أنور الشمالي
01-03-2005, 06:32 PM
موقف ربيع بن هادي وعدنان عرعور من الحاكم الجائر
على ضوء الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة
***
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصبحه ومن والاه إلى يوم الدين أما بعد:
لا زالت الأيام تكشف لنا, أن الدعوة السلفية لا تعظم على الحق أحداً, كائناً من كان, ولو على كان أقرب الأقربين, أو من نحب في ديننا أو إخوتنا الإيمانية, وأنَّ كلَّ رادٍ مردودٌ عليه, وحتى لا أطيل في هذا الأمر الذي لا يكاد يختلف فيه اثنان من السلفيين وكثيراً من الناس, فقد وقفتُ على كلام للشيخ ربيع بن هادي المدخلي يرد فيه على عدنان عرعور الذي قال (ولا نرى عبد الناصر ولي أمر كما يرى بعضهم يرى بعضهم هذا، عبد الناصر وليّ أمر سيد قطب ( ماسوني ) ، فعلى هذه الأمة السلام ، -أعوذ بالله من الضلال– على هذه الأمة السلام، إذا كان عبد الناصر وليّ أمر وسيد قطب ماسوني, أخطاء، أخطاء ) فقال الشيخ ربيع مجيباً عليه: ( ثم من قال: أن جمال عبد الناصر وليّ أمر المسلمين ؟ لعلك أنت قلت، ما قال السلفيون هذا، ثم تضلل من يقول هذا الكلام – ضلال-)(1)
وهنا أستدركُ فأقول وأنا الفقير إلى الله تعالى:
قد وقع الشيخ ربيع بن هادي في خطأ ما كان ينبغي أن يقوله, ومما أستدركُ عليه أن نسب عدم القول بولاية جمال عبدالناصر للمسلمين في مصر إلى السلفيين وذلك في قوله ( ما قال السلفيون هذا ) !؟ وهذا خطأ بيّن لا نوافقه عليه يرعاه الله.
مع أن عدنان عرعور يشنع على السلفيين قولهم أنَّ جمال عبدالناصر (ولي أمر), ويقول أن على الأمة السلام من هذا القول ( الضال ) بزعمه , فلماذا رفض هذه الحقيقة الشيخ ربيع بن هادي مع صحتها, ووافق من وافق من أهل الأهواء والبدع , الذين لا يرون للحاكم الجائر سلطاناً يطاع بالمعروف مع ما فيه من جور وظلم وتسلط ؟
فمن من السلفيين قال بقول الشيخ ربيع بن هادي وعدنان عرعور بعدم ولاية جمال عبدالناصر للمسلمين في مصر , حتى وإن كان من أهل الضلالة كما قاله عنه الشيخ ربيع بن هادي في كتابه "العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم ص ( 20 )" وكما قال عنه مقبل بن هادي رحمه الله في كتابه "المخرج من الفتنة ص ( 45 ) و ( 100 )".
وأننا نعلم جيداً عما فعله جمال عبدالناصر في مصر, ويعلم الصغير والكبير من السلفيين تحالفه مع جماعة الإخوان المسلمين في القضاء على حكومة الملك آنذاك, ونعلم أنه أخذ الحكم بالقوة والانقلاب العسكري, ونعلم انقلابه على جماعة حسن البنا, وقد استتب له الأمر والحكم بعدها فصار والياً على المسلمين في مصر, فغضب الإخوان المسلمين في ذلك أشد الغضب واستبان لهم أنه يكيد لهم الويل, وأن ما فعله بهم جمال عبدالناصر يعتبرونه خيانة لهم, فقاموا بمحاربته أشد محاربة, فقاموا بمجموعة من الاغتيالات استهدفت كثيراً من الشخصيات البارزة في مصر وممن يوالون جمال عبدالناصر وحكومته, بل حاولوا أكثر من مرة قتل واغتيال جمال عبدالناصر فلم يتمكنوا, وهذه الأمور لا يختلف فيها أحد من أهل السنة والجماعة السلفيون الذين يقولون بولاية الحاكم الصالح والطالح, وإن تغلَّب على الحكم وتولاه بالقوة واستتب له فهو- في زمنه- إمامٌ تجب طاعته بالمعروف ويحرم منازعته, وتحرم معصيته إلا في المنكر, فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق إلا بالمعروف, ولا يختلف مع أهل السنة في ذلك إلا أهل الأهواء والبدع, قال الشيخ الإمام أحمد رحمه الله : ( ومن غلب عليهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين, فلا يحل لأحد يؤمن بالله وباليوم الآخر أن يثبت ولا يراه إماماً براً كان أو فاجراً )
والغريب في الذكر أن الشيخ ربيع بن هادي أراد تكذيب عدنان عرعور في قوله ( جمال عبدالناصر ولي أمر ) فواجه ربيع خارجية عدنان بإجماع غير معروف, وادعاء غير موجود , فمذهب أهل السنة والجماعة وإجماعهم قائم على ولاية السلطان الجائر أمثال جمال عبدالناصر في زمنه, قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله : ( الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن المتغلب على بلدٍ أو بلدان له حكم الإمام في جميع الأشياء ولولا هذا لما استقامت الدنيا لأن الناس منذ زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى زماننا هذا , ما اجتمعوا على إمام واحد , ولا يعرفون أحداً من العلماء ذكر أن شيئاً من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم )(2) .
