الأثرية
03-03-2004, 05:59 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مجموع فتاوى ومقالات_الجزء الثاني
الأقليات الإسلامية ظروفها وآمالها
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد الصادق الأمين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
فإن الله جلت قدرته قد بعث الأنبياء والمرسلين للدعوة إلى توحيده ، وإخلاص العبادة له سبحانه ، وإيضاح شرعه الذي شرع لعباده ، وخلق الثقلين لذلك ، كما قال سبحانه : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ وقال عز وجل : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ
وأخبر سبحانه وبحمده أنه لا يعذب قوما إلا بعد إرسال البشير والنذير ، قال تعالى :
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وقال تعالى :
وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا
ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله على فترة من الرسل ، جاء بعد أن ملئت الأرض جورا وظلما ، وبعد أن تغلبت معصية الله في أرضه على طاعته ، فأرسله الله للعالمين الإنس والجن ، وللعجم والعرب ، بشيرا ونذيرا ومبلغا لشرع الله ، فوضح الحق ، ودعا إليه ، وأرسل الرسل وبعث الكتب للرؤساء والعظماء ، بالدعوة لما جاء به ، لتقوم الحجة على من عاند وخالف ، قال الله تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
وقد جعل الله شريعته خاتمة الشرائع ، ورسالته خاتمة الرسالات . لأن فيها الكمال والشمول لما يصلح الناس في معاشهم ومعادهم ، ولم يترك صلى الله عليه وسلم خيرا إلا دعا الناس إليه ، أو شرا إلا حذرهم منه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك وقال صلى الله عليه وسلم : " ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم خرجه مسلم في صحيحه . وقال صلى الله عليه وسلم : " تركت فيكم أمرين لن تضلوا أبدا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي
ففي كتاب الله الأمر بالدعوة إلى دين الله ، دين الحق الذي لا يقبل سبحانه من البشر سواه قال تعالى : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ الآية ، وقال تعالى : إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وقال سبحانه : وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ
الْخَاسِرِينَ وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحث على الدعوة ، والتوضيح لما يجب أن يؤديه المسلم نحو دين الله ، وذلك بتوضيحه لسائر البشر ، فهو أمانة ملقاة على عواتق أهل العلم ولا تبرأ ذممهم بذلك ، نحو إخوانهم المسلمين وغيرهم بالتوضيح والنصح ، قال صلى الله عليه وسلم : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا " - وشبك بين أصابعه- رواه البخاري ومسلم ، وقال صلى الله عليه وسلم : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى متفق عليه .
وقال صلى الله عليه وسلم : " من دل على خير فله مثل أجر فاعله " أخرجه مسلم في صحيحه ، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى اليهود في خيبر ليدعوهم إلى الإسلام ويبين لهم حق الله عليهم : فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم
فالمسلمون في أي مكان وزمان واجب عليهم التناصح فيما بينهم ، والتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر عليه ، ودعوة غيرهم إلى الإسلام ، قال تعالى : وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وقال تعالى وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وقال عليه الصلاة والسلام : الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة " قالوا : لمن يا رسول الله؟ قال : " لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم متفق عليه .
كلمة وجهها سماحة الشيخ/ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى بمناسبة انعقاد المؤتمر العالمي السادس للندوة العالمية للشباب الإسلامي بالرياض ما بين 12 -17 جمادى الأولى 1406هـ ، ونشرت في مجلة البحوث الإسلامية ، العدد 16 ص 338 -346 .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مجموع فتاوى ومقالات_الجزء الثاني
الأقليات الإسلامية ظروفها وآمالها
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد الصادق الأمين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
فإن الله جلت قدرته قد بعث الأنبياء والمرسلين للدعوة إلى توحيده ، وإخلاص العبادة له سبحانه ، وإيضاح شرعه الذي شرع لعباده ، وخلق الثقلين لذلك ، كما قال سبحانه : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ وقال عز وجل : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ
وأخبر سبحانه وبحمده أنه لا يعذب قوما إلا بعد إرسال البشير والنذير ، قال تعالى :
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وقال تعالى :
وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا
ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله على فترة من الرسل ، جاء بعد أن ملئت الأرض جورا وظلما ، وبعد أن تغلبت معصية الله في أرضه على طاعته ، فأرسله الله للعالمين الإنس والجن ، وللعجم والعرب ، بشيرا ونذيرا ومبلغا لشرع الله ، فوضح الحق ، ودعا إليه ، وأرسل الرسل وبعث الكتب للرؤساء والعظماء ، بالدعوة لما جاء به ، لتقوم الحجة على من عاند وخالف ، قال الله تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
وقد جعل الله شريعته خاتمة الشرائع ، ورسالته خاتمة الرسالات . لأن فيها الكمال والشمول لما يصلح الناس في معاشهم ومعادهم ، ولم يترك صلى الله عليه وسلم خيرا إلا دعا الناس إليه ، أو شرا إلا حذرهم منه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك وقال صلى الله عليه وسلم : " ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم خرجه مسلم في صحيحه . وقال صلى الله عليه وسلم : " تركت فيكم أمرين لن تضلوا أبدا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي
ففي كتاب الله الأمر بالدعوة إلى دين الله ، دين الحق الذي لا يقبل سبحانه من البشر سواه قال تعالى : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ الآية ، وقال تعالى : إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وقال سبحانه : وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ
الْخَاسِرِينَ وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحث على الدعوة ، والتوضيح لما يجب أن يؤديه المسلم نحو دين الله ، وذلك بتوضيحه لسائر البشر ، فهو أمانة ملقاة على عواتق أهل العلم ولا تبرأ ذممهم بذلك ، نحو إخوانهم المسلمين وغيرهم بالتوضيح والنصح ، قال صلى الله عليه وسلم : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا " - وشبك بين أصابعه- رواه البخاري ومسلم ، وقال صلى الله عليه وسلم : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى متفق عليه .
وقال صلى الله عليه وسلم : " من دل على خير فله مثل أجر فاعله " أخرجه مسلم في صحيحه ، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى اليهود في خيبر ليدعوهم إلى الإسلام ويبين لهم حق الله عليهم : فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم
فالمسلمون في أي مكان وزمان واجب عليهم التناصح فيما بينهم ، والتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر عليه ، ودعوة غيرهم إلى الإسلام ، قال تعالى : وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وقال تعالى وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وقال عليه الصلاة والسلام : الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة " قالوا : لمن يا رسول الله؟ قال : " لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم متفق عليه .
كلمة وجهها سماحة الشيخ/ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى بمناسبة انعقاد المؤتمر العالمي السادس للندوة العالمية للشباب الإسلامي بالرياض ما بين 12 -17 جمادى الأولى 1406هـ ، ونشرت في مجلة البحوث الإسلامية ، العدد 16 ص 338 -346 .