الكاسر
10-18-2003, 03:34 PM
النساء أعظم فتنة ـ مسئولية الرجل اتجاه المرأة للشيخ العثيمين
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه أرسله الله تعالى على حين فترة من الرسل وانطماس من السبل فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وتركها على بيضاء نقية لا يزيغ عنها إلا هالك فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
أيها المسلمون فإنه لا يخفى ما وقع فيه كثير من الناس من الانزلاق في هواية الفتنة التي لا يخشى عليها منها عليها وحده بل يخشى عليه وعلى غيره كما قال الله تعالى )وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) أيها المسلمون إن الفتنة التي أعنيها فتنة النساء التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم :(ما تركت بعدي فتنة أضل على الرجال من النساء) إنها فتنة وقع فيها من وقع من أراذل الناس حتى استأثروا لهواهم وعميت أبصارهم وأنطمس وعميت بصائرهم وانطمست أبصارهم حتى صاروا يتتبعون النساء في الشوارع وفي الأسواق تغزل وصفير وهمسات وربما لمسات يتخبطون خبط عشواء كأنهم لا يرون الناس من حولهم أو كأن الناس حولهم بهائم لا من البشر لأن هؤلاء منغمسون في الشهوة مستهترون بالأخلاق متحدون للمجتمع غير خائفين من الله عز وجل غير سالكين سبيل سبيل غير سالكين سبيل العقلاء وإن الواجب علينا ونحن أمة مسلمة مؤمنة إن علينا أن ننكر هذه الأعمال من أولئك الأراذل ننكرها لأنها تنافي صفات المؤمنين بالله واليوم الآخر ننكرها لأنها وصيلة إلى الزنا الذي قال الله تعالى فيه (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) ننكر هذه الأعمال لأنها إخلال بالأمن ونشر للخوف والذعر والفوضى ننكرها لأنها سبب للعقوبة العاجلة قال الله عز وجل (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) أمرناهم أمر تقدير وخلق وقوله مترفيها يدل على أن الذين يغمسون في المعاصي هم أهل الترف وهم الأغنياء غالباً ففسقوا فيها فحق عليها القول ودمرناها تدميرا وقال الله عز وجل بعد ذكر الذي يتجنبه عباد الرحمن قال (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً*يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً*إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) أيها المسلمون أيها المسلمون أيها المحافظون على شرفهم أيها المحافظون على نسائهم إن هذه الأخلاق السافلة والأعمال السيئة التي أنحط إليها بعض الناس ولم توجد في مجتمعنا إلا حين ضعف الدين وضعفت الغيرة وانتشرت أسباب الفتنة أما ضعف الدين فإنه لو كان عند هؤلاء المتتبعين للنساء المفتونين بهن لو كان عندهم قوة في الدين ما تجرؤ عليهن ما تجرؤ على فعلهم ووقعوا في معصية الله عز وجل وأشغلوا قلوبهم بذكر المخلوق عن ذكر الخالق قال الله عز وجل (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) وأما ضعف الغيرة فإنه لو كان عند هؤلاء المتتبعين للنساء المفتونين بهن لو كان عندهم قوة في غيرتهم ما تجرؤ على فعل هذا وفتنوا نساء إخوانهم ومواطنيهم إن مقتضى الأخوة أن يغار الإنسان على نساء إخوانه ومواطنيه كما يغار على نسائه بنفسه وإني لسائل هؤلاء أيرضى أحد منهم أن يتتبع امرأته أو أخته أو أحد من نسائه أو يغازلها شخص من الناس فإذا كان لا يرضى هذا في أهله فكيف تسول له نفسه أن يفعله في أهل غيره إنني أحذر هؤلاء المفتونين بالنساء أحذرهم من أن يسلط على أهليهم من يفعل مثل ما فعلوا في نساء غيرهم أو أن يبتلى أحد من ذريته فيفعل ما فعل وأما أسباب الفتنة أسباب هذه الفتنة أعني فتنة النساء فكثيرة منها وسائل الأعلام المسموعة والمنظورة والمقروءة يقع بين أيدي الشباب من ذكور وإناث صحف ومجلات فيها الصورة وفيها الكلام الذي يثير الشهوة