محب الأثري
04-07-2004, 07:29 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
أما بعد فهذه فتوى العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في الفاجر الخميني الرافضي ودولته الخبيثة
وقد كتبها الشيخ رحمه الله بعد سؤال الدكتور بشار عواد عن الخميني وكتبه .....
وهذا نص الفتوى بخط الشيخ رحمه الله
http://abom.jeeran.com/fatwa1.jpg
((لقد كان تصور الشعب الإيراني أن الإمام الخميني قائد المسيرة ومرشد ثورته له خصال السابقين من مراجع الإسلام ولم يمر بخلده قط أن هذا الإمام بعيد عن الرحمة قريب إلى الشر إذ قتل أسرف في القتل، وإذا أسرف في القتل لم يأبى سيفه من قطع رقاب الصغار من الفتيات والشباب من الفتان، وقد قتل في غضون ثلاثة أشهر من عمر الزمان الثلاثة آلاف شاب مسلم وشابة مسلمة لأنهم قالوا كلمة واحدة
( الموت للخميني ) .
ولست أدري كسف يلقي الخميني ربه وفي رقبته من دماء المسلمين ما لا تعد ولا تحصى . وأعود الآن إلى بيت القصيد من هذا الفصل وأذكر معرفتي بالخميني منذ كان مغمورا في مدينة قم ، لا يعرفه أحدا إلى أن أصبح مشهورا يعرف اسمه كل واحد .
كنت إذا زرت مدينة قم التقيت بالخميني في قارعة الطريق أو في دار أحد الأصدقاء وكان مجلسه لطيفا لا تخلو أحاديثه من الفكاهة، وكانت له حلقه تدريس في الفلسفة الإسلامية ممزوجة بالتصوف والعرفان، وكان يقضي الصيف في مصايف طهران بعيدا عن مدينة قم وهجيرها في كل عام، وكنت إذا ما جاء إلى طهران أزوره مرة أو مرتين في بعض السنوات وأذكر إني دعوته مرة إلى طعام الغذاء في دارنا وكان بصحبه الإمام الشيخ مرتضى الحائري وهو الآن حي يرزق في مدينة قم ومن أكبر علمائها ، وطبعا لم يلج ببالي آنذاك أن القدر سيسخر يوما ما بأمة إيران ويجعل من هذا الذي كنت اسقيه الماء والطعام بيدي الفاعل لما يشاء والحاكم لما يريد ومن ورائه دماء شامل وفناء عام ، كان هذا في صيف عام 1955 .
-37-
وتركت إيران إلى فرنسا لحصول على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون وكنت أول مجتهد يحمل الشهادة العليا في الفقه الإسلامية يسافر لطلب المعرفة الحديثة إلى أوربا حتى يكون كالسيف ذو الحدين ، وانقطعت صلتي بالخميني ولم أسمع شيئا عن أخباره طيلة السنوات الأربع التي قضيتها في أوربا، وعدت إلى إيران في عام 1959 ودخلت معامع السياسية وانتخبت من ل منطقتي نائبا في المجلس النيابي، وعندما كنت نائبا كنت أقود المعارضة ضد الحكومة والنظام، لم اسمع شيئا عن الخميني أيضا وشغلتني واجباتي عن التفكير حتى بالرجل. وتوفى الزعيم الروحي الكبير الإمام البروجردي في عام 1961 في مدينة قم وبرزت أسماء الزعماء الجدد ولم يكن في ضمنها اسم الخميني، بل كان الزعماء الجدد وكلهم إلى الآن على قيد الحياة الشريعتمداري والكلبايكاني والمرعشي .
ودارت الدوائر وإذا بالشاه يعلن تقسيم الأراضي على الدهاقين ، فانبرت للشاه فئات كثيرة في ضمنها زعماء الدين والتحق الخميني تلك المجموعة ، وأظهر من الحماس والجرأة في الكلام الكثير فاستقطب الجماهير وعلا يحمه واشتهرت صيته كما قلنا في موضع أخر من هذا الكتاب . وسجن الخميني بأمر الشاه وبرفقته الإمام القمي والإمام المحلاتي وزعماء دينيون آخرون وحصلت مجابهة دموية بين الشعب والنظام، ولم يدم سجن الخميني كثيرا فأطلق سراحه وبقي الخميني بعض الوقت رهين الإقامة الجبرية في طهران ثم عاد إلى قم واستأنف نشاطه ضد الشاه فسافر إلى تركيا لقيم في بورما وغادر تركيا إلى العراق، ليعيش في النجف رهطا من الزمان . عندما سجن الخميني ورفقائه في طهران ذهبت إلى الشاه لعلني أستطيع التوصل إلى حل بينه وبين الزعامة الدينية التي كادت تفجر البلاد، وكان اللقاء معه ساخنا
-38-
ودار حديث صريح بيننا انتهى إلى خروجي من قصر سعد آباد مأيوسا، كما كان ذلك اللقاء أحد الأسباب التي أدت إلى القطيعة الأبدية بيني وبين الشاه ومن ثم مغادرتي لإيران وما تعرضت إليه من أدى وأخيرا محاولة الاغتيال الفاشلة على يد سافاك الشاه في البصرة والتي نجوت منها بإرادة إلهية بعد أن استقرت رصاصة في ظهري واخترقت الأخرى يدي اليمنى. ولا أيريد أن أسرد هنا تفصيل الحوار مع الشاه مرة أخرى فقد نشرته في ضمن مذكراتي ( إيران في ربع قرن) ولا داعي لتكراره. والمذكرات قد طبعت في عام 1972 .
