المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقارنة بين ربا النسيئة وربا الفضل


كيف حالك ؟

أم يوسف
12-06-2004, 09:12 PM
ـ ربا النسيئة ربًا جلي وربا الفضل ربًا خفي - وربا النسيئة هو الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية - فكان الدائن يؤخر الدين عن المدين ويزيده عليه، وكلما أخّر زاد الدين، حتى تصير المائدة آلافًا مؤلفة‏.‏

2 ـ ربا النسيئة حُرّم قصدًا‏.‏ لما فيه من الضرر العظيم، وهو إثقال كاهل المدين من غير فائدة تحصل له‏.‏ وربا الفضل حرم لأنه وسيلة لربا النسيئة - كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين فإني أخاف عليكم الرما‏) (79)‏.‏ - والرما هو الربا - فمنعهم من ربا الفضل؛ لما يخافه عليهم من ربا النسيئة، وذلك إذا باعوا درهمًا بدرهمين ولا يفعل هذا إلا للتفاوت بين النوعين‏.‏ أما في الجودة أو غيرها فإنهم يتدرجون من الربح المعجل إلى الربح المؤخر، وهو ربا النسيئة ‏(80).‏

3 ـ ربا النسيئة مجمع على تحريمه إجماعًا قطعيًّا‏.‏ وربا الفضل وقع فيه خلاف ضعيف كما سبق‏.‏

4 ـ ربا النسيئة لم يبح منه شيء‏.‏ وربا الفضل أبيح منه ما دعت الحاجة إليه - كذا يقول ابن القيم رحمه الله في أعلام الموقعين ‏(81) - قال‏:‏ لأن ما حرم سدًّا للذريعة أخفّ مما حرم تحريم المقاصد - وذكر من ذلك مسألتين‏:‏

المسألة الأولى‏:‏ العرايا - فإنها مستثناة من منع تحريم الرطب بالتمرن الذي جاء النهي عنه في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن اشتراء التمر بالرطب، فقال لمن حوله‏:‏ أينقص الرطب إذا يبس‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم، فنهى عن ذلك ‏[‏رواه الخمسة وصححه الترمذي، ‏"‏نيل الأوطار‏"‏ ‏(‏5/211‏)‏‏]‏ فقد خصص من هذا الحديث بيع العرايا - وهي جمع عرية - فعيلة بمعنى مفعولة‏.‏ وهي في اللغة - كل شيء أفرد من جملة - قال أبو عبيد‏:‏ من عراه يعروه، إذا قصده، ويحتمل أن يكون فعليه بمعنى فاعله - من عري يعري إذا خلع ثيابه‏.‏ كأنه عريت من جملة التحريم - أي‏:‏ خرجت‏.‏ وقال ابن قيل هي في الشرع‏:‏ بيع رطب في رؤوس نخلة بتمر كيلاً -، وهذا على الصحيح من مذهب الحنابلة‏:‏ أن العرية مختصرة ببيع الرطب بالتمر (82).‏

والدليل على تخصيص العرايا من حديث النهي عن بيع الرطب بالتمر هو حديث رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة - بيع التمر بالتمر إلا أصحاب العرايا فإنه قد أذن لهم ‏[‏رواه أحمد والبخاري والترمذي، ‏"‏نيل الأوطار‏"‏ ‏(‏5/212‏)‏‏]‏‏.‏ وعن زيد بن ثابت‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في بيع العرايا أن تباع بخرصها كيلاً - ‏[‏رواه أحمد والبخاري‏]‏‏.‏

وفي لفظ‏:‏ رخّص في العرية يأخذها أهل البيت بخرصها تمرًا يأكلونها رطبًا - متفق عليه - ‏[‏‏"‏نيل الأوطار‏"‏ ‏(‏5/212‏)‏‏]‏ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله‏:‏ وأما العرايا فإن النبي صلى الله عليه وسلم استثناها مما نهي عنه من المزابنة - أن يشتري الرطب في الشجر بخرصه من التمر ‏(83).‏ ويشترط لإباحة بيع العرايا خمسة شروط هي‏:‏

1 ـ أن يبيعها خرصًا بمثل ما تؤول إليه إذا جفت كيلاً لا جزافًا؛ لأن الأصل اعتبار الكيل من الجانبين‏.‏ فسقط في أحدهما وأقيم الخرص مقامه للحاجة فيبقى الآخر على مقتضى الأصل‏.‏

2 ـ أن يكون مقدار العرية فيما دون خمسة أوسق؛ لقول أبي هريرة‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في العرايا أن تباع بخرصها فيما دون خمسة أو خمسة أوسق شك داود بن الحصين - أحد رواته - فلا تجوز في الخمسة؛ لوقوع الشك فيها؛ والوسق‏:‏ ستون صاعًا بالصاع النبوي‏)‏ ‏[‏متفق عليه‏]‏‏.‏

3 ـ أن يكون المشتري محتاجًا إلى الرطب؛ لما ذكره الشافعي في اختلاف الحديث عن محمود بن لبيد قال‏:‏ قلت لزيد بن ثابت‏:‏ ما عراياكم هذه‏؟‏ قال‏:‏ فلان وأصحابه شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرطب يحضر وليس عندهم ذهب، ولا فضة يشترون بها منه، وعندهم فضل تمر من قوت سنتهم، فرخص لهم أن يشتروا العرايا بخرصها أي‏:‏ بتقديرها وبحزرها من التمر يأكلونها رطبًا، قال الشافعي‏:‏ وحديث سفيان يدل لهذا فإن قولهك ‏(‏يأكلونها رطبًا‏)‏ يشعر بأن مشتري العرية يشتريها ليأكلها‏.‏ وأنه ليس له رطب يأكله غيرها ‏(84).‏

