المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم الغناء عند الأئمة الأربعة رحمهم الله للشيخ فوزي الأثري حفظه الله


كيف حالك ؟

ميرزا حسن
07-10-2004, 12:21 AM
حكم الغناء عند الأئمة الأربعة رحمهم الله




بسم الله الرحمن الرحيم
--------------------------------------------------------------------------------


‏﴿ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ ‏عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ ‏لَهُمْ عَذَابٌ مُهِين‎﴾‏
‏[ لقمان : 6ـ7]‏







--------------------------------------------------------------------------------


بسم الله الرحمن الرحيم
--------------------------------------------------------------------------------




المقدمة
إنَّ الحـَـمْـدَ للهِ نَحـْمـَدُهُ ونـَـسـْـتـَعـِـينـُهُ ونـَسْـتَغْـفـِرُهُ ونـَعُوذُ باللهِ مـِـن ‏شـُـرُورِ أنفـُـسِـنَا وسَـيـِئَاتِ أعـْمَـالـِنـَا مـَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مـُـضـِـلَّ لـَهُ ومـَـن ‏يـُـضـْلـِلْ فـَلا هـَادِيَ لـَهُ، وأشـْهـَدُ أن لاَّ إلَهَ إلاَّ اللهَ وَحـْدَهُ لاَ شـَـرِيكَ لـَهُ ‏وأشـْهـَدُ أن مُحـَـمَّـداً عـَـبـْـدُهُ وَرَسـُولـُهُ. ‏
‎‎‏ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ‏‎‎‏ [ آل ‏عمران:102] .‏
‎‎‏ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث ‏منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ‏‎‎‏ [النساء:1]‏
‎‎‏ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر ‏لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ‏‎‎‏ [الأحزاب: 70ـ71].‏

أمـَّـا بـَـعـْـد ،،
فـَإنَّ أصـْدَقَ الحَـدِيثِ كـِـتـَابُ اللهِ وَخـَيـْرُ الهـَدْي هـَدْيُ مـُحـَمـَّدٍ صـَلَّـى اللهُ ‏عَلـَيْهِ وَسـَلَّـم،وَشـَرَّ الأمـُورِ مـُحـْدَثـَاتـُهـَا وكـُلَّ مـُحـْدَثـَةٍ بـِدْعـَةٍ ، وكـُلَّ ‏بـِـدْعـَةٍ ضـَلاَلـَةٍ ، وَكُلَّ ضـَلاَلـَةٍ فـِي النـَّـار .‏
اعلم أن من الأمور التي يجب عليك معرفتها وتبيين حكمها في ‏الإسلام مسألة آلات الطرب والمعازف والغناء ، فقد بين الشارع ‏حرمتها ... ومعلوم شرعاً عند أهل العلم كـ (الأئمة الأربعة أبي ‏حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله

قد ثبتت حرمته ‏عندهم بالأدلة القطعية من الكتاب والسنة تيباناً أنها حرام ...‏
وهؤلاء هم أهل الهدى ودين الحق ، أصحاب العلم النافع ، ‏والعمل الصالح ...‏
أنوارهم زاهرة ، وفضائلهم سائرة ، وآياتهم باهرة ، ومذاهبهم ‏ظاهرة ، وحُجَجهم قاهرة ...‏
فإنَّ الكتاب عدَّتهُم ، والسنَّة حجَّتهُم ... لا يُعَرِّجون على ‏الأهواء ، ولا يلتفتون إلى الآراء ، يـُقْبـَلُ منهم ما رووا عن الرسول ‏صلى الله عليه وسلم ، وهم المأمـُونُون عليه والعدول ، حفظة الدين ‏وخزنته ، وأوعية العلم وحملته .‏
إذا اخـْتـُلـِفَ في حديث كان الرجوع إليهم ، فما حكموا به فهو ‏المقبول والمسموع .‏
وهم العدول ، وسبيلهم السبيل المستقيم ، وكل مبتدع ومتعالم ‏ومقلد بمذهبهم يتظاهر …والله المستعان القاهر.‏
الذين صدقوا الله تعالى في كتابه والرسول صلى الله عليه وسلم في ‏سنـَّته ،ولم يعارضوهما بالشبهات ، وأطاعوهما في أوامرهما …‏
ولله درُّ ابن القاسم رحمه الله وهو يبيـِّن فضل الأئمة الأربعة ‏فقال : ( فضل الأئمة الأربعة وكذا غيرهم من أئمة الدين ، ووجوب ‏توقيرهم واحترامهم والتحذير من بغضهم وأذاهم ، قد تظافرت به ‏الآيات وصحيح الأخبار والآثار ، وتواترت به الدلائل العقلية ‏والنقلية وتوافقت ،وهم أهل الفضل علينا ، ونقلوا الدين إلينا ، ‏وعـوَّل جمهور المسلمين على العمل بمذاهبهم من صدر الإسلام إلى ‏يومنا هذا ، بل لا يعرف العلم إلا من كتبهم ولم يحفظ الدين إلا من ‏طريقهم ، فيجب احترامهم وتوقيرهم والاعتراف بقدرهم وتحسين ‏الظن بهم فهم من خيار الأمة ، وخلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم ‏، ومعرفة أقوالهم سبب للإصابة ومعرفة الحق) (1 ‏).اهـ
وهذه الرسالة تبين الفتوى الصحيحة للأئمة الأربعة رضوان الله ‏عليهم في حكم آلات الطرب والمعازف والغناء ، كما أنها تعالج ‏مشكلة كبيرة تهم المسلم المعاصر ، وهي مشكلة الجهل بحكم الغناء ‏في هذا العالم المضطرب المتغير .‏
والله أسأل أن ينفعنا بما علمنا ، وأن يعلمنا ما ينفعنا ، وأن ‏يجعل العلم حجـَّة لنا في الدينا والآخرة ، وأن لا يجعله حجَّة ‏علينا.‏
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .‏
أبو عبد الرحمن الأثري)



بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الدليل من آثار الأئمة الأربعة على تحريم
سماع آلات الطرب والمعازف والغناء


1
2
3 بــســم الله الــرحـمـن iiالـرحـيـم
ذكر الدليل من آثار الأئمة الأربعة على تحريم
سـماع آلات الـطرب والـمعازف iiوالـغناء


