المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المعيار لعلم الغزالى لمعالى الشيخ صالح آل الشيخ -- الحلقة الثانية --


كيف حالك ؟

لا تسبوا اصحابى
12-18-2003, 05:07 PM
الخصلةُ الأولى
التنقُّص والسُّخرية من علماء الأمّة

هذه -أيُّها الأخُ- خَلَّةُ مَن تمَكنتْ منه أصابتْهُ المقاتِلُ, ولحومُ العلماءِ مسمومةٌ, وتنقُّصُ العلماءِ من شِيَمِ السفهاء, وكِلامُ الكَلامِ كجراحِ السهامِ, أفلم تَشْعُرْ بطعنٍ ينفذُ إلى حشاك كلَّما تنقَّصَ الغزاليُّ إمامًا أو عالمًا؟
قد سمعتَ مقالَه قبلُ في عمرَ وخبابٍ وسلمانَ والقاصرينَ-عنده- من أهل الحديث, فاسمع تنقُّصَه من نافعٍ أولِ سلسلةِ الذهب عن ابن عمر: قال (ص103) بعد سياقِ حديثٍ وأثر: «ونافعٌ-غفر الله له- مخطئٌ... ورواية نافع هذه ليستْ أولَ خطإ يتورَّطُ فيه, بل قد حَدَّثَ بأسوأ من ذلك...». ثم وصفه(ص105) بأنه: «راوٍ تائه ».
فاسمع هذا, ثم تذكرْ قولَ الإمامِ مالكٍ: «كنتُ إذا سمعتُ نافعًا يُحَدِّثُ عن ابن عُمر لا أُبالي أن لا أسمَعَهُ من غيره»
وتذكَّرْ قولَ الخليلي الحافظِ الإمامِ في «الإرشادِ »: «نافعٌ إمامٌ في العلم, متَّفقٌ عليه, صحيحُ الرواية».
لكن لا يعزُبُ عن لُبِّ مثلك _أيُّها الأخُ_ أنَّ ذنبَ نافعٍ هو روايتُه ما يخالِفُ تفقهَ الغزالي, وذلك ذنبٌ يهْوي بصاحِبه!
وعِشْ تَرَ, وتذكَّرْ قولَ ساكن المعرَّة:
وقالَ السُّها للشمسِ أنتِ خفيةٌ وقالَ الدُّجَى للصُّبْحِ لونُكَ حائِـلُ
وطاولتِ الأرضُ السماءَ سفاهةً وفاخَرَتِ الشُّهْبَ الحَصَى والجَنادِلُ
ولعلَّك-أيُّها الصاحبُ الموفقُ- أطلعتَ على نفيه صفة الله تعالى يثبتُها أهلُ السنة وردُه حديثَ البخاري -رحمه الله-, ثم قولِه (ص127): «بعضُ المرضى بالتجسيم هو الذي يُشيعُ هذه المرويَّاتِ, إنَّ المسلمَ الحقَّ لَيَسْتَحي أنْ يَنْسُبَ إلى رسوله هذه الأخبار» انتهى. فالبخاريُّ ومَن حذا حَذْوَه فيهم خَصْلتان: مَرضى بالتجسيم, وليسوا من المسلمين حقًا! ولا يقولُ ذلك إلا أشعريٌّ مجازِفٌ. ولا نعجَبْ –إذن- من وصفه (ص102) أحد شرَّاح الحديث بأنه جاهلٌ جهلاً منكورًا بالقرآن.
وتعجَبْ –إذن- من قوله (ص114)عن الحافظِ المنذري: «إنه ليس لديه فقهٌ صحيحٌ».
ولا تعجَبْ-إذن- من قولِه عن كلامٍ لابن خُزَيْمَةَ, وغيرِه من المتقدِّمين والمازَريِّ, والقاضي عِيَاضٍ, لما وَجَّهوا حديثَ فَقْءِ موسى عينَ ملكِ الموتِ توجيهًا صحيحًا وهو المعتمدُ والترجيحُ قال (ص29) عن مقالهم السديد: «نقول نحن(!!): هذا الدفاعُ كلُّه خفيفُ الوزنِ, وهو دفاعٌ تافهٌ لا يُساغُ» انتهى. هذه حُجَجُ السُّوقَةِ والهَمَلِ: دَفْعٌ بالألفاظ المبتذلة الشوهاء في أوجه العلماء الفقهاء.
واسمعه حين قال (ص118): « مَن زعم أن السنة تنسخُ القرآن فهو مغرور» انتهى. وهؤلاء الذين قالوا بالنسخ جمعٌ من العلماء, منهم: حسانُ بنُ عطيةَ، وأحمدُ في روايةٍ, وابنُ حزمٍ, وجمعٌ من الظاهريةِ؛ قالوا بوقوعِ النسخِ مطلقًا, وذهب آخرونَ إلى وقوعِه في زمن النبيِّ ؛ منهم: القاضي في «التقريبِ», والغزاليُّ, والباجيُّ, والقرطبيُّ... وغيرُهم.
