مشاهدة النسخة كاملة : فوائد في العقيدة - للعلامة الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله
عبدالله العامري
04-17-2004, 09:08 PM
.
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
أقول أولا : جزى الله القائمين على هذا المنتدى خير الجزاء وجعل ما يقومون به من نصرة السنة وأهلها في ميزان حسناتهم
وهذه بعض الفوائد التي ذكرها العلامة عبد العزيز الراجحي - حفظه الله تعالى - في العقيدة
(( إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه ؛ فإن الله خلق آدم على صورته )) الحديث في الصحيحين.
نهى عن ضرب الوجه لأن الله خلق آدم على صورته، فلو كان المراد مجرد خلقه عالما قادرا ونحو ذلك لم يكن للوجه بذلك اختصاص، بل لا بد أن يريد الصورة التي يدخل فيها الوجه.
في رواية أبي القاسم الجيلي عن حنبل عن أحمد -رحمه الله- والذي جاء به الشرع في هذا النص من قوله: (( خلق آدم على صورته )) ونحوه ، فإنه أخص مما يعلم بمجرد العقل من ثبوت القدر المشترك بينه وبين كل موجود وكل حيّ، فإن هذا المدلول عليه بالنص لا يعلم بالعقل والقياس، وإنما يعلم أصل ذلك مجملا.
ومعلوم أن الذي جاءت به السنة من ثبوت هذا الشبه من بعض الوجوه، والله هو الذي خلق آدم على صورته، هو خير مما ذكره المؤسس واستشهد عليه بما ذكره، وهو قوله: "تخلقوا بأخلاق الله".
كون الإنسان على صورة الله -إذا أقر الحديث كما جاء- فيه نوع من المشابهة -أكثر من المشابهة- في تأويل الحديث على أن الصورة بمعنى الصفة أو الصورة المعنوية أو الروحانية ونحو ذلك، فمسمى التشبيه لازم على التقديرين، والتشبيه المنفي بالنص والإجماع والأدلة العقلية الصحيحة منتف على التقديرين.
قوله: (( خلق الله آدم على صورته )) يقتضي المشابهة بين صفة العبد وصفة الرب مع تباين الحقيقتين.
الأدلة الشرعية والعقلية التي تثبت بها الصفات لله يثبت بنظيرها هذه الصورة، فإن وجود ذات ليس لها صفات ممتنع، وثبوت الصفات الكمالية معلوم بالشرع والعقل، وثبوت المشابهة من بعض الوجوه في الأمور الكمالية معلوم بالشرع والعقل، كما أنه لا بد من كل موجود من صفات تقوم به، فلا بد من كل موجود قائم بنفسه من صورة يكون عليها.
الإضافة تتنوع دلالتها بحسب المضاف إليه، فلما قال في آخر الحديث: (( فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعا )) ؛ هذا يقتضي المشابهة في الجنس والقدر؛ لأن صورة المضاف من جنس صورة المضاف إليه، وحقيقتهما واحدة، وأما قوله: (( خلق الله آدم على صورته )) ؛ فهذا يقتضي نوعا من المشابهة فقط، ولا يقتضي تماثلا لا في حقيقة ولا قدر.
من المعلوم أن الشيئين المخلوقين قد يكون أحدهما على صورة الآخر مع التفاوت العظيم بين جنس ذواتهما وقدر ذواتهما، وقد تظهر صورة السماوات والقمر في الماء أو في مرآة في غاية الصغر، ويقال هذه صورتها، مع العلم بأن حقيقة السماوات والأرض أعظم من ذلك بما لا نسبة لأحدهما للأخر، وكذلك المصور الذي يصور السماوات والأرض والكواكب والشمس والقمر والجبال والبحار مع أن الذي يصوره، وإن شابه ذلك فإنه أبعد شيء عن حقيقته وقدره.
الصورة قائمة بالشيء المصور، فصورة الله كوجه الله، ويد الله، وقدرة الله، ومشيئة الله وكلام الله قائمة به، ويمتنع أن تقوم بغيره.
