بن حمد الأثري
08-08-2004, 12:44 PM
صفعات إلى شبكة سحاب الحزبية
وأولادها السذج الرعاع
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين ، وبعد :
قال تعالى : ( أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لا يُبْصِرُونَ) (يونس:43) .
وقال أيضا : )وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ) (النمل:81) .
وقال أيضا : )أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (الزخرف:40) .
قد لاحظت كما لاحظ غيري في هذه الفتنة أن كثيرا من الأطراف التي دخلت وتورطت فيها أصبحت تردد أقوالا خطيرة لتخاصم بها الشيخ فالح -حفظه الله- أو بالأحرى لتنفر الناس منه بدعوى أنه يقول كذا وكذا –وهي طبعا مما لا تصدقه العقول السليمة- وحجتهم أن هذا منقول عنه !!! ثم تدعي –تلك الأطراف- أن مستند تلك الأقوال أناس معروفون لديهم دون تسميتهم للقراء !!! والسؤال الذي يتبادر للذهن : لماذا تكلم هؤلاء في هذا الوقت بالذات إن كان هذا دين يدينون الله به ؟! ، ولماذا لم يسميهم هذا الذي نقل عنهم تبرأت للذمة ؟! ، وعلى كل حال ، بما أن القوم مذبذبين وقد اختلطت عليهم الأمور فليتنبهوا إلى هذه القاعدة ( ولهم أن يفيدونا –طبعا لأننا طلاب حق- أهي في إطار علم المصطلح أم خارجة عنه ! ) ، قال بن صلاح –رحمه الله- : ( لا يجزي التعديل على الإبهام من غير تسمية المعدل فإذا قال حدثني الثقة أو نحو ذلك مقتصرا عليه لم يكتف به فيما ذكره الخطيب الحافظ والصيرفي الفقيه وغيرهما خلافا لمن اكتفي بذلك وذلك لأنه [ قد يكون ثقة عنده وغيره قد اطلع على جرحه ] بما هو جارح عنده أو بالإجماع فيحتاج إلي أن يسميه حتى يعرف [[ بل إضرابه عن تسميته مريب يوقع في القلوب فيه ترددا ]] ، فان كان القائل لذلك عالما أجزأ ذلك في حق من يوافقه في مذهبه علي ما اختاره بعض المحققين ) . [ مقدمة ابن الصلاح ، معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد روايته وما يتعلق ] .
ثم نقلهم لتلك الأقوال عن هؤلاء المجهولين أهو شهادة أم ماذا هي ؟! ، والشهادة هل تحتاج إلى عدالة أم لا ؟! ، ولهم أن يجيبوا عن أسئلتنا بما شاءوا .
إن هذه النابتة الجديدة التي تملأ أفواهها بإدعاء السلفية ، لا ترى منها إلا كل مقزز مقظع –سلم الله الأمة من وبالهم- ، إذ يتراء للقارئ والسامع أن لديهم عـلم يجادلون به لكن المدقق المحقق في حالهم يدرك أن ليس لديهم إلا حسن التعبير والتنميق والتنسيق بين العبارات التي منهم من تعلمها من أهل الفلسفة ومنهم من تعلمها من أهل الصحف والمجلات والجرائد ومنهم من تعلمها من أهل السياسة ولا أبالغ إن قلت تعلموها من رموز القيادات !!!! أما المادة العلمية فالستر أفضل والواقع مر ...
وكل هذا عائد إلى أمراض القلوب -عافانا الله وأمة الكريم عليه الصلاة والسلام من هذا الداء- ، قال بن تيميه في ( مجموع الفتاوى - فصل: مرض القلب نوع فساد ) : ( وكذلك مرض القلب، هو نوع فساد يحصل له يفسد به تصوره، وإرادته، فتصوره بالشبهات التي تعرض له حتى لا يرى الحق، أو يراه على خلاف ما هو عليه، وإرادته بحيث يبغض الحق النافع، ويحب الباطل الضار ) . اهـ
فقد بدأ في شبكة سحاب الحزبية الفتانة ، الكثير من الكلام المليء بالغث والسمين الذي يجعل العقلاء يصابون بالغثيان والصداع ، لأنه ( جعجعة لا ترى لها طحنا ) كما يقال ، قال بن تيمية -رحمه الله- : ( وأما الكلام على كل ما يخطر ببال كل أحد من الناس من الشبهات السوفسطائية فهذا لا يمكن أن يبينه خطاب على وجه التفصيل ) . [ در تعارض العقل والنقل 3/306 ]
بل أكثرهم لا هم له إلا الكتابة والكتابة والكتابة مهما كانت هزيلة وفارغة أولا لأنها شبكة إعلامية مفتوحة للجميع وثانيها وألهم أن ذلك بسبب فساد قلوبهم التي إنقدح فيها حب إثارة البلبلة والفتنة الهوجاء ، قال أبو بكر الطرطوشي : ( وإذا رأيت إنسانا جبل على الخلاف ، إن قلت لا قال نعم ، وإن قلت نعم قال لا ، فألحقه بعالم الحمير ) . [ سراج الملوك 259 ] وصدق والله ، بل هذا هو الذي ينبغي أن يعامل به هؤلاء النعاق الرعاع ، ليرتدعوا عن غيهم وإفكهم .