أفأولئك مغرورونَ؟ ومَن استهزأَ وسَخِرَ من العلماء السابقين فلا تستَكْثِرْ منه مقالًا, أو تستغْرِبْ منه فِعالًا, لأن لحومَهم -كما أسلفتُ- مسمومةً. وهاهو ينفُضُ جَعبَتَهُ, ويَرِيْشُ قائلاً (ص75)لأحد طلبةِ العلم في مكةَ المكرمةِ: «إن لكم فقهاً بدوياً ضَيِّقَ النطاقِ». وقد قال نحوَها أولَ كتابهِ (ص11), وظاهرٌ مُرادُه, وأنَّه يعني –وإنْ تَنَصَّلَ مؤقَتًا لأجلِ الجوائِزِ والصِّلاتِ، والبِرِّ والإِكرامِ- علماءَ البلادِ السعوديةِ, الذينَ أكرمَهُم المولى بالاعتقادِ الحق، والدِّينِ المكينِ, وهم لا يتركون الحقَّ لشناعةِ المشنِّعينَ, ولهذا ضاقَ بهم ذرعَا, ووسمَهُم بقلَّة الفقه, فقال(ص22):«لقد ضِقْتُ ذَرْعًا بأناسٍ قليلي الفقهِ في القرآن, كثيري النظر في الأحاديثِ, يُصْدِرونَ الأحكام, ويرسلون الفتاوى».
ومُرَّ معي – أيُّها الأخُ- إلى (ص98) وتكذيبِه ما وقعَ للإمام أحمدَ بنِ حنبل وشيخِ الإسلامِ ابن تيميةَ من وقائعَ ثابتةٍ مشهورةٍ في إخراجِ الجنِّ من بدنِ الإنس, فكذَّبَ ذلك, وقال: «أكثرُه-يعني كتابَ«آكامِ المرجان»–خرافاتٌ وخيالاتٌ، وإنْ ذكرهُ ابنُ حنبلٍ, وابنُ تيميةَ, وغيرُهما» انتهى. وقد بلغ هذا الرادُّ للسُّنن أطوريه حين اتَّهَم الأمةَ وعلماءَها تهمةً ما تجاسَر عليها مُسْتَشْرِقٌ أو حاقدٌ, فقال قالَةَ سوءٍ (ص46) فأَصِخْ لها, قال: «إنَّني أشعُرُ أنَّ أحكامًا قرآنيةً ثابتةً أُهْمِلَتْ كلَّ الإهمالِ, لأنها تتَّصل بمصلحة المرأة»! واسمعْ قولَه (ص33) عمَّن ذهب إلى إجازة إجبار البكر على الزواجِ بمَن رضِيَهُ لها والدُها, قال: «ولا نرى (!!) وجهةَ النظرِ هذه إلا انسياقًا مع تقاليدِ إهانةِ المرأةِ, وتحقيرِ شخصيَّتِها» انتهى. فالذينَ قرَّروا ترجيحَ جوازِ إجبار البكر لأدلَّة أقاموها -وإنْ كان ترجيحُهُم مرجوحًا- تركوا القرآن والنص عند الغزالي, واتَّبعوا تقاليدَ تُهينُ المرأةَ, وتُحَقِّرُ شخصيَّتَها. لكنْ؛ أتدري مَن أولئك؟ !هم القاسمُ, وسالمُ-وهما من فقهاء المدينة النبوية السبعة-, وعامرٌ الشعبيُّ, وابنُ أبي ليلى, والليثُ, ومالكٌ, والشافعيُّ،وأحمدُ في روايةٍ, وإسحاقُ. هؤلاء الأئمةُ متَّهمون بترك القرآنِ والحكمِ به رعايةً لتقاليدَ أهانت المرأةَ ! نعوذُ باللهِ من الحَوْرِ بعد الكَوْرِ.
إنَّه وَهَنُ الديانةِ بلسان التعالم, وتمزيقُ الأغمارِ لنسيجِ الأحرارِ, فَلَسٌ مِن الوَقارِ, وإملاقٌ من أدب الكُتَّابِ. وإنِّي لأعجَبُ من رأسٍ حوى تلك السخرياتِ, وأُودِعَ الظُّنونَ السيئاتِ, كيف ينْظِمُ نفسَه مع الدعاةِ, بَلْهَ القضاة.
والكاتبُ ليس بذي عِيٍّ وحَصَر حتى يُعْذَر, ولكنه –كما أدركْتَ وأدركتُ- شَغِفٌ في كتابه هذا وغيره بالهربِ من فضائِل الألفاظِ إلى مرذولِها, ومن حُسْنِ الاعتذارِ إلى شقاشِقَ تهدِرُ كلَّ جميل. لكنْ؛ أليسَ اللهُ بكافٍ عباده؟ بلى واللهِ الذي فَلَقَ الحَبَّةَ وبرَأَ النَّسَمَةَ.

أبوالمجد
12-18-2003, 09:10 PM
جزاك الله خيرا

عبيد الأثري
12-11-2004, 05:44 AM
جزاكم الله خيراً ..

أبو فاطمة
12-13-2004, 07:27 AM
جزاكم الله خيراً ..

12d8c7a34f47c2e9d3==