علي رضا
01-22-2004, 04:34 PM
(( إعادة الكر والفر على البحر الذي زخر !! ))
هذه المقالة أعيدها من أجل تبيان حقيقة هذا الذي رد علي بكل ظلم
وتجنٍ ؛ معرضاً تمام الإعراض عن ثناء شيخنا المحدث الألباني
رحمه الله تعالى عليّ في ( الصحيحة السابعة ) بعد أن أطلعته على
تحقيقاتي وتأليفاتي وردودي التي كنت أبعث بها إلى فضيلته عن
طريق بعض إخواننا ، وبعضها مما أرسلته بالفاكس : مما جعله بحمد
الله تعالى يقول كلمته التي أعتبرها خيراً من عشرات الرسائل
الجامعية التي يحصلها كثير ممن لا علم لهم في هذا الفن الشريف إلا
التحويش والتقميش !!
فقد ذكر فضيلته في 7/القسم الثاني / ص1174 ( علي رضا ) بشيء
لم ينل مثله هذا الحسود وإخوانه ؛ فاستعظموا نعمة الله تعالى على بعض
عباده ، وأخذوا يجمعون بعض عبارات شيخنا التي ما زادتني بحمد
الله تعالى إلا بصيرة وعافية وتوفيقاً بإذنه تعالى ( كالعملية الجراحية
التي يخرج بعدها المرء في أحسن صحة وعافية ) ،
وبعض عبارات
شيخنا مقبل الوادعي رحمه الله تعالى الذي لو علم هؤلاء الحسدة أنه
رحمه الله ظل يحدثني في فراش مرضه من جدة حول وهمه الذي
نبهته إليه حول حديث : ( الصلاة في بيت المقدس بألف صلاة وأن من
أهدى له زيتاً يسرج فيه كان كمن أتاه ) وكونه أودعه ( الصحيح
المسند مما ليس في الصحيحين ) قائلاً : سوف نبين هذا الوهم منا
ونعزو فضله إليكم في الطبعة القادمة للكتاب !
ثم الحقيقة هي أنه لا يهمنا أن يقع علي رضا أو غيره في الخطأ والوهم
؛ فهذه طبيعة البشر التي فطرهم الله عليها ؛ إنما المهم هو أن يغلب
صواب الباحث على أوهامه وأخطائه ، وهذا هو ما نالني من فضيلة
شيخنا بحمد الله تعالى ؛ ولهذا قال بعض السلف :
( لا ينبغي لرجل أن يرى نفسه أهلاً لشيء ؛ حتى يسأل من كان أعلم
منه ) 0 ( صفة الفتوى والمفتي والمستفتي ) لابن حمدان بتحقيق
شيخنا الألباني الذي - بحمد الله تعالى - قد سأله علي رضا عن كتاباته
وتحقيقاته وردوده ؛ فأثنى عليها ثناءً عطراً ؛ بل قارنها - لتواضعه مع
صراحته وعدم مجاملته التي يمتاز بها في الحق - بما يكتبه هو
ويحققه ؛ فلله الحمد عدد خلقه ، ورضاء نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد
كلماته 0
نعود لبيان الشاهد من ذكر شيخنا لي بحمد الله تعالى في ( الصحيحة
السابعة ) ص1174 فقد كشف هناك رحمه الله جهل كثير ممن يكتب
ويحقق في الساحة ، ويتعالم ويتشبع بما لم يُعط ، وبين أن أكثرهم عالة
على كتبه هو رحمه الله ؛ فينقلون منها نقلاً دون تمحيص وتدقيق ، بل
تقليداً أعمىً كما يقال ؛ فيقعون حينئذ في التناقض والخلط والخبط !!