أما الظلم في هذه الفتنة فحدث ولا حرج ، فالذي لا إله غيره لو كانت ردود علمية يستفاد منها لكان هناك حظ من النظر والتأني والاستفادة لكن الأمر صدق فيه قول القائل فاقد الشيء لا يعطيه ، فليتقوا الله ربهم ولينيبوا إليه من هذه الظلمات السوداء المتراكمة وإلا فنصيحتي لإخواني أهل السنّة كما قال أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي : ( ومن عُرِف من عادته ظلم خصمه ، فليس ينبغي أن يكلم إلا أن يرجع إلى الإنصاف ، أو يدفع إلى ذلك الحال ، فيحترز منه غاية الاحتراز ) . [ الواضح في أصول الفقه 1/516 ]
ثم إن أغلبهم جهلة أغرار متطفلون متسترون بأسماء مستعارة –وليتهم في هذا أطاعوا الشيخ ربيع الذي نصحهم بخلاف هذه الأمور ، والمثير للغرابة أنهم يدافعون عنه بجهل ويدعون حبه وقد قيل إن المحب لمن يحب مطيع -طبعا في غير معصية الله- فأين تطبيق هذه الدعاوى ؟ ، فلم يدرك هؤلاء السذج حقيقة هذه الفتنة وأدخلوا أنوفهم فيها بالقوة فليتحملوا وزرها وليهنئوا بذلك ، قال إمام الحرمين الجويني : ( وقوم دأبهم التطفل في المناظرة ... ربما لا يفهمون أكثر ما جرى ، ينتظرون فرصة أحد الخصمين على الآخر فيأخذون في الشغب والصياح ، إيهاما منهم لمن حضر المجلس من العوام وأهل النقض أنهم من جملتهم ، وهم صفر من صناعتهم ، فهؤلاء في جملة أهل الجدل والنظر ) . [ الكافية في الجدل 559 ] ، وهذا هو الحاصل في هذه الفتنة بعينها .
وقال بن عقيل الحنبلي : ( إذا كان الخصم معروفا بالمجون في الجدل ، وقلة الاكتراث بما يقول ويقال له ، ليس غرضه إقامة حجة ولا نصرة ديانة ، وإنما يريد المطالبة والمباهاة ، وأن يقال : علا قرنه وغلب خصمه أو قطع خصمه ، فينبغي أن يجتنب وتحذر مكالمته ، فليس يحصل بمناظرته دين ولا دنيا ) . [ الواضح في أصول الفقه 1/520 ]
والكلام الساقط الذي يتسترون به وراء الحياء المصطنع المكشوف لك أن تعد منه ما شئت والمخزي أنهم يتهمون غيرهم بذلك وهي شبكة الأثري –أيدها الله بالحق- وقد قال تعالى : )وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (النساء:112) ، ومن مثلهم قال فيهم أبو الوليد الباجي : ( ولا يناظر من عادته التسفه في الكلام ولا من عادته التفظيع ، فإنه لا يستفيد بكلامه فائدة ) . [ المنهاج بترتيب الحجاج 10 ]
يا ليتهم أطاعوا الشيخ ربيع في عدم الدخول في هذه الفتنة ، أين هي عرابين الولاء والمحبة الكذابة التي يدعونها اتجاه هذا الشيخ ، فلا نرى إلا الخراب والدمار في شبكة سحاب هذه الأيام إذ لعلها الأنفاس الأخيرة قبل الخروج من السلفية فالدخول مباشرة إلى الحزبية من أوسع أبوابها ، وهذا يحزننا والله ، لكن النعمة التي لا تشكر لا تدوم .. وهذه من عواقب الظلم في الدنيا قبل الآخرة ، وما زالت الأبصار ستبصر ما تهول له الرؤوس وتشيب .
وقد رأينا من الجهل الشيء الكثير في هذه الفتنة والتي جُعِلَت حلبتها شبكة سحاب الحزبية الفتانة ، وهذا واقع لا محالا كيف هذا والذين رفعوا عقيرتهم شباب مبتدئين –إحسانا للظن بهم- وإلا فالله أعلم بحقيقة أحوالهم وسرائرهم ونياتهم ، وسنعرض بعض ما يهرف به هؤلاء القوم ليعرف الناس مدى اتباعهم لأصول المنهج ومدى اتباعهم للرجال والتعصب لهم ولو كان ذلك على حساب النصوص !!! ، فمن ذلك ما يلي نقله :
[ 1 ] دندنتهم حول مسألة التأليف ، ومطالبتهم !! في ذلك للشيخ فالح -حفظه الله- بإخراج ما عنده من علم في كتب أو رسائل تحديا له –إن كان عنده علم- وقد جعلت هذه المسألة تعييراً في نظرهم –والتي مع الأسف دندن حولها أيضا من يشار إليه بالبنان ومن المحسوبين على السلفية وعلمائها فلا حول ولا قوة إلا بالله- .
فهؤلاء الشباب عقولهم تكمن في أبصارهم ، ما إن يرو كاتبا يكتب إلا ويغترون به بل ويجعلون كثرة تألفيه دليلا على مدى علمه ، هذا عندهم هم !!! أما نحن السلفيون ، أهل السنة والجماعة ، أهل الحديث والأثر ، إليكم مقاييسنا التي سبقنا إليها السلف الصالح –رضوان الله عليهم- :
قال الذهبي –رحمه الله- : ( العلم ليس بكثرة الرواية ، ولكنه نور يقذفه الله في القلب وشرطه الإتباع والفرار من الهوى والابتداع ) [ التعالم ص60 ].