وفي صيف 1965وصل الخميني إلى العراق وكنت أنا في النجف الأشرف ورحبت به كل الترحيب واستقبلته في الكاظمية وذهبت بصحبته إلى سامراء لزيارة الإمامين العسكريين وفي الطريق كان يحدثني عن الاضطهاد الذي لاقاه في تركيا وكيف أن الأتراك أرغموه على خلق الملابس الدينية وارتداء الزي الإفرنجي إذا أراد الخروج من الدار التي كان فيها تحت الحراسة حتى لا يعرفه الناس،وجاءني انبه مصطفى بعد أيام من وصله إلى النجف يستشيرني في أمير أبيه والضيقة المالية التي يتعرض هلا، فكتبت كتابا إلى السيد عباس المهري أحد العلماء البارزين في الكويت وهو الآن حي يرزق في قم بعد أن نفته السلطات الكويتية لعلاقته بالخميني، طلبت منه مساعدة الخميني ماليا لأنه كان على صلة بالتجار الموالين للزعماء الروحيين الذين كانوا ضد الشاه ، وكانت له علاقة خاصة بالخميني، وبالفعل استجاب السيد المهري لندائي ووصلت إمداداته المالية إلى الرجل ، ومرة أخرى أكرر هنا أن الخميني لم يكن هو الزعيم الروحي الذي كان يعارض الشاه بل كان آخرون يسيرون في نفس الطريق، وكان نصيبهم السجن والعذاب والتشرد، وقد أشرنا إلى أسمائهم في مكان لاحق غير أن الخميني عندما استبد بالسلطة قضى على رفقاء النضال بصورة أخرى .
-39-
فالإمام الشريعتمداري شبه مسجون في داره والإمام الخلقالي مسجون في داره .
والإمام القمي الذي قضى 14 عاما في سجن الشاه يعيش نفس المأساة .
والإمام الزنجاني الذي قضى 7 سنوات في سجن الشاه، جالس في داره ولم يغادرها منذ سنين .
نعود إلى الحديث عن الخميني وما قدمته إليه من مساعدات وفي الفترة التي قضاها في النجف . كانا إذا ألمت به مشكلة طلب مني حلّها، ومرّات وكرات أنقذت جماعته من السجن أنهما كانوا يدخلون العراق خلسة وبصورة غير مشروعة فيلقى القبض عليهم، فكان يرجو مني أن أتدخل لدى السلطات لإنقاذهم وكان له ما يريد .
وطلب مني أبيه مصطفى أن أطلب من السلطات العراقية تدريب جماعة أبيه على استعمال السلاح في خارج النجف فكان ما أراد . وطلب السلاح فحصلت له على السلاح من السلطات أيضا .
وفي السنوات الأول من وجود في النجف كان الخميني يلاقي صعوبة ومعارضة داخلية من الحوزة العلمية التي كانت رئاستها مناطة بالإمام الحكيم المرجع الشيعي الأعلى في العراق آنذاك وكان الإمام الحكيم على صلة وثيقة بالشاه وكانت حاشيته وبعض أورده وأقربائه عملاء مأجورين للشاه يأخذون الأموال من هذا الأخير ويتعاونون مع سافاك الشاه ما استطاعوا إلى التعاون سبيلا . وكان الإمام الحكيم بطبيعة صلاته بالشاه وصلات بعض أولاده وحاشيته بالنظام الإيراني يقفون موقف الاستنكار من الخميني ونشاطه وأفكاره، وقد قال لي ابنه مصطفى ان جماعة الحكيم وبعض أولاده عندما يرون أبي في الطريق يصفحون بوجوههم عنه (*)
ـــــــــــــــــ
(*) لم أتمكن الكتابة من السطر الأخير من هذه الصفحة نفسها بسبب عدم وضوح الكتابة ، والنسخة الموجودة عندي رديئ الطباعة .
-40-
يتحدث باسم النجف والحوزة الدينية عندما كان على قيد الحياة، وشكى لي مصطفى مرة أخرى مما يلاقيه أباه من جماعة الحكيم وقال لي أنهم يصفون أبي بهادم الإسلام وهدام الحوزة العلمية، وعندما زار عباس أرام وزير خارجية الشاه النجف ظهرت صورة الإمام الحكيم واقفا بجنب الوزير في الصحف الإيرانية حتى يعرف الشعب الإيراني الذي كان يرجع أغلبيته إلى الحكيم في التقليد أن الزعامة الدينية العليا من الشاه وليس كما يقول الخميني أنها ضد الشاه، بل أن الخميني شذ عن الطريق وقد طلب مصطفى مني جماعة الحكيم فهددتهم بالويل والثبور إذا لم يقلعوا عن ملاحقة الرجل وكانوا يعلمون أن مركزي في النجف والعراق وانتسابي إلى الإمام الحكيم وكانوا لا يريدون أن يصل الأمر إلى المجابه فتركوا الخميني وشأنه .
وبدأت اكتشف الرجل ونفسيته وحبه لنفسه إلى مرحلة الجنون شيئا فشيئا أثر اللقاءات التي كانت لي معه، وقد زاد يقيني عندما صدر في كتاب إيران في ربع قرن الذي كان يحتوي على مذكراتي وكثيرا من القضايا السياسية التي عاصرتها في إيران، وقد أحدث الكتاب ضجة كبرى في وقته لأهم الأسرار التي كان يحتويها ، وكان فصل ( الزعامة الدينية ) من أهم فصول الكتاب وكشفت فيه علاقة الإمام الحكيم وجماعته بالشاه، وفي هذا الفصل ذكرت الخميني بإجلال وإكبار، وذكرت جهاده ونضاله ضد الشاه بإسهاب. وبعد صدور الكتاب بأيام زارني أحد أقربائي ليقول لي أنه يحمل رسالة شفهية من الخميني قلت بلغ . قال يقول: بلغ الدكتور موسى إني أعرف أنك ألفت هذا الكتاب لتشويه صورتي فقط وقد كنت موثقا . لقد دهشت دهشة عظيمة عندما سمعت هذا الكلام .
-41-
وقلت لمحدّثي: هل جن الرجل ؟ إن الكتاب ملئ بإجلال الرجل وإكبار دوره وعظيم منزلته في النضال، لماذا قال لك مثل هذا الكلام ؟
قال يقول: إنك كلما ذكرت اسمه ذكرت الإمام الطباطبائي القمي معه ويعتبر هذا الترديف إهانة عظيمة أه فهو يرى نفسه الزعيم الكبير الذي لا يحق لأحد أن يردف اسمه به .
