المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( مناسك الحج و وجوب الأضحية ) خطبة لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين .


كيف حالك ؟

مسلم بن عبدالله
01-07-2005, 08:49 PM
الحمدلله وحده ، والصلاة والسلام على من لانبي بعده أما بعد :
فهذه خطبة جمعة لفضيلة شيخنا محمد الصالح العثيمين رحمه الله تتعلق بالحج والأضحية ،، وذلك لأهمية الموضوع أحببنا إيرادها للفائدة ،، فرحم الله الشيخ محمد وجزاه عنا وعن المسلمين خير الجزاء ،،،،،،،،( مناسك الحج و وجوب الأضحية )

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق رحمة للعالمين وقدوة للعاملين وحجة على العباد أجمعين وأختار له ديناً قيماً مبنياً على الإخلاص لله والتيسير فليس في دينه حرج ولا شدة ولا تعسير وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خلق فأتقن وشرع فأحكم وهو خير الحاكمين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى على الخلق أجمعين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما .
أما بعد :
أيها الناس فإنكم تستقبلون في هذه الأيام السفر إلى بيت الله الحرام ترجون من ربكم مغفرة الذنوب والأثام وتأملون الفوز بالنعيم المقيم في دار السلام وتؤمنون بالخلف العاجل من ذي الجلال والإكرام أيها المسلمون إنكم تتوجهون في زمان فاضل إلى أمكنة فاضلة ومشاعر معظمة تؤدون عبادة من آجل العبادة لا يريد بها المؤمن فخراً ولا رياء ولا نزهة ولا طربا وإنما يريد بها وجه الله والدار الآخرة فأدوا هذه العبادة كما أمرتم من غير غلوٍ ولا تقصير ليحصل لكم ما أردتم من مغفرة الذنوب والفوز بالنعيم المقيم قوموا في سفركم وفي إقامتكم بما أوجب الله عليكم من الطهارة والصلاة وغيرهما من شعائر الدين إذا وجدتم الماء فتطهروا به للصلاة فإن لم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيدكم منه أدوا الصلاة جماعة ولا تتشاغلوا بشيء فإن الشغل يمكن قضاؤه بعد الصلاة صلوا الرباعية قصراً فصلوا الظهر والعصر والعشاء الآخرة على ركعتين من خروجكم من بلدكم إلى رجوعكم إليها إلا أن تصلوا خلف إمام يتم الصلاة فأتموها أربعة أجمعوا بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير حسب ما يتيسر لكم إن كنتم سائرين أما إن كنتم مقيمينً في مكة أو منى أو غيرهما فالسنة أن لا تجمعوا صلوا الوتر وصلوا من النوافل ما شئتم وصلوا راتبة الفجر ولا يسن أن يصلى الإنسان راتبتي الظهر وراتِبة المغرب وراتِبة العشاء وأما ما عدا ذلك من تطوع في الصلاة فإنه باقي على سُنيته تخلقوا بالأخلاق الفاضلة من الصدق والسماحة وبشاشة الوجه والكرم بالمال والبدن والجاه وأحسنوا إن الله يحب المحسنين واصبروا على المشقة والأذى فإن الله يحب الصابرين فإذا وصلتم الميقات فاغتسلوا وتطيبوا في أبدانكم في الرأس واللحية ولا تطيبوا ثياب الإحرام وألبسوا ثياب الإحرام إزاراً ورداءً أبيضين للذكور وأما النساء فيلبسن ما شئن من الثياب غير متبرجات بزينة لا تتجاوزوا الميقات بدون إحرام أحرموا من أول ميقات تمرون به لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت وقال: (هن لهن ولمن أتي عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج أو العمرة ) و من كان في الطائرة فليتهيأ للإحرام من قبل ثم ينوي الإحرام ثم إذا جاء الميقات قبل مجاوزته أحرموا بالعمرة فسيروا إلى مكة ملبين بتلبية النبي صلى الله عليه وسلم لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك يرفع