4 ـ أن يكون مشتري العرية لا ثمن معه‏.‏ كما في حديث محمود بن لبيد المذكور (85).‏

5 ـ حصول التقابض ‏(86)‏ بين البائع والمشتري - فالمشتري يقبض الرطب على النخلة بالتخلية، والبائع يقبض التمر بكيله وتسلمه من المشتري‏.‏

المسألة الثانية‏:‏ مسألة بيع الحلي المصاغ بذهب زائد على وزنه‏.‏‏.‏ قال الشيخ تقي الدين في الاختيارات الفقهية ‏(87):‏ ‏(‏ويجوز بيع المصوغ من الذهب والفضة بجنسه من غير اشتراط التماثل‏.‏ ويجعل الزائد في مقابلة الصنعة سواء كان البيع حالاً أو مؤجلاً ما لم يقصد كونها ثمنًا‏)‏‏.‏ ومعنى قوله‏:‏ ‏(‏ما لم يقصد كونها ثمنًا‏)‏ أي‏:‏ لم يقصد الثمنية في الحلي، وإنما قصد كونه حليًّا يلبس كالثياب‏.‏

وقد أفاض العلامة ابن القيم في هذا الموضوع، حيث قال (88):‏ ‏(‏وأما إن كانت الصياغة مباحة، كخاتم الفضة وحلية النساء وما أبيح من حلية السلاح وغيرها، فالعاقل لا يبيع هذه بوزنها من جنسها؛ فإنه سفه وإضاعة للصنعة‏.‏ والشارع أحكم من يلزم الأمة بذلك، فالشريعة لا تأتي به، ولا تأتي بالمنع من بيع ذلك وشرائه لحاجة الناس إليه، فلم يبق إلا أن يقال لا يجوز بيعها بجنسها البتة، بل يبيعها بجنس آخر وفي هذا من الحرج والعسر والمشقة ما تنفيه الشريعة‏.‏ فإن أكثر الناس ليس عندهم ذهب يشترون به ما يحتاجون إليه من ذلك‏.‏ والبائع لا يسمح ببيعه ببر وشعير وثياب‏.‏ وتكليف الاستصناع لكل من احتاج إليه؛ إما متعذر أو متعسر‏.‏ والحيل باطلة في الشرع‏.‏ وقد جوز الشارع بيع الرطب بالتمر لشهوة الرطب‏.‏ وأين هذا من الحاجة إلى بيع المصوغ الذي تدعو الحاجة إلى بيعه وشرائه‏؟‏ فلم يبق إلا جواز بيعه كما تباع السلع، فلو لم يجز بيعه بالدراهم فسدت مصالح الناس‏.‏

والنصوص الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيها ما هو صريح في المنع، وغايتها أن تكون عامة أو مطلقة، ولا ينكر تخصيص العام وتقييد المطلق بالقياس الجلي‏.‏ إلى أن قال‏:‏ يوضحه أن الحلية المباحة صارت بالصنعة المباحة من جنس الثياب والسلع، لا من جنس الأثمان؛ ولهذا لم تجب فيها الزكاة فلا يجري الربا بينها وبين الأثمان، كما لا يجري بين الأثمان وبين سائر السلع، وإن كان من غير جنسها‏.‏ فإن هذه بالصناعة قد خرجت عن مقصود الأثمان، وأعدت للتجارة فلا محذور في بيعها بجنسها‏.‏ ولا يدخلها ‏(‏إما أن تقضي وإما أن تربي‏)‏ إلا كما يدخل في سائر السلع إذا بيعت بالثمن المؤجل‏.‏ ومضى العلامة ابن القيم يبرر هذا الرأي حتى استغرق قرابة ست صفحات‏.‏ هذا حاصل رأي الشيخ - تقي الدين - وتلميذه - ابن القيم - في بيع الحلي من الذهب أو الفضة بجنسه مع زيادة - والمذهب أن ذلك لا يجوز - قال في الإقناع وشرحه ‏(89)‏‏:‏ فلا يجوز بيع مصنوع من الموزونات لم تخرجه الصناعة عن الوزن بجنسه إلا بمثله وزنًا سواء ماثله في الصناعة أولى لعموم الحديث‏.‏ وجوّز الشيخ بيع مصنوع مباح الاستعمال كخاتم ونحوه، بيع بجسنه بقيمته حالاً جعلاً للزائد عن وزن الخاتم في مقابلة الصنعة فهو كالأجرة، وكذا جوزه أي‏:‏ بيع خاتم بجنسه بقيمته نساء ما لم يقصد كونها ثمنًا فإن قصد ذلك لم يجز النسأ‏.‏ اهـ‏.‏

أقول‏:‏ والراجح المنع في ذلك كما عليه المذهب لعموم الأدلة المانعة من بيع الذهب بالذهب متفاضلاً - والله أعلم‏.‏

الشيخ صالح الفوزان

نميره
12-07-2004, 01:50 PM
بارك الله فيك

نور السنه
12-08-2004, 10:11 PM
جزاك الله خير

مشعل عبدالله
12-10-2004, 02:47 PM
جزاك الله خير

أم حمد
12-11-2004, 09:05 PM
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

12d8c7a34f47c2e9d3==