المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيان منهج الحافظ الذهبي في كتابه " التلخيص " .


كيف حالك ؟

محب الأثري
04-28-2004, 04:08 PM
بيان منهج الحافظ الذهبي في كتابه " التلخيص " .


بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله

أما بعد

فهذا بيان لمنهج الحافظ أبي عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي رحمه الله في كتابه " التلخيص " ، أضعه بين يدي إخواني الكرام ؛ حتى يُعرف ويُتصور ويُستفاد من هذا الحافظ الناقد البصير كما استفاد منه العلماء الذين جاءوا من بعده ، فإليكم هذا البيان .

أولا : مجمل منهج الحافظ الذهبي في كتابه " التلخيص " :

الناظر في هذا الكتاب يجد الحافظ الذهبي يحذف بعض الإسناد ويذكر بعضه ، ويذكر المتن ، وقد يختصره أو يتصرف فيه أحيانا ، ثم يذكر كلام الحاكم ، فيتعقبه ، أو يقره ، وقد يسكت عنه .

وعندما يحذف الذهبي بعض الإسناد إنما يحذف الرواة الذين لا كلام له فيهم ، ويبقى في الإسناد الرجل الذي يريد أن يتكلم عنه ، أو على الأقل الرجل الذي اختلفت فيه عبارات الأئمة .
هذا مجمل منهجه في كتابه " التلخيص " .


ثانيا : توضيح منهج الذهبي بالأمثلة :

أولا : بيان صور موافقة الذهبي للحاكم :

إذا قال الحاكم مثلا : " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه " ، ووجد الذهبي أن كلام الحاكم صحيح حكاه وذكره ولم يتعقبه بشيء .
فيقول بعد الانتهاء من الحديث : " خ - م " ، أي على شرط البخاري ومسلم .

وإذا صححه الحاكم على شرط البخاري فقط ، ورأى الذهبي أن ذلك صواب قال : " خ " ، أي على شرط البخاري .

وإذا صححه الحاكم على شرط مسلم ، ورأى الذهبي أن ذلك صواب قال : " م " ، أي على شرط مسلم .

وإذا صححه الحاكم فقط ، ولم يذكر أنه على شرط الشيخين أو أحدهما ، قال الذهبي : " صحيح " .

فهذه صور من أنواع موافقة الذهبي للحاكم على تصحيحه .

ثانيا : بيان صور تعقب الذهبي للحاكم :

الحاكم قد يصحح الحديث على شرط الشيخين .
فيقول الذهبي : " قلت : خ " .

فإذا جاء في التلخيص كلمة " قلت " فهي تعني تعقب الذهبي للحاكم .

فإذا قال : " قلت : خ " أي ليس الحديث على شرط الشيخين ، وإنما هو على شرط البخاري فقط .

وإذا قال : " قلت : م " ، أي ليس الحديث على شرط الشيخين ، وإنما هو على شرط مسلم فقط .

وإذا قال : " قلت : صحيح " ، فهو يعني أن الحديث ليس على شرط الشيخين ولا أحدهما ، ولكنه صحيح فقط .

وإذا قال : " قلت : فيه فلان لم يخرجا له " ، فهو يعني أن الحديث ليس على شرط الشيخين ؛ لأنه فيه فلانا ولم يخرج له الشيخان .

ومثله إذا قال : " فيه فلان لم يخرج له البخاري " أو " مسلم " ، ومثله إذا قال الحاكم : " صحيح على شرط البخاري " أو " على شرط مسلم " .

وتعقبه الذهبي بأحد هذه التعقبات .

وقد يكون تعقب الذهبي بالنص على أن الشيخين أو أحدهما قد أخرجا الحديث ، فإذا قال الحاكم : " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه " ، وكان قد أخرجه الشيخان ، نجد الذهبي في " التلخيص " يحكي كلام الحاكم فيقول : " خ - م " ، ثم يقول : " قلت : قد أخرجاه " ، أو أخرجه " خ " أي البخاري ، أو أخرجه " م " أي مسلم .

