محب الأثري
05-15-2004, 11:27 PM
ردود على أغاليط.. المرشد الجديد للاخوان المسلمين التوحيد لا يسبقه أولية.. والسلفية ليست مذهباً خامساً جديدا
الشيخ موسى بن عبدالله آل عبدالعزيز
نشرت مجلة المصور - المصرية - مقابلة مع المرشد الجديد لحزب الاخوان المسلمين الأستاذ محمد مهدي بن عاكف - وفقنا الله وإياه - إلى دعوة التوحيد ليهدي بها من ضل عنها من المسلمين أجمعين - آمين -، وذلك تحت عنوان "مواجهة مع مرشد الاخوان.." في عددها: 4145، وتاريخ: 1425/1/28ه، وتناول في هذه المقابلة عدة قضايا دعوية.. ومن ضمنها صراع الاخوان المسلمين مع الوهابية "..!!".. وهو موضع الرد عليه.. وعند النظر في طرح المرشد.. وجدنا عدة أغاليط ظاهرة وتأويلها في غير محلها.. من المصادر التي تلقاها.. وذلك على إمام جدد معالم ما اندرس من التوحيد - في هذا العصر - دعوة الرسل ورسالة الإسلام.. وهو شيخنا الفاضل سماحة مفتي المملكة العربية السعودية - السابق - العلامة عبدالعزيز بن عبدالله آل باز - رحمه الله - وجزاه الله عنا وعن الإسلام خير الجزاء، وكان حري به ألا يقول قولة تتعلق بالآخرين، إلا أن تكون موثقة من مصادرها، أو يشير إلى ما يوافق قوله من المصادر العلمية لتراث هذا الإمام الحبر.. وهي منشورة بين الملأ - ولله الحمد والمنة -.
وحيث إن الواجب على من هو مثلي وقد سمع من الشيخ - رحمه الله - وتلقى منه ولازمه سنين عدة، أن يذب عن الحق الذي دعا إليه.. وذلك نصرة لدعوة التوحيد وليس تعصباً للاشخاص.. لذلك رأيت الرد على تلكم الأغاليط في عدة وقفات حسب الأسئلة وجوابه عليها:
1- سؤال مجلة المصور: هناك تصريح لأحد مشايخ السعودية "..!!" ربط بين الوهابية والاخوان - ما العلاقة بينهما -!!؟
وكان الجواب المرشد - وفقه الله للخير - أن ابن باز تحدث عن الاخوان حديثاً طيباً ذكر فيه بعض الاختلافات بيننا وبينهم، ثم قال أدعوكم أن تكونوا من "الاخوان".
أولاً: لا يهم معرفة من الذي ربط بين الاخوان المسلمين ودعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله -، ولكن المهم بيانه أنه غير مطلع على ما يعتقده الاخوان المسلمون فإذا كان على علم فإنه متأثر بهم - قطعاً - وفيه "نظر.." فهذا الربط يفتقد إلى الدليل بإسناديه "النصي" و"الفقهي"، فلا يعتد بهذا الربط - البتة -. والموقف "الشرعي" لعلماء المملكة المعتد بعلمهم ومرجعيتهم لا يربطون بين الدعوتين لا - قديماً - ولا - حديثاً.
وأما الموقف "السياسي" فهو أشهر من أن يذكر.. فالمؤسس لهذه الدولة الملك المصلح عبدالعزيز - رحمه الله - رفض طلب الأستاذ حسن البنا - رحمه الله - في حواره معه، أن يكون للاخوان المسلمين مكاتب في المملكة وهذا مشهور - تاريخياً -.. وفيه دليل أن ولاة الأمر - جزاهم الله خيراً - قديماً وحديثاً يناصرون دعوة التوحيد الخالي من كل شائبة، كما قال الملك عبدالعزيز - رحمه الله -: "اننا لا نبغي من وراء كل عمل نعمله، إلا مرضاة الله، وليس لنا في هذه الدنيا أمنية، سوى نشر التوحيد الخالص من كل شائبة وبدعة، فنحن دعاة للتوحيد، ليس إلا،..". (نُشر في أم القرى عدد 236في عام 1348ه).
