المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحذير الرشيد من خطر الكتاب الموسوم بمغني المريد الجامع لشروح كتاب التوحيد


كيف حالك ؟

أبي التياح الضبعي
04-06-2004, 09:30 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
--------------------------------------------------------------------------------




الحمد لله الحميد المجيد، أحمده سبحانه على أن هدانا للتوحيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:

فإني قد اطلعت على الكتاب الموسوم بـ (مغني المريد الجامع لشروح كتاب التوحيد) أو في ص7 (مغني المريد شرح كتاب التوحيد) ووجدت فيه ما يخالف الاسم لفظاً ومعنى، وهذا بالنظر إلى بعض ما فيه، وإلا فإن الكتاب ضخم كبير ولو تُتُبِّع لوجد فيه الشيء الكثير من الطامات والعديد من الضلالات، وهذه الأخطاء التي وقفت عليها قسمتها إلى قسمين:

الأول: أخطاء منهجية، وأذكر منها:

1- أنه ذكر عنوان الكتاب بأنه مغني المريد الجامع لشروح كتاب التوحيد، فالذي يقرأ العنوان يظن أن المؤلف يذكر ما ذكره شراح كتاب التوحيد، ويجمع كلامهم، ولا يفهم من العنوان أن للمؤلف فيه كلاماً بينما الكتاب، نصفه بل ثلثاه ليس من كلام شراح كتاب التوحيد، فهو إما أنه من كلام من سبق الإمام محمد بن عبد الوهاب وهؤلاء لا يتصور منهم أن يشرحوا الكتاب، أو من كلام الجامع ومنه ما هو من كلام غيره من أهل الجهالات والضلالات، فالكتاب من الناحية المنهجية ليس جامعاً لشروح كتاب التوحيد.


2- أنه قال في المقدمة ص5:"أصبح (أي الناس) أمام هذه الشروح مشتت (هكذا) وشارد، فأحببت أن أسعفهم بمرادهم على حسب طاقتي" ؟
فهل شروح كتاب التوحيد يتشتت أمامها الطلاب، وتشرد أذهانهم، أم أن كل واحد منها علم في بابه، ومستوفٍ لمقصوده الذي من أجله ألف، فليس بين الشروح تناقض ولا تنافر، بل بعضها يؤكد بعضاً ويكمله .
وما فعله الكاتب هو الذي يؤدي إلى التتشتت حيث إنه كثيراً ما يورد على الآيات والأحاديث إشكالات تحير البريات ثم يحاول الجواب عنها فيتشتت القارئ ويشرد ذهنه ويتحير فكره ويتشوش، وانظر على سبيل المثال (ج2/ص543و545) حيث قال:" إشكالات في الآية وأجوبتها " .
فهذه الشروح التي لها منزلة عند أهل السنة هل يقال عنها إنها تشتت أذهان الطلبة؟!


3- طعنه في الكتاب وما قاله الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - من حيث يشعر أو لا يشعر، إذ قال في (ج1/ص6):" واتبعت طريقتهم (أي طريقة الشراح) في التنبيه على بعض ما تضمنه الكتاب من بعض أنواع التوحيد " !!
فيفهم من عبارته اقتصار كتاب التوحيد على بعض أنواع التوحيد دون بعض أو إغفاله، فلماذا إذاً سمى الإمام هذا الكتاب بكتاب التوحيد، أليس لأنه متضمنٌ التوحيد كله ؟!
هذا من وجه، ومن وجه آخر لم يسبقه إلى مثل هذا القول من شراح كتاب التوحيد، بدءً من الشيخ سليمان إلى الشيخ محمد بن عثيمين فيمن ذكرهم - رحمهم الله جميعاً - فكلهم أثنوا على هذا الكتاب ولم يوجه إليه أن فيه بعض أنواع التوحيد .
وقال في (ج1/ص239) معلقاً على قول الإمام (المسألة السابعة: أن عبادة الله لا تحصل إلا بالكفر بالطاغوت) : " فلو كان تكفير الطواغيت أو تكفير من لم يكفرهم أو شك في كفرهم من أصل الدين لم يتوان طاووس في تكفير أهل العراق " .
وقول طاووس هو: (عجباً لإخواننا من أهل العراق يسمون الحجاج مؤمناً) .
أقول: انظر كيف لم يفرق بين الطاغوت المجمع على كفره، وبين المختلف في تكفيره لمانع يراه بعض المجتهدين أو القضاة، وهذا مخالف لما نص عليه الإمام محمد كما نقله الكاتب .
فالكفر بالطاغوت شيء والتكفير شيء آخر ولا يجوز الخلط بينهما، وقول الإمام محمد واضح وبين ولكن الاستدراك بشيء لم يذكره الشراح واستدركه الجامع زعماً .