لكنه استثنى رحمه الله تعالى ( علي رضا ) من بين هؤلاء ؛
فقال :
( وقد تنبه لهذا كله الأخ علي رضا في تعليقه على ((صفة الجنة))
(ا/81) ؛ فأنصفني جزاه الله خيراً ، ولم يستغل الغفلة كما يفعل كثير
من المبتدعة ، وبعض الحاسدين الحاقدين الجهلة ) 0
وقد يختلف معي رحمه الله تعالى في الحكم على بعض الأحاديث ؛
لكنه يقول كلمة الحق التي يصدع بها كعادته رحمه الله في ( الصحيحة
السابعة ) ص1739 عند الكلام على حديث : ( إذا أبردتم إلي بريداً ؛
فابعثوه حسن الوجه ، حسن الاسم ) 0
فهذا الحديث صححه شيخنا رحمه الله تعالى ، وقد بينت أنه ضعيف
في أحد كتبي ؛ فقال معقباً علي :
( ولقد تجشمت وتكلفت إملاء هذا - على الرغم مما أنا فيه - حينما
رأيتُ الأخ الفاضل ( علي رضا ) ذهب إلى تضعيف الحديث ، معللاً
إياه بعنعنة قتادة ، وحكى هناك تصحيحه عن الهيثمي والسيوطي
والألباني في ((الصحيحة)) (1186) ، وقد كنت خرجته هناك ،
وذكرت له بعض الشواهد ، انتقدني فيها في كتابه الذي هو بعنوان :
(( لا تكذب عليه متعمداً )) ، وقد أهداه إلي جزاه الله خيراً بتاريخ
7/11/1418 ، ومع أنه قد صدر تضعيفه للحديث بقوله (ص49) :
(( من أصعب علوم الحديث : الحكم على المتن ؛ بالرغم من كون
الأسانيد التي روي بها ذلك المتن متعددة وكثيرة ؛ يمكن القول بتقوية الحديث
بها )) !
ثم لا أدري ما الذي حمله على الجزم بضعف الحديث ، وعدم تقويته
بأسانيده المتعددة ، كما هي القاعدة المعروفة في علم المصطلح ؟!
هذا على فرض التسليم بضعف حديث بريدة ؛ فإن ضعفه ليس شديداً ،
وكذلك بعض شواهده التي كنت ذكرتها هناك ، ونقلها هو عني
مضعفاً0
وفي ظني أن الحامل له على مخالفة القاعدة ، توهمه أن الحديث يشبه
بعض الأحاديث الصوفية المنكرة – بل الباطلة – كحديث : (( من
عشق فكتم فمات ؛ مات شهيداً )) !! والواقع أنه لا شيء من ذلك في
هذا الحديث ، بل هو على الجادة التي جاء ذكرها في أحاديث التفاؤل
والنهي عن الطيرة ، ومنها قوله عليه السلام :
(( 00 ويعجبني الفأل الصالح : الكلمة الحسنة )) ؛ رواه الشيخان
وغيرهما ، وسبق تخريجه برقم (786)، وراجع لمزيد الفائدة ((الكلم
الطيب )) (60 – فصل الفال والطيرة / ص1250127- بتخريجي )0
انتهى كلام فضيلة شيخنا المحدث الألباني رحمه الله تعالى ، وليس لي
تعليق عليه إلا بمقدار ما أبين فيه وجهة نظري في تضعيف الحديث
الآنف الذكر : ألا وهي ما بينته في كتابي (( لا تكذب عليه متعمداً ))
من كون شواهده التي أشار إليها فضيلته شديدة الضعف على التحقيق ؛
لأن مدارها على من اتهم بوضع الحديث : ألا وهو عمر بن راشد !
فقد قال أحمد : لا يساوي حديثه شيئاً !
وقال يحيى : ليس بشيء !
وقال ابن حبان : يضع الحديث لا يحل ذكره إلا بالقدح فيه !