فبدلاً من أن يبين الشيخ ربيع بن هادي لعرعور مذهب أهل السنة والجماعة , في أنَّ الإجماع قائم على ولاية السلطان الجائر الظالم , وبدلاً من من ردَّ فرية عرعور وتضليله لأهل السنة والجماعة وبيان المذهب الحق , قابلهُ بدعوى ونسبة غير صحيحة للسفليين , وهذا أمرُ عجيب غريب منه .
قال ابن أبي زمنين رحمه الله ( ومن قول أهل السنة أن السلطان ظل الله في الأرض وأنه من لم يرَ على نفسه سلطاناً براً كان أو فاجراً فهو على خلاف السنة )(3) .
وقد بوب الإمام النووي رحمه الله في صحيحه: (بابُ في طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق ) ج3ص1474.
وقال الإمام أبو عثمان الصابوني رحمه الله ( ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلوات خلف كل مسلم براً كان أو فاجراً, ويرون جهاد الكفرة معهم وإن كانوا جورةً فجرةً ).(4)
وقال الإمام الاسماعيلي رحمه الله : ( ويرون الصلاة الجمعة وغيرها خلف كل إمام مسلم براً كان أو فاجراً , فإن الله عزوجل فرض الجمعة وأمر بإتيانها فرضاً مطلقاً مع علمه تعالى بأن القائمين يكون منهم الفاجر والفاسق ولم يستثنِ وقتاً دون وقت, ولا أمراً بالنداء للجمعة دون أمر ) (5).
وما أجمل ما قرأت لما قاله الشيخ الإمام عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله قال : ( ولم يدرِ هؤلاء المفتونون أن أكثر ولاة أهل الإسلام من عهد يزيد بن معاوية –حاشا عمر بن عبدالعزيز ومن شاء الله من بني أمية- قد وقع منهم الجراءة والحوادث العظام والخروج والفساد في ولاية أهل الإسلام , ومع ذلك فسيرة الأئمة الأعلام والسادة العظام معهم معروفة مشهورة, لا ينزعون يداً من طاعة فيما أمر الله به ورسوله من شرائع الإسلام وواجبات الدين.
وأضرب لك مثلاً بالحجاج بن يوسف الثقفي , وقد اشتهر أمره في الأمة بالظلم والغشم والإسراف في سفك الدماء وانتهاك حرمات الله وقتل من قتل من سادات الأمة كسعيد بن جبير وحَاصََر بن الزبير وقد عاذ بالحرم الشريف, استباح الحرمة وقتل ابن الزبير مع أن ابن الزبير قد أعطاهُ الطاعة وبايعه عامة أهل مكة والمدينة واليمن وأكثر سواد العراق والحجاج نائب عن مروان, ثم عن والده عبدالملك ولم يعهد أحد من الخلفاء إلى مروان ولم يبايعه أهل الحل والعقد.
ومع ذلك لم يتوقف أحد من أهل العلم في طاعته والانقياد له فيما تسوغ طاعته فيه من أركان الإسلام وواجباته ... إلى أن قال بعدما ساق مواقف الأئمة السلفيين في طاعة ولاة أمر المسلمين الجورة والظلمة قال : ومع ذلك لم يُعلم أنَّ أحداً منهم نزع يداً من طاعة ولا رأى الخروج عليهم ..)(6).
