المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آخر أقوال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في حديث ( وإن أتانـي يمشي أتيته هرولة)


كيف حالك ؟

أبو عبد الله العربي
10-12-2016, 01:51 AM
قال الإمام محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- في شرحه لكتاب التوحيد من صحيح الإمام البخاري عن هذا الحديث( 1):

«بسم الله الرحمن الرحيم، هذا الحديث تقدم الكلام على أوله إلى قوله: (ذكرته في ملأ خير منه) قال: (وإن تقرب إليَّ بشبر تقربت إليه ذراعاً وإن تقرب إليَّ ذراعاً تقربت إليه باعاً وإن أتانـي يمشي أتيته هرولة) في هذه الجمل الثلاث بيان فضل الله عز وجل وأنه يعطي أكثر مما فُعل من أجله، أي يعطي العامل أكثر مما عمل، وهذه هي القاعدة في ثواب الله عز وجل أنه يعطي أكثر، كما جاء في القرآن الكريم: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}( 2) و{مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ}(3 ) هذه الجمل الثلاث تدل على هذا المعنى العظيم وأن عطاء الله وثوابه أكثر من عمل العبد وكدحه، يقول جل وعلا (إن تقرب إليّ بشبر تقربت إليه ذراعاً) الشبر مسافة ما بين طرف الخنصر إلى طرف الإبهام عند مد اليد هكذا هكذا الشبر، والذراع مسافة ما بين طرف الأصبُع الوسطى إلى عظم المرفق، هذا عظم المرفق وهذا طرف الأصبع هذا الذراع، وهذا هو الذي كان يقدر به سابقا،ً الشبر والذراع والباع وما أشبه ذلك، وقوله: (وإن تقرب إليّ بشبر تقربت إليه ذراعاً) اختلف العلماء في معنى هذه الجملة وما بعدها فقيل: إن هذا على حقيقته وأن الإنسان إذا تقرب إلى الله شبراً تقرب إليه ذراعاً، وعلى هذا فيكون هذا القول في العبادات التي تحتاج إلى مشي كالسعي إلى المساجد والسعي إلى الحج وما أشبه ذلك، ويخرج العبادات التي لا يكون فيها مشي، ولكنها كالتي تحتاج إلى مشي أي أن الله يعطي العامل أكثر مما عمل، وقيل إن هذا على سبيل المثال وأن الإنسان إذا تقرب إلى الله بقلبه تقرب الله إليه على كيفيه لا نعلمُها، نحن بأنفسنا نعلم، نعلم كيف نتقرب إلى الله لكن تقرُب الله إلينا لا نعلمه فالمعنى إذا تقرب الإنسان بقلبه إلى الله فإن الله تعالى يتقرب إليه على كيفية لا تُعلم وذلك أن الإنسان يشعر بتقربه إلى الله بالقلب، يشعر بتقربه إلى الله بالقلب، أحياناً يكون قلبه ذاكراً لله عز وجل فيشعر بأنه قريب من الله عز وجل وأحياناً يكون غافلاً فالمعنى إذا تقرب الإنسان إلى ربه بالقلب، ومن المعلوم أن العبادات تكون سبباً لتقرب القلب إلى الله عز وجل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) ولهذا تشعر وأنت ساجد بأنك قريب من الله وأن الله في السماء، فيكون على هذا القول من باب ضرب المثل وليس على الحقيقة، وهذا القول أحسن من الأول لأنه يشمل بدلالة المطابقة جميع العبادات، والأول يختص بالعبادات ذات السعي والمشي، وكذلك أيضاً يقال (من تقرب إليّ ذراعاً تقربت إليه باعاً).

أما قوله (وإن أتانـي يمشي أتيته هرولة) فهذا أيضاً اختلف فيه العلماء هل هو على حقيقته أو لا ؟ فقيل إنه على حقيقته ونحن إذا مشينا نعرف كيف نمشي أما الله عز وجل فإننا لا نعرِف كيفية مشيه ولا مانع من أن الله يمشي يقابل المتجه إليه، فيقابله إذا أتاه يمشي يقابله بهرولة ويقال إن الذي يأتي سيأتي على صفة ما ولابد فإذا كان الله يأتي حقيقة فإنه لابد أن يأتي على صفة هرولة أو غير هرولة فإذا قال عن نفسه أتيته هرولة قلنا ما الذي يمنع أن يكون إتيانه هرولة إذا كنا نؤمن بأنه يأتي حقيقة ونحن نؤمن بأنه يأتي حقيقةً فإذا كان يأتي حقيقة لابد أن يكون إتيانه على صفة من الصفات فإذا أخبرنا بأنه يأتي هرولة قلنا آمنا بالله لكن كيف هذه الهرولة؟ لا يجوز أن نكيفها ولا يمكن أن نتصورها هي فوق ما يتصور وفوق ما يتكلم به، ولكن هذا القول يخص هذا الحكم، بالعبادات التي يأتي إليها الإنسان مشياً وتبقى العبادات الأخرى التي يفعلها الإنسان وهو قائم في مكانه تبقى غير مذكورة في هذا الحديث لكنها بمعناها.