لو كانت الإضافة في قوله: (( خلق الله آدم على صورته )) إضافة خلق لكان سائر الأعضاء مشاركة للصورة التي هي الوجه في كون الله خلق ذلك.
لا يقال: إن الله لا يشبه المخلوق بوجه من الوجوه، وقد أبى ذلك الإمام أحمد وقرره شيخ الإسلام ابن تيمية في نقض التأسيس؛ لأن معنى هذا القول نفي الصفة.
قلت: توجيهه أنه لا بد من المشاركة في أصل إثبات الصفة، فالخالق له صفات، والمخلوق له صفات، فالخالق له علم وسمع وبصر، والمخلوق كذلك، وإن كان الخالق له صفات تخصه فكذلك المخلوق له صفات تخصه، لكن هذا نوع من أنواع المشابهة لا يمكن نفيه.
الذي جاء به الشرع في هذا النص: (( خلق الله آدم على صورته )) ونحوه أخص مما يعلم بمجرد العقل من ثبوت القدر المشترك بينه وبين كل موجود أو كل حي، فإن هذا المدلول عليه بالنص لا يعلم بالعقل والقياس وإنما يعلم أصل ذلك مجملا.
ومعلوم أن هذا الذي جاءت به السنة من ثبوت هذه الشبه من بعض الوجود في قوله: (( خلق الله آدم على صورته )) هو خير مما ذكره المؤسس واستشهد عليه بما ذكره من قوله: " تخلقوا بأخلاق الله "
وللفوائد بقية إن شاء الله
.
عبيد الأثري
04-18-2004, 12:42 PM
جزاكم الله خيرا ونفع بكم وجعل الله الشيخ غصة في حلوق المبتدعين ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظه ويبارك فيه وفي وقته وفي عمره .
عبدالله العامري
04-18-2004, 12:44 PM
.
* نفي رؤية الشيء يستلزم نفي وجوده؛ إذ المعدوم هو الذي لا يجوز رؤيته، وكل موجود يقدر الله أن يريناه، فمن قال: إن الله لا تجوز رؤيته فقد نفى وجوده.
من قال: إن الله لا يرى في الآخرة فقد كفر؛ لأنه كذب بالقرآن والسنة المتواترة، يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا، أفتى بذلك الإمام أحمد كما ذكره شيخ الإسلام وهو قول جمهور علماء أهل السنة.
جمهور العلماء من أهل السنة على أن الكفار لا يرون الله يوم القيامة في عرصاتها، وإنما يراه المؤمنون خاصة، واستدلوا بقوله -تعالى-: (( كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ )) فالآية عامة، وذهب بعض العلماء إلى أن الكفار يرون الله في عرصات القيامة ثم يحتجب عنهم، واستدلوا بأحاديث في الصحيحين وغيرهما، وأجابوا عن الآية بأن الحجب بعد المحاسبة، والصواب ما ذهب إليه الجمهور، وقيل: يراه المنافقون خاصة من بين الكفار لظاهر الأحاديث.
جمهور العلماء من أهل السنة على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ير ربه بعين رأسه ليلة المعراج، وإنما رآه بقلبه؛ واستدلوا بحديث أبي ذر عند مسلم (( رأيت نورا، نور أنى أراه )) وحديث أبي موسى عند مسلم (( حجابه النور )) وحديث عائشة (( من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب )) وذهب بعض العلماء إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى ربه بعين رأسه ليلة المعراج وإلى هذا ذهب ابن خزيمة في كتاب التوحيد، وأبو إسماعيل الهروي في كتاب الأربعين له، والنووي في شرح صحيح مسلم وأبو الحسن الأشعري في كتاب المقالات والإبانة، والقرطبي والقاضي أبو يعلى في إبطال التأويلات.