وقد يكون تعقب الذهبي للحكم بتضعيف الحديث ، فيحكم الحاكم على الحديث بالصحة على شرط الشيخين أو أحدهما أو بالصحة فقط ، ثم يقول الذهبي : " فيه فلان وهو ضعيف " ، أو " وهو واه " ، أو " له مناكير " ، أو يحكي الذهبي كلام العلماء فيه فيقول مثلا :

" فيه فلان ، وضعفه أبو حاتم ، وقال النسائي : ليس بثقة " .

وقد يكون تضعيفه للحديث بسبب انقطاع في سنده ، فيقول : " قلت : مرسل " .

وأحيانا قد يعلق الحاكم الحديث عن راو مشهور مثل شعبة بن الحجاج ؛ والسبب أنه يرى أن هذا الراوي هو مخرج الحديث .

فحينما يكون له على الإسناد كلام يعلق الحديث على الراوي الذي تدور عليه أسانيد الحديث مثل قوله : شعبة عن أبي بلج يحيي سمع عمرو بن ميمون الأزدي . . . إلخ .

ولا بد أن يبرز الراوي الذي يريد أن يتكلم فيه ، مثل قوله : شعبة عن أبي بلج قال : " م " ؛ أي أن الحاكم صححه على شرط مسلم ، قال الحاكم : " هذا حديث صحيح لم يخرج في الصحيحين ، وهو على شرط مسلم بن الحجاج " .

وطريقة الذهبي أن يختصر هذا الكلام كله ، فبدلا من أن يقول : " قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه " بدلا من ذلك يحذف كل هذا الكلام ويعبر برمز صغير فقط هو " م " ، ومعناه أن الحاكم صححه على شرط مسلم .

وعندما قال : " م " قال : قلت : احتج " م " بأبي بلج . قلت ( أي الذهبي ) : لا يحتج به ، ووثق ، وقال البخاري : فيه نظر .

فالذهبي إما أنه يقر الحاكم أو يتعقبه ؛ فإذا تعقبه فإنما يتعقبه بتصحيح أو بتضعيف أو ببيان أمر من الأمور .

فإذا قال الحاكم : هذا صحيح على شرط البخاري ، وحكى الذهبي كلام الحاكم ثم تركه ولم يعلق عليه ، قيل : إن الذهبي أقر الحاكم على تصحيحه لهذا الحديث ، وذلك مثل قول الذهبي : " يونس عن ابن شهاب عن ابن المسيب أن أبا بكر لما بعث الجيوش نحو الشام مشى معهم حتى بلغ ثنية الوداع قالوا ، يا خليفة رسول الله تمشي ونحن ركب " خ - م " .

ويقصد الذهبي بـ " خ - م " أن هذا كلام الحاكم ؛ أي أن الحاكم صححه على شرط البخاري ومسلم ، فيختصر الذهبي كل هذا الكلام بقوله بين قوسين : " خ - م " .

وإذا لم يتعقب الذهبي الحاكم فيقال : إن الذهبي قد وافق الحاكم .

أما إذا تعقبه ، كأن يكون قد قال على الحديث : " إنه صحيح على شرط البخاري ومسلم " ، فيقول الذهبي : " مرسل " .

أي ليس الحديث على شرط البخاري ومسلم ، فهذا الحديث ضعيف ؛ لأنه مرسل .

وقد أخرج الحاكم حديث " أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا " ، ولم يصححه على شرط البخاري ومسلم ، ولا على شرط واحد منهما ، وإنما سكت عنه ، فقال الذهبي : " قلت : لم يتكلم عليه المؤلف ، وإنما سكت عنه وهو صحيح ، لذلك لم أره يتكلم على أحاديث جمّة بعضها جيد ، وبعضها واه . . . إلخ " ، فقد تعقب الذهبي الحاكم في هذا الحديث بالتصحيح .

ومن أمثلة ذلك أيضا حديث عاصم عن زر بن حبيش قال :

" خرجت مع أهل المدينة في يوم عيد ، فرأيت عمر بن الخطاب يمشي حافيا شيخا أصلع آدم أعسر أيسر ، طوالا مشرفا على الناس كأنه على دابة ببرد قطري يقول : عباد الله ، هاجروا ولا تهجروا ، وليتق أحدكم الأرنب يخذفها بالحصى أو يرميها بالحجر فيأكلها ، ولكن ليذك لكم الأسل والرماح والنبل " .

فقد أخرج الحاكم هذا الحديث وسكت عنه ، فتعقبه الذهبي بقوله : " قلت : صحيح " .