فهنا يتبين لنا أخي أن الشيخ ربيع بن هادي – وفقه الله لمرضاته – خالف إجماع واعتقاد المسلمين في طاعة ولاة أمر المسلمين الجوَرة بالمعروف كما هو الحال لجمال عبدالناصر, والحمد الله أن الشيخ ربيع بن هادي لم يزل هذه الزلة في عهد جمال عبدالناصر وإلا لكان قد أودى بالسلفيين أو بالناس في وادي سحيق, ولكانت أرواح السلفيين مدفوعة بهذه الزلة المخالفة لكتاب الله وسنة رسول الله وفهم السلف, وكما قيل أن زلة العالِم زلةُ العَالَم والله المستعان .
اعتراض والردُ عليه:-
فإن قال قائل أن الشيخ ربيع لم يقصِد أنَّ جمال عبدالناصر لم يكن ولي أمر المسلمين في في مصر بل يقصد في العالَم !
فالجواب عليه من وجوه شتى :
أولاً :- عدنان عرعور لم يقل في أن جمال عبدالناصر لي أمر المسلمين في العالم بل قال ( ولي أمر ) فلماذا تفهم هذا الفهم, أو يقصده الشيخ ربيع بن هادي في الرد على عبارات عرعور وتكذيبه كما يقول.
ثانياً:- الشيخ ربيع بن هادي إمام في الجرح والتعديل وهو ُيحاسِب ويُحاسَب على الألفاظ, وعلى أئمة هذا الشأن أن ينتبهوا لعباراتهم أشد الانتباه , ولا يقبل لنفسه إطلاق الألفاظ من غير ضابط وخاصة بمسائل الاعتقاد , فكيف له أن يطلق هذه العبارة إن كان مقصوده ( ولاية أمر المسلمين العامة ) أي في عموم بلاد الإسلام, فإنها غلطٌ وجب الرد عليه وهذا هو الحق.
ثم هل ن المعقول أن عرعور يقصد أن السلفيين يقولون بولاية جمال عبدالناصر للعالم معهودة أصلاً !
ثمَّ إنَّ هذا الأمر لا يقوله عاقل أو ملمٌّ بالتاريخ فكيف بإمام في الجرح والتعديل والسبَر والقول المعتبر.
ثالثاً:- يستبعد تماماً من الشيخ ربيع بن هادي أنه يقصد ما ذكرنا آنفاً بأنه يريد ولاية أمر المسلمين العامة لأنه هذا تنطع وتعجرف في الفهم, فالواقع يشهد والعالم أجمع يعرف جمهورية مصر العربية حكَمَهَما عبدالناصر ولم يتعدَّ حكمُهُ أي دولة أخرى وهذا محل إجماع الخلق لا يخالفني فيه أيضاً الشيخ ربيع بن هادي والذي عرف جماعة الإخوان المسلمين عن قرب(7) وعرف أنهم تحالفوا مع عبدالناصر في إطار دولة مصر ولم تخرج إلى غيره , ولا عرف الناس أن عبدالناصر حكم العالم , ويعرف جيداً الشيخ ربيع بن هادي أن عرعور لا يرى عبدالناصر والياً على المسلمين في مصر , فلماذا أقره بعدم ولاية جمال عبدالناصر ونسبه للسلفيين !!؟
هل يقول الشيخ ربيع بن هادي أن جمال عبدالناصر لا زالت ولايته إلى يومنا هذا ورد على عرعور من هذا الباب ؟
هذا ما لا يقبله الواقع فضلاً عن العقول السليمة , وأرجوا أن ُتنقل هذه الصورة السلفية السليمة إلى الشيخ ربيع بن هادي المدخلي ليقبل الحق, ويرجع ويراجع ما كتبه ويبين بعد التوبة(8) أن منهج أهل السنة والجماعة السلفيون وموقفهم من الحاكم الصالح والحاكم الظالم , وحكمهم حكم نابع عن دعوة شرعية منطلقة من وحي رباني متمثل من كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفهم ومنهج سلف الأمة الصالح وهذا ما ندين الله به وسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد الله رب العالمين..
