المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هذه إحدى خطب الجمعة لشيخنا المحدث عبدالرحمن العياف ألقاها عام 1397هـ


كيف حالك ؟

أبي التياح الضبعي
03-04-2004, 06:28 PM
--------------------------------------------------------------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم :

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فإن شيخنا المحدث الأثري عبدالرحمن بن سعد العياف الدوسري - حفظه الله تعالى - لما كان خطيباً في جامع العزيزية بالطائف ، كان له من الخطب البليغة التي تشد القلوب ، وتسبي العقول ! ، خاصة وأنه تتسم بالبعد عن التكلف والتعمق في انتقاء الألفاظ ، إضافة على عدم التطويل فيها ، زيادة على إشباعها بنصوص الوحيين ، وقد منّ الله عليّ بالعناية بخطب الشيخ ، وسوف تقدم للطبع بإذن الله تعالى ، ولعلي انتقي لإخواني خطبة من هذه الخطب ألقاها شيخنا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والله الموفق .

( تنبيه ) لم أتفرغ بعد لمراجعتها وتنقحها فما وجد فيها من خطاء وقع مع سرعة الطباعة فليعذر .


ــــــ
(2) : خطبة الجمعة الثانية من شهر محرم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
عام 1398هـ
الحمدلله الذي قسم خلقه الى قسمين فريق في الجنة وفريق في السعير ، بيده القسط يخفضه ويرفعه ، يعز من يشاء ويذل من يشاء ، بيده الخير وهو على كل شي قدير ، أحمده سبحانه وتعالى وأشكره ، وأثني عليه بما هو أهله كما أثنى على نفسه بنفسه وأثنى عليه به أنبيائه ، وأشهد أن لا إله الاّ الله وحده لاشريك واحد أحد فرد صمد لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، واشهد ان محمداً عبده ورسوله ، دعى الناس الى دين ربهم المستقيم ، من اطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار ، اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ، امّا بعد :
فيا أيها الناس ، اتقوا الله تعالى ، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، وتقوى الله وقاية للعبد من نقمة الله في الدنيا ومن عذابه يوم القيامة ، ولا يكون العبد تقياً حتى يعمل بطاعة الله عز وجل ويدعو الناس الى عبادة ربهم ، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ، ويحب لهم الخير ويكره لهم الشر ، يدعو الى دين الله بعلم وحلم وحكمه ، يكون على بصيرة بما يأمر به وينهى عنه ، عباد الله إن هذه الأمة المحمدية خيرة الله من خلقه ، ونبيها خيرته من انبيائه ، والكتاب الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم ، هيمن على الكتب السماوية ، وهذا من كرم الله واحسانه وجوده لهذه الأمة المحمدية وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من والله ذو الفضل العظيم ، ولما قرأ موسى عليه السلام من التوراة صفة محمد صلى الله عليه وسلم وصفة امته ، قال : يارب وما محمد ؟ ، قال له الرب تبارك وتعالى وتقدس : هو خاتم الأنبياء ، قال : يارب اجعلني من امة محمد ، لما علم من كرامة محمد صلى الله عليه وسلم وأمته ، أحب أن يكون فرداً من افراد امة محمد وهو كليم الله ومن ألوو العزم من الرسل ، صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ، فياله من شرف في الدنيا ، وكرامة في الآخرة أمّا الشرف الذي في الدنيا قال الله تبارك وتعالى : { كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } الاية ، وقال تعالى : { واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة انّا هدنا اليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شي فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين بإياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم اصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين ءآمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون } فالفوز والفلاح والنجاح في اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والدمار والنكال والأصر والأغلال على من خالفه ولم يتبعه .
ايها المسلمون إن شرفكم في الدنيا جعله الله في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولن تفلح هذه الأمة الاّ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، قال صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم) ، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمره يقتضي الوجوب ، وهو مرتبة رفيعة قام به أولوا العزم من الرسل واتباعهم وآخرهم وفي المقدمة محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، واتباع محمد صلى الله علي وسلم سلف هذه الأمة رضي الله عنهم وأرضاهم ، بذلوا لله دمائهم في سبيلعه وابتغاء مرضاته ، قال صلى الله عليه وسلم : (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) نحمد الله الذي لا إله غيره أن جعله مرتباً على لسان نبيه والاّ هلك الكل ، فتغير المنكر باليد فذلك لأهل الحسبة ، وباللسان لأهل العلم الذين يعلمون ما يأمرون به وينهون عنه بعلم وحلم ورفق وحكمه بل بصبرٍ وتحمل للأذى ، بل بعدم طيش وتسرع في الأمور ولا تشهير بالأفراد ، ولا يعرض نفسه وغيره الى مفسدة اكبر ، واما القلب فانكار على صاحب المعصية وابداء الكراهة له ، وأن لا يكون جليسه واكيله وشريبه ، كما هي حالتنا اليوم الاّ من شاء الله ، فيخشى علينا مما وقعت فيه الأمم السالفة ، وقد حدثنا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال ابن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن اول ما دخل النقص على بني اسرائيل ، أنه كان الرجل يلقى الرجل ويقول ياهذا اتقي الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ، ثم يلقاه من الغد وهو على حالته فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده ، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ، ثم لعن الذين كفروا على لسان داوود وعيسى بن مريم ذلك مما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لايتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا لبئس ما كانوا يفعلون ، ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما انزل اليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون ، ثم قال : كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً ولتقصرنه على الحق قصراً أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ، ثم ليضلنكم كما لعنهم ) ، وفي رواية : ( لما وقعت بنو اسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا فجالسوهم في مجالسهم وواكلوهم وشاربوهم فضرب الله قلوب بعضهم ببعض ، ولعنهم على لسان داوود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان متكئاً ، فقال : لا والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحق أطراً ) .
عباد الله إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذكره الله سبحانه وتعالى من صفات المؤمنين والمؤمن يغار على محارم الله ويألم إذا نتهكت ، ومن قل علمه وورعه يظن أنه إذا اصلح نفسه لايضرّه من وقع في محارم الله ، إن الكارثة والعياذ بالله أو من تأخذ العبّاد ، يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أوصى الله الى ملك من الملائكة أن اقلب مدينة كذا وكذا على أهلها ، قال : ان بها عبدك فلان لم يعصك طرفة عين ، اقلبه عليه وعليهم ، فإن وجهه لم يتمعّر فيّ قط ) ، وعنه صلى الله عليه وسلم : ( إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكرونه ، فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة ) ، قال الله تعالى وتقدس : { المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم } ، وقال تعالى : { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم } ، نفعني الله وايّاكم بهدي كتابه العزيز ، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل الكريم لي ولكم وللمسلمين من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية

الحمد لله على كل حال من الأحوال ونعوذ بالله من حال أهل النار ، أحمده سبحانه وأشكره واسأله المزيد من فضله ، وقد تكفل بالمزيد لمن شكره ، وأشهد أن لا إله الاّ الله وحده لا شريك له ، واشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون ، اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ، اما بعد :
ايها الناس اتقوا الله تعالى ، واسموا بأنفسكم واهليكم عن شهوات النفس ونزواتها الشاطحة عن الحق ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كيف بكم إذا فسق فتيانكم وبغى نساؤكم ؟ ، قالوا : يارسول الله وإن ذلك لكائن ؟! ، قال : نعم واشد ، كيف بكم إذ لم تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر ، قالوا يارسول الله وغن ذلك لكائن ؟! ، قال : نعم وأشد ، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف قالوا : يا رسول الله وإن ذلك لكائن ؟! ، قال : نعم وأشد ، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً ) ، وعن حذيفة رضي الله عنه قال : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير من شر ، قال : نعم ، قلت : وهل بعد ذلك الشر من خير ، قال : نعم ، وفيه دخن ، قلت : وما دخنه يا رسول الله ؟ ، قال : قوم يستنون بغير سنتي ويهتدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر ، قلت : فهل بعد ذلك الخير من شر ، قال : دعاة على ابواب جهنم من اجابهم قذفوه فيها ، قلت : يا رسول الله فما ترى إن أدركني ذلك ، قال : تلزم جماعة المسلمين وامامهم ، قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا امام ، قال : فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدرك الموت وأنت على ذلك ، وفي رواية : قوم لا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان الانس ، قلت : فما أصنع عند ذلك ، قال : تسمع وتطيع ، وان ضرب ظهرك واخذ مالك ، فاسمع واطع .
ايها الناس الزموا جماعة المسلمين وامامهم فمن نزع يداً من طاعة فقد فارق الجماعة وشذ ، ومن شذ شذ في النار ، واعلموا أن لله تبارك وتعالى امركم بأمر بدأ فيه بنفسه قال تعالى قولاً كريما : { إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءآمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين المهديين الذين قالوا بالحق وبه كانوا يعدلون ابي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك وجودك واحسانك يا أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين ، اللهم أعز الاسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر عبادك الموحدين ، اللهم ادفع عنّا الغلا والوبا والربا والزنى والزلازل والمحن ، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا وعن بلاد المسلمين يارب العالمين اللهم أمناّ في دورنا وأصلح ائمتنا وولاة أمورنا ، اللهم أيدهم بالحق وأيد الحق بهم واجعلهم نصرة لدينك واحقن بهم دماء المسلمين ، وخذ بنواصينا جميعاً الى الحق يارب العالمين ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك ياخير مسئول ، اللهم من أرادنا وأراد المسلمين بسوء فاجعل تدميرهم من تعميرهم اللهم نكّس اعلامهم وخالف بين وجوههم اللهم فرق كلمتهم وبدد جمعهم واحصهم عددا واقتلهم بددا ولا يبقى منهم أحدا ، ربنا لاتؤاخذنا بسيئات اعمالنا ولا بما فعل السفهاء منّا إن هي الاّ فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر وارحمنا وأنت خير الغافرين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، ربنا ولا تحمل علينا اصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به ، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ، عباد الله إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ، واوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون ، فاذكروا الله العظيم الجليل الكريم يذكركم واشكروه على نعمة يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
كتبه بدر العتيبي

12d8c7a34f47c2e9d3==