وقال بن رجب –رحمه الله- : ( .. فليس العلم بكثرة الرواية ، ولا بكثرة المقال ولكنه نور يقذف في القلب يفهم به العبد الحق ويميز به بينه وبين الباطل ، ويعبر عن ذلك بعبارات وجيزة محصلة للمقاصد ) [ بيان فضل السلف على علم الخلف ص38 ].
وقال أيضا : ( وقد فتن كثير من المتأخرين بهذا ، وظنوا أن من كثر كلامه وجداله وخصامه في مسائل الدين فهو الأعلم ممن ليس كذلك ، وهذا جهل محض ... ) [ بيان فضل السلف على علم الخلف ص38 ] .
وجاء في كتاب [ جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر 1/278 ] ما نصّه :
قال مالك : ( العلم والحكمة نور يهدي الله به من يشاء ، و ليس بكثرة المسائل ) .
وقال أيضا : ( ليس الفقيه بكثرة المسائل ، ولكن الفقه يؤتيه الله من يشاء من خلقه ) .
وذكر ابن وهب في كتاب العلم من ( جامعه ) قال : سمعت مالكا يقول : ( إن العلم ليس بكثرة الرواية ، ولكنه نور يجعله الله في القلوب ) .
وقال في موضع آخر من ذلك الكتاب : قال مالك : ( العلم والحكمة نور يهدي الله به من يشاء ، وليس بكثرة المسائل ) .
وقال عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- : ( ليس العلم عن كثرة الحديث إنما العلم خشية الله ) .
وغيرها من الآثار السلفية الماتعة النيّرة الواضحة ، فأين هؤلاء السذج من هذه النقول ؟!!!! ، هزلت وإليه المشتكى سبحانه وتعالى .
ولي -إن شاء الله- مقال مفرد في هذه المسألة أسميته ( نسمة الخريف في الذب عن الشيخ فالح وأن العلم ليس بكثرة الـتأليف ) يسر الله إتمامه وإخراجه .
[ 2 ] التعيير والهمجية في الردود ، بل ويصل بهم التدني والخبث لأن يذكروا أشياء حدثت لبعض الاخوة لها سنوات قد طواها الزمن وعفى عليها ، لكن لما أعيتهم السبل وضعفت حججهم لجئوا لمثل هذه الأساليب الهابطة الدالة على الضعف العلمي والهشاشة المنهجية والسوء في الأدب والأخلاق ، وقد حدثت قديما مثل هذه التصرفات وما زالت تحدث فلهذا أشار إليها بعض أهل العلم في كتبهم وقبل نقل أقوالهم إليكم ما قاله النبي الكريم –عليه من الله صلاة وسلاما دائمين إلى يوم الدين- :
روى الترمذي في سننه برقم 2105 ، قـال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الأَزْدِىُّ الْبَصْرِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلاَ اللَّعَّانِ وَلاَ الْفَاحِشِ وَلاَ الْبَذِىءِ » .
قال بن فرحون المالكي : ( اعلم وفقنا الله وإياك أن المراء والجدال يورث العداوة والبغضاء ويبعث على كشف العورات والحمية ) [ الزاهر في بيان ما يجتنب من الصغائر والكبائر ، 345 ] .
وقال أبو حامد الغزالي : ( المناظر لا ينفك عن طلب عثرات أقرانه وتتبع خصومه ، حتى إنه قد يُخبر بورود مناظر إلى بلده فيطلب من يخبره بواطن أقواله ويستخرج بالسؤال مقابحه حتى يعدها ذخيرة لنفسه في إفضاحه وتخجيله إن أمست إليه الحاجة ، حتى إنه ليستكشف عن أحوال صباه وعن عيوب بدنه فعساه يعثر على هفوة أو على عيب به من قرع أو غيره ، ثم إذا أحس بأدنى غلبة من جهته عّرض به إن كان متماسكاً ... ) [ إحياء علوم الدين ، 1/53 ] .
ثم حالهم –والله- كما قال أبو عبد الله بن بطة : ( ولقد شهدت بعض المتصدرين في جامع المنصور ، فتناظر أهل مجلسه بحضرته فأخرجهم غيظ المناظرة وحميّة المخالفة إلى أن قذف بعضهم زوجة صاحبه وولده ، فحسبك بهذه الحال بشاعة وشناعة على سفه الناس وجهلهم ) [ الإبانة ، 2/548 ] .
وقد أبلغ في وصفهم بن فرحون مالكي فقال : ( كمثل الذباب الذي لا يقدح على المواضع السليمة من الجسد ولا يترك عليها ويقع على الجروح فينكيها ) [ الزاهر في بيان ما يجتنب من الصغائر والكبائر ، 231 ] .
فإما أنه عندك ردود علمية تنفع بها المنهج وأهله وتبصر بها المخالف ، وإلا فأنت مفلس ليس لك إلا أن تسكت حتى تظهر منارة الحق فتتبعها ، وأما التشنيع والتعيير فليس من الرد العلمي في شيء يا كتاب سحاب الحزبية .
قال بن تيمية : ( فإن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد ) [ نقض المنطق ، 152 ] .
وقال الباجي فيما يجتنبه المناظر مع مخالفه : ( التشنع عليه في جداله ، فإن ذلك يفعله الضعفاء ومن لا إنصاف عنده ) [ المنهاج بترتيب الحجاج ، 10 ] .