فإذا أورد الذهبي كلام الحاكم مختصرا ولم يذكر بعده : " قلت " ، ولا ذكر كلاما ، فهذا يعني أنه يُوافق الحاكم .

وإذا قال : " قلت " ، فهذا يعني أنه تعقّب الحاكم .

ثالثا : بيان صورة سكوت الذهبي :

صورته إذا لم يذكر الذهبي شيئا ، لا كلام الحاكم ولا شيئا من قبل نفسه ؛ فهذا هو الذي يُقال عليه " سكوت الذهبي " .

ومن ذلك حديث زياد بن لبيد الأنصاري قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يُحدث أصحابه ، وهو يقول : " قد ذهب أوان العلم " قلت : أبي وأمي ، وكيف يذهب أوان العلم ونحن نقرأ القرآن ونعلمه أبناءنا ويعلمه أبناؤنا إلى أن تقوم الساعة ؟ فقال : " ثكلتك أمك يا ابن لبيد ، إن كنت لأراك من أفقه أهل المدينة ، أوَ ليس اليهود والنصارى يقرءون التوراة والإنجيل ولا ينتفعون منهما بشيء ؟ " .

قال الحاكم : هذا حديث على شرط الشيخين ولم يخرجاه .

ولم يذكر الذهبي كلام الحاكم في الهامش ، ولم يعلق عليه . فمثل هذا يُقال عنه : سكت الذهبي عنه .

وهذه المسألة من المسائل التي يُخطىء فيها كثير من طلاب العلم في هذا الزمان . وأقول : في هذا الزمان ؛ لأنها لم تكن واردة من قبل .

فبعض طلبة العلم في الحديث - وبعضهم كتب هذا في بعض المؤلفات - يقول :

لا نقول : إن الذهبي يُوافق الحاكم ، فهذا الكلام غير صحيح ؛ لأن الذهبي لا يُمكن أن يخفى عليه مثل هذا الكلام ، ونحن نجد أن الذهبي إنما يحكي كلام الحاكم فقط ، فكيف تقولون إنه أقر الحاكم ؟

وللجواب على ذلك نقول : تختلف أحوال الذهبي مع الحاكم ؛ فالذهبي أحيانا يتعقب الحاكم ، وقد أوردت بعض أمثلة التعقب ، وأحيانا يحكي كلام الحاكم فقط ، فإذا حكاه يقال له : إقرار وموافقة ، وقد بينت مثاله ، وأما أنه لا يذكر كلام الحاكم إطلاقا ولا يتعقبه بشيء ، فإن هذا سكوت . فهي إذن ثلاثة أحوال : تعقب ، وإقرار ، وسكوت .

ومثال السكوت :

نجد أن الذهبي سكت عن حديث عمّارة بن حزم قال : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبر فقال : " انزل من القبر ؛ لا تؤذي صاحبه ولا يؤذيك " .

فهذا الحديث سكت عنه الحاكم وسكت عنه الذهبي أيضا ، ولكن الذهبي حينما سكت عنه ، لم يسكت عنه فيما يظهر ، لأنه لا يحوره فيه الكلام ، بل إنه علق الحديث عن ابن لهيعة ، فحينما علق الحديث عن ابن لهيعة ، وكأنه يشير إلى مَن يقف على الحديث أني أبرزت لك ابن لهيعة فاعرف أنه هو الذي يعتبر علة هذا الحديث .

فأحيانا قد يصنع الذهبي هذا الصنيع ، ويشير للعلة مجرد إشارة بطريقة تعليقه للحديث بهذه الصورة ، وأحيانا لا يصنع هذا .

وبعض طلبة العلم الذين أشرت إليهم ، وبعض المؤلفين يرون أننا حين نقول عن حديث من الأحاديث : إن الذهبي وافق الحاكم وأقره عليه ، كأن يقول الحاكم : " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه " ، فيذكر الذهبي هذا الحديث في " التلخيص " ويقول : " خ ، م " ، أي أن الحاكم قال : على شرط البخاري ومسلم ، ثم لا يتعقبه بشيء - هم يقولون حينذاك : لا يجوز لكم أن تقولوا : إن الذهبي وافق الحاكم . ونحن نقول : إن الذهبي وافق الحاكم في هذه الحالة .