ويعصف بالعاطفة ويلهب نار العشق وما أكثر ذلك من ما يرد علينا من الخارج أو يأتينا من مواطنينا نسأل الله أن يهديهم وأن يقينا شرهم ومن أسباب هذه الفتنة ما أنعم الله به على هذه البلاد من الصحة والفراغ لكثرة المال وحسن الغذاء واستتباب الأمن والرخاء فأصبح القلب أصبح القلب فارغاً والبدن عاطلا ولهذا لا تكاد تجد مفتون بهذه الفتنة إلا أحد رجلين إما رجل فاشل ليس له عمل يشتغل به ليس له عمل يشتغل به فيلهيه ويلحقه بركب الرجال الشرفاء فهو لا يعلم ولا يتعلم ولا يعمل عملاً خاصاً ولا بوظيفة لدى الحكومة فيستولي عليه الهوى فيهوي به إلى مكان سحيق وإما رجل ذو عمل ولكنه مضيع لعمله غير مبال بما يترتب على إضاعته من نتائج من نتائج وخيمة وعواقب سيئة أما الرجل المؤمن الشريف الحازم فلن ينزل نفسه إلا سفاسف الأمور وأراذلها ومن أسباب هذه الفتنة ما يقوم به بعض النساء من سلوك شاذ في الملبس والمظهر وغير ذلك سلوك يهوي بهن إلى الفتنة سلوك شاذ خارج عن نهج السلف الصالح تجد بعض النساء تخرج إلى السوق متبرجة متجملة بأجمل ما عندها من لباس ثم تستره بعباءة رهيفة أو قصيرة أو مرفوعة ليبرز ما تحتها من الثياب الجميلة فتكون كاسية عارية لابسة لباس نساء أهل النار قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :( صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخل الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) ومن الناس من تخرج إلى السوق متحلية بالذهب والساعة الجميلة وتمشي في السوق كاشفة يديها لتفتن من يرها وقد قال الله عز وجل ( وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ )ومن النساء من تخرج إلى السوق متطيبة وربما تختار أقوى الأطياب رائحة وألذها شما فلا تمر بأحد يشمه إلا أفتتن به أو كاد وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :( أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة ) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم :( إن المرأة إذا استعطرت ومرت بالمجلس فهي كذا وكذا ) يعني زانية ومن النساء من تخرج إلى السوق سافرة تغطي وجهها بغطاء رهيف لا يستر الوجه وربما يكسوه جمالاً ويستر ما به من عيب وربما تستر الوجه ولكن تشد الغطاء عليه حتى يبرز الأنف ويبرز الحاجب والوجنتان وهذا لا شك من الفتنة ومن الناس ومن النساء من تمشي في السوق تبختراً وتأرجحاً وتمازح رفيقتها إن كانت معها وربما تقف على صاحب الدكان لحاجة أو لغير حاجة فتسترسل للكلام معه وربما تدعو بالشيء داخل الدكان تقول أعطني كذا وكذا وهي لا تريده ولكن تريد أن تزيد في الكلام وتستمر مع صاحب الدكان وقد قال الله عز وجل لنساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهن أمهات المؤمنين وأطهر النساء وأبعدهن عن مواضع الفتن قال الله لهن ( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَض) أيها المسلمون إننا قد وصفنا إننا قد وصفنا شيئاً من الداء فهل من دواء الجواب نعم الأدوية ولله الحمد كثيرة فنحن أمة مسلمة ندين بدين الإسلام وقد بين الله تبارك وتعالى مسئولية الرجل في أهله وبين ذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أما الله عز وجل فقد قال في كتابه العظيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) وأما السنة فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :( كلكم راعي ومسئول عن رعيته فالإمام راعي ومسئول عن رعيته والرجل راعي في أهل ومسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راعي ومسئول عن رعيته فكلكم راعي وكلكم مسئول عن رعيته ) فاتقوا الله عباد الله وقوموا بهذه المسئولية وامنعوا نسائكم منعاً باتاً أن يخرجن إلى السوق على غير الوجه الشرعي أسال الله تعالى أن يعينني وإياكم على أداء الأمانة أن يهدي لنا ويهدي بنا ويهدينا إنه على كل شئ قدير والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
