المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (فائدة) من لغز رسول الله ‏إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا !!


كيف حالك ؟

منصور الإبراهيمي
10-20-2004, 03:17 PM
توقير الكبار والأدب معهم

‏حَدَّثَنَا ‏ ‏يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ‏ ‏وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ‏ ‏وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ ‏ ‏وَاللَّفْظُ ‏ ‏لِيَحْيَى ‏ ‏قَالُوا حَدَّثَنَا ‏ ‏إِسْمَعِيلُ يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ ‏ ‏أَخْبَرَنِي ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ ‏ ‏أَنَّهُ سَمِعَ ‏ ‏عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ‏ ‏يَقُولُا ‏
‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي قَالَ ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ ‏ ‏وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ ثُمَّ قَالُوا حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَقَالَ هِيَ النَّخْلَةُ قَالَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ ‏ ‏لِعُمَرَ ‏ ‏قَالَ لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَ هِيَ النَّخْلَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا ‏

صحيح مسلم بشرح النووي

‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ مِنْ الشَّجَر شَجَرَة لَا يَسْقُط وَرَقهَا , وَإِنَّهَا مِثْل الْمُسْلِم , فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ ؟ فَوَقَعَ النَّاس فِي شَجَر الْبَوَادِي , قَالَ عَبْد اللَّه بْن عُمَر : وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَة , فَاسْتَحْيَيْت ثُمَّ قَالُوا : حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُول اللَّه ؟ فَقَالَ : هِيَ النَّخْلَة , قَالَ : فَذَكَرْت ذَلِكَ لِعُمَر فَقَالَ : لَأَنْ تَكُون قُلْت : هِيَ النَّخْلَة أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا ) ‏

‏أَمَّا قَوْله : ( لَأَنْ تَكُون ) فَهُوَ بِفَتْحِ اللَّام , وَوَقَعَ فِي بَعْض النُّسَخ ( الْبَوَادِي ) وَفِي بَعْضهَا ( الْبَوَاد ) بِحَذْفِ الْيَاء , وَهِيَ لُغَة . ‏
‏وَفِي هَذَا الْحَدِيث فَوَائِد : مِنْهَا اِسْتِحْبَاب إِلْقَاء الْعَالِم الْمَسْأَلَة عَلَى أَصْحَابه , لِيَخْتَبِر أَفْهَامهمْ , وَيُرَغِّبهُمْ فِي الْفِكْر وَالِاعْتِنَاء . ‏
‏وَفِيهِ : ضَرْب الْأَمْثَال وَالْأَشْبَاه . ‏

‏وَفِيهِ : تَوْقِير الْكِبَار كَمَا فَعَلَ اِبْن عُمَر لَكِنْ إِذَا لَمْ يَعْرِف الْكِبَار الْمَسْأَلَة فَيَنْبَغِي لِلصَّغِيرِ الَّذِي يَعْرِفهَا أَنْ يَقُولهَا . ‏

‏وَفِيهِ : سُرُور الْإِنْسَان بِنَجَابَةِ وَلَده , وَحُسْن فَهْمه , وَقَوْل عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : ( لَأَنْ تَكُون قُلْت هِيَ النَّخْلَة أَحَبّ إِلَيَّ ) أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو لِابْنِهِ , وَيَعْلَم حُسْن فَهْمه وَنَجَابَته . ‏

‏وَفِيهِ : فَضْل النَّخْل . ‏

‏قَالَ الْعُلَمَاء : وَشَبَّهَ النَّخْلَة بِالْمُسْلِمِ فِي كَثْرَة خَيْرهَا , وَدَوَام ظِلّهَا , وَطِيب ثَمَرهَا , وَوُجُوده عَلَى الدَّوَام , فَإِنَّهُ مِنْ حِين يَطْلُع ثَمَرهَا لَا يَزَال يُؤْكَل مِنْهُ حَتَّى يَيْبَس , وَبَعْد أَنْ يَيْبَس يُتَّخَذ مِنْهُ مَنَافِع كَثِيرَة , وَمِنْ خَشَبهَا وَوَرَقهَا وَأَغْصَانهَا , فَيُسْتَعْمَل جُذُوعًا وَحَطَبًا وَعِصِيًّا وَمَخَاصِر وَحُصْرًا وَحِبَالًا وَأَوَانِي وَغَيْر ذَلِكَ , ثُمَّ آخِر شَيْء مِنْهَا نَوَاهَا , وَيُنْتَفَع بِهِ عَلَفًا لِلْإِبِلِ , ثُمَّ جَمَال نَبَاتهَا , وَحُسْن هَيْئَة ثَمَرهَا , فَهِيَ مَنَافِع كُلّهَا , وَخَيْر وَجَمَال , كَمَا أَنَّ الْمُؤْمِن خَيْر كُلّه , مِنْ كَثْرَة طَاعَاته وَمَكَارِم أَخْلَاقه , وَيُوَاظِب عَلَى صَلَاته وَصِيَامه وَقِرَاءَته وَذِكْره وَالصَّدَقَة وَالصِّلَة , وَسَائِر الطَّاعَات , وَغَيْر ذَلِكَ , فَهَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي وَجْه التَّشْبِيه , قِيلَ : وَجْه الشَّبَه أَنَّهُ إِذَا قَطَعَ رَأْسهَا مَاتَتْ بِخِلَافِ بَاقِي الشَّجَر , وَقِيلَ : لِأَنَّهَا لَا تَحْمِل حَتَّى تُلَقَّح . وَاَللَّه أَعْلَم . ‏

‏قَوْله : ( فَوَقَعَ النَّاس فِي شَجَر الْبَوَادِي ) أَيْ : ذَهَبَتْ أَفْكَارهمْ إِلَى أَشْجَار الْبَوَادِي , وَكَانَ كُلّ إِنْسَان يُفَسِّرهَا بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاع شَجَر الْبَوَادِي وَذَهِلُوا عَنْ النَّخْلَة .

12d8c7a34f47c2e9d3==