السلفيه
04-25-2004, 02:26 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
سئل الشيخ الأمام العالم العامل الحبر شيخ الإسلام ومفتي الأنام تقي الدين ابن تيميه أيده الله وزاده من فضله العظيم عن الصبر الجميل و الصفح الجميل والهجر الجميل وما أقسام التقوى والصبر الذي عليه الناس؟
فأجاب رحمه الله الحمد لله أما بعد فإن الله أمر نبيه بالهجر الجميل والصفح الجميل والصبر الجميل فالهجر الجميل هجر بلا أذى والصفح الجميل صفح بلا عتاب والصبر الجميل صبر بلا شكوى قال يعقوب عليه الصلاة والسلام(( إنما أشكو بثي وحزني ألي الله)) مع قوله(( فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون)) فالشكوى ألي الله لا تنافي الصبر الجميل ويروى عن موسى عليه الصلاة والسلام أنه كان يقول(( اللهم لك الحمد واليك المشتكى وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان)) ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ((اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس أنت رب المستضعفين وأنت ربي الله إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي غير أن عافيتك هي أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن ينزل بي سخطك أو يحل علي غضبك لك العتبى حتى ترضى)) وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرأ في صلاة الفجر ((إنما أشكو بثي وحزني إلي الله)) ويبكي حتى يسمع نشيجه من آخر الصفوف بخلاف الشكوى إلى المخلوق قرىء على الأمام أحمد في مرض موته أن طاووسا كره أنين المريض وقال انه شكوى فما أن حتى مات وذلك أن المشتكي طالب بلسان الحال أما إزالة ما يضره أو حصول ما ينفعه والعبد مأمور أن يسأل ربه دون خلقه كما قال تعالى(( فإذا فرغت فانصب والى ربك فارغب)) وقال صلى الله عليه وسلم لابن عباس(( إذا سألت فاسأل الله وإذا استغنت فاستعن بالله)) ولا بد للإنسان من شيئين طاعته بفعل المأمور وترك المحظور وصبره على ما يصيبه من القضاء المقدور فالأول هو التقوى والثاني هو الصبر قال تعالى ((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا)) إلي قوله(( وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط)) وقال تعالى(( بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين)) وقال تعالى(( لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وان تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ))وقد قال يوسف(( أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا انه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين)) ووصية الشيخ عبد القادر ولهذا كان الشيخ عبد القادر ونحوه من المشائح المستقيمين يوصون في عامة كلامهم بهذين الأصليين المسارعة إلى فعل المأمور والتقاعد عن فعل المحظور والصبر والرضا بالأمر المقدور.
أقسام الناس في التقوى والصبر:
1) أحدها أهل التقوى والصبر وهم الذين أنعم الله عليهم من أهل السعادة في الدنيا والآخرة
2) الثاني الذين لهم نوع من التقوى بلا صبر مثل الذين يمتثلون ما عليهم من الصلاة ونحوها ويتركون المحرمات لكن إذا أصيب أحدهم في بدنه بمرض ونحوه أو في ماله أو في عرضه أو ابتلي بعدو يخيفه عظم جزعه وظهر هلعه .
3)الثالث قوم لهم نوع من الصبر بلا تقوى مثل الفجار الذين يصبرون على ما يصبيهم في مثل أهوائهم كاللصوص والقطاع الذين يصبرون على الآلام في مثل ما يطلبونه من الغصب وأخذ الحرام والكتاب وأهل الديوان الذين يصبرون على ذلك في طلب ما يحصل لهم من الأموال بالخيانة وغيرها وكذلك طلاب الرئاسة والعلو على غيرهم يصبرون من ذلك على أنواع من الأذى التي لا يصبر عليها أكثر الناس وكذلك أهل المحبة للصور المحرمة من أهل العشق وغيرهم يصبرون في مثل ما يهوونه من المحرمات على أنواع من الأذى والآلام وهؤلاء هم الذين يريدون علوا في الأرض أو فسادا من طلاب الرئاسة والعلو على الخلق ومن طلاب الأموال بالبغي والعدوان والاستمتاع بالصور المحرمة نظرا أو مباشرة وغير ذلك يصبرون على أنواع من المكروهات ولكن ليس لهم تقوى فيما تركوه من المأمور وفعلوه من المحظور وكذلك قد يصبر الرجل على ما يصيبه من المصائب كالمرض والفقر وغير ذلك ولا يكون فيه تقوى إذا قدر.