واستدلوا بما ثبت عن ابن عباس -رضى الله عنهما- أنه قال: (( إن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى ربه ليلة المعراج )) وبما ثبت عن الإمام أحمد أنه سئل هل رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ربه ليلة المعراج؟ فقال: نعم رآه. والصواب ما عليه الجمهور من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ير ربه بعين رأسه وإنما رآه بقلبه، وجمع شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بين حديث عائشة وحديث ابن عباس ؛ بأن حديث عائشة في نفي الرؤية محمول على رؤية العين، وحديث ابن عباس في إثبات الرؤية محمول على رؤية القلب، وكذا ما روي عن الإمام أحمد يجمع بينهما بذلك، وبذلك تجتمع الأدلة، وهذا هو الحق.
- رؤية الرب في المنام حق ، كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ونقض التأسيس وغيرها، لكن على وجه لا يكون فيه تشبيه؛ كأن يرى نورا أو يسمع كلاما؛ كأن يقول: أنا ربك، أنا الله، أو يرى ربه في المنام على صورة حسنة أو غير ذلك على حسب عمله، فإن كان عمله صالحا حسنا رأى ربه في صورة حسنة، وإن كان عمله غير ذلك رأى ربه كذلك، ولا يلزم من هذه الرؤية أن يكون الرب مثل ما رآه؛ لأن هذه الرؤية من ضرب الملك الأمثال، أما رؤية الأنبياء فهي حق وهى وحي، قال الله -تعالى- عن الخليل إبراهيم -عليه السلام-: (( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ )) الآية، ثم قال بعد ذلك: (( وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا )) .
قال شيخ الإسلام في النقض: "فالإنسان قد يرى ربه في المنام ويخاطبه، فهذا حق في الرؤيا، ولا يجوز أن يعتقد في نفسه أن الله مثل ما رأى في المنام، فإن سائر ما يرى في المنام لا يجب أن يكون مماثلا، ولكن لا بد أن يكون الصورة التي رآها فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه؛ فإن كان إيمانه واعتقاده حقا أتي من الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك، وإلا كان بالعكس..."، إلى قوله: وهذه مسألة معروفة وقد ذكرها العلماء من أصحابنا وغيرهم في أصول الدين، والنقل بذلك متواتر عمن رأى ربه في المنام، وحكوا عن طائفة من المعتزلة وغيرهم إنكار رؤية الله، فهذا مما يقوله المتجهمة وهو باطل، مخالف لما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها، بل ولما اتفق عليه عامة عقلاء بني آدم .
وليس في رؤية الله في المنام نقص ولا عيب يتعلق به -سبحانه وتعالى- وإنما ذلك بحسب حال الرائي وصحة إيمانه وفساده، واستقامة حاله وانحرافه، وقول من يقول: ما خطر في البال أو دار في الخيال فالله بخلافه ونحو ذلك، إذا حمل على مثل هذا كان محملا صحيحا، فلا نعتقد أن ما تخيله الإنسان في منامه أو يقظته من الصور أن الله في نفسه مثل ذلك، فإنه ليس هو في نفسه مثل ذلك، بل نفس الجن والملائكة لا يتصورها الإنسان ويتخيلها على حقيقتها، بل هي على خلاف ما يتخيله ويتصوره في منامه ويقظته، وإن كان ما رآه مناسبا مشابها لها، فالله -تعالى- أجل وأعظم.
حديث ابن عباس (( رأيت ربي في صورة حسنة، فقال: يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى )) ؛ هذه رؤيا منام وهى رؤيا حق، كما قال شيخ الإسلام والحديث له طريقان مختلفان ليس فيهما متهم بالكذب، فيكون حسنا لغيره على قاعدة الترمذي وأقل أحواله أن يكون بهذه المنزلة، وإلا فالحديث مما يوجب العلم بثبوته أي اليقين، وأما حديث: (( رأيت ربي في صورة شاب موقر، جعد قطط، عليه نعلان، رجلاه في خضرة )) فهو حديث ثابت، وهذه رؤيا منام وهى حق.