ومنشأ النزاع أنهم يقولون : الذهبي لم يصرح بموافقة الحاكم ، فهو لم يقل : أصاب الحاكم ، أو : إنني أوافق الحاكم ، ولم ينص في المقدمة على إنني إذا قلت كذا فأنا موافق للحاكم ، فكيف تنسبون للذهبي ما لم يقله ؟ !
نقول لهم : أولا عرف دائما أن الإنسان حين يحكي كلام عالم من العلماء في مقام من المقامات ولا ينتقده ولا يتعقبه بشيء فهو مقر له .
مثال : لو أحدكم سألني في مسألة من المسائل ، ولتكن مسألة الطلاق ثلاثا فقال لي : ما تقول في الطلاق ثلاثا ؟ فقلت له : الشيخ عبد العزيز بن باز يرى أنه يقع واحدة .
فأنا حينما أذكر كلام الشيخ ابن باز ولا أتعقبه بشيء يكون مقصودي موافقته على مثل هذا ، ولو لم يكن الأمر كذلك لقلت : الشيخ عبد العزيز يرى كذا ، وأنا أرى كذا ، هذا من الناحية اللغوية المنهجية عند العلماء .
ثم إننا إذا نظرنا لصنيع الأئمة من قبل الذهبي حتى هذا العصر الذي خرج فيه ، فإذا بنا نجد أن أحدا منهم لم يخالف هذا المنهج ، بل إن الزيلعي في " نصب الراية " وهو تلميذ الذهبي - حينما ينقل تصحيح الحاكم يقول في بعض الأحيان : " ووافقه الذهبي " .

وقريب من هذا صنيع ابن الملقن ، وابن الملقن في طبقة الزيلعي ، ولكن لست أردي هل تتلمذ على الذهبي أم لا . يقول في اختصاره لكتاب الذهبي بعد أن ذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة غير سببي ونسبي " .

قال : أخرج الحاكم هذا الحديث وصححه وتُعقب عليه . ثم بعد ذلك بأوراق في ترجمة فاطمة رضي الله عنها من حديث المسور بن مخرمة مرفوعا : " إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري " ، ثم قال الحاكم : صحيح ، وأقره الذهبي عليه .

فهذا كلام ابن الملقن ، وهو في طبقة تلاميذ الذهبي ، فهم كانوا عارفين بأن صنيع الذهبي هذا يعني إقراره للحاكم على هذا التصحيح على هذه الصورة ؛ لأننا حين نرجع إلى الحديث الذي ذكره نجد الحاكم قال : " حديث صحيح الإسناد " ثم حكى الذهبي كلامه فقال : صحيح ، أي أنه كلام الحاكم ولم يتعقبه بشيء ، فاعتبر ابن الملقن هذا إقرارا من الذهبي .

. ثم إن باقي الأئمة كذلك ، مثل أحمد شاكر والشيخ الألباني وأمثال هؤلاء ، بل حتى ابن حجر والسيوطي ، . . مَن نظر في تخريجاتهم وجد من هذا جملة .


- أوهام الذهبي في " التلخيص " :-

ومما ينبغي لنا أن نعلمه أن الذهبي قد وقع في أوهام كثيرة في " التلخيص " ، ومنها في موافقاته للحاكم ، وأحيانا في كلامه على بعض الرواة ، وعُذره في ذلك أنه ألفه في مقتبل العمر . . ويتضح هذا في اختلاف رأيه في بعض المسائل وفي بعض الرجال بين كتابه " التلخيص " وبين كتبه المتأخرة كـ " ميزان الاعتدال " .

وقد اعترف الذهبي في ترجمة الحاكم في " سير أعلام النبلاء " بأن عمله هذا يحتاج إلى إعادة نظر وتحرير .

كل ما سبق مأخوذ من كتاب ( مناهج المحدثين ) ( ص 205 - 214 ) لسعد الحميد ( بتصرف ) .

وقد سئل الشيخ الألباني - رحمه الله - عن سكوت الذهبي عما يذكره الحاكم في المستدرك على شرط البخاري ، على شرط مسلم ، صحيح الإسناد ، على شرطهما . هل يحمل صنيع الحافظ الذهبي في تلخيصه على أنه إقرار وموافقة للحاكم فيما قال من صحة أو شرط الشيخين أو أحدهما ؟ أو يُقال أنه قصد التلخيص وما اعتنى بالتحقيق ؟ .

