المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صدقة الفطر وبعض أحكام العيد/للشيخ :عمرعبدالله الحربي


كيف حالك ؟

الفاروق
11-10-2004, 05:10 PM
الدرس التاسع والعشرون: في صدقة الفطر (من الدروس السلفيه لليالي الرمضانيه)

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فإن الأصل في مشروعية زكاة الفطر عموم الكتاب والسنة والإجماع قال الله عز وجل: { قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى } وقد كان أمير المؤمنين عمر بن عبدا لعزيز يأمر الناس بإخراج صدقة الفطر ويتلو هذه الآية.
ومن السنة حديث ابن عمر – رضي الله عنهما- قال: ( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ) متفق عليه. وقد أجمع العلماء على وجوب زكاة الفطر ويشترط لوجوبها شرطان: الأول: أن يفضل عن نفقته ونفقة عياله يوم العيد وليلته صاع. الثاني:- دخول وقت الوجوب وهو غروب الشمس من ليلة الفطر.
وحكم زكاة الفطر واجبه وجوب عين على كل مسلم قادر. فرضت هي والصوم في السنة الثانية من الهجرة ومصرف صدقة الفطر كمصرف الزكاة لعموم قوله تعالى: { إنما الصدقات للفقراء والمساكين 000 } الآية [التوبة/6] ومقدارها صاع فلا يجب على الإنسان أكثر من صاع لكن يخرج ما دون الصاع إذا لم يجد غيره، وزكاة الفطر واجبة على كل مسلم بنفسه, ولا يجب عليه أن يُخرج عن غيره على الصحيح, ولكن لو أخرجها عمن يمونهم وبرضاهم فلا بأس بذلك إلا زكاة الفطر عن العبد فإنها تجب على سيده لما ثبت في صحيح مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر ) ويستحب إخراجها عن الجنين إذا بلغ أربعة أشهر لفعل عثمان- رضي الله عنه- وهو من الخلفاء الراشدين الذين أمرنا بإتباع سنتهم, ويجوز إخراج زكاة الفطر قبل العيد بيومين فقط؛ لثبوت ذلك عن ابن عمر- رضي الله- عنه ففي البخاري ( أن ابن عمر كان يعطيها الذين يقبلونها وكانوا يُعطون قبل الفطر بيوم أو يومين ) لكن الأفضل أن يخرجها يوم العيد قبل الصلاة لحديث ابن عمر- رضي الله عنهما- أن النبي- صلى الله عليه وسلم - ( أمر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ) ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد ولا تجزئ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ).
ومما سبق يكون وقت إخراج زكاة الفطر على ثلاثة أقسام:
الأول: جائز: وهو قبل العيد بيومين.
الثاني: مستحب: وهو صباح يوم العيد قبل صلاة العيد.
الثالث: محرم, بعد صلاة العيد من يوم العيد ولا تقبل.
ويجوز التوكيل في إخراجها ومن أخر إخراجها لعذر ثم أخرجها فإنه لا يأثم.
ويجزئ فيها كل ما كان قوتاً لأهل البلد على الصحيح، وإخراج القيمة في زكاة الفطر لا يجوز وهو مذهب الجمهور.
ويجوز أن يعطي الواحد أكثر من صاع, والصاع أكثر من واحد, والأفضل للمسلم أن يخرجها بنفسه ليكون على يقين من وصولها إلى مستحقيها وفي وقتها.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الدرس الثلاثون: في بعض أحكام العيد