أيها الأخوة المؤمنون أيها الرجال القوامون على النساء أيها الرجال المسئولون عن أهليكم اتقوا الله في أنفسكم وفي أهليكم عودوهم الآداب العالية والأخلاق الفاضلة وامنعوهم من ما يكون سبب للفتنة فأنتم الرجال وهن النساء والرجال قوامون على النساء بما فضل الله على بعض وبما انفقوا من أموالهم لا يكون الرجل منكم كأنهم حجارة في البيت لا يكن الرجل منكم كأنه واحدة من النساء بل كونوا رجالاً بمعنى الكلمة كونوا رعاة بمعنى الكلمة كونوا قوامين بمعنى الكلمة حتى تكونوا رجالاً بين أهليكم إن بعض الناس يحرص على حماية ماله حرصاً عظيما بالتقيد والدفاتر والتذكر ومع ذلك يهمل أهله الذي هو مسئول عنهم الذي هو مسئول عنهم سؤلاً مباشر بل إن هذه الرجل لو ضاع له شاة من غنمه لذهب يطلبها يميناً وشمالا حتى يجدها ومع ذلك لا يبالي بضياع أخلاق أهله من بنين أو بنات قوموا بما أوجب الله عليكم هذه نصيحة أهديها لكم وأخبركم أنكم مسئولون عن أهليكم لأن الله أخبركم ذلك ولأن النبي صلى الله عليه وسلم حملكم ذلك أتريدون أن تضيع الأمانة أتريدون أن لا تجدوا جواباً يوم القيامة إذا وقفتم بين يدي الله اتقوا الله في أنفسكم قوموا بما أوجب الله عليكم لا تضيعوا أهليكم إنكم إذا ضيعتم أهليكم هذا ضيع أهله وهذا ضيع أهليه وهذا ضيع أهله ضاع المجتمع كله فإن المجتمع كتلة مكونة من أفراد إذا فسد أفرادها فسد كله أقول قولي هذا وأسال الله تعالى أن يعينني وإياكم على القيام بما يجب علينا من رعاية الأهل اللهم أعنا على رعاية أهلنا أحسن رعاية اللهم اجعلنا في أعينهم سلطاناً نصيرا يا رب العالمين حتى يفقهوا ما نقول وحتى يعملوا بما نقول وأهدينا سبل السلام واعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة يعني في الدين وكل بدعة ضلالة فالتزموا السنة واعملوا بها واتفقوا عليها لا تزيدوا فيها ولا تقصروا عنها فإن الزيادة غلو والقصور تفريط وأكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأسالوا الله تعالى أن يرزقكم محبته وأن يرزقكم اتباعه ظاهراً وباطنا اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اسقنا من حوضه اللهم اجمعنا به في جنات النعيم في جوارك يا رب العالمين ويا أكرم الأكرمين ويا أجود الأجودين اللهم احسن عاقبتنا في الأمور كلها اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي أفضل أتباع المرسلين اللهم أرضى عن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرضى عنا معهم واجمعنا بهم في جنات النعيم اللهم أحسن أحوالنا كما أحسنت أحوالهم يا رب العالمين اللهم اصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم هيئ لهم ولاة أمور يقودهم بكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم اللهم أنصر إخواننا المجاهدين في الشيشان اللهم ثبت أقدامهم اللهم أغفر لمواتهم اللهم أجمع أحيائهم اللهم أجمع شمل أحيائهم يا رب العالمين اللهم يا قوي يا عزيز يا غالب يا قاهر يا من بيده ملكوت كل شئ نسألك اللهم أن تنزل بالروس بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين اللهم أنزل بهم بأسك الشديد اللهم عجل لهم بالعقوبة يا رب العالمين اللهم أبدلهم بالقوة ضعفا وبالعزة ذلا وبالغناء فقرا وبالاجتماع تفرقا وبالإتلاف عداوة وبغضاء اللهم إنا نسألك أن تجعلها حرب شعواء في أسواقهم وبيوتهم حتى يقتل بعضهم بعضا يا رب العالمين اللهم إنا نسألك اللهم إنا نسألك أن تغر أعيننا بذلك عن قريب يا رب العالمين اللهم أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الكريم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