4- قال في مقدمة كتابه ص6 : "ثم أكِرُّ على شرح الأدلة التي أوردها المصنف من الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة (ثم قال) بأن نبدأ التفسير بالقرآن ثم بالسنة ثم بفهم سلف الأمة حتى يتبين المطلوب خير بيان ، مستعيناً في ذلك بأمهات التفسير من لدن الطبري وابن أبي حاتم إلى ابن كثير حتى أضواء البيان وبين ذلك من كتب تفسير القرآن الكثير" .
والملاحظة على هذا الكلام من عدة أوجه:

أ- أنه شرح آيات الحاكمية وغيرها بفهم سيد قطب كما سيأتي.

ب- ذكر أنه يفسر من أمهات التفسير وذكر التفاسير المرضية منها، ولكنه لم يكتف بها بل نقل عن كثير من الضُّلال منهم: الزمخشري المعتزلي، والرازي الأشعري الفيلسوف، ونقل عن ظلال القرآن الذي جمع البدع وزعم أنه ليس فيه تأويلات حيث قال: "ظلال القرآن مع التنبيه على ما يفهم منه التأويل أو الخطأ في الدليل لا المدلول أحياناً ".
فماذا يفهم القارئ من هذه العبارة ، سوى براءة سيد قطب من التأويل ؟!
وهاك مثالاً على تأويل صاحب الظلال كي تفهم أن عبارة عبد المنعم إبراهيم خاطئة، بل هي تغطية على تأويلات وضلالات صاحب الظلال، قال صاحب الظلال في آية البقرة: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء) الآية، قال:
" ولا مجال للخوض في معنى الاستواء إلا بأنه رمز السيطرة والقصد بإرادة الخلق والتكوين " .(الظلال ج1/ص54) .
وقال في آية الأعراف: (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش) الآية :" والاستواء على العرش كناية عن مقام السيطرة العلوية الثابتة الراسخة، باللغة التي يفهمها البشر ويتمثلون بها المعاني على طريقة القرآن في التصوير كما فصلنا هذا في فصل التخييل الحسي والتجسيم من كتاب التصوير الفني في القرآن " (الظلال ج3/ص1762) .
فهل ثمت تأويل أعظم من هذا ؟!
وهل هذه هي أمهات التفسير ؟ وهل نقل شراح كتاب التوحيد عن الزمخشري أو الرازي أو سيد قطب في العقيدة ؟!

ج- أن أمهات التفسير وما فيها من فهم سلف الأمة كافٍ في الدلالة على المقصود وبيان المراد، فلم الرجوع إلى تفاسير أهل البدع وأئمة الضلال ؟
أليست التفاسير السلفية مغنية، أم أن وراء الأكمة ما وراءها !!
والسلفي متيقن بأنه ما من حق إلا وهو عند أهل الحق وأما أهل البدع فإن ما عندهم من حق لا يكون إلا ملبساً بالباطل أو بشيءٍ منه، وقليل من يتنبه إلى هذا .


5- قال في المقدمة ص7 :" ليس لي فيها من عمل سوى الجمع ثم الترتيب ثم التعبير ثم التلخيص " .
وهذا الذي قاله جيد لو خلا من جمع أقوال أئمة البدع مع أئمة الهدى وترتيب أقوال المبتدعة مع أقوال أهل السنة كأن الكل على الجادة، وسأذكر أمثلة لذلك .