ولهذا فالحق والحق أقول :
هذا الحديث أورده ابن الجوزي في (الموضوعات ) 1/248 – أضواء
السلف- فبالغ في ذلك رحمه الله ؛ فإن من حقه أن يكون ضعيفاً فقط ؛
لأن حديث بريدة لا علة فيه سوى عنعنة قتادة ، ولو تنزلنا بقبول
عنعنته كما يقول شيخنا رحمه الله ؛ فكيف وقتادة لا يُعرف له سماع
من عبد الله بن بريدة أصلاً !! انظر ( جامع التحصيل ) ص314
وقد أورد الحديث مؤلفو ( موسوعة الأحاديث والآثار الضعيفة
والموضوعة ) برقم (967 ، 968 ، 1269 ) 0
وإنه لمن فضل الله تعالى علي أن وافقني على هذا شيخنا مقبل الوادعي
في ( أحاديث معلة ظاهرها الصحة ) برقم (40 ) فقال :
هذا الحديث رجاله رجال الصحيح ، ولكن في جامع التحصيل : وقال
الترمذي : قال بعض أهل العلم : لا نعرف لقتادة سماعاً من عبد الله بن
بريدة 0
ولهذا فقد انتقد العلماء هذا الحديث من جهة متنه فأوردوه في كتب
الموضوعات !!
فها هو ابن القيم يورده في ( المنار المنيف ) برقم105 ، ونقلنا لك أيها
القارئ إيراد ابن الجوزي له في( الموضوعات ) ، وابن عراق في
( تنزيه الشريعة ) 1/ 200 ، والسخاوي في ( المقاصد الحسنة )
برقم161 ، والشوكاني في ( الفوائد المجموعة ) برقم 660 ، والفتني
الهندي في ( تذكرة الموضوعات ) برقم 163 وعلي القاري في
( الموضوعات الكبرى ) برقم 417 ، وغيرهم 0
وعلى كل حال كما كان يقول لي شيخنا رحمه الله بعد طول مداولة وبحث معه : ( ولكل وجهة هو
موليها فاستبقوا الخيرات )
ويعطيك الله العافية 0
وأنا أقول : وأنت فجزاك الله خيراً عن الإسلام والمسلمين ، وجمعني بك مع ( الذين أنعم الله عليهم من
النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) 0
وإتماماً لإلقام ( البحر الذي زخر) ومن هم على بابته من الحساد والمبغضين ( بأكبر حجر ) أقول :
هذه دراسة حديثية تؤكد للقراء صواب ( علي رضا ) وموافقته للحفاظ الكبار في ذكر اسم رجل يدور
عليه حديث : ( ما استجار عبد من النار 000 ) الذي انتقدني فيه شيخنا ، ولو قدر له رحمه الله تعالى
الاطلاع عليه لتغير حكمه نهائياً في المسألة 0
(( دراسات علمية مع شيخنا الألباني ))2-3
اقترح علي بعض المشايخ أن أجعل اسم هذه الحلقات - كما ترون - بدلاً من كلمة : خواطر؛ لاستخدام
الحزبيين لها ؛ فأجبته لذلك لما في مخالفة هؤلاء القوم من الفوائد !
فمن الدراسات الجيدة مع فضيلة شيخنا الألباني ما دار بيني وبينه – رحمه الله – حول حديث : ( ما
استجار عبد من النار سبع مرات في اليوم إلا قالت النار : يارب ! إن عبدك فلاناً قد استجارك مني
فأجره ، ولا يسأل الله عبد الجنة في يوم سبع مرات إلا قلت الجنة : يا رب ! إن عبدك فلاناً سألني
فادخله الجنة ) .
فقد ذهبت إلى تضعيف سنده في ( صفة الجنة ) لأبي نعيم الأصبهاني رقم ( 67 ) ؛ لأن مداره على :
يونس بن خباب ،وهو منكر الحديث كما قال البخاري ؛ بل قال الجوزجاني : كذاب مفتر ! ( صفة الجنة
) رقم ( 68 ) .
ثم وقفت – بعد ذلك – على تصحيح شيخنا للحديث في ( الصحيحة السادسة ) رقم ( 2506 ) ؛ إذ
رجح رحمه الله أن يونس الذي
في إسناد أبي يعلى – المسند 11/ 54 رقم 6192 – إنما هو ابن يزيد الأيلي ، قال : ( لأن جرير بن
حازم من المعروف أنه يروي عن يونس بن يزيد الأيلي كما تقدم ، فهذا هو ملحظ أولئك الحفاظ الذين
صرحوا بصحة الحديث ، وأنه على شرط الشيخين ) .