الكاتب : [ أبو مصعب الاثري ]
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه أرسله الله تعالى على حين فترة من الرسل وانطماس من السبل فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وتركها على بيضاء نقية لا يزيغ عنها إلا هالك فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
أيها المسلمون فإنه لا يخفى ما وقع فيه كثير من الناس من الانزلاق في هواية الفتنة التي لا يخشى عليها منها عليها وحده بل يخشى عليه وعلى غيره كما قال الله تعالى )وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) أيها المسلمون إن الفتنة التي أعنيها فتنة النساء التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم :(ما تركت بعدي فتنة أضل على الرجال من النساء) إنها فتنة وقع فيها من وقع من أراذل الناس حتى استأثروا لهواهم وعميت أبصارهم وأنطمس وعميت بصائرهم وانطمست أبصارهم حتى صاروا يتتبعون النساء في الشوارع وفي الأسواق تغزل وصفير وهمسات وربما لمسات يتخبطون خبط عشواء كأنهم لا يرون الناس من حولهم أو كأن الناس حولهم بهائم لا من البشر لأن هؤلاء منغمسون في الشهوة مستهترون بالأخلاق متحدون للمجتمع غير خائفين من الله عز وجل غير سالكين سبيل سبيل غير سالكين سبيل العقلاء وإن الواجب علينا ونحن أمة مسلمة مؤمنة إن علينا أن ننكر هذه الأعمال من أولئك الأراذل ننكرها لأنها تنافي صفات المؤمنين بالله واليوم الآخر ننكرها لأنها وصيلة إلى الزنا الذي قال الله تعالى فيه (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) ننكر هذه الأعمال لأنها إخلال بالأمن ونشر للخوف والذعر والفوضى ننكرها لأنها سبب للعقوبة العاجلة قال الله عز وجل (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) أمرناهم أمر تقدير وخلق وقوله مترفيها يدل على أن الذين يغمسون في المعاصي هم أهل الترف وهم الأغنياء غالباً ففسقوا فيها فحق عليها القول ودمرناها تدميرا وقال الله عز وجل بعد ذكر الذي يتجنبه عباد الرحمن قال (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً*يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً*إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) أيها المسلمون أيها المسلمون أيها المحافظون على شرفهم أيها المحافظون على نسائهم إن هذه الأخلاق السافلة والأعمال السيئة التي أنحط إليها بعض الناس ولم توجد في مجتمعنا إلا حين ضعف الدين وضعفت الغيرة وانتشرت أسباب الفتنة أما ضعف الدين فإنه لو كان عند هؤلاء المتتبعين للنساء المفتونين بهن لو كان عندهم قوة في الدين ما تجرؤ عليهن ما تجرؤ على فعلهم ووقعوا في معصية الله عز وجل وأشغلوا قلوبهم بذكر المخلوق عن ذكر الخالق قال الله عز وجل (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) وأما ضعف الغيرة فإنه لو كان عند هؤلاء المتتبعين للنساء المفتونين بهن لو كان عندهم قوة في غيرتهم ما تجرؤ على فعل هذا وفتنوا نساء إخوانهم ومواطنيهم إن مقتضى الأخوة أن يغار الإنسان على نساء إخوانه ومواطنيه كما يغار على نسائه بنفسه وإني لسائل هؤلاء أيرضى أحد منهم أن يتتبع امرأته أو أخته أو أحد من نسائه أو يغازلها شخص من الناس فإذا كان لا يرضى هذا في أهله فكيف تسول له نفسه أن يفعله في أهل غيره إنني أحذر هؤلاء المفتونين بالنساء أحذرهم من أن يسلط على أهليهم من يفعل مثل ما فعلوا في نساء غيرهم أو أن يبتلى أحد من ذريته فيفعل ما فعل وأما أسباب الفتنة أسباب هذه الفتنة أعني فتنة النساء فكثيرة منها وسائل الأعلام المسموعة والمنظورة والمقروءة يقع بين أيدي الشباب من ذكور وإناث صحف ومجلات فيها الصورة وفيها الكلام الذي يثير الشهوة ويعصف بالعاطفة ويلهب نار العشق وما أكثر ذلك