المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : واعبد ربك حتى يأتيك اليقين للشيخ جمال الحارثي- حفظه الله تعالى-


كيف حالك ؟

محمد الصميلي
11-25-2004, 12:50 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل لـه، ومن يضلل فلا هادي لـه؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ. [ آل عمران: 102 ]
 يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً. [ النساء: 1 ].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُـمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَـازَ فَوْزاً عَظِيماً. [الأحزاب:70-71 ].
أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
أما بعد:
فإن الله تعالى يقول في كتابه العزيز:  وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ . [الحجر: 99].
إخواني : لئن انقضى شهر رمضان؛ فإن زمن العمل لا ينقضي إلا بالموت, ولئن انقضت أيام صيام رمضان؛ فإن الصيام لا يزال مشروعاً ولله الحمد في كل وقت من أوقات العام، فقد سن رسول الله  صيام ستة أيام من شوال، وثلاثة من كل شهر، ويوم عرفة، ويوم عاشوراء، وأيام الاثنين والخميس من كل شهر، ولئن انقضى قيام رمضان؛ فإن قيام الليل مشروع أيضاً في كل ليلة من ليالي السنة ولله الحمد.
وقد ثبت عن النبي : أن الله تعالى ينزل الى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الأخر، فيقول: ( من يدعوني فاستجب له من يسألني فأعطية من يستغفرني فاغفر له ) .
فبادروا إخواني أعماركم بأعمالكم، وحققوا أقوالكم بأفعالكم، واغتنموا الأوقات بالأعمال الصالحات؛ فإن حقيقة العمر ماامضاه العبد بطاعة ربه سبحانه وتعالى وما سوى ذلك فذاهب خساراً.
وإن من علامات قبول العمل عند الله تعالى؛ الوقوف عند حدود الله.
سئل الإمام عبد الرحمن بن مهدي عن علامة قبول العمل، فقال: تسأل عن القبول الأدنى، أم عن القبول الأعلى؟ فقال السائل: عنهما جميعاً, فقال: أما القبول الأدنى: فعلامته رعاية حدود الشرع، والاشتغال بمثله بعد الفراغ منه. أما علامة القبول الأعلى: فأنْ يستنكف من عمل نفسه كما يستنكف عن الشرك.
فالإنسان لا يعجب بعمله مهما كان عملُهُ، فليس كثرة العمل دليل على صلاح العمل، بل العبرة في الإخلاص والخواتيم وتقبُل الله تعالى للعمل، ولقد كان السلف رحمهم الله يهتمون بختام العمل، وذلك اقتداءً بالنبي ، وعملاً بقوله تعالى:  وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ . [المؤمنون: 60].
في هذه الآية وصفٌ للمؤمنين بأنه يؤتون ما آتوا من الأعمال الصالحة ومن الطاعات، والاجتهادات في العبادات؛ ويخافون من ربهم سبحانه أشد الخوف، لأنهم لا يدرون: هل تُقُبّلَت أعمالهم أوْ لا، لأنه إن لم يتقبل الله ذلك العمل فإنه لا فائدة فيه، ولو كثر ولو عظم؛ فإنه يكون هباءً منثوراً،  وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً . [الفرقان: 23].
أما إذا تقبله الله تعالى، فإنه ولو كان قليلاً؛ فإنه جلا جلاله يضاعفه، ويؤتي من لدنه أجراً عظيماً، قال تعالى:  إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً . [النساء: 40].
ومن ثواب الحسنةِ الحسنةُ بعدها.
يقول أبو الحسن المزين: الحسنةُ بعد الحسنةِ ثواب الحسنة. أخرجه البيهقي في" الشعب" (5/ 446).
وللحسنة تأثير في السيئات قال تعالى:  وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ . [هود: 114].
قال بن كثير: إن فعل الخيرات؛ يكفر الذنوب السالفة.