ثانياً: الإمام ابن باز - رحمه الله - على منهج أهل الحديث، مدرسة الجرح والتعديل لعقائد الطوائف والرجال.. وهي التي تحمل أسانيد الإسلام دراية ورواية - نصاً وفقهاً -، بدأ من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى آثار الصحابة، ومن تبعهم بإحسان من أئمة الإسلام.. وليس من ثوابت هذه المدرسة موازانات تعدل كل من تعلق بالبدع ودعا إليها أو سكت عنها. ولكنها - قطعاً - تنصف الطوائف في جزئياتها التي توافق الحق، في مجال التفريق بين الفرق وعقائدها، وهذا الإنصاف من المنهج لا يُعد تعديلاً البتة!، وأما حكمه على الاخوان المسلمين، فقد سئل - عنهم! - فقال - رحمه الله -: حركة "الاخوان المسلمون". دخلت المملكة منذ فترة، وأصبح لها نشاط واضح بين طلبة العلم، ما رأيكم في هذه الحركة؟،
وما مدى توافقها مع منهج السنة والجماعة؟
الجواب: حركة الاخوان المسلمين ينتقدها خواص أهل العلم، لأنه ليس عندهم نشاط في الدعوة إلى التوحيد، وانكار الشرك، وانكار البدع. لهم أساليب خاصة، ينقصها: عدم النشاط في الدعوة إلى الله، ودعم التوجيه إلى العقيدة الصحيحة، التي عليها أهل السنة والجماعة. فينبغي للاخوان المسلمين أن تكون عندهم عناية بالدعوة السلفية: الدعوة إلى توحيد الله، وانكار عبادة القبور والتعلق بالأموات، والاستغاثة بأهل القبور، كالحسن، أو الحسين أو البدوي، أو ما أشبه ذلك. يجب أن تكون عندهم عناية بهذا الأصل الأصيل بمعنى (لا إله إلا الله) التي هي أصل الدين، وأول ما دعا إليه النبي في مكة دعا إلى توحيد الله، إلى معنى (لا إله إلا الله). فكثير من أهل العلم ينتقدون على الاخوان المسلمين هذا الأمر، أي: عدم النشاط في الدعوة إلى توحيد الله، والإخلاص له، وانكار ما أحدثه الجهال من التعلق بالأموات، والاستغاثة بهم، والنذر لهم، والذبح لهم، الذي هو الشرك الأكبر، كذلك ينتقدون عليهم عدم العناية بالسنة: تتبع السنة، والعناية بالحديث الشريف، وما كان عليه سلف الأمة في أحكامهم الشرعية. وهناك أشياء كثيرة أسمع الكثير من الاخوان ينتقدونهم فيها. ونسأل الله أن يوفقهم" ا. ه. (م
جلة المجلة العدد 806، ص: 24، تاريخ 1416/2/25ه).
وسئُل - رحمه الله -: أحسن إليك حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في افتراق الأمم قوله: "ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة إلا واحدة.." (الحديث). فهل جماعة التبليغ على ما عندهم من شركيات وبدع، وجماعة الاخوان المسلمين، على ما عندهم من تحزب وشق العصا.. هل هاتان الفرقتان تدخلان (في الفرق الهالكة)..؟!
الجواب: تدخل في الثنتين والسبعين، ومن خالف عقيدة أهل السنة دخل في الثنتين، المراد بقوله: "أمتي.." أي: "أمة الإجابة، استجابوا له وأظهروا اتباعهم له، ثلاث وسبعين فرقة، الناجية السليمة التي اتبعته واستقامت على دينه، واثنتان وسبعون فرقة فيهم الكافر وفيهم العاصي وفيهم المبتدع أقسام.." ا. ه (عن شريط في درس شرح المتنقى في مدينة الطائف، وهو مسجل قبل وفاته - رحمه الله بسنتين أو تنقصان قليلاً - نقلاً عن المجلة السلفية العدد السابع -..).
وفي جوابه - رحمه الله - آنف الذكر رد على قول المرشد الجديد: "ذاكراً بعض الاختلافات بيننا وبينهم.." ا. ه.