فلا تفجر في مناظرتك ولا تقل إلا خيرا ، فالشناعة ليست من طريق أهل المروءة والديانة والتقوى ، وما دخل الذنوب والمعاصي في الردود العلمية !!!! ، أجيبونا يا من اتخذتموها سلاحا –وما أضعفه- في الرد على المخالف ؟! .
[ 3 ] استفزازهم المؤذي للشيخ فالح –حفظه الله- ، واستنكارهم –بل جنونهم- عليه في إطالته قبل الرد على مذكرتي الشيخ ربيع –وفقه الله- ، ولكن الجهل وما أدراك ما الجهـل إذا استحكم في شخص فادعوا له بنور الهداية لأنه في ظلمات بعضها فوق بعض ، ولهم شيئا من نور العلم تحفه أقوال أهله العقلاء :
قال شعبة بن الحجاج : ( من الناس من عقله بفنائه ومنهم من عقله معه ، ومنهم من لا عقل له ، فأما الذي عقله معه فالذي يبصر ما يخرج منه قبل أن يتكلم ، وأما الذي عقله بفنائه فالذي يبصر ما يخرج بعد أن يتكلم ) [ رواه بن حبان في روضة العقلاء ص46 ] .
وقال أعرابي : ( الكلمة أسيرة في وثاق الرجل، فإذا تكلم بها كان أسيرا في وثاقها ) [ بهجة المجالس 1/79 ] .
وجاء في [ أدب المفتي والمستفتي ، 111 ] ما نصه : ( ولا يحملك توهم أن الإسراع براعة والإبطاء عجز ومنقصة ، وذلك جهل ، ولئن تبطئ ولا تخطئ أكمل من أن تعجل فتخطئ ) .
وقد رأينا كثيرا من هذه الأصوات والنداءات والهاتفات وكنا نأمل أن يردعها رادع من الله أو أن تقرض تلك الأفواه فشاء الله بحكمته الواسعة أن يزداد إيذائهم للشيخ فالح –حفظه الله- ومن رأى أن الحق معه فيزدادون رفعة عند الله وتزداد فضيحة هؤلاء عند أهل البصيرة الذين لا تغرهم كتابات هؤلاء السذج الرعاع ، فالمنهج في شبكة سحاب أصبح عبارة عن أوامر وأهداف شخصية بحتة ، فالله نسأل كمال العقل والثبات على الحق والهدى .
[ 4 ] يشنعون على أهل السنّة ليظهروا بمظهر المظلوم المعتدى عليه ، ولسان حالهم يقول للغير انظروا إلى أسلوبهم في الرد علينا -وما حواه من شدة وغلظة- ، فسبحان الله على شدة هذا البلاء ، اللهم صبِّر أهل السنّة في هذه المحن والفتن ، لكن بما أنهم أول من بدأ فسيقابلون بالمثل شاءوا أم أبوا ، قال تعالى : ) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ) ( الشورى:41 ) .
وكما قال بن تيمية –رحمه الله- : ( فمتى ظلم المخاطب لم نكن مأمورين أن نجيبه بالتي هي أحسن ) [ مجموع الفتاوى 3/252 ] .
وقال أيضا : ( ما ذكرتم من لين الكلام والمخاطبة بالتي هي أحسن فأنتم تعلمون أني من أكثر الناس استعمالا لهذا لكن كل شيء في موضعه حسن وحيث أمر الله ورسوله بالإغلاظ على المتكلم لبغيه وعدوانه على الكتاب والسنة فنحن مأمورون بمقابلته ، لم نكن مأمورين أن نخاطبه بالتي هي أحسن ومن المعلوم أن الله تعالى يقول : ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) فمن كان مؤمنا فإنه الأعلى بنص القرآن ) [ مجموع الفتاوى 3/232 ] .
[ 5 ] ومما يلبسون به على عوام الناس وبسطاء العقول أنهم جعلوا المقياس في هذه الفتنة بعد أن شنعوا ونفروا عن أهل الحق ، هو كثرة الموافقين لهم –ولو كانوا أجهل الناس- ، لأن الهوى يعمي ويصم :
قال بن تيمية -رحمه الله- : ( وإن شنعوا عليهم بأشياء ينفر عنها كثير من الناس فذاك ليستعينوا بنفرة النافرين على دفعهم وإخماد قولهم لا لأن نفور النافرين عنهم يدل على حق أو باطل ) [ مجموع الفتاوى 4/186 ] .
وقال أيضا : ( ومن المعلوم أم مجرد نفور النافرين أو محبة الموافقين لا يدل على صحة قول ولا فساده إلا إذا كان ذلك بهدى من الله بل الاستدلال بذلك هو استدلال باتباع الهوى بغير هدى من الله فإن اتباع الإنسان لما يهواه هو أخذ القول والفعل الذي يحبه ورد القول والفعل الذي يبغضه بلا هدى من الله ، قال تعالى : " وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم " ، وقال : " فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهوائهم " ، وقال تعالى لداود : " ولا تتبع الهوى " ) [ مجموع الفتاوى 4/189 ] .
وللحديث بقية بإذن الله تعالى مع النقول والحقائق بعيدا عن الثرثرة والجعجعة التي أصبحت علامة من علامات شبكة سحاب الحزبية ....