وقال : ( اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن). أخرجه أحمد, والترمذي.
قال ابن رحيب الحنبلي: قوله :واتبع السيئة الحسنة تمحها: ظاهره أن السيئات تمحى بالحسنات, وقد يراد بالحسنة التوبة من تلك السيئة.
إخواني: من كان يعبد رمضان فإن رمضان قد انقضى وفات، ومن كان يعبد الله فإنه سبحانه حيى لا يموت.
سئل بعض السلف عن قوم يجتهدون في العبادة في رمضان وإذا انقضى رمضان رجعوا، فقال: بئس القوم الذين لا يعرفون الله الا في رمضان.
واعلموا عباد الله أن الناس بعد رمضان على ثلاثة أصناف.
الأول: من أحسن فى رمضان وأتبعه بالعمل الصالح بعد رمضان، فهو يفرح بانتهاء الشهر لأنه استعمله في العبادة والطاعة، فهو يرجو أجره وفضائله.
والثاني: من أحسن في رمضان واكتفى بذلك من غير أن يتبعه بعمل صالح في غير رمضان, وقد يكون صيامه وقيامه مجاملة ومجاراة للمجتمع؛ لا أيماناً واحتساباً، وهذا هو النفاق الأكبر، فهذا يفرح بانتهاء رمضان لينطلق الى المعاصي والشهوات التي كان مسجوناً عنها في رمضان.
والصنف الثالث: من الناس من أساء في رمضان واستمر على ذلك في غير رمضان.
فالصنفين الأخيرين في خسارة تامة تامة؛ إن لم يتداركهم الله بتوبة صادقة
تمحو سيئاتهم وذنوبهم، فلا تكن يا عبد الله من أصحاب هذين الصنفين فكن من الصنف الأول يا عبد الله؛ الذين يتوبون من قريب، والذين يتبعون السيئة بالحسنة، والذين يتسابقون الى الخيرات.
فالأعمال الصالحة كثيرة ومتعددة وليس لها حصر، فهناك الصلاة, والصدقة
والصيام، وإعانة المحتاج مادياً ومعنوياً , وتكفيف دموع اليتيم والمسح على
رأسه , والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإماطة الأذى عن الطريق،
الدعاء للمسلمين بالنصر، والدعوة إلى الله، وإقامة السنة وقمع البدعة، والدعوة إلى التوحيد والتحذير من الشرك, والكلمة الطيبة وكف الأذى عن المسلمين، والإحسان إلى القريب والجار والصديق, وحسن المعاملة مع غير المسلمين بقصد دعوتهم، وحُسن الخلق، وهكذا يتلمس العبد الأعمال الصالحة.
ومدار هذا كله النية الخالصة لله تعالى، قال تعالى:  وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ . [البينة: 5].
فالله سبحانه وتعالى أعلم بنية العبد وإخلاصه، فعلى العبد بذل الأسباب، والإكثار من العمل، وأن يثق المؤمن أن الله تعالى لا يَضيعُ لديه أجر عاملٍ مهما قلّ، وعليه بحسن الرجاء بالله عز وجل، وعدم اليأس والقنوط، يقول تعالى:  قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . [الزمر: 53]، لكن مع ذلك لا يُعجب العبد بعمله، أو يتكاثرُ عمله، بل إنه يسأل الله القبول ويُتبعُ العمل بالاستغفار، لأن الإنسان عُرضة للخطأ والخلل، وربما يكون عمله كثيراً؛ ولكن فيه خلل وفيه نقص، ويتطرقُ إليه شيءٌ من المفسدات والمنقصات، فهو يرفع هذا الخلل وهذا النقص بالاستغفار.
ويُشترط أن يكون هذا الإخلاص مقروناً بمتابعة النبي  قال تعالى:  قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ . [آل عمران: 31]. ولازم القول: أن من لا يَتّبِع النبي ؛ لا يُحبه الله ولا يغفر له.
ويوضح هذا قوله : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). الشيخان.
فاللهم اجعلنا ممن يُتْبِعُ الحسنة الحسنة، ومن المخلصين المتبعين لنبيّك  المقبولين عندك يا رحمن يا رحيم.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين

كتبه
جمال بن فريحان الحارثي
8/10/1425هـ
الطائف



نقله محمد الصميلي كان الله له

محمد الصميلي
11-25-2004, 12:53 PM
هل من مدكر............

12d8c7a34f47c2e9d3==