المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كلام الإمام ابن القيم رحمه الله في قوله تعالى ( ومنهم من يشتري لهو الحديث )


كيف حالك ؟

عبيد الأثري
10-20-2004, 06:42 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

وقد تكلم العلامة ابن القيم رحمه الله على الآية المتقدمة ، وهي قوله تعالى : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ الآية ، بكلام حسن يؤيد ما تقدم وهذا نصه قال رحمه الله : ( قال الواحدي وغيره : أكثر المفسرين على أن المراد بلهو الحديث ، الغناء ، قاله ابن عباس في رواية سعيد بن جبير ومقسم عنه وقاله عبد الله بن مسعود في رواية أبى الصهباء عنه ، وهو قول مجاهد وعكرمة ، وروى ثوير بن أبي فاختة عن أبيه عن ابن عباس في قوله تعالى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ قال : هو الرجل يشتري الجارية تغنيه ليلا ونهارا ، وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد : هو اشتراء المغني والمغنية بالمال الكثير ، والاستماع إليه وإلى مثله من الباطل ، وهذا قول مكحول ، وهذا اختيار أبي إسحاق أيضا ، وقال : أكثر ما جاء في التفسير ، أن لَهْوَ الْحَدِيثِ ههنا ، هو الغناء ، لأنه يلهي عن ذكر الله تعالى .

قال الواحدي : قال أهل المعاني : ويدخل في هذا كل من اختار اللهو والغناء والمزامير والمعازف على القرآن ، وإن كان اللفظ قد ورد بالشراء فلفظ الشراء يذكر في الاستبدال والاختيار ، وهو كثير في القرآن ، قال : ويدل على هذا ما قاله قتادة في هذه الآية لعله أن لا يكون أنفق مالا ، قال : وبحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق ، قال الواحدي : وهذه الآية على هذا التفسير ، تدل على تحريم الغناء ، قال : وأما غناء القينات فذلك أشد ما في الباب ، وذلك لكثرة الوعيد الوارد فيه ، وهو ما روي أن النبي قال : " من استمع إلى قينة صب في أذنه الآنك يوم القيامة " . والآنك الرصاص المذاب ، وقد جاء تفسير لَهْوَ الْحَدِيثِ بالغناء مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ففي مسند الإمام أحمد ، ومسند عبد الله بن الزبير الحميدي وجامع الترمذي من حديث أبي أمامة ، والسياق للترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام " وفي مثل هذا نزلت هذه الآية : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وهذا الحديث ، وإن كان مداره على عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد الألهاني عن القاسم ، فعبيد الله بن زحر ثقة ، والقاسم ثقة ، وعلي ضعيف إلا أن للحديث شواهد ومتابعات سنذكرها إن شاء الله تعالى .

ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث : بأنه الغناء ، فقد صح ذلك عن ابن عباس وابن مسعود ، قال أبو الصهباء : سألت ابن مسعود عن قوله تعالى : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ فقال : والله الذي لا إله إلا هو ، هو الغناء يرددها ثلاث مرات وصح عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أيضا أنه الغناء ، قال الحاكم أبو عبد الله في التفسير من كتاب المستدرك : ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند ، وقال في موضع آخر من كتابه : هو عندنا في حكم المرفوع ، وهذا وإن كان فيه نظرة فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم ، فهم أعلم الأمة بمراد الله عز وجل في كتابه ، فعليهم نزل ، وهم أول من خوطب به من الأمة ، وقد شاهدوا تفسيره من الرسول علما وعملا وهم العرب الفصحاء على الحقيقة ، فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيل ، ولا تعارض بين تفسير لَهْوَ الْحَدِيثِ بالغناء وتفسيره بأخبار الأعاجم وملوكها وملوك الروم ونحو ذلك ، مما كان النضر بن الحارث يحدث به أهل مكة ، يشغلهم به عن القرآن ، فكلاهما لهو الحديث

12d8c7a34f47c2e9d3==