كتبه : المتنصر للحق وأهله بن حمد الأثري
وأولادها السذج الرعاع
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين ، وبعد :
قال تعالى : ( أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لا يُبْصِرُونَ) (يونس:43) .
وقال أيضا : )وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ) (النمل:81) .
وقال أيضا : )أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (الزخرف:40) .
قد لاحظت كما لاحظ غيري في هذه الفتنة أن كثيرا من الأطراف التي دخلت وتورطت فيها أصبحت تردد أقوالا خطيرة لتخاصم بها الشيخ فالح -حفظه الله- أو بالأحرى لتنفر الناس منه بدعوى أنه يقول كذا وكذا –وهي طبعا مما لا تصدقه العقول السليمة- وحجتهم أن هذا منقول عنه !!! ثم تدعي –تلك الأطراف- أن مستند تلك الأقوال أناس معروفون لديهم دون تسميتهم للقراء !!! والسؤال الذي يتبادر للذهن : لماذا تكلم هؤلاء في هذا الوقت بالذات إن كان هذا دين يدينون الله به ؟! ، ولماذا لم يسميهم هذا الذي نقل عنهم تبرأت للذمة ؟! ، وعلى كل حال ، بما أن القوم مذبذبين وقد اختلطت عليهم الأمور فليتنبهوا إلى هذه القاعدة ( ولهم أن يفيدونا –طبعا لأننا طلاب حق- أهي في إطار علم المصطلح أم خارجة عنه ! ) ، قال بن صلاح –رحمه الله- : ( لا يجزي التعديل على الإبهام من غير تسمية المعدل فإذا قال حدثني الثقة أو نحو ذلك مقتصرا عليه لم يكتف به فيما ذكره الخطيب الحافظ والصيرفي الفقيه وغيرهما خلافا لمن اكتفي بذلك وذلك لأنه [ قد يكون ثقة عنده وغيره قد اطلع على جرحه ] بما هو جارح عنده أو بالإجماع فيحتاج إلي أن يسميه حتى يعرف [[ بل إضرابه عن تسميته مريب يوقع في القلوب فيه ترددا ]] ، فان كان القائل لذلك عالما أجزأ ذلك في حق من يوافقه في مذهبه علي ما اختاره بعض المحققين ) . [ مقدمة ابن الصلاح ، معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد روايته وما يتعلق ] .
ثم نقلهم لتلك الأقوال عن هؤلاء المجهولين أهو شهادة أم ماذا هي ؟! ، والشهادة هل تحتاج إلى عدالة أم لا ؟! ، ولهم أن يجيبوا عن أسئلتنا بما شاءوا .
إن هذه النابتة الجديدة التي تملأ أفواهها بإدعاء السلفية ، لا ترى منها إلا كل مقزز مقظع –سلم الله الأمة من وبالهم- ، إذ يتراء للقارئ والسامع أن لديهم عـلم يجادلون به لكن المدقق المحقق في حالهم يدرك أن ليس لديهم إلا حسن التعبير والتنميق والتنسيق بين العبارات التي منهم من تعلمها من أهل الفلسفة ومنهم من تعلمها من أهل الصحف والمجلات والجرائد ومنهم من تعلمها من أهل السياسة ولا أبالغ إن قلت تعلموها من رموز القيادات !!!! أما المادة العلمية فالستر أفضل والواقع مر ...
وكل هذا عائد إلى أمراض القلوب -عافانا الله وأمة الكريم عليه الصلاة والسلام من هذا الداء- ، قال بن تيميه في ( مجموع الفتاوى - فصل: مرض القلب نوع فساد ) : ( وكذلك مرض القلب، هو نوع فساد يحصل له يفسد به تصوره، وإرادته، فتصوره بالشبهات التي تعرض له حتى لا يرى الحق، أو يراه على خلاف ما هو عليه، وإرادته بحيث يبغض الحق النافع، ويحب الباطل الضار ) . اهـ
فقد بدأ في شبكة سحاب الحزبية الفتانة ، الكثير من الكلام المليء بالغث والسمين الذي يجعل العقلاء يصابون بالغثيان والصداع ، لأنه ( جعجعة لا ترى لها طحنا ) كما يقال ، قال بن تيمية -رحمه الله- : ( وأما الكلام على كل ما يخطر ببال كل أحد من الناس من الشبهات السوفسطائية فهذا لا يمكن أن يبينه خطاب على وجه التفصيل ) . [ در تعارض العقل والنقل 3/306 ]
بل أكثرهم لا هم له إلا الكتابة والكتابة والكتابة مهما كانت هزيلة وفارغة أولا لأنها شبكة إعلامية مفتوحة للجميع وثانيها وألهم أن ذلك بسبب فساد قلوبهم التي إنقدح فيها حب إثارة البلبلة والفتنة الهوجاء ، قال أبو بكر الطرطوشي : ( وإذا رأيت إنسانا جبل على الخلاف ، إن قلت لا قال نعم ، وإن قلت نعم قال لا ، فألحقه بعالم الحمير ) . [ سراج الملوك 259 ] وصدق والله ، بل هذا هو الذي ينبغي أن يعامل به هؤلاء النعاق الرعاع ، ليرتدعوا عن غيهم وإفكهم .