على ضوء الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة
***
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصبحه ومن والاه إلى يوم الدين أما بعد:
لا زالت الأيام تكشف لنا, أن الدعوة السلفية لا تعظم على الحق أحداً, كائناً من كان, ولو على كان أقرب الأقربين, أو من نحب في ديننا أو إخوتنا الإيمانية, وأنَّ كلَّ رادٍ مردودٌ عليه, وحتى لا أطيل في هذا الأمر الذي لا يكاد يختلف فيه اثنان من السلفيين وكثيراً من الناس, فقد وقفتُ على كلام للشيخ ربيع بن هادي المدخلي يرد فيه على عدنان عرعور الذي قال (ولا نرى عبد الناصر ولي أمر كما يرى بعضهم يرى بعضهم هذا، عبد الناصر وليّ أمر سيد قطب ( ماسوني ) ، فعلى هذه الأمة السلام ، -أعوذ بالله من الضلال– على هذه الأمة السلام، إذا كان عبد الناصر وليّ أمر وسيد قطب ماسوني, أخطاء، أخطاء ) فقال الشيخ ربيع مجيباً عليه: ( ثم من قال: أن جمال عبد الناصر وليّ أمر المسلمين ؟ لعلك أنت قلت، ما قال السلفيون هذا، ثم تضلل من يقول هذا الكلام – ضلال-)(1)
وهنا أستدركُ فأقول وأنا الفقير إلى الله تعالى:
قد وقع الشيخ ربيع بن هادي في خطأ ما كان ينبغي أن يقوله, ومما أستدركُ عليه أن نسب عدم القول بولاية جمال عبدالناصر للمسلمين في مصر إلى السلفيين وذلك في قوله ( ما قال السلفيون هذا ) !؟ وهذا خطأ بيّن لا نوافقه عليه يرعاه الله.
مع أن عدنان عرعور يشنع على السلفيين قولهم أنَّ جمال عبدالناصر (ولي أمر), ويقول أن على الأمة السلام من هذا القول ( الضال ) بزعمه , فلماذا رفض هذه الحقيقة الشيخ ربيع بن هادي مع صحتها, ووافق من وافق من أهل الأهواء والبدع , الذين لا يرون للحاكم الجائر سلطاناً يطاع بالمعروف مع ما فيه من جور وظلم وتسلط ؟
فمن من السلفيين قال بقول الشيخ ربيع بن هادي وعدنان عرعور بعدم ولاية جمال عبدالناصر للمسلمين في مصر , حتى وإن كان من أهل الضلالة كما قاله عنه الشيخ ربيع بن هادي في كتابه "العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم ص ( 20 )" وكما قال عنه مقبل بن هادي رحمه الله في كتابه "المخرج من الفتنة ص ( 45 ) و ( 100 )".
وأننا نعلم جيداً عما فعله جمال عبدالناصر في مصر, ويعلم الصغير والكبير من السلفيين تحالفه مع جماعة الإخوان المسلمين في القضاء على حكومة الملك آنذاك, ونعلم أنه أخذ الحكم بالقوة والانقلاب العسكري, ونعلم انقلابه على جماعة حسن البنا, وقد استتب له الأمر والحكم بعدها فصار والياً على المسلمين في مصر, فغضب الإخوان المسلمين في ذلك أشد الغضب واستبان لهم أنه يكيد لهم الويل, وأن ما فعله بهم جمال عبدالناصر يعتبرونه خيانة لهم, فقاموا بمحاربته أشد محاربة, فقاموا بمجموعة من الاغتيالات استهدفت كثيراً من الشخصيات البارزة في مصر وممن يوالون جمال عبدالناصر وحكومته, بل حاولوا أكثر من مرة قتل واغتيال جمال عبدالناصر فلم يتمكنوا, وهذه الأمور لا يختلف فيها أحد من أهل السنة والجماعة السلفيون الذين يقولون بولاية الحاكم الصالح والطالح, وإن تغلَّب على الحكم وتولاه بالقوة واستتب له فهو- في زمنه- إمامٌ تجب طاعته بالمعروف ويحرم منازعته, وتحرم معصيته إلا في المنكر, فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق إلا بالمعروف, ولا يختلف مع أهل السنة في ذلك إلا أهل الأهواء والبدع, قال الشيخ الإمام أحمد رحمه الله : ( ومن غلب عليهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين, فلا يحل لأحد يؤمن بالله وباليوم الآخر أن يثبت ولا يراه إماماً براً كان أو فاجراً )
والغريب في الذكر أن الشيخ ربيع بن هادي أراد تكذيب عدنان عرعور في قوله ( جمال عبدالناصر ولي أمر ) فواجه ربيع خارجية عدنان بإجماع غير معروف, وادعاء غير موجود , فمذهب أهل السنة والجماعة وإجماعهم قائم على ولاية السلطان الجائر أمثال جمال عبدالناصر في زمنه, قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله : ( الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن المتغلب على بلدٍ أو بلدان له حكم الإمام في جميع الأشياء ولولا هذا لما استقامت الدنيا لأن الناس منذ زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى زماننا هذا , ما اجتمعوا على إمام واحد , ولا يعرفون أحداً من العلماء ذكر أن شيئاً من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم )(2) .