ثم تكلم فضيلته على (علي رضا ) باعتبار أنه تسرع ورد على الحفاظ الذين صححوا الحديث ، وهم :
المقدسي ، والمنذري ، وابن القيم ، وابن كثير !
وقد اتصلت فوراً بفضيلته وسألته عن سبب هذه القسوة في الرد علي ؟ فقال بالحرف الواحد :
كان هذا قبل أن نعرفك ؛ ثم تلطف معي كثيرًا وقال :
إن كثيراً من المتسرعين ممن نشئوا في هذا العلم يردون على كبار الحفاظ دون تريث وروية ؛ وأما
أنت فإذا أصابك شيء من رشاش
كلامي فهي كالعملية الجراحية التي تسدد خطاك التي نرى فيها السداد – إن شاء الله – يستمر معك دائماً
، وأنا أستفيد من ملاحظاتك ،ورجاع للحق إذا اتضح لي .
وقد كنت أخبرت فضيلته بأن حافظاًً مثل البوصيري في ( إتحاف الخيرة المهرة ) – المطبوع المسند
برقم ( 8460 ) ومختصره برقم ( 7044 ) – قد جزم بأنه يونس بن خباب لا يونس بن يزيد !
فرد فضيلته قائلاً : إن الهيثمي ، والبوصيري ، وابن حجر ، كل هؤلاء نشئوا في هذا العلم ، ولم يصلوا
إلى ما وصل إليه أولئك الحفاظ الكبار .
ثم وقفت – بحمد الله تعالى وتوفيقه ومنه – على حافظ كبير ؛ بل هو إمام النقاد الحافظ الدارقطني الذي
جزم بأن يونس هذا إنما هو ابن خباب كما بين ذلك بالتفصيل في ( العلل ) 11 / 188 – 190 رقم 2213
– فحمدت الله كثيراً على هذا التوفيق ، وعلمت يقيناً- لا ظناً- بأن البحث والتنقيب في بطون الكتب
والمصنفات هي السبيل الأمثل لمعرفة الصواب في هذه الأمور ؛ وهكذا يضاف الدارقطني
- الذي هو أقدم وأعلم من جميع الحفاظ الذين ذكرهم الألباني بلا ريب - إلى قائمة المضعفين لهذا
الحديث ، مع الهيثمي ، والبزار ، والبوصيري ، وعلي رضا- ولا فخر – ويظل الإسناد
ضعيفاً جدًا ، فينقل من ( الصحيحة السادسة ) إلى ( الضعيفة السادسة)
أو غيرها من كتب شيخنا رحمه الله .
وقد أطلعت أخانا علي الحلبي على كلام الدارقطني ، فلعله أبلغ شيخنا بذلك ، والله أعلم .
تنبيه : في الحديث علة أخرى ، وهي الوقف على أبي هريرة رضي الله عنه : كذلك أخرجه
الطيالسي في ( المسند ) برقم 2579
بإسناد قال عنه البوصيري نفسه : على شرط مسلم – المخطوط 3 / 23 – وقال عن الرواية
المرفوعة : أبو يعلى والبزار بسند ضعيف لضعف يونس بن خباب .
وأقول : هو على شرط مسلم مع صحة السند ، ولله الحمد ، فإذا قلنا بأن له حكم الرفع ؛ لأنه مما لا
يقال بالرأي ، فيكون حديثاً صحيحاً على شرط مسلم ، ولكن بلفظ : ( من قال : أسأل الله الجنة سبعاً
، قالت الجنة : اللهم ! أدخله الجنة ، ومن استعاذ من النار
سبعاً ، قالت النار : اللهم ! أعذه مني ) .
وهذه فائدة عزيزة جداً ، فلله الحمد عدد خلقه ، ورضاء نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته .
وقد ذكرت في ( صفة الجنة ) برقم ( 67 ) أن الحديث بلفظ : ( ما سأل رجل الجنة ثلاث مرات إلا
قالت الجنة : اللهم ! أدخله الجنة ، ولا استجار من النار إلا قالت : اللهم ! أجره مني ) قد صح من
رواية أنس بن مالك رضي الله عنه ، فمن أراد الزيادة فعليه بمراجعة المصدر السابق غير مأمور.