فهذه الاختلافات أصولية - عقدية - وليست في الفروع أو يعذر بعضنا بعضاً فيها كما هي قاعدة الاخوان المسلمين التي تقول: نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفناأما عن قول الإمام ابن باز - إن ثبت ذلك - : أدعوكم أن تكونوا من الإخوان، فبعد هذا السياق من النصوص التي سطرها عن الإخوان المسلمين، ليس له وجه البتة، الا أن يكون هذا القول تأويلا لقوله - عليه الصلاة والسلام -: ".. ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا" الحديث (متفق عليه).. وهو ذم منه - رحمه الله - للفرقة التي أحدثها الإخوان المسلمين في منازعة الحكام وتحزيب الجماعات.. وصرفوا الدعاة عن سبيل الدعوة إلى التوحيد بنوع مبتدع وهو توحيد الحاكمية.. والحاكمية جزء من توحيد الالوهية وليست نوعا رابعا من أنواع التوحيد.. فزادت هذه الدعوة المذاهب والأحزاب أرقاما جديدة وزادت الأمة مآزق وظلمات بعضها فوق بعض.
سؤال مجلة المصور: كيف تر الوهابية؟
وكان جواب المرشد الجديد: المذهب السلفي الذي أسسه محمد بن عبدالوهاب هو مذهب معني جدا بتصفية التوحيد من الصوفية والبدع.
في هذا الجواب من المرشد - سدده الله - حق وأغاليط ربما وقع فيها من غير قصد أو من سوء مصادره.. أولا: قوله المذهب السلفي الذي أسسه محمد بن عبدالوهاب.. فيه تلبيس فالمنهج السلفي الذي أسسه هو الله ودعا اليه رسوله.. كما في قوله تعالى {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم} (التوبة 100) وقوله - عليه الصلاة والسلام: "ما أنا عليه اليوم وأصحابي" فقوله - تعالى - {والسابقون}، فالسابق في اللسان يعني السلف كما في قوله - عليه الصلاة والسلام - "يذهب الصالحون أسلافاً ويبقى حثالة كحثالة الشعير" (متفق عليه) وقوله: {باحسان} بمعنى المثلية.. كما في آيات أخر.. فالباء قبل {إحسان} للمصاحبة وهي شرطة، لا تقبل التبعيض والتجزئة.
فالمذهب السلفي.. لم يؤسسه الإمام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - وإنما جدده، فهو لم يأت بمذهب خامس جديد كما ذكر ذلك عن دعوته، وكما حرر ذلك علماء أفاضل منصفون من علماء الدعوة، من داخل المملكة ومن خارجها، واليك شذرات من أقواله.
عرف الإمام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - وقال وفيها: "عقيدتي، وديني الذي أدين به، مذهب أهل السنة والجماعة، الذي عليه أئمة المسلمين، مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم، إلى يوم القيامة، لكني بينت للناس إخلاص الدين لله، ونهيتهم عن دعوة الأنبياء والأموات، من الصالحين، وغيرهم، وعن أشراكهم فيما يعبد الله به، من الذبح، والنذر، والتوكل، والسجود، وغير ذلك مما هو حق الله، الذي لا يشركه فيه ملك مقرب، ولا نبي مرسل، وهو الذي دعت اليه الرسل، من أولهم إلى آخرهم، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة" (الدرر، ج/1، ص 64).
وقد كرر ذلك شيخنا الإمام ابن باز - رحمه الله - في كثير من أقواله، وهذه واحدة منها: "وليست الوهابية مذهباً خامساً كما يزعمه الجاهلون والمغرضون وإنما هي دعوة إلى العقيدة السلفية وتجديد لما درس من معالم الإسلام والتوحيد.." (فتاوى ومقالات متنوعة لابن باز 1306/3).
ويقول الملك المصلح عبدالعزيز - رحمه الله تعالى: "يسموننا بالوهابية ويسمون مذهبنا "الوهابي" باعتبار أنه مذهب خاص، وهذا خطأ فاحش نشأ عن الدعايات الكاذبة التي يبثها أهل الأغراض، نحن لسنا أصحاب مذهب جديد أو عقيدة جديدة، ولم يأت محمد بن عبدالوهاب بالجديد فعقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله وما كان عليه السلف الصالح، هذه العقيدة هي التي قام شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب يدعو إليها وهذه هي عقيدتنا وهي عقيدة مبنية على توحيد الله - عز وجل - خالصة من كل شائبة منزهة من كل بدعة فهذه العقيدة هي التي ندعو إليها" أ.ه (نقلا عن المجلة السلفية العدد الخامس).
ويقول محدث العصر الشيخ ناصر الدين الألباني ثم الشامي - رحمه الله - عن الإمام ابن عبدالوهاب، فلابد أن نعلم أن محمد بن عبدالوهاب كان "سلفياً" في العقيدة، وله الفضل الأول بعد شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمهم الله جميعاً - في نشر دعوة "التوحيد!" في العالم الإسلامي بصورة عامة، والبلاد النجدية والحجازية فيما بعد بصورة خاصة، ويعود الفضل إليه بعد ابن تيمية) انتهى (عن كتاب دفع التحريش..).
