أبي التياح الضبعي
04-23-2004, 10:35 PM
استنكار العلماء لِمَا يقوم به المبطلون من تفجير وتخريب
الحمد لله ، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله أما بعد:
إن الاعتداء على دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم مما عظمت حرمته في الكتاب والسنة ، ومما اتفقت على استنكاره وإبطاله جميع الشرائع السماوية ، وجاءت الشريعة الإسلامية بحفظ دماء المعاهدين والمستأمنين وحفظ حقوقهم، وإن الاعتداء على المسلمين والمعاهدين والذميين والمستأمنين لا تقره شريعة ، ولا يقره عقل.
ولَمَّا استطال بعض المتطرفين والخوارج على دماء المسلمين والمعاهدين والمستأمنين تعالت صيحات العلماء تنديداً بهذا الفعل الشنيع ، واستنكاراً لتلك الأفعال النَّكراء.
وسأذكر بعض الأحاديث المحذرة من تكفير المسلم، مع بيان مفصل صدر عن هيئة كبار العلماء حوى خطورة التكفير وضوابطه.
ثم أورد بعض بيانات هيئة كبار العلماء في الدولة السعودية -حرسَها اللهُ- ، وبعض بيانات العلماء وفتاواهم التي تضمنت استنكار تلك الأعمال الإجرامية والأفعال الشيطانية ..
والله الموفق لا رب سواه.
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
كلام سماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ -حفظَهُ اللهُ ورعاهُ- حول تفجيرات الرياض الأخيرة
1- وصف سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ الانفجار الذي وقع ظهر أمس في الرياض بأنه عمل إجرامي من فئة ضالة مجرمة استباحت حرمة الدين وبلاد المسلمين.
وقال سماحته في اتصال هاتفي أجرته (عكاظ) : إن هذه الفئة المفسدة ستنال عقابها في الدنيا والآخرة نظراً
لما تقترفه من أعمال إجرامية يرفضها الدين جملة وتفصيلاً وهم على ضلال.وأكد سماحة المفتي أن هؤلاء المجرمين لابد من تعقبهم وعقابهم العقاب الشرعي.
ودعا سماحته جميع أبناء الوطن الوقوف صفاً واحداً مع قيادتها ورجال الأمن للتصدي لمثل هؤلاء المجرمين الذين أظهرت أعمالهم وجرائمهم أنهم فئة إجرامية ضالة تهدف لزعزعة الأمن وترويع الآمنين من مواطنين ومقيمين وتخريب المنشآت.
واختتم سماحته بقوله : إنني أدعو الله أن يرد كيد هؤلاء إلى نحورهم وان يقضي عليهم بإذن الله وقوته.
رَ: جريدة عكاظ ( الخميس - 3/3/1425هـ ) الموافق 22 / ابريل/ 2004 - العدد 1040
2- المفتي العام: من يستحل ما حرّم الله فهو ضال مفترٍ على الله والضالون ليس لهم أي حجة يعتمدون عليها
عبر سماحة المفتي العام للسعودية فضيلة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ إثر تفجيرات الرياض يوم أمس، عن أسفه لما وصلت إليه هذه الفئة التي وصفها بالضالة، من استباحة واضحة لدماء المسلمين من المواطنين ورجال الأمن بعدما كانوا ينفون تعمد ذلك في الحالات السابقة، موضحاً في تصريحه لـ "الوطن" بأن "هؤلاء فئة ضالة، وقد وصل بهم الأمر إلى هذا الحد السيء في استباحة دماء المواطنين ورجال الأمن، وهذا من مبدأ الخوارج الذين ظاهروا الإمام علي رضي الله عنه".
وعن التبريرات والأدلة التي من الممكن أن يستـند إليها هؤلاء في أفعالهم قال: "ليس لهم في ذلك أي مستـند أو دليل أو حجة يعتمدون عليها، إنما هو مرض في النفس، واتباع للهوى، واستحلال للباطل".
وحول حكم من يقوم بمثل هذه الأعمال متعمداً قتل الأرواح المسلمة قال: "من يستحل ما حرّم الله فهو ضال مفترٍ على الله، والنبي عليه الصلاة والسلام حذر أشد التحذير من الاعتداء على الأرواح المسلمة فقال في الحديث: ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر))".
ووجه سماحة المفتي العام في نهاية حديثه كلمة لمثل مرتكبي هذه الأعمال قائلا: "عليهم أن يتوبوا مما هم فيه، وأن يراجعوا أنفسهم، ويعترفوا بخطئهم، وليعلم هؤلاء بأنهم سيلقون الله وفي ذمتهم دماء لأرواح بريئة".
رَ: جريدة الوطن الخميس 3/3/1425هـ عدد1301 السنة الرابعة
3- المفتي العام لـ "الرياض": التفجير الإجرامي كشف فساد الفئة الضالة وكذب ما تدعي .
استنكر سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ التفجير الإجرامي الآثم الذي تعرض له مبنى للأمن العام يعمل فيه مسلمون من أبناء هذه البلاد.
وقال سماحته لـ"الرياض": إن هذا التفجير جريمة نكراء تدل على فساد نية هؤلاء المجرمين وكذب ما يدعون به من أنهم يستهدفون فئة خاصة بل المقصود من تفجيراتهم السابقة واللاحقة إلحاق الضرر والأذى بالإسلام وأهله في كل مكان.
وخاطب سماحته رجال الأمن قائلاً: اصبروا وصابروا ورابطوا وجاهدوا وقوموا بواجبكم، أرجو الله أن يكلل مساعيكم بالنجاح وأن يوفقكم لما تقومون به من خير لخدمة الدين ثم الوطن وأبنائه كما أرجو الله أن يوفق ولاة أمرنا ويسدد خطاهم ويعينهم على كل خير ويكبت من فيه شر على الإسلام وأهله.
ووجه آل الشيخ كلمة لذوي الشهداء والمصابين من رجال الأمن والمواطنين قائلاً: يا إخواني من أصيب بمصيبة من أبناء المسلمين أو رجال الأمن فعلى آبائهم الصبر والاحتساب فهؤلاء مظلومون أرجو أن يكونوا إن شاء الله على خير.
ودعا المفتي العام المسلمين أن يأخذوا على أيدي هذه الفئة الضالة وألا تأخذهم فيهم رحمة لأن هؤلاء مفسدون ويجب الأخذ على أيديهم ومنعهم من إجرامهم من كان جاهلاً أو مغرراً به فليعَلَّم وليؤخذ على يده ومن كان معانداً ومصراً فتجري عليه أحكام الشريعة.
وقال سماحته لابد أن يعلم الجميع أنَّما حدث إنما هو من أناس لا خلاق لهم، من أناس ضعف إيمانهم وقلّ خوفهم من الله واستخفوا بدماء المسلمين فأقدموا على هذه الجريمة النكراء التي لا مبرر لها إنما أملاها عليهم الحقد على الإسلام وأهله.
ودعا آل الشيخ الشباب إلى التكاتف والتعاون وشد أزر المسؤولين والوقوف معهم صفاً واحداً ضد من يريد تعكير وتكدير صفو أمن هذه الأمة ويخطط لها المكائد.
وأشار سماحته إلى أن هذه الجريمة النكراء جاءت بسبب ضعف الإيمان وقلة في الحياء وعدم شكر الله على نعمته وسفك دماء المسلمين بغير وجه شرعي يقول تعالى: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً}.
وقال سماحته : إن على المواطنين أن يشكروا الله على نعمته وألا يسمحوا لأي مجرم ومفسد أن ينفذ إجرامه وأن نقف صفاً واحداً ويداً واحدة متلاحمين متعاونين مع حكومتنا وبلادنا واقفين مع مسؤولينا وقفة الصدق والأمانة وإظهار الإخلاص والصدق في التعامل حتى نجنب بلادنا هذه المزالق لأننا مستهدفون محسودون على ما نحن فيه من نعمة فيجب ألا ندع لأي مفسد فرصة لينفث فيها سمومه القاتلة.
وسأل آل الشيخ الله أن يقي بلادنا كل سوء وأن يحفظها من كل مكروه ويرد عنا كيد الكائدين ويفضح من في نواياه خبث لهذه البلاد
رَ: جريدة الرياض الخميس 03 ربيع الأول 1425العدد 13089 السنة 39
4- مفتي عام المملكة مندداً بأحداث الوشم: الانفجار عمل لا يقره شرع ولا عقل سليم.
أوضح سماحة مفتي عام المملكة فضيلة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ في فتوى أصدرها فضيلته قال فيها: إن ما حدث أمر لا يقره شرع ولا عقل سليم، وأن نسب الإرهاب بهذه الصورة إلى الإسلام هو تهمة للإسلام بما ينافي شرائعه ويناقض أحكامه.
وقد صدر عن هيئة كبار العلماء بيان في عام 1419هـ يعلن موقف علماء المسلمين في المملكة من هذه الأعمال الإرهابية. وهيئة كبار العلماء إذ تبين حكم تكفير الناس بغير برهان من كتاب الله وسنة رسوله وخطورة إطلاق ذلك لما يترتب عليه من الشرور والآثام، فإنها تعلن أن الإسلام بريء من هذا المعتقد الخاطئ وأن ما يجري في بعض البلدان من سفك دماء بريئة وتفجير للمساكن والمركبات والمرافق العامة والخاصة، وتخريب للمنشآت هو عمل إجرامي والإسلام بريء منه.
وكل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر بريء منه، وإنما هذا التصرف من صاحب فكر منحرف وعقيدة فهو يحمل إثمه وجرمه فلا يحسب على الإسلام ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام المعتصمين بكتاب الله وسنة المصطفى المتمسكين بحبل الله المتين. وإنما هو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة.
رَ: جريدة الجزيرة العدد 11529 الخميس 3 ,ربيع الأول
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
التحذير من تكفير المسلم وضوابط التكفير
هذه بعض الأدلة التي تبين حرمة دم المؤمن ، والوعيد الشديد لمن يستهين بدم المسلم.
قال تعالى: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} ، وقال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ}.
وقال النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((كل المسلم على المسلم حرام دمه ، وماله ، وعرضه))[ رواه مسلم في صحيحه(4/1986رقم2564) من حديث أبي هريرة -رضي اللهُ عنه- ]
فقال: (( أيُّمَا امرئ قال لأخيه: يا كافر ، فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال؛ وإلا رجعت عليه)) [رواه البخاري في صحيحه(7/127رقم6104) ، ومسلم في صحيحه(1/79رقم60) من حديث عبد الله بن عمر -رضي اللهُ عنما-]
وقال النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((ولعن المؤمن كقتله، ومن رمى مؤمناً بكفر فهو كقتله)) [رواه البخاري في صحيحه(5/2264رقم5754-البغا)، ومسلم في صحيحه(1/104رقم110) من حديث ثابت بن الضحاك -رضي اللهُ عنه- ].
وتكفير المسلم وسيلة لاستحلال دمه وقتله، وقد جاء الوعيد الشديد فيمن يقتل مؤمناً.
قال تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}
وعن أبي هريرة -رضي اللهُ عنه- أن رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- قال: ((اجتنبوا السبع الموبقات))
قيل: يا رسول الله ، وما هن ؟ قال: ((الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات))رواه البخاري في صحيحه(12/181-مع فتح الباري) ، ومسلم في صحيحه(1/92رقم89) .
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراماً)[ رواه البخاري في صحيحه(6/2517رقم6469).]
وقال ابن عمر -رضي الله عنهما- : "إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله"[ رواه البخاري في صحيحه(6/2517رقم6470)].
وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- قال: ((لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم)) [رواه الترمذي في جامعه(4/16رقم1395) ، والنسائي في سننه(7/82رقم3987) وغيرهما وهو حديث صحيح بمجموع طرقه. انظر: غاية المرام تخريج أحاديث الحلال والحرام للشيخ الألباني -رحمهُ اللهُ-(ص/253رقم439)]
وعن عبد الله بن عمرو قال: رأيت رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- يطوف بالكعبة ويقول : ((ما أطيبك! وما أطيب ريحك! ، ما أعظمك! وما أعظم حرمتك! ، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمتك -ماله ودمه-))[رواه ابن ماجه في سننه(2/1297 رقم3932) وهو حديث صحيح لغيره انظر: صحيح الترغيب والترهيب(رقم2441)]
عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن أخوفَ ما أخافُ عليكم رجل قرأ القرآن ، حتى إذا رُئِيَتْ بَهْجَتُهُ عليه، وكان ردءاً للإسلام غيره إلى ما شاء الله ، فانسلخ منه، ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسَّيفِ ، ورماه بالشرك))
قال: قلت : يا نبي الله أيهما أولى بالشرك: المرمي أم الرامي؟
قال -صلى الله عليه وسلم-: ((بل الرامي)) [رواه ابن حبان في صحيحه(1/281-282رقم81)، والبزار(7/220رقم2793) وحسنه.].
عن عبد الله بن عباس -رضي اللهُ عنهما-: أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أبغضُ الناس إلى الله ثلاثة: ملحدٌ في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه)) رواه البخاري في صحيحه(6/2523-البغا)
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
بعض بيانات هيئة كبار العلماء المنددة بالتفجير والتكفير
بيان من هيئة كبار العلماء حول التكفير والتفجير
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد درس مجلس هيئة كبار العلماء في دورته التاسعة والأربعين المنعقدة بالطائف، ابتداء من تاريخ 2/4/1419هـ ما يجري في كثير من البلاد الإسلامية، وغيرها من التكفير والتفجير، وما ينشأ عنه من سفك الدماء ، وتخريب المنشآت، ونظراً إلى خطورة هذا الأمر، وما يترتب عليه من إزهاق أرواح بريئة ؛ وإتلاف أموال معصومة ، وإخافة للناس ، وزعزعة لأمْنهم واستقرارهم، فقد رأى المجلس إصدار بيان يوضح فيه حكم ذلك نصحاً لله ، ولعباده ، وإبراء للذمة وإزالة للبس في المفاهيم لدى من اشتبه عليه الأمر في ذلك، فنقول وبالله التوفيق :
أولاً: التكفير حكم شرعي، مرده إلى الله ورسوله، فكما أن التحليل والتحريم والإيجاب إلى الله ورسوله، فكذلك التكفير، وليس كل ما وصف بالكفر من قول أو فعل، يكون كفراً أكبر مخرجاً عن الملة .
ولَمَّا كان مرد حكم التكفير إلى الله ورسوله ؛ لم يجز أن نكفر إلا من دل الكتاب والسنة على كفره دلالة واضحة ، فلا يكفي في ذلك مجرد الشبهة والظن، لِمَا يترتب على ذلك من الأحكام الخطيرة، وإذا كانت الحدود تدرأ بالشبهات، مع أن ما يترتب عليها أقل مِمَّا يترتب على التكفير، فالتكفير أولى أن يدرأ بالشبهات؛ ولذلك حذر النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- من الحكم بالتكفير على شخص ليس بكافر، فقال: (( أيُّمَا امرئ قال لأخيه: يا كافر ، فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال؛ وإلا رجعت عليه))[ رواه البخاري في صحيحه(7/127رقم6104) ، ومسلم في صحيحه(1/79رقم60) من حديث عبد الله بن عمر -رضي اللهُ عنه-.]
وقد يرد في الكتاب والسنة ما يفهم منه أنَّ هذا القول أو العمل أو الاعتقاد كفر، ولا يكفر من اتصف به، لوجود مانع يمنع من كفره، وهذا الحكم كغيره من الأحكام التي لا تتم إلا بوجود أسبابها وشروطها، وانتفاء موانعها كما في الإرث، سببه القرابة –مثلاً- وقد لا يرث بها لوجود مانع كاختلاف الدين، وهكذا الكفر يكره عليه المؤمن فلا يكفر به.
وقد ينطق المسلم بكلمة الكفر لغلبة فرح أو غضب أو نحوهما فلا يكفر بها لعدم القصد، كما في قصة الذي قال: ((اللهم أنت عبدي وأنا ربك)) ؛ أخطأ من شدة الفرح.[رواه مسلم في صحيحه(4/2104رقم2747) من حديث أنس بن مالك -رضي اللهُ عنه- ].
والتسرع في التكفير يترتب عليه أمور خطيرة: من استحلال الدم والمال ، ومنع التوارث وفسخ النكاح ، وغيرها مما يترتب على الردة ، فكيف يسوغ للمؤمن أن يقدم عليه لأدنى شبهة .
وإذا كان هذا في ولاة الأمور كان أشد ؛ لِمَا يترتب عليه من التمرد عليهم، وحمل السلاح عليهم ، وإشاعة الفوضى، وسفك الدماء، وفساد العباد والبلاد ، ولهذا منع النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- من منابذتهم، فقال: ((إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان)) [رواه البخاري في صحيحه(8/422-423رقم7055-7056) ، ومسلم في صحيحه(3/1470 رقم1709) من حديث عبادة بن الصامت -رضي اللهُ عنه- .].
فأفاد قوله: ((إلا أن تروا)) : أنه لا يكفي مجرد الظن والإشاعة. وأفاد قوله: ((كفراً)) أنه لا يكفي الفسوق ولو كبر ؛ كالظلم وشرب الخمر ولعب القمار، والاستئثار المحرم. وأفاد قوله: ((بواحاً)) أنه لا يكفي الكفر الذي ليس ببواح؛ أي: صريح ظاهر. وأفاد قوله: (( عندكم فيه من الله برهان)): أنه لا بد من دليل صريح ، بحيث يكون صحيح الثبوت ، صريح الدلالة ، فلا يكفي الدليل ضعيف السند ، ولا غامض الدلالة . وأفاد قوله: ((من الله)) أنه لا عبرة بقول أحد من العلماء مهما بلغت مَنْزِلته في العلم والأمانة إذا لم يكن لقوله دليل صريح صحيح من كتاب الله، أو سنة رسوله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- .
وهذه القيود تدل على خطورة الأمر .
وجملة القول: أن التسرع في التكفير له خطره العظيم ؛ لقول الله -عزَّ وجلَّ-: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}
ثانياً: ما نجم عن هذا الاعتقاد الخاطئ: من استباحة الدماء، وانتهاك الأعراض، وسلب الأموال الخاصة والعامة، وتفجير المساكن والمركبات، وتخريب المنشآت ، فهذه الأعمال وأمثالها محرمة شرعاً بإجماع المسلمين؛ لما في ذلك من هتك لحرمة الأنفس المعصومة ، وهتك لحرمة الأموال، وهتك لحرمات الأمن والاستقرار ، وحياة الناس الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم، وغدوهم ورواحهم ، وهتك للمصالح العامة التي لا غنى للناس في حياتهم عنها .
وقد حفظ الإسلام للمسلمين أموالهم ، وأعراضهم ، وأبدانهم ، وحرم انتهاكها، وشدد في ذلك ، وكان من آخر ما بلغ به النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- أمته ، فقال في خطبة حجة الوداع : ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ؛ كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا)) ثم قال -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد)) متفق عليه.
وقال -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((كل المسلم على المسلم حرام دمه ، وماله ، وعرضه)) [رواه مسلم في صحيحه(4/1986رقم2564) من حديث أبي هريرة -رضي اللهُ عنه- ] ، وقال –عليه الصلاة والسلام- : ((اتقوا الظلم ، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)) [رواه مسلم في صحيحه(4/1996رقم2578) من حديث جابر -رضي اللهُ عنه- ].
وقد توعد الله سبحانه من قتل نفساً معصومة بأشد الوعيد، فقال سبحانه في حق المؤمن: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} ، وقال سبحانه في حق الكافر الذي له ذمة في حكم قتل الخطأ : {وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً} فإذا كان الكافر الذي له أمان إذا قتل خطأ فيه الدية والكفارة ، فكيف إذا قتل عمداً ، فإنَّ الجريمة تكون أعظم ، والإثم يكون أكبر . وقد صح عن رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- أنه قال : ((من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة)) [رواه البخاري في صحيحه(4/398-399رقم3166) من حديث عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما- ].
ثالثاً: إن المجلس إذ يبين حكم تكفير الناس بغير برهان من كتاب الله وسنة رسوله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- وخطورة إطلاق ذلك، لما يترتب عليه من شرور وآثام ، فإنه يعلن للعالم أن الإسلام بريء من هذا المعتقد الخاطئ ، وأن ما يجري في بعض البلدان من سفك للدماء البريئة، وتفجير للمساكن والمركبات والمرافق العامة والخاصة، وتخريب للمنشآت هو عمل إجرامي، والإسلام برئ منه، وهكذا كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر بريء منه ، وإنما هو تصرف من صاحب فكر منحرف ، وعقيدة ضالة؛ فهو يحمل إثمه وجرمه ، فلا يحتسب عمله على الإسلام، ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام، المعتصمين بالكتاب والسنة ، المستمسكين بحبل الله المتين ، وإنما هو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة؛ ولهذا جاءت نصوص الشريعة قاطعة بتحريمه محذرة من مصاحبة أهله . قال الله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ {204} وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرض لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ {205} وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ {206}.
والواجب على جميع المسلمين في كل مكان التواصي بالحق ، والتناصح والتعاون على البر والتقوى ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، كما قال الله -سبحانه وتعالى- : {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، وقال سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} وقال -عزَّ وجلَّ- : {وَالْعَصْرِ {1} إِنَّ الإنسان لَفِي خُسْرٍ {2} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ {3}
وقال النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((الدين النصيحة)) قيل: لمن يارسول الله ؟ قال: ((لله ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم)) [رواه مسلم في صحيحه(1/74رقم55) من حديث تميم الداري -رضي اللهُ عنه- ] ،
وقال -عليه الصلاة والسلام- : ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)) [رواه البخاري في صحيحه(7/102رقم6011) ، ومسلم في صحيحه(4/1939 رقم2586) من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- ].
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
ونسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى ، وصفاته العلى : أن يكفَّ البأس عن جميع المسلمين ، وأن يوفق جميع ولاة أمور المسلمين إلى ما فيه صلاح العباد والبلاد، وقمع الفساد والمفسدين، وأن ينصر بهم دينه ، ويعلي بهم كلمته، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعاً في كل مكان، وأن ينصر بهم الحق ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه"
مجلة البحوث العلمية. عدد56 (ص/357) .
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
بيان هيئة كبار العلماء حول أعمال الشغب التي قام بها بعض الحجاج الإيرانيين في موسم حج عام 1407هـ.
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ، ومن اهتدى بهديه ، واتَّبع سنته إلى يوم الدين . وبعد:
فقد اطلع مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية على الأحداث المؤسفة التي قام بها بعض الحجاج الإيرانيين بعد صلاة العصر من يوم الجمعة السادس من شهر ذي الحجة لعام 1407هـ من تجمُّعات ومسيرة صاخبة ، تعطَّل بسببها خروج المصلين إلى منازلهم ومصالحهم ، وتعرقلت حركة المرور ، وتوقَّف السير فجأة في الشوارع والطرقات ، مما أدى إلى تدخل الحجاج والمواطنين المحتجزين عن الحركة مع الحجاج الإيرانيين في محاولة لإقناعهم بإخلاء الشوارع ، ورفض المسيرة إلا أنَّ الحجاج الإيرانيين أصروا على استكمال مسيرتهم الغوغائية رغم جميع المحاولات السلمية الهادئة التي بذلها الحجاج الآخرون على مختلف جنسياتهم وكذا المواطنون سقط خلالها المئات من القتلى والجرحى من النساء والرجال حجاجاً ومواطنين . وإن المجلس ليستنكر هذا العمل ويشجبه، لِما فيه من إيذاء المسلمين من الحجاج وغيرهم في هذا البلد الحرام في الشهر الحرام ، ولكونه وسيلة إلى ما لا تحمد عقباه من قتل النفوس ، ومضايقة الناس وغير ذلك من أنواع الأذى والظلم ، كما يُحَمَّل الإيرانيين مسئولية ما نشأ عن عملهم هذا من مفاسد وفتن .
ولا شك أن هذا العمل مخالف لأمر الله سبحانه لمن أراد الحج بقوله: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} والواجب على المسلم أن يلتزم بما أمر الله به ، ورسوله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- من الأخلاق الكريمة ، والمعاملة الطيبة لإخوانه المسلمين.
ولقد عظَّم الله سبحانه وتعالى بيته الكريم ، وجعل له من الخصائص ما ليس لغيره من الأمكنة والبقاع ، فقال سبحانه: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً}، وتوعَّد من أراد الإلحاد فيه بالعذاب الأليم بقوله سبحانه: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}
قال ابن عباس --: الظلم هو أن تستحل من الحرم ما حرم الله عليك من إساءة أو قتل ، فتظلم من لا يظلمك ، وتقتل من لا يقتلك.اهـ.
وقد حرم الله سبحانه إيذاء المؤمنين والمؤمنات في كتابه الكريم في كل مكان وفي كل زمان ، فكيف بإيذائهم في البلد الأمين ، وفي وقت أداء المناسك ، لاشك أن هذا يكون أشد إثماً ، وأعظم جرماً ، قال سبحانه : {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً}
وقد بيَّن الله سبحانه وتعالى مشروعية الحج ومنافعه بقوله: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ {27} لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ {28} ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ {29} ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ –إلى قوله سبحانه- فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ –إلى قوله سبحانه- ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ{32}
فهذه هي أوامر الله سبحانه وتعالى وتوجيهاته لحجاج بيت الله الحرام : لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ، ولا استهانة بحرمات الله ، ولا تلفظاً بقول الزور، بل ذكر الله وتعظيم لحرماته وشعائره.