من ما يرد علينا من الخارج أو يأتينا من مواطنينا نسأل الله أن يهديهم وأن يقينا شرهم ومن أسباب هذه الفتنة ما أنعم الله به على هذه البلاد من الصحة والفراغ لكثرة المال وحسن الغذاء واستتباب الأمن والرخاء فأصبح القلب أصبح القلب فارغاً والبدن عاطلا ولهذا لا تكاد تجد مفتون بهذه الفتنة إلا أحد رجلين إما رجل فاشل ليس له عمل يشتغل به ليس له عمل يشتغل به فيلهيه ويلحقه بركب الرجال الشرفاء فهو لا يعلم ولا يتعلم ولا يعمل عملاً خاصاً ولا بوظيفة لدى الحكومة فيستولي عليه الهوى فيهوي به إلى مكان سحيق وإما رجل ذو عمل ولكنه مضيع لعمله غير مبال بما يترتب على إضاعته من نتائج من نتائج وخيمة وعواقب سيئة أما الرجل المؤمن الشريف الحازم فلن ينزل نفسه إلا سفاسف الأمور وأراذلها ومن أسباب هذه الفتنة ما يقوم به بعض النساء من سلوك شاذ في الملبس والمظهر وغير ذلك سلوك يهوي بهن إلى الفتنة سلوك شاذ خارج عن نهج السلف الصالح تجد بعض النساء تخرج إلى السوق متبرجة متجملة بأجمل ما عندها من لباس ثم تستره بعباءة رهيفة أو قصيرة أو مرفوعة ليبرز ما تحتها من الثياب الجميلة فتكون كاسية عارية لابسة لباس نساء أهل النار قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :( صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخل الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) ومن الناس من تخرج إلى السوق متحلية بالذهب والساعة الجميلة وتمشي في السوق كاشفة يديها لتفتن من يرها وقد قال الله عز وجل ( وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ )ومن النساء من تخرج إلى السوق متطيبة وربما تختار أقوى الأطياب رائحة وألذها شما فلا تمر بأحد يشمه إلا أفتتن به أو كاد وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :( أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة ) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم :( إن المرأة إذا استعطرت ومرت بالمجلس فهي كذا وكذا ) يعني زانية ومن النساء من تخرج إلى السوق سافرة تغطي وجهها بغطاء رهيف لا يستر الوجه وربما يكسوه جمالاً ويستر ما به من عيب وربما تستر الوجه ولكن تشد الغطاء عليه حتى يبرز الأنف ويبرز الحاجب والوجنتان وهذا لا شك من الفتنة ومن الناس ومن النساء من تمشي في السوق تبختراً وتأرجحاً وتمازح رفيقتها إن كانت معها وربما تقف على صاحب الدكان لحاجة أو لغير حاجة فتسترسل للكلام معه وربما تدعو بالشيء داخل الدكان تقول أعطني كذا وكذا وهي لا تريده ولكن تريد أن تزيد في الكلام وتستمر مع صاحب الدكان وقد قال الله عز وجل لنساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهن أمهات المؤمنين وأطهر النساء وأبعدهن عن مواضع الفتن قال الله لهن ( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَض) أيها المسلمون إننا قد وصفنا إننا قد وصفنا شيئاً من الداء فهل من دواء الجواب نعم الأدوية ولله الحمد كثيرة فنحن أمة مسلمة ندين بدين الإسلام وقد بين الله تبارك وتعالى مسئولية الرجل في أهله وبين ذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أما الله عز وجل فقد قال في كتابه العظيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) وأما السنة فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :( كلكم راعي ومسئول عن رعيته فالإمام راعي ومسئول عن رعيته والرجل راعي في أهل ومسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راعي ومسئول عن رعيته فكلكم راعي وكلكم مسئول عن رعيته ) فاتقوا الله عباد الله وقوموا بهذه المسئولية وامنعوا نسائكم منعاً باتاً أن يخرجن إلى السوق على غير الوجه الشرعي أسال الله تعالى أن يعينني وإياكم على أداء الأمانة أن يهدي لنا ويهدي بنا ويهدينا إنه على كل شئ قدير والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