هذه المقالة أعيدها من أجل تبيان حقيقة هذا الذي رد علي بكل ظلم
وتجنٍ ؛ معرضاً تمام الإعراض عن ثناء شيخنا المحدث الألباني
رحمه الله تعالى عليّ في ( الصحيحة السابعة ) بعد أن أطلعته على
تحقيقاتي وتأليفاتي وردودي التي كنت أبعث بها إلى فضيلته عن
طريق بعض إخواننا ، وبعضها مما أرسلته بالفاكس : مما جعله بحمد
الله تعالى يقول كلمته التي أعتبرها خيراً من عشرات الرسائل
الجامعية التي يحصلها كثير ممن لا علم لهم في هذا الفن الشريف إلا
التحويش والتقميش !!
فقد ذكر فضيلته في 7/القسم الثاني / ص1174 ( علي رضا ) بشيء
لم ينل مثله هذا الحسود وإخوانه ؛ فاستعظموا نعمة الله تعالى على بعض
عباده ، وأخذوا يجمعون بعض عبارات شيخنا التي ما زادتني بحمد
الله تعالى إلا بصيرة وعافية وتوفيقاً بإذنه تعالى ( كالعملية الجراحية
التي يخرج بعدها المرء في أحسن صحة وعافية ) ،
وبعض عبارات
شيخنا مقبل الوادعي رحمه الله تعالى الذي لو علم هؤلاء الحسدة أنه
رحمه الله ظل يحدثني في فراش مرضه من جدة حول وهمه الذي
نبهته إليه حول حديث : ( الصلاة في بيت المقدس بألف صلاة وأن من
أهدى له زيتاً يسرج فيه كان كمن أتاه ) وكونه أودعه ( الصحيح
المسند مما ليس في الصحيحين ) قائلاً : سوف نبين هذا الوهم منا
ونعزو فضله إليكم في الطبعة القادمة للكتاب !
ثم الحقيقة هي أنه لا يهمنا أن يقع علي رضا أو غيره في الخطأ والوهم
؛ فهذه طبيعة البشر التي فطرهم الله عليها ؛ إنما المهم هو أن يغلب
صواب الباحث على أوهامه وأخطائه ، وهذا هو ما نالني من فضيلة
شيخنا بحمد الله تعالى ؛ ولهذا قال بعض السلف :
( لا ينبغي لرجل أن يرى نفسه أهلاً لشيء ؛ حتى يسأل من كان أعلم
منه ) 0 ( صفة الفتوى والمفتي والمستفتي ) لابن حمدان بتحقيق
شيخنا الألباني الذي - بحمد الله تعالى - قد سأله علي رضا عن كتاباته
وتحقيقاته وردوده ؛ فأثنى عليها ثناءً عطراً ؛ بل قارنها - لتواضعه مع
صراحته وعدم مجاملته التي يمتاز بها في الحق - بما يكتبه هو
ويحققه ؛ فلله الحمد عدد خلقه ، ورضاء نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد
كلماته 0
نعود لبيان الشاهد من ذكر شيخنا لي بحمد الله تعالى في ( الصحيحة
السابعة ) ص1174 فقد كشف هناك رحمه الله جهل كثير ممن يكتب
ويحقق في الساحة ، ويتعالم ويتشبع بما لم يُعط ، وبين أن أكثرهم عالة
على كتبه هو رحمه الله ؛ فينقلون منها نقلاً دون تمحيص وتدقيق ، بل
تقليداً أعمىً كما يقال ؛ فيقعون حينئذ في التناقض والخلط والخبط !!
