المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإمام العثيمين : ليس بأيدي المسلمين ما يستطيعون به جهاد الكفار حتى ولا جهاد مدافعة


كيف حالك ؟

عبدالوهاب
11-23-2004, 06:39 AM
الإمام العثيمين : ليس بأيدي المسلمين ما يستطيعون به جهاد الكفار حتى ولا جهاد مدافعة


بسم الله الرحمن الرحيم

سُئل فقيه الزمان العلامة الإمام محمد بن صالح العثيمين

ـ رحمه الله وطيّب ثراه ـ ما نصّــــه :

فضيلة الشيخ : أرجو أن توضح مدى حاجة المجتمع الإسلامي للجهاد

في سبيل الله ؟

فأجاب : هذه الحاجة بيّنها الله عز وجل في كتابه فقال : ( وقاتلوهم

حتى لا تكون فتنةٌ ويكونَ الدينُ للهِ ) ( سورة البقرة : 193 ) .

فالناس في حاجة إلى قتال الكفار الآن حتى لا تكون فتنة ويكون الدين

كله لله ، ولكن هل يجب القتال أو هل يجوز القتال مع عدم القدرة عليه ؟

الجواب : لا . لا يجب ، بل ولا يجوز أن نقاتل ونحن غير مستعدين له ،

والدليل على هذا أن الله عز وجل لم يفرض على نبيه وهو في مكة أن

يقاتل المشركين ، وأن الله أذن لنبيه في صلح الحديبية أن يعاهد

المشركين ذلك العهد الذي إذا تلاه الإنسان ظنّ أن فيه خذلانا

للمسلمين ؛ وكثيرٌ منكم يعرف كيف كان صلح الحديبية حتى قال عمر بن

الخطّاب : يا رسول الله ، ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟! قال :

بلى . قال : فلمَ نُعطي الدنيّة في ديننا ؟! فظنّ هذا خذلاناً لكن الرسول

ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا شك أنه أفقه من عمر ، وأن الله تعالى أذن

له في ذلك فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :

" إني رسول الله ، ولست أعصيه وهو ناصري " .

انظر الثقة الكاملة في هذه الحال الضنكة الحرجة ، يعلن هذا لهم يقول :

لست عاصيه وهو ناصري ، سيكون ناصراً لي ، وإن كان ظاهر الصلح أنه

خذلان للمسلمين ، وهذا يدلنا يا إخواني على مسألة مهمة ، وهي قوة

ثقة المؤمن بربه ، فهذا محمد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في

هذه الحال الحرجة يقول : " وهو ناصري " .

وفي قصة موسى لما لحقه فرعون وجنوده وكان أمامهم البحر وخلفهم

فرعون وجنوده ، ماذا قال أصحابه حين قالوا : إنا لمدركون ، قال : كلا . ما

يمكن أن ندرك ، ( إن معيَ ربي سيهدينِ ) ( سورة الشعراء : 62 ) .

سيهديني لشيء يكون فيه الإنقاذ ، وحصل الإنقاذ وحصل هلاك فرعون

وقومه .

فالمهم أنه يجب على المسلمين الجهاد حتى تكون كلمة الله هي العليا ،

ويكون الدين كله لله ، لكن الآن ليس بأيدي المسلمين ما يستطيعون به

جهاد الكفار حتى ولا جهاد مدافعة في الواقع .

جهاد المهاجمة لا شكّ أنه الآن غير ممكن حتى يأتي الله عز وجل بأمة

واعية تستعد إيمانياً ونفسيّا ثم عسكريّاً ، أما نحن على هذا الوضع فلا

يمكن أن نجاهد أعداءنا ، ولذلك انظر إلى إخواننا في جمهورية البوسنة

والهرسك ماذا فعل بهم النصارى ؟! يمزّقونهم أشلاءً ، وينتهكون

حرماتهم ، وقيل لنا إنهم يذبّحون الطفل أمام أمه ويجبرونها على أن

تشرب دمه ، نعوذ بالله ، شيء لا يتصور الإنسان أن يقع ، ومع ذلك فإن

الأمم النصرانية تماطل وتتماهل وتعد وتُخلف ، والأمة الإسلامية ليس

منها إلا التنديد القولي دون الفعلي من بعضها لا من كلّها ، وإلا فلو أن

الأمة الإسلامية فعلت شيئاً ولو قليلاً مما تقدر عليه لأثّر ذلك ، لكن مع

الأسف أننا نقف وكأننا متفرجون ، لا سيّما ولاة الأمور في الأمة

الإسلامية ، والله إن الإنسان كلما ذكر إخوانه هناك تألم لهم ألماً شديداً

لكن ماذا نعمل ؟! نشكو إلى الله عز وجل ، ونسأل الله تعالى أن يقيم

علم الجهاد في الأمة الإسلامية حتى نقاتل أعداءنا وأعداء الله لتكون

كلمة الله هي العليا .

فالآن الخلاصة في الجواب : أن الجهاد واجب حتى لا تكون فتنة ؛ يعني

صد عن سبيل الله ، ولا يستطيع أعداء المسلمين أن يدعوا لدينهم

(ويكونَ الدينُ للهِ )( سورة البقرة : 193 ) . ولكن هذا بشرط أن يكون

عندنا قدرة ، وليس عندنا الآن قدرة حتى ولا قدرة دفاعية مع الأسف

فكيف بقدرة المهاجمة ؟!

لما كان المسلمون على الحق ، ويعتمدون على ربّ العزّة والجلال ،

ويمسكون المصحف بيد والرمح بيد ، ويقدمون المصحف على الرمح فتحوا

مشارق الأرض ومغاربها ، وبدأ الناس يأتون إليهم من كل جانب ( إذا جاءَ

نصرُ اللهِ والفتحُ . ورأيتَ الناسَ يدخلونَ في دينِ اللهِ أفواجاً )

( سورة النصر : 1-2 ) .

بدأ الناس يقبلون على الإسلام ، لأن الإسلام دين الفطرة والقيم العالية

والأخلاق الفاضلة ، فلو عُرضَ للناس وصُوِّرَ للناس نظريّاً وتطبيقيّاً ما أرادوا

سواه ، لكن مع الأسف المسلمون اليوم ـ أكثرهم ـ همّهم : ماذا عندك

من الريالات ؟ وكيف قصرك وبيتك ؟ وكيف سيّارتك ؟ هذا أكثر حال الناس

مع الأسف ؛ ولهذا تجد الغش في المعاملات ، والكذب ، والخداع ،

والمكر ، لأن الناس شُغلوا بما خُلق لهم عمّا خُلقوا له ، نحن خُلقنا

للعبادة وخُلق لنا ما في الأرض جميعاً ، فشُغلنا بما خُلق

لنا عمّا خُلقنا له .

نسأل الله أن يحيينا وإيّاكم حياة طيبة ، وأن يبدّل الحال بخير منه

نقلاً عن :

اللقاء الثالث والثلاثون من لقاءات الباب المفتوح . ( صفر ، 1414 هــ )

12d8c7a34f47c2e9d3==