المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صيام رمضان فضله مع بيان أحكام مهمة تخفى على بعض الناس


كيف حالك ؟

عبدالرحمن المصري
10-04-2004, 10:44 PM
صيام رمضان فضله مع بيان أحكام مهمة تخفى على بعض الناس
سماحة الشيخ
عبدالعزيز بن عبد الله بن باز

أما بعد فهذه نصيحة موجزة تتعلق بفضل صيام رمضان وقيامه ، وفضل المسابقة فيه بالأعمال الصالحة ، مع بيان أحكام مهمة قد تخفى على بعض الناس .
ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه كان يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان ، ويخبرهم عليه الصلاة والسلام أنه شهر تُفتح فيه أبواب الرحمة وأبواب الجنة ، وتغلق فيه أبواب جهنم ، وتغل فيه الشياطين .
يقول صلى الله عليه وسلّم : (( إذا كانت أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ، وغلقت أبواب جهنم فلم يفتح منها باب ، وصفدت الشياطين ، وينادي منادٍ : يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة)) .
و يقول عليه الصلاة والسلام : (( جاءكم شهر رمضان شهر بركة ، يغشاكم الله فيه ، فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء ، ينظر الله إلى تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته ، فأروا الله من أنفسكم خيراً ، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله)).
ويقول عليه الصلاة والسلام : (( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدرة إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) .
ويقول عليه الصلاة والسلام : (( يقول الله عز وجل : كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي ، للصائم فرحتان : فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك )) .
والأحاديث في فضل صيام رمضان وقيامه وفضل جنس الصوم كثيرة .
فينبغي للمؤمن أن ينتهز هذه الفرصة وهي ما من الله به عليه من إدراك شهر رمضان ؛ فيسارع إلى الطاعات ، ويحذر السيئات ، ويجتهد في أداء ما افترض الله عليه ولا سيما الصلوات الخـمس ، فإنـها عمود الإسلام ، وهي أعظم الفرائض بعد الشهادتين . فالواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة عليها وأداؤها في أوقاتها بخشوع وطمأنينة .

ومن أهم واجباتها في حق الرجال : أداؤها في الجماعة في بيوت الله التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه كما قال عز وجل :  وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ  [ البقرة : 43] ، وقال تعالى :  حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ  [ البقرة : 238] ، وقال عز وجل :  قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ  إلى أن قال عز وجل :  وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ  [ المؤمنون :1ـ11 ] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلّم : (( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر )) .
وأهم الفرائض بعد الصلاة : أداء الزكاة كما قال عز وجل :  وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ  [ البينة : 5] ، وقال تعالى :  وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ  [ النور: 56 ] .
وقد دل كتاب الله العظيم وسنة رسوله الكريم على أن من لم يؤد زكاة ماله يعذب به يوم القيامة .
وأهم الأمور بعد الصلاة والزكاة : صيام رمضان ، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة المذكورة في قول النبي صلى الله عليه وسلّم : (( بُني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت))[ متفق عليه ] .
ويجب على المسلم أن يصون صيامه وقيامه عما حرم الله عليه من الأقوال والأعمال ؛ لأن المقصود بالصيام هو طاعة الله سبحانه ، وتعظيم حرماته ، وجهاد النفس على مخالفة هواها في طاعة مولاها ، وتعويدها الصبر عما حرم الله ، وليس المقصود مجرد ترك الطعام والشراب وسائر المفطرات ، ولهذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال : (( الصيام جُنة ، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم )) . وصح عنه صلى الله عليه وسلّم أنه قال : (( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )) .

فعُلم بهذه النصوص وغيرها أن الواجب على الصائم الحذر من كل ما حرم الله عليه ، والمحافظة على كل ما أوجب الله عليه ، وبذلك يُرجى له المغفرة والعتق من النار وقبول الصيام والقيام .

وهناك أمور قد تخفى على بعض الناس :
منها : أن الواجب على المسلم أن يصوم إيماناً واحتساباً ، لا رياء ولا سمعة ولا تقليداً للناس أو متابعة لأهله أو أهل بلده ، بل الواجب عليه أن يكون الحامل له على الصوم هو إيمانه بأن الله قد فرض عليه ذلك ، واحتسابه الأجر عند ربه في ذلك ، وهكذا قيام رمضان يجب أن يفعله المسلم إيماناً واحتساباً لا لسبب آخر ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدرة إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه )) .
ومن الأمور التي قد يخفى حكمها على بعض الناس : ما قد يعرض للصائم من جراح أو رعاف أو قيء أو ذهاب الماء أو البنزين إلى حلقه بغير اختياره ، فكل هذه الأمور لا تُفسد الصوم ، لكن من تعمد القيء فسد صومه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم : (( من ذرعه القيء فلا قضاء عليه ، ومن استقاء فعليه القضاء )) .
ومن ذلك : ما قد يعرض للصائم من تأخير غسل الجنابة إلى طلوع الفجر ، وما يعرض لبعض النساء من تأخير غسل الحيض أو النفاس إلى طلوع الفجر ، فإذا رأت الطهر قبل الفجر فإنه يلزمها الصوم ، ولا مانع من تأخيرها الغسل إلى ما بعد طلوع الفجر ، ولكن ليس لها تأخيره إلى طلوع الشمس ، بل يجب عليها أن تغتسل وتصلي الفجر قبل طلوع الشمس ، وهكذا الجنب ليس له تأخير الغسل إلى ما بعد طلوع الشمس ، بل يجب عليه أن يغتسل ويصلي الفجر قبل طلوع الشمس ، ويجب على الرجل المبادرة بذلك حتى يدرك صلاة الفجر مع الجماعة .