أما الظلم في هذه الفتنة فحدث ولا حرج ، فالذي لا إله غيره لو كانت ردود علمية يستفاد منها لكان هناك حظ من النظر والتأني والاستفادة لكن الأمر صدق فيه قول القائل فاقد الشيء لا يعطيه ، فليتقوا الله ربهم ولينيبوا إليه من هذه الظلمات السوداء المتراكمة وإلا فنصيحتي لإخواني أهل السنّة كما قال أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي : ( ومن عُرِف من عادته ظلم خصمه ، فليس ينبغي أن يكلم إلا أن يرجع إلى الإنصاف ، أو يدفع إلى ذلك الحال ، فيحترز منه غاية الاحتراز ) . [ الواضح في أصول الفقه 1/516 ]
ثم إن أغلبهم جهلة أغرار متطفلون متسترون بأسماء مستعارة –وليتهم في هذا أطاعوا الشيخ ربيع الذي نصحهم بخلاف هذه الأمور ، والمثير للغرابة أنهم يدافعون عنه بجهل ويدعون حبه وقد قيل إن المحب لمن يحب مطيع -طبعا في غير معصية الله- فأين تطبيق هذه الدعاوى ؟ ، فلم يدرك هؤلاء السذج حقيقة هذه الفتنة وأدخلوا أنوفهم فيها بالقوة فليتحملوا وزرها وليهنئوا بذلك ، قال إمام الحرمين الجويني : ( وقوم دأبهم التطفل في المناظرة ... ربما لا يفهمون أكثر ما جرى ، ينتظرون فرصة أحد الخصمين على الآخر فيأخذون في الشغب والصياح ، إيهاما منهم لمن حضر المجلس من العوام وأهل النقض أنهم من جملتهم ، وهم صفر من صناعتهم ، فهؤلاء في جملة أهل الجدل والنظر ) . [ الكافية في الجدل 559 ] ، وهذا هو الحاصل في هذه الفتنة بعينها .
وقال بن عقيل الحنبلي : ( إذا كان الخصم معروفا بالمجون في الجدل ، وقلة الاكتراث بما يقول ويقال له ، ليس غرضه إقامة حجة ولا نصرة ديانة ، وإنما يريد المطالبة والمباهاة ، وأن يقال : علا قرنه وغلب خصمه أو قطع خصمه ، فينبغي أن يجتنب وتحذر مكالمته ، فليس يحصل بمناظرته دين ولا دنيا ) . [ الواضح في أصول الفقه 1/520 ]
والكلام الساقط الذي يتسترون به وراء الحياء المصطنع المكشوف لك أن تعد منه ما شئت والمخزي أنهم يتهمون غيرهم بذلك وهي شبكة الأثري –أيدها الله بالحق- وقد قال تعالى : )وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (النساء:112) ، ومن مثلهم قال فيهم أبو الوليد الباجي : ( ولا يناظر من عادته التسفه في الكلام ولا من عادته التفظيع ، فإنه لا يستفيد بكلامه فائدة ) . [ المنهاج بترتيب الحجاج 10 ]
يا ليتهم أطاعوا الشيخ ربيع في عدم الدخول في هذه الفتنة ، أين هي عرابين الولاء والمحبة الكذابة التي يدعونها اتجاه هذا الشيخ ، فلا نرى إلا الخراب والدمار في شبكة سحاب هذه الأيام إذ لعلها الأنفاس الأخيرة قبل الخروج من السلفية فالدخول مباشرة إلى الحزبية من أوسع أبوابها ، وهذا يحزننا والله ، لكن النعمة التي لا تشكر لا تدوم .. وهذه من عواقب الظلم في الدنيا قبل الآخرة ، وما زالت الأبصار ستبصر ما تهول له الرؤوس وتشيب .
وقد رأينا من الجهل الشيء الكثير في هذه الفتنة والتي جُعِلَت حلبتها شبكة سحاب الحزبية الفتانة ، وهذا واقع لا محالا كيف هذا والذين رفعوا عقيرتهم شباب مبتدئين –إحسانا للظن بهم- وإلا فالله أعلم بحقيقة أحوالهم وسرائرهم ونياتهم ، وسنعرض بعض ما يهرف به هؤلاء القوم ليعرف الناس مدى اتباعهم لأصول المنهج ومدى اتباعهم للرجال والتعصب لهم ولو كان ذلك على حساب النصوص !!! ، فمن ذلك ما يلي نقله :
[ 1 ] دندنتهم حول مسألة التأليف ، ومطالبتهم !! في ذلك للشيخ فالح -حفظه الله- بإخراج ما عنده من علم في كتب أو رسائل تحديا له –إن كان عنده علم- وقد جعلت هذه المسألة تعييراً في نظرهم –والتي مع الأسف دندن حولها أيضا من يشار إليه بالبنان ومن المحسوبين على السلفية وعلمائها فلا حول ولا قوة إلا بالله- .
فهؤلاء الشباب عقولهم تكمن في أبصارهم ، ما إن يرو كاتبا يكتب إلا ويغترون به بل ويجعلون كثرة تألفيه دليلا على مدى علمه ، هذا عندهم هم !!! أما نحن السلفيون ، أهل السنة والجماعة ، أهل الحديث والأثر ، إليكم مقاييسنا التي سبقنا إليها السلف الصالح –رضوان الله عليهم- :
قال الذهبي –رحمه الله- : ( العلم ليس بكثرة الرواية ، ولكنه نور يقذفه الله في القلب وشرطه الإتباع والفرار من الهوى والابتداع ) [ التعالم ص60 ].