6- قوله في وصف من نقل عنهم (ج1/ص8) أنهم:" أهل الفضل والفضيلة والرتب الرفيعة، نجوم الهدى، رجوم العدى، أمناء الله على حفظ دينه وسنة نبيه، الذين هم عُمَدٌ في هذا الفن " .
وهذا الكلام كان يستقيم لو كان المنقول في الكتاب كله عن أهل السنة فقط، أما وإنه نقل عن أئمة الضلالة وصفَّهم في مصافِّ أئمة الهدى ورتبهم ترتيباً واحداً، فهذا الذي ينقم عليه، كيف يوصف الغزالي والرازي والزمخشري وسيد قطب بمثل هذا الكلام، وهل هؤلاء وأمثالهم من نجوم الهدى ورجوم العدى..الخ ؟


7- نقله عن أهل البدع في الكتاب، ومعلوم أن أهل البدع ليس عندهم التوحيد إلا بما يفهمونه هم، فالزمخشري إذا قال التوحيد فهو يقصد نفي الصفات عن الله تعالى، والرازي إذا قال التوحيد فهو يقصد توحيد الربوبية، وسيد قطب إذا قال التوحيد فهو يقصد توحيد الحاكية، فكيف ينقل في شرح كتاب الإمام المجدد كلام من لا يعرف توحيد العبادة، بل يناقضها زيادة على ضلالاتهم التي عندهم .
ثم إن النقل عن أهل البدع يعني أن علم السلف ليس شافياً ولا كافياً، وهذا والله لا يقوله إلا جاهل أو مغرض .
وقد عددت المواضع التي نقل فيها عن الزمخشري والرازي فكانت أكثر من النقل الذي كان عن الأئمة كالشيخ سليمان في التيسير والشيخ ابن باز وأمثالهما من أئمة الهدى، فكلام الرازي في الكتاب كثير وكذا الزمخشري، وإن زعم هو أنه يحترز من ضلالاتهم إلا أنه وقع في نقل ضلالات وطوام عن هؤلاء دون أن يُنَبِّه عليها، وسيأتي أمثلة لذلك.
نقل عن سيد قطب وحده أكثر من ستين موضعاً وفي كلامه ما فيه وإن ادعى هو زوراً وبهتاناً أنه ليس في تفسيره التأويل المحض وإنما قد يفهم من كتابه ذلك!
ونقل عن صفوة التفاسير للصابوني، وصلاح الصاوي في كتابه المليء بالانحراف وهو كتاب الثوابت والمتغيرات .


8- نشط الكاتب في تخريج أحاديث كتاب التوحيد وقد ضعف بعض الأحاديث مع أنه يذكر في الشرح أحاديث ولا يحكم عليها، وهي ضعيفة، ويحيل الأحاديث إلى كتبه ولو كانت الأحاديث في الصحيحين، فيقول مثلاً: متفق عليه، ويحيل ثم يقول: وانظر رياض الصالحين بتخريجنا، وهذا كثير .
وأيضاً يورد أحاديث مستشهداً بها مع أنه يقرُّ بضعفها، وهذا في مواضع كثيرة .

القسم الثاني: الأخطاء العلمية، وهي كثيرة لكن أنقل منها ما أمكنني نقله في هذه العجالة، ولو تتبع الكتاب بالنقد لألف فيه مجلد، ومن هذه الضلالات والأخطاء:

1- قال في (ج1/ص14) في تعريف موضوع علم التوحيد : " موضوعه: الكلام على ذات الله من حيث ما يتصف به، وما يتنزه عنه، ومن حيث ما يجب له…" .
أقول: هذا الكلام منقول بمعناه من كلام المتكلمين من المعتزلة والأشاعرة الذين هم أهل المنطق لا أهل القرآن والأثر.
وبنظرة عابرة إلى كتبهم يتبين لك هذا، فهم لا يعرفون الله إلا من حيث الكلام على ذاته وما يتصف به وما يتنزه عنه وما يجب له، ويقصدون بـ "ما يجب له " معنى : ما يجب له من اثبات الصفات ونفيها ونحو ذلك من عباراتهم، ولا يعنون بقولهم "ما يجب له" : العبادة؛ لأن التوحيد عندهم هو الربوبية فقط لا الألوهية .