أما قول المرشد: وهو مذهب معني - جدا - بتصفية التوحيد من الصوفية والبدع، فهذا قول فيه الحق الكثير ولكن فيه بعض التلبيس، حيث أنه فرق بين الصوفية والبدع وهي أم لها.. وليس المذهب معني - فقط! بتصفية التوحيد من الصوفية. بل من مقالات العقلانيين وأهل الكلام من تلامذة الفلاسفة افراخ اليونان كما قال ابن حزم.
سؤال لمجلة المصور: هل تراه ملائماً؟
- وكان جواب المرشد لو خضع لمقتضايات العصر فليس معقولاً أن أعيش فقط لمحاربة الصوفية، والقضاء على البدع" أ.ه
أقول: هذه تخطئة لمنهج الأنبياء والرسل على وجه الإطلاق من أولهم نوح إلى آخرهم وخاتمهم نبينا محمد - صلى الله عليهم وسلم - فنوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما لم يدع إلا للتوحيد أتراه كان على منهج غير سوي لم يخضع لمقتضيات عصره.. وهو مؤيد برسالة من الله.. فكيف يكون ذلك كذلك، والفلك التي نجا فيها صنعها بأعين الله.. أفلا يكون من الأولية أن تكون الدعوة إلى التوحيد - خصوصاً - توحيد الالهية بعناية الله.
ونسأل المرشد الجديد.. ماهي مقتضيات العصر وأولياته هل هي الصراع على السلطة ومنازعة الحكام - أمرهم! - والكيد لهم بأساليب الخروج باسم الخلافة، وتأليب الرعاع عليهم أليس توحيد العبودية، رأس الحكم الذي أنزله الله.. أم أن مقتضيات العصر تتطلب الصراع مع العدو الخارجي، وحينئذ نقول كيف نكون في هذا الصراع.. بسلاح أم بدون سلاح.. قال الإمام الألباني - رحمه الله - معلوم بداهة أن الله لا يعني أن ننصره على عدوه، وعدونا، بجيوشنا أو أساطيلنا، وقواتنا المادية.. كلا، إن الله - عز وجل - غالب على أمره، فهو ليس بحاجة إلى أن ينصره أحد نصرا ماديا، هذا أمر معروف بديهيا، لذلك كان معنى {إن تنصروا الله} اي: إن تتبعوا أحكام الله الشرعية، فذلكم نصركم لله - تبارك وتعالى!.. لذلك فنصر الله الموعود به من ينصره، يقوم على معرفة الإسلام اولا، معرفة صحيحة، كما جاء في القرآن والسنة، على فهم سلف الأمة! ثم على العمل به ثانيا، ه (عن منازعة الحكام ليست حلا لنهوض الاسلام، المجلة السلفية عدد9).. لذلك نصر الله نوحا ومن آمن معه بالطوفان، ونصر موسى وقومه على فرعون باغراق فرعون وجنوده في اليم بدون سلاح مادي يملكونه بأيديهم الخ.. فأول الأحكام الشرعية في التطب
يق أن لا تتخذ القبور مساجد ولا يعظم الأولياء بما ليس لهم ولا من حقهم كدعائهم من دون الله.
أما بالنسبة للدعوة السلفية فهي تعمل في النهار ولو كانت غير ذلك وأنها تتلقى دعماً من مؤسسات لا تعتني بالدعوة، ولو بعشر ما قدمه المسلمون المنخدعون بمشروع البدع في أفغانستان.. الذي طرحه الاخوان المسلمون، ثم رجعوا ليطاعنوا من قدم لهم المساعدة، ولما وصل المسلمون إلى هذه المآزق التي لن يخرجوا منها الا بما ذكرناه آنفاً.. واني سأدعو الله لك في سجودي، لأن يوفقك لحمل هذه الرسالة مع "إخوانك" من غير جماعتك. الذين يدعون بها ليصلح بك الله من شاء ممن ضل من قومك، وأن تعدل منهج جماعتك، وهذا حظ عظيم لم ينله أحد من أسلافك المرشدين.. قال الله - تعالى: {ولكل قوم هاد}.. وصلى الله وبارك على نبينا محمد وآله وسلم والحمد لله الهادي إلى سواء السبيل 1425/2/4ه .