لكنه استثنى رحمه الله تعالى ( علي رضا ) من بين هؤلاء ؛
فقال :
( وقد تنبه لهذا كله الأخ علي رضا في تعليقه على ((صفة الجنة))
(ا/81) ؛ فأنصفني جزاه الله خيراً ، ولم يستغل الغفلة كما يفعل كثير
من المبتدعة ، وبعض الحاسدين الحاقدين الجهلة ) 0
وقد يختلف معي رحمه الله تعالى في الحكم على بعض الأحاديث ؛
لكنه يقول كلمة الحق التي يصدع بها كعادته رحمه الله في ( الصحيحة
السابعة ) ص1739 عند الكلام على حديث : ( إذا أبردتم إلي بريداً ؛
فابعثوه حسن الوجه ، حسن الاسم ) 0
فهذا الحديث صححه شيخنا رحمه الله تعالى ، وقد بينت أنه ضعيف
في أحد كتبي ؛ فقال معقباً علي :
( ولقد تجشمت وتكلفت إملاء هذا - على الرغم مما أنا فيه - حينما
رأيتُ الأخ الفاضل ( علي رضا ) ذهب إلى تضعيف الحديث ، معللاً
إياه بعنعنة قتادة ، وحكى هناك تصحيحه عن الهيثمي والسيوطي
والألباني في ((الصحيحة)) (1186) ، وقد كنت خرجته هناك ،
وذكرت له بعض الشواهد ، انتقدني فيها في كتابه الذي هو بعنوان :
(( لا تكذب عليه متعمداً )) ، وقد أهداه إلي جزاه الله خيراً بتاريخ
7/11/1418 ، ومع أنه قد صدر تضعيفه للحديث بقوله (ص49) :
(( من أصعب علوم الحديث : الحكم على المتن ؛ بالرغم من كون
الأسانيد التي روي بها ذلك المتن متعددة وكثيرة ؛ يمكن القول بتقوية الحديث
بها )) !
ثم لا أدري ما الذي حمله على الجزم بضعف الحديث ، وعدم تقويته
بأسانيده المتعددة ، كما هي القاعدة المعروفة في علم المصطلح ؟!
هذا على فرض التسليم بضعف حديث بريدة ؛ فإن ضعفه ليس شديداً ،
وكذلك بعض شواهده التي كنت ذكرتها هناك ، ونقلها هو عني
مضعفاً0
وفي ظني أن الحامل له على مخالفة القاعدة ، توهمه أن الحديث يشبه
بعض الأحاديث الصوفية المنكرة – بل الباطلة – كحديث : (( من
عشق فكتم فمات ؛ مات شهيداً )) !! والواقع أنه لا شيء من ذلك في
هذا الحديث ، بل هو على الجادة التي جاء ذكرها في أحاديث التفاؤل
والنهي عن الطيرة ، ومنها قوله عليه السلام :
(( 00 ويعجبني الفأل الصالح : الكلمة الحسنة )) ؛ رواه الشيخان
وغيرهما ، وسبق تخريجه برقم (786)، وراجع لمزيد الفائدة ((الكلم
الطيب )) (60 – فصل الفال والطيرة / ص1250127- بتخريجي )0
انتهى كلام فضيلة شيخنا المحدث الألباني رحمه الله تعالى ، وليس لي
تعليق عليه إلا بمقدار ما أبين فيه وجهة نظري في تضعيف الحديث
الآنف الذكر : ألا وهي ما بينته في كتابي (( لا تكذب عليه متعمداً ))
من كون شواهده التي أشار إليها فضيلته شديدة الضعف على التحقيق ؛
لأن مدارها على من اتهم بوضع الحديث : ألا وهو عمر بن راشد !
فقد قال أحمد : لا يساوي حديثه شيئاً !
وقال يحيى : ليس بشيء !
وقال ابن حبان : يضع الحديث لا يحل ذكره إلا بالقدح فيه !
ولهذا فالحق والحق أقول :
هذا الحديث أورده ابن الجوزي في (الموضوعات ) 1/248 – أضواء
السلف- فبالغ في ذلك رحمه الله ؛ فإن من حقه أن يكون ضعيفاً فقط ؛
لأن حديث بريدة لا علة فيه سوى عنعنة قتادة ، ولو تنزلنا بقبول
عنعنته كما يقول شيخنا رحمه الله ؛ فكيف وقتادة لا يُعرف له سماع
من عبد الله بن بريدة أصلاً !! انظر ( جامع التحصيل ) ص314
وقد أورد الحديث مؤلفو ( موسوعة الأحاديث والآثار الضعيفة
والموضوعة ) برقم (967 ، 968 ، 1269 ) 0
وإنه لمن فضل الله تعالى علي أن وافقني على هذا شيخنا مقبل الوادعي
في ( أحاديث معلة ظاهرها الصحة ) برقم (40 ) فقال :
هذا الحديث رجاله رجال الصحيح ، ولكن في جامع التحصيل : وقال
الترمذي : قال بعض أهل العلم : لا نعرف لقتادة سماعاً من عبد الله بن
بريدة 0
ولهذا فقد انتقد العلماء هذا الحديث من جهة متنه فأوردوه في كتب
الموضوعات !!