وبذلك يعلم أن ما فعله بعض الحجاج الإيرانيين بأعمالهم الاستفزازية مخالف لأوامر الله وتوجيهاته التي وردت في كتابه الكريم ، وعلى لسان رسوله الأمين.
فالواجب على جميع علماء المسلمين وحكامهم وقادتهم إنكار ذلك وشجبه ليعلم كل أحد تحريم هذا العمل وبشاعته ومخالفته لشرع الله ، وسوء ما يترتب عليه من العواقب الضارة بالمسلمين من الحجاج وغيرهم وعلى المتظاهرين أنفسهم .
وبذلك يعلم حكام إيران أن الواجب عليهم منع حجاجهم من هذا العمل السيء، وعدم تشجيعهم عليه لما تقدم من الأدلة الشرعية ، والمعاني المرعية ، والعواقب السيئة المترتبة على ذلك.
كما يعلم أن الواجب على حكومة هذه البلاد وفقها الله منع مثل هذا العمل ، وعدم التمكين منه بالطرق التي تراها كفيلة بذلك حماية لحجاج المسلمين وغيرهم من المواطنين من الأذى والظلم وغير ذلك مما يترتب على هذه الأعمال المخالفة للشرع ممن العواقب الوخيمة.
وبهذه المناسبة فإن المجلس حين يستنكر هذا الحادث ويشجبه يوصي جميع حجاج بيت الله الحرام بتقوى الله وتعظيم حرماته ، والتعاون على البر والتقوى ، وعطف بعضهم على بعض ، وإحسان بعضهم إلى البعض الآخر ، والحذر من كل ما يضرهم في دينهم ودنياهم ، أو يشغلهم عن أداء مناسكهم على الوجه الذي شرعه الله ، والله المسؤول أن ينصر دينه ، ويعلي كلمته ، ويصلح أحوال المسلمين في كل مكان ، ويصلح قادتهم ، ويمنح الجميع الفقه في دينه والثبات عليه ،وأن يوفق ولاة أمر هذه البلاد لكل ما فيه صلاح الأمة وسعادتها ، وتسهيل أمور الحج للمسلمين ، وأن يضاعف مثوبتهم على ما قدموه من إحسان وتسهيل وأن يزيدهم من فضله ، وينصر بهم الحق ، إنه جواد كريم .
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.
هيئة كبار العلماء
عبد الله خياط ، عبد العزيز بن صالح ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، سليمان عبيد ، عبد المجيد حسن ، إبراهيم بن محمد آل الشيخ ، صالح بن غصون ، محمد جبير ، صالح بن محمد اللحيدان ، عبد الله بن غديان راشد بن خنين ، عبد الله بن منيع ، حسن بن جعفر العتمي ، عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ محمد الصالح العثيمين ، عبد الله البسام ، صالح الفوزان
انظر: مجلة البحوث العلمية عدد2 (ص/317-320) .
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
قرار مجلس هيئة كبار العلماء حول حادث التخريب
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين. وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه أجمعين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين ، وبعد:
فإن مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الثانية والثلاثين المنعقدة في مدينة الطائف ابتداء من 18/1/1409 إلى 12/1/1409بناءً على ما ثبت لديه من وقوع عدة حوادث تخريب ذهب ضحيتها الكثير من الناس الأبرياء ، وتلف بسببها كثير من الأموال والممتلكات والمنشآت العامة في كثير من البلاد الإسلامية وغيرها ، قام بها بعض ضعاف الإيمان أو فاقديه من ذوي النفوس المريضة والحاقدة ، ومن ذلك:
نسف المساكن ، وإشعال الحرائق في الممتلكات العامة ، ونسف الجسور والأنفاق ، وتفجير الطائرات أو خطفها ، وحيث لو حظ كثرة وقوع مثل هذه الجرائم في عدد من البلاد القريبة والبعيدة ، وبما إن المملكة العربية السعودية كغيرها من البلدان عرضة لوقوع مثل هذه الأعمال التخريبية ، فقد رأى مجلس هيئة كبار العلماء ضرورة النظر في تقرير عقوبة رادعة لمن يرتكب عملاً تخريبياً ، سواء كان موجهاً ضد المنشآت العامة والمصالح الحكومية ، أو كان موجهاً لغيرها بقصد الإفساد والإخلال بالأمن.
وقد اطلع المجلس على ما ذكره أهل العلم من أن الأحكام الشرعية تدور من حيث الجملة على وجوب حماية الضروريات الخمس، والعناية بأسباب بقائها مصونة سالمة وهي: الدين والنفس والعرض والعقل والمال.
وقد تصور المجلس الأخطار العظيمة التي تنشأ عن جرائم الاعتداء على حرمات المسلمين في نفوسهم وأعراضهم وأموالهم ، وما تسببه الأعمال التخريبية من الإخلال بالأمن العام في البلاد، ونشوء حالة الفوضى والاضطراب ، وإخافة المسلمين وممتلكاتهم.
والله سبحانه وتعالى قد حفظ للناس أديانهم وأبدانهم وأرواحهم وأعراضهم وعقولهم وأموالهم بما شرعه من الحدود والعقوبات التي تحقق الأمن العام والخاص، ومما يوضح ذلك قوله سبحانه وتعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرض فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} الآية، وقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرض ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
وتطبيق ذلك كفيل بإشاعة الأمن والاطمئنان، وردع من تسول له نفسه الإجرام والاعتداء على المسلمين في أنفسهم وممتلكاتهم ، وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن حكم المحاربة في الأمصار وغيرها على السواء، لقوله سبحانه: {ويسعون في الأرض فساداً} ، والله تعالى يقول: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ {204} وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرض لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ} ، وقال تعالى: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأرض بَعْدَ إِصْلاَحِهَا}
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: "ينهى تعالى عن الإفساد في الأرض وما أضر بعد الإصلاح ، فإنه إذا كانت الأمور ماشية على السداد ثم وقع الإفساد بعد ذلك كان أضر ما يكون على العباد ، فنهى تعالى عن ذلك" أ. هـ [تفسير ابن كثير(2/223).]
وقال القرطبي: "نهى سبحانه وتعالى عن كل فساد قل أو كثر بعد صلاح قل أو كثر فهو على العموم على الصحيح من الأقوال" أ. هـ. [تفسير القرطبي(7/226)]
وبناء على ما تقدم ولأن ما سبق إيضاحه يفوق أعمال المحاربين الذين لهم أهداف خاصة يطلبون حصولهم عليها من مال أو عرض، وهؤلاء هدفهم زعزعة الأمن وتقويض بناء الأمة ، واجتثات عقيدتها ، وتحويلها عن المنهج الرباني ، فإن المجلس يقرر بالإجماع ما يلي:
أولاً : من ثبت شرعاً أنه قام بعمل من أعمال التخريب والإفساد في الأرض التي تزعزع الأمن ، بالاعتداء على النفس والممتلكات الخاصة أو العامة، كنسف المساكن أو المساجد أو المدارس أو المستشفيات والمصانع والجسور ، ومخازن الأسلحة والمياه والموارد العامة لبيت المال كأنابيب البترول ، ونسف الطائرات أو خطفها ونحو ذلك فإن عقوبته القتل ، لدلالة الآيات المتقدمة على أن مثل هذا الإفساد في الأرض يقتضي إهدار دم المفسد ، ولأن خطر هؤلاء الذين يقومون بالأعمال التخريبية وضررهم أشد من خطر وضرر الذي يقطع الطريق فيعتدي على شخص فيقتله أو يأخذ ماله ، وقد حكم الله عليه بما ذكر في آية الحرابة.
ثانياً : أنَّه لابد قبل إيقاع العقوبة المشار إليها في الفقرة السابقة من استكمال الإجراءات قبل إيقاع العقوبة المشار إليها في الفقرة السابقة من استكمال الإجراءات الثبوتية اللازمة من جهة المحاكم الشرعية وهيئات التمييز ومجلس القضاء الأعلى، براءة للذمة واحتياطاً للأنفس، وإشعاراً بما عليه هذه البلاد من التَّقَيُّدِ بكافة الإجراءات اللازمة شرعاً لثبوت الجرائم وتقرير عقابها.
ثالثاً: يرى المجلس إعلان هذه العقوبة عن طريق وسائل الأعلام.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه .
مجلس هيئة كبار العلماء.
قرار رقم(148) الصادر في الدورة الثانية والثلاثين بتاريخ 12/1/1409 "مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد الثاني(ص/181)"
قرار حادث التفجير الذي وقع في الرياض في حي العليا
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وآله وصحبه .
وبعد:
فإن هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية علمت ما حدث من التفجير الذي وقع في حي العليا بمدينة الرياض قرب الشارع العام ضحوة يوم الإثنين20/6/1416 هـ وأنه قد ذهب ضحيته نفوس معصومة، وجرح بسببه آخرون ، وروع آمنون وأخيف عابر السبيل، ولذا فإن الهيئة تقرر أن هذا الاعتداء آثم وإجرام شنيع، وهو خيانة وغدر، وهتك لحرمات الدين في الأنفس، والأموال ، والأمن، والاستقرار ، ولا يفعله إلا نفس فاجرة ، مشبعة بالحقد والخيانة والحسد والبغي والعدوان، وكراهية الحياة والخير، ولا يختلف المسلمون في تحريمه، ولا في بشاعة جرمه وعظيم إثمه ، والآيات والأحاديث في تحريم هذا الأجرام وأمثاله كثيرة ومعلومة.
وإن الهيئة إذ تقرر تحريم هذا الإجرام وتحذر من نزعات السوء، ومسالك الجنوح الفكري ، والفساد العقدي ، والتوجيه المردي، وإن النفس الأمارة بالسوء إذا أرخى لها المرء العنان ذهبت به مذاهب الردى ، ووجد الحاقدون فيها مدخلاً لأغراضهم وأهوائهم التي يبثونها في قوالب التحسين، والواجب على كل من علم شيئاً عن هؤلاء المخربين أن يبلغ عنهم الجهة المختصة.
وقد حذر الله سبحانه في محكم التَّنْزِيل من دعاة السوء والمفسدين في الأرض فقال: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرض ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ، وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ {204} وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرض لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ{205}وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}
نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، أن يهتك ستر المعتدين على حرمات الآمنين، وأن يكف البأس عنا وعن جميع المسلمين، وأن يحمي هذه البلاد وسائر بلا المسلمين من كل سوء ومكروه، وأن يوفق ولاة أمرنا وجميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح العباد والبلاد إنه خير مسؤول.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
مجلس هيئة كبار العلماء
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
قرار حادث التفجير الذي وقع في مدينة الخبر في المنطقة الشرقية
الحمد الله وحده، والصلاة والسلام على من لانبي بعده محمد وآله وصحبه
وبعد:
فإن مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في جلسته الاسثنائية العاشرة المنعقدة في مدينة الطائف يوم السبت13/2/1417 هـ. استعرض حادث التفجير الواقع في مدينة الخبر بالمنطقة الشرقية يوم الثلاثاء 9/2/1417 هـ وما حصل بسبب ذلك من قتل وتدمير وترويع وإصابات لكثير من المسلمين وغيرهم.
وإن المجلس بعد النظر والدراسة والتأمل قرر بالإجماع ما يلي:
أولاً: إن هذا التفجير عمل إجرامي بإجماع المسلمين، وذلك للأسباب الآتية:
1 – في هذا التفجير هتكٌ لحرمات الإسلام المعلومة بالضرورة: هتكٌ لحرمة الأنفس المعصومة، وهتكٌ لحرمات الأمن والاستقرار وحياة الناس الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم، وغدوهم ورواحهم، وهتك للمصالح العامة التي لا غِنَى للناس في حياتهم عنها.
وما أبشع وأعظم جريمة من تجرأ على حرمات الله وظلم عباده وأخاف المسلمين والمقيمين بينهم، فويلٌ له ثم ويلٌ له من عذاب الله ونقمته، ومن دعوة تحيط به، نسأل الله أن يكشف ستره، وأن يفضح أمره.
2 – أن النفس المعصومة في حكم شريعة الإسلام ، هي كل مسلم، وكل من بينه وبين المسلمين أمان كما قال تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}.
وقال سبحانه في حق الذمي الذي ذمة في حكم قتل الخطأ: {وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً} فإذا كان الذمي الذي له أمان إذا قتل خطأ فيه الدية والكفارة، فكيف إذا قتل عمداً؟! فإن الجريمة تكون أعظم والإثم يكون أكبر.
وقد صح عن رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- أنه قال: ((من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة)) [رواه البخاري في صحيحه(4/398-399رقم3166) من حديث عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما-]
فلا يجوز التعرض لمستأمن بأذى فضلاً عن قتله في مثل هذه الجريمة الكبيرة النكراء، وهذا وعيد شديد لمن قتل معاهداً، وأنه كبيرة من الكبائر المتوعد عليها بعدم دخول القاتل الجنة، نعوذ بالله من الخذلان.
3 – أن هذا العمل الإجرامي يتضمن أنواعاً من المحرمات في الإسلام بالضرورة من غدر وخيانة وبغي وعدوان وإجرام آثم وترويع للمسلمين وغيرهم، وكل هذه قبائح منكرة يأباها ويبغضها الله ورسوله والمؤمنون.
ثانياً : إن المجلس إذ يبين تحريم هذا العمل الإجرامي في الشرع المطهر. فإنه يعلن للعالم أن الإسلام بريء من هذا العمل، وهكذا كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر بريء منه، وإنما تصرف من صاحب فكر منحرف وعقيدة ضالة، فهو يحمل إثمه، وجرمه ، فلا يحتسب عمله على الإسلام ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام المعتصمين بالكتاب والسنة والمتمسكين بحبل الله المتين.
وإنما هو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة، ولهذا جاءت نصوص الشريعة قاطعة بتحريمه، محذرة من مصاحبة أهله ، قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ {204} وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرض لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ{205}وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}
وقول الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرض ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
ونسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يكشف ستر هؤلاء الفعلة المعتدين، وأن يمكن منهم لينفذ فيهم حكم شرعه المطهر، وأن يكفَ البأس عن هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين، وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وحكومته وجميع ولاة أمور المسلمين إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد وقمع الفساد والمفسدين، وأن ينصر بهم دينه، ويعلي بهم كلمته، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعاً إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية[مجلة الدعوة العدد 1548بتاريخ 18/2/1417 هـ]
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
بيان هيئة كبار العلماء حول حوادث التفجيرات التي وقعت في مدينة الرياض
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده محمد واله وصحبه .
أما بعد ..
فإنَّ مجلس هيئة كبار العلماء في جلسته الاستثنائية المنعقدة في مدينة الرياض يوم الأربعاء 13/ 3/1424 هـ استعرض حوادث التفجيرات التي وقعت في مدينة الرياض مساء يوم الاثنين 11/3/1424هـ وما حصل بسبب ذلك من قتل وتدمير وترويع واصابات لكثير من الناس من المسلمين وغيرهم .
ومن المعلوم أن شريعة الإسلام قد جاءت بحفظ الضروريات الخمس وحرمت الاعتداء عليها وهى الدين والنفس والمال والعرض والعقل .
ولا يختلف المسلمون في تحريم الاعتداء على الانفس المعصومة والانفس المعصومة في دين الإسلام اما ان تكون مسلمة فلا يجوز بحال الاعتداء على النفس المسلمة وقتلها بغير حق ومن فعل ذلك فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب العظام يقول الله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}
ويقول سبحانه: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرض فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً ...} الآية قال مجاهد -رحمهُ اللهُ-: "فى الإثم"[رواه الطبري في تفسيره(6/202)].
وهذا يدل على عظم قتل النفس بغير حق.
ويقول النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة)) متفق عليه وهذا لفظ البخاري
ويقول النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله)) متفق عليه من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
وفى سنن النسائى عن عبدالله بن عمرو -رضي اللهُ عنه- عن النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- قال: ((لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم)) [رواه الترمذي في جامعه(4/16رقم1395) ، والنسائي في سننه(7/82رقم3987) وغيرهما وهو حديث صحيح بمجموع طرقه. انظر: غاية المرام تخريج أحاديث الحلال والحرام للشيخ الألباني -رحمهُ اللهُ-(ص/253رقم439)].
ونظر ابن عمر -رضي الله عنهما- يوماً إلى البيت أو إلى الكعبة فقال: ((ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك)) [رواه الترمذي في جامعه(4/378رقم2032) ، وابن حبان في صحيحه(13/75رقم5763) وسنده حسن ، وقد صح نحوه مرفوعاً؛ فعن عبد الله بن عمرو قال: رأيت رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- يطوف بالكعبة ويقول : ((ما أطيبك! وما أطيب ريحك! ، ما أعظمك! وما أعظم حرمتك! ، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمتك -ماله ودمه-)) رواه ابن ماجه في سننه(2/1297 رقم3932) وهو حديث صحيح لغيره انظر: صحيح الترغيب والترهيب(رقم2441)]
كل هذه الأدلة وغيرها كثير تدل على عظم حرمة دم المرء المسلم وتحريم قتله لأي سبب من الأسبابِ إلا ما دلت عليه النصوص الشرعية، فلا يحل لأحد أن يعتدى على مسلم بغير حق.
يقول أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- : بعثنا رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت نا ورجل من الأنصار رجلاً منهم فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فكف الأنصاري ، فطعنته برمحى حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبيَّ -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- فقال: ((يا أسامة، أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟)) قلت: كان متعوذاً ، فما زال يكررها حتى تمنيت أنى لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم. متفق عليه وهذا لفظ البخاري .
وهذا يدل اعظم الدلالة على حرمة الدماء فهذا رجل مشرك وهم مجاهدون في ساحة القتال لما ظفروا به وتمكنوا منه نطق بالتوحيد فتأول أسامة -رضي اللهُ عنه- قتله على أنَّه ما قالها إلا ليكفوا عن قتله ولم يقبل النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- عذره وتأويله ، وهذا من أعظم ما يدل على حرمة دماء المسلمين وعظيم جرم من يتعرض لها .
وكما أن دماء المسلمين محرمة فإن أموالهم محرمة محترمة بقول النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم-: ((إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)) أخرجه مسلم.
وهذا الكلام قاله النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- في خطبة يوم عرفة وأخرج البخارى ومسلم نحوه في خطبة يوم النحر[رواه البخاري في صحيحه(1/30رقم67) ، ومسلم في صحيحه(3/1305رقم 1679) من حديث أبي بكرة -رضي اللهُ عنه- ].
وبما سبق يتبين تحريم قتل النفس المعصومة بغير حق .
ومن الأنفس المعصومة في الإسلام: أنفس المعاهدين وأهل الذمة والمستأمنين.
فعن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- قال: ((من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً)) أخرجه البخارى
ومن أدخله ولي الأمر المسلم بعقد أمان وعهد فإن نفسه وماله معصوم لا يجوز التعرض له، ومن قتله فإنه كما قال النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم-: ((لم يرح رائحة الجنة))، وهذا وعيد شديد لمن تعرض للمعاهدين.
ومعلوم أن أهل الإسلام ذمتهم واحدة ؛ يقول النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم-: ((المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم)).
ولما أجارت أم هانئ -رضي الله عنها- رجلاً مشركاً عام الفتح وأراد على بن أبى طالب -رضي اللهُ عنه- أن يقتله ذهبت للنبى -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- فأخبرته فقال -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم-: ((قد أجرنا من أجرتِ يا أمَّ هانئ)) أخرجه البخاري ومسلم.
والمقصود أن من دخل بعقد أمان أو بعهد من ولى الأمر لمصلحة رآها فلا يجوز التعرض له ولا الاعتداء لا على نفسه ولا ماله .
إذا تبين هذا فإن ما وقع في مدينة الرياض من حوادث التفجير أمر محرم لا يقره دين الإسلام وتحريمه جاء من وجوه ..
1- أن هذا العمل اعتداء على حرمة بلاد المسلمين وترويع للآمنين فيها .
2- أن فيه قتلاً للأنفس المعصومة في شريعة الإسلام .
3- أن هذا من الإفساد في الأرض .
4- أن فيه إتلافاً للأموال المعصومة .
وإن مجلس هيئة كبار العلماء إذ يبين حكم هذا الأمر ليحذر المسلمين من الوقوع في المحرمات المهلكات ويحذرهم من مكائد الشيطان فإنه لا يزال بالعبد حتى يوقعه في المهالك إما بالغلو بالدين، وإما بالجفاء عنه ومحاربته والعياذ بالله، والشيطان لا يبالى بايهما ظفر من العبد لأنَّ كلا طريقى الغلو والجفاء من سبل الشيطان التي توقع صاحبها في غضب الرحمن وعذابه .
وما قام به من نفذوا هذه العمليات من قتل أنفسهم بتفجيرها فهو داخل في عموم قول النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم-: ((من قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة)) أخرجه أبو عوانه في مستخرجه من حديث ثابت بن الضحاك -رضي اللهُ عنه- [رواه البخاري في صحيحه(5/2247رقم5700-البغا) ، ومسلم في صحيحه(1/104 رقم110) وأبو عوانه في مستخرجه(1/44) وغيرهم من حديث ثابت بن الضحاك -رضي اللهُ عنه-.]
وفى صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضي اللهُ عنه-عن النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- ((من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن شرب سماً فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً)) وهو في البخارى بنحوه( ) .
ثم ليعلم الجميع أن الأمة الإسلامية اليوم تعاني من تسلط الأعداء عليها من كل جانب، وهم يفرحون بالذرائع التي تبرر لهم التسلط على أهل الإسلام وإذلالهم واستغلال خيراتهم، فمن أعانهم في مقصدهم وفتح على المسلمين وبلاد الإسلام ثغراً لهم فقد أعان على انتقاص المسلمين والتسلط على بلادهم وهذا من أعظم الجرم .
كما أنه يجب العناية بالعلم الشرعى المؤصَّل من الكتاب والسنة وفق فهم سلف الأمة، وذلك في المدارس، والجامعات، وفى المساجد، ووسائل الإعلام، كما أنَّهُ تجب العناية بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والتواصى على الحق، فإن الحاجة بل الضرورة داعية إليه الآن أكثر من أى وقت مضى، وعلى شباب المسلمين إحسان الظن بعلمائهم، والتلقى عنهم ، وليعلموا أن مما يسعى إليه أعداء الدين الوقيعة بين شباب الأمة وعلمائها، وبينهم وبين حكامهم حتى تضعف شوكتهم وتسهل السيطرة عليهم فالواجب التنبه لهذا ، وقى الله الجميع كيد الأعداء.
وعلى المسلمين تقوى الله في السر والعلن، والتوبة الصادقة الناصحة من جميع الذنوب، فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة.
نسال الله ان يصلح حال المسلمين ويجنب بلاد المسلمين كل سوء ومكروه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه.
هيئة كبار العلماء
رئيس المجلس: عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد ال الشيخ
صالح بن محمد اللحيدان ، عبدالله بن سليمان المنيع ، عبدالله بن عبدالرحمن الغديان ، د / صالح بن فوزان الفوزان ، حسن بن جعفر العتمى ، محمد بن عبدالله السبيل ، د / عبدالله بن محمد بن ابراهيم ال الشيخ ، محمد بن سليمان البدر ، د / عبدالله بن عبدالمحسن التركى ، محمد بن زيد ال سليمان ، د / بكر بن عبدالله ابو زيد-لم يحضر لمرضه- ، د / عبدالوهاب بن إبراهيم أبو سليمان-لم يحضر- ،د / صالح بن عبدالله بن حميد ، د / احمد بن على سير المباركى
د / عبدالله بن على الركبان ، د / عبدالله بن محمد المطلق .
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
شيخ الأزهر: الإرهابيون موعودون بالعذاب الشديد في الآخرة
أدان مجلس الرئاسة في المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة الذي اختتم اجتماعاته في القاهرة، برئاسة الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الجامع الأزهر، التفجيرات الإرهابية التي حدثت في مدينة الرياض يوم الإثنين الماضي.
وأعرب رؤساء المنظمات والجمعيات الإسلامية الأعضاء في المجلس عن استنكارها الشديد للجرائم الإرهابية المروعة التي نتجت عن هذا التخريب، ووصفوا فاعليه بالجهلة الذين لا يفقهون دين الإسلام، وبالقتلة الذين أودوا عن عمد وقصد بحياة عدد من المسلمين وغيرهم من المستأمنين، وبالمفسدين بالأرض الذين قصدوا هدم منشآت الدولة، ومباني السكن الآمنة وبيَّن الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الجامع الأزهر، ورئيس المجلس أن عقوبة هذا الفساد شديدة في الدنيا والآخرة مذكراً الإرهابيين بقوله تعالى:{ إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرض ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
وقد أوضح الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الزيد، الأمين المساعد للمجلس الأعلى العالمي للمساجد في رابطة العالم الإسلامي، الذي مثل الرابطة في اجتماعات مجلس الرئاسة نيابة عن معالي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي: أنَّ ما حدث في الرياض لقي استنكاراً وشجباً، واستهجاناً من قادة العمل الإسلامي العلماء والدعاة ورؤساء المراكز الإسلامية والأكاديميين الذين مثلوا المنظمات والجامعات والروابط الإسلامية، وفي مقدمتها رابطة العالم الإسلامي في اجتماعات مجلسهم في القاهرة، مشيراً إلى أن هؤلاء جميعاً يقفون إلى جانب ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية وضد الإرهابيين، وضد أعمالهم المشينة التي لا يرضى عنها دين ولا عقل ولا ضمير"[ جريدة الرياض الإثنين 18 ربيع الأول 1424العدد 12750 السنة 39.]