2- قال في (ج1/ص189) بعد ذكر قول عبد المطلب في دعائه ربه أن يحمي البيت من أبرهة حيث قال :"فكان عند هؤلاء المشركين إيمان واعتقاد وتوحيد - واللهِ - أعظم من كثير من السلاطين والأمراء حينما تنتهك حرمات المسلمين ومقدساتهم، لم نسمع أن أحدهم دعا الله عز وجل أن يمنع هذه المقدسات من أولاد القردة والخنازير، كما لجأ جد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الله في وقت الشدة " .
وهذا الكلام ضلاله بين، حيث زعم أن إيمان واعتقاد وتوحيد مشركي قريش أعظم من إيمان كثير من السلاطين والأمراء في هذا العصر، بل وحلف على ذلك، فواعجباً كيف يجعل من يقول لا إله إلا الله ويقر بالشرع - ولو كان عنده معاصي وبدع وشرك أصغر - دون من عنده الشرك الأكبر؟ .
ثم ما يدريك أنهم لا يطلبون من الله، أتريد من الحكام أن يجأروا بالدعاء أمامك حتى تدري ؟ فهذا الكلام يدل على التكفير الصريح للحكام دون استثناء، بل وجعل مشركي قريش أفضل من حكام المسلمين !!


3- من الأخطاء البينة في الكتاب، والضلالات الواضحة نقله لكلام أهل البدع وعدم التنبيه إلى أنه ضلال، وأذكر مثالاَ واحدً حيث قال في (ج1/ص197) : " واعلم أن كل مصنوع لا بد فيه من تصور أربع علل : علة الفاعلية، وعلة الصورية، وعلة المادية، وعلة الغائية " .
وهذا الكلام من كلام أهل الكلام المتأثرين بالفلسفة ومنطق اليونان وهي من الأمور التي رُدَّ من أجلها كثير من الحق، والمقصود أن ادخال اصطلاحات أهل البدع في شرح كتاب التوحيد دون التنبيه عليه مسلك جديد لم نعهده من شراح كتاب التوحيد، الذين شهد لهم بالرسوخ في العلم والسابقة بالفضل والإمامة في الدين .