‏1) مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله :‏
عن أبي الطيب الطبري قال : ( كان أبو حنيفة يكره الغناء، ‏ويجعل سماع الغناء من الذنوب ) (‏ 2).‏
وقال : ( وكذلك مذهب سائر أهل الكوفة ) (3‏ ‏).‏
وعن أبي حنيفة رحمه الله قال :( أن الغناء حرام في جميع ‏الأديان) (‏ 4).‏
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان [ص348] : ( مذهب أبي ‏حنيفة في ذلك من أشدِّ المذاهب ، وقوله فيه أغلظُ الأقوال، وقد ‏صـرَّح أصحابه
بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار، والدف، حتى والضرب ‏بالقضيب، وصرحوا بأنه معصية ، توجب الفسق ، وتُرَدُّ به ‏الشهادة، وأبلغ من ذلك أنهم قالوا: إن السماع فسقٌ ، والتلذذ به ‏كفرٌ، هذا لفظهم ) . اهـ
‏2) مذهب الإمام مالك رحمه الله :‏
عن إسحاق بن عيسى الطباع قال : ( سألت مالك بن أنس ‏عما يترخص فيه أهل المدينة من الغناء ؟ فقال : ( إنما يفعله ‏عندنا الفـُسـّـاق!!!) (‏ 5).‏
أثر صحيح
أخرجه الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [ص142] ‏وابن الجوزي في تلبيس إبليس [ص282] من طريق عبد الله بن أحمد ‏عن أبيه عن إسحاق به .‏
قلت : وهذا سنده صحيح ، وقد صححه الألباني في تحريم ‏آلات الطرب [ص98] .‏
وقال أبو الطيب الطبري : ( أما مالك بن أنس فإنه نهى عن ‏الغناء وعن استماعه ‏‎…‎‏ وهو مذهب سائر أهل المدينة ) (‏ 6).‏
وقال ابن القاسم : ( سألت مالكا عن الغناء ؟ فقال : قال الله ‏تعالى: { فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ } أفحقٌ هو ؟)(‏ 7).اهـ
وعن إبراهيم بن المنذر المدني أنه سئل فقيل له : ( أنتم ‏ترخصون في الغناء ؟ فقال : معاذ الله ! ما يفعل هذا عندنا إلا ‏الفساق ) .‏
أثر صحيح
أخرجه الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [ص142] ‏من طريق العباس بن محمد الدوري قال سمعت إبراهيم به .‏
قلت : وهذا سنده صحيح .‏
وقال أبو الطيب الطبري : ( وهو مذهب سائر أهل المدينة ) .‏
‏3) مذهب الإمام الشافعي رحمه الله .‏
عن الشافعي رحمه الله قال : ( تركت بالعراق شيئا يقال له ‏‏(التـَغـْبِير)(8‏) أحدثته الزنادقة يصدون الناس عن القرآن ) .‏
أثر صحيح
أخرجه أبو نعيم في الحلية [ج9ص146] والخلال في الأمر ‏بالمعروف [ص151] وابن الجوزي في تلبيس إبليس [ص283] من ‏طريقين عن الحسن بن عبد العزيز الجروي قال سمعت الشافعي به.‏
قلت : وهذا سنده صحيح .‏
قال ابن تيمية في الفتاوى [ج11ص507]:( وما ذكره ‏الشافعي من أنه من إحداث الزنادقة فهو كلام إمام خبير بأصول ‏الإسلام ، فإن هذا السماع لم يرغب فيه ويدعو إليه في الأصل إلا من ‏هو متهم بالزندقة ) . اهـ
وقال ابن الجوزي : ( وقد كان رؤساء أصحاب الشافعي رضي ‏الله عنهم ينكرون السماع ـ الغناء ـ ) (9‏). اهـ
وقال أبو الطيب الطبري رحمه الله : ( لا يجوز الغناء ولا ‏سماعه ولا الضرب بالقضيب ، قال ومن أضاف إلى الشافعي هذا فقد ‏كذب عليه ) (10‏)اهـ
وقال ابن الجوزي : (فهذا قول علماء الشافعية وأهل التدين ‏منهم، وإنما رخص في ذلك من متأخريـهم من قـلّ علمه وغلبه ‏هواه)(11‏). اهـ
وقال الإمام الشافعي في الأم [ج6ص209] : ( إن الغناء لهو ‏مكروه(‏ 12) يشبه الباطل ، ومـن استكثر منه فهو سفيه ترد ‏شهادته).اهـ
وقال أبو الطيب الطبري : ( وإنما جعل صاحبها سفيها لأنه ‏دعا الناس إلى الباطل ومـَن دعا الناس إلى الباطل كان سفيهاً فاسقا ) ‏‏(13‏).اهـ
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان [ص350] : ( والشافعي ‏وقدماء أصحابه ، والعارفون بمذهبه من أغلظ الناس قولا في ‏ذلك).اهـ ـ يعني في الغناء ـ .‏
‏4) مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله .‏
عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : ( سألت أبي عن الغناء ‏فقال : الغناء ينبت النفاق في القلب لا يعجبني ) .‏
أثر صحيح
أخرجه الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [ص142] ‏عنه به.‏
قلت : وهذا سنده صحيح .‏
وذكره ابن الجوزي في تلبيس إبليس [ص280] .‏
وعن أبي الحارث قال : ( سألت أبـا عبد الله ما ترى في ‏التغبير(‏ 14) أنه يرقق القلب ؟ فقال: بدعة ) .‏
أثر صحيح
أخرجه الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [ص151] ‏من طريق محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث ‏حدثهم به .‏
قلت : وهذا سنده صحيح .‏
قال ابن الجوزي : ( فأما الغناء المعروف اليوم فمحظور عنده ـ ‏الإمام أحمد ـ كيف ولو علم ما أحدث الناس من الزيادات ) (‏ 15). اهـ
قلت : يرحم الله ابن الجوزي كيف ولو علم ما أحدث الناس في ‏الغناء من الزيادات في العصر الحاضر !!!‏
وقال ابن الجوزي : ( وقال الفقهاء من أصحابنا ـ يعني ‏الحنابلة ـ لا تقبل شهادة المغني والرقاص ، والله الموفق ) (‏ 16) .اهـ
وقال ابن تيمية في الفتاوى [ج11ص576] : ( فمذهب ‏الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام ) . اهـ
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان [ج1ص350] : ( فليـُعلم أن ‏الدف والشـّبابة والغناء إذا اجتمعت فاستماع ذلك حرام ، عند أئمة ‏المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين ) . اهـ
وقال ابن تيمية في منهاج السنة [ج3ص439] : ( الأئمة ‏الأربعة ، فإنهم متفقون على تحريم المعازف التي هي آلات ‏اللهو،كالعود ونحوه).اهـ
وقال الشيخ ناصر الدين الألباني في تحريم آلات الطرب ‏‏[ص105] : (إنَّ العلماء والفقهاء ـ وفيهم الأئمة الأربعة ـ متفقون ‏على تحريم آلات الطرب اتباعاً للأحاديث النبوية ، والآثار السلفية ) ‏‏.اهـ
فهؤلاء أربعة من أبرز علماء المسلمين حكوا تحريم سماع آلات ‏الطرب والمعازف والغناء ، فمن يأتي أعلم من هؤلاء بالوفاق ‏والخلاف وهل بعد الحق إلا الضلال .‏
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله ‏وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.‏


الحاشية الختامية

1 الحاشية الختامية


‏ 1)انظر حاشية الروض المربع [ج1ص19ـ20]‏
‏ 2) انظر تلبيس إبليس لابن الجوزي [ص282] وإغاثة اللهفان لابن القيم ‏‏[ص347].‏
‏ 3) انظر تلبيس إبليس لابن الجوزي [ص282].‏
‏ 4) انظر روح المعاني للألوسي [ج21ص67] .‏
‏5) قلت: وهذا يبين أن الترخيص في الغناء ليس من مذهب الإمام مالك ‏رحمه الله .‏
ويؤيده قول علماء المدينة .‏
‏6 ) انظر تلبيس إبليس لابن الجوزي [ص282] .‏
‏ ‏7 ‏ ) انظر جامع أحكام القرآن للقرطبي [ج14ص52] .‏
‏8)التغبير : هو شعر يـُزهِّـد في الدنيا يغني به مغنٍ فيضربُ بعض ‏الحاضرين بقضيب على نطع أو مخدّة على توقيع غنائه .‏
انظر إغاثة اللهفان لابن القيم [ج1ص351]‏
وإن التغبير في لسان السلف هو الغناء مسألة السماع [ص123].‏
‏9 ) انظر تلبيس إبليس [ص283] .‏
‏10) انظر المصدر السابق .‏
‏11) انظر المصدر السابق .‏
‏12) قوله ( مكروه ) يعني محرم وهذا عند المتقدمين .‏
‏13 ) انظر مسألة السماع لابن القيم [ص119] .‏
‏14) التغبير نوع من الغناء كما تقدم .‏
‏ ‏‎ 15‎ ‏) انظر تلبيس إبليس [ص284] .‏
‏16 ) انظر المصدر السابق .‏

كتبه فضيلة الشيخ
فوزي الأثري

12d8c7a34f47c2e9d3==