فأجاب الشيخ الألباني قائلا :

( أولا في ظني أنه لا يخفى عليك أن الواقع في النسخة المطبوعة من المستدرك ظاهرتان اثنتان في التلخيص المطبوع في النصف الأدنى من المستدرك .

الظاهرة الأولى : أن يلحق الحديث حينما يتعقبه بقوله : " قلت " فهذا لا يحتاج إلى بحث ومناقشة .

الظاهرة الثانية : أنه يضع خلاصة حكم الحاكم في الأعلى بالنسبة للمطبوع ، إذا كان قال : على شرط الشيخين ، فهو يضع " خ م " وإذا كان على شرط أحدهما فيضع " خ أو م " .

في مثل هاتين الظاهرتين هنا نستطيع أن نقول وافق أو خالف .

هناك شيء آخر وهو بيض لم يقل : لا ، " قلت " استدراكا ، ولا موافقة " خ م " ، ولا " خ أو م " .

هنا ما نستطيع أن ننسب إلى الذهبي شيئا وإنما نقول الواقع : سكت عنه الذهبي .

لكن سكوت الذهبي لا نعتبره موافقة كما قلنا في ظاهرة من الظاهرتين السابقتين :

إذا قال : " خ م " هذه موافقة . قال : " خ أو م " هذه موافقة .

إذا قال منتقدا : " قلت " : فيه كذا أو بالدبوس ، فلا شك أن هذه مخالفة .

أما ما سكت عنه فلا موافقة ولا اعتراض ، لماذا ؟ .

قد يكون الأمر أنه - وهذا الذي أعتقده - أصاب الذهبي ما أصاب مؤلف أصله ، وهو الحاكم أنه

سوّد ، ولم يبيّض ، وهكذا الذهبي - فيما أظن - كان يمر مرا سريعا معتمدا على حافظته وذاكرته

فينقد .

ولذلك نلمس ونأخذ عليه بعض الأوهام التي نقابلها بما يذكره في " الميزان " وفي غيره من كتبه ،

أنها تختلف مع نقده المذكور في التلخيص . فهذه الذي أعتقده . .. ) اهـ .

وسئل الشيخ الألباني أيضا :

السؤال : قول وقفت عليه للحافظ الذهبي في ترجمة الحاكم في سير أعلام النبلاء ( 17 / 176 ) لما تكلم عن المستدرك ؛ وما فيه من أحاديث وقسمه إلى أقسام وفي الأخير قال : " قد اختصرته ، ويعوز عملا وتحريرا " ، فهل من الممكن أن يستدل بهذه الكلمة على أن سكوت الذهبي ، أو مجرد خ م ، أو خ ، أو م ، ليس إقرارا إنما هو تلخيص ويحتاج إلى عمل ؟ أو ماذا يُحمل كلام الحافظ الذهبي في ترجمة الحاكم ؟

أجاب الشيخ :

ممكن حمله على الصورة الثالثة التي ذكرتها القسم الذي بيّض فيه .

( الدرر في مسائل المصطلح والأثر ) ( ص 45 - 47 ) .

وفي الصورة الثالثة هذه يقول الشيخ الألباني - رحمه الله - في ( الصحيحة ) ( 6 / 1 / 440 ) :

( وقال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . قلت ( أي الألباني ) : بيّض له الذهبي ، وأما المنذري

فنقل عنه في " الترغيب " ( 3 / 197 ) أنه قال : " صحيح على شرطهما " وأقرّه ) .



فإذن يتضح مما سبق أن الحافظ الذهبي له ثلاث حالات في كتابه " التلخيص " :

الحالة الأولى : الإقرار أو الموافقة أو عدم التعقب .

الحالة الثانية : التعقب .

الحالة الثالثة : السكوت أو بيّض يعني ترك بياض وفراغ لم يذكر فيه شيئا .

أقول : وهذه الحالة الثالثة تعد من القرائن الدالة على أن الحافظ الذهبي لم يكن عمله مجرد التلخيص فقط إذ لو كان كذلك ، فلِمَ بيّض ؟ ! ، مادام أنها عملية تلخيص فقط ، فتأمل .