قال شيخ الإسلام قال -رحمه الله-: قلت: وهذا المعنى الذي ذكره الأشعري من أن الموجود يقدر الله على أن يريناه، وأن المعدوم هو الذي لا يجوز رؤيته، فنفي الرؤية يستلزم نفي الموجود؛ هو مأخوذ من كلام السلف والأئمة كما ذكر حنبل عن الإمام أحمد ورواه الخلال عنه في كتاب السنة: قال القوم يرجعون إلى التعطيل في كونهم ينكرون الرؤية؛ وذلك أن الله على كل شيء قدير، وهذا الفظ عام لا تخصيص فيه، فأما الممتنع لذاته فليس بشيء باتفاق العقلاء، وذلك أنه متناقض لا يعقل وجوده، فلا يدخل في مسمى الشيء حتى يكون داخلا في العموم، مثل أن يقول القائل: هل يقدر أن يعدم نفسه، أو يخلق مثله، فإن القدرة تستلزم وجود القادر، وعدمه ينافي وجوده، فكأنه قيل هل يكون موجودا معدوما، وهذا متناقض في نفسه لا حقيقة له، وليس بشيء أصلا، وكذلك وجود مثله يستلزم أن يكون الشيء موجودا معدوما؛ فإن مثل الشيء ما يسد مسده ويقوم مقامه، فيجب أن يكون الشيء موجودا معدوما، قبل وجوده مفتقرا مربوبا، فإذا قدر أنه مثل الخالق -تعالى- لزم أن يكون واجبا قديما لم يزل موجودا غنيا ربا، ويكون الخالق فقيرا ممكنا معدوما مفتقرا مربوبا، فيكون الشيء الواحد قديما محدثا، فقيرا مستغنيا، واجبا ممكنا، موجودا معدوما، ربا مربوبا، وهذا متناقض لا حقيقة له وليس شيئا أصلا، فلا يدخل في العموم، وأمثال ذلك. اهـ-
الله -تعالى- لا يدركه أحد من خلقه قال -تعالى-: (( لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ )) لكنه سبحانه يدرك نفسه.
.
الأثري السلفي
04-19-2004, 12:31 PM
جزاكم الله خيرا ونفع بكم وجعل الله الشيخ غصة في حلوق المبتدعين ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظه ويبارك فيه وفي وقته وفي عمره .
عبدالله العامري
04-19-2004, 02:25 PM
.
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
بسم الله الرحمن الرحيم
الأسس التي يقوم عليها مذهب السلف في الصفات ثلاثة:
1- تنزيه الله عن مماثلة المخلوقات، وهو الأساس الأعظم والأكبر؛ ودليله: (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) ، (( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا )) ، (( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ )) ، (( فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ )) .
2- إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله من الصفات والإيمان بها، وأن الله مدح نفسه بها، ودليله: (( وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) ، (( اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ )) ، (( وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ )) .
3- نفي الكيفية والإحاطة بصفات الله، ودليله: (( وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا )) ؛ (( وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ )) .
أسماء الله أعلام وأوصاف، وهي باعتبار دلالتها على الذات مترادفة، وهي باعتبار دلالة كل اسم منها على معناه متباينة، فالله، الرحمن، الرحيم، والسميع، العليم تدل على ذات واحدة، فهي مترادفة بهذا المعنى، لكن الله تدل على الألوهية والرحمن يدل على الرحمة، والسميع يدل على السمع، والعليم يدل على العلم، والرحيم يدل على الفعل، فهي من حيث هذا المعنى تكون متباينة كل اسم منها يدل على المعنى، وهذا فيه رد على المعتزلة الذين يقولون: إن هذه الأسماء مجرد أعلام لا تحمل معاني، وهذا من أبطل الباطل.
النفي المحض والإثبات المحض ليس فيه تنزيه، مثال النفي المحض (لا إله)، هذا إلحاد، والإثبات المحض (الله إله)، ما أكثر الآلهة، ولكنها باطلة بقولك: (لا إله إلا الله).
