المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وسع صدرك ياسلفي .


كيف حالك ؟

خلاص السوقهراسي الاثري
01-16-2005, 04:59 PM
قال العلامة الوالد محمد بن صالح العثيمين - أعلى الله درجته في المهديين - تحت عنوان :

[ اتـسـاع صـدور الـشـبـاب للخـلاف بـيـن الـعـلـمـاء ]


" إن على الشباب الدعاة والملتزمين أن تتسع صدورهم لما يحصل من اختلاف بين العلماء أوغيرهم ، وأن يقابلوا هذا بالاعتذار عمن سلك سبيلاً خطأ في اعتقادهم ، وهذه نقطة مهمة جداً ، لأن بعض الناس يتتبع أخطاء الآخرين ، ليتخذ منها ما ليس لائقاً في حقهم ويشوش على الناس سمعتهم ، وهذا من أكبر الأخطاء ، وإذا كان اغتياب العامي من الناس من كبائر الذنوب فإن اغتياب العالم أكبر وأكبر ، لأن اغتياب العلم لا يقتصر ضرره على العالم ، بل عليه وعلى ما يحمله من العلم الشرعي ، والناس إذا زهدوا في العالم أو سقط من أعينهم تسقط كلمته أيضا من أعينهم ، وإذا كان يقول الحق ويهدي إليه ، فإن غيبة هذا الرجل لهذا العالم تكون حائلاً بين الناس وبين علمه الشرعي ، وهذا خطره كبير وعظيم .

أقول : إن على هؤلاء الشباب أن يحملوا ما يجري بين العلماء من الاختلاف على حسن النية ، وعلى الاجتهاد ، وان يعذروهم فيما أخطأوا فيه ، ولا مانع أن يتكلموا معهم فيما يعتقدون أنه خطأ ، ليبينوا لهم هل الخطأ منهم أو من الذين قال إنهم أخطأوا ؟1 لأن الإنسان أحيانا يتصور أن قول العالم خطأ ، ثم بعد المناقشة يتبين صوابه ، والإنسان بشر : " كل ابن آدم خطّاء وخير الخطّائين التوابون " أخرجه أحمد والدارمي والترمذي وحسنه الألباني.

أما أن يفرح بزلة العالم وخطئه ليشيعها بين الناس فتحصل الفرقة ، فإن هذا ليس من طريق السلف .

وكذلك أيضا ما يحصل من الأخطاء في الأمراء لا يجوز لنا أن نتخذ ما يخطئون فيه سلماً للقدح فيهم في كل شيء ونتغاضى عما لهم من الحسنات ؛ لأن الله يقول في كتابه : ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا ) سورة المائدة ، يعني لا يحملنكم بغض قوم على عدم العدل ، فالعدل واجب ، ولا يحل للإنسان أن يأخذ زلات أحد الأمراء أو العلماء أو غيرهم فيشيعها بين الناس ، ثم يسكت عن حسناتهم ، فإن هذا ليس من العدل .

وقس هذا الشيء في نفسك ، لو أن أحداً سُـلِّـطَ عليك وصار ينشر زلاتك وسيئاتك ، ويخفي حسناتك وإصاباتك ، لعددت ذلك جناية منه عليك ، فإذا كنت ترى ذلك في نفسك ، فإنه يجب عليك أن ترى ذلك في غيرك ، وكما أشرت آنفاً إلى أن علاج ما تظنه خطأ أن تتصل بمن رأيت أنه أخطأ ، وأن تناقشه ، ويتبين الموقف بعد المناقشة .

فكم من إنسان بعد المناقشة يرجع عن قوله إلى ما يكون هو الصواب ، وكم من إنسان بعد المناقشة يكون قوله هو الصواب ، وظننا أنه هو الخطأ ، " فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً " أخرجه البخاري ومسلم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه " أخرجه مسلم، وهذا هو العدل والاستقامة .

فعلى الداعية أن يكون قلبه منشرحا لمن خالفه ، لاسيما إذا علم أن الذي خالفه حسن النية ، وأنه لم يخالفه إلا بمقتضى قيام الدليل عنده ، فإنه ينبغي للإنسان أن يكون مرناً في هذه الأمور وأن لا يجعل من هذا الخلاف مثاراً للعداوة والبغضاء ، اللهم إلا رجل خالف معانداً بحيث يبين له الحق ويُصرّ على باطله ، فإن هذا يجب أن يعامل بما يستحق أن يعامل به من التنفير عنه وتحذير الناس منه ، لأنه تبين عداوته حيث بين له الحق فلم يمتثل .

وهناك مسائل فرعية يختلف فيها الناس وهي في الحقيقة مما وسع الله على عباده – وأعني مسائل ليست من الأصول التي تبلغ إلى تكفير المخالف - ، فهذه مما وسع الله فيها على العباد ، وجعل الخطأ فيها واسعاً ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد " أخرجه البخاري ومسلم ، فالمجتهد لا يخرج عن دائر الأجر أبداً فإما أجران إن أصاب وإما أجر واحد إن أخطأ ، وإذا كنت لا تريد أن يخالفك غيرك فإن غيرك أيضا يريد أن لا يخالفه أحد ، فكما أنك تريد أن يأخذ الناس بقولك ، فالمخالفون لك يريدون أيضاً أن يأخذ الناس بقولهم ، والمرجع عند التنازع ما بينه الله عز وجل في قوله : ( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) سورة الشورى10 ، ويقول الله عز وجل : ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ) سورة النساء59

فيجب على كل المختلفين والمتنازعين أن يرجعوا إلى هذين الأصلين كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا يحل لأحد أن يعارض كلام الله ورسوله بكلام أحد من البشر مهما كان ، فإذا تبيّن لك الحق فالواجب أن تضرب بقول من خالفه عرض الحائط ، وأن لا تلتفت إليه مهما كانت منزلته من العلم والدين ؛ لأن البشر يخطئ لكن كلام الله ورسوله ليس فيه خطأ .

ويؤسفني أن أسمع عن قوم يعتبرون جادين في طلب الحق والوصول إليه ومع ذلك نجدهم متفرقين ، لكل واحد منهم اسم معيّن أو وصف مُعين ، وهذا في الحقيقة خطأ ، إن دين الله عزوجل واحد ، وأمة الإسلام واحدة يقول الله عزوجل : ( وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ) سورة المؤمنون 52 ، ويقول الله سبحانه وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ( إن الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون ) سورة الأنعام 159 ، وقال عزوجل : ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوجاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ) سورة الشورى 13 .

فإذا كان هذا توجيه الله عزوجل لنا فالواجب علينا أن نأخذ بهذا التوجيه ، وأن نجتمع على بساط البحث ، وأن يناقش بعضنا بعضاً على سبيل الإصلاح لا على سبيل الانتقاد والانتقام ، فإن أي إنسان يجادل غيره ويحاج بقصد الانتصار لرأيه واحتقار رأي غيره أو لقصد الانتقاد دون الإصلاح فإن الغالب أن يخرجوا على وجه لا يرضي الله ورسوله .

فالواجب علينا في مثل هذا الأمر أن نكون أمة واحدة ، وأنا لا أقول إنه لا يُخطئ أحد ، بل يخطئ ويُصيب ، ولكن الكلام في الطريق إلى إصلاح هذا الخطأ ، ليس الطريق إلى إصلاح الخطأ أن أتكلم في غيبته وأقدح فيه ، ولكن الطريق إلى إصلاحه ، أن أجتمع به وأناقشه فإذا تبين بعد العذر أن الرجل مُصرّ على عناده ، وعلى ما هو عليه من باطل فحينئذٍ لي العذر ولي الحق بل يجب عليّ أن أبيّن خطأه ، وأن أحذّر الناس من خطئه ، وبهذا تصلح الأمور .

أما التفرق والتحزب فإن هذا لا تقر به عين أحد ، إلا من كان عدواً للإسلام والمسلمين." ا.هـ


المرجع : الصحوة الإسلامية : ضوابط وتوجيهات ( 67 - 71 )

خلاص السوقهراسي الاثري
01-18-2005, 12:16 PM
رحم الله الشيخ إبن عثيمين فقد كان ناصحا أمينا .

محمد الصميلي
01-19-2005, 04:30 PM
رحم الله الشيخ إبن عثيمين فقد كان ناصحا أمينا

12d8c7a34f47c2e9d3==