وتبين أيضا مما سبق صورة كل حالة .

ولا يفوتني أن أذكر أن أخانا الفاضل / سعد بن عواد العنزي أشار إلى ما سبق ، وأحب أن أشكره هنا على ما قدمه فجزاه الله خيرا .

كذلك أشكر الأخ الفاضل / مليحان بن مرهج الفايد على مشاركته وعلى الفائدة التي ذكرها وهي احتجاج الحافظ ابن حجر بإقرار الذهبي فجزاه الله خيرا .

والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .

الكاتب : [ خليفة بن عيسى بوعركي ]

محب الأثري
04-28-2004, 04:08 PM
وهذه إضافة :

أقول : وقد سار على هذا الأمر وهو الاحتجاج بإقرار أو موافقة أو بعدم تعقب الحافظ الذهبي للحاكم في كتابه " التلخيص " جملة من العلماء المحدثين وهم فيما يلي :

1 - الحافظ الزيلعي - رحمه الله - ( وهو تلميذ الذهبي ) :

قال في كتابه ( نصب الراية ) ( 3 / 38 ) :

( ورواه الحاكم في " المستدرك " ، وقال : حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ؛ ولم يتعقبه الذهبي في " مختصره " ) .

2 - الحافظ ابن الملقن - رحمه الله - :

قال في اختصاره لكتاب الذهبي ، بواسطة كتاب ( مناهج المحدثين ) لسعد الحميد ( 214 ) :

( قال الحاكم : صحيح ، وأقره الذهبي عليه ) .


3 - الحافظ ابن حجر - رحمه الله - :

قال في كتابه ( لسان الميزان ) ( 7 / 37 ) :

( وقد أخرج الحاكم حديثه في " المستدرك " من هذا الوجه وقال : صحيح ، ولم يتعقبه الذهبي ) .

وقال في كتابه ( القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد ) ( ص 67 ) :

( صححه الحاكم وأقره الذهبي ) ، وهذا المثال مستفاد من أبي أنس ملحان الفايد جزاه الله خيرا .

4 - العلامة علي القاري - رحمه الله - :
قال في كتابه ( مرقاة المفاتيح ) ( 2 / 418 - طبعة الباز ) :

( والحاكم قال : على شرط الشيخين ، وأقره الذهبي . . ) .

5 - العلامة عبد الرؤوف المناوي - رحمه الله - :

قال في كتابه ( الفيض القدير ) ( 5 / 129 - طبعة دار الكتب العلمية ) :

( قال الحاكم : على شرطهما ، وأقره الذهبي ) .

6 - العلامة محمد شمس الحق العظيم آبادي - رحمه الله - :

قال في كتابه ( عون المعبود ) ( 3 / 24 - طبعة المكتبة السلفية ) :

( . . ورواه الحاكم ، وقال : صحيح على شرطهما وأقره الذهبي على ذلك )

وقال أيضا في ( 11 / 312 ) :

( ورواه الحاكم وصححه وأقره الذهبي ) .

7 - العلامة سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - :

قال في كتابه ( تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد ) ( ص 159 ) :

( ورواه أيضا أبو يعلى والحاكم وقال : صحيح الاسناد ، وأقره الذهبي )

وفي ( ص 165 ) أيضا قال :

( ورواه ابن ماجه وابن حبان ، والحاكم وقال : صحيح ، وأقره الذهبي ) .

8 - العلامة عبد الله المباركفوري - رحمه الله - :

قال في كتابه : ( مرعاة المفاتيح ) ( 1 / 327 ) :

( وأخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه ، والحاكم ، وقال صحيح سنده ، ثقات رواته على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، وأقره الذهبي ) .

9 - العلامة أحمد شاكر - رحمه الله - :

قال في تحقيقه ( لمسند الإمام أحمد ) ( 1 / 182 - طبعة دار المعارف ) :

( وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ) .

وفي ( 1 / 215 ) أيضا قال :

( والحديث أخرجه أبو داود والنسائي ، والحاكم في " المستدرك " وصححه على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي ) .

10 - العلامة الألباني - رحمه الله - :

والشيخ لا يحتاج أن أذكر له مثال ؛ فغالب كتب الشيخ إن لم أقل كل كتب الشيخ فيها الاحتجاج بإقرار الحافظ الذهبي للحاكم في كتابه " التلخيص " .