4- قال في (ج1/ص216) بعد ذكر حديث عدي:" والحديث دليل على أن طاعة الأحبار والرهبان في معصية الله عبادة لهم من دون الله ومن الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله " .
زعم الكاتب أنه سيشرح الأحاديث بفهم السلف وبفهم شراح كتاب التوحيد فمَن مِن السلف ومَن مِن شراح كتاب التوحيد فهم أن مطلق الطاعة في معصية الله عبادة للأحبار والرهبان وأنه من الشرك الأكبر ؟! هذا الكلام لا يقوله إلا جاهل أو تكفيري، فالحديث نفسه مفسر لا يحتمل تأويلاً، حيث قال : (أليسوا يحلون ما حرم الله فتطيعونهم، ويحرمون ما أحل الله فتطيعونهم ؟ قال: بلى، قال: فتلك عبادتكم لهم ) فجعل عبادتهم لهم كونهم جعلوهم يحللون ويحرمون مع الله، ولو كان كل طاعة عبادة للمطيع لكان مطيع الشيطان عابداَ له ومطيع النفس عابداً، ولكان العاصي عابداً لغير الله ولكان كافراً ومشركاً وهذا هو قول الخوارج، لكن هذا الكاتب أتى به هنا خلسة بل إنه ضل في هذا الباب ضلالاً مبيناً حيث زعم أن كل من أطاع غير الله في معصية الله فقد عبده وأطال النفس في إثبات هذا الكلام وأتى بالعجائب فقال (ج1/ص225) :" قد يفهم مما سبق أن أي طاعة تقدم لغير الله فهي شرك مخرج عن الملة لأنها عبادة قدمت لغير الله، نعم هذا الذي فعل هذا لا شك أن له حظ ونصيب من الآيات التي تبين عبادة الهوى وعبادة الشيطان "، وبناء على هذه القاعدة الفاسدة زعم أن نبي الله آدم - الذي كرمه الله عن عبادة غيره - عبد الشيطان ؟! فقال كما (ج1/ص225) : " أما إذا كانت المعصية لله عز وجل التي صارت طاعة لغيره، أو عبادة له، إذا كانت منبعها الشهوة فهذه لا تخرج من الملة أو الدين وذلك كمعصية آدم حينما قبل حكم الله ولم يرده وارتضى به، ولكن لغلبة الشهوة واستزلال الشيطان له وقع في طاعته ومعصية الله، لكن هذا الحظ الذي ناله من عبادة الشيطان لا يزيد على كونه معصية لله ولم يخرج من الملة به…" .
فانظر - رعاك الله - كيف وصف نبي الله آدم بأنه ناله حظ من عبادة الشيطان، ثم تملُّصه من أن ذلك ليس بمخرج من الملة غير مجدي، لأن القاعدة عنده طاعة غير الله في المعصية عبادة له على الإطلاق، فإن كانت طاعة غير الله في معصية الله عبادة صرفت لغير الله فهذا كفر أكبر، وهذا هو قوله، ولكنه يقول إن أبانا آدم لم يكفر لأنه لم يرد أمر الله، فهو لم يكفر عنده لمانع.
فهل - يا عباد الله - كان أبونا آدم وقع في الكفر والشرك ولم يكفر لأنه لم يرد أمر الله؟! أم لأنه لم يقع في عبادة غير الله وإنما استزله الشيطان فوقع في المعصية.
وهذا الكلام الذي قرره الكاتب خطير ويؤدي إلى التكفير فإذا كان كل معصية لله طاعة لغيره وشركاً على الإطلاق فمن الذي ينجو منها ؟


5- قال في (ج1/ص220) : " عبادة الحكام " هكذا عنون مع أن الله تعالى لم يذكر إلا عبادة الأحبار والرهبان ولم يذكر الحكام، وذلك لأن الحكام وإن وضعوا قوانين فهم لا يقولون هذا من عند الله وإنما يقولون هذا ما رأيته ونحو ذلك، بخلاف الأحبار والرهبان فهم يحللون ويحرمون ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله وهذا الفرق بيِّن لمن تبصر.
وبيَّن تحت العنوان المذكور وجه كفر أتباع فرعون وأنه إنما كان بسبب طاعتهم له، وهذا بين البطلان، بل إنما كان بسبب اعتقادهم أنه له الحكم والتشريع، وأنه معبود مع الله تعالى.


6- نقل عن الغزالي من كتابه (المنقذ من الضلال) كما في ( ج2/ص447) مع أن هذا الكتاب ألفه الغزالي ليبين ضلال طريق الفلاسفة وأهمية طريقة المناطقة وأنها هي الناجية.


7- نقل كلام الغزالي كما في (ج1/ص23) حيث قال عن الصحابة:" لم يكلف الشرع أجلاف العرب أكثر من التصديق الجازم بظاهر هذه العقائد… فأما البحث والتفتيش وتكلف نظم الأدلة فلم يكلفوه أصلاً. وإن أراد أن يكون من سالكي طريق الآخرة وساعده التوفيق ولازم التقوى.. واشتغل بالرياضة والمجاهدة انفتحت له أبواب من الهداية تكشف عن حقائق هذه العقيدة بنور إلهي يقذف في قلبه بسبب المجاهدة تحقيقاً لوعده عز وجل " .
فانظر إلى هذا الكلام الذي نقله وارتضاه وكم فيه من الضلال، ومنه :

أ- وصفه الصحابة بأنهم أجلاف العرب مخالفاً قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تسبوا أصحابي ) فمن يقول إن هذه العبارة ليست بسب لصفوة الأمة بعد نبيها ؟.

ب- اعتقاده أنهم كلفوا بظاهر هذه العقائد وهذا يعني أن التحقيق له رجال، وصرح في كتابه المنقذ من الضلال بأنهم علماء الكلام .

ج- قوله: "وإن أراد أن يكون من سالكي طريق الآخرة وساعده التوفيق ولازم التقوى.. واشتغل بالرياضة والمجاهدة انفتحت له أبواب من الهداية تكشف عن حقائق هذه العقيدة بنور إلهي يقذف في قلبه" هذا هو عين قول الصوفية الذين يزعمون أن طريق الجنة لا تدرك إلا بالرياضة والمجاهدة، ويعنون بالمجاهدة المجاهدة الصوفية، وقد انتقد شيخ الإسلام كلام الغزالي هذا وفهم مغزاه وضلاله، أما هذا فنقله على عواهنه مرتضياً إياه.


8- نقل كلام الرازي كما في (ج2/ص586) وفيه:" وهذه الآية - يعني قوله تعالى: (وما أنا من المشركين) - تدل على أن حرفة الكلام وعلم الأصول حرفة الأنبياء عليهم السلام وأن الله ما بعثهم إلى الخلق إلا لأجلها " .
فاعتبروا يا أهل السنة، فهل الأنبياء بعثوا بدعوة إلى حرفة الكلام وعلم الأصول الذي يقصد به الرازي وأمثاله علم المنطق، أم أنهم بعثوا بالدعوة إلى عبادة الله وحده، كما قال تعالى في الآية: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) وغير ذلك من الآيات المعلومات والرازي نفسه قد تاب من هذا الكلام وعلم فساده، انظر طبقات الشافعية (ج8/ص96) .


9- قال في (ج2/ص572) :" وقد يكون داعياً إلى رئيسه كما يوجد في كثير من الدول من علماء الضلال من علماء الدول لا علماء الملل، يدعون إلى رؤسائهم، من ذلك لما ظهرت الإشتراكية في البلاد العربية قام بعض علماء الضلال بالاستدلال عليها بآيات وأحاديث بعيدة الدلالة، بل ليس فيها دلالة، فهؤلاء دعوا إلى غير الله " .
أقول: ليتك لم تتجاهل المعظم عندك وهو سيد قطب، فإنه من أوائل من ألف في هذا الباب وسمى كتابه (الاشتراكية الإسلامية)، وفيه وصف الصحابة بأنهم إقطاعيون، كما اتهم بذلك عثمان ومعاوية رضي الله عنهما .


10- نقل عن سيد قطب في أكثر من ستين موضعاً، وفي كلامه ما فيه من التكفير الجزاف، ومن تلك العبارات ما قال في (ج7/ص2566) :" والناس - في أي زمان وفي أي مكان إما أنهم يحكمون بشريعة الله - دون فتنة عن بعض منها - ويقبلونها ويسلمون بها تسليماً، فهم إذاً في دين الله . وإما أنهم يحكمون بشريعة من صنع البشر - في أي صورة من الصور - ويقبلونها فهم إذاً في جاهلية، وهم في دين من يحكمون بشريعته، وليسوا بحال في دين الله " .
قلت: فأين هذا من تفصيل الأئمة في الفرق بين المستحل وغيره، أليس في عبارة الظلال تكفير على الإطلاق ؟ وهو قول الخوارج قديماً وحديثاً .