الشيخ موسى بن عبدالله آل عبدالعزيز
نشرت مجلة المصور - المصرية - مقابلة مع المرشد الجديد لحزب الاخوان المسلمين الأستاذ محمد مهدي بن عاكف - وفقنا الله وإياه - إلى دعوة التوحيد ليهدي بها من ضل عنها من المسلمين أجمعين - آمين -، وذلك تحت عنوان "مواجهة مع مرشد الاخوان.." في عددها: 4145، وتاريخ: 1425/1/28ه، وتناول في هذه المقابلة عدة قضايا دعوية.. ومن ضمنها صراع الاخوان المسلمين مع الوهابية "..!!".. وهو موضع الرد عليه.. وعند النظر في طرح المرشد.. وجدنا عدة أغاليط ظاهرة وتأويلها في غير محلها.. من المصادر التي تلقاها.. وذلك على إمام جدد معالم ما اندرس من التوحيد - في هذا العصر - دعوة الرسل ورسالة الإسلام.. وهو شيخنا الفاضل سماحة مفتي المملكة العربية السعودية - السابق - العلامة عبدالعزيز بن عبدالله آل باز - رحمه الله - وجزاه الله عنا وعن الإسلام خير الجزاء، وكان حري به ألا يقول قولة تتعلق بالآخرين، إلا أن تكون موثقة من مصادرها، أو يشير إلى ما يوافق قوله من المصادر العلمية لتراث هذا الإمام الحبر.. وهي منشورة بين الملأ - ولله الحمد والمنة -.
وحيث إن الواجب على من هو مثلي وقد سمع من الشيخ - رحمه الله - وتلقى منه ولازمه سنين عدة، أن يذب عن الحق الذي دعا إليه.. وذلك نصرة لدعوة التوحيد وليس تعصباً للاشخاص.. لذلك رأيت الرد على تلكم الأغاليط في عدة وقفات حسب الأسئلة وجوابه عليها:
1- سؤال مجلة المصور: هناك تصريح لأحد مشايخ السعودية "..!!" ربط بين الوهابية والاخوان - ما العلاقة بينهما -!!؟
وكان الجواب المرشد - وفقه الله للخير - أن ابن باز تحدث عن الاخوان حديثاً طيباً ذكر فيه بعض الاختلافات بيننا وبينهم، ثم قال أدعوكم أن تكونوا من "الاخوان".
أولاً: لا يهم معرفة من الذي ربط بين الاخوان المسلمين ودعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله -، ولكن المهم بيانه أنه غير مطلع على ما يعتقده الاخوان المسلمون فإذا كان على علم فإنه متأثر بهم - قطعاً - وفيه "نظر.." فهذا الربط يفتقد إلى الدليل بإسناديه "النصي" و"الفقهي"، فلا يعتد بهذا الربط - البتة -. والموقف "الشرعي" لعلماء المملكة المعتد بعلمهم ومرجعيتهم لا يربطون بين الدعوتين لا - قديماً - ولا - حديثاً.
وأما الموقف "السياسي" فهو أشهر من أن يذكر.. فالمؤسس لهذه الدولة الملك المصلح عبدالعزيز - رحمه الله - رفض طلب الأستاذ حسن البنا - رحمه الله - في حواره معه، أن يكون للاخوان المسلمين مكاتب في المملكة وهذا مشهور - تاريخياً -.. وفيه دليل أن ولاة الأمر - جزاهم الله خيراً - قديماً وحديثاً يناصرون دعوة التوحيد الخالي من كل شائبة، كما قال الملك عبدالعزيز - رحمه الله -: "اننا لا نبغي من وراء كل عمل نعمله، إلا مرضاة الله، وليس لنا في هذه الدنيا أمنية، سوى نشر التوحيد الخالص من كل شائبة وبدعة، فنحن دعاة للتوحيد، ليس إلا،..". (نُشر في أم القرى عدد 236في عام 1348ه).