نفي التشبيه عن الله، إذا جاء في كلام السلف والأئمة فالمراد به التمثيل لا التشبيه المطلق، فإن نفي التشبيه المطلق عن الله قول الجهمية الذين يقولون: إن الله لا يشبه المخلوق بوجه من وجوه التشبيه، وهذا يلزم منه إنكار وجود الله، وهو قول الجهمية كما رد عليهم الإمام أحمد في رسالته: الرد على الزنادقة والملحدين، وكما بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه: بيان تلبيس الجهمية ومجموع الفتاوى وغيرها ؛ لأن مطلق التشبيه بين الخالق والمخلوق في الذات والصفات عند عدم الإضافة والتخصيص لا بد من إثباته، كما في مطلق الوجود والذات ومطلق العلم والقدرة، فمن نفى مطلق التشبيه في ذلك فقد أنكر وجود الله، وقد أنكر صفات الله، وهو مذهب الجهمية المعطلة، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.
لازم الشيء ليس داخلا في معنى الشيء، ومن أمثلة ذلك:
1- جاءت النصوص بإثبات السمع لله: (( وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )) ويلزم من السمع الأذن ، لكنها لا تثبت لله -تعالى- لعدم ورود النص بإثباتها.
2- جاءت النصوص بإثبات البصر لله -تعالى- وأن الله يرى ويبصر خلقه وأعمالهم، ويلزم من البصر إثبات العين، وإثبات العينين لله -تعالى- إنما ثبت من نصوص أخرى غير إثبات البصر لله -تعالى- كحديث الدجال في الصحيحين: (( إن ربكم ليس بأعور وإن الدجال أعور عين اليمنى )) ولو لم يرد النص بإثبات العينين لله -تعالى- بنصوص أُخرى لما أخذ إثباتهما من إثبات البصر لله تعالى.
أسماء الله وصفاته هي الله، لا يقال: إنها غير الله، كما تقوله المعتزلة وغيرهم، فإذا قيل: (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ؛ فالمعنى الله نفسه على العرش استوى، لكن إذا أريد الاشتقاق، فيقال: اسم الرحمن مشتق من كذا، اسم الله مشتق من كذا، أما الله -سبحانه- ليس مشتقا من شيء، بل هو واجب الوجود لذاته.
أسماء الله -تعالى- مشتقة دالة على معاني، ليست جامدة؛ فاسم العليم يدل على العلم، والقدير يدل على القدرة، والسميع يدل على السمع، والبصير يدل على البصر، والحكيم يدل على الحكمة، وهكذا سائر الأسماء.
.
عبدالله العامري
04-20-2004, 11:56 PM
.
بسم الله الرحمن الرحيم
صفات الله -سبحانه وتعالى- جاءت على ثلاثة أنواع
1- ما جاء على لفظ الاسم مسمى به فهذا يسمى به، ويشتق له منه صفة، ويوصف بما دل عليه من المعنى، مثل السميع والعليم والقدير والبصير، فيوصف الله بالعلم والقدرة والسمع والبصر.
2- ما جاء على لفظ الفعل فقط فهذا يوصف الله به على لفظ الفعل الذي ورد، مثل (( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ )) ؛ فيقال: يمكر الله بمن مكر به، والله خير الماكرين، ولا يقال: من أسماء الله الماكر، ومثل: (( وَأَكِيدُ كَيْدًا )) فيقال: يكيد الله بمن كاده، ولا يقال: من أسماء الله الكائد.
3- ما جاء على لفظ الفعل وجاء مضافا، فهذا يوصف الله به على لفظ الفعل ومضافا ، مثل: (( يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ )) فيقال: يخدع الله من خدعه وهو خادعه.
لما كان لفظ التشبيه يقال على ما يجب انتفاؤه وعلى ما يجب إثباته، لم يرد الكتاب والسنة به مطلقا لا في نفي ولا إثبات، ولكن جاءت النصوص في النفي بلفظ المثل والكفؤ والند والسمي، وجاء لفظ التشبيه في الإثبات مقيدا في كلام الصحابة وتابعيهم.
المخلوقات وإن كان فيها شبه من بعض الوجوه في مثل معنى الموجود والحي والعليم والقدير، فليست مماثلة لله بوجه من الوجوه ولا مكافأة له، بل هو -سبحانه- له المثل الأعلى قي كل ما يثبت له ولغيره، ولما ينفي عنه وعن غيره.
