شعيب الاسماعيلي
05-08-2004, 01:47 PM
يقول الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله : عند قوله تعالى :
﴿ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [ النور /59 ] "
وفي هاتين الآيتين فوائد :
منها : أن السيد وولي الصغير مخاطبان بتعليم عبيدهم ومن تحت ولايتهم من الأولاد العلمَ والآداب الشرعية ، لأن الله وجه الخطاب إليهم بقوله : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ ...﴾ الآية ، ولا يمكن ذلك إلا بالتعليم والتأديب . " [ تيسير الكريم الرحمن ( 3 /1179) ]
أهمية العلم في الكتاب والسنة
قال الله جلّ وعلا : ﴿ فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ [ التوبة / 122 ]
وقال الله جلّ وعلا : ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ﴾ [ الزمر/ 9 ]
وقال الله جلّ وعلا : ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾ [ فاطر / 28 ]
وقال الله جلّ وعلا : ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [ المجادلة / 11 ]
وقال الله جلّ وعلا : ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [ طه / 114 ]
وقال في حال موسى عليه السلام وطلبه الزيادة من العلم :
﴿ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴾ [ الكهف / 66 ]
عن معاوية رضي الله عنه قال : قال رسول الله:مَنْ يُرِد الله بِهِ خيراً فَقِّههُ في الدين " [ البخاري (71 ) . مسلم ( 1037 ) ]
وعن أبي موسى رضي الله قال : " مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثيرعنه ، عن النبي أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به " [ البخاري (79 ) . مسلم ( 2282 ) ]
قالوعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله : " إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " [ مسلم ( 1631) ]
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، : " ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة قال رسول الله " [ مسلم ( 2699) ]
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله :
" وأمّا عُشّاق العلم فأعظم شغفاً به وعِشقاً له من كلِّ عاشقٍ بمعشوقه ، وكثيرٌ منهم لا يشغله عنه أجمل صورة من البشر " [ روضة المحبين 69 ]
وقال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله :
" من أراد أن ينظر إلى مجالس الأنبياء ، فلينظر إلى مجالس العلماء فاعرفوا لهم ذلك " [ الفقيه والمتفقه ( 1 / 10) وما بعدها وفيه من نفائس الأقوال ما يدعو للتأمل ]
وقال أبو هلال العسكري رحمه الله :
" فإذا كنت أيها الأخ ، ترغبُ في سُمُو القدْرِ ، ونَباهةِ الذِكْرِ ، وارتفاعِ المنزلةِ بين الخلقِ ، وتَلْتَمِسُ عِزاً لاتثلمه اللياليَ والأيامُ ، ولا تتحيّفه الدهورُ والأعوامُ ، وهَيْبةً بغيِر سُلطانٍ ، وغِنىً بلا مالٍ ، ومَنَعَةً بغيرِ سلاحٍ ، وعلاءٍ من غيرِ عَشيرةٍ ، وأعْواناً بغيِر أجرٍ ، وجُنْداً بلا دِيوانٍ وفَرْض ، فعليك بالعلمِ ، فاطلبهُ في مظانَّه ، تأتِكَ المنافِعُ عفوا ، وتلق ما يُعْتَمَدُ منها صَفْواً، واجتهدْ في تحصيلهِ لياليَ قلائلَ ، ثم تَذَوّقْ حلاوةَ الكرامةِ مدةَ عُمُرِكِ ، وتَمَتّعْ بلذةِ الشرفِ فيه بقيةَ أيامِك ، واسْتَبِقْ لنفسك الذِكْرَ به بعد وفاتك . " [الحث على طلب العلم والاجتهاد فيه صـ ( 43 ) ]
وقال ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر :
" أفضل الأشياء التزيّد من العلم ، فإنه من اقتصر على ما يعلمه فظنّه كافياً استبد برأيه ، وصار تعظيمه لنفسه مانعاً من الاستفادة . والمذاكرة تبين له خطأه ." أهـ [ 158 ]
وقال أيضاً : " وإني أخبر عن حالي : ما أشبع من مطالعة الكتب ، وإذا رأيت كتاباً لم أقرأه ، فكأني وقعت على كنز ، ولقد نظرت في ثبَت الكتب الموقوفة في المدرسة النظامية ، فإذا به يحتوي على نحو ستة آلاف مجلد ، وفي ثبَت كتب أبي حنيفة ، وكتب الحُميدي ، وكتب شيخنا عبد الوهاب بن ناصر ، وكتب أبي محمد الخشاب ، وكانت أحمالاً وغير ذلك من كل كتاب أقدر عليه ، ولو قلت : إني طالعت عشرين ألف مجلد كان أكثر ، وأنا بعدً في الطلب " [557 ]
وذا أبو الوفا بن عقيل رحمه الله يحكي عن نفسه أيضاً :
" إني لأجد من حرصي على العلم ، وأنا في عشر الثمانين أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة "
[ الذيل على طبقات الحنابلة ( 1 / 146 ) ]
فضل حملة العلم الشريف " في ترغيب ولده للعلم :
ما لذة الخلق في الدنيا بأجمعهم *** ولا الملوك وأهل اللهو والطرب
كلذتي في طلاب العلم يا ولدي *** فالعلم معتمدي حقاً ومكتسبي
ما المال ما الأهل ما الأولاد كلهم *** ألذّ عندي من علمي ومن كتبي
فمؤنسي دفتري والعلم مفتخري *** وخاطري حاضري في العلم لم يغبِ
كل المسرات غير العلم فانيـةٌ *** يا حبذا العلم من فخرٍ ومن حسبِ
ولا يغرّنك كون الناس قد هجروا *** أهل العلوم وذموهم بلا سببِ
فالعلم كنزٌ وذخرٌ ليس يعدله يعدله *** كنزٌ من الدرّ أو كنز من الذهبِ
بوب البخاري رحمه الله في صحيحه فقال : " باب تعليم أمته من الرجال والنساء مما علمه الله ليس برأي ولا تمثيل "النبي
عن أبي فقالت : " يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك سعيد قال جاءت امرأة إلى رسول الله فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله . فقال اجتمعن في يوم كذا فعلمهن مما علمه الله ثم قال ماوكذا في مكان كذا وكذا فاجتمعن فأتاهن رسول الله منكن امرأة تقدم بين يديها من ولدها ثلاثة إلا كان لها حجابا ن النار فقالت امرأة منهن يا رسول الله أو اثنين ؟ فأعادتها مرتين . ثم قال واثنين واثنين واثنين . "
[ رواه البخاري (6880 ) ]
و عن حفصة بنت سيرين قالت كنا نمنع جوارينا أن يخرجن يوم العيد فجاءت امرأة فنزلت قصر بني خلف فأتيتها فحدثت أن زوج أختها غزا مع اثنتي عشرة غزوة فكانت أختها معه في ست غزوات فقالت فكنا نقوم على المرضى النبي ونداوي الكلمى فقالت : " يا رسول الله على إحدانا بأس إذا لم يكن لها جلباب أن لا تخرج فقال لتلبسها صاحبتها من جلبابها فليشهدن الخير ودعوة المؤمنين قالت حفصة فلما قدمت أم عطية أتيتها فسألتها أسمعت في كذا وكذا قالت نعم بأبي وقلما ذكرت النبي إلا قالت بأبي قال ليخرج العواتق ذوات الخدور أو قال العواتق وذوات الخدور شك أيوب والحيض ويعتزل الحيض المصلي وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين قالت فقلت لها آلحيض قالت نعم تشهد عرفات وتشهد كذا وتشهد كذا " [ البخاري ( 937 ) ]
عن جابر بن عبد الله قال سمعته يقول قام النبي يوم الفطر فصلى فبدأ بالصلاة ثم خطب فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن وهو يتوكأ على يد بلال ... قلت ( والقائل ابن جريج لعطاء ) أترى حقا على الإمام ذلك يأتيهن ويذكرهن قال إنه لحق عليهم وما لهم لا يفعلونه " [ البخاري (935 ) ]
وفي حديث وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله ابن عباس رضي الله عنهما قال شهدت الفطر مع النبي عنهم يصلونها قبل الخطبة ثم يخطب بعد خرج النبي صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إليه حين يجلس بيده ثم أقبل يشقهم حتى جاء النساء معه بلال ... " [ أخرجه البخاري ( 936 ) ]
وعن أبي سليمان مالك بن الحويرث قال : " أتينا النبي ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة فظن أنا اشتقنا أهلنا وسألنا عمن تركنا في أهلنا فأخبرناه وكان رقيقا رحيما فقال ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم " [ أخرجه البخاري ( 5662 ) ]
ولقد بوب البخاري رحمه الله فقال : ﴿ باب قوا أنفسكم وأهليكم نارا ﴾
: "كلكم راع وكلكم مسؤول فالإمام راع وهو مسؤول و عن عبد الله قال النبي والرجل راع على أهله وهو مسؤول والمرأة راعية على بيت زوجها وهي مسئولة والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول " [ أخرجه البخاري ( 4892) ]
ولقد بوب الخطيب البغدادي رحمه الله في كتابه " الفقيه والمتفقه " باباً فقال :
(ماجاء في تعليم الرجال أولادهم ونساءهم ، والسادات عبيدهم وإماءهم ) ثم ذكر الأحاديث الدالة على ذلك [ 1 / 46 ]
يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله :
" فالذي يتعين على المسلم الاعتناء به والاهتمام : أن يبحث عمّا جاء عن ، ثم يجتهد في فهم ذلك ، والوقوف على معانيه ، ثم يشتغل بالتصديق الله ورسوله بذلك إن كان من الأمور العلمية .
وإن كان من الأمور العملية ، بذل وسعه في الإجتهاد في فعل ما يستطيعه من الأوامر ، واجتناب ما ينهى عنه وتكون همته مصروفة بالكلية إلى ذلك ، لا إلى غيره .
والتابعين لهم وهكذا كان حال أصحاب النبي بإحسان في طلب العلم النافع من الكتاب والسنة " [ جامع العلوم والحكم ( 171 ) ط / طارق عوض الله ]
وذكر الذهبي رحمه الله في السير :
وعن أبي الحوراء قلت قال أذكر أني أخذت التصرف من تمر الصدقة فجعلتها في للحسن : ما تذكر من رسول الله فيّ فنزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلعابها فجعلها في التمر فقيل يا رسول الله وما كان عليك من هذه التمرة لهذا الصبي قال : " إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة قال وكان يقول : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة وكان يعلمنا هذا الدعاء : اللهم اهدني فيمن هديت . " [ 3 / 246 ]
وذكر ابن قيم الجوزية رحمه الله ، بعد أن ذكر حديث الشفاء بنت عبد الله في رقية النملة وأمره بتعليم حفصة ذلك فقال : " ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة "
قال : " وفي الحديث دليل على جواز تعليم النساء الكتابة " [ زاد المعاد ( 4 / 185 ) ]
وجاء في مقدمة كتاب المعلّمين لابن سحنون : " أن القاضي الورع عيسى بن مسكين كان يقرئ بناته حفيداته ... قال عياض : فإذا كان بعد العصر دعا ابنتيه وبنات أخيه ليعلمهن القرآن والعلم .
وكذلك كان يفعل فاتح صقلية أسد الفرات بابنته أسماء التي نالت من العلم درجة كبيرة " [ عناية النساء بالحديث 131 ]
واختم بحال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى ، فلقد كانت له عناية فائقة بتعليم زوجاته وبناته للحديث ، ولقد برع منهن :
- أخته ست الركب بنت علي العسقلانية رحمها الله كانت عالمة مربية ، قال عنها ابن حجر :
" كانت أمي بعد أمي " ولها أثر حسن عليه فقال : " وكانت بي برَّة رفيقة محسنة "
- زوجته أُنْس ( بضم الهمزة وتسكين النون ) بنت القاضي كريم الدين عبد الكريم ناظر الجيش
- أسمعها من الحفاظ كالعراقي والعلائي وابن الكويك رحمهم الله .
وكان يداعبها كثيراً بقوله لها : لقد صرتِ شيخة " ومن أشهر تلاميذها السخاوي قرأ عليها أربعين حديثاً عن أربعين شيخاً بحضور زوجها .
- ابنته زين خاتون : اعتنى بها أبوها واستجاز لها وأسمعها على شيوخه كالعراقي والهيثمي ، وهي أم يوسف ابن شاهين المعروف بـ " سبط ابن حجر " الذي اهتم بعلم جده . وتوفيه وهي حامل بالطاعون رحمها الله .
- و " فاطمة " و " عالية " استجاز لهما أبوهما ، وكلاهما ماتا بالطاعون رحمهما الله
- " وفرحة " ورابعة "
- ولم تشتهر بناته بالرواية كما اشتهر هو و زوجه ، بسبب وفاتهن بالطاعون في سن مبكرة رحمهم الله
[ عناية النساء بالحديث 126 ]
﴿ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [ النور /59 ] "
وفي هاتين الآيتين فوائد :
منها : أن السيد وولي الصغير مخاطبان بتعليم عبيدهم ومن تحت ولايتهم من الأولاد العلمَ والآداب الشرعية ، لأن الله وجه الخطاب إليهم بقوله : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ ...﴾ الآية ، ولا يمكن ذلك إلا بالتعليم والتأديب . " [ تيسير الكريم الرحمن ( 3 /1179) ]
أهمية العلم في الكتاب والسنة
قال الله جلّ وعلا : ﴿ فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ [ التوبة / 122 ]
وقال الله جلّ وعلا : ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ﴾ [ الزمر/ 9 ]
وقال الله جلّ وعلا : ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾ [ فاطر / 28 ]
وقال الله جلّ وعلا : ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [ المجادلة / 11 ]
وقال الله جلّ وعلا : ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [ طه / 114 ]
وقال في حال موسى عليه السلام وطلبه الزيادة من العلم :
﴿ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴾ [ الكهف / 66 ]
عن معاوية رضي الله عنه قال : قال رسول الله:مَنْ يُرِد الله بِهِ خيراً فَقِّههُ في الدين " [ البخاري (71 ) . مسلم ( 1037 ) ]
وعن أبي موسى رضي الله قال : " مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثيرعنه ، عن النبي أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به " [ البخاري (79 ) . مسلم ( 2282 ) ]
قالوعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله : " إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " [ مسلم ( 1631) ]
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، : " ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة قال رسول الله " [ مسلم ( 2699) ]
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله :
" وأمّا عُشّاق العلم فأعظم شغفاً به وعِشقاً له من كلِّ عاشقٍ بمعشوقه ، وكثيرٌ منهم لا يشغله عنه أجمل صورة من البشر " [ روضة المحبين 69 ]
وقال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله :
" من أراد أن ينظر إلى مجالس الأنبياء ، فلينظر إلى مجالس العلماء فاعرفوا لهم ذلك " [ الفقيه والمتفقه ( 1 / 10) وما بعدها وفيه من نفائس الأقوال ما يدعو للتأمل ]
وقال أبو هلال العسكري رحمه الله :
" فإذا كنت أيها الأخ ، ترغبُ في سُمُو القدْرِ ، ونَباهةِ الذِكْرِ ، وارتفاعِ المنزلةِ بين الخلقِ ، وتَلْتَمِسُ عِزاً لاتثلمه اللياليَ والأيامُ ، ولا تتحيّفه الدهورُ والأعوامُ ، وهَيْبةً بغيِر سُلطانٍ ، وغِنىً بلا مالٍ ، ومَنَعَةً بغيرِ سلاحٍ ، وعلاءٍ من غيرِ عَشيرةٍ ، وأعْواناً بغيِر أجرٍ ، وجُنْداً بلا دِيوانٍ وفَرْض ، فعليك بالعلمِ ، فاطلبهُ في مظانَّه ، تأتِكَ المنافِعُ عفوا ، وتلق ما يُعْتَمَدُ منها صَفْواً، واجتهدْ في تحصيلهِ لياليَ قلائلَ ، ثم تَذَوّقْ حلاوةَ الكرامةِ مدةَ عُمُرِكِ ، وتَمَتّعْ بلذةِ الشرفِ فيه بقيةَ أيامِك ، واسْتَبِقْ لنفسك الذِكْرَ به بعد وفاتك . " [الحث على طلب العلم والاجتهاد فيه صـ ( 43 ) ]
وقال ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر :
" أفضل الأشياء التزيّد من العلم ، فإنه من اقتصر على ما يعلمه فظنّه كافياً استبد برأيه ، وصار تعظيمه لنفسه مانعاً من الاستفادة . والمذاكرة تبين له خطأه ." أهـ [ 158 ]
وقال أيضاً : " وإني أخبر عن حالي : ما أشبع من مطالعة الكتب ، وإذا رأيت كتاباً لم أقرأه ، فكأني وقعت على كنز ، ولقد نظرت في ثبَت الكتب الموقوفة في المدرسة النظامية ، فإذا به يحتوي على نحو ستة آلاف مجلد ، وفي ثبَت كتب أبي حنيفة ، وكتب الحُميدي ، وكتب شيخنا عبد الوهاب بن ناصر ، وكتب أبي محمد الخشاب ، وكانت أحمالاً وغير ذلك من كل كتاب أقدر عليه ، ولو قلت : إني طالعت عشرين ألف مجلد كان أكثر ، وأنا بعدً في الطلب " [557 ]
وذا أبو الوفا بن عقيل رحمه الله يحكي عن نفسه أيضاً :
" إني لأجد من حرصي على العلم ، وأنا في عشر الثمانين أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة "
[ الذيل على طبقات الحنابلة ( 1 / 146 ) ]
فضل حملة العلم الشريف " في ترغيب ولده للعلم :
ما لذة الخلق في الدنيا بأجمعهم *** ولا الملوك وأهل اللهو والطرب
كلذتي في طلاب العلم يا ولدي *** فالعلم معتمدي حقاً ومكتسبي
ما المال ما الأهل ما الأولاد كلهم *** ألذّ عندي من علمي ومن كتبي
فمؤنسي دفتري والعلم مفتخري *** وخاطري حاضري في العلم لم يغبِ
كل المسرات غير العلم فانيـةٌ *** يا حبذا العلم من فخرٍ ومن حسبِ
ولا يغرّنك كون الناس قد هجروا *** أهل العلوم وذموهم بلا سببِ
فالعلم كنزٌ وذخرٌ ليس يعدله يعدله *** كنزٌ من الدرّ أو كنز من الذهبِ
بوب البخاري رحمه الله في صحيحه فقال : " باب تعليم أمته من الرجال والنساء مما علمه الله ليس برأي ولا تمثيل "النبي
عن أبي فقالت : " يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك سعيد قال جاءت امرأة إلى رسول الله فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله . فقال اجتمعن في يوم كذا فعلمهن مما علمه الله ثم قال ماوكذا في مكان كذا وكذا فاجتمعن فأتاهن رسول الله منكن امرأة تقدم بين يديها من ولدها ثلاثة إلا كان لها حجابا ن النار فقالت امرأة منهن يا رسول الله أو اثنين ؟ فأعادتها مرتين . ثم قال واثنين واثنين واثنين . "
[ رواه البخاري (6880 ) ]
و عن حفصة بنت سيرين قالت كنا نمنع جوارينا أن يخرجن يوم العيد فجاءت امرأة فنزلت قصر بني خلف فأتيتها فحدثت أن زوج أختها غزا مع اثنتي عشرة غزوة فكانت أختها معه في ست غزوات فقالت فكنا نقوم على المرضى النبي ونداوي الكلمى فقالت : " يا رسول الله على إحدانا بأس إذا لم يكن لها جلباب أن لا تخرج فقال لتلبسها صاحبتها من جلبابها فليشهدن الخير ودعوة المؤمنين قالت حفصة فلما قدمت أم عطية أتيتها فسألتها أسمعت في كذا وكذا قالت نعم بأبي وقلما ذكرت النبي إلا قالت بأبي قال ليخرج العواتق ذوات الخدور أو قال العواتق وذوات الخدور شك أيوب والحيض ويعتزل الحيض المصلي وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين قالت فقلت لها آلحيض قالت نعم تشهد عرفات وتشهد كذا وتشهد كذا " [ البخاري ( 937 ) ]
عن جابر بن عبد الله قال سمعته يقول قام النبي يوم الفطر فصلى فبدأ بالصلاة ثم خطب فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن وهو يتوكأ على يد بلال ... قلت ( والقائل ابن جريج لعطاء ) أترى حقا على الإمام ذلك يأتيهن ويذكرهن قال إنه لحق عليهم وما لهم لا يفعلونه " [ البخاري (935 ) ]
وفي حديث وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله ابن عباس رضي الله عنهما قال شهدت الفطر مع النبي عنهم يصلونها قبل الخطبة ثم يخطب بعد خرج النبي صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إليه حين يجلس بيده ثم أقبل يشقهم حتى جاء النساء معه بلال ... " [ أخرجه البخاري ( 936 ) ]
وعن أبي سليمان مالك بن الحويرث قال : " أتينا النبي ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة فظن أنا اشتقنا أهلنا وسألنا عمن تركنا في أهلنا فأخبرناه وكان رقيقا رحيما فقال ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم " [ أخرجه البخاري ( 5662 ) ]
ولقد بوب البخاري رحمه الله فقال : ﴿ باب قوا أنفسكم وأهليكم نارا ﴾
: "كلكم راع وكلكم مسؤول فالإمام راع وهو مسؤول و عن عبد الله قال النبي والرجل راع على أهله وهو مسؤول والمرأة راعية على بيت زوجها وهي مسئولة والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول " [ أخرجه البخاري ( 4892) ]
ولقد بوب الخطيب البغدادي رحمه الله في كتابه " الفقيه والمتفقه " باباً فقال :
(ماجاء في تعليم الرجال أولادهم ونساءهم ، والسادات عبيدهم وإماءهم ) ثم ذكر الأحاديث الدالة على ذلك [ 1 / 46 ]
يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله :
" فالذي يتعين على المسلم الاعتناء به والاهتمام : أن يبحث عمّا جاء عن ، ثم يجتهد في فهم ذلك ، والوقوف على معانيه ، ثم يشتغل بالتصديق الله ورسوله بذلك إن كان من الأمور العلمية .