ثانياً: الإمام ابن باز - رحمه الله - على منهج أهل الحديث، مدرسة الجرح والتعديل لعقائد الطوائف والرجال.. وهي التي تحمل أسانيد الإسلام دراية ورواية - نصاً وفقهاً -، بدأ من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى آثار الصحابة، ومن تبعهم بإحسان من أئمة الإسلام.. وليس من ثوابت هذه المدرسة موازانات تعدل كل من تعلق بالبدع ودعا إليها أو سكت عنها. ولكنها - قطعاً - تنصف الطوائف في جزئياتها التي توافق الحق، في مجال التفريق بين الفرق وعقائدها، وهذا الإنصاف من المنهج لا يُعد تعديلاً البتة!، وأما حكمه على الاخوان المسلمين، فقد سئل - عنهم! - فقال - رحمه الله -: حركة "الاخوان المسلمون". دخلت المملكة منذ فترة، وأصبح لها نشاط واضح بين طلبة العلم، ما رأيكم في هذه الحركة؟،
وما مدى توافقها مع منهج السنة والجماعة؟
الجواب: حركة الاخوان المسلمين ينتقدها خواص أهل العلم، لأنه ليس عندهم نشاط في الدعوة إلى التوحيد، وانكار الشرك، وانكار البدع. لهم أساليب خاصة، ينقصها: عدم النشاط في الدعوة إلى الله، ودعم التوجيه إلى العقيدة الصحيحة، التي عليها أهل السنة والجماعة. فينبغي للاخوان المسلمين أن تكون عندهم عناية بالدعوة السلفية: الدعوة إلى توحيد الله، وانكار عبادة القبور والتعلق بالأموات، والاستغاثة بأهل القبور، كالحسن، أو الحسين أو البدوي، أو ما أشبه ذلك. يجب أن تكون عندهم عناية بهذا الأصل الأصيل بمعنى (لا إله إلا الله) التي هي أصل الدين، وأول ما دعا إليه النبي في مكة دعا إلى توحيد الله، إلى معنى (لا إله إلا الله). فكثير من أهل العلم ينتقدون على الاخوان المسلمين هذا الأمر، أي: عدم النشاط في الدعوة إلى توحيد الله، والإخلاص له، وانكار ما أحدثه الجهال من التعلق بالأموات، والاستغاثة بهم، والنذر لهم، والذبح لهم، الذي هو الشرك الأكبر، كذلك ينتقدون عليهم عدم العناية بالسنة: تتبع السنة، والعناية بالحديث الشريف، وما كان عليه سلف الأمة في أحكامهم الشرعية. وهناك أشياء كثيرة أسمع الكثير من الاخوان ينتقدونهم فيها. ونسأل الله أن يوفقهم" ا. ه. (م
جلة المجلة العدد 806، ص: 24، تاريخ 1416/2/25ه).
وسئُل - رحمه الله -: أحسن إليك حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في افتراق الأمم قوله: "ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة إلا واحدة.." (الحديث). فهل جماعة التبليغ على ما عندهم من شركيات وبدع، وجماعة الاخوان المسلمين، على ما عندهم من تحزب وشق العصا.. هل هاتان الفرقتان تدخلان (في الفرق الهالكة)..؟!
الجواب: تدخل في الثنتين والسبعين، ومن خالف عقيدة أهل السنة دخل في الثنتين، المراد بقوله: "أمتي.." أي: "أمة الإجابة، استجابوا له وأظهروا اتباعهم له، ثلاث وسبعين فرقة، الناجية السليمة التي اتبعته واستقامت على دينه، واثنتان وسبعون فرقة فيهم الكافر وفيهم العاصي وفيهم المبتدع أقسام.." ا. ه (عن شريط في درس شرح المتنقى في مدينة الطائف، وهو مسجل قبل وفاته - رحمه الله بسنتين أو تنقصان قليلاً - نقلاً عن المجلة السلفية العدد السابع -..).
وفي جوابه - رحمه الله - آنف الذكر رد على قول المرشد الجديد: "ذاكراً بعض الاختلافات بيننا وبينهم.." ا. ه.
فهذه الاختلافات أصولية - عقدية - وليست في الفروع أو يعذر بعضنا بعضاً فيها كما هي قاعدة الاخوان المسلمين التي تقول: نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفناأما عن قول الإمام ابن باز - إن ثبت ذلك - : أدعوكم أن تكونوا من الإخوان، فبعد هذا السياق من النصوص التي سطرها عن الإخوان المسلمين، ليس له وجه البتة، الا أن يكون هذا القول تأويلا لقوله - عليه الصلاة والسلام -: ".. ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا" الحديث (متفق عليه).. وهو ذم منه - رحمه الله - للفرقة التي أحدثها الإخوان المسلمين في منازعة الحكام وتحزيب الجماعات.. وصرفوا الدعاة عن سبيل الدعوة إلى التوحيد بنوع مبتدع وهو توحيد الحاكمية.. والحاكمية جزء من توحيد الالوهية وليست نوعا رابعا من أنواع التوحيد.. فزادت هذه الدعوة المذاهب والأحزاب أرقاما جديدة وزادت الأمة مآزق وظلمات بعضها فوق بعض.
