهُ بِاَعْلَمَ بِمَا في صُدُورِ العَالَمِينَ‏}‏ ‏[‏العنكبوت‏:‏ 1-10‏]‏‏.‏
فليتاملِ العبدُ سياقَ هذِهِ الاياتِ، وما تضمنَّته من العِبَرِ وكُنُوز الحِكَم، فانَّ الناسَ اذَا اُرسِلَ اليهم الرُّسُلُ بين امرين‏:‏ اما ان يقولَ احدهُم‏:‏ امنا، واما ان لا يقولَ ذلك، بل يستمرَّ على السيَّئاتِ والكُفر، فمَن قال‏:‏ امنا، امتحنه ربُّه، وابتلاه، وفتنه، والفتنة‏:‏ الابتلاء والاختبار، ليتبينَ الصادِقُ مِن الكاذِب، ومَن لم يقل‏:‏ امنا، فلا يَحْسَبْ انه يُعْجِزُ الله ويفوتُه ويَسبِقُه، فانه انما يطوى المراحِلَ في يديه‏.‏

وكَيـفَ يَفِـرُّ المرْءُ عَـنْهُ بِذَنْـبِهِ ** اِذَا كَانَ تُطْوى في يَدَيْهِ المرَاحِلُ

فمَن امن بالرُّسُلِ واطاعهم، عاداه اعداؤهم واذوه، فابتُلى بما يُؤلِمه، وان لم يُؤمن بهم ولم يُطعهم، عُوقِبَ في الدنيا والاخرة، فَحَصَلَ له ما يُؤلمه، وكان هذا المؤلمُ له اعظَمَ الماً وادومَ مِن الم اتِّباعهم، فلا بد من حصول الالم لكل نفسٍ امنت او رغبت عن الايمان، لكن المؤمن يحصل له الالم في الدنيا ابتداءً، ثم تكون له العاقبةُ في الدنيا والاخرة، والمُعرِضُ عن الايمان تحصلُ له اللَّذةُ ابتداءً، ثم يَصير الى الالم الدائم‏.‏ وسئل الشافعى رحمه الله ايُّما افضلُ للرجل، ان يُمكَّن او يُبتلى ‏؟‏ فقال‏:‏ لا يُمكَّن حتى يُبتلى‏.‏ والله تعالى ابتلى اُولى العَزْمِ مِن الرسل فلما صَبَرُوا مكَّنهم، فلا يَظُنَّ احد انه يخلص من الالم البتة، وانما يتفاوتُ اهلُ الالام في العُقُول، فاعقلُهم مَنْ باع الماً مستمِراً عظيماً، بالم منقطع يسير، واشقاهُم مَنْ باع الالَمَ المنقطِعَ اليسير، بالالم العظيم المستمر‏.‏

فان قيل‏:‏ كيف يختار العاقلُ هذا ‏؟‏ قيل‏:‏ الحاملُ له على هذا النَّقْدُ، والنَّسيئة‏.‏

* والنَّفْسُ مُوكلةٌ بِحُبِّ العَاجِلِ *

‏{‏كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ العَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الاخِرَةَ‏}‏ ‏[‏القيامة‏:‏ 20-21‏]‏، ‏{‏اِنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ العَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً‏}‏ ‏[‏الانسان‏:‏ 27‏]‏‏.‏

وهذا يحصُل لكل احد، فان الانسان مدنى بالطَّبع، لا بُد له ان يعيشَ مع الناس، والناسُ لهم ارادات وتصورات، فيطلبُون منه ان يُوافِقهم عليها، فان لم يوافقهم، اذوْه وعذَّبوه، وان وافقهم، حَصَلَ له الاذى والعذابُ، تارةً منهم، وتارةً مِن غيرهم، كمن عنده دِينٌ وتُقى حلَّ بين قوم فُجَّارٍ ظَلَمَةٍ، ولا يتمكنون مِن فجورهم وظُلمهم الا بموافقته لهم، او سكوتِه عنهم، فان وافقهم، او سكت عنْهم، سَلِمَ مِن شرهم في الابتداء، ثم يتسلَّطُونَ عليه بالاهانة والاذى اضعافَ ما كان يخافهُ ابتداء، لو انكر عليهم وخالفهم، وان سَلِمَ منهم، فلا بد ان يُهان ويُعاقَب على يد غيرهم، فالحزمُ كُلُّ الحزم في الاخذ بما قالت عائشة ام المؤمنين لمعاوية‏:‏ ‏(‏مَنْ اَرْضَى الله بِسَخَطِ النَّاسِ، كَفَاهُ الله مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنْ اَرْضَى النَّاسَ بِسَخَطِ الله لم يُغْنُوا عَنْهُ مِنَ الله شَيْئَاً‏)‏‏.‏

