المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل بعد هذا البيان القرآني من بيان؟!


كيف حالك ؟

مشعل عبدالله
11-10-2004, 03:56 PM
كنا قد اشرنا في مقالة الامس، في سياق ذكر اقوال المفسرين، حول الاية الكريمة ( قال اجعلني على خزائن الأرض اني حفيظ عليم) الى ما ورد في تفسير أنوار التنزيل للبيضاوي: «وفيه دليل على جواز طلب التولية، واظهار انه مستعد لها، والتولي من يد الكافر اذا علم انه لا سبيل الى اقامة الحق، وسياسة الخلق الا بالاستظهار به».
وما ورد في الكشاف للزمخشري: «وعن قتادة: هو دليل على انه يجوز ان يتولى الانسان عملا من يد سلطان جائر، وقد كان السلف يتولون القضاء من جهة البغاة ويرونه، واذا رأى النبي او العالم انه لا سبيل الى الحكم بأمر الله ودفع الظلم الا بتمكين الملك الكافر، او الفاسق، فله ان يستظهر به».
ونستكمل ذكر هذه النقول في هذا الشأن.
قال ابن حيان الاندلسي في (البحر المحيط 318/5): «ودل إثناء يوسف على نفسه، على انه يجوز ان يثني على نفسه بالحق، اذا جهل امره، ولا تكون تلك التزكية المنهي عنها، وعلى جواز عمل الرجل الصالح للرجل الفاجر بما يقتضيه الشرع والعدل، لا بما يختاره ويشتهيه مما لا يسيغه الشرع. وانما طلب يوسف هذه الولاية ليتوصل الى امضاء حكم الله، واقامة الحق، وبسط العدل، والتمكن مما لاجله تبعث الانبياء الى العباد، ولعلمه ان غيره لا يقوم مقامه في ذلك.
فإن كان الملك قد اسلم، كما روى مجاهد فلا كلام، وان كان كافرا، ولا سبيل الى الحكم بأمر الله ودفع الظلم الا بتمكينه، فللمتولي ان يستظهر به.
وقيل: كان الملك يصدر عن رأي يوسف، ولا يعترض عليه في كل ما رأى، فكان في حكم التابع، وما زال قضاة الاسلام يتولون القضاء من جهة من ليس بصالح، ولولا ذلك لعطلت احكام الشرع، فهم مثابون على ذلك اذا عدلوا».
وقال القرطبي ـ رحمه الله ـ في (تفسيره 215/9): «قال بعض اهل العلم: في هذه الآية ما يبيح للرجل الفاضل ان يعمل للرجل الفاجر، والسلطان الكافر، بشرط ان يصلح ان يفوض اليه في فعل لا يعارض فيه، فيصلح منه ما شاء، واما اذا كان عمله بحسب اختيار الفاجر وشهواته وفجوره، فلا يجوز ذلك».
وقال الشوكاني في (فتح القدير): «وقد استدل بهذه الآية على انه يجوز تولي الاعمال من جهة السلطان الجائر، بل الكافر، لمن وثق من نفسه القيام بالحق».
فهذه النصوص الصريحة المستفيضة عن اهل العلم الذين يجيزون ولاية الوالي المسلم والقاضي المسلم الذي نصبه الكفار.
فهل بعد هذا البيان من بيان؟ وماذا بعد الحق الا الضلال؟ نعوذ بالله من الخذلان، ومن العمى بعد البصر، ومن الضلال بعد الهدى. فلينظر المنصف بعين الحق، ويتجنب التقليد ثم ليقرأ: «انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا واولئك هم المفلحون» (النور: 51).

الشيخ عبدالمحسن العبيكان........جريده الشرق الاوسط

12d8c7a34f47c2e9d3==