على القول الثاني نقول هذه من باب التمثيل أي من أسرع إلى رضائي وإلى عبادتي أسرعت إلى ثوابه سرعة أكثر من سرعة عمله وهذا القول يشمل جميع العبادات، لأن الإنسان يُسرع إلى العبادة إسراعاً بالبدن وأحياناً يسرع بالقلب فقط وهو ثابت في مكانه، فالمهم أن للعلماء في هذه المسألة قولين لعلماء السلف هل نبقيها على ظاهرها وإن كان سيخرج عنها بعض العبادات إلا أنها تُثبت بالقياس أو نقول إن هذا كناية عن أن فضل الله عز وجل أكثر من عمل العامل، وكأن شيخ الإسلام رحمه الله يميل إلى هذا الرأي الأخير أنه من باب ضرب المثال، ويؤيد هذا بأنه ليست جميع العبادات تحتاج إلى سعي ومشي وإبقاء الحديث على عمومه المعنوي في جميع العبادات أولى من كوننا نخصه في بعض العبادات التي لا تكون ولا عشر العبادات الأخرى يعني أن العبادات التي تحتاج إلى مشي قليلة بالنسبة للعبادات الأخرى، فكوننا نحمل الحديث على عموم العبادات، ونجعل هذا من باب ضرب المثل، وما زال الناس يضربون المثل في هذا يقول: أنا إذا رأيتك تقبل عَلَيَّ فإني سوف أعطيك بالخطوة خطوتين أو إذا أقبلت مشياً أُقبل إليك مسرعاً أو إذا مشيت إلي بالأقدام أمشي إليك بالجفون. وهذا أسلوب عربي معروف، وما زال إلى يومنا هذا، طيب وبهذا يزول إشكال الحديث إن حملناه على الحقيقة لم يفتنا على هذا الحمل إلا شيء واحد وهو العبادات التي لا تحتاج إلى مشي ولا إلى مسافة، وإن حملناه على ضرب المثل عم جميع العبادات، وهذا المثل معروف من أساليب اللغة العربية».

* وقد سئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- عما تقدم من شرحه لهذا الحديث:

[كلام غير مسموع من السائل، ولعله سأل هل تُثبت صفة المجيء بهذا الحديث] قال الشيخ: نعم. إي نعم تُثبت لكن لا بهذا الحديث لأننا إذا أثبتنا المجيء فلابد أن يكون على مجيء يختاره هو، لكن لا نثبته بهذا الحديث. [كلام غير مسموع] نعم.
السائل: يجوز التوقف في القولين، أجابه الشيخ بقوله:- والله يا أخي يجوز التوقف هذا أو هذا ونقول آمنا بما أراد الله آمنا بما أراد الله، لكن إذا رأينا أن أكثر العبادات لا تحتاج إلى مشي فهذا قد يؤيد القول بأنها على سبيل التمثيل، نعم.
[قول السائل غير مسموع] منهجهم [كلام غير مسموع] في باب الصفات أن تمروها كما جاءت [كلام غير مسموع] وأجابه الشيخ بقوله: هو هذا يرجح القول الأول لكن المعنى يرجح القول الثاني ثم إن السلف ليس يحملون كل شيء على ظاهره، وإن دل الدليل على خلاف الظاهر، ولهذا لا ينكر السلف كل تأويل، السلف ينكرون كل تأويل لا يدل عليه دليل فإذا دل عليه دليل قالوا أن المراد ما دل عليه هذا الحديث.
الشيخ: نعم سليم. السائل: العبادات مبناها على النية والنية محلها القلب والقلب هو بالضبط هو محل العبادات وإخلاص الإخلاص، لم يثبت [كلام غير مسموع] خاص ما يستقل من القلب فالمعنى اللي رجحتم أقرب. الشيخ: اللي هو. السائل: اللي هو [كلام غير مسموع] الشيخ: نعم أنه على سبيل التمثيل. السائل: إيه.( 4)


----------------------------------------------------
1) وهذا يعد من آخر أقواله رحمه الله في هذا الحديث والله أعلم.
2)سورة الأنعام الآية: 160.
3) سورة البقرة الآية: 261.
4)ينظر شرح كتاب التوحيد من صحيح الإمام البخاري للعلامة محمد بن صالح العثيمين الشريط الثامن في شرحه لهذا الحديث.


تنبيه:
فقد حرف أحد الذين يكتبون في شبكات الأنترنت كلام العلامة ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- على هذا الحديث بتفريقه إياه، وصنيعه هذا يدل على تشبهه باليهود الذين يحرفون الكلم عن مواضعه.


منقول

12d8c7a34f47c2e9d3==