قلت لمحدّثي: قل له أن الإمام الطباطبائي القمي مجتهد ومرجع مثلك، ودخل السجن برفقتك وقضى معك أشهرا في زنزانة واحدة وهو لم يزل أسير السجن منذ سبع سنوات وأنت طليق حر تنتقل في إرجاء العالم الفسيح لماذا تأنف تأبى أن يذكر اسمه معك ؟ النضال ليس احتكار لأحد، كما أن المرجعية ليست احتكارا لأحد، ثم أنت كنت مدرس الأخلاق في قم لسنوات طوال هلا تعلمت درسا واحدا من الدروس التي ألقيتها على طلابك ؟ أليس أول درس من دروس الأخلاق ( ترك الذات وحب العباد) .
وحدثت بيننا فجوة بعد تلك الرسالة الجوفاء لكنها لم تصل إلى القطيعة حتى أن حل عام 1973 فقد زارني مصطفى الخميني في بغداد وقال يطلب مساعدتي في نشر مجلة شهرية باللغة الفارسية تصدر في النجف، تنطق باسم المناضلين ويريد تسميتها ( النهضة الروحية ) وأن صحابة أبيه سيتولون نشرها في النجف إذا ما سمعت الحكومية العراقية بذلك وأخذت مصطفى معي إلى دار الشخصية المسؤولة عن شؤون اللاجئين الإيرانيين . فطرحنا عليه الفكرة وحصلت الموافقة، وعين مصطفى المشرفين على المجلة وكلهم من صحابة والده، وانفق السيد شبيب المالكي محافظة كربلاء آنذاك من ميزانية الدولة على المشرفين في إصدار المجلة المال اللازم . وصدر عددين من المجلة أو ثلاثة وإذا بأحد المشرفين عليها يزورني في الدار ويقول أن الخميني يريد أن يراك على عجل، فذهبت إلى داره وسمعت منه حديثا غريبا ..
-42-
قال أريد منك أن تغير اسم المجلة إلى آخر .
قلت : لماذا ؟
قال: لأني أنا الزعيم المسؤول عن النضال الروحي، واسم المجلة يوحي بأنها الناطقة باسمي وأنا لا أريد أن تكون لي مجلة .
قلت: ( أولا) هناك غيرك من الزعماء الروحيون الذين خاضوا عمار النضار ولم يزالوا يخضونها وبعضهم في السجن مثل الإمام الطباطبائي القمي وبعضهم في المنفى مثل الإمام الزنجاني قلت أنت الوحيد في الميدان، ( ثانيا) ابنك مصطفى هو الذي اقترح إصدار المجلة واقترح الاسم، وصدرت المجلة بناء على طلب منه . ( ثالثا) لك قناة خاصة في إذاعة بغداد اشملها النهضة الروحية، أي اسم المجلة نفسها واحد أفرادك هو الذي يشرف عليه ويبث فمنها ساعتين في كل يوم، فلماذا لم تطلب غلق القناة تلك ؟
قال: الكلام عبر الفضاء هواء في شبك أما المجلة هذه فمطبوع وملموس، والفرق كبيرين الكلام والكتابة . وبعد كلام طويل دار بيننا ومثل عادته أصر على رأيه .
فقلت: لا أستطيع تغيير اسم المجلة لأنه ليس من اللائق أن تصدر مجلة لشهرين ثم يغير اسمها لأسباب ما أنز الله بها من سلطان ، أن هذا مدعاة للسخرية والاستهزاء .
قال: إن كان كذلك فأصحابي لا يقولون إصدارها .
قلت: سيتولاها قوم آخرون، وكفى الله المؤمنين القتال .
وامتنع أصحابه بناء على أوامره من العمل في المجلة كما قال، وتولاها مناضلون آخرون وصدرت المجلة حتى العدد الثلاثين بنفس الاسم ونفس المنهج المرسوم لها .
-43-
ومنذ أن أشرف على المجلة آخرون لم يذكر الخميني ونضاله في صفحاتها الأولى كما كان يذكر عندما كانت تحت إشراف زمرته. وحصلت لي قناعة أن من الأصلح أن اقطع صلاتي بالرجل الذي سبب لي متاعب لا أستطيع تحملها ، وحصلت القطعية التي دامت لخمس سنوات لم أر فيها الخميني من القريب اللهم إلا في بعض المجالس العامة في النجف، ولم استجب الكثير من نداءات أصحابه أو ابنه لتجديد العلاقة به. وزار السيد أبو الحسن بني صدر العراق وحل في بيتي ضيفا في بغداد وحاول جاهدا أن يعيد العلاقات بيننا ، فكان آخر كلامي له ( هذا الرجل مريض بجنون العظمة، وأنه يضحي العالم وما فيه في سبيل حبه لنفسه وأنانيته ، والتعاون مع إنسان كهذا لا يخلوا من الخطورة على الفرد المجتمع ) .
قال بني صدر: أوافقك على كل ما تقوله ،ولكن نحن نحتاج إلى زعم روحي يقود النضال ضد الشاه ولا يلين في جهاده بالوعد أو الوعيد وهذا هو الخميني ولا بديل له .
قلت: حتى لو صح ما تقول فإنا لم أزل عند رأيي .
ودامت القطيعة إلى عام 1967 حيث توفى ابنه مصطفى في حادث غامض لم يعرف له سبب وكنت في بغداد عندما اتصل بي هاتفيا ممثلة العام في النجف واخبرني بوفاة مصطفى وقال أن السيد الخميني يبلغك السلام ويرجو منك في هذه الساعة العصيبة أن تقف بجانبه في عرض رجائه على رئيس الجمهورية بإصدار الأمر لدفن ابنه في الروضة الحيدرية الأمر الذي كان ممنوعا بقرار مجلس قيادة الثورة، وما إني اعتقد أن محاسبة الناس في ساعات المحنة والنكبة مغاير مع الشهامة والأخلاق، ومع أنه لم يحضر فاتحة والدتي رحمة الله عليها في النجف بسبب القطيعة بيننا، وكان من حقي أن أرفض طلبه عملا بالمثل لكني قررت تلبية رجائه فاتصلت فورا بوزير الأوقاف الدكتور الجواري وأخبرته بالحادث وبرجاء الخميني، ونقل الوزير رجاء الخميني إلى
-44-
الرئيس الرجاء واعلم المسؤولين في النجف بالقرار ودفن مصطفى حيثما أراد واتصل بي حسين الخميني وهو يقد الشكر والامتنان الجزيل. وذهبت إلى النجف عصر نفس اليوم لتقديم التعازي إلى الأب المنكوب بفقد أكبر أولاده وطبعا يفقد صديق لي في الوقت نفسه، فاستقبلني وهو حزين القلب يردد عبارات الشكر والحمد وكان ابنه أحمد حاضرا في الجلسة وهو يبكي ويقول لي لن ننسى أفضالك. وأسجل هنا للتاريخ أن السيد المصطفى إذا كان على قيد الحياة لم يجرأ الخميني أن يفعل كثير من الأفعال التي فعلها، فهو كان بالنسبة لأبيه صمام الأمان وكان والده يخشى منه ومن غضبه، وكانت زمرة الخميني تخشاه أكثر مما كانت تخشى الخميني نفسه . وبعد أن مات مصطفى بصورة غامضة أشيعت في النجف شائعة مفادها أن زمرة الخميني هي التي قتلت مصطفى حتى يفصح لهم المجال بحرية العمل فمصطفى كان يمنع أباه من القيام بعمل حاد يتنافي مع مقامه وشيخوخته، وبالفعل بعد موت مصطفى خلا الجو لأحمد وللزمرة الخمينية واستطاعت أن تلعب بعقل الشيخ العجوز لتجعل منه مهزلة القرن وأضحوكة الزمان، وقد سمعت من مصطفى أكثر من مرة كان يقول ( أبي هدام وليس بناء )، وكان إذا أغلظ أباه في الحديث ضد الشاه في خطبه وسبه وقذف عائلته كما كانت عادته منع مصطفى من تسجيل الحديث وطبعه إلا بعد حذف تلك العبارات الشانئة وكان يقول ( هذا النوع من الكلام لا يليق بمرجع دين أو زعيم أو رجل في عمر أبي ) ، إنه كلام ( المهرجين ) . ولم ألتق بالخميني بعد وفاة ابنه إلا مرة واحدة أخرى في نجف، ثم سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لغرض التفرغ العلمي في جامعة هارت فارد، وكنت في طرق العودة إلى بغداد وفي مطار أورلي في باريس صادف دخولي صالة المطار ورود الخميني صالة الداخلين،
-46-
فتصافحنا وسألته خيران إن شاء الله ؟
قال: الخير فيما وقع .
واجتمع نفر حوله كانوا في انتظاره،وبعد ذلك بشهرين كنت عائدا إلى أميركا ومارا بباريس حيث بقيت فيها أسبوعين ورأيت الخميني فيها عدة مرات، وأسجل هنا حوارين دار بيننا في آخر لقاء تم بيننا، أحد الحوارين يدل على أن الرجل من أهل الأحقاد العظام، والثاني يدل على أن الرجل مخادع مكار .
الحوار الأول /
قلت له: إني سأعود إلى طهران في القريب العاجل .
قال: لماذا تعود إلى طهران إذاً ؟
قلت: لأداء الواجب نحو الوضع الراهن .
قال: تستطيع أن تؤدي واجبك في الخارج بعقد المؤتمرات الصحفية والعمل الإعلامي .
قلت: ولكني سأعمل داخل إيران أفضل من خارجها .
قال: لا اعتقد .
قلت: ولكني سأعود على كل حال .
وسكت الرجل ووجهه مكفهر ، وانتهى الحوار .
ولما خرجت من عنده قال لي صاحبي أرأيت كيف يريد إبعادك ولا يريد عودتك إلى إيران، أن حقده عظيم عليك . وكل ما بدر منه وفاة ابنه نحوك من الرجاء والشكر والثناء كان مكرا .
قلت: لصديقي: ولا تكن في ضيقا مما يمكرون . إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون .
وأما الحوار الثاني /
سألته، ماذا يكون عقاب الشاه لو ظفر الشعب به ؟
-47-
قال: إذا لم يثبت إنه قتل أحدا من الناس مباشرتا فلا يجوز الاقتصاص منه .
قلت: وفي رقبته دماء الآلاف من أبناء الشعب .
قال: يقتص من المباشر في القتل وليس من الأمر .
أن من أعجب العجائب وأغرب الغرائب أن صاحب هذا الكلام والرأي يقتل أربعين ألف إنسان في خلال أربع أعوام من حكمه، بين فتى وفتاة والشيخ والشيخة لأنهم قالوا ( لتحيى الحرية وليسقط الاستبداد )، وصاحب هذا الرأي أيضا هو الذي أمر بقتل آلاف من الأكراد والعرب والبلوش والتركمان لأنهم قالوا ( نريد حقوقنا المشروعة والتي اغتصبت في عهد الشاه ) .
وأختم الفصل برد قضية سمعتها من ابنه مصطفى قبل بضع سنوات وأيدها الخميني عندما سألته عن صحته، قال لي مصطفى، عندما كان والدي في سجن الشاه وفي أشد الخلاف معه حكم محاكم الشاه على نفر من أنصاره بالإعدام ومنهم الطيب والحاجي رضائي لأنهما قادا التظاهرات في تأييده وقدمت جهات مختلفة التماس العفو إلى الشاه ليعفو عنهما فرض الشاه ذلك أن والدي عندما سمع ذلك قال إني مستعد أن أذهب إلى قصر الشاه وأقدم الالتماس للعفو عن هؤلاء المحكومين فيما إذا أكون على يقين بأنه يقبل التماسي ورجائي لأن فيه إنقاذ رجلين مسلمين من الموت وقد سألت الخميني عندما كان في النجف وفي مناسبة خاصة عن هذا الحديث الذي سمعته من مصطفى، فقال لقد صح ما سمعت .
هكذا كان الخميني يتظاهر بالحب والحنان نحو عباد الله وخلقه حتى إذا وصل سدة الحكم انقض عليهم كالوحش الكاسر لم يأمن من سيفه حتى الصغار من صبية والصبيان وحتى الحوامل والجرحى . لقد صدق قائل هذا البيت :
صلى وصـام لأمـر كان يطلبـه
فلما قضى الأمر لا صلى ولا صاما . ))
منقول
وهذا الكلام لأحد الروافض عن إمام الضلالة الخميني الرافضي المنافق .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
أما بعد فهذه فتوى العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في الفاجر الخميني الرافضي ودولته الخبيثة
وقد كتبها الشيخ رحمه الله بعد سؤال الدكتور بشار عواد عن الخميني وكتبه .....
وهذا نص الفتوى بخط الشيخ رحمه الله
http://abom.jeeran.com/fatwa1.jpg
((لقد كان تصور الشعب الإيراني أن الإمام الخميني قائد المسيرة ومرشد ثورته له خصال السابقين من مراجع الإسلام ولم يمر بخلده قط أن هذا الإمام بعيد عن الرحمة قريب إلى الشر إذ قتل أسرف في القتل، وإذا أسرف في القتل لم يأبى سيفه من قطع رقاب الصغار من الفتيات والشباب من الفتان، وقد قتل في غضون ثلاثة أشهر من عمر الزمان الثلاثة آلاف شاب مسلم وشابة مسلمة لأنهم قالوا كلمة واحدة
( الموت للخميني ) .
ولست أدري كسف يلقي الخميني ربه وفي رقبته من دماء المسلمين ما لا تعد ولا تحصى . وأعود الآن إلى بيت القصيد من هذا الفصل وأذكر معرفتي بالخميني منذ كان مغمورا في مدينة قم ، لا يعرفه أحدا إلى أن أصبح مشهورا يعرف اسمه كل واحد .
كنت إذا زرت مدينة قم التقيت بالخميني في قارعة الطريق أو في دار أحد الأصدقاء وكان مجلسه لطيفا لا تخلو أحاديثه من الفكاهة، وكانت له حلقه تدريس في الفلسفة الإسلامية ممزوجة بالتصوف والعرفان، وكان يقضي الصيف في مصايف طهران بعيدا عن مدينة قم وهجيرها في كل عام، وكنت إذا ما جاء إلى طهران أزوره مرة أو مرتين في بعض السنوات وأذكر إني دعوته مرة إلى طعام الغذاء في دارنا وكان بصحبه الإمام الشيخ مرتضى الحائري وهو الآن حي يرزق في مدينة قم ومن أكبر علمائها ، وطبعا لم يلج ببالي آنذاك أن القدر سيسخر يوما ما بأمة إيران ويجعل من هذا الذي كنت اسقيه الماء والطعام بيدي الفاعل لما يشاء والحاكم لما يريد ومن ورائه دماء شامل وفناء عام ، كان هذا في صيف عام 1955 .
-37-
وتركت إيران إلى فرنسا لحصول على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون وكنت أول مجتهد يحمل الشهادة العليا في الفقه الإسلامية يسافر لطلب المعرفة الحديثة إلى أوربا حتى يكون كالسيف ذو الحدين ، وانقطعت صلتي بالخميني ولم أسمع شيئا عن أخباره طيلة السنوات الأربع التي قضيتها في أوربا، وعدت إلى إيران في عام 1959 ودخلت معامع السياسية وانتخبت من ل منطقتي نائبا في المجلس النيابي، وعندما كنت نائبا كنت أقود المعارضة ضد الحكومة والنظام، لم اسمع شيئا عن الخميني أيضا وشغلتني واجباتي عن التفكير حتى بالرجل. وتوفى الزعيم الروحي الكبير الإمام البروجردي في عام 1961 في مدينة قم وبرزت أسماء الزعماء الجدد ولم يكن في ضمنها اسم الخميني، بل كان الزعماء الجدد وكلهم إلى الآن على قيد الحياة الشريعتمداري والكلبايكاني والمرعشي .
ودارت الدوائر وإذا بالشاه يعلن تقسيم الأراضي على الدهاقين ، فانبرت للشاه فئات كثيرة في ضمنها زعماء الدين والتحق الخميني تلك المجموعة ، وأظهر من الحماس والجرأة في الكلام الكثير فاستقطب الجماهير وعلا يحمه واشتهرت صيته كما قلنا في موضع أخر من هذا الكتاب . وسجن الخميني بأمر الشاه وبرفقته الإمام القمي والإمام المحلاتي وزعماء دينيون آخرون وحصلت مجابهة دموية بين الشعب والنظام، ولم يدم سجن الخميني كثيرا فأطلق سراحه وبقي الخميني بعض الوقت رهين الإقامة الجبرية في طهران ثم عاد إلى قم واستأنف نشاطه ضد الشاه فسافر إلى تركيا لقيم في بورما وغادر تركيا إلى العراق، ليعيش في النجف رهطا من الزمان . عندما سجن الخميني ورفقائه في طهران ذهبت إلى الشاه لعلني أستطيع التوصل إلى حل بينه وبين الزعامة الدينية التي كادت تفجر البلاد، وكان اللقاء معه ساخنا
-38-
ودار حديث صريح بيننا انتهى إلى خروجي من قصر سعد آباد مأيوسا، كما كان ذلك اللقاء أحد الأسباب التي أدت إلى القطيعة الأبدية بيني وبين الشاه ومن ثم مغادرتي لإيران وما تعرضت إليه من أدى وأخيرا محاولة الاغتيال الفاشلة على يد سافاك الشاه في البصرة والتي نجوت منها بإرادة إلهية بعد أن استقرت رصاصة في ظهري واخترقت الأخرى يدي اليمنى. ولا أيريد أن أسرد هنا تفصيل الحوار مع الشاه مرة أخرى فقد نشرته في ضمن مذكراتي ( إيران في ربع قرن) ولا داعي لتكراره. والمذكرات قد طبعت في عام 1972 .
وفي صيف 1965وصل الخميني إلى العراق وكنت أنا في النجف الأشرف ورحبت به كل الترحيب واستقبلته في الكاظمية وذهبت بصحبته إلى سامراء لزيارة الإمامين العسكريين وفي الطريق كان يحدثني عن الاضطهاد الذي لاقاه في تركيا وكيف أن الأتراك أرغموه على خلق الملابس الدينية وارتداء الزي الإفرنجي إذا أراد الخروج من الدار التي كان فيها تحت الحراسة حتى لا يعرفه الناس،وجاءني انبه مصطفى بعد أيام من وصله إلى النجف يستشيرني في أمير أبيه والضيقة المالية التي يتعرض هلا، فكتبت كتابا إلى السيد عباس المهري أحد العلماء البارزين في الكويت وهو الآن حي يرزق في قم بعد أن نفته السلطات الكويتية لعلاقته بالخميني، طلبت منه مساعدة الخميني ماليا لأنه كان على صلة بالتجار الموالين للزعماء الروحيين الذين كانوا ضد الشاه ، وكانت له علاقة خاصة بالخميني، وبالفعل استجاب السيد المهري لندائي ووصلت إمداداته المالية إلى الرجل ، ومرة أخرى أكرر هنا أن الخميني لم يكن هو الزعيم الروحي الذي كان يعارض الشاه بل كان آخرون يسيرون في نفس الطريق، وكان نصيبهم السجن والعذاب والتشرد، وقد أشرنا إلى أسمائهم في مكان لاحق غير أن الخميني عندما استبد بالسلطة قضى على رفقاء النضال بصورة أخرى .
-39-
فالإمام الشريعتمداري شبه مسجون في داره والإمام الخلقالي مسجون في داره .
والإمام القمي الذي قضى 14 عاما في سجن الشاه يعيش نفس المأساة .
والإمام الزنجاني الذي قضى 7 سنوات في سجن الشاه، جالس في داره ولم يغادرها منذ سنين .
نعود إلى الحديث عن الخميني وما قدمته إليه من مساعدات وفي الفترة التي قضاها في النجف . كانا إذا ألمت به مشكلة طلب مني حلّها، ومرّات وكرات أنقذت جماعته من السجن أنهما كانوا يدخلون العراق خلسة وبصورة غير مشروعة فيلقى القبض عليهم، فكان يرجو مني أن أتدخل لدى السلطات لإنقاذهم وكان له ما يريد .
وطلب مني أبيه مصطفى أن أطلب من السلطات العراقية تدريب جماعة أبيه على استعمال السلاح في خارج النجف فكان ما أراد . وطلب السلاح فحصلت له على السلاح من السلطات أيضا .
وفي السنوات الأول من وجود في النجف كان الخميني يلاقي صعوبة ومعارضة داخلية من الحوزة العلمية التي كانت رئاستها مناطة بالإمام الحكيم المرجع الشيعي الأعلى في العراق آنذاك وكان الإمام الحكيم على صلة وثيقة بالشاه وكانت حاشيته وبعض أورده وأقربائه عملاء مأجورين للشاه يأخذون الأموال من هذا الأخير ويتعاونون مع سافاك الشاه ما استطاعوا إلى التعاون سبيلا . وكان الإمام الحكيم بطبيعة صلاته بالشاه وصلات بعض أولاده وحاشيته بالنظام الإيراني يقفون موقف الاستنكار من الخميني ونشاطه وأفكاره، وقد قال لي ابنه مصطفى ان جماعة الحكيم وبعض أولاده عندما يرون أبي في الطريق يصفحون بوجوههم عنه (*)
ـــــــــــــــــ
(*) لم أتمكن الكتابة من السطر الأخير من هذه الصفحة نفسها بسبب عدم وضوح الكتابة ، والنسخة الموجودة عندي رديئ الطباعة .
-40-
يتحدث باسم النجف والحوزة الدينية عندما كان على قيد الحياة، وشكى لي مصطفى مرة أخرى مما يلاقيه أباه من جماعة الحكيم وقال لي أنهم يصفون أبي بهادم الإسلام وهدام الحوزة العلمية، وعندما زار عباس أرام وزير خارجية الشاه النجف ظهرت صورة الإمام الحكيم واقفا بجنب الوزير في الصحف الإيرانية حتى يعرف الشعب الإيراني الذي كان يرجع أغلبيته إلى الحكيم في التقليد أن الزعامة الدينية العليا من الشاه وليس كما يقول الخميني أنها ضد الشاه، بل أن الخميني شذ عن الطريق وقد طلب مصطفى مني جماعة الحكيم فهددتهم بالويل والثبور إذا لم يقلعوا عن ملاحقة الرجل وكانوا يعلمون أن مركزي في النجف والعراق وانتسابي إلى الإمام الحكيم وكانوا لا يريدون أن يصل الأمر إلى المجابه فتركوا الخميني وشأنه .
وبدأت اكتشف الرجل ونفسيته وحبه لنفسه إلى مرحلة الجنون شيئا فشيئا أثر اللقاءات التي كانت لي معه، وقد زاد يقيني عندما صدر في كتاب إيران في ربع قرن الذي كان يحتوي على مذكراتي وكثيرا من القضايا السياسية التي عاصرتها في إيران، وقد أحدث الكتاب ضجة كبرى في وقته لأهم الأسرار التي كان يحتويها ، وكان فصل ( الزعامة الدينية ) من أهم فصول الكتاب وكشفت فيه علاقة الإمام الحكيم وجماعته بالشاه، وفي هذا الفصل ذكرت الخميني بإجلال وإكبار، وذكرت جهاده ونضاله ضد الشاه بإسهاب. وبعد صدور الكتاب بأيام زارني أحد أقربائي ليقول لي أنه يحمل رسالة شفهية من الخميني قلت بلغ . قال يقول: بلغ الدكتور موسى إني أعرف أنك ألفت هذا الكتاب لتشويه صورتي فقط وقد كنت موثقا . لقد دهشت دهشة عظيمة عندما سمعت هذا الكلام .
-41-
وقلت لمحدّثي: هل جن الرجل ؟ إن الكتاب ملئ بإجلال الرجل وإكبار دوره وعظيم منزلته في النضال، لماذا قال لك مثل هذا الكلام ؟
قال يقول: إنك كلما ذكرت اسمه ذكرت الإمام الطباطبائي القمي معه ويعتبر هذا الترديف إهانة عظيمة أه فهو يرى نفسه الزعيم الكبير الذي لا يحق لأحد أن يردف اسمه به .
قلت لمحدّثي: قل له أن الإمام الطباطبائي القمي مجتهد ومرجع مثلك، ودخل السجن برفقتك وقضى معك أشهرا في زنزانة واحدة وهو لم يزل أسير السجن منذ سبع سنوات وأنت طليق حر تنتقل في إرجاء العالم الفسيح لماذا تأنف تأبى أن يذكر اسمه معك ؟ النضال ليس احتكار لأحد، كما أن المرجعية ليست احتكارا لأحد، ثم أنت كنت مدرس الأخلاق في قم لسنوات طوال هلا تعلمت درسا واحدا من الدروس التي ألقيتها على طلابك ؟ أليس أول درس من دروس الأخلاق ( ترك الذات وحب العباد) .
وحدثت بيننا فجوة بعد تلك الرسالة الجوفاء لكنها لم تصل إلى القطيعة حتى أن حل عام 1973 فقد زارني مصطفى الخميني في بغداد وقال يطلب مساعدتي في نشر مجلة شهرية باللغة الفارسية تصدر في النجف، تنطق باسم المناضلين ويريد تسميتها ( النهضة الروحية ) وأن صحابة أبيه سيتولون نشرها في النجف إذا ما سمعت الحكومية العراقية بذلك وأخذت مصطفى معي إلى دار الشخصية المسؤولة عن شؤون اللاجئين الإيرانيين . فطرحنا عليه الفكرة وحصلت الموافقة، وعين مصطفى المشرفين على المجلة وكلهم من صحابة والده، وانفق السيد شبيب المالكي محافظة كربلاء آنذاك من ميزانية الدولة على المشرفين في إصدار المجلة المال اللازم . وصدر عددين من المجلة أو ثلاثة وإذا بأحد المشرفين عليها يزورني في الدار ويقول أن الخميني يريد أن يراك على عجل، فذهبت إلى داره وسمعت منه حديثا غريبا ..
-42-
قال أريد منك أن تغير اسم المجلة إلى آخر .
قلت : لماذا ؟
قال: لأني أنا الزعيم المسؤول عن النضال الروحي، واسم المجلة يوحي بأنها الناطقة باسمي وأنا لا أريد أن تكون لي مجلة .
قلت: ( أولا) هناك غيرك من الزعماء الروحيون الذين خاضوا عمار النضار ولم يزالوا يخضونها وبعضهم في السجن مثل الإمام الطباطبائي القمي وبعضهم في المنفى مثل الإمام الزنجاني قلت أنت الوحيد في الميدان، ( ثانيا) ابنك مصطفى هو الذي اقترح إصدار المجلة واقترح الاسم، وصدرت المجلة بناء على طلب منه . ( ثالثا) لك قناة خاصة في إذاعة بغداد اشملها النهضة الروحية، أي اسم المجلة نفسها واحد أفرادك هو الذي يشرف عليه ويبث فمنها ساعتين في كل يوم، فلماذا لم تطلب غلق القناة تلك ؟
قال: الكلام عبر الفضاء هواء في شبك أما المجلة هذه فمطبوع وملموس، والفرق كبيرين الكلام والكتابة . وبعد كلام طويل دار بيننا ومثل عادته أصر على رأيه .
فقلت: لا أستطيع تغيير اسم المجلة لأنه ليس من اللائق أن تصدر مجلة لشهرين ثم يغير اسمها لأسباب ما أنز الله بها من سلطان ، أن هذا مدعاة للسخرية والاستهزاء .
قال: إن كان كذلك فأصحابي لا يقولون إصدارها .
قلت: سيتولاها قوم آخرون، وكفى الله المؤمنين القتال .
وامتنع أصحابه بناء على أوامره من العمل في المجلة كما قال، وتولاها مناضلون آخرون وصدرت المجلة حتى العدد الثلاثين بنفس الاسم ونفس المنهج المرسوم لها .
-43-
ومنذ أن أشرف على المجلة آخرون لم يذكر الخميني ونضاله في صفحاتها الأولى كما كان يذكر عندما كانت تحت إشراف زمرته. وحصلت لي قناعة أن من الأصلح أن اقطع صلاتي بالرجل الذي سبب لي متاعب لا أستطيع تحملها ، وحصلت القطعية التي دامت لخمس سنوات لم أر فيها الخميني من القريب اللهم إلا في بعض المجالس العامة في النجف، ولم استجب الكثير من نداءات أصحابه أو ابنه لتجديد العلاقة به. وزار السيد أبو الحسن بني صدر العراق وحل في بيتي ضيفا في بغداد وحاول جاهدا أن يعيد العلاقات بيننا ، فكان آخر كلامي له ( هذا الرجل مريض بجنون العظمة، وأنه يضحي العالم وما فيه في سبيل حبه لنفسه وأنانيته ، والتعاون مع إنسان كهذا لا يخلوا من الخطورة على الفرد المجتمع ) .
قال بني صدر: أوافقك على كل ما تقوله ،ولكن نحن نحتاج إلى زعم روحي يقود النضال ضد الشاه ولا يلين في جهاده بالوعد أو الوعيد وهذا هو الخميني ولا بديل له .
قلت: حتى لو صح ما تقول فإنا لم أزل عند رأيي .