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
شيخ الأزهر يقول: حادث التفجير تستنكره جميع الأديان السماوية ولا يقدم عليه إلا من نذر نفسه للشيطان
أكد الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر لجريدة "الرياض" أن ما وقع في مدينة الرياض من تفجيرات قبل أيام وفي شهر رمضان المبارك أدانها الجميع فهي عمل إجرامي بشع ، أثار الرعب في قلوب المسلمين.
وقال: إنَّ التفجيرات التي استهدفت وتستهدف النفس البريئة لا يقدم عليها إلا إنسان فقد رشده، وانتكس فكره، وانطمست بصيرته لأنَّ الاعتداء على الآمنين تدينه وتستنكره جميع الأديان السماوية وجميع العقول الإنسانية، وما حدث في الرياض هو لون من المنكرات التي توعد الله سبحانه وتعالى من يقترفها بأشد ألوان العقوبات ويكفي أن الله عز وجل قد بيّن لنا في كتابه الكريم أن من يقتل إنساناً ظلماً وعدواناً فكأنما قتل الإنسانية جميعها قال تعالى {أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرض فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} الآية
وأضاف: إنَّ المملكة دولة والحمد لله أسست على تقوى من الله ورضوانه، دولة تبني ولا تهدم، تُعمر ولا تخرب، تصلح ولا تفسد، تتعاون مع غيرها على البر والتقوى، لا على الإثم والعدوان، دولة تزدهر فيها الفضائل وتضمحل فيها الرذائل، ودولة هذا شأنها يصونها الله من كل سوء ويبوء من يضمرها السوء فضلاً عما يفعله يبوء بالخسران في الدنيا والآخرة.
وأشار إلى أنَّ هذا العدوان البشع الذي ذهب ضحيته عدد من الأبرياء من المسلمين سينتقم الله من فاعله كما ذكر سبحانه وتعالى {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}، وعلى شباب الأمة الإسلامية أن يعرفوا تعاليم دينهم الإسلامي التي حافظت على النفس، وحرَّمَتْ كل ما يزهقها من غير سبب شرعي، وعليهم أن يتأكدوا أنَّ ما هذه التفجيرات إلا نزوة شيطانية راح ضحيتها الكثير.
وقال: يا شباب الأمة انظروا إلى مناظر التفجيرات المخيفة والتي شاهدناها، أهذا المنكر يأمر به الدين الإسلامي؟! لا والله .
إذا كانت الأديان الأخرى كما ذكرت لا تقبلها فكيف هو الدين الإسلامي؟!
ونحن ندعو للمملكة وشقيقاتها أن يديم الله عليهم نعمة الإسلام ونعمة الأمان، ونعمة الرخاء، ونعمة الاطمئنان، ونقول لكل من يعتدي على الآمنين، نقول له: اقرأ قوله تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الذِينَ ظلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}.
وندعو الله لنا جميعاً بالهداية وبفهم الدين فهماً سليماً وبالسلوك الحميد الذي يعود على صاحبه وعلى الأمة بالخير الكثير"[ جريدة الرياض الأربعاء 24 رمضان 1424العدد 12934 السنة 39] .
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
كلام جماعة من العلماء في استنكار ما حصل من تفجير بغير حق
حادث التفجـير بمكـة المكرمة إجـرام عظيـم
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمهُ اللهُ- :
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله .
لقد استنكر العالم الإسلامي ما حدث في مكة المكرمة من تفجير مساء الإثنين 7 / 12 / 1409 هـ واعتبروه جريمة عظيمة ومنكراً شنيعاً ، لما فيه من ترويع لحجاج بيت الله الحرام ، وزعزعة للأمن وانتهاك لحرمة البلد الحرام ، وظلم لعباد الله ، وقد حرم الله سبحانه البلد الحرام إلى يوم القيامة ، كما حرم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم إلى يوم القيامة ، وجعل انتهاك هذه الحرمات من أعظم الجرائم ، وأكبر الذنوب ، وتوعد من هم بشيء من ذلك في البلد الحرام بأن يذيقه العذاب الأليم، كما قال سبحانه: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} فإذا كان من أراد الإلحاد في الحرم متوعداً بالعذاب الأليم وإن لم يفعل- فكيف بحال من فعل ، فإن جريمته تكون أعظم ، ويكون أحق بالعذاب الأليم .
وقد حذر الرسول -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- أمته من الظلم في أحاديث كثيرة ، ومن ذلك ما بينه للأمة في حجة الوداع حين قال -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت فقال الصحابة نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فجعل يرفع أصبعه إلى السماء وينكبها إلى الأرض ويقول : اللهم اشهد اللهم اشهد)) [رواه البخاري في صحيحه(1/30رقم67) ، ومسلم في صحيحه(3/1305رقم 1679) من حديث أبي بكرة -رضي اللهُ عنه- ].
وهذا الإجرام الشنيع بإيجاد متفجرات قرب بيت الله الحرام من أعظم الجرائم والكبائر ، ولا يقدم عليه من يؤمن بالله واليوم الآخر ، وإنما يفعله حاقد على الإسلام وأهله ، وعلى حجاج بيت الله الحرام . .
فما أعظم خسارته ، وما أكبر جريمته فنسأل الله أن يرد كيده في نحره ، وأن يفضحه بين خلقه ، وأن يوفق حكومة خادم الحرمين لمعرفة وإقامة حد الله عليه إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه . .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الرئيس العام لرابطة العالم الإسلامي
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة
العربية السعودية "
[ نشرت هذه الكلمة الاستنكارية لسماحته في جريدة الرياض وغيرها من الصحف المحلية في 12/12/1409]
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
حادث التفجير في الرياض جريمـة عظيمة ، وفسـاد في الأرض، وظلم كبير
أكد سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء - أن حادث التفجير الذي وقع في مدينة الرياض يوم الاثنين الماضي حادث أثيم ومنكر عظيم وظلم كبير ترتب عليه إزهاق نفوس ، وفساد في الأرض ، وجراحة للآمنين ، وتخريب بيوت ودور وسيارات وغير ذلك .
وأكد سماحته أن من قاموا بذلك العمل قد امتلأت نفوسهم الخبيثة بالحقد والحسد والشر والفساد وعدم الإيمان بالله ورسوله . وأوصى سماحته كل من يعلم خبراً من أولئك المجرمين أن يبلغ عنهم ، لأنَّ هذا من باب التعاون على دفع الإثم والعدوان وعلى تمكين العدالة من مجازاة أولئك الظالمين .
جاء ذلك في إجابة سماحته على سؤال لـ ( المدينة ) حول جزاء من يستهدف ترويع أمن الناس الآمنين كما حدث في حادث التفجير بالرياض الذي قام به مجرمون تسببوا في ترويع الآمنين وقتل الأبرياء ، وتخويف عباد الله جل وعلا وهذا نصه:
"لا شك أن هذا الحادث أثيم ومنكر عظيم يترتب عليه فساد عظيم وشرور كثيرة وظلم كبير ، ولا شك أن هذا الحادث إنما يقوم به من لا يؤمن بالله واليوم الآخر ، لا تجد من يؤمن بالله واليوم الآخر إيمانا صحيحا يعمل هذا العمل الإجرامي الخبيث الذي حصل به الضرر العظيم والفساد الكبير ، إنما يفعل هذا الحادث وأشباهه نفوس خبيثة مملوءة من الحقد والحسد والشر والفساد وعدم الإيمان بالله ورسوله نسأل الله العافية والسلامة.
ونسأل الله أن يعين ولاة الأمور على كل ما فيه العثور على هؤلاء والانتقام منهم لأنَّ جريمتهم عظيمة وفسادهم كبير ولا حول ولا قوة إلا بالله ، كيف يقدم مؤمن أو مسلم على جريمة عظيمة يترتب عليها ظلم كثير وفساد عظيم وإزهاق نفوس وجراحة آخرين بغير حق ، كل هذا من الفساد العظيم وجريمة عظيمة.
فنسأل الله أن يعثرهم ويسلط عليهم ويمكن منهم ، ونسأل الله أن يخيبهم ويخيب أنصارهم ، ونسأل الله أن يوفق ولاة الأمر للعثور عليهم والانتقام منهم ومجازاتهم على هذا الحدث الخبيث وهذا الإجرام العظيم .
وإني أوصي وأحرض كل من يعلم خبرا عن هؤلاء أن يبلغ الجهات المختصة ، على كل من علم عن أحوالهم وعلم عنهم أن يبلغ عنهم؛ لأنَّ هذا من باب التعاون على دفع الإثم والعدوان وعلى سلامة الناس من الشر والإثم والعدوان ، وعلى تمكين العدالة من مجازاة هؤلاء الظالمين الذين قال الله فيهم وأشباههم سبحانه : {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأرض ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
إذا كان من تعرض للناس بأخذ خمسة ريالات أو عشرة ريالات أو مائة ريال مفسدا في الأرض ، فكيف من يتعرض بسفك الدماء وإهلاك الحرث والنسل وظلم الناس ، فهذه جريمة عظيمة وفساد كبير .
التعرض للناس بأخذ أموالهم أو في الطرقات أو في الأسواق جريمة ومنكر عظيم، لكن مثل هذا التفجير ترتب عليه إزهاق نفوس وقتل نفوس وفساد في الأرض وجراحة للآمنين وتخريب بيوت ودور وسيارات وغير ذلك ، فلا شك أن هذا من أعظم الجرائم ومن أعظم الفساد في الأرض ، وأصحابه أحق بالجزاء بالقتل والتقطيع بما فعلوا من جريمة عظيمة .
نسأل الله أن يخيب مسعاهم وأن يعثرهم وأن يسلط عليهم وعلى أمثالهم وأن يكفينا شرهم وشر أمثالهم وأن يسلط عليهم وأن يجعل تدبيرهم تدميرا لهم وتدميراً لأمثالهم إنه جل وعلا جواد كريم ، ونسأل الله أن يوفق الدولة للعثور عليهم ومجازاتهم بما يستحقون . ولا حول ولا قوة إلا بالله
[نشرت في جريدة المدينة في 25/5/1416هـ]
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين -رحمهُ اللهُ-
قال شيخنا العلامة محمد العثيمين -رحمهُ اللهُ- وجزاه عنَّا خير الجزاء لما سئل رحمه الله بعد حادث التفجير في الخبر، وأنه امتداد لما سبق أن وقع في العليا ، فقال رحمه الله :
"لا شك أن هـذا العمل لا يرضاه كل عاقل فضلا عن المؤمن !! لا يرضاه أحد لأنه خلاف الكتاب والسنة. ولأن فيه إساءة للإســـلام في الداخـل والخـارج .لأن كل الذين يسمعون بهذا الخبر لا يضيفونه إلا إلى المتمسكين بالإسلام، ثم يقولون لشعوبهم هؤلاء هم المسلمـون ؟؟ هذه أخلاق الإسلام ؟؟
والإسلام منها برئ!! فهؤلاء في الحقيقة أساءوا قبل كل شيء إلى الإسلام ونســأل الله أن يجازيهم بعدله بالنسبة لهذه الإساءة العظيمة.
ثانيا : أنهم أساؤوا إلى إخوة لهم من الملتزمين لأنه إذا تصور الناس حتى المسلمون ، إذا تصوروا أن هذا يقع ممن يدعى أنه مسلم وأنه يغار للإسلام فسوف يكره من هذه أخلاقه وسوف يظن أن هـذه أخلاق كل ملتزم ، ومن المعلوم أن هذا لا يمثل أحداً من الملتزمين إطلاقاً!! لأنَّ الملتزم حقيقة هو الذى يلتزم بكتاب الله وسنة رسوله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- ولا يخفى علينا جميعاً أن الله تعالى أمر بوفاء العهود وأمر بوفاء العقود وقال: {إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً}.
ولا يخفى علينا أن الرسول -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- قال : ((من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة))!!
ولا يخفى علينا أيضاً أنه -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسعَى بِها أدنَاهثم، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)) ... ولا يخفى علينا أن الائتمان أو التأمين والإجـارة يكون حتى من واحدٍ من المسلمين وإن لم يكن ولي أمر حتى ولو كان امرأة قال النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم-((قد أجرنا مـن أجـرت يا أم هانئ)) فكيف إذا كان الأمان من ولاة الأمور !! فهذا هو عين المحادة لله ورسوله ، وعين المشاقة لله ورسوله.
ثالثاً : لو قدرنا على أسـوأ تقديـر أن الـدولة التي ينتمى إليها هؤلاء الذين قتلوا دولة معادية للإسلام فما ذنب هؤلاء؟ هؤلاء الذين جاؤوا بأمر حكومتهم ، قد يكون بعضهم جاؤوا عن كره ولا يريد الاعتداء!! ثم ما ذنب المسلمين الساكنين هناك!! فقد قتل من المسلمين من هذه البلاد عدة ، فقد أصيب عدة من هؤلاء : من أطفال وعجائز وشيوخ في مأمنهم في ليلهم عند الرقاد على فرشهم.
ولهذا تعتبر هذه جريمة من أبشع الجرائم!! ولكن بحول الله إنه لا يفلح الظالمون!! سوف يعثر عليهم إن شاء الله ويأخذون جزاءهم . لكن الواجب على طلاب العلم أن يبينوا أن هذا المنهج منهج خبيث!! منهج الخوارج الذين استباحوا دماء المسلمين وكفوا عن دماء المشركين. وأن هؤلاء إما جاهلون وإما سفهاء وإما حاقدون!! فهم جاهلون لأنهم لا يعرفون الشرع ، الشرع يأمر بالوفاء بالعهد ، وأوفى دينٍ في العهد هو دين الإسلام ولله الحمد. هم سفهاء أيضاً لأنه سيترتب على هذه الحادثة من المفاسد ما لا يعلمه إلا الله ، ليست هذه وسيلة إصلاح حتى يقولوا : إنما نحن مصلحون ، بل هم المفسدون في الواقع ، أو حاقدون على هذه البلاد وأهلها ؛ لأننا لا نعلم والحمد لله بلاداً تنفذ من الإسلام مثل ما تنفذه هذه البلاد ، الآن البلاد الإسلامية أليست فيها قبور تعبد من دون الله ؟ أليس فيها بيوت الدعارة ؟ أليس فيها الزنا؟ أليس فيها اللواط ؟ أليس فيها الخمر ؟ علناً في الأسواق ، أليس حكامها يصرحون بأنهم يحكمون بالقوانين لا بالكتاب والسنة ؟ فماذا يريدون ؟ ماذا يريدون من فعلهم هذا ؟ أيريدون الإصلاح ؟ والله ماهم بمصلحين ، إنهم لمفسدون ، ولكن علينا أن نعرف كيف يذهب الطيش والغيرة التي هي غبرة وليست غيرة إلى هذا الحد ؟ ولا شك أن هذا إساءة ـ المرتبة الرابعة والخامسة ـ إلى هذه البلاد وأهلها ، وترويع الآمنين، كل إنسان يتعجب ؛ كيف هذا في هذا البلد الأمين ؟ ولكن نسأل الله سبحانه وتعالى أن يخزي هؤلاء ، وأن يطلع ولاة الأمور عليهم ولمن خطط لهذه الجرائم حتى يحكموا فيهم بحكم الله عزوجل" لقاء الباب المفتـوح ، ونشرت في جريدة المسلمـون..
وقال شيخنا العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله بعد أن بين عصمة دماء الذمي والمعاهد والمستأمن:"وفي صحيح البخاري ومسلم أن النَّبِيَّ -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسعَى بِها أدنَاهثم ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلا عَدْلٌ)). ومعنى الحديث أن الإنسان إذا أمَّنَ إنساناً وجعله في عهده ، فإن ذمته ذمة للمسلمين جميعاً مـن أخفرهـا و غـدر بهذا الـذي أعطي الأمان من مسلم ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
(يقول الشيخ): وإننا لنلعن من لعنه الله ورسوله وملائكته وأنه لا يقبل منه صرف ولا عدل … وبذلك نعرف خطأ عملية التفجير التي وقعت في الخبر …
ولا شك أن هذه العملية لا يقرها شرع ولا عقل ولا فطرة … ولا أدري ماذا يراد من مثل هذه الفعلة ، أيراد الإصلاح ؟ فالإصلاح لا يأتي بمثل هذا ، إن السيئة لا تأتي بحسنة ولن تكون الوسائل السيئة طرقاً للإصلاح أبداً ، وإننا وغيرنا من ذوي الخبرة والإنصاف ليعلم أن بلادنا خير بلاد المسلمين اليوم في الحكم بما أنزل الله ، وفي اجتناب سفاف الأمور ودمار الأخلاق ، ليس فيها ولله الحمد قبور يطاف بها وتعبد ، وليس فيها خمور تباع علناً وتشرب ، وليس فيها كنائس يعبد فيها غير الله سبحانه جهاراً ، وليس فيها وليس فيها ما يوجد في كثير من بلاد المسلمين اليوم ، فهل يليق بناصح لله ورسوله والمؤمنين ، أن ينقل الفتن إلى هذه البلاد ، إلا فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً وليفعلوا فعلاً حميداً.
(ثم دعا الشيخ) : اللهم إنا نسألك أن تقي بلادنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن ، اللهم قنا شرور أنفسنا وشرور عبادك ، وأدم على بلادنا أمنها ، وزدها صلاحاً وإصلاحاً ، إنك على كل شيء قدير. اللهم أقمع المفسدين ، ورد كيدهم في نحورهم واجعل تدبيرهم تدميراً عليهم يا رب العالمين…"
[خطبة بخط يد الشيخ نقلها عنه الشيخ عصام السناني في خطبة له بتاريخ 15/3/1423هـ].
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
رسالة سماحة المفتي العام الشيخ عبد العزيز آل الشيخ -حفظَهُ اللهُ ورعاهُ- عند اصطدام الطائرتين بمبنى التجارة العالمي بأمريكا
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد..
فنظراً لكثرة الأسئلة والاستفسارات الواردة إلينا حول ما جرى في الولايات المتحدة الأمريكية منذ أيام وما موقف الشريعة منها وهل دين الإسلام يقر مثل هذه التصرفات أم لا.
فأقول مستعينا بالله الواحد القهار إن الله سبحانه قد منّ علينا بهذا الدين الإسلامي وجعله شريعة كاملة شاملة صالحة لكل زمان ومكان مصلحة لأحوال الأفراد والجماعات تدعو إلى الصلاح والاستقامة والعدل والخيرية ونبذ الشرك والشر والظلم والجور والغدر، وإن من عظيم نعم الله علينا نحن المسلمين أن هدانا لهذا الدين وجعلنا من أتباعه وأنصاره فكان المسلم المترسم لشريعة الله المتبع لسنة رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- المستقيم حق الاستقامة على هذا الدين هو الناجي السالم في الدنيا والآخرة..
هذا وإن ما جرى في الولايات المتحدة الأمريكية من أحداث خطيرة راح بسببها آلاف الأنفس لمن الأعمال التي لا تقرها شريعة الإسلام وليست من هذا الدين ولا تتوافق مع أصوله الشرعية وذلك من وجوه..
الوجه الأول: أن الله سبحانه أمر بالعدل وعلى العدل قامت السموات والأرض وبه أرسلت الرسل وأنزلت الكتب يقول الله سبحانه: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
ويقول سبحانه: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} وحكم الله ألا تحمل نفس إثم نفس أخرى لكمال عدله سبحانه: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}
إن الله سبحانه حرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرما كما قال سبحانه في الحديث القدسي : ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا))
وهذا عام لجميع عباد الله مسلمهم وغير مسلمهم لا يجوز لأحد منهم أن يظلم غيره ولا يبغي عليه ولو مع العداوة والبغضاء يقول الله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله} فالعداوة والبغضاء ليست مسوغاً شرعياً للتعدي والظلم.
وبناء على ما سبق يجب أن يعلم الجميع دولاً وشعوباً مسلمين وغير مسلمين أموراً..
أولها: أن هذه الأحداث التي وقعت في الولايات المتحدة وما كان من جنسها من خطف لطائرات أو ترويع لآمنين أو قتل أنفس بغير حق ما هي إلا ضرب من الظلم والجور والبغي الذي لا تقره شريعة الإسلام، بل هو محرم فيها ومن كبائر الذنوب.
ثانيها: أن المسلم المدرك لتعاليم دينه العامل بكتاب الله وسنة نبيه -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- ينأى بنفسه أن يدخل في مثل هذه الأعمال لما فيها من التعرض لسخط الله وما يترتب عليها من الضرر والفساد.
ثالثها: أن الواجب على علماء الأمة الإسلامية أن يبينوا الحق في مثل هذا الأحداث ويوضحوا للعالم أجمع شريعة الله وأن دين الإسلام لا يقر أبداً مثل هذه الأعمال.
رابعها: على وسائل الإعلام ومن يقف وراءها ممن يلصق التهم بالمسلمين ويسعى في الطعن في هذا الدين القويم ويصمه بما هو منه براء سعياً لإشاعة الفتنة، وتشويه سمعة الإسلام والمسلمين، وتأليب القلوب وإيغار الصدور؛ يجب عليه أن يكف عن غيه، وأن يعلم أن كل منصف عاقل يعرف تعاليم الإسلام لا يمكن أن يصفه بهذه الصفات، ولا أن يلصق به مثل هذه التهم، لأنه على مَرِّ التاريخ لم تعرف الأمم من المتبعين لهذا الدين الملتزمين به إلا رعاية الحقوق وعدم التعدي والظلم.
هذا ما جرى بيانه إيضاحاً للحق وإزالة للبس . والله أسال أن يلهمنا رشدنا، ويهدينا سبل السلام، وأن يعز دينه، ويعلي كلمته، إنه جواد كريم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المفتى العام للمملكة العربية السعودية
ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء
عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ "
جريدة الجزيرة العدد:10580 الصادرة يوم الأحد 28 ,جمادى الآخرة 1422
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
كلمة معالي الشيخ صالح بن محمد اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى -حفظَهُ اللهُ ورعاهُ-
أكد فضيلة الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الاعلى أن من الظلم أن يعتدى على غير جانٍ، وأن يقتل غير مجرم.
جاء ذلك في حديث لفضيلته لتلفاز المملكة العربية السعودية حول حكم شريعة الإسلام في مثل ما حدث من اعتداءات على الولايات المتحدة الأمريكية مبيناً أن شريعة الإسلام شريعة كاملة تستوعب كل حدث، وفيها حل لكل مشكلة، وفيها بيان حكم كل نازلة.
وأكَّدَ معاليه أنه لا غرابة أن تعلن المملكة العربية السعودية عن استنكارها وعدم رضاها للاعمال التي تعرضت لها بعض المنشآت في الولايات المتحدة الأمريكية موضحاً أن المملكة ولله الحمد مملكة إسلامية وبحق، يحكمها نظام الإسلام، وتحكم شريعة الإسلام، وأصول عملها وأنظمتها مقيدة بألا تخالف الإسلام فاذا استنكرت مثل هذا العمل فانما تفعل ما تفعله من واقع دينها ومن موفقها الإسلامي:
"
أيها المشاهدون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
الحمد لله على كل حال، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والحمد لله الذي كل شيء بقضائه وقدره.
في خضم هذه الأحداث التي طرأت، وفي مجالات اضطرابات الرأي والفكر، وفي أمر ما حدث من كارثة على الولايات المتحدة الأمريكية كَثُرَ السؤال والتساؤل عن حكم مثل هذه الأحداث في شريعة الإسلام.
لا شك أن شريعة الإسلام الشريعة الكاملة التي تستوعب كل حدث، وفيها حل كل مشكلة، وفيها بيان حكم كل نازلة، فما من نازلة تَنْزل على البشر الا وفي شريعة الإسلام حكمها وبيان أبعادها.
ومن ذلك هذه الأحداث التي طرأت ، ومما كثر السؤال عنه من خاصة وعامة، إنما هو ما هو حكم الشريعة في مثل هذه الأحداث؟ هل في ذلك جواز في شريعة الإسلام؟وهل مثل هذا العمل يقره علماء الإسلام؟
فيقال عن بيان حكم الإسلام في ذلك ما ينبغي أن يقال ، ولأن علماء الإسلام لابد أن يتحدثوا عن الأحداث، ويبينوا أحكام الشريعة الإسلامية فيما يطرأ من نوازل، وما يلم في المسلمين، أو في غيرهم من ملمات.
لا شك أن كل أمر فبقضاء الله -جل وعلا- قدره ، ومع ذلك فأحكام الشريعة تستوعب كل حدث..
اللهُ جلَّ وعلا أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، وهو الحكم العدل؛ حرم الظلم على نفسه، وجعله بينه وبين العباد محرماً.
وقد ثبت عن نبي الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- فيما يروي عن ربِّهِ -جلَّ وعلا- أنه قال سبحانه : ((((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)).
إن من الظلم أن يعتدى على غير جانٍ ، وأن يقتل غير مجرم، والنبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- نبي الرحمة، نبي الشفقة نبي الاحسان المبعوث إلى البشرية بل إلى الثقلين الجن والإنس، أوضح المعالم وكان في الغزو والجهاد والقتال إذا جهز السرية أوصاهم ألا يقتلوا وليداً ، ولا امرأة، ولا هرماً ، ولا متعبداً في صومعته أي أن الإسلام لا يبيح قتل إلا من يقتل ويقاتل، ويعتدى على المسلمين.