فبدلاً من أن يبين الشيخ ربيع بن هادي لعرعور مذهب أهل السنة والجماعة , في أنَّ الإجماع قائم على ولاية السلطان الجائر الظالم , وبدلاً من من ردَّ فرية عرعور وتضليله لأهل السنة والجماعة وبيان المذهب الحق , قابلهُ بدعوى ونسبة غير صحيحة للسفليين , وهذا أمرُ عجيب غريب منه .
قال ابن أبي زمنين رحمه الله ( ومن قول أهل السنة أن السلطان ظل الله في الأرض وأنه من لم يرَ على نفسه سلطاناً براً كان أو فاجراً فهو على خلاف السنة )(3) .
وقد بوب الإمام النووي رحمه الله في صحيحه: (بابُ في طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق ) ج3ص1474.
وقال الإمام أبو عثمان الصابوني رحمه الله ( ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلوات خلف كل مسلم براً كان أو فاجراً, ويرون جهاد الكفرة معهم وإن كانوا جورةً فجرةً ).(4)
وقال الإمام الاسماعيلي رحمه الله : ( ويرون الصلاة الجمعة وغيرها خلف كل إمام مسلم براً كان أو فاجراً , فإن الله عزوجل فرض الجمعة وأمر بإتيانها فرضاً مطلقاً مع علمه تعالى بأن القائمين يكون منهم الفاجر والفاسق ولم يستثنِ وقتاً دون وقت, ولا أمراً بالنداء للجمعة دون أمر ) (5).
وما أجمل ما قرأت لما قاله الشيخ الإمام عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله قال : ( ولم يدرِ هؤلاء المفتونون أن أكثر ولاة أهل الإسلام من عهد يزيد بن معاوية –حاشا عمر بن عبدالعزيز ومن شاء الله من بني أمية- قد وقع منهم الجراءة والحوادث العظام والخروج والفساد في ولاية أهل الإسلام , ومع ذلك فسيرة الأئمة الأعلام والسادة العظام معهم معروفة مشهورة, لا ينزعون يداً من طاعة فيما أمر الله به ورسوله من شرائع الإسلام وواجبات الدين.
وأضرب لك مثلاً بالحجاج بن يوسف الثقفي , وقد اشتهر أمره في الأمة بالظلم والغشم والإسراف في سفك الدماء وانتهاك حرمات الله وقتل من قتل من سادات الأمة كسعيد بن جبير وحَاصََر بن الزبير وقد عاذ بالحرم الشريف, استباح الحرمة وقتل ابن الزبير مع أن ابن الزبير قد أعطاهُ الطاعة وبايعه عامة أهل مكة والمدينة واليمن وأكثر سواد العراق والحجاج نائب عن مروان, ثم عن والده عبدالملك ولم يعهد أحد من الخلفاء إلى مروان ولم يبايعه أهل الحل والعقد.
ومع ذلك لم يتوقف أحد من أهل العلم في طاعته والانقياد له فيما تسوغ طاعته فيه من أركان الإسلام وواجباته ... إلى أن قال بعدما ساق مواقف الأئمة السلفيين في طاعة ولاة أمر المسلمين الجورة والظلمة قال : ومع ذلك لم يُعلم أنَّ أحداً منهم نزع يداً من طاعة ولا رأى الخروج عليهم ..)(6).