فها هو ابن القيم يورده في ( المنار المنيف ) برقم105 ، ونقلنا لك أيها
القارئ إيراد ابن الجوزي له في( الموضوعات ) ، وابن عراق في
( تنزيه الشريعة ) 1/ 200 ، والسخاوي في ( المقاصد الحسنة )
برقم161 ، والشوكاني في ( الفوائد المجموعة ) برقم 660 ، والفتني
الهندي في ( تذكرة الموضوعات ) برقم 163 وعلي القاري في
( الموضوعات الكبرى ) برقم 417 ، وغيرهم 0
وعلى كل حال كما كان يقول لي شيخنا رحمه الله بعد طول مداولة وبحث معه : ( ولكل وجهة هو
موليها فاستبقوا الخيرات )
ويعطيك الله العافية 0
وأنا أقول : وأنت فجزاك الله خيراً عن الإسلام والمسلمين ، وجمعني بك مع ( الذين أنعم الله عليهم من
النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) 0
وإتماماً لإلقام ( البحر الذي زخر) ومن هم على بابته من الحساد والمبغضين ( بأكبر حجر ) أقول :
هذه دراسة حديثية تؤكد للقراء صواب ( علي رضا ) وموافقته للحفاظ الكبار في ذكر اسم رجل يدور
عليه حديث : ( ما استجار عبد من النار 000 ) الذي انتقدني فيه شيخنا ، ولو قدر له رحمه الله تعالى
الاطلاع عليه لتغير حكمه نهائياً في المسألة 0
(( دراسات علمية مع شيخنا الألباني ))2-3
اقترح علي بعض المشايخ أن أجعل اسم هذه الحلقات - كما ترون - بدلاً من كلمة : خواطر؛ لاستخدام
الحزبيين لها ؛ فأجبته لذلك لما في مخالفة هؤلاء القوم من الفوائد !
فمن الدراسات الجيدة مع فضيلة شيخنا الألباني ما دار بيني وبينه – رحمه الله – حول حديث : ( ما
استجار عبد من النار سبع مرات في اليوم إلا قالت النار : يارب ! إن عبدك فلاناً قد استجارك مني
فأجره ، ولا يسأل الله عبد الجنة في يوم سبع مرات إلا قلت الجنة : يا رب ! إن عبدك فلاناً سألني
فادخله الجنة ) .
فقد ذهبت إلى تضعيف سنده في ( صفة الجنة ) لأبي نعيم الأصبهاني رقم ( 67 ) ؛ لأن مداره على :
يونس بن خباب ،وهو منكر الحديث كما قال البخاري ؛ بل قال الجوزجاني : كذاب مفتر ! ( صفة الجنة
) رقم ( 68 ) .
ثم وقفت – بعد ذلك – على تصحيح شيخنا للحديث في ( الصحيحة السادسة ) رقم ( 2506 ) ؛ إذ
رجح رحمه الله أن يونس الذي
في إسناد أبي يعلى – المسند 11/ 54 رقم 6192 – إنما هو ابن يزيد الأيلي ، قال : ( لأن جرير بن
حازم من المعروف أنه يروي عن يونس بن يزيد الأيلي كما تقدم ، فهذا هو ملحظ أولئك الحفاظ الذين
صرحوا بصحة الحديث ، وأنه على شرط الشيخين ) .
ثم تكلم فضيلته على (علي رضا ) باعتبار أنه تسرع ورد على الحفاظ الذين صححوا الحديث ، وهم :
المقدسي ، والمنذري ، وابن القيم ، وابن كثير !
