المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفوضى والطاعة والجهاد.....الشيخ عبد المحسن العبيكان


كيف حالك ؟

مشعل عبدالله
11-03-2004, 02:08 PM
ونواصل الحديث حول الموقف الفقهي من أحكام الجهاد، إذ أفتت اللجنة الدائمة للافتاء في السعودية بما نصه: «الجهاد لإعلاء كلمة الله وحماية دين الإسلام والتمكين من إبلاغه ونشره وحفظ حرماته فريضة على من تمكن من ذلك وقدر عليه، ولكنه لا بد له من بواعث الجيوش وتنظيمها خوفاً من الفوضى وحدوث ما لا تحمد عقباه، ولذلك كان بدؤه والدخول فيه من شأن ولي أمر المسلمين فعلى العلماء أن يستنهضوه لذلك فإذا ما بدأ واستنفر المسلمين، فعلى من قدر عليه أن يستجيب للداعي إليه مخلصاً وجهه لله راجياً نصرة الحق وحماية الإسلام ومن تخلف عن ذلك مع وجود الداعي وعدم العذر فهو آثم».
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: «لا يجوز غزو الجيش إلا بإذن الإمام مهما كان الأمر لأن المخاطب بالغزو والجهاد هم ولاة الأمور وليس أفراد الناس فأفراد الناس تبع لأهل الحل والعقد، فلا يجوز لأحد أن يغزو دون إذن الإمام إلا على سبيل الدفاع، إذا فاجأهم عدو يخافونه فحينئذ لهم أن يدافعوا عن أنفسهم لتعيّن القتال إذاً».
«وإنما لم يجز ذلك لأن الأمر منوط بالإمام فالغزو بلا إذنه افتيات عليه وتعد على حدوده، ولأنه لو جاز للناس أن يغزوا من دون إذن الإمام لأصبحت المسألة فوضى. كل من شاء ركب فرسه وغزا. ولأنه لو مكن الناس من ذلك لحصلت مفاسد عظيمة، فقد تتجهز طائفة من الناس على أنهم يريدون العدو وهم يريدون الخروج على الإمام أو يريدون البغي على طائفة من الناس».
وقال الشيخ رحمه الله تعالى: «إذا قال الإمام انفروا، والإمام هو ولي الأمر الأعلى في الدولة، ولا يشترط ان يكون إماماً عاماً للمسلمين، لأن الإمامة العامة انقرضت من أزمنة متطاولة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «اسمعوا وأطيعوا ولو تأمر عليكم عبد حبشي» فإذا تأمر إنسان على جهة ما، صار بمنزلة الإمام العام، وصار قوله نافذاً، وأمره مطاعاً، ومن عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه والأمة الإسلامية بدأت تتفرق، فابن الزبير في الحجاز، وابن مروان في الشام، والمختار بن عبيد وغيره في العراق فتفرقت الأمة، وما زال أئمة الإسلام يدينون بالولاء والطاعة لمن تأمر على ناحيتهم، وإن لم تكن له الخلافة العامة، وبهذا نعرف ضلال ناشئة نشأت تقول: إنه لا إمام للمسلمين اليوم، فلا بيعة لأحد، نسأل الله العافية، ولا أدري أيريد هؤلاء أن تكون الأمور فوضى ليس للناس قائد يقودهم؟ أم يريدون أن يقال كل إنسان أمير نفسه؟ هؤلاء اذا ماتوا من غير بيعة فإنهم يموتون ميتة جاهلية، لأن عمل المسلمين منذ أزمنة متطاولة على أن من استولى على ناحية من النواحي له الكلمة العليا فيها فهو إمام فيها».
«وقد نص على ذلك العلماء مثل صاحب سبل السلام وقال: إن هذا لا يمكن الآن تحقيقه، وهذا هو الواقع الآن، فالبلاد التي في ناحية واحدة تجدهم يجعلون انتخابات ويحصل صراع على السلطة ورشاوى وبيع للذمم إلى غير ذلك، فإذا كان أهل البلد الواحد لا يستطيعون أن يولوا عليهم واحداً إلا بمثل هذه الانتخابات المزيفة فكيف بالمسلمين عموماً؟! هذا لا يمكن». إذا استنفر الإمام وجب على المسلم الخروج لقوله تعالى: «يا أيها الذين آمنو ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير» (التوبة: 38 ـ 39). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وإذا استُنفِرتم فانفروا»، ولأن الناس لو تمردوا في هذا المجال على الإمام لحصل الخلل الكبير على الإسلام، إذ إن العدو سوف يقاتل ويتقدم إذا لم يجد من يقاومه ويدافعه».

جريدة الشرق الاوسط

12d8c7a34f47c2e9d3==