وبعد هذا العرض الذي ضمنَّاه لك ثمان عشرة ملحوظة مدعمة بالأدلة فهل تشك أيها المسلم في فساد منهج الرجل وفساد مقصده .
فمن الأدلة الصريحة على فساد منهج هذا الكاتب وانحرافه قوله في (ج1/ص189) بعد ذكر قول عبد المطلب في دعائه ربه أن يحمي البيت من أبرهة، حيث قال :"فكان عند هؤلاء المشركين إيمان واعتقاد وتوحيد - واللهِ - أعظم من كثير من السلاطين والأمراء حينما تنتهك حرمات المسلمين ومقدساتهم، لم نسمع أن أحدهم دعا الله عز وجل أن يمنع هذه المقدسات من أولاد القردة والخنازير، كما لجأ جد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الله في وقت الشدة " .
فهل ثمت عبارة هي أصرح من هذه في تكفير حكام المسلمين في هذا العصر، وفي تفضيل المشركين عليهم، سبحانك يا رب هذا بهتان عظيم .

وأما فساد مقصده ومكره وكيده بالسنة وأهلها فمن وجهين:

الوجه الأول: في عنوان الكتاب (مغني المريد الجامع لشروح كتاب التوحيد) على الغلاف، أو (مغني المريد شرح كتاب التوحيد) كما في المقدمة ص7 ، وسواءً كان ذا أو ذاك فلا يفهم منه قارئ سوى أن عبد المنعم إبراهيم جمع شروح الأئمة لكتاب التوحيد في كتاب واحد، وقد بينَّا لك بالملحوظات أن ذلك مجرد دعوى، وأقول هنا بل هو من الغش والتلبيس والتدليس والزور والبهتان بل وفيه الدعوة إلى المنهج المنحرف .

الوجه الثاني: حشره من نقل عنهم من الضُّلال في الثناء بما يتضمن رفعهم إلى مصافِّ أئمة السنة، إذ قال في (ج1/ص8) أنهم:" أهل الفضل والفضيلة والرتب الرفيعة، نجوم الهدى، رجوم العدى، أمناء الله على حفظ دينه وسنة نبيه، الذين هم عُمَدٌ في هذا الفن" .
فتفطنوا يا أهل السنة واحذروا من هذا الكاتب وأمثاله من المندسين بين أهل السنة وهم يسعون جاهدين في نشر البدع والضلالات، لابسين الحق بالباطل، والهدى بالضلال، والسنة بالبدعة كلما وجدوا إلى ذلك سبيلاً، وإلا كيف يجرؤ عبد المنعم إبراهيم فيعمد إلى كتاب تلقاه أهل السنة بالقبول لما تضمنه من شرح أصل الأصول فيشرحه بهذا الخليط العجيب ؟!

أليس في صنيعه هذا سوء الكذب والدجل، أليس في نقله عن الضالين المضلين ما يدل على سوء القصد، والدعوة إلى التعلق بسيد قطب والرازي والغزالي والزمخشري وأمثالهم من أساطين البدع، فما أظنه يخفى عليكم بعد هذا يا أولي الأحلام والنهى، ويا ذوي الغيرة على السنة حال مؤلف (مغني المريد) وأنه من أساطين الثورة الفكرية ذات الحروب الضروس على السنة وأهلها، وما أراه إلا داخلاً في قوله صلى الله عليه وسلم: (سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم) . رواه مسلم في مقدمة صحيحه، باب النهي عن الرواية عن الضعفاء والاحتياط في تحملها، والبغوي في شرح السنة، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

واللهَ أسأل أن يحفظ هذه البلاد التي قامت على السنة وأهلها وجميع المسلمين في كل مكان بالسنة، ويصرف عنا وعنهم كيد المبتدعة، ونسأله جل وعلا أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، ولا يجعله ملتبساً علينا فنضل .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .



وكتبه: عبيد بن عبد الله بن سليمان الجابري
المدرس بالجامعة الإسلامية سابقاً
حرر بالمدينة عصر يوم الأربعاء ،
الثالث من شهر صفر، عام خمسة وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة .

عبيد الأثري
04-15-2004, 03:31 PM
جزاكم الله خيراًِ وحفظ الله الشيخ عبيد بن عبد الله بن سليمان الجابري

أبوالمجد
04-18-2004, 12:07 PM
جزاكم الله خيرا

12d8c7a34f47c2e9d3==