وإن كان من الأمور العملية ، بذل وسعه في الإجتهاد في فعل ما يستطيعه من الأوامر ، واجتناب ما ينهى عنه وتكون همته مصروفة بالكلية إلى ذلك ، لا إلى غيره .
والتابعين لهم وهكذا كان حال أصحاب النبي بإحسان في طلب العلم النافع من الكتاب والسنة " [ جامع العلوم والحكم ( 171 ) ط / طارق عوض الله ]
وذكر الذهبي رحمه الله في السير :
وعن أبي الحوراء قلت قال أذكر أني أخذت التصرف من تمر الصدقة فجعلتها في للحسن : ما تذكر من رسول الله فيّ فنزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلعابها فجعلها في التمر فقيل يا رسول الله وما كان عليك من هذه التمرة لهذا الصبي قال : " إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة قال وكان يقول : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة وكان يعلمنا هذا الدعاء : اللهم اهدني فيمن هديت . " [ 3 / 246 ]
وذكر ابن قيم الجوزية رحمه الله ، بعد أن ذكر حديث الشفاء بنت عبد الله في رقية النملة وأمره بتعليم حفصة ذلك فقال : " ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة "
قال : " وفي الحديث دليل على جواز تعليم النساء الكتابة " [ زاد المعاد ( 4 / 185 ) ]
وجاء في مقدمة كتاب المعلّمين لابن سحنون : " أن القاضي الورع عيسى بن مسكين كان يقرئ بناته حفيداته ... قال عياض : فإذا كان بعد العصر دعا ابنتيه وبنات أخيه ليعلمهن القرآن والعلم .
وكذلك كان يفعل فاتح صقلية أسد الفرات بابنته أسماء التي نالت من العلم درجة كبيرة " [ عناية النساء بالحديث 131 ]
واختم بحال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى ، فلقد كانت له عناية فائقة بتعليم زوجاته وبناته للحديث ، ولقد برع منهن :
- أخته ست الركب بنت علي العسقلانية رحمها الله كانت عالمة مربية ، قال عنها ابن حجر :
" كانت أمي بعد أمي " ولها أثر حسن عليه فقال : " وكانت بي برَّة رفيقة محسنة "
- زوجته أُنْس ( بضم الهمزة وتسكين النون ) بنت القاضي كريم الدين عبد الكريم ناظر الجيش
- أسمعها من الحفاظ كالعراقي والعلائي وابن الكويك رحمهم الله .
وكان يداعبها كثيراً بقوله لها : لقد صرتِ شيخة " ومن أشهر تلاميذها السخاوي قرأ عليها أربعين حديثاً عن أربعين شيخاً بحضور زوجها .
- ابنته زين خاتون : اعتنى بها أبوها واستجاز لها وأسمعها على شيوخه كالعراقي والهيثمي ، وهي أم يوسف ابن شاهين المعروف بـ " سبط ابن حجر " الذي اهتم بعلم جده . وتوفيه وهي حامل بالطاعون رحمها الله .
- و " فاطمة " و " عالية " استجاز لهما أبوهما ، وكلاهما ماتا بالطاعون رحمهما الله
- " وفرحة " ورابعة "
- ولم تشتهر بناته بالرواية كما اشتهر هو و زوجه ، بسبب وفاتهن بالطاعون في سن مبكرة رحمهم الله
[ عناية النساء بالحديث 126 ]