4) وأما القسم الرابع فهو شر الأقسام لا يتقون إذا قدروا ولا يصبرون إذا ابتلوا بل هم كما قال الله تعالى(( إن الإنسان خلق هلوعا وإذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا)) فهؤلاء تجدهم من أظلم الناس وأجبرهم إذا قدروا ومن أذل الناس وأجزعهم إذا قهروا إن قهرتهم ذلوا لك ونافقوك وحابوك واستر حموك ودخلوا فيما يدفعون به عن أنفسهم من أنواع الكذب والذل وتعظيم المسؤول وان فهروك كانوا من أظلم الناس وأقساهم قلبا وأقلهم رحمة وإحسانا وعفوا كما قد جربه المسلمون في كل من كان عن حقائق الأيمان أبعد مثل التتار الذين قاتلهم المسلمون ومن يشبههم في كثير من أمورهم وان كان متظاهرا بلباس جند المسلمين وعلمائهم وزهادهم وتجارهم وصناعهم فالاعتبار بالحقائق فإن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم فمن كان قلبه وعمله من جنس قلوب التتار وأعمالهم كان شبيها لهم من هذا الوجه وكان ما معه من الإسلام أو ما يظهره منه بمنزلة ما معهم من الإسلام وما يظهرونه منه بل يوجد في غير التتار المقاتلين من المظهرين للإسلام من هو أعظم ردة وأولي بالأخلاق الجاهلية وأبعد عن الأخلاق الإسلامية من التتار وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في خطبته ((خير الكلام كلام الله وخير الهدى هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل مبدعة ضلالة)) وإذا كان خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد فكل من كان إلى ذلك أقرب وهو به أشبه كان إلى الكمال أقرب وهو به أحق ومن كان عن ذلك أبعد وشبهه به أضعف كان عن الكمال أبعد وبالباطل أحق والكامل هو من كان لله أطوع وعلى ما يصيبه أصبر فكلما كان أتبع لما يأمر الله به ورسوله وأعظم موافقة لله فيما يحبه ويرضاه وصبرا على ما قدره وقضاه كان أكمل وأفضل وكل من نقص عن هذين كان فيه من النقص بحسب ذلك الصبر والتقوى في الكتاب والسنة وقد ذكر الله الصبر والتقوى جميعا في غير موضع من كتابه وبين أنه ينصر العبد على عدوه من الكفار المحاربين المعاندين والمنافقين وعلى من ظلمه من المسلمين ولصاحبه تكون العاقبة قال الله تعالى(( بلى أن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين)) وقال الله تعالى(( لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وان تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور)) وقال اخوة يوسف له(( أانك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا انه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين)) وقد قرن الصبر بالأعمال الصالحة عموما وخصوصا فقال تعالى ((واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين)) وقال تعالى ((واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشيعن)) وقال تعالى ((استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين)) فهذه مواضع قرن فيها الصلاة والصبر وقرن بين الرحمة والصبر في مثل قوله تعالى(( وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة ))وفي الرحمة الإحسان إلى الخلق بالزكاة وغيرها فإن القسمة أيضا رباعية إذ من الناس من يصبر ولا يرحم كأهل القوة والقسوة ومنهم من يرحم ولا يصبر كأهل الضعف واللين مثل كثير من النساء ومن يشبههن ومنهم من لا يصبر ولا يرحم كأهل القسوة والهلع والمحمود هو الذي يصبر ويرحم كما قال الفقهاء في المتولي ينبغي أن يكون قويا من غير عنف لينا من غير ضعف فبصبره يقوى وبلينه يرحم وبالصبر ينصر العبد فإن النصر مع الصبر وبالرحمة يرحمه الله تعالى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم(( إنما يرحم الله من عباده الرحماء)) وقال(( من لا يرحم لا يرحم)) وقال ((لا تنزع الرحمة إلا من شقي)) وقال ((الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)) والله أعلم انتهى .