وقال بن رجب –رحمه الله- : ( .. فليس العلم بكثرة الرواية ، ولا بكثرة المقال ولكنه نور يقذف في القلب يفهم به العبد الحق ويميز به بينه وبين الباطل ، ويعبر عن ذلك بعبارات وجيزة محصلة للمقاصد ) [ بيان فضل السلف على علم الخلف ص38 ].
وقال أيضا : ( وقد فتن كثير من المتأخرين بهذا ، وظنوا أن من كثر كلامه وجداله وخصامه في مسائل الدين فهو الأعلم ممن ليس كذلك ، وهذا جهل محض ... ) [ بيان فضل السلف على علم الخلف ص38 ] .
وجاء في كتاب [ جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر 1/278 ] ما نصّه :
قال مالك : ( العلم والحكمة نور يهدي الله به من يشاء ، و ليس بكثرة المسائل ) .
وقال أيضا : ( ليس الفقيه بكثرة المسائل ، ولكن الفقه يؤتيه الله من يشاء من خلقه ) .
وذكر ابن وهب في كتاب العلم من ( جامعه ) قال : سمعت مالكا يقول : ( إن العلم ليس بكثرة الرواية ، ولكنه نور يجعله الله في القلوب ) .
وقال في موضع آخر من ذلك الكتاب : قال مالك : ( العلم والحكمة نور يهدي الله به من يشاء ، وليس بكثرة المسائل ) .
وقال عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- : ( ليس العلم عن كثرة الحديث إنما العلم خشية الله ) .
وغيرها من الآثار السلفية الماتعة النيّرة الواضحة ، فأين هؤلاء السذج من هذه النقول ؟!!!! ، هزلت وإليه المشتكى سبحانه وتعالى .
ولي -إن شاء الله- مقال مفرد في هذه المسألة أسميته ( نسمة الخريف في الذب عن الشيخ فالح وأن العلم ليس بكثرة الـتأليف ) يسر الله إتمامه وإخراجه .
[ 2 ] التعيير والهمجية في الردود ، بل ويصل بهم التدني والخبث لأن يذكروا أشياء حدثت لبعض الاخوة لها سنوات قد طواها الزمن وعفى عليها ، لكن لما أعيتهم السبل وضعفت حججهم لجئوا لمثل هذه الأساليب الهابطة الدالة على الضعف العلمي والهشاشة المنهجية والسوء في الأدب والأخلاق ، وقد حدثت قديما مثل هذه التصرفات وما زالت تحدث فلهذا أشار إليها بعض أهل العلم في كتبهم وقبل نقل أقوالهم إليكم ما قاله النبي الكريم –عليه من الله صلاة وسلاما دائمين إلى يوم الدين- :
روى الترمذي في سننه برقم 2105 ، قـال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الأَزْدِىُّ الْبَصْرِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلاَ اللَّعَّانِ وَلاَ الْفَاحِشِ وَلاَ الْبَذِىءِ » .
قال بن فرحون المالكي : ( اعلم وفقنا الله وإياك أن المراء والجدال يورث العداوة والبغضاء ويبعث على كشف العورات والحمية ) [ الزاهر في بيان ما يجتنب من الصغائر والكبائر ، 345 ] .
وقال أبو حامد الغزالي : ( المناظر لا ينفك عن طلب عثرات أقرانه وتتبع خصومه ، حتى إنه قد يُخبر بورود مناظر إلى بلده فيطلب من يخبره بواطن أقواله ويستخرج بالسؤال مقابحه حتى يعدها ذخيرة لنفسه في إفضاحه وتخجيله إن أمست إليه الحاجة ، حتى إنه ليستكشف عن أحوال صباه وعن عيوب بدنه فعساه يعثر على هفوة أو على عيب به من قرع أو غيره ، ثم إذا أحس بأدنى غلبة من جهته عّرض به إن كان متماسكاً ... ) [ إحياء علوم الدين ، 1/53 ] .
ثم حالهم –والله- كما قال أبو عبد الله بن بطة : ( ولقد شهدت بعض المتصدرين في جامع المنصور ، فتناظر أهل مجلسه بحضرته فأخرجهم غيظ المناظرة وحميّة المخالفة إلى أن قذف بعضهم زوجة صاحبه وولده ، فحسبك بهذه الحال بشاعة وشناعة على سفه الناس وجهلهم ) [ الإبانة ، 2/548 ] .
وقد أبلغ في وصفهم بن فرحون مالكي فقال : ( كمثل الذباب الذي لا يقدح على المواضع السليمة من الجسد ولا يترك عليها ويقع على الجروح فينكيها ) [ الزاهر في بيان ما يجتنب من الصغائر والكبائر ، 231 ] .
فإما أنه عندك ردود علمية تنفع بها المنهج وأهله وتبصر بها المخالف ، وإلا فأنت مفلس ليس لك إلا أن تسكت حتى تظهر منارة الحق فتتبعها ، وأما التشنيع والتعيير فليس من الرد العلمي في شيء يا كتاب سحاب الحزبية .
قال بن تيمية : ( فإن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد ) [ نقض المنطق ، 152 ] .
وقال الباجي فيما يجتنبه المناظر مع مخالفه : ( التشنع عليه في جداله ، فإن ذلك يفعله الضعفاء ومن لا إنصاف عنده ) [ المنهاج بترتيب الحجاج ، 10 ] .