سؤال مجلة المصور: كيف تر الوهابية؟
وكان جواب المرشد الجديد: المذهب السلفي الذي أسسه محمد بن عبدالوهاب هو مذهب معني جدا بتصفية التوحيد من الصوفية والبدع.
في هذا الجواب من المرشد - سدده الله - حق وأغاليط ربما وقع فيها من غير قصد أو من سوء مصادره.. أولا: قوله المذهب السلفي الذي أسسه محمد بن عبدالوهاب.. فيه تلبيس فالمنهج السلفي الذي أسسه هو الله ودعا اليه رسوله.. كما في قوله تعالى {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم} (التوبة 100) وقوله - عليه الصلاة والسلام: "ما أنا عليه اليوم وأصحابي" فقوله - تعالى - {والسابقون}، فالسابق في اللسان يعني السلف كما في قوله - عليه الصلاة والسلام - "يذهب الصالحون أسلافاً ويبقى حثالة كحثالة الشعير" (متفق عليه) وقوله: {باحسان} بمعنى المثلية.. كما في آيات أخر.. فالباء قبل {إحسان} للمصاحبة وهي شرطة، لا تقبل التبعيض والتجزئة.
فالمذهب السلفي.. لم يؤسسه الإمام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - وإنما جدده، فهو لم يأت بمذهب خامس جديد كما ذكر ذلك عن دعوته، وكما حرر ذلك علماء أفاضل منصفون من علماء الدعوة، من داخل المملكة ومن خارجها، واليك شذرات من أقواله.
عرف الإمام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - وقال وفيها: "عقيدتي، وديني الذي أدين به، مذهب أهل السنة والجماعة، الذي عليه أئمة المسلمين، مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم، إلى يوم القيامة، لكني بينت للناس إخلاص الدين لله، ونهيتهم عن دعوة الأنبياء والأموات، من الصالحين، وغيرهم، وعن أشراكهم فيما يعبد الله به، من الذبح، والنذر، والتوكل، والسجود، وغير ذلك مما هو حق الله، الذي لا يشركه فيه ملك مقرب، ولا نبي مرسل، وهو الذي دعت اليه الرسل، من أولهم إلى آخرهم، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة" (الدرر، ج/1، ص 64).
وقد كرر ذلك شيخنا الإمام ابن باز - رحمه الله - في كثير من أقواله، وهذه واحدة منها: "وليست الوهابية مذهباً خامساً كما يزعمه الجاهلون والمغرضون وإنما هي دعوة إلى العقيدة السلفية وتجديد لما درس من معالم الإسلام والتوحيد.." (فتاوى ومقالات متنوعة لابن باز 1306/3).
ويقول الملك المصلح عبدالعزيز - رحمه الله تعالى: "يسموننا بالوهابية ويسمون مذهبنا "الوهابي" باعتبار أنه مذهب خاص، وهذا خطأ فاحش نشأ عن الدعايات الكاذبة التي يبثها أهل الأغراض، نحن لسنا أصحاب مذهب جديد أو عقيدة جديدة، ولم يأت محمد بن عبدالوهاب بالجديد فعقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله وما كان عليه السلف الصالح، هذه العقيدة هي التي قام شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب يدعو إليها وهذه هي عقيدتنا وهي عقيدة مبنية على توحيد الله - عز وجل - خالصة من كل شائبة منزهة من كل بدعة فهذه العقيدة هي التي ندعو إليها" أ.ه (نقلا عن المجلة السلفية العدد الخامس).
ويقول محدث العصر الشيخ ناصر الدين الألباني ثم الشامي - رحمه الله - عن الإمام ابن عبدالوهاب، فلابد أن نعلم أن محمد بن عبدالوهاب كان "سلفياً" في العقيدة، وله الفضل الأول بعد شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمهم الله جميعاً - في نشر دعوة "التوحيد!" في العالم الإسلامي بصورة عامة، والبلاد النجدية والحجازية فيما بعد بصورة خاصة، ويعود الفضل إليه بعد ابن تيمية) انتهى (عن كتاب دفع التحريش..).