ودامت القطيعة إلى عام 1967 حيث توفى ابنه مصطفى في حادث غامض لم يعرف له سبب وكنت في بغداد عندما اتصل بي هاتفيا ممثلة العام في النجف واخبرني بوفاة مصطفى وقال أن السيد الخميني يبلغك السلام ويرجو منك في هذه الساعة العصيبة أن تقف بجانبه في عرض رجائه على رئيس الجمهورية بإصدار الأمر لدفن ابنه في الروضة الحيدرية الأمر الذي كان ممنوعا بقرار مجلس قيادة الثورة، وما إني اعتقد أن محاسبة الناس في ساعات المحنة والنكبة مغاير مع الشهامة والأخلاق، ومع أنه لم يحضر فاتحة والدتي رحمة الله عليها في النجف بسبب القطيعة بيننا، وكان من حقي أن أرفض طلبه عملا بالمثل لكني قررت تلبية رجائه فاتصلت فورا بوزير الأوقاف الدكتور الجواري وأخبرته بالحادث وبرجاء الخميني، ونقل الوزير رجاء الخميني إلى
-44-
الرئيس الرجاء واعلم المسؤولين في النجف بالقرار ودفن مصطفى حيثما أراد واتصل بي حسين الخميني وهو يقد الشكر والامتنان الجزيل. وذهبت إلى النجف عصر نفس اليوم لتقديم التعازي إلى الأب المنكوب بفقد أكبر أولاده وطبعا يفقد صديق لي في الوقت نفسه، فاستقبلني وهو حزين القلب يردد عبارات الشكر والحمد وكان ابنه أحمد حاضرا في الجلسة وهو يبكي ويقول لي لن ننسى أفضالك. وأسجل هنا للتاريخ أن السيد المصطفى إذا كان على قيد الحياة لم يجرأ الخميني أن يفعل كثير من الأفعال التي فعلها، فهو كان بالنسبة لأبيه صمام الأمان وكان والده يخشى منه ومن غضبه، وكانت زمرة الخميني تخشاه أكثر مما كانت تخشى الخميني نفسه . وبعد أن مات مصطفى بصورة غامضة أشيعت في النجف شائعة مفادها أن زمرة الخميني هي التي قتلت مصطفى حتى يفصح لهم المجال بحرية العمل فمصطفى كان يمنع أباه من القيام بعمل حاد يتنافي مع مقامه وشيخوخته، وبالفعل بعد موت مصطفى خلا الجو لأحمد وللزمرة الخمينية واستطاعت أن تلعب بعقل الشيخ العجوز لتجعل منه مهزلة القرن وأضحوكة الزمان، وقد سمعت من مصطفى أكثر من مرة كان يقول ( أبي هدام وليس بناء )، وكان إذا أغلظ أباه في الحديث ضد الشاه في خطبه وسبه وقذف عائلته كما كانت عادته منع مصطفى من تسجيل الحديث وطبعه إلا بعد حذف تلك العبارات الشانئة وكان يقول ( هذا النوع من الكلام لا يليق بمرجع دين أو زعيم أو رجل في عمر أبي ) ، إنه كلام ( المهرجين ) . ولم ألتق بالخميني بعد وفاة ابنه إلا مرة واحدة أخرى في نجف، ثم سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لغرض التفرغ العلمي في جامعة هارت فارد، وكنت في طرق العودة إلى بغداد وفي مطار أورلي في باريس صادف دخولي صالة المطار ورود الخميني صالة الداخلين،
-46-
فتصافحنا وسألته خيران إن شاء الله ؟
قال: الخير فيما وقع .
واجتمع نفر حوله كانوا في انتظاره،وبعد ذلك بشهرين كنت عائدا إلى أميركا ومارا بباريس حيث بقيت فيها أسبوعين ورأيت الخميني فيها عدة مرات، وأسجل هنا حوارين دار بيننا في آخر لقاء تم بيننا، أحد الحوارين يدل على أن الرجل من أهل الأحقاد العظام، والثاني يدل على أن الرجل مخادع مكار .
الحوار الأول /
قلت له: إني سأعود إلى طهران في القريب العاجل .
قال: لماذا تعود إلى طهران إذاً ؟
قلت: لأداء الواجب نحو الوضع الراهن .
قال: تستطيع أن تؤدي واجبك في الخارج بعقد المؤتمرات الصحفية والعمل الإعلامي .
قلت: ولكني سأعمل داخل إيران أفضل من خارجها .
قال: لا اعتقد .
قلت: ولكني سأعود على كل حال .
وسكت الرجل ووجهه مكفهر ، وانتهى الحوار .
ولما خرجت من عنده قال لي صاحبي أرأيت كيف يريد إبعادك ولا يريد عودتك إلى إيران، أن حقده عظيم عليك . وكل ما بدر منه وفاة ابنه نحوك من الرجاء والشكر والثناء كان مكرا .
قلت: لصديقي: ولا تكن في ضيقا مما يمكرون . إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون .
وأما الحوار الثاني /
سألته، ماذا يكون عقاب الشاه لو ظفر الشعب به ؟
-47-
قال: إذا لم يثبت إنه قتل أحدا من الناس مباشرتا فلا يجوز الاقتصاص منه .
قلت: وفي رقبته دماء الآلاف من أبناء الشعب .
قال: يقتص من المباشر في القتل وليس من الأمر .
أن من أعجب العجائب وأغرب الغرائب أن صاحب هذا الكلام والرأي يقتل أربعين ألف إنسان في خلال أربع أعوام من حكمه، بين فتى وفتاة والشيخ والشيخة لأنهم قالوا ( لتحيى الحرية وليسقط الاستبداد )، وصاحب هذا الرأي أيضا هو الذي أمر بقتل آلاف من الأكراد والعرب والبلوش والتركمان لأنهم قالوا ( نريد حقوقنا المشروعة والتي اغتصبت في عهد الشاه ) .
وأختم الفصل برد قضية سمعتها من ابنه مصطفى قبل بضع سنوات وأيدها الخميني عندما سألته عن صحته، قال لي مصطفى، عندما كان والدي في سجن الشاه وفي أشد الخلاف معه حكم محاكم الشاه على نفر من أنصاره بالإعدام ومنهم الطيب والحاجي رضائي لأنهما قادا التظاهرات في تأييده وقدمت جهات مختلفة التماس العفو إلى الشاه ليعفو عنهما فرض الشاه ذلك أن والدي عندما سمع ذلك قال إني مستعد أن أذهب إلى قصر الشاه وأقدم الالتماس للعفو عن هؤلاء المحكومين فيما إذا أكون على يقين بأنه يقبل التماسي ورجائي لأن فيه إنقاذ رجلين مسلمين من الموت وقد سألت الخميني عندما كان في النجف وفي مناسبة خاصة عن هذا الحديث الذي سمعته من مصطفى، فقال لقد صح ما سمعت .
هكذا كان الخميني يتظاهر بالحب والحنان نحو عباد الله وخلقه حتى إذا وصل سدة الحكم انقض عليهم كالوحش الكاسر لم يأمن من سيفه حتى الصغار من صبية والصبيان وحتى الحوامل والجرحى . لقد صدق قائل هذا البيت :
صلى وصـام لأمـر كان يطلبـه
فلما قضى الأمر لا صلى ولا صاما . ))
منقول
وهذا الكلام لأحد الروافض عن إمام الضلالة الخميني الرافضي المنافق .