فهنا يتبين لنا أخي أن الشيخ ربيع بن هادي – وفقه الله لمرضاته – خالف إجماع واعتقاد المسلمين في طاعة ولاة أمر المسلمين الجوَرة بالمعروف كما هو الحال لجمال عبدالناصر, والحمد الله أن الشيخ ربيع بن هادي لم يزل هذه الزلة في عهد جمال عبدالناصر وإلا لكان قد أودى بالسلفيين أو بالناس في وادي سحيق, ولكانت أرواح السلفيين مدفوعة بهذه الزلة المخالفة لكتاب الله وسنة رسول الله وفهم السلف, وكما قيل أن زلة العالِم زلةُ العَالَم والله المستعان .
اعتراض والردُ عليه:-
فإن قال قائل أن الشيخ ربيع لم يقصِد أنَّ جمال عبدالناصر لم يكن ولي أمر المسلمين في في مصر بل يقصد في العالَم !
فالجواب عليه من وجوه شتى :
أولاً :- عدنان عرعور لم يقل في أن جمال عبدالناصر لي أمر المسلمين في العالم بل قال ( ولي أمر ) فلماذا تفهم هذا الفهم, أو يقصده الشيخ ربيع بن هادي في الرد على عبارات عرعور وتكذيبه كما يقول.
ثانياً:- الشيخ ربيع بن هادي إمام في الجرح والتعديل وهو ُيحاسِب ويُحاسَب على الألفاظ, وعلى أئمة هذا الشأن أن ينتبهوا لعباراتهم أشد الانتباه , ولا يقبل لنفسه إطلاق الألفاظ من غير ضابط وخاصة بمسائل الاعتقاد , فكيف له أن يطلق هذه العبارة إن كان مقصوده ( ولاية أمر المسلمين العامة ) أي في عموم بلاد الإسلام, فإنها غلطٌ وجب الرد عليه وهذا هو الحق.
ثم هل ن المعقول أن عرعور يقصد أن السلفيين يقولون بولاية جمال عبدالناصر للعالم معهودة أصلاً !
ثمَّ إنَّ هذا الأمر لا يقوله عاقل أو ملمٌّ بالتاريخ فكيف بإمام في الجرح والتعديل والسبَر والقول المعتبر.
ثالثاً:- يستبعد تماماً من الشيخ ربيع بن هادي أنه يقصد ما ذكرنا آنفاً بأنه يريد ولاية أمر المسلمين العامة لأنه هذا تنطع وتعجرف في الفهم, فالواقع يشهد والعالم أجمع يعرف جمهورية مصر العربية حكَمَهَما عبدالناصر ولم يتعدَّ حكمُهُ أي دولة أخرى وهذا محل إجماع الخلق لا يخالفني فيه أيضاً الشيخ ربيع بن هادي والذي عرف جماعة الإخوان المسلمين عن قرب(7) وعرف أنهم تحالفوا مع عبدالناصر في إطار دولة مصر ولم تخرج إلى غيره , ولا عرف الناس أن عبدالناصر حكم العالم , ويعرف جيداً الشيخ ربيع بن هادي أن عرعور لا يرى عبدالناصر والياً على المسلمين في مصر , فلماذا أقره بعدم ولاية جمال عبدالناصر ونسبه للسلفيين !!؟
هل يقول الشيخ ربيع بن هادي أن جمال عبدالناصر لا زالت ولايته إلى يومنا هذا ورد على عرعور من هذا الباب ؟
هذا ما لا يقبله الواقع فضلاً عن العقول السليمة , وأرجوا أن ُتنقل هذه الصورة السلفية السليمة إلى الشيخ ربيع بن هادي المدخلي ليقبل الحق, ويرجع ويراجع ما كتبه ويبين بعد التوبة(8) أن منهج أهل السنة والجماعة السلفيون وموقفهم من الحاكم الصالح والحاكم الظالم , وحكمهم حكم نابع عن دعوة شرعية منطلقة من وحي رباني متمثل من كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفهم ومنهج سلف الأمة الصالح وهذا ما ندين الله به وسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد الله رب العالمين..