فلا تفجر في مناظرتك ولا تقل إلا خيرا ، فالشناعة ليست من طريق أهل المروءة والديانة والتقوى ، وما دخل الذنوب والمعاصي في الردود العلمية !!!! ، أجيبونا يا من اتخذتموها سلاحا –وما أضعفه- في الرد على المخالف ؟! .
[ 3 ] استفزازهم المؤذي للشيخ فالح –حفظه الله- ، واستنكارهم –بل جنونهم- عليه في إطالته قبل الرد على مذكرتي الشيخ ربيع –وفقه الله- ، ولكن الجهل وما أدراك ما الجهـل إذا استحكم في شخص فادعوا له بنور الهداية لأنه في ظلمات بعضها فوق بعض ، ولهم شيئا من نور العلم تحفه أقوال أهله العقلاء :
قال شعبة بن الحجاج : ( من الناس من عقله بفنائه ومنهم من عقله معه ، ومنهم من لا عقل له ، فأما الذي عقله معه فالذي يبصر ما يخرج منه قبل أن يتكلم ، وأما الذي عقله بفنائه فالذي يبصر ما يخرج بعد أن يتكلم ) [ رواه بن حبان في روضة العقلاء ص46 ] .
وقال أعرابي : ( الكلمة أسيرة في وثاق الرجل، فإذا تكلم بها كان أسيرا في وثاقها ) [ بهجة المجالس 1/79 ] .
وجاء في [ أدب المفتي والمستفتي ، 111 ] ما نصه : ( ولا يحملك توهم أن الإسراع براعة والإبطاء عجز ومنقصة ، وذلك جهل ، ولئن تبطئ ولا تخطئ أكمل من أن تعجل فتخطئ ) .
وقد رأينا كثيرا من هذه الأصوات والنداءات والهاتفات وكنا نأمل أن يردعها رادع من الله أو أن تقرض تلك الأفواه فشاء الله بحكمته الواسعة أن يزداد إيذائهم للشيخ فالح –حفظه الله- ومن رأى أن الحق معه فيزدادون رفعة عند الله وتزداد فضيحة هؤلاء عند أهل البصيرة الذين لا تغرهم كتابات هؤلاء السذج الرعاع ، فالمنهج في شبكة سحاب أصبح عبارة عن أوامر وأهداف شخصية بحتة ، فالله نسأل كمال العقل والثبات على الحق والهدى .
[ 4 ] يشنعون على أهل السنّة ليظهروا بمظهر المظلوم المعتدى عليه ، ولسان حالهم يقول للغير انظروا إلى أسلوبهم في الرد علينا -وما حواه من شدة وغلظة- ، فسبحان الله على شدة هذا البلاء ، اللهم صبِّر أهل السنّة في هذه المحن والفتن ، لكن بما أنهم أول من بدأ فسيقابلون بالمثل شاءوا أم أبوا ، قال تعالى : ) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ) ( الشورى:41 ) .
وكما قال بن تيمية –رحمه الله- : ( فمتى ظلم المخاطب لم نكن مأمورين أن نجيبه بالتي هي أحسن ) [ مجموع الفتاوى 3/252 ] .
وقال أيضا : ( ما ذكرتم من لين الكلام والمخاطبة بالتي هي أحسن فأنتم تعلمون أني من أكثر الناس استعمالا لهذا لكن كل شيء في موضعه حسن وحيث أمر الله ورسوله بالإغلاظ على المتكلم لبغيه وعدوانه على الكتاب والسنة فنحن مأمورون بمقابلته ، لم نكن مأمورين أن نخاطبه بالتي هي أحسن ومن المعلوم أن الله تعالى يقول : ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) فمن كان مؤمنا فإنه الأعلى بنص القرآن ) [ مجموع الفتاوى 3/232 ] .
[ 5 ] ومما يلبسون به على عوام الناس وبسطاء العقول أنهم جعلوا المقياس في هذه الفتنة بعد أن شنعوا ونفروا عن أهل الحق ، هو كثرة الموافقين لهم –ولو كانوا أجهل الناس- ، لأن الهوى يعمي ويصم :
قال بن تيمية -رحمه الله- : ( وإن شنعوا عليهم بأشياء ينفر عنها كثير من الناس فذاك ليستعينوا بنفرة النافرين على دفعهم وإخماد قولهم لا لأن نفور النافرين عنهم يدل على حق أو باطل ) [ مجموع الفتاوى 4/186 ] .
وقال أيضا : ( ومن المعلوم أم مجرد نفور النافرين أو محبة الموافقين لا يدل على صحة قول ولا فساده إلا إذا كان ذلك بهدى من الله بل الاستدلال بذلك هو استدلال باتباع الهوى بغير هدى من الله فإن اتباع الإنسان لما يهواه هو أخذ القول والفعل الذي يحبه ورد القول والفعل الذي يبغضه بلا هدى من الله ، قال تعالى : " وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم " ، وقال : " فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهوائهم " ، وقال تعالى لداود : " ولا تتبع الهوى " ) [ مجموع الفتاوى 4/189 ] .
وللحديث بقية بإذن الله تعالى مع النقول والحقائق بعيدا عن الثرثرة والجعجعة التي أصبحت علامة من علامات شبكة سحاب الحزبية ....
كتبه : المتنصر للحق وأهله بن حمد الأثري