ولهذا فإن مثل الجرائم التي تقع ولا تفرق بين رضيع وامرأة ومسن ومسنة ومريض وصحيح، وتأتي على المال وأهل المال ، إن هذا العمل يعد من الجرائم العظام والفواحش الخطيرة، لأنَّ هذا ينظر إليه في شريعة الإسلام بأنه من الفساد في الأرض وإهلاك الحرث والنسل ، وهذا أمر حرمه الإسلام، حرمه الله وحرمه رسوله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- ، والنبي لما رأى امرأة مقتولة في الغزو قال "ما كانت لتقاتل" أي أن قتلها أمرٌ ممنوعٌ منعاً باتاً.
ولهذا فإن ما حدث مما شاهدته في العرض الذي عرضته وكالات البث العام مما حدث على تلك العمارات من الضرب التي تداعت له العمارة فصار الناس إثر ذلك كأنما القيامة قامت، وكأن الفزع فزع قيام الساعة، وظهر على وجوه الذين يركضون هنا وهناك الذهول.
إن من يحدث مثل هذه الجرائم يعد في النظر الإسلامي من أخطر الناس جرماً وأسوئهم عملاً ، ومن يظن أن أحداً من علماء الإسلام العارفين بمقاصد شريعة الإسلام المطلعين على مقاصد القرآن وسنة المصطفى -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- ؛ يظن أنه يجيز مثل هذه الأعمال فإنما يظن سوءاً.
إنَّ المسلم لا يليق به أن يشمت حتى بالعدو إذا ظلم، فالظلم غير مقبول، والعدوان الانفرادي أمر محرم فظيع على من ليس مستحقاً للعقاب، فكيف إذا وقع الجرم بالذي شوهد وتردد صداه وأفزع النظر إليه من نظر، كيف يقال عن ذلك إن أهل الإسلام يقرون مثل هذا العمل؟!
إنَّهم ومهما ادعوا من مسوغ مثل هذه الحوادث لا يصح أن تقبل، وأن تسوغ في ميزان الإسلام، إن الله جل وعلا يقول في القرآن الكريم في خطابه للمسلمين: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}
ولذلك العدل قامت به السموات والأرض، وإيقاع عقوبة جماعية لا تتفق بأي وجه من الوجوه مع ميزان العدل، ولا توضع في كفة الوزن إلا أنها في كفة الظلم والعدوان الفاحش ؛ لأنَّ قتل فرد بريء لا ذنب له جرم عظيم ، فكيف إذا كان الجرم واقعاً على فئات عظيمة، وأعداد كبيرة ، ورضع ، وأطفال، ونساء حبالى، حتى ربما وضعت المرأة حملها من هول الفزع، كأنما قامت قيامة الساعة.
إن هذه المناظر المرعبة التي شوهدت من آثار ذلك الاجرام مناظر لا يقرها عقل مسلم ولا يعتد بفعل من فعلها ولو كان نابتاً منبتاً إسلامياً في بلد إسلامي ، العبرة بما يقوله أهل العلم، والعبرة بما تقرر في أحكام الشريعة الإسلامية في أمثال هذه الجرائم من الجرائم الخطيرة.
والمملكة العربية السعودية عندما نظرت في يوم من الأيام أمر اختطاف الطائرات قبل أن يختطف للسعودية أي طائرة قرر علماؤها تحريم هذا العمل ولم يفرقوا بين اختطاف طائرة ركابها مسلمون وبين طائرة ركابها غير مسلمين، بل رأوا أن الظلم أمر محرم وأن العدوان على الناس وارهابهم بغير حق من أعظم الفواحش في الأرض والفساد فيها.
إن مثل هذه الامور لاغرابة أن تعلن المملكة العربية السعودية استنكارها وعدم رضاها عن ما حدث وعن من أحدث لأنَّ المملكة العربية السعودية مملكة إسلامية ولله الحمد وبحق يحكمها نظام الإسلام وتحكم شريعة الإسلام وأصول عملها وأنظمتها مقيدة بأن لا تخالف الإسلام فإذا استنكرت مثل هذا العمل فإنما تفعل ما تفعله من واقع دينها، ومن موقفها الإسلامي الذي تقف فيه لأنها دولة الحرمين، وبلاد منبع الرسالة، فلا غرو أن تستنكر الفواحش، وأن تستهجن إجرام المجرمين، وأن تندد بإيواء كلِّ مرتكب للإجرام أو يرضى بجرمه.
إن الإنسان المسلم العارف مقاصد الشرع العالم ما تنطوي عليه الشريعة الإسلامية من الشفقة والرحمة لعباد الله يرى أن هذه الاعمال من أخبث الاعمال وأشدها ضرراً على بني الإنسان.
ومما طرح علي من الاسئلة وهي كثيرة قبل أن أقبل بأن أتكلم، ولكن تحت ضغط كثرة الأسئلة ، والرغبات في أن أتحدث، ويعرف موقف القضاء في المملكة العربية السعودية، ولأن يتكلم من هو في قمة مسؤولية القضاء؛ رأيت أن أبدأ وأبين أن هذا العمل هو عمل منكر، ولكن الحقيقة أن النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لايجني جان إلا على نفسه)) [رواه أحمد في المسند(3/498) ، وابن أبي شيبة في مصنفه(7/453)، والترمذي في جامعه(4/461رقم2159، 5/273رقم3087) ، وابن ماجه في سننه(2/890رقم2669، 2/1015رقم3055) ، وغيرهم وهو حديث صحيح بشواهده]
أي أن إجرام المجرم أو عبث عابث لا يصح أن يشغل غيره.
ومما قيل لي وقد سألتني إحدى الصحف قبل هذا الموقف أمام هذه الكاميرا، وبينت أن هذا العمل الفظيع عمل لا يقر.
كما أن هذا العمل الفظيع لا يمكن أن يولد إلا بغضاً أو حقداً وانتقاماً على المسلمين الذين لم يرضوا ولم يقروا هذا العمل أو يحمدوه لأنَّ مقتضى العدل ونواميس العقل تستلزم أن لا يؤخذ أحد إلا بذنبه، وأن لا يحاسب إنسان أو جماعة على ذنوب غيرها، لأنه كما هو مقرَّرٌ في شريعة الإسلام، وكما هو قول نبي الهدى محمد -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((لا يجني جان إلا على نفسه)) ، ولأن القرآن يقول: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} أي لا تتحمل وازرة وزر أخرى، ولا يحمل بريء ذنبَ مسيء ، ولا يعاقب مسالِمٌ كافٌ الأذى بسبب إجرام مرتكب جريمة.
ومما أثير عما قد يقال أو تردد في بعض وسائل الاعلام عن الشعب الأمريكي، وما قد يكون ينظر للمسلمين المتواجدين في أمريكا من أصل أمريكي أو من وافدين إليها من العرب أو غيرهم وهل هذا مما يقبل عقلاً؟
ذكرت وأذكر هنا أنه لا يتوقع أنَّ الشعب الأمريكي الذي يقول عن نفسه إنه من أبرز حماة الديمقراطية، وحامل لواء العدل، لا يعقل أن ينظر إلى مواطنيهم أو ضيوفهم من العرب والمسلمين، ومن غير المسلمين من العرب أيضاً لا يمكن أن ينظر اليهم الشعب الأمريكي مع ما هو فيه من مناعة، وما يفترض فيهم العقل ومعرفة التجانس، وتذكر ما قد حدث في أيام المحن، لا يمكن أن ينظر إلى غير المسيء بنظرته للمسيء ، فإنه لا يستوي المجرم مع غير المجرم، ولا يُحَمَّلُ مُسالِمٌ موالي ذنب وجريرة معتد ظالم.
إنني أؤكد أن مثل هذا العمل غير مقبول في الإسلام، وألْمَحت إلى أنَّ الناس في القتال -في الغالب- لا يفكرون في أيام الحروب فيما يصيب من لم يشارك في الحرب من أضرار وسفك للدماء، ما عدا أن الإسلام يمنع مِن قَتْلِ من لم يشارك في الحرب، ويمنع قتل الوليد؛ أي الأطفال الذين لم يكونوا مقاتلين، ويمنع قتل النساء، ويمنع قتل الشيوخ، ويمنع قتل من تفرغوا للعبادة من الرهبان في صوامعهم، فدين ينظر الرسول المبعوث به لهذه الشعوب والأفراد والجماعات هذه النظرة لا يمكن أن يقر أتباع هذا الدين مثل هذا العمل الفاحش.
إنه عمل خطير، وإنه عمل من النوازل النادرة التي لم تكن معروفة في الزمن القديم وطرقها يحتاج إلى أن تعالج معالجة من جميع النواحي معالجة المجرم، ومن رضي بإجرامه، وأقره عليه وأيده وأمده، والنظر في الأخذ بالأسباب الواقية من تكرر مثل هذا الإجرام.
والأسباب يعرفها العقلاء والباحثون عن الحلول، وتوقي الأخطار والأخذ بأسباب منع الحوادث لا يعوزهم الوصول إلى الحل السليم والوقاية التامة.
ولا شك أن الشريعة الإسلامية جاءت بـ"الوقاية خير من العلاج" ، ولايختص هذا بمرض الأبدان، بل يعم مرض الأبدان والمجتمعات والشعوب، فالوقاية من الأخطار والأخذ بالأسباب التي لا تعرض للأخطار –أيضاً- من مقاصد الشريعة الكاملة، ومن متطلبات أهل سداد الرأي والفكر السليم والعقول الراجحة.
لا أحب أن أستمر في حديثي، ولكني أؤكد أن الأمَّةَ الإسلامية بقياداتها العلمية، وقياداتها السياسية، وأذكر القيادة العلمية قبل السياسية لأنَّ الأمر أمر بيان حكم الشريعة لا يمكن أن تقر مثل هذه الأعمال.
كما أنني أعتقد أن المجتمع الأمريكي والغربي أجمع لا يمكن أن ينظر إلى مثل هذه الأحداث بأنَّ من ينتسبون إلى أي دولة وهو خارج عن إرادة دولته في تصرفه أن تؤاخذ دولته، وتعادى لأجل عمل قام به من لم يستشرها، ولم يعلمها، ولم يخبرها، لأنَّنِي لا أتوقع أنَّ أحداً من مرتكبي هذه الجريمة الفاحشة الشنعاء أنه يمكن أن يكون أطْلَعَ أحداً من رجال دولته على أي قصد من هذه المقاصد.
وإنَّنِي أقول: على المسؤولين في كل مكان أن يحسنوا الظن بمن يواطنوهم الآن لا سيما وأنَّ المواطنة في الولايات المتحدة وفي غيرها صارت لكثير من المسلمين ممن أصولهم من تلك البلاد، وممن وفدوا إليها، والإسلام لا يفرق في أخُّوَّتِهِ بين جنس وجنس ، ولا لسان ولسان ، ولا لون ولون في هذه العقيدة.
أكرر مرة أخرى: إن هذا العمل الذي تعرضت له الولايات المتحدة الأمريكية بهذه الفظاعة، والوحشية المتناهية التي هي أبعد من عمل الوحوش، وأبعد من عمل ما قد يسمى جماعات إرهاب، أو فصائل إجرام، بل هو عمل بالغ الخطورة، أقول: إنَّهُ في غاية الفحش والسوء.
وأسال الله جل وعلا بأسمائه وصفاته أن يقينا في دنيانا كل سوء، وأن يهدي كل ضال إلى الصواب، وأن ينصرالحق وأهله، وأن يخذل الباطل وأهله، وأن يجعل أعمالنا كلها في مرضاته سبحانه وتعالى، وأن يلطف بنا لأنَّ من لم يلطف به الله فلا معين له.
وصلى الله وسلم على رسول الله وجميع إخوانه من الأنبياء ورسله وجميع المتبعين للحق الصادقين في أتباعه.
والحمد لله رب العالمين ، ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم.
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
معالي الشيخ العلامة: صالح الفوزان -حفظَهُ اللهُ ورعاهُ-
سئل معاليه : أحسن الله إليكم: هل القيام بالاغيالات وعمل التفجيرت في المنشآت الحكومية في بلاد الكفار ضرورةٌ وعمل جهادي. جزاكم الله خيراً؟
الجواب: لا. هذا لايجوز الأغتيالات والتخريب هذا أمرٌ لا يجوز، لأنه يجر على المسلمين شراً ويجر على المسلمين تقتيلاً وتشريداً ، هذا أمرٌ لا يجوز إنما المشروع مع الكفار الجهاد في سبيل الله ومقابلتهم في المعارك إذا كان عند المسلمين إستطاعة يجهزون الجيوش ويغزون الكفار ويقاتلونهم كما فعل النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم-.
أما التخريب والاغتيالات، فهذا يجر على المسلمين شراً، الرسول -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- يوم كان في مكه قبل الهجرة كان مأموراً بكف اليد، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ}) مأموراً بكف اليد، عن قتال الكفار، لأنه ما عندهم إستطاعة لقتال الكفار، ولو قتلوا احداً من الكفار ،
لقتلهم الكفار عن آخرهم، واستأصلوهم عن آخرهم، لأنهم أقوى منهم، وهم تحت وطأتهم وشكوتهم.
فالأغتيال يسبب قتل المسلمين الموجودين في البلد مثل ما تشاهدون الآن وتسمعون، هذا ليس من أمور الدعوة، ولا هو من الجهاد في سبيل الله ،هذا يجر على المسلمين شراً، كذلك التخريب والتفجيرات، هذه تجر على المسلمين شراً كما هو حاصل، فلما هاجر الرسول -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- وكان عنده جيش وعنده أنصار حينئذ أُمرَ بالجهاد، أُمرَ بجهاد الكفار.
هل الرسول -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم-والصحابة يوم كانوا في مكة، هل كانوا يُقتلُون في الكفار؟ أبداً. بل كانوا منهيينَ عن ذلك.
هل كانوا يخربون أموال الكفار وهم في مكة؟؟ أبداً كانوا منهيين عن ذلك.
مأمور بالدعوة والبلاغ فقط. أما الألزام والقتال هذا إنما كان في المدينة. لما صار للإسلام دولة"[ من شريط أسئلة مهمة في الدعوة. تسجيلات منهاج السنة].
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
وقد أجرت إذاعة الرياض لقاءً مع معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان تحدث فيه عن المكانة الخاصة لمكة المكرمة في قلوب المسلمين وخصوصيتها ومكانتها.
ووجهت الإذاعة في بداية اللقاء سؤالاً لفضيلة الشيخ يقول: ما واجبنا نحن كمسلمين تجاه الأمن؟ وكيف نحافظ عليه؟ وما حكم هذه الأعمال الإجرامية؟
فقال معاليه:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد:
فإنَّ هذه الحرمات العظيمة لا ينتهكها من في قلبه إيمان، وهذه الحرمات:
أولاً : حرمة المسلمين فإن المسلمين لهم حرمة قال -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا))
[ثانياً] : ومكة -أيضاً- لها حرمة، حرمة الدم وحرمة المسلم وحرمة الحرم.
وقال سبحانه وتعالى {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} وحرمة مكة.. مكة حرام جميع الحرم منذ خلق الله السماوات والأرض إلى أن تقوم الساعة كما أخبر بذلك النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم-وقد قال الله سبحانه وتعالى عن الحرم {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} .
[ثالثاً] : وكذلك حرمة شهر رمضان المبارك الذي فرض الله صيامه وشرع للأمة صيامه، والإكثار من العبادة فيه بأنه شهر عظيم شهر مبارك شهر ميزه الله على سائر الشهور بالخيرات والبركات؛ فهذه حرمات عظيمة ، وهؤلاء الطُّغْمَةُ ينتهكون هذه الحرمات، ولا شك بأن الله سبحانه وتعالى ليس بغافل عنهم حيث انتهكوا حرمات الله عز وجل ، والله عزيز ذو انتقام والله جل وعلا بالمرصاد {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ}
وهؤلاء الطغمة الذين تجرؤوا على هذه الحرمات: حرمة المسلمين، وحرمة شهر رمضان، وحرمة البلد الحرام ؛ لا شك أنهم أقدموا على جريمة، بل على جرائم لم يأتها الكفار من قبل، فإن الكفار كانوا يعظمون الحرم، وكانوا لا يعادون فيه أحداً ، حتى أن أحدهم يلقى قاتل أبيه أو ابنه أو قريبه فلا يتعرض له حتى يخرج من الحرم ، هذا وهم كفار، إنهم يخشون من العقوبة من الله سبحانه وتعالى، فكيف بهؤلاء الذين يدعون ويدعون الجهاد؟!
الجهاد قتل المسلمين؟! هل الجهاد الاعتداء على حرمات الله عز وجل؟! هل الجهاد الاعتداء على حرمة الحرم الشريف؟!
لكن إذا تذكرنا سلفهم الذين خرجوا في عهد الصحابة، وكَفَّرُوا الصحابة ، وقتلوا الخلفاء الراشدين؛ قتلوا عثمان -رضي اللهُ عنه- ، وقتلوا علياً -رضي اللهُ عنه- -، وحاولوا قتل معاوية بن أبي سفيان -رضي اللهُ عنهما- ، وقتل عمرو بن العاص -رضي اللهُ عنه-، وقتل المغيرة بن شعبه -رضي اللهُ عنه- ، فإذا عرفنا موقعهم من صحابة رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- ، وأنهم لا يحترمون الصحابة الذين هم خير القرون، فأحلوا دمهم، وقد أخبر النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- عن هذه الطغمة أنهم يقاتلون أهل الإيمان، ويدعون أهل الأوثان ، فإذا كانوا بزعمهم يجاهدون في سبيل الله، فهل الجهاد في سبيل الله انتهاك حرمات الله عز وجل؟!
إن هذا جهاد في سبيل الشيطان {الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً}
لا شك أنهم ارتكبوا حرمات متعددة، إذا كان الحرم بالذات لا يؤيد الصيد فيه، ولا الطيور، ولا الوحوش التي لا تؤذي الناس، ولا يقطع شجره، ولا يختلى خلاه تعظيماً لحرمات الله ، فكيف ببيت فيه القتل والتخريب وتجمع فيه القوة والذخائر لأجل قتل المسلمين وتدمير ممتلكات المسلمين وترويع المسلمين؟!!
لا شك أنَّ هذه طغمة فاسدة ، تلقت مذهبها من شياطين الإنس والجن، وجاؤوا يريدون انتهاك حرمات المسلمين.
لماذا يأتون إلى مكة المكرمة، وإلى المملكة العربية السعودية التي هي الدولة الوحيدة التي تحكم شرع الله -عزَّ وجلَّ- ، والتي هي تحمي حمى الحرمين الشريفين، والتي هي مضرب المثل في التمسك بالإسلام، هل يريدون أن يقضوا على الإسلام؟
إنهم لا يريدون الجهاد في سبيل الله، وإن تسموا بهذا، وإنما يريدون القضاء على الإسلام والمسلمين، هذه مهمتهم ، وقد لقنوا هذا الشيء من أعداء الله من الكفرة، فهم الذين لقنوهم هذه الأفكار، وهم الذين شربوهم هذه الجرائم وأرسلوهم في نحور المسلمين.
ولكن الله عز وجل لهم بالمرصاد ، والله يمهل ولا يهمل، وبحمد الله أن الله يمكن ولاة الأمور من القبض عليهمـ ومن إبطال كيدهم، وهذا من فضل الله ومن حوله وقوته ، فإنهم لا يدبرون مكيدة إلا والله جل وعلا يكشفها عما قريب فهم مخذولون بحول الله.
ودعوات المسلمين في المسجد الحرام في مكة، وفي مسجد الرسول -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- في الحرم الشريف ، ودعوات المسلمين في هذا الشهر المبارك، ودعوات المسلمين في كل مكان سوف تحيط بهم بإذن الله فان الله سبحانه وتعالى لهم بالمرصاد والله قريب مجيب.
وإننا نذكر من في قلبه بقية من الإيمان أو ذرة من إيمان من هؤلاء أن يتوبوا إلى الله عز وجل، وأن يرجعوا إلى رشدهم، ويثوبوا إلى صوابهم، ولا يغتروا بأقوال الأعداء والكفار، فإنهم لم يفلح سلفهم، فما ظهر لهم قرن في أي زمان إلا ويقطعه الله عز وجل، فعليهم أن يعتبروا بسلفهم، وأن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى، ولا نستغرب إقدامهم على انتهاك الحرم، وسلفهم الذين دخلوا المسجد الحرام وقتلوا الحجاج فيه، وألقوا جثثهم في بئر زمزم، وذهبوا إلى عرفه في يوم عرفة، وقتلوا الْحُجَّاجَ في عرفة، لا نستغرب من تلاميذهم أن يفعلوا مثل أفعالهم، أو يحاولوا، ولكنهم بحول الله مخذولون، وبحول الله إنَّهم مقهورون، ولا يبوؤون إلا بالخيبة والفشل، وإنَّ جميع المسلمين على وجه الأرض يمقتونهم، بل حتى الكفار يشمتون منهم، فإنَّ هؤلاء الكفار الذين غرروا بهم لاشك أنهم يشمتون بهم، وكما قال الشيطان، وإن زين لهم يوم بدر، {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} هذا الشيطان يقول كذا ،
فهؤلاء الكفار الذين لقنوا هؤلاء الأغرار سيكون موقفهم إذا أوقعهم الله بأيدي المسلمين، سيكون موقفهم منهم مثل موقف الشيطان من الكفار في بدر، فعليهم أن يتقوا الله إن كان فيهم بقية من إيمان، وأن يتوبوا إلى الله، وأن يتخلوا عن هذه الأفكار الخبيثة..
كيف يغزون المسلمين؟! كيف يغزون آباءهم وإخوانهم وجيرانهم في بلاد الإسلام يروعونهم ويقتلونهم ويدمرون بيوتهم؟! أين الإنسانية؟! أين الشهامة؟! أين الدين ؟! إن كان فيهم دين فعليهم أن يتقوا الله عز وجل على بقيتهم.
وأما من أوقعهم الله في قبضة المسلمين فسيلقون جزاءهم الرادع بحول الله، ولكن على بقيتهم أن يتوبوا إلى الله، وأن يلقوا السلاح الذي بأيديهم، ومن تاب تاب الله عليه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ، {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ}
فعليهم أن يتوبوا إلى الله ويعلموا أنهم لا يعجزون الله سبحانه وتعالى فان الله محيط بهم وقادر عليهم والله جل وعلا ينتصر لأوليائه قال -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- فيما يرويه عن ربه عز وجل "إن الله قال من عادي لي وليا فقد آذنته بالحرب" فمن آذى عباد الله وآذى المسلمين فانه قد حارب الله عز وجل ومن حارب الله فانه مخذول لأنَّ الله يسلط عليه جنود السماوات والأرض {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } .
فعلى من بقى منهم أن يتوبوا إلى الله، وأن يرجعوا إلى رشدهم، وأن يدخلوا في صف المسلمين، وأن يضعوا أيديهم في أيدي المسلمين ما دامت التوبة لها مجال، وما دام أنهم يتمكنون من التوبة.
أما إذا أُلْقِيَ القبض عليهم فإنهم سيطبق فيهم حكم الله ورسوله الرادع الذي يردعهم ويردع غيرهم..
والله سبحانه وتعالى لما ذكر عقوبة الذين يسعون في الأرض فساداً قال جل وعلا: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرض ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {33} إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
فعلى هؤلاء أن يتوبوا إلى الله قبل أن يقعوا في قبضة المسلمين ويوقع بهم حكم الله ورسوله..
عليهم أن يتوبوا ويرجعوا إلى رشدهم، فإن الله يتوب على من تاب، وإن المسلمين يفرحون بتوبتهم لأنهم أبناؤهم وإخوانهم، فإذا تابوا إلى الله فإنَّ هذا يسر المسلمين، ومن تاب تاب الله عليه..
نسال الله لنا ولهم الهداية ، والرجوع إلى الحق، وأن يعيذنا من نزغات الشيطان، ومن أفكار الشيطان ، وأعوان الشيطان، إنه قريب مجيب .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
جريدة الرياض الأحد 14 رمضان 1424العدد 12924 السنة 39.
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
وسئل الشيخ العلامة صالح الفوزان السؤال التالي :
أحسن الله إليكم ،يقول :هل يقال فيمن قاموا بالتفجيرات في هذه البلاد أنه من الخوارج ؟
فأجاب -حفظَهُ اللهُ ورعاهُ- : هذا إفساد في الأرض،هذا إفساد في الأرض وإهلاك للحرث والنسل ،واعتداء على الدماء البريئة ،وترويع للمسلمين فهو من أشد أفعال الخوارج ،بل الخوارج ما فعلوا مثل هذا ،الخوارج يبرزون في المعارك جاءوا يقاتلون ،أما هؤلاء فيجيئون الناس وهم نائمون وآمنون وينسفون المنازل بما فيها ،هذا فعل الخوارج ؟! لا هذا أشبه شيء بفعل القرامطة ،أما الخوارج فهم يَتَنَزَّهُونَ عن هذا الغدر وهذه الخيانة ، ما فعل هذا الخوارج .
والله أسأل أن يحفظ هذه البلاد وجميع بلاد المسلمين من شر الخوارج والمنافقين ، ومن شر كل ذي شر .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
كتبه:
أسامة بن عطايا العتيبي
الحمد لله ، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله أما بعد:
إن الاعتداء على دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم مما عظمت حرمته في الكتاب والسنة ، ومما اتفقت على استنكاره وإبطاله جميع الشرائع السماوية ، وجاءت الشريعة الإسلامية بحفظ دماء المعاهدين والمستأمنين وحفظ حقوقهم، وإن الاعتداء على المسلمين والمعاهدين والذميين والمستأمنين لا تقره شريعة ، ولا يقره عقل.
ولَمَّا استطال بعض المتطرفين والخوارج على دماء المسلمين والمعاهدين والمستأمنين تعالت صيحات العلماء تنديداً بهذا الفعل الشنيع ، واستنكاراً لتلك الأفعال النَّكراء.
وسأذكر بعض الأحاديث المحذرة من تكفير المسلم، مع بيان مفصل صدر عن هيئة كبار العلماء حوى خطورة التكفير وضوابطه.
ثم أورد بعض بيانات هيئة كبار العلماء في الدولة السعودية -حرسَها اللهُ- ، وبعض بيانات العلماء وفتاواهم التي تضمنت استنكار تلك الأعمال الإجرامية والأفعال الشيطانية ..
والله الموفق لا رب سواه.
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
كلام سماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ -حفظَهُ اللهُ ورعاهُ- حول تفجيرات الرياض الأخيرة
1- وصف سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ الانفجار الذي وقع ظهر أمس في الرياض بأنه عمل إجرامي من فئة ضالة مجرمة استباحت حرمة الدين وبلاد المسلمين.
وقال سماحته في اتصال هاتفي أجرته (عكاظ) : إن هذه الفئة المفسدة ستنال عقابها في الدنيا والآخرة نظراً
لما تقترفه من أعمال إجرامية يرفضها الدين جملة وتفصيلاً وهم على ضلال.وأكد سماحة المفتي أن هؤلاء المجرمين لابد من تعقبهم وعقابهم العقاب الشرعي.
ودعا سماحته جميع أبناء الوطن الوقوف صفاً واحداً مع قيادتها ورجال الأمن للتصدي لمثل هؤلاء المجرمين الذين أظهرت أعمالهم وجرائمهم أنهم فئة إجرامية ضالة تهدف لزعزعة الأمن وترويع الآمنين من مواطنين ومقيمين وتخريب المنشآت.
واختتم سماحته بقوله : إنني أدعو الله أن يرد كيد هؤلاء إلى نحورهم وان يقضي عليهم بإذن الله وقوته.
رَ: جريدة عكاظ ( الخميس - 3/3/1425هـ ) الموافق 22 / ابريل/ 2004 - العدد 1040
2- المفتي العام: من يستحل ما حرّم الله فهو ضال مفترٍ على الله والضالون ليس لهم أي حجة يعتمدون عليها
عبر سماحة المفتي العام للسعودية فضيلة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ إثر تفجيرات الرياض يوم أمس، عن أسفه لما وصلت إليه هذه الفئة التي وصفها بالضالة، من استباحة واضحة لدماء المسلمين من المواطنين ورجال الأمن بعدما كانوا ينفون تعمد ذلك في الحالات السابقة، موضحاً في تصريحه لـ "الوطن" بأن "هؤلاء فئة ضالة، وقد وصل بهم الأمر إلى هذا الحد السيء في استباحة دماء المواطنين ورجال الأمن، وهذا من مبدأ الخوارج الذين ظاهروا الإمام علي رضي الله عنه".
وعن التبريرات والأدلة التي من الممكن أن يستـند إليها هؤلاء في أفعالهم قال: "ليس لهم في ذلك أي مستـند أو دليل أو حجة يعتمدون عليها، إنما هو مرض في النفس، واتباع للهوى، واستحلال للباطل".
وحول حكم من يقوم بمثل هذه الأعمال متعمداً قتل الأرواح المسلمة قال: "من يستحل ما حرّم الله فهو ضال مفترٍ على الله، والنبي عليه الصلاة والسلام حذر أشد التحذير من الاعتداء على الأرواح المسلمة فقال في الحديث: ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر))".
ووجه سماحة المفتي العام في نهاية حديثه كلمة لمثل مرتكبي هذه الأعمال قائلا: "عليهم أن يتوبوا مما هم فيه، وأن يراجعوا أنفسهم، ويعترفوا بخطئهم، وليعلم هؤلاء بأنهم سيلقون الله وفي ذمتهم دماء لأرواح بريئة".
رَ: جريدة الوطن الخميس 3/3/1425هـ عدد1301 السنة الرابعة
3- المفتي العام لـ "الرياض": التفجير الإجرامي كشف فساد الفئة الضالة وكذب ما تدعي .
استنكر سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ التفجير الإجرامي الآثم الذي تعرض له مبنى للأمن العام يعمل فيه مسلمون من أبناء هذه البلاد.
وقال سماحته لـ"الرياض": إن هذا التفجير جريمة نكراء تدل على فساد نية هؤلاء المجرمين وكذب ما يدعون به من أنهم يستهدفون فئة خاصة بل المقصود من تفجيراتهم السابقة واللاحقة إلحاق الضرر والأذى بالإسلام وأهله في كل مكان.
وخاطب سماحته رجال الأمن قائلاً: اصبروا وصابروا ورابطوا وجاهدوا وقوموا بواجبكم، أرجو الله أن يكلل مساعيكم بالنجاح وأن يوفقكم لما تقومون به من خير لخدمة الدين ثم الوطن وأبنائه كما أرجو الله أن يوفق ولاة أمرنا ويسدد خطاهم ويعينهم على كل خير ويكبت من فيه شر على الإسلام وأهله.
ووجه آل الشيخ كلمة لذوي الشهداء والمصابين من رجال الأمن والمواطنين قائلاً: يا إخواني من أصيب بمصيبة من أبناء المسلمين أو رجال الأمن فعلى آبائهم الصبر والاحتساب فهؤلاء مظلومون أرجو أن يكونوا إن شاء الله على خير.
ودعا المفتي العام المسلمين أن يأخذوا على أيدي هذه الفئة الضالة وألا تأخذهم فيهم رحمة لأن هؤلاء مفسدون ويجب الأخذ على أيديهم ومنعهم من إجرامهم من كان جاهلاً أو مغرراً به فليعَلَّم وليؤخذ على يده ومن كان معانداً ومصراً فتجري عليه أحكام الشريعة.
وقال سماحته لابد أن يعلم الجميع أنَّما حدث إنما هو من أناس لا خلاق لهم، من أناس ضعف إيمانهم وقلّ خوفهم من الله واستخفوا بدماء المسلمين فأقدموا على هذه الجريمة النكراء التي لا مبرر لها إنما أملاها عليهم الحقد على الإسلام وأهله.
ودعا آل الشيخ الشباب إلى التكاتف والتعاون وشد أزر المسؤولين والوقوف معهم صفاً واحداً ضد من يريد تعكير وتكدير صفو أمن هذه الأمة ويخطط لها المكائد.
وأشار سماحته إلى أن هذه الجريمة النكراء جاءت بسبب ضعف الإيمان وقلة في الحياء وعدم شكر الله على نعمته وسفك دماء المسلمين بغير وجه شرعي يقول تعالى: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً}.
وقال سماحته : إن على المواطنين أن يشكروا الله على نعمته وألا يسمحوا لأي مجرم ومفسد أن ينفذ إجرامه وأن نقف صفاً واحداً ويداً واحدة متلاحمين متعاونين مع حكومتنا وبلادنا واقفين مع مسؤولينا وقفة الصدق والأمانة وإظهار الإخلاص والصدق في التعامل حتى نجنب بلادنا هذه المزالق لأننا مستهدفون محسودون على ما نحن فيه من نعمة فيجب ألا ندع لأي مفسد فرصة لينفث فيها سمومه القاتلة.
وسأل آل الشيخ الله أن يقي بلادنا كل سوء وأن يحفظها من كل مكروه ويرد عنا كيد الكائدين ويفضح من في نواياه خبث لهذه البلاد
رَ: جريدة الرياض الخميس 03 ربيع الأول 1425العدد 13089 السنة 39
4- مفتي عام المملكة مندداً بأحداث الوشم: الانفجار عمل لا يقره شرع ولا عقل سليم.
أوضح سماحة مفتي عام المملكة فضيلة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ في فتوى أصدرها فضيلته قال فيها: إن ما حدث أمر لا يقره شرع ولا عقل سليم، وأن نسب الإرهاب بهذه الصورة إلى الإسلام هو تهمة للإسلام بما ينافي شرائعه ويناقض أحكامه.
وقد صدر عن هيئة كبار العلماء بيان في عام 1419هـ يعلن موقف علماء المسلمين في المملكة من هذه الأعمال الإرهابية. وهيئة كبار العلماء إذ تبين حكم تكفير الناس بغير برهان من كتاب الله وسنة رسوله وخطورة إطلاق ذلك لما يترتب عليه من الشرور والآثام، فإنها تعلن أن الإسلام بريء من هذا المعتقد الخاطئ وأن ما يجري في بعض البلدان من سفك دماء بريئة وتفجير للمساكن والمركبات والمرافق العامة والخاصة، وتخريب للمنشآت هو عمل إجرامي والإسلام بريء منه.
وكل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر بريء منه، وإنما هذا التصرف من صاحب فكر منحرف وعقيدة فهو يحمل إثمه وجرمه فلا يحسب على الإسلام ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام المعتصمين بكتاب الله وسنة المصطفى المتمسكين بحبل الله المتين. وإنما هو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة.
رَ: جريدة الجزيرة العدد 11529 الخميس 3 ,ربيع الأول
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
التحذير من تكفير المسلم وضوابط التكفير
هذه بعض الأدلة التي تبين حرمة دم المؤمن ، والوعيد الشديد لمن يستهين بدم المسلم.
قال تعالى: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} ، وقال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ}.
وقال النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((كل المسلم على المسلم حرام دمه ، وماله ، وعرضه))[ رواه مسلم في صحيحه(4/1986رقم2564) من حديث أبي هريرة -رضي اللهُ عنه- ]
فقال: (( أيُّمَا امرئ قال لأخيه: يا كافر ، فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال؛ وإلا رجعت عليه)) [رواه البخاري في صحيحه(7/127رقم6104) ، ومسلم في صحيحه(1/79رقم60) من حديث عبد الله بن عمر -رضي اللهُ عنما-]
وقال النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((ولعن المؤمن كقتله، ومن رمى مؤمناً بكفر فهو كقتله)) [رواه البخاري في صحيحه(5/2264رقم5754-البغا)، ومسلم في صحيحه(1/104رقم110) من حديث ثابت بن الضحاك -رضي اللهُ عنه- ].
وتكفير المسلم وسيلة لاستحلال دمه وقتله، وقد جاء الوعيد الشديد فيمن يقتل مؤمناً.
قال تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}
وعن أبي هريرة -رضي اللهُ عنه- أن رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- قال: ((اجتنبوا السبع الموبقات))
قيل: يا رسول الله ، وما هن ؟ قال: ((الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات))رواه البخاري في صحيحه(12/181-مع فتح الباري) ، ومسلم في صحيحه(1/92رقم89) .
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراماً)[ رواه البخاري في صحيحه(6/2517رقم6469).]
وقال ابن عمر -رضي الله عنهما- : "إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله"[ رواه البخاري في صحيحه(6/2517رقم6470)].
وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- قال: ((لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم)) [رواه الترمذي في جامعه(4/16رقم1395) ، والنسائي في سننه(7/82رقم3987) وغيرهما وهو حديث صحيح بمجموع طرقه. انظر: غاية المرام تخريج أحاديث الحلال والحرام للشيخ الألباني -رحمهُ اللهُ-(ص/253رقم439)]
وعن عبد الله بن عمرو قال: رأيت رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- يطوف بالكعبة ويقول : ((ما أطيبك! وما أطيب ريحك! ، ما أعظمك! وما أعظم حرمتك! ، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمتك -ماله ودمه-))[رواه ابن ماجه في سننه(2/1297 رقم3932) وهو حديث صحيح لغيره انظر: صحيح الترغيب والترهيب(رقم2441)]
عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن أخوفَ ما أخافُ عليكم رجل قرأ القرآن ، حتى إذا رُئِيَتْ بَهْجَتُهُ عليه، وكان ردءاً للإسلام غيره إلى ما شاء الله ، فانسلخ منه، ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسَّيفِ ، ورماه بالشرك))
قال: قلت : يا نبي الله أيهما أولى بالشرك: المرمي أم الرامي؟
قال -صلى الله عليه وسلم-: ((بل الرامي)) [رواه ابن حبان في صحيحه(1/281-282رقم81)، والبزار(7/220رقم2793) وحسنه.].
عن عبد الله بن عباس -رضي اللهُ عنهما-: أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أبغضُ الناس إلى الله ثلاثة: ملحدٌ في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه)) رواه البخاري في صحيحه(6/2523-البغا)
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
بعض بيانات هيئة كبار العلماء المنددة بالتفجير والتكفير
بيان من هيئة كبار العلماء حول التكفير والتفجير
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد درس مجلس هيئة كبار العلماء في دورته التاسعة والأربعين المنعقدة بالطائف، ابتداء من تاريخ 2/4/1419هـ ما يجري في كثير من البلاد الإسلامية، وغيرها من التكفير والتفجير، وما ينشأ عنه من سفك الدماء ، وتخريب المنشآت، ونظراً إلى خطورة هذا الأمر، وما يترتب عليه من إزهاق أرواح بريئة ؛ وإتلاف أموال معصومة ، وإخافة للناس ، وزعزعة لأمْنهم واستقرارهم، فقد رأى المجلس إصدار بيان يوضح فيه حكم ذلك نصحاً لله ، ولعباده ، وإبراء للذمة وإزالة للبس في المفاهيم لدى من اشتبه عليه الأمر في ذلك، فنقول وبالله التوفيق :
أولاً: التكفير حكم شرعي، مرده إلى الله ورسوله، فكما أن التحليل والتحريم والإيجاب إلى الله ورسوله، فكذلك التكفير، وليس كل ما وصف بالكفر من قول أو فعل، يكون كفراً أكبر مخرجاً عن الملة .
ولَمَّا كان مرد حكم التكفير إلى الله ورسوله ؛ لم يجز أن نكفر إلا من دل الكتاب والسنة على كفره دلالة واضحة ، فلا يكفي في ذلك مجرد الشبهة والظن، لِمَا يترتب على ذلك من الأحكام الخطيرة، وإذا كانت الحدود تدرأ بالشبهات، مع أن ما يترتب عليها أقل مِمَّا يترتب على التكفير، فالتكفير أولى أن يدرأ بالشبهات؛ ولذلك حذر النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- من الحكم بالتكفير على شخص ليس بكافر، فقال: (( أيُّمَا امرئ قال لأخيه: يا كافر ، فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال؛ وإلا رجعت عليه))[ رواه البخاري في صحيحه(7/127رقم6104) ، ومسلم في صحيحه(1/79رقم60) من حديث عبد الله بن عمر -رضي اللهُ عنه-.]
وقد يرد في الكتاب والسنة ما يفهم منه أنَّ هذا القول أو العمل أو الاعتقاد كفر، ولا يكفر من اتصف به، لوجود مانع يمنع من كفره، وهذا الحكم كغيره من الأحكام التي لا تتم إلا بوجود أسبابها وشروطها، وانتفاء موانعها كما في الإرث، سببه القرابة –مثلاً- وقد لا يرث بها لوجود مانع كاختلاف الدين، وهكذا الكفر يكره عليه المؤمن فلا يكفر به.
وقد ينطق المسلم بكلمة الكفر لغلبة فرح أو غضب أو نحوهما فلا يكفر بها لعدم القصد، كما في قصة الذي قال: ((اللهم أنت عبدي وأنا ربك)) ؛ أخطأ من شدة الفرح.[رواه مسلم في صحيحه(4/2104رقم2747) من حديث أنس بن مالك -رضي اللهُ عنه- ].
والتسرع في التكفير يترتب عليه أمور خطيرة: من استحلال الدم والمال ، ومنع التوارث وفسخ النكاح ، وغيرها مما يترتب على الردة ، فكيف يسوغ للمؤمن أن يقدم عليه لأدنى شبهة .
وإذا كان هذا في ولاة الأمور كان أشد ؛ لِمَا يترتب عليه من التمرد عليهم، وحمل السلاح عليهم ، وإشاعة الفوضى، وسفك الدماء، وفساد العباد والبلاد ، ولهذا منع النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- من منابذتهم، فقال: ((إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان)) [رواه البخاري في صحيحه(8/422-423رقم7055-7056) ، ومسلم في صحيحه(3/1470 رقم1709) من حديث عبادة بن الصامت -رضي اللهُ عنه- .].
فأفاد قوله: ((إلا أن تروا)) : أنه لا يكفي مجرد الظن والإشاعة. وأفاد قوله: ((كفراً)) أنه لا يكفي الفسوق ولو كبر ؛ كالظلم وشرب الخمر ولعب القمار، والاستئثار المحرم. وأفاد قوله: ((بواحاً)) أنه لا يكفي الكفر الذي ليس ببواح؛ أي: صريح ظاهر. وأفاد قوله: (( عندكم فيه من الله برهان)): أنه لا بد من دليل صريح ، بحيث يكون صحيح الثبوت ، صريح الدلالة ، فلا يكفي الدليل ضعيف السند ، ولا غامض الدلالة . وأفاد قوله: ((من الله)) أنه لا عبرة بقول أحد من العلماء مهما بلغت مَنْزِلته في العلم والأمانة إذا لم يكن لقوله دليل صريح صحيح من كتاب الله، أو سنة رسوله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- .
وهذه القيود تدل على خطورة الأمر .
وجملة القول: أن التسرع في التكفير له خطره العظيم ؛ لقول الله -عزَّ وجلَّ-: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}
ثانياً: ما نجم عن هذا الاعتقاد الخاطئ: من استباحة الدماء، وانتهاك الأعراض، وسلب الأموال الخاصة والعامة، وتفجير المساكن والمركبات، وتخريب المنشآت ، فهذه الأعمال وأمثالها محرمة شرعاً بإجماع المسلمين؛ لما في ذلك من هتك لحرمة الأنفس المعصومة ، وهتك لحرمة الأموال، وهتك لحرمات الأمن والاستقرار ، وحياة الناس الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم، وغدوهم ورواحهم ، وهتك للمصالح العامة التي لا غنى للناس في حياتهم عنها .
وقد حفظ الإسلام للمسلمين أموالهم ، وأعراضهم ، وأبدانهم ، وحرم انتهاكها، وشدد في ذلك ، وكان من آخر ما بلغ به النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- أمته ، فقال في خطبة حجة الوداع : ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ؛ كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا)) ثم قال -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد)) متفق عليه.
وقال -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((كل المسلم على المسلم حرام دمه ، وماله ، وعرضه)) [رواه مسلم في صحيحه(4/1986رقم2564) من حديث أبي هريرة -رضي اللهُ عنه- ] ، وقال –عليه الصلاة والسلام- : ((اتقوا الظلم ، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)) [رواه مسلم في صحيحه(4/1996رقم2578) من حديث جابر -رضي اللهُ عنه- ].
وقد توعد الله سبحانه من قتل نفساً معصومة بأشد الوعيد، فقال سبحانه في حق المؤمن: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} ، وقال سبحانه في حق الكافر الذي له ذمة في حكم قتل الخطأ : {وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً} فإذا كان الكافر الذي له أمان إذا قتل خطأ فيه الدية والكفارة ، فكيف إذا قتل عمداً ، فإنَّ الجريمة تكون أعظم ، والإثم يكون أكبر . وقد صح عن رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- أنه قال : ((من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة)) [رواه البخاري في صحيحه(4/398-399رقم3166) من حديث عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما- ].
ثالثاً: إن المجلس إذ يبين حكم تكفير الناس بغير برهان من كتاب الله وسنة رسوله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- وخطورة إطلاق ذلك، لما يترتب عليه من شرور وآثام ، فإنه يعلن للعالم أن الإسلام بريء من هذا المعتقد الخاطئ ، وأن ما يجري في بعض البلدان من سفك للدماء البريئة، وتفجير للمساكن والمركبات والمرافق العامة والخاصة، وتخريب للمنشآت هو عمل إجرامي، والإسلام برئ منه، وهكذا كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر بريء منه ، وإنما هو تصرف من صاحب فكر منحرف ، وعقيدة ضالة؛ فهو يحمل إثمه وجرمه ، فلا يحتسب عمله على الإسلام، ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام، المعتصمين بالكتاب والسنة ، المستمسكين بحبل الله المتين ، وإنما هو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة؛ ولهذا جاءت نصوص الشريعة قاطعة بتحريمه محذرة من مصاحبة أهله . قال الله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ {204} وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرض لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ {205} وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ {206}.
والواجب على جميع المسلمين في كل مكان التواصي بالحق ، والتناصح والتعاون على البر والتقوى ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، كما قال الله -سبحانه وتعالى- : {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، وقال سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} وقال -عزَّ وجلَّ- : {وَالْعَصْرِ {1} إِنَّ الإنسان لَفِي خُسْرٍ {2} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ {3}
وقال النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((الدين النصيحة)) قيل: لمن يارسول الله ؟ قال: ((لله ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم)) [رواه مسلم في صحيحه(1/74رقم55) من حديث تميم الداري -رضي اللهُ عنه- ] ،
وقال -عليه الصلاة والسلام- : ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)) [رواه البخاري في صحيحه(7/102رقم6011) ، ومسلم في صحيحه(4/1939 رقم2586) من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- ].
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
ونسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى ، وصفاته العلى : أن يكفَّ البأس عن جميع المسلمين ، وأن يوفق جميع ولاة أمور المسلمين إلى ما فيه صلاح العباد والبلاد، وقمع الفساد والمفسدين، وأن ينصر بهم دينه ، ويعلي بهم كلمته، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعاً في كل مكان، وأن ينصر بهم الحق ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه"
مجلة البحوث العلمية. عدد56 (ص/357) .
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
بيان هيئة كبار العلماء حول أعمال الشغب التي قام بها بعض الحجاج الإيرانيين في موسم حج عام 1407هـ.
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ، ومن اهتدى بهديه ، واتَّبع سنته إلى يوم الدين . وبعد:
فقد اطلع مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية على الأحداث المؤسفة التي قام بها بعض الحجاج الإيرانيين بعد صلاة العصر من يوم الجمعة السادس من شهر ذي الحجة لعام 1407هـ من تجمُّعات ومسيرة صاخبة ، تعطَّل بسببها خروج المصلين إلى منازلهم ومصالحهم ، وتعرقلت حركة المرور ، وتوقَّف السير فجأة في الشوارع والطرقات ، مما أدى إلى تدخل الحجاج والمواطنين المحتجزين عن الحركة مع الحجاج الإيرانيين في محاولة لإقناعهم بإخلاء الشوارع ، ورفض المسيرة إلا أنَّ الحجاج الإيرانيين أصروا على استكمال مسيرتهم الغوغائية رغم جميع المحاولات السلمية الهادئة التي بذلها الحجاج الآخرون على مختلف جنسياتهم وكذا المواطنون سقط خلالها المئات من القتلى والجرحى من النساء والرجال حجاجاً ومواطنين . وإن المجلس ليستنكر هذا العمل ويشجبه، لِما فيه من إيذاء المسلمين من الحجاج وغيرهم في هذا البلد الحرام في الشهر الحرام ، ولكونه وسيلة إلى ما لا تحمد عقباه من قتل النفوس ، ومضايقة الناس وغير ذلك من أنواع الأذى والظلم ، كما يُحَمَّل الإيرانيين مسئولية ما نشأ عن عملهم هذا من مفاسد وفتن .
ولا شك أن هذا العمل مخالف لأمر الله سبحانه لمن أراد الحج بقوله: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} والواجب على المسلم أن يلتزم بما أمر الله به ، ورسوله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- من الأخلاق الكريمة ، والمعاملة الطيبة لإخوانه المسلمين.
ولقد عظَّم الله سبحانه وتعالى بيته الكريم ، وجعل له من الخصائص ما ليس لغيره من الأمكنة والبقاع ، فقال سبحانه: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً}، وتوعَّد من أراد الإلحاد فيه بالعذاب الأليم بقوله سبحانه: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}
قال ابن عباس --: الظلم هو أن تستحل من الحرم ما حرم الله عليك من إساءة أو قتل ، فتظلم من لا يظلمك ، وتقتل من لا يقتلك.اهـ.
وقد حرم الله سبحانه إيذاء المؤمنين والمؤمنات في كتابه الكريم في كل مكان وفي كل زمان ، فكيف بإيذائهم في البلد الأمين ، وفي وقت أداء المناسك ، لاشك أن هذا يكون أشد إثماً ، وأعظم جرماً ، قال سبحانه : {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً}
وقد بيَّن الله سبحانه وتعالى مشروعية الحج ومنافعه بقوله: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ {27} لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ {28} ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ {29} ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ –إلى قوله سبحانه- فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ –إلى قوله سبحانه- ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ{32}
فهذه هي أوامر الله سبحانه وتعالى وتوجيهاته لحجاج بيت الله الحرام : لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ، ولا استهانة بحرمات الله ، ولا تلفظاً بقول الزور، بل ذكر الله وتعظيم لحرماته وشعائره.
وبذلك يعلم أن ما فعله بعض الحجاج الإيرانيين بأعمالهم الاستفزازية مخالف لأوامر الله وتوجيهاته التي وردت في كتابه الكريم ، وعلى لسان رسوله الأمين.
فالواجب على جميع علماء المسلمين وحكامهم وقادتهم إنكار ذلك وشجبه ليعلم كل أحد تحريم هذا العمل وبشاعته ومخالفته لشرع الله ، وسوء ما يترتب عليه من العواقب الضارة بالمسلمين من الحجاج وغيرهم وعلى المتظاهرين أنفسهم .
وبذلك يعلم حكام إيران أن الواجب عليهم منع حجاجهم من هذا العمل السيء، وعدم تشجيعهم عليه لما تقدم من الأدلة الشرعية ، والمعاني المرعية ، والعواقب السيئة المترتبة على ذلك.
كما يعلم أن الواجب على حكومة هذه البلاد وفقها الله منع مثل هذا العمل ، وعدم التمكين منه بالطرق التي تراها كفيلة بذلك حماية لحجاج المسلمين وغيرهم من المواطنين من الأذى والظلم وغير ذلك مما يترتب على هذه الأعمال المخالفة للشرع ممن العواقب الوخيمة.
وبهذه المناسبة فإن المجلس حين يستنكر هذا الحادث ويشجبه يوصي جميع حجاج بيت الله الحرام بتقوى الله وتعظيم حرماته ، والتعاون على البر والتقوى ، وعطف بعضهم على بعض ، وإحسان بعضهم إلى البعض الآخر ، والحذر من كل ما يضرهم في دينهم ودنياهم ، أو يشغلهم عن أداء مناسكهم على الوجه الذي شرعه الله ، والله المسؤول أن ينصر دينه ، ويعلي كلمته ، ويصلح أحوال المسلمين في كل مكان ، ويصلح قادتهم ، ويمنح الجميع الفقه في دينه والثبات عليه ،وأن يوفق ولاة أمر هذه البلاد لكل ما فيه صلاح الأمة وسعادتها ، وتسهيل أمور الحج للمسلمين ، وأن يضاعف مثوبتهم على ما قدموه من إحسان وتسهيل وأن يزيدهم من فضله ، وينصر بهم الحق ، إنه جواد كريم .
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.
هيئة كبار العلماء
عبد الله خياط ، عبد العزيز بن صالح ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، سليمان عبيد ، عبد المجيد حسن ، إبراهيم بن محمد آل الشيخ ، صالح بن غصون ، محمد جبير ، صالح بن محمد اللحيدان ، عبد الله بن غديان راشد بن خنين ، عبد الله بن منيع ، حسن بن جعفر العتمي ، عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ محمد الصالح العثيمين ، عبد الله البسام ، صالح الفوزان
انظر: مجلة البحوث العلمية عدد2 (ص/317-320) .
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
قرار مجلس هيئة كبار العلماء حول حادث التخريب
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين. وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه أجمعين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين ، وبعد:
فإن مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الثانية والثلاثين المنعقدة في مدينة الطائف ابتداء من 18/1/1409 إلى 12/1/1409بناءً على ما ثبت لديه من وقوع عدة حوادث تخريب ذهب ضحيتها الكثير من الناس الأبرياء ، وتلف بسببها كثير من الأموال والممتلكات والمنشآت العامة في كثير من البلاد الإسلامية وغيرها ، قام بها بعض ضعاف الإيمان أو فاقديه من ذوي النفوس المريضة والحاقدة ، ومن ذلك:
نسف المساكن ، وإشعال الحرائق في الممتلكات العامة ، ونسف الجسور والأنفاق ، وتفجير الطائرات أو خطفها ، وحيث لو حظ كثرة وقوع مثل هذه الجرائم في عدد من البلاد القريبة والبعيدة ، وبما إن المملكة العربية السعودية كغيرها من البلدان عرضة لوقوع مثل هذه الأعمال التخريبية ، فقد رأى مجلس هيئة كبار العلماء ضرورة النظر في تقرير عقوبة رادعة لمن يرتكب عملاً تخريبياً ، سواء كان موجهاً ضد المنشآت العامة والمصالح الحكومية ، أو كان موجهاً لغيرها بقصد الإفساد والإخلال بالأمن.
وقد اطلع المجلس على ما ذكره أهل العلم من أن الأحكام الشرعية تدور من حيث الجملة على وجوب حماية الضروريات الخمس، والعناية بأسباب بقائها مصونة سالمة وهي: الدين والنفس والعرض والعقل والمال.
وقد تصور المجلس الأخطار العظيمة التي تنشأ عن جرائم الاعتداء على حرمات المسلمين في نفوسهم وأعراضهم وأموالهم ، وما تسببه الأعمال التخريبية من الإخلال بالأمن العام في البلاد، ونشوء حالة الفوضى والاضطراب ، وإخافة المسلمين وممتلكاتهم.
والله سبحانه وتعالى قد حفظ للناس أديانهم وأبدانهم وأرواحهم وأعراضهم وعقولهم وأموالهم بما شرعه من الحدود والعقوبات التي تحقق الأمن العام والخاص، ومما يوضح ذلك قوله سبحانه وتعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرض فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} الآية، وقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرض ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
وتطبيق ذلك كفيل بإشاعة الأمن والاطمئنان، وردع من تسول له نفسه الإجرام والاعتداء على المسلمين في أنفسهم وممتلكاتهم ، وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن حكم المحاربة في الأمصار وغيرها على السواء، لقوله سبحانه: {ويسعون في الأرض فساداً} ، والله تعالى يقول: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ {204} وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرض لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ} ، وقال تعالى: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأرض بَعْدَ إِصْلاَحِهَا}
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: "ينهى تعالى عن الإفساد في الأرض وما أضر بعد الإصلاح ، فإنه إذا كانت الأمور ماشية على السداد ثم وقع الإفساد بعد ذلك كان أضر ما يكون على العباد ، فنهى تعالى عن ذلك" أ. هـ [تفسير ابن كثير(2/223).]
وقال القرطبي: "نهى سبحانه وتعالى عن كل فساد قل أو كثر بعد صلاح قل أو كثر فهو على العموم على الصحيح من الأقوال" أ. هـ. [تفسير القرطبي(7/226)]
وبناء على ما تقدم ولأن ما سبق إيضاحه يفوق أعمال المحاربين الذين لهم أهداف خاصة يطلبون حصولهم عليها من مال أو عرض، وهؤلاء هدفهم زعزعة الأمن وتقويض بناء الأمة ، واجتثات عقيدتها ، وتحويلها عن المنهج الرباني ، فإن المجلس يقرر بالإجماع ما يلي:
أولاً : من ثبت شرعاً أنه قام بعمل من أعمال التخريب والإفساد في الأرض التي تزعزع الأمن ، بالاعتداء على النفس والممتلكات الخاصة أو العامة، كنسف المساكن أو المساجد أو المدارس أو المستشفيات والمصانع والجسور ، ومخازن الأسلحة والمياه والموارد العامة لبيت المال كأنابيب البترول ، ونسف الطائرات أو خطفها ونحو ذلك فإن عقوبته القتل ، لدلالة الآيات المتقدمة على أن مثل هذا الإفساد في الأرض يقتضي إهدار دم المفسد ، ولأن خطر هؤلاء الذين يقومون بالأعمال التخريبية وضررهم أشد من خطر وضرر الذي يقطع الطريق فيعتدي على شخص فيقتله أو يأخذ ماله ، وقد حكم الله عليه بما ذكر في آية الحرابة.
ثانياً : أنَّه لابد قبل إيقاع العقوبة المشار إليها في الفقرة السابقة من استكمال الإجراءات قبل إيقاع العقوبة المشار إليها في الفقرة السابقة من استكمال الإجراءات الثبوتية اللازمة من جهة المحاكم الشرعية وهيئات التمييز ومجلس القضاء الأعلى، براءة للذمة واحتياطاً للأنفس، وإشعاراً بما عليه هذه البلاد من التَّقَيُّدِ بكافة الإجراءات اللازمة شرعاً لثبوت الجرائم وتقرير عقابها.
ثالثاً: يرى المجلس إعلان هذه العقوبة عن طريق وسائل الأعلام.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه .
مجلس هيئة كبار العلماء.
قرار رقم(148) الصادر في الدورة الثانية والثلاثين بتاريخ 12/1/1409 "مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد الثاني(ص/181)"
قرار حادث التفجير الذي وقع في الرياض في حي العليا
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وآله وصحبه .
وبعد:
فإن هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية علمت ما حدث من التفجير الذي وقع في حي العليا بمدينة الرياض قرب الشارع العام ضحوة يوم الإثنين20/6/1416 هـ وأنه قد ذهب ضحيته نفوس معصومة، وجرح بسببه آخرون ، وروع آمنون وأخيف عابر السبيل، ولذا فإن الهيئة تقرر أن هذا الاعتداء آثم وإجرام شنيع، وهو خيانة وغدر، وهتك لحرمات الدين في الأنفس، والأموال ، والأمن، والاستقرار ، ولا يفعله إلا نفس فاجرة ، مشبعة بالحقد والخيانة والحسد والبغي والعدوان، وكراهية الحياة والخير، ولا يختلف المسلمون في تحريمه، ولا في بشاعة جرمه وعظيم إثمه ، والآيات والأحاديث في تحريم هذا الأجرام وأمثاله كثيرة ومعلومة.
وإن الهيئة إذ تقرر تحريم هذا الإجرام وتحذر من نزعات السوء، ومسالك الجنوح الفكري ، والفساد العقدي ، والتوجيه المردي، وإن النفس الأمارة بالسوء إذا أرخى لها المرء العنان ذهبت به مذاهب الردى ، ووجد الحاقدون فيها مدخلاً لأغراضهم وأهوائهم التي يبثونها في قوالب التحسين، والواجب على كل من علم شيئاً عن هؤلاء المخربين أن يبلغ عنهم الجهة المختصة.
وقد حذر الله سبحانه في محكم التَّنْزِيل من دعاة السوء والمفسدين في الأرض فقال: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرض ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ، وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ {204} وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرض لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ{205}وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}
نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، أن يهتك ستر المعتدين على حرمات الآمنين، وأن يكف البأس عنا وعن جميع المسلمين، وأن يحمي هذه البلاد وسائر بلا المسلمين من كل سوء ومكروه، وأن يوفق ولاة أمرنا وجميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح العباد والبلاد إنه خير مسؤول.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
مجلس هيئة كبار العلماء
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
قرار حادث التفجير الذي وقع في مدينة الخبر في المنطقة الشرقية
الحمد الله وحده، والصلاة والسلام على من لانبي بعده محمد وآله وصحبه
وبعد:
فإن مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في جلسته الاسثنائية العاشرة المنعقدة في مدينة الطائف يوم السبت13/2/1417 هـ. استعرض حادث التفجير الواقع في مدينة الخبر بالمنطقة الشرقية يوم الثلاثاء 9/2/1417 هـ وما حصل بسبب ذلك من قتل وتدمير وترويع وإصابات لكثير من المسلمين وغيرهم.
وإن المجلس بعد النظر والدراسة والتأمل قرر بالإجماع ما يلي:
أولاً: إن هذا التفجير عمل إجرامي بإجماع المسلمين، وذلك للأسباب الآتية:
1 – في هذا التفجير هتكٌ لحرمات الإسلام المعلومة بالضرورة: هتكٌ لحرمة الأنفس المعصومة، وهتكٌ لحرمات الأمن والاستقرار وحياة الناس الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم، وغدوهم ورواحهم، وهتك للمصالح العامة التي لا غِنَى للناس في حياتهم عنها.
وما أبشع وأعظم جريمة من تجرأ على حرمات الله وظلم عباده وأخاف المسلمين والمقيمين بينهم، فويلٌ له ثم ويلٌ له من عذاب الله ونقمته، ومن دعوة تحيط به، نسأل الله أن يكشف ستره، وأن يفضح أمره.
2 – أن النفس المعصومة في حكم شريعة الإسلام ، هي كل مسلم، وكل من بينه وبين المسلمين أمان كما قال تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}.
وقال سبحانه في حق الذمي الذي ذمة في حكم قتل الخطأ: {وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً} فإذا كان الذمي الذي له أمان إذا قتل خطأ فيه الدية والكفارة، فكيف إذا قتل عمداً؟! فإن الجريمة تكون أعظم والإثم يكون أكبر.
وقد صح عن رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- أنه قال: ((من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة)) [رواه البخاري في صحيحه(4/398-399رقم3166) من حديث عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما-]
فلا يجوز التعرض لمستأمن بأذى فضلاً عن قتله في مثل هذه الجريمة الكبيرة النكراء، وهذا وعيد شديد لمن قتل معاهداً، وأنه كبيرة من الكبائر المتوعد عليها بعدم دخول القاتل الجنة، نعوذ بالله من الخذلان.
3 – أن هذا العمل الإجرامي يتضمن أنواعاً من المحرمات في الإسلام بالضرورة من غدر وخيانة وبغي وعدوان وإجرام آثم وترويع للمسلمين وغيرهم، وكل هذه قبائح منكرة يأباها ويبغضها الله ورسوله والمؤمنون.
ثانياً : إن المجلس إذ يبين تحريم هذا العمل الإجرامي في الشرع المطهر. فإنه يعلن للعالم أن الإسلام بريء من هذا العمل، وهكذا كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر بريء منه، وإنما تصرف من صاحب فكر منحرف وعقيدة ضالة، فهو يحمل إثمه، وجرمه ، فلا يحتسب عمله على الإسلام ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام المعتصمين بالكتاب والسنة والمتمسكين بحبل الله المتين.
وإنما هو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة، ولهذا جاءت نصوص الشريعة قاطعة بتحريمه، محذرة من مصاحبة أهله ، قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ {204} وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرض لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ{205}وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}
وقول الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرض ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
ونسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يكشف ستر هؤلاء الفعلة المعتدين، وأن يمكن منهم لينفذ فيهم حكم شرعه المطهر، وأن يكفَ البأس عن هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين، وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وحكومته وجميع ولاة أمور المسلمين إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد وقمع الفساد والمفسدين، وأن ينصر بهم دينه، ويعلي بهم كلمته، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعاً إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية[مجلة الدعوة العدد 1548بتاريخ 18/2/1417 هـ]
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
بيان هيئة كبار العلماء حول حوادث التفجيرات التي وقعت في مدينة الرياض
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده محمد واله وصحبه .
أما بعد ..
فإنَّ مجلس هيئة كبار العلماء في جلسته الاستثنائية المنعقدة في مدينة الرياض يوم الأربعاء 13/ 3/1424 هـ استعرض حوادث التفجيرات التي وقعت في مدينة الرياض مساء يوم الاثنين 11/3/1424هـ وما حصل بسبب ذلك من قتل وتدمير وترويع واصابات لكثير من الناس من المسلمين وغيرهم .
ومن المعلوم أن شريعة الإسلام قد جاءت بحفظ الضروريات الخمس وحرمت الاعتداء عليها وهى الدين والنفس والمال والعرض والعقل .
ولا يختلف المسلمون في تحريم الاعتداء على الانفس المعصومة والانفس المعصومة في دين الإسلام اما ان تكون مسلمة فلا يجوز بحال الاعتداء على النفس المسلمة وقتلها بغير حق ومن فعل ذلك فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب العظام يقول الله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}
ويقول سبحانه: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرض فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً ...} الآية قال مجاهد -رحمهُ اللهُ-: "فى الإثم"[رواه الطبري في تفسيره(6/202)].
وهذا يدل على عظم قتل النفس بغير حق.
ويقول النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة)) متفق عليه وهذا لفظ البخاري
ويقول النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله)) متفق عليه من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
وفى سنن النسائى عن عبدالله بن عمرو -رضي اللهُ عنه- عن النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- قال: ((لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم)) [رواه الترمذي في جامعه(4/16رقم1395) ، والنسائي في سننه(7/82رقم3987) وغيرهما وهو حديث صحيح بمجموع طرقه. انظر: غاية المرام تخريج أحاديث الحلال والحرام للشيخ الألباني -رحمهُ اللهُ-(ص/253رقم439)].
ونظر ابن عمر -رضي الله عنهما- يوماً إلى البيت أو إلى الكعبة فقال: ((ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك)) [رواه الترمذي في جامعه(4/378رقم2032) ، وابن حبان في صحيحه(13/75رقم5763) وسنده حسن ، وقد صح نحوه مرفوعاً؛ فعن عبد الله بن عمرو قال: رأيت رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- يطوف بالكعبة ويقول : ((ما أطيبك! وما أطيب ريحك! ، ما أعظمك! وما أعظم حرمتك! ، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمتك -ماله ودمه-)) رواه ابن ماجه في سننه(2/1297 رقم3932) وهو حديث صحيح لغيره انظر: صحيح الترغيب والترهيب(رقم2441)]
كل هذه الأدلة وغيرها كثير تدل على عظم حرمة دم المرء المسلم وتحريم قتله لأي سبب من الأسبابِ إلا ما دلت عليه النصوص الشرعية، فلا يحل لأحد أن يعتدى على مسلم بغير حق.
يقول أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- : بعثنا رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت نا ورجل من الأنصار رجلاً منهم فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فكف الأنصاري ، فطعنته برمحى حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبيَّ -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- فقال: ((يا أسامة، أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟)) قلت: كان متعوذاً ، فما زال يكررها حتى تمنيت أنى لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم. متفق عليه وهذا لفظ البخاري .
وهذا يدل اعظم الدلالة على حرمة الدماء فهذا رجل مشرك وهم مجاهدون في ساحة القتال لما ظفروا به وتمكنوا منه نطق بالتوحيد فتأول أسامة -رضي اللهُ عنه- قتله على أنَّه ما قالها إلا ليكفوا عن قتله ولم يقبل النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- عذره وتأويله ، وهذا من أعظم ما يدل على حرمة دماء المسلمين وعظيم جرم من يتعرض لها .
وكما أن دماء المسلمين محرمة فإن أموالهم محرمة محترمة بقول النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم-: ((إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)) أخرجه مسلم.
وهذا الكلام قاله النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- في خطبة يوم عرفة وأخرج البخارى ومسلم نحوه في خطبة يوم النحر[رواه البخاري في صحيحه(1/30رقم67) ، ومسلم في صحيحه(3/1305رقم 1679) من حديث أبي بكرة -رضي اللهُ عنه- ].
وبما سبق يتبين تحريم قتل النفس المعصومة بغير حق .
ومن الأنفس المعصومة في الإسلام: أنفس المعاهدين وأهل الذمة والمستأمنين.
فعن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- قال: ((من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً)) أخرجه البخارى
ومن أدخله ولي الأمر المسلم بعقد أمان وعهد فإن نفسه وماله معصوم لا يجوز التعرض له، ومن قتله فإنه كما قال النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم-: ((لم يرح رائحة الجنة))، وهذا وعيد شديد لمن تعرض للمعاهدين.
ومعلوم أن أهل الإسلام ذمتهم واحدة ؛ يقول النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم-: ((المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم)).
ولما أجارت أم هانئ -رضي الله عنها- رجلاً مشركاً عام الفتح وأراد على بن أبى طالب -رضي اللهُ عنه- أن يقتله ذهبت للنبى -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- فأخبرته فقال -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم-: ((قد أجرنا من أجرتِ يا أمَّ هانئ)) أخرجه البخاري ومسلم.
والمقصود أن من دخل بعقد أمان أو بعهد من ولى الأمر لمصلحة رآها فلا يجوز التعرض له ولا الاعتداء لا على نفسه ولا ماله .
إذا تبين هذا فإن ما وقع في مدينة الرياض من حوادث التفجير أمر محرم لا يقره دين الإسلام وتحريمه جاء من وجوه ..
1- أن هذا العمل اعتداء على حرمة بلاد المسلمين وترويع للآمنين فيها .
2- أن فيه قتلاً للأنفس المعصومة في شريعة الإسلام .
3- أن هذا من الإفساد في الأرض .
4- أن فيه إتلافاً للأموال المعصومة .
وإن مجلس هيئة كبار العلماء إذ يبين حكم هذا الأمر ليحذر المسلمين من الوقوع في المحرمات المهلكات ويحذرهم من مكائد الشيطان فإنه لا يزال بالعبد حتى يوقعه في المهالك إما بالغلو بالدين، وإما بالجفاء عنه ومحاربته والعياذ بالله، والشيطان لا يبالى بايهما ظفر من العبد لأنَّ كلا طريقى الغلو والجفاء من سبل الشيطان التي توقع صاحبها في غضب الرحمن وعذابه .
وما قام به من نفذوا هذه العمليات من قتل أنفسهم بتفجيرها فهو داخل في عموم قول النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم-: ((من قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة)) أخرجه أبو عوانه في مستخرجه من حديث ثابت بن الضحاك -رضي اللهُ عنه- [رواه البخاري في صحيحه(5/2247رقم5700-البغا) ، ومسلم في صحيحه(1/104 رقم110) وأبو عوانه في مستخرجه(1/44) وغيرهم من حديث ثابت بن الضحاك -رضي اللهُ عنه-.]
وفى صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضي اللهُ عنه-عن النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- ((من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن شرب سماً فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً)) وهو في البخارى بنحوه( ) .
ثم ليعلم الجميع أن الأمة الإسلامية اليوم تعاني من تسلط الأعداء عليها من كل جانب، وهم يفرحون بالذرائع التي تبرر لهم التسلط على أهل الإسلام وإذلالهم واستغلال خيراتهم، فمن أعانهم في مقصدهم وفتح على المسلمين وبلاد الإسلام ثغراً لهم فقد أعان على انتقاص المسلمين والتسلط على بلادهم وهذا من أعظم الجرم .
كما أنه يجب العناية بالعلم الشرعى المؤصَّل من الكتاب والسنة وفق فهم سلف الأمة، وذلك في المدارس، والجامعات، وفى المساجد، ووسائل الإعلام، كما أنَّهُ تجب العناية بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والتواصى على الحق، فإن الحاجة بل الضرورة داعية إليه الآن أكثر من أى وقت مضى، وعلى شباب المسلمين إحسان الظن بعلمائهم، والتلقى عنهم ، وليعلموا أن مما يسعى إليه أعداء الدين الوقيعة بين شباب الأمة وعلمائها، وبينهم وبين حكامهم حتى تضعف شوكتهم وتسهل السيطرة عليهم فالواجب التنبه لهذا ، وقى الله الجميع كيد الأعداء.
وعلى المسلمين تقوى الله في السر والعلن، والتوبة الصادقة الناصحة من جميع الذنوب، فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة.
نسال الله ان يصلح حال المسلمين ويجنب بلاد المسلمين كل سوء ومكروه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه.
هيئة كبار العلماء
رئيس المجلس: عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد ال الشيخ
صالح بن محمد اللحيدان ، عبدالله بن سليمان المنيع ، عبدالله بن عبدالرحمن الغديان ، د / صالح بن فوزان الفوزان ، حسن بن جعفر العتمى ، محمد بن عبدالله السبيل ، د / عبدالله بن محمد بن ابراهيم ال الشيخ ، محمد بن سليمان البدر ، د / عبدالله بن عبدالمحسن التركى ، محمد بن زيد ال سليمان ، د / بكر بن عبدالله ابو زيد-لم يحضر لمرضه- ، د / عبدالوهاب بن إبراهيم أبو سليمان-لم يحضر- ،د / صالح بن عبدالله بن حميد ، د / احمد بن على سير المباركى
د / عبدالله بن على الركبان ، د / عبدالله بن محمد المطلق .
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
شيخ الأزهر: الإرهابيون موعودون بالعذاب الشديد في الآخرة
أدان مجلس الرئاسة في المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة الذي اختتم اجتماعاته في القاهرة، برئاسة الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الجامع الأزهر، التفجيرات الإرهابية التي حدثت في مدينة الرياض يوم الإثنين الماضي.
وأعرب رؤساء المنظمات والجمعيات الإسلامية الأعضاء في المجلس عن استنكارها الشديد للجرائم الإرهابية المروعة التي نتجت عن هذا التخريب، ووصفوا فاعليه بالجهلة الذين لا يفقهون دين الإسلام، وبالقتلة الذين أودوا عن عمد وقصد بحياة عدد من المسلمين وغيرهم من المستأمنين، وبالمفسدين بالأرض الذين قصدوا هدم منشآت الدولة، ومباني السكن الآمنة وبيَّن الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الجامع الأزهر، ورئيس المجلس أن عقوبة هذا الفساد شديدة في الدنيا والآخرة مذكراً الإرهابيين بقوله تعالى:{ إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرض ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
وقد أوضح الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الزيد، الأمين المساعد للمجلس الأعلى العالمي للمساجد في رابطة العالم الإسلامي، الذي مثل الرابطة في اجتماعات مجلس الرئاسة نيابة عن معالي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي: أنَّ ما حدث في الرياض لقي استنكاراً وشجباً، واستهجاناً من قادة العمل الإسلامي العلماء والدعاة ورؤساء المراكز الإسلامية والأكاديميين الذين مثلوا المنظمات والجامعات والروابط الإسلامية، وفي مقدمتها رابطة العالم الإسلامي في اجتماعات مجلسهم في القاهرة، مشيراً إلى أن هؤلاء جميعاً يقفون إلى جانب ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية وضد الإرهابيين، وضد أعمالهم المشينة التي لا يرضى عنها دين ولا عقل ولا ضمير"[ جريدة الرياض الإثنين 18 ربيع الأول 1424العدد 12750 السنة 39.]
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
شيخ الأزهر يقول: حادث التفجير تستنكره جميع الأديان السماوية ولا يقدم عليه إلا من نذر نفسه للشيطان
أكد الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر لجريدة "الرياض" أن ما وقع في مدينة الرياض من تفجيرات قبل أيام وفي شهر رمضان المبارك أدانها الجميع فهي عمل إجرامي بشع ، أثار الرعب في قلوب المسلمين.
وقال: إنَّ التفجيرات التي استهدفت وتستهدف النفس البريئة لا يقدم عليها إلا إنسان فقد رشده، وانتكس فكره، وانطمست بصيرته لأنَّ الاعتداء على الآمنين تدينه وتستنكره جميع الأديان السماوية وجميع العقول الإنسانية، وما حدث في الرياض هو لون من المنكرات التي توعد الله سبحانه وتعالى من يقترفها بأشد ألوان العقوبات ويكفي أن الله عز وجل قد بيّن لنا في كتابه الكريم أن من يقتل إنساناً ظلماً وعدواناً فكأنما قتل الإنسانية جميعها قال تعالى {أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرض فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} الآية
وأضاف: إنَّ المملكة دولة والحمد لله أسست على تقوى من الله ورضوانه، دولة تبني ولا تهدم، تُعمر ولا تخرب، تصلح ولا تفسد، تتعاون مع غيرها على البر والتقوى، لا على الإثم والعدوان، دولة تزدهر فيها الفضائل وتضمحل فيها الرذائل، ودولة هذا شأنها يصونها الله من كل سوء ويبوء من يضمرها السوء فضلاً عما يفعله يبوء بالخسران في الدنيا والآخرة.
وأشار إلى أنَّ هذا العدوان البشع الذي ذهب ضحيته عدد من الأبرياء من المسلمين سينتقم الله من فاعله كما ذكر سبحانه وتعالى {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}، وعلى شباب الأمة الإسلامية أن يعرفوا تعاليم دينهم الإسلامي التي حافظت على النفس، وحرَّمَتْ كل ما يزهقها من غير سبب شرعي، وعليهم أن يتأكدوا أنَّ ما هذه التفجيرات إلا نزوة شيطانية راح ضحيتها الكثير.
وقال: يا شباب الأمة انظروا إلى مناظر التفجيرات المخيفة والتي شاهدناها، أهذا المنكر يأمر به الدين الإسلامي؟! لا والله .
إذا كانت الأديان الأخرى كما ذكرت لا تقبلها فكيف هو الدين الإسلامي؟!
ونحن ندعو للمملكة وشقيقاتها أن يديم الله عليهم نعمة الإسلام ونعمة الأمان، ونعمة الرخاء، ونعمة الاطمئنان، ونقول لكل من يعتدي على الآمنين، نقول له: اقرأ قوله تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الذِينَ ظلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}.
وندعو الله لنا جميعاً بالهداية وبفهم الدين فهماً سليماً وبالسلوك الحميد الذي يعود على صاحبه وعلى الأمة بالخير الكثير"[ جريدة الرياض الأربعاء 24 رمضان 1424العدد 12934 السنة 39] .
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
كلام جماعة من العلماء في استنكار ما حصل من تفجير بغير حق
حادث التفجـير بمكـة المكرمة إجـرام عظيـم
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمهُ اللهُ- :
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله .
لقد استنكر العالم الإسلامي ما حدث في مكة المكرمة من تفجير مساء الإثنين 7 / 12 / 1409 هـ واعتبروه جريمة عظيمة ومنكراً شنيعاً ، لما فيه من ترويع لحجاج بيت الله الحرام ، وزعزعة للأمن وانتهاك لحرمة البلد الحرام ، وظلم لعباد الله ، وقد حرم الله سبحانه البلد الحرام إلى يوم القيامة ، كما حرم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم إلى يوم القيامة ، وجعل انتهاك هذه الحرمات من أعظم الجرائم ، وأكبر الذنوب ، وتوعد من هم بشيء من ذلك في البلد الحرام بأن يذيقه العذاب الأليم، كما قال سبحانه: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} فإذا كان من أراد الإلحاد في الحرم متوعداً بالعذاب الأليم وإن لم يفعل- فكيف بحال من فعل ، فإن جريمته تكون أعظم ، ويكون أحق بالعذاب الأليم .
وقد حذر الرسول -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- أمته من الظلم في أحاديث كثيرة ، ومن ذلك ما بينه للأمة في حجة الوداع حين قال -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت فقال الصحابة نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فجعل يرفع أصبعه إلى السماء وينكبها إلى الأرض ويقول : اللهم اشهد اللهم اشهد)) [رواه البخاري في صحيحه(1/30رقم67) ، ومسلم في صحيحه(3/1305رقم 1679) من حديث أبي بكرة -رضي اللهُ عنه- ].
وهذا الإجرام الشنيع بإيجاد متفجرات قرب بيت الله الحرام من أعظم الجرائم والكبائر ، ولا يقدم عليه من يؤمن بالله واليوم الآخر ، وإنما يفعله حاقد على الإسلام وأهله ، وعلى حجاج بيت الله الحرام . .
فما أعظم خسارته ، وما أكبر جريمته فنسأل الله أن يرد كيده في نحره ، وأن يفضحه بين خلقه ، وأن يوفق حكومة خادم الحرمين لمعرفة وإقامة حد الله عليه إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه . .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الرئيس العام لرابطة العالم الإسلامي
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة
العربية السعودية "
[ نشرت هذه الكلمة الاستنكارية لسماحته في جريدة الرياض وغيرها من الصحف المحلية في 12/12/1409]
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
حادث التفجير في الرياض جريمـة عظيمة ، وفسـاد في الأرض، وظلم كبير
أكد سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء - أن حادث التفجير الذي وقع في مدينة الرياض يوم الاثنين الماضي حادث أثيم ومنكر عظيم وظلم كبير ترتب عليه إزهاق نفوس ، وفساد في الأرض ، وجراحة للآمنين ، وتخريب بيوت ودور وسيارات وغير ذلك .
وأكد سماحته أن من قاموا بذلك العمل قد امتلأت نفوسهم الخبيثة بالحقد والحسد والشر والفساد وعدم الإيمان بالله ورسوله . وأوصى سماحته كل من يعلم خبراً من أولئك المجرمين أن يبلغ عنهم ، لأنَّ هذا من باب التعاون على دفع الإثم والعدوان وعلى تمكين العدالة من مجازاة أولئك الظالمين .
جاء ذلك في إجابة سماحته على سؤال لـ ( المدينة ) حول جزاء من يستهدف ترويع أمن الناس الآمنين كما حدث في حادث التفجير بالرياض الذي قام به مجرمون تسببوا في ترويع الآمنين وقتل الأبرياء ، وتخويف عباد الله جل وعلا وهذا نصه:
"لا شك أن هذا الحادث أثيم ومنكر عظيم يترتب عليه فساد عظيم وشرور كثيرة وظلم كبير ، ولا شك أن هذا الحادث إنما يقوم به من لا يؤمن بالله واليوم الآخر ، لا تجد من يؤمن بالله واليوم الآخر إيمانا صحيحا يعمل هذا العمل الإجرامي الخبيث الذي حصل به الضرر العظيم والفساد الكبير ، إنما يفعل هذا الحادث وأشباهه نفوس خبيثة مملوءة من الحقد والحسد والشر والفساد وعدم الإيمان بالله ورسوله نسأل الله العافية والسلامة.
ونسأل الله أن يعين ولاة الأمور على كل ما فيه العثور على هؤلاء والانتقام منهم لأنَّ جريمتهم عظيمة وفسادهم كبير ولا حول ولا قوة إلا بالله ، كيف يقدم مؤمن أو مسلم على جريمة عظيمة يترتب عليها ظلم كثير وفساد عظيم وإزهاق نفوس وجراحة آخرين بغير حق ، كل هذا من الفساد العظيم وجريمة عظيمة.
فنسأل الله أن يعثرهم ويسلط عليهم ويمكن منهم ، ونسأل الله أن يخيبهم ويخيب أنصارهم ، ونسأل الله أن يوفق ولاة الأمر للعثور عليهم والانتقام منهم ومجازاتهم على هذا الحدث الخبيث وهذا الإجرام العظيم .
وإني أوصي وأحرض كل من يعلم خبرا عن هؤلاء أن يبلغ الجهات المختصة ، على كل من علم عن أحوالهم وعلم عنهم أن يبلغ عنهم؛ لأنَّ هذا من باب التعاون على دفع الإثم والعدوان وعلى سلامة الناس من الشر والإثم والعدوان ، وعلى تمكين العدالة من مجازاة هؤلاء الظالمين الذين قال الله فيهم وأشباههم سبحانه : {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأرض ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
إذا كان من تعرض للناس بأخذ خمسة ريالات أو عشرة ريالات أو مائة ريال مفسدا في الأرض ، فكيف من يتعرض بسفك الدماء وإهلاك الحرث والنسل وظلم الناس ، فهذه جريمة عظيمة وفساد كبير .
التعرض للناس بأخذ أموالهم أو في الطرقات أو في الأسواق جريمة ومنكر عظيم، لكن مثل هذا التفجير ترتب عليه إزهاق نفوس وقتل نفوس وفساد في الأرض وجراحة للآمنين وتخريب بيوت ودور وسيارات وغير ذلك ، فلا شك أن هذا من أعظم الجرائم ومن أعظم الفساد في الأرض ، وأصحابه أحق بالجزاء بالقتل والتقطيع بما فعلوا من جريمة عظيمة .
نسأل الله أن يخيب مسعاهم وأن يعثرهم وأن يسلط عليهم وعلى أمثالهم وأن يكفينا شرهم وشر أمثالهم وأن يسلط عليهم وأن يجعل تدبيرهم تدميرا لهم وتدميراً لأمثالهم إنه جل وعلا جواد كريم ، ونسأل الله أن يوفق الدولة للعثور عليهم ومجازاتهم بما يستحقون . ولا حول ولا قوة إلا بالله
[نشرت في جريدة المدينة في 25/5/1416هـ]
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين -رحمهُ اللهُ-
قال شيخنا العلامة محمد العثيمين -رحمهُ اللهُ- وجزاه عنَّا خير الجزاء لما سئل رحمه الله بعد حادث التفجير في الخبر، وأنه امتداد لما سبق أن وقع في العليا ، فقال رحمه الله :
"لا شك أن هـذا العمل لا يرضاه كل عاقل فضلا عن المؤمن !! لا يرضاه أحد لأنه خلاف الكتاب والسنة. ولأن فيه إساءة للإســـلام في الداخـل والخـارج .لأن كل الذين يسمعون بهذا الخبر لا يضيفونه إلا إلى المتمسكين بالإسلام، ثم يقولون لشعوبهم هؤلاء هم المسلمـون ؟؟ هذه أخلاق الإسلام ؟؟
والإسلام منها برئ!! فهؤلاء في الحقيقة أساءوا قبل كل شيء إلى الإسلام ونســأل الله أن يجازيهم بعدله بالنسبة لهذه الإساءة العظيمة.
ثانيا : أنهم أساؤوا إلى إخوة لهم من الملتزمين لأنه إذا تصور الناس حتى المسلمون ، إذا تصوروا أن هذا يقع ممن يدعى أنه مسلم وأنه يغار للإسلام فسوف يكره من هذه أخلاقه وسوف يظن أن هـذه أخلاق كل ملتزم ، ومن المعلوم أن هذا لا يمثل أحداً من الملتزمين إطلاقاً!! لأنَّ الملتزم حقيقة هو الذى يلتزم بكتاب الله وسنة رسوله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- ولا يخفى علينا جميعاً أن الله تعالى أمر بوفاء العهود وأمر بوفاء العقود وقال: {إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً}.
ولا يخفى علينا أن الرسول -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- قال : ((من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة))!!
ولا يخفى علينا أيضاً أنه -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسعَى بِها أدنَاهثم، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)) ... ولا يخفى علينا أن الائتمان أو التأمين والإجـارة يكون حتى من واحدٍ من المسلمين وإن لم يكن ولي أمر حتى ولو كان امرأة قال النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم-((قد أجرنا مـن أجـرت يا أم هانئ)) فكيف إذا كان الأمان من ولاة الأمور !! فهذا هو عين المحادة لله ورسوله ، وعين المشاقة لله ورسوله.
ثالثاً : لو قدرنا على أسـوأ تقديـر أن الـدولة التي ينتمى إليها هؤلاء الذين قتلوا دولة معادية للإسلام فما ذنب هؤلاء؟ هؤلاء الذين جاؤوا بأمر حكومتهم ، قد يكون بعضهم جاؤوا عن كره ولا يريد الاعتداء!! ثم ما ذنب المسلمين الساكنين هناك!! فقد قتل من المسلمين من هذه البلاد عدة ، فقد أصيب عدة من هؤلاء : من أطفال وعجائز وشيوخ في مأمنهم في ليلهم عند الرقاد على فرشهم.
ولهذا تعتبر هذه جريمة من أبشع الجرائم!! ولكن بحول الله إنه لا يفلح الظالمون!! سوف يعثر عليهم إن شاء الله ويأخذون جزاءهم . لكن الواجب على طلاب العلم أن يبينوا أن هذا المنهج منهج خبيث!! منهج الخوارج الذين استباحوا دماء المسلمين وكفوا عن دماء المشركين. وأن هؤلاء إما جاهلون وإما سفهاء وإما حاقدون!! فهم جاهلون لأنهم لا يعرفون الشرع ، الشرع يأمر بالوفاء بالعهد ، وأوفى دينٍ في العهد هو دين الإسلام ولله الحمد. هم سفهاء أيضاً لأنه سيترتب على هذه الحادثة من المفاسد ما لا يعلمه إلا الله ، ليست هذه وسيلة إصلاح حتى يقولوا : إنما نحن مصلحون ، بل هم المفسدون في الواقع ، أو حاقدون على هذه البلاد وأهلها ؛ لأننا لا نعلم والحمد لله بلاداً تنفذ من الإسلام مثل ما تنفذه هذه البلاد ، الآن البلاد الإسلامية أليست فيها قبور تعبد من دون الله ؟ أليس فيها بيوت الدعارة ؟ أليس فيها الزنا؟ أليس فيها اللواط ؟ أليس فيها الخمر ؟ علناً في الأسواق ، أليس حكامها يصرحون بأنهم يحكمون بالقوانين لا بالكتاب والسنة ؟ فماذا يريدون ؟ ماذا يريدون من فعلهم هذا ؟ أيريدون الإصلاح ؟ والله ماهم بمصلحين ، إنهم لمفسدون ، ولكن علينا أن نعرف كيف يذهب الطيش والغيرة التي هي غبرة وليست غيرة إلى هذا الحد ؟ ولا شك أن هذا إساءة ـ المرتبة الرابعة والخامسة ـ إلى هذه البلاد وأهلها ، وترويع الآمنين، كل إنسان يتعجب ؛ كيف هذا في هذا البلد الأمين ؟ ولكن نسأل الله سبحانه وتعالى أن يخزي هؤلاء ، وأن يطلع ولاة الأمور عليهم ولمن خطط لهذه الجرائم حتى يحكموا فيهم بحكم الله عزوجل" لقاء الباب المفتـوح ، ونشرت في جريدة المسلمـون..
وقال شيخنا العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله بعد أن بين عصمة دماء الذمي والمعاهد والمستأمن:"وفي صحيح البخاري ومسلم أن النَّبِيَّ -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسعَى بِها أدنَاهثم ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلا عَدْلٌ)). ومعنى الحديث أن الإنسان إذا أمَّنَ إنساناً وجعله في عهده ، فإن ذمته ذمة للمسلمين جميعاً مـن أخفرهـا و غـدر بهذا الـذي أعطي الأمان من مسلم ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
(يقول الشيخ): وإننا لنلعن من لعنه الله ورسوله وملائكته وأنه لا يقبل منه صرف ولا عدل … وبذلك نعرف خطأ عملية التفجير التي وقعت في الخبر …
ولا شك أن هذه العملية لا يقرها شرع ولا عقل ولا فطرة … ولا أدري ماذا يراد من مثل هذه الفعلة ، أيراد الإصلاح ؟ فالإصلاح لا يأتي بمثل هذا ، إن السيئة لا تأتي بحسنة ولن تكون الوسائل السيئة طرقاً للإصلاح أبداً ، وإننا وغيرنا من ذوي الخبرة والإنصاف ليعلم أن بلادنا خير بلاد المسلمين اليوم في الحكم بما أنزل الله ، وفي اجتناب سفاف الأمور ودمار الأخلاق ، ليس فيها ولله الحمد قبور يطاف بها وتعبد ، وليس فيها خمور تباع علناً وتشرب ، وليس فيها كنائس يعبد فيها غير الله سبحانه جهاراً ، وليس فيها وليس فيها ما يوجد في كثير من بلاد المسلمين اليوم ، فهل يليق بناصح لله ورسوله والمؤمنين ، أن ينقل الفتن إلى هذه البلاد ، إلا فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً وليفعلوا فعلاً حميداً.
(ثم دعا الشيخ) : اللهم إنا نسألك أن تقي بلادنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن ، اللهم قنا شرور أنفسنا وشرور عبادك ، وأدم على بلادنا أمنها ، وزدها صلاحاً وإصلاحاً ، إنك على كل شيء قدير. اللهم أقمع المفسدين ، ورد كيدهم في نحورهم واجعل تدبيرهم تدميراً عليهم يا رب العالمين…"
[خطبة بخط يد الشيخ نقلها عنه الشيخ عصام السناني في خطبة له بتاريخ 15/3/1423هـ].
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
رسالة سماحة المفتي العام الشيخ عبد العزيز آل الشيخ -حفظَهُ اللهُ ورعاهُ- عند اصطدام الطائرتين بمبنى التجارة العالمي بأمريكا
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد..
فنظراً لكثرة الأسئلة والاستفسارات الواردة إلينا حول ما جرى في الولايات المتحدة الأمريكية منذ أيام وما موقف الشريعة منها وهل دين الإسلام يقر مثل هذه التصرفات أم لا.
فأقول مستعينا بالله الواحد القهار إن الله سبحانه قد منّ علينا بهذا الدين الإسلامي وجعله شريعة كاملة شاملة صالحة لكل زمان ومكان مصلحة لأحوال الأفراد والجماعات تدعو إلى الصلاح والاستقامة والعدل والخيرية ونبذ الشرك والشر والظلم والجور والغدر، وإن من عظيم نعم الله علينا نحن المسلمين أن هدانا لهذا الدين وجعلنا من أتباعه وأنصاره فكان المسلم المترسم لشريعة الله المتبع لسنة رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- المستقيم حق الاستقامة على هذا الدين هو الناجي السالم في الدنيا والآخرة..
هذا وإن ما جرى في الولايات المتحدة الأمريكية من أحداث خطيرة راح بسببها آلاف الأنفس لمن الأعمال التي لا تقرها شريعة الإسلام وليست من هذا الدين ولا تتوافق مع أصوله الشرعية وذلك من وجوه..
الوجه الأول: أن الله سبحانه أمر بالعدل وعلى العدل قامت السموات والأرض وبه أرسلت الرسل وأنزلت الكتب يقول الله سبحانه: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
ويقول سبحانه: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} وحكم الله ألا تحمل نفس إثم نفس أخرى لكمال عدله سبحانه: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}
إن الله سبحانه حرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرما كما قال سبحانه في الحديث القدسي : ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا))
وهذا عام لجميع عباد الله مسلمهم وغير مسلمهم لا يجوز لأحد منهم أن يظلم غيره ولا يبغي عليه ولو مع العداوة والبغضاء يقول الله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله} فالعداوة والبغضاء ليست مسوغاً شرعياً للتعدي والظلم.
وبناء على ما سبق يجب أن يعلم الجميع دولاً وشعوباً مسلمين وغير مسلمين أموراً..
أولها: أن هذه الأحداث التي وقعت في الولايات المتحدة وما كان من جنسها من خطف لطائرات أو ترويع لآمنين أو قتل أنفس بغير حق ما هي إلا ضرب من الظلم والجور والبغي الذي لا تقره شريعة الإسلام، بل هو محرم فيها ومن كبائر الذنوب.
ثانيها: أن المسلم المدرك لتعاليم دينه العامل بكتاب الله وسنة نبيه -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- ينأى بنفسه أن يدخل في مثل هذه الأعمال لما فيها من التعرض لسخط الله وما يترتب عليها من الضرر والفساد.
ثالثها: أن الواجب على علماء الأمة الإسلامية أن يبينوا الحق في مثل هذا الأحداث ويوضحوا للعالم أجمع شريعة الله وأن دين الإسلام لا يقر أبداً مثل هذه الأعمال.
رابعها: على وسائل الإعلام ومن يقف وراءها ممن يلصق التهم بالمسلمين ويسعى في الطعن في هذا الدين القويم ويصمه بما هو منه براء سعياً لإشاعة الفتنة، وتشويه سمعة الإسلام والمسلمين، وتأليب القلوب وإيغار الصدور؛ يجب عليه أن يكف عن غيه، وأن يعلم أن كل منصف عاقل يعرف تعاليم الإسلام لا يمكن أن يصفه بهذه الصفات، ولا أن يلصق به مثل هذه التهم، لأنه على مَرِّ التاريخ لم تعرف الأمم من المتبعين لهذا الدين الملتزمين به إلا رعاية الحقوق وعدم التعدي والظلم.
هذا ما جرى بيانه إيضاحاً للحق وإزالة للبس . والله أسال أن يلهمنا رشدنا، ويهدينا سبل السلام، وأن يعز دينه، ويعلي كلمته، إنه جواد كريم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المفتى العام للمملكة العربية السعودية
ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء
عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ "
جريدة الجزيرة العدد:10580 الصادرة يوم الأحد 28 ,جمادى الآخرة 1422
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
كلمة معالي الشيخ صالح بن محمد اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى -حفظَهُ اللهُ ورعاهُ-
أكد فضيلة الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الاعلى أن من الظلم أن يعتدى على غير جانٍ، وأن يقتل غير مجرم.
جاء ذلك في حديث لفضيلته لتلفاز المملكة العربية السعودية حول حكم شريعة الإسلام في مثل ما حدث من اعتداءات على الولايات المتحدة الأمريكية مبيناً أن شريعة الإسلام شريعة كاملة تستوعب كل حدث، وفيها حل لكل مشكلة، وفيها بيان حكم كل نازلة.
وأكَّدَ معاليه أنه لا غرابة أن تعلن المملكة العربية السعودية عن استنكارها وعدم رضاها للاعمال التي تعرضت لها بعض المنشآت في الولايات المتحدة الأمريكية موضحاً أن المملكة ولله الحمد مملكة إسلامية وبحق، يحكمها نظام الإسلام، وتحكم شريعة الإسلام، وأصول عملها وأنظمتها مقيدة بألا تخالف الإسلام فاذا استنكرت مثل هذا العمل فانما تفعل ما تفعله من واقع دينها ومن موفقها الإسلامي:
"
أيها المشاهدون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
الحمد لله على كل حال، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والحمد لله الذي كل شيء بقضائه وقدره.
في خضم هذه الأحداث التي طرأت، وفي مجالات اضطرابات الرأي والفكر، وفي أمر ما حدث من كارثة على الولايات المتحدة الأمريكية كَثُرَ السؤال والتساؤل عن حكم مثل هذه الأحداث في شريعة الإسلام.
لا شك أن شريعة الإسلام الشريعة الكاملة التي تستوعب كل حدث، وفيها حل كل مشكلة، وفيها بيان حكم كل نازلة، فما من نازلة تَنْزل على البشر الا وفي شريعة الإسلام حكمها وبيان أبعادها.
ومن ذلك هذه الأحداث التي طرأت ، ومما كثر السؤال عنه من خاصة وعامة، إنما هو ما هو حكم الشريعة في مثل هذه الأحداث؟ هل في ذلك جواز في شريعة الإسلام؟وهل مثل هذا العمل يقره علماء الإسلام؟
فيقال عن بيان حكم الإسلام في ذلك ما ينبغي أن يقال ، ولأن علماء الإسلام لابد أن يتحدثوا عن الأحداث، ويبينوا أحكام الشريعة الإسلامية فيما يطرأ من نوازل، وما يلم في المسلمين، أو في غيرهم من ملمات.
لا شك أن كل أمر فبقضاء الله -جل وعلا- قدره ، ومع ذلك فأحكام الشريعة تستوعب كل حدث..
اللهُ جلَّ وعلا أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، وهو الحكم العدل؛ حرم الظلم على نفسه، وجعله بينه وبين العباد محرماً.
وقد ثبت عن نبي الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- فيما يروي عن ربِّهِ -جلَّ وعلا- أنه قال سبحانه : ((((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)).
إن من الظلم أن يعتدى على غير جانٍ ، وأن يقتل غير مجرم، والنبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- نبي الرحمة، نبي الشفقة نبي الاحسان المبعوث إلى البشرية بل إلى الثقلين الجن والإنس، أوضح المعالم وكان في الغزو والجهاد والقتال إذا جهز السرية أوصاهم ألا يقتلوا وليداً ، ولا امرأة، ولا هرماً ، ولا متعبداً في صومعته أي أن الإسلام لا يبيح قتل إلا من يقتل ويقاتل، ويعتدى على المسلمين.