أيها الأخوة المؤمنون أيها الرجال القوامون على النساء أيها الرجال المسئولون عن أهليكم اتقوا الله في أنفسكم وفي أهليكم عودوهم الآداب العالية والأخلاق الفاضلة وامنعوهم من ما يكون سبب للفتنة فأنتم الرجال وهن النساء والرجال قوامون على النساء بما فضل الله على بعض وبما انفقوا من أموالهم لا يكون الرجل منكم كأنهم حجارة في البيت لا يكن الرجل منكم كأنه واحدة من النساء بل كونوا رجالاً بمعنى الكلمة كونوا رعاة بمعنى الكلمة كونوا قوامين بمعنى الكلمة حتى تكونوا رجالاً بين أهليكم إن بعض الناس يحرص على حماية ماله حرصاً عظيما بالتقيد والدفاتر والتذكر ومع ذلك يهمل أهله الذي هو مسئول عنهم الذي هو مسئول عنهم سؤلاً مباشر بل إن هذه الرجل لو ضاع له شاة من غنمه لذهب يطلبها يميناً وشمالا حتى يجدها ومع ذلك لا يبالي بضياع أخلاق أهله من بنين أو بنات قوموا بما أوجب الله عليكم هذه نصيحة أهديها لكم وأخبركم أنكم مسئولون عن أهليكم لأن الله أخبركم ذلك ولأن النبي صلى الله عليه وسلم حملكم ذلك أتريدون أن تضيع الأمانة أتريدون أن لا تجدوا جواباً يوم القيامة إذا وقفتم بين يدي الله اتقوا الله في أنفسكم قوموا بما أوجب الله عليكم لا تضيعوا أهليكم إنكم إذا ضيعتم أهليكم هذا ضيع أهله وهذا ضيع أهليه وهذا ضيع أهله ضاع المجتمع كله فإن المجتمع كتلة مكونة من أفراد إذا فسد أفرادها فسد كله أقول قولي هذا وأسال الله تعالى أن يعينني وإياكم على القيام بما يجب علينا من رعاية الأهل اللهم أعنا على رعاية أهلنا أحسن رعاية اللهم اجعلنا في أعينهم سلطاناً نصيرا يا رب العالمين حتى يفقهوا ما نقول وحتى يعملوا بما نقول وأهدينا سبل السلام واعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة يعني في الدين وكل بدعة ضلالة فالتزموا السنة واعملوا بها واتفقوا عليها لا تزيدوا فيها ولا تقصروا عنها فإن الزيادة غلو والقصور تفريط وأكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأسالوا الله تعالى أن يرزقكم محبته وأن يرزقكم اتباعه ظاهراً وباطنا اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اسقنا من حوضه اللهم اجمعنا به في جنات النعيم في جوارك يا رب العالمين ويا أكرم الأكرمين ويا أجود الأجودين اللهم احسن عاقبتنا في الأمور كلها اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي أفضل أتباع المرسلين اللهم أرضى عن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرضى عنا معهم واجمعنا بهم في جنات النعيم اللهم أحسن أحوالنا كما أحسنت أحوالهم يا رب العالمين اللهم اصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم هيئ لهم ولاة أمور يقودهم بكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم اللهم أنصر إخواننا المجاهدين في الشيشان اللهم ثبت أقدامهم اللهم أغفر لمواتهم اللهم أجمع أحيائهم اللهم أجمع شمل أحيائهم يا رب العالمين اللهم يا قوي يا عزيز يا غالب يا قاهر يا من بيده ملكوت كل شئ نسألك اللهم أن تنزل بالروس بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين اللهم أنزل بهم بأسك الشديد اللهم عجل لهم بالعقوبة يا رب العالمين اللهم أبدلهم بالقوة ضعفا وبالعزة ذلا وبالغناء فقرا وبالاجتماع تفرقا وبالإتلاف عداوة وبغضاء اللهم إنا نسألك أن تجعلها حرب شعواء في أسواقهم وبيوتهم حتى يقتل بعضهم بعضا يا رب العالمين اللهم إنا نسألك اللهم إنا نسألك أن تغر أعيننا بذلك عن قريب يا رب العالمين اللهم أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الكريم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
الكاتب : [ أبو مصعب الاثري ]