وقد اتصلت فوراً بفضيلته وسألته عن سبب هذه القسوة في الرد علي ؟ فقال بالحرف الواحد :
كان هذا قبل أن نعرفك ؛ ثم تلطف معي كثيرًا وقال :
إن كثيراً من المتسرعين ممن نشئوا في هذا العلم يردون على كبار الحفاظ دون تريث وروية ؛ وأما
أنت فإذا أصابك شيء من رشاش
كلامي فهي كالعملية الجراحية التي تسدد خطاك التي نرى فيها السداد – إن شاء الله – يستمر معك دائماً
، وأنا أستفيد من ملاحظاتك ،ورجاع للحق إذا اتضح لي .
وقد كنت أخبرت فضيلته بأن حافظاًً مثل البوصيري في ( إتحاف الخيرة المهرة ) – المطبوع المسند
برقم ( 8460 ) ومختصره برقم ( 7044 ) – قد جزم بأنه يونس بن خباب لا يونس بن يزيد !
فرد فضيلته قائلاً : إن الهيثمي ، والبوصيري ، وابن حجر ، كل هؤلاء نشئوا في هذا العلم ، ولم يصلوا
إلى ما وصل إليه أولئك الحفاظ الكبار .
ثم وقفت – بحمد الله تعالى وتوفيقه ومنه – على حافظ كبير ؛ بل هو إمام النقاد الحافظ الدارقطني الذي
جزم بأن يونس هذا إنما هو ابن خباب كما بين ذلك بالتفصيل في ( العلل ) 11 / 188 – 190 رقم 2213
– فحمدت الله كثيراً على هذا التوفيق ، وعلمت يقيناً- لا ظناً- بأن البحث والتنقيب في بطون الكتب
والمصنفات هي السبيل الأمثل لمعرفة الصواب في هذه الأمور ؛ وهكذا يضاف الدارقطني
- الذي هو أقدم وأعلم من جميع الحفاظ الذين ذكرهم الألباني بلا ريب - إلى قائمة المضعفين لهذا
الحديث ، مع الهيثمي ، والبزار ، والبوصيري ، وعلي رضا- ولا فخر – ويظل الإسناد
ضعيفاً جدًا ، فينقل من ( الصحيحة السادسة ) إلى ( الضعيفة السادسة)
أو غيرها من كتب شيخنا رحمه الله .
وقد أطلعت أخانا علي الحلبي على كلام الدارقطني ، فلعله أبلغ شيخنا بذلك ، والله أعلم .
تنبيه : في الحديث علة أخرى ، وهي الوقف على أبي هريرة رضي الله عنه : كذلك أخرجه
الطيالسي في ( المسند ) برقم 2579
بإسناد قال عنه البوصيري نفسه : على شرط مسلم – المخطوط 3 / 23 – وقال عن الرواية
المرفوعة : أبو يعلى والبزار بسند ضعيف لضعف يونس بن خباب .
وأقول : هو على شرط مسلم مع صحة السند ، ولله الحمد ، فإذا قلنا بأن له حكم الرفع ؛ لأنه مما لا
يقال بالرأي ، فيكون حديثاً صحيحاً على شرط مسلم ، ولكن بلفظ : ( من قال : أسأل الله الجنة سبعاً
، قالت الجنة : اللهم ! أدخله الجنة ، ومن استعاذ من النار
سبعاً ، قالت النار : اللهم ! أعذه مني ) .
وهذه فائدة عزيزة جداً ، فلله الحمد عدد خلقه ، ورضاء نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته .
وقد ذكرت في ( صفة الجنة ) برقم ( 67 ) أن الحديث بلفظ : ( ما سأل رجل الجنة ثلاث مرات إلا
قالت الجنة : اللهم ! أدخله الجنة ، ولا استجار من النار إلا قالت : اللهم ! أجره مني ) قد صح من
رواية أنس بن مالك رضي الله عنه ، فمن أراد الزيادة فعليه بمراجعة المصدر السابق غير مأمور.