ومَنْ تامل احوالَ العالَم، راى هذا كثيراً فيمن يُعينُ الرؤساءَ على اغراضهم الفاسدة، وفيمن يُعينُ اهلَ البِدَعِ على بِدعهم هَرَباً من عُقوبتهم، فمَنْ هداه الله، والهمه رُشده، ووقاه شرَّ نفسه، امتنع مِن الموافقة على فِعل المحرَّم، وصَبَرَ على عُدوانهم، ثم تكونُ له العاقبةُ في الدنيا والاخرة، كما كانت لِلرُّسل واتباعهِم، كالمهاجرين، والانصار، ومَن ابتُلى مِن العلماء، والعُبَّاد، وصالحى الوُلاة، والتجار، وغيرهم‏.‏

ثمَّ عزَّاهم تعالى بعزاءٍ اخر، وهو ان جِهادهم فيه، انما هو لانفسهم، وثمرته عائدة عليهم، وانه غنى عن العالمين، ومصلحةُ هذا الجهاد، ترجعُ اليهم، لا اليه سُبحانه، ثم اخبر انَّه يُدخلهم بجهادهم وايمانهم في زُمرة الصالحين‏.‏

ثم اخبر عن حال الدَّاخل في الايمان بلا بصيرة، وانه اذا اُوذى في الله جعل فتنةَ الناسِ له كعذاب الله، وهى اذاهم له، ونيلُهم اياه بالمكروه والالم الذي لا بد ان يناله الرسلُ واتباعهم ممن خالفهم، جعل ذلك في فراره منهم، وتركِهِ السبب الذي ناله، كعذابِ الله الذي فرَّ منه المؤمنون بالايمان، فالمؤمنون لِكمال بصيرتهم، فرُّوا مِن الم عذاب الله الى الايمانِ، وتحمَّلُوا ما فيهِ من الالم الزائل المُفارق عن قريب، وهذا لضعف بصيرته، فرَّ من الم عذاب اعداء الرسل الى موافقتهم ومتابعتهم، ففرَّ مِن المِ عذابهم الى المِ عذاب الله، فجعل المَ فتنة الناس في الفِرار منه، بمنزلة الم عذاب الله، وغُبِنَ كُلَّ الغَبن اذ استجار مِن الرَّمضاء بالنار، وفرَّ مِن الم ساعة الى الم الابد، واذا نصر الله جُنده واولياءه، قال‏:‏ انى كنتُ معكم، والله عليم بما انطوى عليه صدرُه من النفاق‏.‏

والمقصود‏:‏ ان الله سبحانه اقتضت حكمتهُ انه لا بد ان يمتحن النفوسَ ويبتَليها، فُيظْهِرَ بالامتحان طِّيبَها مِن خبيثها، ومَنْ يصلُح لموالاته وكراماته، ومَنْ لا يصلُح، وليُمحِّص النفوسَ التي تصلُح له ويُخلِّصها بِكِير الامتحان، كالذَّهب الذي لا يخلُص ولا يصفو مِن غِشه، الا بالامتحان، اذ النفسُ في الاصل جاهلة ظالمة، وقد حصل لها بالجهل والظلم مِن الخُبث ما يحتاجُ خروجه الى السَّبكِ والتصفية، فان خرج في هذه الدار، والا ففى كِير جهنم، فاذا هُذِّب العبدُ ونُقِّىَ، اُذِنَ له في دخولِ الجنة‏.‏.) اهـ
قلت :وفي هذا الكلام رداً على المميعة الذين يسكتون عن من ظهرت بدعته ويوافقنه ربما لانهم يرون جواز التنازل عن الاصول لأجل المصلحة نسأل الله العافية والسلامة كما نسأله حسن العاقبة انه سميع مجيب

المرحباني
01-25-2005, 11:32 PM
لله درك أيها السبيق على هذا النقل المبارك وفيه رد على شرذمة التمييع الخبيثه التي تضرب أطنابها في كثير من البلدان الاسلاميه

12d8c7a34f47c2e9d3==