الحمد لله رب العالمين , والعاقبة للمتقين , ولا عدوان إلا على الظالمين, ولا إله إلا الله إله الأولين والآخرين , وقيوم السماوات والأرضين , ومالك يوم الدين الذي لا فوز إلا في طاعته ولا عز إلا في التذلل لعظمته, ولا غنى إلا في الافتقار إلى رحمته, ولا هدى إلا في الاستهداء بنوره , ولا حياة إلا في رضاه ولا نعيم إلا في قربه , ولا فلاح للقلب ولا صلاح إلا في الإخلاص له وتوحيد حبه , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , كلمة قامت بها الأرض والسماوات , وخلقت لأجلها المخلوقات وبها أرسل الله بها تعالى رسله , وأنزل كتبه , وهي حق الله على جميع العباد , فلا تزول قدما العبد بين يدي الله حتى يسئل عن مسألتين : ماذا كنتم تعبدون ؟ وماذا أجبتم المرسلين ؟
فجواب الأولى بتحقيق (( لا إله إلا الله )) معرفة وإقرارا وعملا, وجواب الثانية بتحقيق(( أن محمدا رسول الله )) معرفة وإقرارا وانقيادا وطاعة .
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , وأمينه على وحيه , وخيرته من خلقه , المبعوث بالدين القويم والمنهج المستقيم , أرسله الله رحمة للعالمين , وافترض على العباد طاعته , واتباع سنته , وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره والعزة لأهل طاعته ومتابعته . أما بعد :
إخواني إن الله قد شرع لكم التكبير عند إكمال العدة ووقته من غروب الشمس ليلة العيد إلى صلاة العيد قال تعالى : { ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون } [ البقرة/ 185] وصفة التكبير أن يقول: (( الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد ))
ويستحب أن يجهر الرجال بالتكبير في المساجد والأسواق والبيوت إظهارا لشكر الله عز وجل ويسر به النساء .
واعلموا – رحمكم الله – أن الله شرع لعباده صلاة العيد من يوم العيد وهي من تمام شكر الله عز وجل . قال الله تعالى : { فصل لربك وانحر } [ الكوثر/ 2] وهي صلاة العيد في قول قتادة وعكرمة وعطاء قال: في << المغني >> وهو المشهور في التفسير .
وأما بالسنة فثبت بالتواتر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي صلاة العيدين قال ابن عباس : ( شهدت الفطر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فكلهم يصليها قبل الخطبة , وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيد بغير أذان ولا إقامة ) متفق عليهما .
وقد روي أن أول صلاة عيد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم عيد الفطر في السنة الثانية من الهجرة وواظب على صلاة العيدين حتى مات .
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء أن يخرجن إلى صلاة العيد , وهذا دليل على تأكيدها ففي الصحيحين عن أم عطية – رضي الله عنها – قالت :( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى ؛ العواتق والحيض وذوات الخدور , فأمّا الحيض فيعتزلن المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين . قالت : يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب قال : ( لتلبسها أختها من جلبابها )) والجلباب لباس تلتحف فيه المرأة بمنزلة العباءة .
ويستحب الأكل قبل الخروج إلى صلاة عيد الفطر تمرات وترا ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك يقطعها على وتر دليله ما ثبت في صحيح البخاري عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترا ) ويشرع الجهر بالتكبير عند الخروج إلى العيد وقد كان ابن عمر إذا غدا إلى المصلى كبر فرفع صوته بالتكبير وفي رواية: كان يغدو إلى المصلى يوم الفطر إذا طلعت الشمس , فيكبر حتى يأتي المصلى , ثم يكبر بالمصلى حتى إذا جلس الإمام ترك التكبير . رواهما الشافعي في الأم .
قال : الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – التكبير في حال الجلوس في مصلى العيد أفضل من قراءة القرآن ومن سائر الذكر لتخصيص شرعيته في هذا الوقت .
ويستحب للرجل أن يخرج على أحسن هيئة من لبس وتطيب وتسوك ونحو ذلك والدليل على ذلك ما ثبت في الصحيحين أن عمر- رضي الله عنه- اشترى حلة من إستبرق من السوق , فأخذها فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ابتع هذه تتجمل بها في العيدين والوفد , فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إنما هذه لباس من لا خلاق لهم ) . وهذا يدل على أن التجمل عندهم في هذه المواضع كان مشهورا , وقد روى ابن عبد البر بإسناده عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته لجمعته وعيده )
وصح عن ابن عمر- رضي الله عنهما – أنه كان يلبس في العيدين أحسن ثيابه .
وفي الأوسط لابن المنذر قال مالك : سمعت أهل العلم يستحبون الطيب والزينة في كل عيد .
ولا يستحب للمسلم إذا انتهى إلى المصلى أن يصلي شيئا قبل صلاة العيد ولا بعدها في المصلى .
إخواني : إنه وإن انقضى شهر رمضان فإن عمل المؤمن لا ينقضي قبل الموت , قال الله تعالى : { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } [ الحجر / 99] فلئن انقضى صيام شهر رمضان فإن المؤمن لا يترك عبادة الصيام بذلك , فالصيام لا يزال مشروعا في العام كله فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر ).
والفضل يحصل بصيام هذه الأيام لا فرق بين أن يتابعها أو يفرقها من شهر شوال كله , غير يوم العيد فإنه يحرم صيامه .
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن صيام يوم عرفة فقال : ( يكفر السنة الماضية والباقية ) وسُئل عن صيام عاشوراء فقال : ( يكفر السنة الماضية ) وسُئل عن صوم يوم الاثنين فقال : ( ذلك يوم وُلدت فيه ويوم بعثت فيه أو أنزل على فيه ) وفي صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل : أي الصيام أفضل بعد شهر رمضان ؟ قال : ( أفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم )
وفي الصحيحين عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: ( ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم استكمل شهرا قط إلا رمضان , وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان ) وفي لفظ : ( كان يصومه إلا قليلا ).
إخواني إنه وإن انقضى قيام شهر رمضان فإن قيام الليل لا يزال مشروعا ومن أفضل الأعمال ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه- قال : قال صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) فدل الحديث أن أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل .
ولما روى الترمذي والنسائي والحاكم أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( أقرب ما يكون العبد من الرب في جوف الليل فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن) ولمسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( إن من الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرا إلا أعطاه إياه ) .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ينزل ربنا إلى السماء الدنياء حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول : من يدعوني فاستجيب له , من يسألني فأعطيه , من يستغفرني فاغفر له ), ونزوله تعالى إلى السماء الدنياء من صفاته الفعلية التي تتعلق بمشيئته, وهو نزول حقيقي يليق بجلاله وعظمته.
إخواني: حافظوا على الرواتب التابعة للفرائض وعددها اثنتا عشرة ركعة : أربع قبل الظهر وركعتان بعدها , وركعتان بعد المغرب , وركعتان بعد العشاء , وركعتان قبل صلاة الفجر , ودليل هذا ما ثبت في صحيح مسلم من حديث أم حبيبة – رضي الله عنها – قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من عبد مسلم يصلي لله تعالى كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة ), وفي لفظ ( من صلى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بُني له بهن بيت في الجنة)
إخواني : حافظوا على الذكر أدبار الصلوات الخمس فإن الله عز وجل قد أمر في كتابه قال تعالى :{ فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم ) [ النساء / 103 ] وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم استغفر الله ثلاثا وقال : ( اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام )
وفي صحيح مسلم قال : النبي صلى الله عليه وسلم ( من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين فتلك تسعة وتسعون, ثم قال : تمام المئة لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر )




فاجتهدوا إخواني في التمسك بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم حتى يحشركم الله معه وفي زمرته , واحذروا من البدع المخالفة لسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم فإنها كلها ضلالة ولا يقبل الله منها شيء .
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

12d8c7a34f47c2e9d3==