الرجال أصواتهم بذلك فإذا بلغتم البيت فطوفوا به طواف العمرة سبعة أشواط وأعلموا أن جميع المسجد مكان للطواف القريب من الكعبة والبعيد حتى أطراف المسجد وحتى سطح المسجد يجوز الطواف به لكن القرب من الكعبة أفضل إذا لم يكن زحامٌ مشقة فإذا أكملتم الطواف فصلوا ركعتين خلف مقام إبراهيم قريباً منه إن تيسر أو بعيداً منه ثم اسعوا بين الصفا والمروة فإذا أكملتم السعي سبعة أشواط فقصروا من رؤوسكم من جميع الرأس لا من جانب منه كما يفعله بعض الجهال قصروا من جميع الرأس وتقصر المرأة من أطرافه بقدر أنملة إصبع وبذلك تمت العمرة وحللتم الحل كله فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة فأحرموا بالحج من مكانكم الذي أنتم فيه اغتسلوا وتتطيبوا وألبسوا ثياب الإحرام وأحرموا بالحج وسيروا ملبين إلى منى وصلوا بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً بلا جمع تصلون الظهر والعصر والعشاء على ركعتين وتؤدون كل صلاة وحدها في وقتها إقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا طلعت الشمس من اليوم التاسع فسيروا ملبين إلى عرفة وصلوا بها الظهر والعصر على ركعتين جمع تقديم ثم تفرغوا لذكر الله ودعاءه والتضرع إليه مستقبلي القبلة ولو كان الجبل خلفكم رافعي قلوبكم وأيديكم إلى ربكم مؤملين منه إجابة دعائكم ومغفرة ذنوبكم وتأكدوا من الوقوف داخل عرفة فإن كثيرٌ من الحجاج ينزلون خارج حدودها ولا يقفون فيها ومن لم يقف بعرفة فلا حج له وعرفة كلها موقف كما قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم:(وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف) فكل نواحي عرفة موقف إلا بطن الوادي وادي عرفة فإذا غربت الشمس فسيروا من عرفة إلى مزدلفة وصلوا بها المغرب ثلاث والعشاء ركعتين وبيتوا بها حتى تصلوا الفجر ثم ادعوا الله سبحانه واستغفروه وكبروه ووحدوه إلى أن تسفروا جداً ثم سيروا إلى منى كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم للنساء والضعفاء أن يدفعوا من مزدلفة في أخر الليل فإذا وصلتم إلى منى فأبدوا برمي جمرة العقبة بسبع حصايات متعاقبات كل حصاة أكبر من الحمص قليلا والقطوها من حيث شئتم وكبروا مع كل حصاة وأعلموا أن الحكمة من رمي الجمرات هي إقامة ذكر الله وتعظيمه ولذلك يكبر الإنسان عند رميه ولستم ترمون الشياطين كما يظنه بعض الناس وإنما ترمون هذا الأحجار في هذه الأماكن تعظيماً لله عز وجل وإقامةً لذكره وإقتداءً برسوله صلى الله عليه وسلم فإذا رميتم فاذبحوا الهدي إن تيسر ولا يجزئ من الهدي إلا ما يجزئ في الأضحية فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ويجوز صيام الأيام الثلاثة قبل الطلوع إلى منى ويجوز في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر ويجوز صيام الأيام السبعة بعد رجوعكم متتابعةً أو متفرقة فإذا ذبحتم الهدي المتيسر فاحلقوا رؤوسكم والنساء يقصرن وإذا رميتم وحلقتم ، حل لكم كل شيء من محظورات الإحرام إلا النساء فتلبسون ثيابكم وتتطيبون ثم تنزلون إلى مكة فتطوفون بالبيت للحج وتسعون للحج بين الصفا والمروة وبذلك تحلون الحل كله فيحل لكم جميع المحظورات حتى النساء أيها المسلمون إن الحجاج يؤدون يوم العيد يؤدون مناسك عظيمة ولهذا سمى الله يوم العيد يوم الحج الأكبر إنهم يرمون جمرة العقبة ثم يذبحون هديهم ثم يحلقون رؤوسهم أو يقصرون ثم يطوفون بالبيت ثم يسعون بين الصفا والمروة والأكمل أن يفعلوها يوم العيد على هذا الترتيب فإن قدموا بعضها على بعض فلا حرج فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما سئل يوم العيد عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: ( أفعل ولا حرج) تيسراً على العباد ورحمةً بهم ولو أخرتم الطواف والسعي حتى تنزلوا من منى فلا حرج عليكم غير أنكم لا تتمتعون بالنساء قبل ذلك وإن أخرتم الطواف والسعي إلى الخروج وطفتم عند الخروج وسعيتم أجزئكم ذلك عن طواف الوداع وإن أخرتم ذبح الهدي إلى اليوم الثالث عشر وذبحتموه بمكة فلا حرج عليكم أيها الناس بيتوا بمنى ليلتين الحادية عشرة والثانية عشرة وارموا الجمار الثلاثة في اليومين بعد زوال الشمس ابدءوا برمي الجمرة الأولى الشرقية فارموها بسبع حصايات وكبروا مع كل حصاة ثم تقدموا عن الزحام وقفوا مستقبلي القبلة رافعي أيديكم إلى ربكم تدعونه دعاءً طويلا ثم ارموا الجمرة الوسطى بسبعة حصايات وكبروا مع كل حصاة ثم تقدموا عن الزحام وادعوا الله دعاءً طويلاً وأنتم إلى القبلة رافعي أيديكم ثم ارموا جمرة العقبة بسبعة حصايات وكبروا مع كل حصاة وانصرفوا بعد ذلك بدون وقوف للدعاء فإن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعد رمي الجمرة الأولى والوسطى ولم يقف بعد رمي جمرة العقبة ولا ترموا في اليومين قبل زوال الشمس لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرمي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر إلا بعد الزوال ولكم الرمي إلى غروب الشمس ولكم أن تأخروا الرمي إلى الليل لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت أول الرمي دون أخره وأذن للضعفاء والنساء أن يدفعوا من مزدلفة قبل الفجر خوفاً عليهم من الزحام وارموا بأنفسكم ولا توكلوا أحداً يرمى عنكم لأن الرمي عبادة واجبة على ا لذكور والإناث وهو من تمام الحج وقد قال الله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) فيجب على المرء أن يرمي بنفسه إلا عند الضرورة مثل أن يكون مريضاً أو كبيراً أو امرأة حاملاً تخاف على نفسها أو على حملها من الزحام فيجوز التوكيل حينئذٍ فيرمي الوكيل الجمرات أولاً عن نفسه ثم يرميها عن موكله وله أن يرمي عن نفسه وعن موكله في موقف واحد في كل جمرة فإذا رميتم الجمار في اليوم الثاني عشر فقد تم الحج فمن شاء تعجل فخرج من منى قبل غروب الشمس ومن شاء تأخر فبات بمنى ليلة الثالث عشر ورمى الجمار من الغد بعد الزوال وهذا أفضل لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه أكثر عملاً حيث يحصل للإنسان المبيت والرمي في الثالث عشر وطوفوا للوداع إذا أردتم السفر إلى بلدكم بعد تمام أفعال الحج كلها لأن طواف الوداع ليس بعده شيء من أفعال الحج ولقد كان بعض الناس ينزل في ضحى اليوم الثاني عشر فيطوف للوداع ثم يخرج إلى منى فيرمي الجمرات ثم يسافر وهذا خطاءٌ مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وفعله فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يكون أخر عهد الناس بالبيت ومن رمى بعد الوداع فقد جعل أخر عهده بالجمار لا بالبيت ولأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بعد أن أتم جميع أفعال النسك وليس على المرأة وداعٌ إذا كانت حائضاً أو نفساء وإذا رجعتم إلى بلادكم بعد حجكم فاشكروا نعمة الله عليكم وأنيبوا إليه وألزموا طاعته ولا تعيدوا سيئاتكم لصفحاتكم بعد أن محيت بالحج يقول الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل أثم والفوز بالجنة والنجاة من النار أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو غفور رحيم ...
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي شرع لعباده التقرب إليه بذبح القربان وقرن النحر له بالصلاة في محكم القرآن وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الفضل والامتنان وأشهد أن محمد عبده ورسوله المصطفى على كل إنسان صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما
أما بعد :
أيها الناس اتقوا الله تعالى وتقربوا إليه بذبح الأضاحي فإنها سنة أبيكم إبراهيم الذي أمرتم بأتباع ملته وسنة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم فقد كان صلى الله عليه وسلم يضحي منذ هجرته إلى المدينة عن محمد وآل محمد فكانت الأضحية مشروعة بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبإجماع علماء المسلمين وبها يشارك أهل البلدان حجاج البيت في بعض شعائر الحج فالحجاج يتقربون إلى الله بذبح الهدايا وأهل البلدان يتقربون إليه بذبح الضحايا وهذه من رحمة الله بعبادة حيث لم يحرم أهل البلدان الذين لم يقدر لهم الحج من بعض شعائره ضحوا أيها المسلمون عن أنفسكم وعن أهليكم تعبداً لله تعالى وتقرباً إليه وأتباعاً لسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم والواحدة من الغنم تجزئ عن الرجل وأهل بيته الأحياء والأموات والسبع من البعير أو البقرة يجزئ عن ما تجزئ عنه الواحدة من الغنم فيجزئ السبع عن الرجل وأهل بيته الأحياء والأموات وإن من الخطأ أن يضحي الإنسان عن أمواته من عند نفسه ويترك نفسه وأهله الأحياء وأشد خطاءً من ذلك من يضحي عن الميت أول سنة أول سنة يموت ويسميها أضحية الحفرة أو أضحية الدفنة ويعتقد أنها واجبة وأنه لا يشرك فيها أحد وهي في الحقيقة بدعة لا أصل لها لا في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في عمل الصحابة رضي الله عنهم فيما نعلم وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من البدع وقال:(كل بدعة ضلالة) فأضحية الحفرة لا أصل لها ومن كان عنده وصايا بأضاحي فليعمل بها كما ذكر الموصي فلا يدخل مع أصحابها أحد في ثوابها ولا يخرج منهم أحد وإن نسي أصحابها فلينويها عن وصية فلان فيدخل فيها كل من ذكر الموصي وإذا كان ريع الوصية لا يكفي للأضحية فتبرع الوصي بتكميلها للموصي فهو على خير وإن لم يتبرع فلا أثم عليه ويؤخرها للسنة الثانية لا تجزئ الأضحية إلا من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ضأنها ومعزها لقول الله تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) ولا تجزئ الأضحية إلا بما بلغ السن المعتبر شرعا وهو ستة أشهر في الضان وسنة في المعز وسنتان في البقر وخمس سنين في الإبل فلا يضحى بما دون ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تذبحوا إلا مسنة وهي السنية إلا أن تعثر عليكم فتذبحوا جدعة من الضان ) رواه مسلم ولا تجزئ الأضحية إلا بما كان سليماً من العيوب التي تمنع من الإجزاء فلا يضحى بالعوراء البين عورها وهي التي نتأت عينها العوراء أو انخسفت ولا بالعرجاء البين ضلعها وهي التي لا تستطيع الممشى مع السلمية ولا بالمريضة البين مرضها وهي التي ظهرت آثار المرض عليها بحيث يعرف من رآها أنها مريضة من جرب أو حمأ أو جروح أو غيرها ولا بالهزيلة التي لا مخ فيها لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل ماذا يجتنب من الأضاحي فأشار بيده وقال:(أربع العرجاء البين ضلعها والعوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعجفاء التي لا تنقي ) فقيل للبراء بن عازب رضي الله عنه وهو راوي هذا الحديث إني أكره أن يكون في الأذن نقص أو في القرن نقص أو في السن نقص فقال البراء ما كرهت فدعه ولا تحرمه على أحد فهذه العيوب الأربعة مانعة من الإجزاء دل على ذلك الحديث وقال به أهل العلم ويلحق بها ما كان مثلها أو أشد فلا يضحى بالعمياء ولا بمقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين ولا بالمبسومة حتى يزول الخطر عنها ولا بما أصابها أمر تموت به كالمجروحة جرحاً خطيرا والمنخنقة والمتردية من جبل ونحوها مما أصابها