هذا ما وقفت عليه ممن يحتج بإقرار الذهبي للحاكم ، وهؤلاء علماء أجلاء وهم أهل هذا الفن ، فالسير في طريقهم واتباع خطاهم مطلوب ، والاستنارة بأقوالهم وأفهامهم منشود ، وعليه الهداية والرشاد ، ومخالفة ذلك فيه الضلال والانحراف .

وقد كان يقول الشيخ الألباني - رحمه الله - في بعض كلماته النيرات :

( كنا نشكو من التلقليد ، فصرنا الآن نشكو من الفلتان ) ، والله المستعان .

والحمد لله على توفيقه .
الكاتب : [ خليفة بن عيسى بوعركي ]

محب الأثري
04-28-2004, 04:09 PM
أقول صدقت أبا عبد الله ونصحت بارك الله فيك ، ورحم الله العلم العلامة الشيخ الألباني فكان منهجه الحديثي - رحمه الله - وسطا بين المقلدين وبين المحدَثين [ من الحداثة ] المتفلتين .

فالأمر إتباع - يا اخوان - ، فلا يحق لأحد يأتي في هذه القرون المتأخرة فيقول : فهم أهل العلم لصنيع الذهبي واتفاقهم على ذلك ليس عن بينة ودليل صحيح من كلام الذهبي .

أقول سبحان الله ! ، فإن لم يكن مع ثلة العلماء البينة والدليل الواضح في ذلك !! فأنا لك أنت بها يا مسكين ؟!

وقد ذكر أخونا أبو عبد الله جماعة وها أنا أضيف إليهم جماعة أخرى لعل الله ينفع بمثل هذا التقرير :

1 - الحافظ الزيلعي - رحمه الله - ( وهو تلميذ الذهبي ) :

2 - الحافظ ابن الملقن - رحمه الله - :

3 - الحافظ ابن حجر - رحمه الله - :

4 - العلامة علي القاري - رحمه الله - :

5 - العلامة عبد الرؤوف المناوي - رحمه الله - :

6 - العلامة محمد شمس الحق العظيم آبادي - رحمه الله - :

7 - العلامة سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - :

8 - العلامة عبد الله المباركفوري - رحمه الله - :

9 - العلامة أحمد شاكر - رحمه الله - :

10 - العلامة الألباني - رحمه الله - :

وأضيف :

11- العلامة الزرقاني - رحمه الله - : ( عن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لعب بالنرد بفتح النون وسكون الراء ودال مهملتين قطع ملونة من خشب البقس وعظم الفيل وغير ذلك فقد عصى الله ورسوله ... وهذا الحديث رواه أبو داود وغيره من طريق وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبي ووهم من عزاه لمسلم ) شرح الزرقاني 4/455

12- العلامة العجلوني : ( 1656 ( الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر ) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة ، وقال الحاكم صحيح ، وأقره الذهبي ، ورواه أحمد وابن ماجه عن سنان بن أبي شيبة بلفظ الطاعم الشاكر له بمثل أجر الصائم الصابر ) كشف الخفا 2/40 . ط ، الكتب العلمية .

13- العلامة محمد الأمير الصنعاني - رحمه الله - : ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة . رواه الخمسة غير الترمذي ، وصححه ابن خزيمة والحاكم واستنكره العقيلي ) لأن في إسناده مهديا الهجري ضعفه العقيلي وقال : لا يتابع عليه الراوي عنه مختلف فيه قلت في الخلاصة : أنه قال ابن معين لا أعرفه وأما الحاكم فصحح حديثه وأقره الذهبي في مختصر المستدرك ) سبل السلام 2/351 . ط ، دار الكتاب العربي .

14- العلامة الشوكاني - رحمه الله - : ( وعن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال أيما امرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن غريب .
... حديث أم سلمة ذكر المصنف أن الترمذي قال فيه حديث حسن غريب والذي وقفنا عليه في نسخة صحيحة هذا حديث غريب وقد صححه الحاكم وأقره الذهبي ) نيل الأوطار 6/209 . ط ، الكتب العلمية .



ــــــــــــــــــــــــــــــــ الكاتب : [ مليحان بن مرهج الفايد ]

12d8c7a34f47c2e9d3==