أما قول المرشد: وهو مذهب معني - جدا - بتصفية التوحيد من الصوفية والبدع، فهذا قول فيه الحق الكثير ولكن فيه بعض التلبيس، حيث أنه فرق بين الصوفية والبدع وهي أم لها.. وليس المذهب معني - فقط! بتصفية التوحيد من الصوفية. بل من مقالات العقلانيين وأهل الكلام من تلامذة الفلاسفة افراخ اليونان كما قال ابن حزم.
سؤال لمجلة المصور: هل تراه ملائماً؟
- وكان جواب المرشد لو خضع لمقتضايات العصر فليس معقولاً أن أعيش فقط لمحاربة الصوفية، والقضاء على البدع" أ.ه
أقول: هذه تخطئة لمنهج الأنبياء والرسل على وجه الإطلاق من أولهم نوح إلى آخرهم وخاتمهم نبينا محمد - صلى الله عليهم وسلم - فنوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما لم يدع إلا للتوحيد أتراه كان على منهج غير سوي لم يخضع لمقتضيات عصره.. وهو مؤيد برسالة من الله.. فكيف يكون ذلك كذلك، والفلك التي نجا فيها صنعها بأعين الله.. أفلا يكون من الأولية أن تكون الدعوة إلى التوحيد - خصوصاً - توحيد الالهية بعناية الله.
ونسأل المرشد الجديد.. ماهي مقتضيات العصر وأولياته هل هي الصراع على السلطة ومنازعة الحكام - أمرهم! - والكيد لهم بأساليب الخروج باسم الخلافة، وتأليب الرعاع عليهم أليس توحيد العبودية، رأس الحكم الذي أنزله الله.. أم أن مقتضيات العصر تتطلب الصراع مع العدو الخارجي، وحينئذ نقول كيف نكون في هذا الصراع.. بسلاح أم بدون سلاح.. قال الإمام الألباني - رحمه الله - معلوم بداهة أن الله لا يعني أن ننصره على عدوه، وعدونا، بجيوشنا أو أساطيلنا، وقواتنا المادية.. كلا، إن الله - عز وجل - غالب على أمره، فهو ليس بحاجة إلى أن ينصره أحد نصرا ماديا، هذا أمر معروف بديهيا، لذلك كان معنى {إن تنصروا الله} اي: إن تتبعوا أحكام الله الشرعية، فذلكم نصركم لله - تبارك وتعالى!.. لذلك فنصر الله الموعود به من ينصره، يقوم على معرفة الإسلام اولا، معرفة صحيحة، كما جاء في القرآن والسنة، على فهم سلف الأمة! ثم على العمل به ثانيا، ه (عن منازعة الحكام ليست حلا لنهوض الاسلام، المجلة السلفية عدد9).. لذلك نصر الله نوحا ومن آمن معه بالطوفان، ونصر موسى وقومه على فرعون باغراق فرعون وجنوده في اليم بدون سلاح مادي يملكونه بأيديهم الخ.. فأول الأحكام الشرعية في التطب
يق أن لا تتخذ القبور مساجد ولا يعظم الأولياء بما ليس لهم ولا من حقهم كدعائهم من دون الله.
أما بالنسبة للدعوة السلفية فهي تعمل في النهار ولو كانت غير ذلك وأنها تتلقى دعماً من مؤسسات لا تعتني بالدعوة، ولو بعشر ما قدمه المسلمون المنخدعون بمشروع البدع في أفغانستان.. الذي طرحه الاخوان المسلمون، ثم رجعوا ليطاعنوا من قدم لهم المساعدة، ولما وصل المسلمون إلى هذه المآزق التي لن يخرجوا منها الا بما ذكرناه آنفاً.. واني سأدعو الله لك في سجودي، لأن يوفقك لحمل هذه الرسالة مع "إخوانك" من غير جماعتك. الذين يدعون بها ليصلح بك الله من شاء ممن ضل من قومك، وأن تعدل منهج جماعتك، وهذا حظ عظيم لم ينله أحد من أسلافك المرشدين.. قال الله - تعالى: {ولكل قوم هاد}.. وصلى الله وبارك على نبينا محمد وآله وسلم والحمد لله الهادي إلى سواء السبيل 1425/2/4ه .