ومن الأمور التي لا تفسد الصوم : تحليل الدم ، وضرب الإبر غير التي يقصد بها التغذية ، لكن تأخير ذلك إلى الليل أولى وأحوط إذا تيسر ذلك ؛ بقول النبي صلى الله عليه وسلّم: (( دع مايريبك إلى مالا يريبك )) . وقوله عليه الصلاة والسلام : (( من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه )) .

ومن الأمور التي يخفى حكمها على بعض الناس : عدم الاطمئنان في الصلاة سواء كانت فريضة أو نافلة ، وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم على أن الاطمئنان رُكن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة بدونه ، وهي الركود في الصلاة والخشوع فيها وعدم العجلة حتى يرجع كل فقار إلى مكانه ، وكثير من الناس يصلي في رمضان صلاة التراويح صلاة لا يعقلها ولا يطمئن فيها بل ينقرها نقراً ، وهذه الصلاة على هذا الوجه باطلة ، وصاحبها آثم غير مأجور .

ومن الأمور التي قد يخفى حكمها على بعض الناس : ظن بعضهم أن التراويح لا يجوز نقصها عن عشرين ركعة ، وظن بعضهم أنه لا يجوز أن يزاد فيها على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة ، وهذا كله ظن في غير محله ، بل هو خطأ مخالف للأدلة .

وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم على أن صلاة الليل موسع فيها ، فليس فيها حد محدود لا تجوز مخالفته ، بل ثبت عنه صلى الله عليه وسلّم أنه كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة ، وربما صلى ثلاث عشرة ركعة ، وربما صلى أقل من ذلك في رمضان وفي غيره ، ولما سُئل صلى الله عليه وسلّم عن صلاة الليل قال : (( مثنى مثنى ، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى )) [ متفق عليه ] .

ولم يحدد ركعات معينة لا في رمضان ولا في غيره ، ولهذا صلى الصحابة رضي الله عنهم في عهد عمر رضي الله عنه في بعض الأحيان ثلاثاً وعشرين ركعة ، وفي بعضها إحدى عشرة ركعة ، كل ذلك ثبت عن عمر رضي الله عنه وعن الصحابة في عهده .

وكان بعض السلف يصلي في رمضان ستاً وثلاثين ركعة ويوتر بثلاث ، وبعضهم يصلي إحدى وأربعين ، ذكر ذلك عنهم شيح الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره من أهل العلم ، كما ذكر رحمة الله عليه أن الأمر في ذلك واسع ، وذكر أيضاً أن الأفضل لمن أطال القراءة و الركوع والسجود أن يقلل العدد ، ومن خفف القراءة والركوع والسجود زاد في العدد . هذا معنى كلامه رحمه الله .

ومن تأمل سنته صلى الله عليه وسلّم علم أن الأفضل في هذا كله هو صلاة إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة في رمضان وغيره ؛ لكون ذلك هو الموافق لفعل النبي صلى الله عليه وسلّم في غالب أحواله ؛ ولأنه أرفق بالمصلين وأقرب إلى الخشوع والطمأنينة ، ومن زاد فلا حرج ولا كراهية كما سبق .
والأفضل لمن صلى مع الإمام في قيام رمضان ألا ينصرف إلا مع الإمام ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلّم : (( إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة )) .

ويُشرع لجميع المسلمين الاجتهاد في أنواع العبادة في هذا الشهر الكريم من : صلاة النافلة ، وقراءة القرآن بالتدبر و التعقل ، والإكثار من التسبيح ، والتهليل ، والتحميد ، والتكبير ، والاستغفار ، والدعوات الشرعية ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى الله عز وجل ، ومواساة الفقراء والمساكين ، والاجتهاد في بر الوالدين ، وصلة الرحم ، وإكرام الجار ، وعيادة المريض ، وغير ذلك من أنواع الخير؛ لقوله صلى الله عليه وسلّم في الحديث السابق : (( ينظر الله إلى تنافسكم فيه ، فيباهي بكم ملائكته ، فأروا الله من أنفسكم خيراً ، فإن الشقي من حُرم فيه رحمة الله )). ولما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : (( من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كمن أدى فريضة فيما سواه ، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه )) .
و لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : (( عُمرة في رمضان تعدل حجة )) أوقال : (( حجة معي )) .

والأحاديث والآثار الدالة على شرعية المسابقة والمنافسة في أنواع الخير في هذا الشهر الكريم كثيرة .

والله المسئول أن يوفقنا وسائر المسلمين لكل ما فيه رضاه ، وأن يتقبل صيامنا وقيامنا ، ويصلح أحوالنا ، ويعيذنا جميعاً من مضلات الفتن ، كما نسأله سبحانه أن يصلح قادة المسلمين ، ويجمع كلمتهم على الحق ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الرئيس العام
لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

أسامه سالم
10-04-2004, 11:02 PM
جزاك الله خير أخي عبدالرحمن

ووصل سلامنا للأخوه المصريون

قاسم علي
09-19-2006, 09:40 PM
جزاك الله خيرا

هادي بن علي
09-10-2007, 11:16 PM
بارك الله فيك ورحم الله العلامة شيخ الإسلام ابن باز

12d8c7a34f47c2e9d3==