اسم الله كالرحمن، والعزيز، والقدوس، والملك يدل على الذات ويدل على الصفة، فدلالة الاسم عليها دلالة مطابقة، ودلالته على أحدهما دلالة تضمن، أما الصفة كالعلم والقدرة والرحمة فلم يذكر أهل العلم أنها تدل على الأمرين الذات والصفة.
من أثبت الحد لله من السلف في قولهم: استوى على العرش بحد فمرادهم الحد الذي يعلمه سبحانه، ومن نفى الحد في قولهم: استوى على العرش بلا حد، فمرادهم بلا حد يعلمه العباد.
لا منافاة بين إثبات الحد ونفيه في كلام السلف وكلام الإمام أحمد في نفي الحد، وإثباته محمول على حالين:
1- نفي الحد: ومعناه نفي أن العباد يحدو الله أو صفاته بحد، أو يقدرون ذلك بقدر، أو أن يبلغوا إلى أن يصفوا ذلك.
2- إثبات الحد: معناه أنه في نفسه له حد يعلمه هو لا يعلمه غيره، أو أنه هو يصف نفسه، وهكذا كان كلام سائر السلف يثبتون الحقائق وينفون علم العباد بكنهها.
القول بنفي الحد، وأن الرب لا حد له، بل هو ذاهب في الجهات كلها، هو قول الجهمية وهو القول بحلول الرب في المخلوقات؛ لأن معنى كونه لا حد له، وأنه ذاهب في الجهات كلها؛ معناه الاختلاط بالمخلوقات.
الحيز: قيل: هو أمر وجودي، وهو حدود الشيء وأطرافه، أو هو شيء خارج عنه، وقيل: هو أمر عدمي وهو تقدير المكان.
نزول الرب -سبحانه وتعالى- إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر، هل يخلو منه العرش أو لا يخلو منه العرش؟ لأهل السنة ثلاثة أقوال:
1- وهو أضعفها، أنه يخلو منه العرش.
2- لا يخلو منه العرش، وهذا قال عنه شيخ الإسلام: إنه قول السلف، قال شيخنا: وهو قول لبعض السلف.
3- لا يقال يخلو منه العرش، ولا يقال لا يخلو منه العرش، قال شيخنا: وهذا القول هو الذي يتمشى مع قاعدة أهل السنة والجماعة في إثبات الصفات وعدم التعرض للكيفية، والرب أخبر أنه ينزل كما يليق بجلاله وعظمته في أي مكان في الدنيا وجد الإنسان، فالرب ينزل إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر كما يليق بجلاله.
الشخص والذات والشيء: ورد في النصوص من الآيات والأحاديث إطلاقها على الله من باب الخبر، كقول رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (( لا شخص أغير من الله )) فيقال: إن الله شخص ؛ أي له -سبحانه- ذات مستقلة ، وقال -تعالى-: (( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ )) ؛ فأخبر الله عن نفسه بأنه شئ، وقال في حديث الشفاعة في قصة إبراهيم وكذباته الثلاثة: (( كلها في ذات الله )) وقال خبيب "وذلك في ذات الله..."؛ فأثبت لله ذاتا لكنها لا تشبه ذوات المخلوقين.
لا ريب أن لذات الرب خصوصية تتميز بها عن سائر الذوات؛ إذ الوجود المطلق الذي لا اختصاص فيه بشيء دون شيء، إنما وجود في الذهن لا في الخارج.
الرب -سبحانه- له حقيقة خاصة مباينة لغيرها في حقيقتها مخالفة لما سواها في ماهيتها.
إن قيل: الرب لا بد له من موجب ولا موجب للرب له سوى الذات نفسها، فهي الموجبة لما هي عليه بنفسها، ووجودها على ما هي عليه واجب بها لا غيرها؛ فهو صحيح، وإن قيل: لا موجب له بمعنى أنه لا موجب لتلك الحقيقة والخاصية فانفصل عنها؛ فهو أيضا صحيح ، تلك الحقيقة الخاصة بالرب واجبة الوجود بنفسها لا يجوز أن يطلب لها سبب منفصل عنها، بل طلب ذلك إنكار لواجب الوجود بنفسه، وإنكار الوجود الواجب يستلزم إنكار الموجود كله؛ إذ الموجود إما أن يكون واجبا أو ممكنا، والممكن لا بد له من واجب.