ولهذا فإن مثل الجرائم التي تقع ولا تفرق بين رضيع وامرأة ومسن ومسنة ومريض وصحيح، وتأتي على المال وأهل المال ، إن هذا العمل يعد من الجرائم العظام والفواحش الخطيرة، لأنَّ هذا ينظر إليه في شريعة الإسلام بأنه من الفساد في الأرض وإهلاك الحرث والنسل ، وهذا أمر حرمه الإسلام، حرمه الله وحرمه رسوله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- ، والنبي لما رأى امرأة مقتولة في الغزو قال "ما كانت لتقاتل" أي أن قتلها أمرٌ ممنوعٌ منعاً باتاً.
ولهذا فإن ما حدث مما شاهدته في العرض الذي عرضته وكالات البث العام مما حدث على تلك العمارات من الضرب التي تداعت له العمارة فصار الناس إثر ذلك كأنما القيامة قامت، وكأن الفزع فزع قيام الساعة، وظهر على وجوه الذين يركضون هنا وهناك الذهول.
إن من يحدث مثل هذه الجرائم يعد في النظر الإسلامي من أخطر الناس جرماً وأسوئهم عملاً ، ومن يظن أن أحداً من علماء الإسلام العارفين بمقاصد شريعة الإسلام المطلعين على مقاصد القرآن وسنة المصطفى -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- ؛ يظن أنه يجيز مثل هذه الأعمال فإنما يظن سوءاً.
إنَّ المسلم لا يليق به أن يشمت حتى بالعدو إذا ظلم، فالظلم غير مقبول، والعدوان الانفرادي أمر محرم فظيع على من ليس مستحقاً للعقاب، فكيف إذا وقع الجرم بالذي شوهد وتردد صداه وأفزع النظر إليه من نظر، كيف يقال عن ذلك إن أهل الإسلام يقرون مثل هذا العمل؟!
إنَّهم ومهما ادعوا من مسوغ مثل هذه الحوادث لا يصح أن تقبل، وأن تسوغ في ميزان الإسلام، إن الله جل وعلا يقول في القرآن الكريم في خطابه للمسلمين: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}
ولذلك العدل قامت به السموات والأرض، وإيقاع عقوبة جماعية لا تتفق بأي وجه من الوجوه مع ميزان العدل، ولا توضع في كفة الوزن إلا أنها في كفة الظلم والعدوان الفاحش ؛ لأنَّ قتل فرد بريء لا ذنب له جرم عظيم ، فكيف إذا كان الجرم واقعاً على فئات عظيمة، وأعداد كبيرة ، ورضع ، وأطفال، ونساء حبالى، حتى ربما وضعت المرأة حملها من هول الفزع، كأنما قامت قيامة الساعة.
إن هذه المناظر المرعبة التي شوهدت من آثار ذلك الاجرام مناظر لا يقرها عقل مسلم ولا يعتد بفعل من فعلها ولو كان نابتاً منبتاً إسلامياً في بلد إسلامي ، العبرة بما يقوله أهل العلم، والعبرة بما تقرر في أحكام الشريعة الإسلامية في أمثال هذه الجرائم من الجرائم الخطيرة.
والمملكة العربية السعودية عندما نظرت في يوم من الأيام أمر اختطاف الطائرات قبل أن يختطف للسعودية أي طائرة قرر علماؤها تحريم هذا العمل ولم يفرقوا بين اختطاف طائرة ركابها مسلمون وبين طائرة ركابها غير مسلمين، بل رأوا أن الظلم أمر محرم وأن العدوان على الناس وارهابهم بغير حق من أعظم الفواحش في الأرض والفساد فيها.
إن مثل هذه الامور لاغرابة أن تعلن المملكة العربية السعودية استنكارها وعدم رضاها عن ما حدث وعن من أحدث لأنَّ المملكة العربية السعودية مملكة إسلامية ولله الحمد وبحق يحكمها نظام الإسلام وتحكم شريعة الإسلام وأصول عملها وأنظمتها مقيدة بأن لا تخالف الإسلام فإذا استنكرت مثل هذا العمل فإنما تفعل ما تفعله من واقع دينها، ومن موقفها الإسلامي الذي تقف فيه لأنها دولة الحرمين، وبلاد منبع الرسالة، فلا غرو أن تستنكر الفواحش، وأن تستهجن إجرام المجرمين، وأن تندد بإيواء كلِّ مرتكب للإجرام أو يرضى بجرمه.
إن الإنسان المسلم العارف مقاصد الشرع العالم ما تنطوي عليه الشريعة الإسلامية من الشفقة والرحمة لعباد الله يرى أن هذه الاعمال من أخبث الاعمال وأشدها ضرراً على بني الإنسان.
ومما طرح علي من الاسئلة وهي كثيرة قبل أن أقبل بأن أتكلم، ولكن تحت ضغط كثرة الأسئلة ، والرغبات في أن أتحدث، ويعرف موقف القضاء في المملكة العربية السعودية، ولأن يتكلم من هو في قمة مسؤولية القضاء؛ رأيت أن أبدأ وأبين أن هذا العمل هو عمل منكر، ولكن الحقيقة أن النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لايجني جان إلا على نفسه)) [رواه أحمد في المسند(3/498) ، وابن أبي شيبة في مصنفه(7/453)، والترمذي في جامعه(4/461رقم2159، 5/273رقم3087) ، وابن ماجه في سننه(2/890رقم2669، 2/1015رقم3055) ، وغيرهم وهو حديث صحيح بشواهده]
أي أن إجرام المجرم أو عبث عابث لا يصح أن يشغل غيره.
ومما قيل لي وقد سألتني إحدى الصحف قبل هذا الموقف أمام هذه الكاميرا، وبينت أن هذا العمل الفظيع عمل لا يقر.
كما أن هذا العمل الفظيع لا يمكن أن يولد إلا بغضاً أو حقداً وانتقاماً على المسلمين الذين لم يرضوا ولم يقروا هذا العمل أو يحمدوه لأنَّ مقتضى العدل ونواميس العقل تستلزم أن لا يؤخذ أحد إلا بذنبه، وأن لا يحاسب إنسان أو جماعة على ذنوب غيرها، لأنه كما هو مقرَّرٌ في شريعة الإسلام، وكما هو قول نبي الهدى محمد -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((لا يجني جان إلا على نفسه)) ، ولأن القرآن يقول: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} أي لا تتحمل وازرة وزر أخرى، ولا يحمل بريء ذنبَ مسيء ، ولا يعاقب مسالِمٌ كافٌ الأذى بسبب إجرام مرتكب جريمة.
ومما أثير عما قد يقال أو تردد في بعض وسائل الاعلام عن الشعب الأمريكي، وما قد يكون ينظر للمسلمين المتواجدين في أمريكا من أصل أمريكي أو من وافدين إليها من العرب أو غيرهم وهل هذا مما يقبل عقلاً؟
ذكرت وأذكر هنا أنه لا يتوقع أنَّ الشعب الأمريكي الذي يقول عن نفسه إنه من أبرز حماة الديمقراطية، وحامل لواء العدل، لا يعقل أن ينظر إلى مواطنيهم أو ضيوفهم من العرب والمسلمين، ومن غير المسلمين من العرب أيضاً لا يمكن أن ينظر اليهم الشعب الأمريكي مع ما هو فيه من مناعة، وما يفترض فيهم العقل ومعرفة التجانس، وتذكر ما قد حدث في أيام المحن، لا يمكن أن ينظر إلى غير المسيء بنظرته للمسيء ، فإنه لا يستوي المجرم مع غير المجرم، ولا يُحَمَّلُ مُسالِمٌ موالي ذنب وجريرة معتد ظالم.
إنني أؤكد أن مثل هذا العمل غير مقبول في الإسلام، وألْمَحت إلى أنَّ الناس في القتال -في الغالب- لا يفكرون في أيام الحروب فيما يصيب من لم يشارك في الحرب من أضرار وسفك للدماء، ما عدا أن الإسلام يمنع مِن قَتْلِ من لم يشارك في الحرب، ويمنع قتل الوليد؛ أي الأطفال الذين لم يكونوا مقاتلين، ويمنع قتل النساء، ويمنع قتل الشيوخ، ويمنع قتل من تفرغوا للعبادة من الرهبان في صوامعهم، فدين ينظر الرسول المبعوث به لهذه الشعوب والأفراد والجماعات هذه النظرة لا يمكن أن يقر أتباع هذا الدين مثل هذا العمل الفاحش.
إنه عمل خطير، وإنه عمل من النوازل النادرة التي لم تكن معروفة في الزمن القديم وطرقها يحتاج إلى أن تعالج معالجة من جميع النواحي معالجة المجرم، ومن رضي بإجرامه، وأقره عليه وأيده وأمده، والنظر في الأخذ بالأسباب الواقية من تكرر مثل هذا الإجرام.
والأسباب يعرفها العقلاء والباحثون عن الحلول، وتوقي الأخطار والأخذ بأسباب منع الحوادث لا يعوزهم الوصول إلى الحل السليم والوقاية التامة.
ولا شك أن الشريعة الإسلامية جاءت بـ"الوقاية خير من العلاج" ، ولايختص هذا بمرض الأبدان، بل يعم مرض الأبدان والمجتمعات والشعوب، فالوقاية من الأخطار والأخذ بالأسباب التي لا تعرض للأخطار –أيضاً- من مقاصد الشريعة الكاملة، ومن متطلبات أهل سداد الرأي والفكر السليم والعقول الراجحة.
لا أحب أن أستمر في حديثي، ولكني أؤكد أن الأمَّةَ الإسلامية بقياداتها العلمية، وقياداتها السياسية، وأذكر القيادة العلمية قبل السياسية لأنَّ الأمر أمر بيان حكم الشريعة لا يمكن أن تقر مثل هذه الأعمال.
كما أنني أعتقد أن المجتمع الأمريكي والغربي أجمع لا يمكن أن ينظر إلى مثل هذه الأحداث بأنَّ من ينتسبون إلى أي دولة وهو خارج عن إرادة دولته في تصرفه أن تؤاخذ دولته، وتعادى لأجل عمل قام به من لم يستشرها، ولم يعلمها، ولم يخبرها، لأنَّنِي لا أتوقع أنَّ أحداً من مرتكبي هذه الجريمة الفاحشة الشنعاء أنه يمكن أن يكون أطْلَعَ أحداً من رجال دولته على أي قصد من هذه المقاصد.
وإنَّنِي أقول: على المسؤولين في كل مكان أن يحسنوا الظن بمن يواطنوهم الآن لا سيما وأنَّ المواطنة في الولايات المتحدة وفي غيرها صارت لكثير من المسلمين ممن أصولهم من تلك البلاد، وممن وفدوا إليها، والإسلام لا يفرق في أخُّوَّتِهِ بين جنس وجنس ، ولا لسان ولسان ، ولا لون ولون في هذه العقيدة.
أكرر مرة أخرى: إن هذا العمل الذي تعرضت له الولايات المتحدة الأمريكية بهذه الفظاعة، والوحشية المتناهية التي هي أبعد من عمل الوحوش، وأبعد من عمل ما قد يسمى جماعات إرهاب، أو فصائل إجرام، بل هو عمل بالغ الخطورة، أقول: إنَّهُ في غاية الفحش والسوء.
وأسال الله جل وعلا بأسمائه وصفاته أن يقينا في دنيانا كل سوء، وأن يهدي كل ضال إلى الصواب، وأن ينصرالحق وأهله، وأن يخذل الباطل وأهله، وأن يجعل أعمالنا كلها في مرضاته سبحانه وتعالى، وأن يلطف بنا لأنَّ من لم يلطف به الله فلا معين له.
وصلى الله وسلم على رسول الله وجميع إخوانه من الأنبياء ورسله وجميع المتبعين للحق الصادقين في أتباعه.
والحمد لله رب العالمين ، ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم.
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
معالي الشيخ العلامة: صالح الفوزان -حفظَهُ اللهُ ورعاهُ-
سئل معاليه : أحسن الله إليكم: هل القيام بالاغيالات وعمل التفجيرت في المنشآت الحكومية في بلاد الكفار ضرورةٌ وعمل جهادي. جزاكم الله خيراً؟
الجواب: لا. هذا لايجوز الأغتيالات والتخريب هذا أمرٌ لا يجوز، لأنه يجر على المسلمين شراً ويجر على المسلمين تقتيلاً وتشريداً ، هذا أمرٌ لا يجوز إنما المشروع مع الكفار الجهاد في سبيل الله ومقابلتهم في المعارك إذا كان عند المسلمين إستطاعة يجهزون الجيوش ويغزون الكفار ويقاتلونهم كما فعل النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم-.
أما التخريب والاغتيالات، فهذا يجر على المسلمين شراً، الرسول -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- يوم كان في مكه قبل الهجرة كان مأموراً بكف اليد، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ}) مأموراً بكف اليد، عن قتال الكفار، لأنه ما عندهم إستطاعة لقتال الكفار، ولو قتلوا احداً من الكفار ،
لقتلهم الكفار عن آخرهم، واستأصلوهم عن آخرهم، لأنهم أقوى منهم، وهم تحت وطأتهم وشكوتهم.
فالأغتيال يسبب قتل المسلمين الموجودين في البلد مثل ما تشاهدون الآن وتسمعون، هذا ليس من أمور الدعوة، ولا هو من الجهاد في سبيل الله ،هذا يجر على المسلمين شراً، كذلك التخريب والتفجيرات، هذه تجر على المسلمين شراً كما هو حاصل، فلما هاجر الرسول -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- وكان عنده جيش وعنده أنصار حينئذ أُمرَ بالجهاد، أُمرَ بجهاد الكفار.
هل الرسول -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم-والصحابة يوم كانوا في مكة، هل كانوا يُقتلُون في الكفار؟ أبداً. بل كانوا منهيينَ عن ذلك.
هل كانوا يخربون أموال الكفار وهم في مكة؟؟ أبداً كانوا منهيين عن ذلك.
مأمور بالدعوة والبلاغ فقط. أما الألزام والقتال هذا إنما كان في المدينة. لما صار للإسلام دولة"[ من شريط أسئلة مهمة في الدعوة. تسجيلات منهاج السنة].
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
وقد أجرت إذاعة الرياض لقاءً مع معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان تحدث فيه عن المكانة الخاصة لمكة المكرمة في قلوب المسلمين وخصوصيتها ومكانتها.
ووجهت الإذاعة في بداية اللقاء سؤالاً لفضيلة الشيخ يقول: ما واجبنا نحن كمسلمين تجاه الأمن؟ وكيف نحافظ عليه؟ وما حكم هذه الأعمال الإجرامية؟
فقال معاليه:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد:
فإنَّ هذه الحرمات العظيمة لا ينتهكها من في قلبه إيمان، وهذه الحرمات:
أولاً : حرمة المسلمين فإن المسلمين لهم حرمة قال -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا))
[ثانياً] : ومكة -أيضاً- لها حرمة، حرمة الدم وحرمة المسلم وحرمة الحرم.
وقال سبحانه وتعالى {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} وحرمة مكة.. مكة حرام جميع الحرم منذ خلق الله السماوات والأرض إلى أن تقوم الساعة كما أخبر بذلك النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم-وقد قال الله سبحانه وتعالى عن الحرم {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} .
[ثالثاً] : وكذلك حرمة شهر رمضان المبارك الذي فرض الله صيامه وشرع للأمة صيامه، والإكثار من العبادة فيه بأنه شهر عظيم شهر مبارك شهر ميزه الله على سائر الشهور بالخيرات والبركات؛ فهذه حرمات عظيمة ، وهؤلاء الطُّغْمَةُ ينتهكون هذه الحرمات، ولا شك بأن الله سبحانه وتعالى ليس بغافل عنهم حيث انتهكوا حرمات الله عز وجل ، والله عزيز ذو انتقام والله جل وعلا بالمرصاد {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ}
وهؤلاء الطغمة الذين تجرؤوا على هذه الحرمات: حرمة المسلمين، وحرمة شهر رمضان، وحرمة البلد الحرام ؛ لا شك أنهم أقدموا على جريمة، بل على جرائم لم يأتها الكفار من قبل، فإن الكفار كانوا يعظمون الحرم، وكانوا لا يعادون فيه أحداً ، حتى أن أحدهم يلقى قاتل أبيه أو ابنه أو قريبه فلا يتعرض له حتى يخرج من الحرم ، هذا وهم كفار، إنهم يخشون من العقوبة من الله سبحانه وتعالى، فكيف بهؤلاء الذين يدعون ويدعون الجهاد؟!
الجهاد قتل المسلمين؟! هل الجهاد الاعتداء على حرمات الله عز وجل؟! هل الجهاد الاعتداء على حرمة الحرم الشريف؟!
لكن إذا تذكرنا سلفهم الذين خرجوا في عهد الصحابة، وكَفَّرُوا الصحابة ، وقتلوا الخلفاء الراشدين؛ قتلوا عثمان -رضي اللهُ عنه- ، وقتلوا علياً -رضي اللهُ عنه- -، وحاولوا قتل معاوية بن أبي سفيان -رضي اللهُ عنهما- ، وقتل عمرو بن العاص -رضي اللهُ عنه-، وقتل المغيرة بن شعبه -رضي اللهُ عنه- ، فإذا عرفنا موقعهم من صحابة رسول الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- ، وأنهم لا يحترمون الصحابة الذين هم خير القرون، فأحلوا دمهم، وقد أخبر النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- عن هذه الطغمة أنهم يقاتلون أهل الإيمان، ويدعون أهل الأوثان ، فإذا كانوا بزعمهم يجاهدون في سبيل الله، فهل الجهاد في سبيل الله انتهاك حرمات الله عز وجل؟!
إن هذا جهاد في سبيل الشيطان {الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً}
لا شك أنهم ارتكبوا حرمات متعددة، إذا كان الحرم بالذات لا يؤيد الصيد فيه، ولا الطيور، ولا الوحوش التي لا تؤذي الناس، ولا يقطع شجره، ولا يختلى خلاه تعظيماً لحرمات الله ، فكيف ببيت فيه القتل والتخريب وتجمع فيه القوة والذخائر لأجل قتل المسلمين وتدمير ممتلكات المسلمين وترويع المسلمين؟!!
لا شك أنَّ هذه طغمة فاسدة ، تلقت مذهبها من شياطين الإنس والجن، وجاؤوا يريدون انتهاك حرمات المسلمين.
لماذا يأتون إلى مكة المكرمة، وإلى المملكة العربية السعودية التي هي الدولة الوحيدة التي تحكم شرع الله -عزَّ وجلَّ- ، والتي هي تحمي حمى الحرمين الشريفين، والتي هي مضرب المثل في التمسك بالإسلام، هل يريدون أن يقضوا على الإسلام؟
إنهم لا يريدون الجهاد في سبيل الله، وإن تسموا بهذا، وإنما يريدون القضاء على الإسلام والمسلمين، هذه مهمتهم ، وقد لقنوا هذا الشيء من أعداء الله من الكفرة، فهم الذين لقنوهم هذه الأفكار، وهم الذين شربوهم هذه الجرائم وأرسلوهم في نحور المسلمين.
ولكن الله عز وجل لهم بالمرصاد ، والله يمهل ولا يهمل، وبحمد الله أن الله يمكن ولاة الأمور من القبض عليهمـ ومن إبطال كيدهم، وهذا من فضل الله ومن حوله وقوته ، فإنهم لا يدبرون مكيدة إلا والله جل وعلا يكشفها عما قريب فهم مخذولون بحول الله.
ودعوات المسلمين في المسجد الحرام في مكة، وفي مسجد الرسول -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- في الحرم الشريف ، ودعوات المسلمين في هذا الشهر المبارك، ودعوات المسلمين في كل مكان سوف تحيط بهم بإذن الله فان الله سبحانه وتعالى لهم بالمرصاد والله قريب مجيب.
وإننا نذكر من في قلبه بقية من الإيمان أو ذرة من إيمان من هؤلاء أن يتوبوا إلى الله عز وجل، وأن يرجعوا إلى رشدهم، ويثوبوا إلى صوابهم، ولا يغتروا بأقوال الأعداء والكفار، فإنهم لم يفلح سلفهم، فما ظهر لهم قرن في أي زمان إلا ويقطعه الله عز وجل، فعليهم أن يعتبروا بسلفهم، وأن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى، ولا نستغرب إقدامهم على انتهاك الحرم، وسلفهم الذين دخلوا المسجد الحرام وقتلوا الحجاج فيه، وألقوا جثثهم في بئر زمزم، وذهبوا إلى عرفه في يوم عرفة، وقتلوا الْحُجَّاجَ في عرفة، لا نستغرب من تلاميذهم أن يفعلوا مثل أفعالهم، أو يحاولوا، ولكنهم بحول الله مخذولون، وبحول الله إنَّهم مقهورون، ولا يبوؤون إلا بالخيبة والفشل، وإنَّ جميع المسلمين على وجه الأرض يمقتونهم، بل حتى الكفار يشمتون منهم، فإنَّ هؤلاء الكفار الذين غرروا بهم لاشك أنهم يشمتون بهم، وكما قال الشيطان، وإن زين لهم يوم بدر، {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} هذا الشيطان يقول كذا ،
فهؤلاء الكفار الذين لقنوا هؤلاء الأغرار سيكون موقفهم إذا أوقعهم الله بأيدي المسلمين، سيكون موقفهم منهم مثل موقف الشيطان من الكفار في بدر، فعليهم أن يتقوا الله إن كان فيهم بقية من إيمان، وأن يتوبوا إلى الله، وأن يتخلوا عن هذه الأفكار الخبيثة..
كيف يغزون المسلمين؟! كيف يغزون آباءهم وإخوانهم وجيرانهم في بلاد الإسلام يروعونهم ويقتلونهم ويدمرون بيوتهم؟! أين الإنسانية؟! أين الشهامة؟! أين الدين ؟! إن كان فيهم دين فعليهم أن يتقوا الله عز وجل على بقيتهم.
وأما من أوقعهم الله في قبضة المسلمين فسيلقون جزاءهم الرادع بحول الله، ولكن على بقيتهم أن يتوبوا إلى الله، وأن يلقوا السلاح الذي بأيديهم، ومن تاب تاب الله عليه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ، {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ}
فعليهم أن يتوبوا إلى الله ويعلموا أنهم لا يعجزون الله سبحانه وتعالى فان الله محيط بهم وقادر عليهم والله جل وعلا ينتصر لأوليائه قال -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- فيما يرويه عن ربه عز وجل "إن الله قال من عادي لي وليا فقد آذنته بالحرب" فمن آذى عباد الله وآذى المسلمين فانه قد حارب الله عز وجل ومن حارب الله فانه مخذول لأنَّ الله يسلط عليه جنود السماوات والأرض {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } .
فعلى من بقى منهم أن يتوبوا إلى الله، وأن يرجعوا إلى رشدهم، وأن يدخلوا في صف المسلمين، وأن يضعوا أيديهم في أيدي المسلمين ما دامت التوبة لها مجال، وما دام أنهم يتمكنون من التوبة.
أما إذا أُلْقِيَ القبض عليهم فإنهم سيطبق فيهم حكم الله ورسوله الرادع الذي يردعهم ويردع غيرهم..
والله سبحانه وتعالى لما ذكر عقوبة الذين يسعون في الأرض فساداً قال جل وعلا: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرض ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {33} إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
فعلى هؤلاء أن يتوبوا إلى الله قبل أن يقعوا في قبضة المسلمين ويوقع بهم حكم الله ورسوله..
عليهم أن يتوبوا ويرجعوا إلى رشدهم، فإن الله يتوب على من تاب، وإن المسلمين يفرحون بتوبتهم لأنهم أبناؤهم وإخوانهم، فإذا تابوا إلى الله فإنَّ هذا يسر المسلمين، ومن تاب تاب الله عليه..
نسال الله لنا ولهم الهداية ، والرجوع إلى الحق، وأن يعيذنا من نزغات الشيطان، ومن أفكار الشيطان ، وأعوان الشيطان، إنه قريب مجيب .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
جريدة الرياض الأحد 14 رمضان 1424العدد 12924 السنة 39.
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
وسئل الشيخ العلامة صالح الفوزان السؤال التالي :
أحسن الله إليكم ،يقول :هل يقال فيمن قاموا بالتفجيرات في هذه البلاد أنه من الخوارج ؟
فأجاب -حفظَهُ اللهُ ورعاهُ- : هذا إفساد في الأرض،هذا إفساد في الأرض وإهلاك للحرث والنسل ،واعتداء على الدماء البريئة ،وترويع للمسلمين فهو من أشد أفعال الخوارج ،بل الخوارج ما فعلوا مثل هذا ،الخوارج يبرزون في المعارك جاءوا يقاتلون ،أما هؤلاء فيجيئون الناس وهم نائمون وآمنون وينسفون المنازل بما فيها ،هذا فعل الخوارج ؟! لا هذا أشبه شيء بفعل القرامطة ،أما الخوارج فهم يَتَنَزَّهُونَ عن هذا الغدر وهذه الخيانة ، ما فعل هذا الخوارج .
والله أسأل أن يحفظ هذه البلاد وجميع بلاد المسلمين من شر الخوارج والمنافقين ، ومن شر كل ذي شر .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
كتبه:
أسامة بن عطايا العتيبي