من كتاب الزهد والورع والعباده لابن تيميه الجزاء الاول من 99-110
سئل الشيخ الأمام العالم العامل الحبر شيخ الإسلام ومفتي الأنام تقي الدين ابن تيميه أيده الله وزاده من فضله العظيم عن الصبر الجميل و الصفح الجميل والهجر الجميل وما أقسام التقوى والصبر الذي عليه الناس؟
فأجاب رحمه الله الحمد لله أما بعد فإن الله أمر نبيه بالهجر الجميل والصفح الجميل والصبر الجميل فالهجر الجميل هجر بلا أذى والصفح الجميل صفح بلا عتاب والصبر الجميل صبر بلا شكوى قال يعقوب عليه الصلاة والسلام(( إنما أشكو بثي وحزني ألي الله)) مع قوله(( فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون)) فالشكوى ألي الله لا تنافي الصبر الجميل ويروى عن موسى عليه الصلاة والسلام أنه كان يقول(( اللهم لك الحمد واليك المشتكى وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان)) ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ((اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس أنت رب المستضعفين وأنت ربي الله إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي غير أن عافيتك هي أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن ينزل بي سخطك أو يحل علي غضبك لك العتبى حتى ترضى)) وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرأ في صلاة الفجر ((إنما أشكو بثي وحزني إلي الله)) ويبكي حتى يسمع نشيجه من آخر الصفوف بخلاف الشكوى إلى المخلوق قرىء على الأمام أحمد في مرض موته أن طاووسا كره أنين المريض وقال انه شكوى فما أن حتى مات وذلك أن المشتكي طالب بلسان الحال أما إزالة ما يضره أو حصول ما ينفعه والعبد مأمور أن يسأل ربه دون خلقه كما قال تعالى(( فإذا فرغت فانصب والى ربك فارغب)) وقال صلى الله عليه وسلم لابن عباس(( إذا سألت فاسأل الله وإذا استغنت فاستعن بالله)) ولا بد للإنسان من شيئين طاعته بفعل المأمور وترك المحظور وصبره على ما يصيبه من القضاء المقدور فالأول هو التقوى والثاني هو الصبر قال تعالى ((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا)) إلي قوله(( وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط)) وقال تعالى(( بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين)) وقال تعالى(( لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وان تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ))وقد قال يوسف(( أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا انه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين)) ووصية الشيخ عبد القادر ولهذا كان الشيخ عبد القادر ونحوه من المشائح المستقيمين يوصون في عامة كلامهم بهذين الأصليين المسارعة إلى فعل المأمور والتقاعد عن فعل المحظور والصبر والرضا بالأمر المقدور.
أقسام الناس في التقوى والصبر:
1) أحدها أهل التقوى والصبر وهم الذين أنعم الله عليهم من أهل السعادة في الدنيا والآخرة
2) الثاني الذين لهم نوع من التقوى بلا صبر مثل الذين يمتثلون ما عليهم من الصلاة ونحوها ويتركون المحرمات لكن إذا أصيب أحدهم في بدنه بمرض ونحوه أو في ماله أو في عرضه أو ابتلي بعدو يخيفه عظم جزعه وظهر هلعه .
3)الثالث قوم لهم نوع من الصبر بلا تقوى مثل الفجار الذين يصبرون على ما يصبيهم في مثل أهوائهم كاللصوص والقطاع الذين يصبرون على الآلام في مثل ما يطلبونه من الغصب وأخذ الحرام والكتاب وأهل الديوان الذين يصبرون على ذلك في طلب ما يحصل لهم من الأموال بالخيانة وغيرها وكذلك طلاب الرئاسة والعلو على غيرهم يصبرون من ذلك على أنواع من الأذى التي لا يصبر عليها أكثر الناس وكذلك أهل المحبة للصور المحرمة من أهل العشق وغيرهم يصبرون في مثل ما يهوونه من المحرمات على أنواع من الأذى والآلام وهؤلاء هم الذين يريدون علوا في الأرض أو فسادا من طلاب الرئاسة والعلو على الخلق ومن طلاب الأموال بالبغي والعدوان والاستمتاع بالصور المحرمة نظرا أو مباشرة وغير ذلك يصبرون على أنواع من المكروهات ولكن ليس لهم تقوى فيما تركوه من المأمور وفعلوه من المحظور وكذلك قد يصبر الرجل على ما يصيبه من المصائب كالمرض والفقر وغير ذلك ولا يكون فيه تقوى إذا قدر.
4) وأما القسم الرابع فهو شر الأقسام لا يتقون إذا قدروا ولا يصبرون إذا ابتلوا بل هم كما قال الله تعالى(( إن الإنسان خلق هلوعا وإذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا)) فهؤلاء تجدهم من أظلم الناس وأجبرهم إذا قدروا ومن أذل الناس وأجزعهم إذا قهروا إن قهرتهم ذلوا لك ونافقوك وحابوك واستر حموك ودخلوا فيما يدفعون به عن أنفسهم من أنواع الكذب والذل وتعظيم المسؤول وان فهروك كانوا من أظلم الناس وأقساهم قلبا وأقلهم رحمة وإحسانا وعفوا كما قد جربه المسلمون في كل من كان عن حقائق الأيمان أبعد مثل التتار الذين قاتلهم المسلمون ومن يشبههم في كثير من أمورهم وان كان متظاهرا بلباس جند المسلمين وعلمائهم وزهادهم وتجارهم وصناعهم فالاعتبار بالحقائق فإن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم فمن كان قلبه وعمله من جنس قلوب التتار وأعمالهم كان شبيها لهم من هذا الوجه وكان ما معه من الإسلام أو ما يظهره منه بمنزلة ما معهم من الإسلام وما يظهرونه منه بل يوجد في غير التتار المقاتلين من المظهرين للإسلام من هو أعظم ردة وأولي بالأخلاق الجاهلية وأبعد عن الأخلاق الإسلامية من التتار وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في خطبته ((خير الكلام كلام الله وخير الهدى هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل مبدعة ضلالة)) وإذا كان خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد فكل من كان إلى ذلك أقرب وهو به أشبه كان إلى الكمال أقرب وهو به أحق ومن كان عن ذلك أبعد وشبهه به أضعف كان عن الكمال أبعد وبالباطل أحق والكامل هو من كان لله أطوع وعلى ما يصيبه أصبر فكلما كان أتبع لما يأمر الله به ورسوله وأعظم موافقة لله فيما يحبه ويرضاه وصبرا على ما قدره وقضاه كان أكمل وأفضل وكل من نقص عن هذين كان فيه من النقص بحسب ذلك الصبر والتقوى في الكتاب والسنة وقد ذكر الله الصبر والتقوى جميعا في غير موضع من كتابه وبين أنه ينصر العبد على عدوه من الكفار المحاربين المعاندين والمنافقين وعلى من ظلمه من المسلمين ولصاحبه تكون العاقبة قال الله تعالى(( بلى أن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين)) وقال الله تعالى(( لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وان تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور)) وقال اخوة يوسف له(( أانك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا انه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين)) وقد قرن الصبر بالأعمال الصالحة عموما وخصوصا فقال تعالى ((واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين)) وقال تعالى ((واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشيعن)) وقال تعالى ((استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين)) فهذه مواضع قرن فيها الصلاة والصبر وقرن بين الرحمة والصبر في مثل قوله تعالى(( وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة ))وفي الرحمة الإحسان إلى الخلق بالزكاة وغيرها فإن القسمة أيضا رباعية إذ من الناس من يصبر ولا يرحم كأهل القوة والقسوة ومنهم من يرحم ولا يصبر كأهل الضعف واللين مثل كثير من النساء ومن يشبههن ومنهم من لا يصبر ولا يرحم كأهل القسوة والهلع والمحمود هو الذي يصبر ويرحم كما قال الفقهاء في المتولي ينبغي أن يكون قويا من غير عنف لينا من غير ضعف فبصبره يقوى وبلينه يرحم وبالصبر ينصر العبد فإن النصر مع الصبر وبالرحمة يرحمه الله تعالى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم(( إنما يرحم الله من عباده الرحماء)) وقال(( من لا يرحم لا يرحم)) وقال ((لا تنزع الرحمة إلا من شقي)) وقال ((الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)) والله أعلم انتهى .
من كتاب الزهد والورع والعباده لابن تيميه الجزاء الاول من 99-110