.
عبدالله العامري
04-28-2004, 02:52 PM
.
بسم الله الرحمن الرحيم
من أسماء الله العظيمة التي تحتها غرائب وعجائب تفتت الأكباد، اسمه "المصور"، وهو من أسمائه الأزلية ومما يوضح عظمة هذا الاسم وما يشير إليه من كمال قدرة الله، وعظم علمه وإحاطته بكل شيء، أن ينظر الواحد إلى الحجيج يوم جمرة العقبة -مع اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغاتهم وهيئاتهم- مصبوبين صبة واحدة، كل واحد منهم الأذنان والعينان في محلهم، والأنف في محله والفم في محله وكل عضو في محله في الجميع، ومع ذلك لا يتماثل منهم اثنان، والله يصور كل واحد منهم صورة مستقلة يطبعه عليها بعلمه وقدرته لا يشاركه فيها أحد البتة، فلا يتماثل منهم اثنان فهي كانت في علمه الأزلي قبل أن يقع ذلك الإنسان، فلما وقع مصورا في الصورة المهيأة له في العلم السابق -ولو جاء ملايين أضعاف الحصى من البشر- لم يضق علمه أن يخترع لكل واحد منهم صورة تخصه لا يشاركه فيها غيره، حتى إن أصواتهم لا تتماثل وبصمات أصابعهم في الأوراق لا يماثل بعضهم بعضا عند من يعرف ذلك، وأظهرهم في الأرض لا يختلط بعضهم ببعض، فيأتي هذا الإنسان الضعيف المسكين فينزل نفسه منزلة العظيم الجبار المصور ويفعل كفعله؛ ولذا جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- في تشديد عذاب المصورين، وأنهم أشد الناس عذابا في الأحاديث الصحيحة، وأن ما صوروه في الدنيا يؤمرون بأن يحيوه ويعذبوا عليه عذابا شديدا.
والحاصل أن التصوير هو أول كفر وقع في الدنيا، وهو سبب أول شرك وقع في الدنيا، وله أثره الفعال الآن في فساد الأخلاق وضياع شباب المجتمع وتغيير فطرهم؛ حيث يروا صور النساء، حيث يرى الواحد صورة المرأة على هيئتها متجردة من كل شيء بادية الفرج، نعوذ بالله من ذلك.
في إطلاق الشخص على الله: أخرج مسلم في صحيحه: (( لا شخص أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش إلخ...)) وفي حديث أبي رزين العقيلي وهو لقيط بن عامر - وفيه: (( كيف وهو شخص واحد ونحن ملئ الأرض )) .
وترجم البخاري باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا شخص أغير من الله.
وقد تنازع أهل الحديث من أصحاب الإمام أحمد وغيره في إطلاق اسم الشخص على الله، قال القاضي أبو يعلى وأما لفظ الشخص فرأيت بعض أصحاب الحديث يذهب إلى جواز إطلاقه، ووجهه أن قوله: (لا شخص) نفي من إثبات، وذلك يقتضي الجنس، كقوله: لا رجل أكرم من زيد، يقتضي أن زيدا يقع عليه اسم رجل، كذلك قوله: لا شخص أغير من الله يقتضي أن يقع عليه اسم شخص.
قال: وقد ذكر أبو الحسن الدارقطني في كتاب الرؤية ما يشهد لهذا القول، وذكر حديث لقيط بن عامر المتقدم، وقوله: للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (كيف ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد) فأقره النبي -صلى الله عليه وسلم- على قوله، وقد ذكر أحمد هذا الحديث في الجزء الأول من مسند الكوفيين، فقال: قال عبد الله - يعني ابن أحمد قال عبيد الله القواريري ليس حديث أشد على الجهمية من هذا الحديث قوله: (( لا شخص أحب إليه المدحة من الله )) .