سبب الموت حتى يزول عنها الخطر لأن هذه العيوب بمعنى العيوب الأربعة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم فأما العيوب التي دون هذه فإنها لا تمنع من الأجزاء فتجزئ الأضحية بمقطوعة الأذن أو مشقوقتها مع الكراهة لحديث علي رضي الله عنه قال: ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن وأن لا نضحي بمقابلة ولا مدابرة ولا شرقاء ولا خرقاء وكل هذه الصفات شقوق في الأذن وتجزئ الأضحية بمكسورة القرن مع الكراهة لحديث عتبة بن عبد السلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المستأصلة وهي التي ذهب قرنها من أصله وتجزئ الأضحية بمقطوعة الذنب من الإبل والبقر والمعز مع الكراهة قياساً على مقطوعة الأذن ولأن في بعض ألفاظ حديث علي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نضحي ببتراء فأما مقطوعة الإلية من الضان فلا تجزئ للأضحية وإن كانت من نوع لا إلية له من أصل الخلقة فلا بأس بها وتجزئ الأضحية بالغنم الأسترالية لأنها مقطوعة الذيل وليس لها إلية وتجزئ الأضحية بما نشف ضرعها من كبر أو غيره إذا لم تكن مريضة مرضاً بينا وتجزئ التضحية بما سقطت ثناياها أو انكسرت وكلما كانت الأضحية أكمل في ذاتها وصفاتها وأحسن منظراً فهي أفضل فاستكملوها واستحسنوها وطيبوا بها نفساً وأعلموا إن الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها لأنها شعيرة من شعائر الله وليس المقصود منها مجرد اللحم الذي يؤكل ويفرق فقط بل أهم مقصود فيها ما تضمنه من تعظيم الله عز و جل بالذبح له وذكر أسمه عليها ولقد أصاب الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في سنة من السنين أصابهم مجاعة وقت الأضحى ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بترك الأضحية وصرف ثمنها إلى المحتاجين بل أقرهم على الأضاحي وقال لهم من:(ضحا منكم فلا يصبحن بعد ثالثة في بيته شئ) فلما كان العام المقبل قالوا يا رسول الله نفعل كما فعلنا في العام الماضي فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(كلوا وأطعموا وادخروا فإن ذلك العام كان في الناس جهد فأردت أن تعينوا فيها ) رواه البخاري ومسلم ولا تذبحوا ضحاياكم إلا بعد انتهاء صلاة العيد وخطبتيها الثنتين فإن ذلك أفضل وأكمل إقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان يذبح أضحيته بعد الصلاة والخطبة قال جندب بن سفيان البجلي رضي الله عنه: ( صلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ثم خطب ثم ذبح ) رواه البخاري ولا يجزئ الذبح قبل تمام صلاة العيد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله وليس من النسك في شيء) وفي حديث أخر: (من ذبح قبل أن يصلى فليعد مكانها أخرى ) وأعلموا أن الصلاة في هذا العام ستكون صلاة العيد إنشاء الله في التوقيت الغروبي في تمام الساعة الحادية عشر والربع وفي التوقيت الزوالي في تمام الساعة السادسة أو إلا ثلاثة دقائق أيها المسلمون اذبحوا ضحاياكم بأنفسكم إن أحسنتم الذبح وقولوا بسم الله والله أكبر وسموا من هي له عند الذبح إقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم واعلموا أن المسح على ظهرها عند التسمية بدعة لا أصل له من السنة فلا تفعلوا ذلك وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أضجع ضحيته قال بسم الله والله أكبر اللهم هذا عن محمد وعن آل محمد فإن لم تحسنوا الذبح فاحضروه فإنه أفضل لكم وأبلغ في تعظيم الله والعناية بشعائره قال الله تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) اللهم إنا نسألك أن توفقنا لما تحب وترضى وأن ترزقنا تعظيم شعائرك والقيام بدينك على الوجه الأكمل إنك جواد والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

أبو علي السلفي
01-09-2005, 02:36 AM
جزاك الله خير

عبدالوهاب
01-09-2005, 02:53 AM
جزاك الله خيراً اخي مسلم

أسامه سالم
01-09-2005, 01:45 PM
بارك الله فيك يامسلم

هادي بن علي
12-24-2005, 07:34 PM
بارك الله فيك

12d8c7a34f47c2e9d3==