قال القاضي: ويحتمل أن يمنع من إطلاق ذلك على الله؛ لأن لفظ الخبر ليس بصريح فيه؛ لأن معناه: لا أحد أغير من الله؛ لأنه قد روي ذلك في لفظ آخر، فاستعمل لفظ الشخص في موضع أحد، ويكون ذلك استثناء من غير جنسه ونوعه، كقوله -تعالى-: (( مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ )) وليس الظن من نوع العلم. ا هـ.
قال شيخ الإسلام وأما تأويل الشخص إذا ثبت إطلاقه بالذات المعنية والحقيقة المخصوصة، فهذا باطل في لغة العرب التي خاطب بها النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته، وإنما يوجد مثل ذلك في عرف المنطقيين ونحوهم إذا قالوا: هذا شخص نوعه في شخصه، أو لا ينحصر نوعه في شخصه، وقالوا الجنس ينقسم إلى أنواعه، والنوع ينقسم إلى أشخاصه، ونحو ذلك مما هو لفظ الشخص فيه بإيذاء لفظ الواحد بالعين.
قلت: وقد أول الرازي في تأسيسه الشخص بذلك، قال في تأسيسه: الأول الشخص والمراد منه الذات المعينة والحقيقة المخصوصة؛ لأن الجسم الذي له شخص وحجمية يلزم أن يكون واحدا، فإطلاق اسم الشخص على الواحدة إطلاق أحد المتلازمين على الآخر.
قلت: وبهذا يتبين أن إطلاق اسم الشخص على الله فيه نزاع بين أهل الحديث من أصحاب الإمام أحمد وغيره على قولين، ولم يرجح شيخ الإسلام واحدا منهما، بل سكت على ما نقله عن القاضي أبي يعلى .
الغيرة: من صفات الله -تعالى- التي وردت النصوص الصحيحة باتصاف الله -تعالى- بها، منها ما في صحيح مسلم (( لا شخص أغير من الله )) وبوب البخاري عليه، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (( لا شخص أغير من الله )) وأخرج البخاري في هذا الباب حديث سعد بن عبادة وفيه: (( أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن )) الحديث.
قال القاضي: فغير ممتنع إطلاقها عليه؛ لأنه ليس في ذلك ما يحيل صفاته، ولا يخرجها عما يستحقه؛ لأن الغيرة هي الكراهة للشيء وذلك جائز في صفاته، قال -تعالى-: (( وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ )) .
قلت: وقال الرازي يجب تأويل الغيرة بالزجر فقال: والثاني: لفظ الغيرة، ومعناه الزجر؛ لأن الغيرة حالة نفسانية مقتضية للزجر والمنع فكنى بالسبب عن المسبب. قال شيخ الإسلام ردا عليه: وأما الغيرة فهو مما تواتر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وصف ربه به، ففي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (( إن الله يغار وأن المؤمن يغار، وغيرة الله أ ن يأتي العبد ما حرم الله عليه )) وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود مرفوعا: (( ما أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن )) الحديث والأحاديث كثيرة فلم يصفه بمطلق الغيرة، بل بين أنه لا أحد أغير منه.
وأما تأويل الرازي الغيرة بالزجر والمنع، فيقال: لا ريب أن الغيرة تستلزم المنع والزجر مما يغار منه، ولكن كون الصفة تستلزم فعلا من الأفعال لا يقتضي أن يكون الثابت مجرد اللازم دون الملزوم، أن تأويل الغيرة بالزجر والمنع تأويل للسبب بالمسبب، وهو تأويل باطل؛ لأن السبب غير المسبب، فلو أراد المخاطب بالغيرة الزجر لكان إلى التلبيس أقرب منه إلى البيان، أنه قال في الحديث: ما أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن وهذا نص صريح في إثبات السبب الذي هو الغيرة، والمسبب الذي هو المنع والزجر، فجعل معنى الغيرة هو معنى التحريم الذي هو المنع والزجر تكذيب صريح للرسول، وهو في الحقيقة قول الجهمية لكن منهم من يعلم بذلك فيكون منافقا، ومنهم جهال لا يعلمون أنهم مكذبون له.
.
Powered by vBulletin® Version 4.1.12 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir