المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إذهاب الهمّ بالرّدّ على الملحق المهمّ (رد على ربيع المدخلي )


كيف حالك ؟

عامي
06-23-2014, 10:54 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

اطلعت هذا اليوم على مقال لربيع المدخلي في شبكة سحاب ، و قد خرج بعد إصدار سماحة المفتي حفظه الله فتواه المباركة في كتاب ربيع " المقالات الأثرية في الرد على شبهات و تشغيبات الحدادية " ، و هذا نصها : (
من عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ إلى الأخ المكرم / أبو عاصم عبد الله
ابن حميد الغامدي وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ... و بعد :
إشارة لاستفتائك المقيد في الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (35012723) و تاريخ 20/07/1435 هـ المرفق به كتاب ( المقالات الأثرية في الرد على شبهات و تشغيبات الحدادية ) للدكتور ربيع بن هادي المدخلي .
أفيدك أنه سبق صدور عدد من الفتاوى في الرد على مثل هذه المسألة من اللجنة الدائمة للفتوى مرفقٌ نسخ منها و فيها الكفاية إن شاء الله في رد مثل هذه التوجهات .
وفق الله الجميع لما يحبه و يرضاه إنه سميع مجيب .
و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ...، ، ،
المفتي العام للملكة العربية السعودية
رئيس هيئة كبار العلماء و الرئيس العام للبحوث العلمية و الإفتاء .)

قام ربيع بعد هذه الفتوى بنشر مضامين كتابه و أتبعه بملحق زعم أنه مهم .
أما المضامين فإني لا أرد عليها ، و كيف أرد و سماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ قد ردّ و بيّن أنه كتاب إرجاء ، و أن ما فيه ليس سوى توجهات واردة قد سبق الرد عليها في فتاوي الرد على المرجئة .
فلا عطر بعد عروس
و لو ملك ربيع شيئا من الشجاعة لردّ على الشيخ المفتي مباشرة دون التترس بطلاب العلم و الهجوم عليهم و رميهم بالبواقع علما أنهم ما تكلموا إلا بموجب كلام سماحة المفتي و غيره من العلماء الكبار .
فلهذا لن أتناول مضامين كتاب ربيع ، و إنما أقف عند ملحقه فأقول :
قال ربيع : ( ملحق مهم )
قلت : هذا ملحق حوى من ( الهم ) ما يضحك الثكلى ، و قد قيل : شر البلية ما يضحك !
و قال : (أحاديث الشفاعة متواترة، يؤمن بها أهل السنة والحديث ولم يتأولوها. )
إن كان القصد من التأويل التحريف فنعم ؛ أهل السنة و الحديث لا يتأولون أحاديث الشفاعة و يؤمنون بها في ضوء النصوص الأخرى و لا يضربون السنة بعضها ببعض .
و أما إن كان القصد بالتأويل التفسير فلا ، بل أهل السنة و الحديث لا يفهمون من أحاديث الشفاعة الحكم بإسلام تارك عمل الجوارح بالكلية ، و نتحدى ربيعا أن يذكر لنا من نص على ذلك منهم . و إلا فهو الكذب على الأئمة و نسبة الإرجاء إليهم .
كما أن أهل السنة و الحديث لا يفهمون من أحاديث الشفاعة إسلام عباد القبور الذين يطلبون الشفاعة من الأموات أو لم يعملوا خيرا قط لا بقلوبهم و لا بألسنتهم و لا بجوارحهم . هذا لا يفهمه أهل السنة أبدا ، و كونهم لا يفهمونه لا يدل على عدم إيمانهم بأحاديث الشفاعة و تأويلهم لها التأويل الفاسد .
قال ربيع : (1.فهذا الإمام أحمد إمام أهل السنة يقول في "أصول السنة" (ص75):" والإيمان بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وبقوم يخرجون من النار بعدما احترقوا وصاروا فحماً، فيؤمر بهم إلى نهر على باب الجنة -كما جاء في الأثر- كيف شاء الله وكما شاء. إنما هو الإيمان به والتصديق به".فهذا الإمام أحمد يعتبر الإيمان بأحاديث الشفاعة من أصول السنة.ويقول: إنما هو الإيمان والتصديق، فهل الحدادية ومن يؤيدهم على هذا المنهج الحق؟ ) .
قلت : و هل قال الإمام أحمد إن تارك أعمال الجوارح بالكلية مسلم ناجٍ من النار بموجب أحاديث الشفاعة ؟ هل بلغ بك الخرف هذا المبلغ حتى تحتج بشيء بعيد تماما عن مورد النزاع ؟ أم أن ضغط الأتباع المتعصبين قد فعل فعلته ؟
مخالفوك يا هذا ممن ترميهم بالحدادية على منهج الإمام أحمد و يؤمنون بشفاعة النبي صلى الله عليه و سلم و بقوم يخرجون من النار بعدما احترقوا وصاروا فحماً، فيؤمر بهم إلى نهر على باب الجنة -كما جاء في الأثر- كيف شاء الله وكما شاء. إنهم يؤمنون بهذا و يصدقونه تماما ، و يؤمنون بأن هؤلاء القوم ليسوا ممن ترك العمل الظاهر بالكلية مع قدرتهم عليه . و إنما هم قوم عذرهم الله سبحانه و تعالى بعذر ، و إلا لو عمّم الحكم على جميع من ترك العمل سواء القادر منهم و غير القادر لما جاء الحديث عن قوم دون غيرهم . و من زعم التعميم فقد خالف الحديث و ضرب النصوص بعضها ببعض .
ثم قال ربيع : (وهذا الإمام ابن أبي عاصم يقول في "كتاب السنة" (2/399) تحت حديث رقم (832):" والأخبار التي روينا عن نبينا صلى الله عليه وسلم فيما فضله الله به من الشفاعة وتشفيعه إياه فيما([9]) يشفع فيه أخبار ثابتة موجبة بعلم حقيقة ما حوت على ما اقتصصنا والصاد عن الأخبار الموجبة للعلم المتواترة كافر وقد ذكرناها ما دل على عقده من الكتاب جعلنا الله وكل مؤمن بها مؤمل لها من أهلها".انظر إلى حكم هذا الإمام على الصاد عن أحاديث الشفاعة المتواترة.)

قلت : هل تحوم يا ربيع حول تكفيرنا أم ماذا ؟
إن كان كذلك فاعلم أنك واهم جدا لأننا نؤمن الإيمان السني السلفي بأحاديث الشفاعة و بما دلت عليه مما ذكره الأئمة و نتحداك أن تذكر من سبقك إلى فهم إسلام تارك العمل الظاهر من أحاديث الشفاعة ، نتحداك و إلا فقد ناديت على نفسك بالكذب و الجهل و التلبيس .
ثم قال : (ذكر الإمام محمد بن نصر اختلاف أهل الحديث والسنة في لفظي الإيمان والإسلام، هل هما شيء واحد أو أنهما يفترقان؟وقسمهم إلى ثلاث طوائف في هذا الاختلاف؛ طائفتان منهم تفرق بينهما، وذكر أدلتهما على هذا التفريق، وطائفة ثالثة منهم لا تفرق بينهما.فقال في "تعظيم قدر الصلاة" (ص533-535)، ذاكراً قول الطائفة الثالثة:" وقد جامعتنا هذه الطائفة([10]) التي فرقت بين الإيمان والإسلام على أن الإيمان قول وعمل وأن الصلاة والزكاة من الإيمان وقد سماهما الله دينا وأخبر أن الدين عند الله الإسلام فقد سمى الله الإسلام بما سمى به الإيمان وسمى الإيمان بما سمى به الاسلام وبمثل ذلك جاءت الاخبار عن النبي صلى الله عليه و سلم فمن زعم أن الإسلام هو الإقرار وأن العمل ليس منه فقد خالف الكتاب والسنة ولا فرق بينه وبين المرجئة([11]) إذ زعمت أن الإيمان إقرار بما عمل، فقد بين الله في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه و سلم أن الإسلام والإيمان لا يفترقان فمن صدق الله فقد آمن به ومن آمن بالله فقد خضع لله وقد أسلم لله ومن صام وصلى وقام بفرائض الله وانتهى عما نهى الله عنه فقد استكمل الايمان والإسلام المفترض عليه ومن ترك من ذلك شيئا فلن يزول عنه اسم الإيمان ولا الإسلام إلا أنه أنقص من غيره في الإسلام والإيمان من غير نقصان من الإقرار بأن الله وما قال حق لا باطل وصدق لا كذب ولكن ينقص من الإيمان الذي هو تعظيم للقدر خضوع للهيبة والجلال والطاعة للمصدق به وهو الله عز و جل فمن ذلك يكون النقصان لا من إقراراهم بأن الله حق وما قاله صدق قالوا ومما يدلك على تحقيق قولنا أن من فرق بين الإيمان والإسلام قد جامعنا أن من أتى الكبائر التي استوجب النار بركوبها لن يزول عنه اسم الإسلام وشر من الكبائر وأعظمهم ركوبا لها من أدخله الله النار فهم يروون الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ويثبتونه أن الله يقول أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان ومثقال برة ومثقال شعيرة فقد أخبر الله تبارك وتعالى أن في قلوبهم إيمانا أخرجوا بها([12])من النار وهم أشر أهل التوحيد الذين لا يزول في قولنا وفي قول من خالفنا عنهم اسم الإسلام ولا جائز أن يكون من في قلبه إيمان يستوجب به الخروج من النار([13]) ودخول الجنة ليس بمؤمن بالله إذ لا جائز أن يفعل الإيمان الذي يثاب عليه بقلبه من ليس بمؤمن كما لا جائز أن يفعل الكفر بقلبه من ليس بكافر))

قلت : أولا : قول ربيع معلقا على الإمام ابن نصر : (فمن زعم أن الإسلام هو الإقرار وأن العمل ليس منه فقد خالف الكتاب والسنة ولا فرق بينه وبين المرجئة) : (بل هو مرجئ.)
قلت : هذا مذهب ربيع ، فإنه زعم أن الإسلام يصح من المقر بقلبه و بلسانه دون عمل الجوارح . فحكم الغبي بنفسه على نفسه أنه مرجئ و يبلغ الجاهل من نفسه ما لا يبلغه منه أعداؤه .
ثانيا : قد بين الإمام ابن نصر معنى قول القائل إن العمل ليس من الإيمان بقوله : (فقد بين الله في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه و سلم أن الإسلام والإيمان لا يفترقان فمن صدق الله فقد آمن به ومن آمن بالله فقد خضع لله وقد أسلم لله ومن صام وصلى وقام بفرائض الله وانتهى عما نهى الله عنه فقد استكمل الايمان والإسلام المفترض عليه ).

فالإسلام و هو العمل الظاهر لا يفترق عن الإيمان ، فالمؤمن إيمانا صحيحا لابد له من عمل ظاهر كالصلاة و الصيام و قيام بالفرائض و الانتهاء عن المحرمات ، و المسلم إسلاما صحيحا لابد له من تصديق يصح به إسلامه . فمن جمع بين الإسلام (= العمل الظاهر ) و الإيمان ( = العمل الباطن ) فقد استكمل الإيمان و الإسلام المفترض عليه ، و من ترك أحدهما أو تركهما معا فلم يستكمل الإيمان و لا الإسلام ، و معنى الاستكمال هنا عدم الصحة ، كما قال الإمام الآجري : ( قرأ ابن عباس : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " وعنده رجل من أهل الكتاب فقال : لو علمنا في أي يوم أنزلت هذه الآية جعلناها عيدا فقال : « لقد أنزلت يوم عرفة يوم الجمعة » قال محمد بن الحسين : هذا بيان لمن عقل ، يعلم أنه لا يصح الدين إلا بالتصديق بالقلب ، والإقرار باللسان ، والعمل بالجوارح ، مثل الصلاة ، والزكاة والصيام ، والحج ، والجهاد ، وما أشبه ذلك)
ففسّر كمال الدين بأنه لا يصح إلا بالتصديق و الإقرار و عمل الجوارح .
أما ربيع فيفرق بين الإسلام و الإيمان ، و من أتى بالقول و الاعتقاد يكون عنده مؤمنا مسلما و إن ترك الإسلام الذي هو عمل الجوارح .
و قول الإمام ابن نصر : (ومن ترك من ذلك شيئا فلن يزول عنه اسم الإيمان ولا الإسلام إلا أنه أنقص من غيره في الإسلام والإيمان من غير نقصان من الإقرار بأن الله وما قال حق لا باطل وصدق لا كذب ولكن ينقص من الإيمان الذي هو تعظيم للقدر خضوع للهيبة والجلال والطاعة للمصدق به وهو الله عز و جل فمن ذلك يكون النقصان لا من إقراراهم بأن الله حق وما قاله صدق ومن ترك من ذلك شيئا فلن يزول عنه اسم الإيمان ولا الإسلام إلا أنه أنقص من غيره في الإسلام والإيمان من غير نقصان من الإقرار بأن الله وما قال حق لا باطل وصدق لا كذب ولكن ينقص من الإيمان الذي هو تعظيم للقدر خضوع للهيبة والجلال والطاعة للمصدق به وهو الله عز و جل فمن ذلك يكون النقصان لا من إقراراهم بأن الله حق وما قاله صدق قالوا ومما يدلك على تحقيق قولنا أن من فرق بين الإيمان والإسلام قد جامعنا أن من أتى الكبائر التي استوجب النار بركوبها لن يزول عنه اسم الإسلام وشر من الكبائر وأعظمهم ركوبا لها من أدخله الله النار فهم يروون الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ويثبتونه أن الله يقول أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان ومثقال برة ومثقال شعيرة فقد أخبر الله تبارك وتعالى أن في قلوبهم إيمانا أخرجوا بها([12])من النار وهم أشر أهل التوحيد الذين لا يزول في قولنا وفي قول من خالفنا عنهم اسم الإسلام ولا جائز أن يكون من في قلبه إيمان يستوجب به الخروج من النار([13]) ودخول الجنة ليس بمؤمن بالله إذ لا جائز أن يفعل الإيمان الذي يثاب عليه بقلبه من ليس بمؤمن كما لا جائز أن يفعل الكفر بقلبه من ليس بكافر )

واضح أنه في ترك آحاد الأعمال لا جنسها ، فلا متمسك لربيع بكلام هذا الإمام على أن تارك جميع أعمال الجوارح يكون مسلما ، كيف و قد قال رحمه الله : ( أفلا ترى أن تارك الصلاة ليس من أهل ملة الإسلام الذين يرجى لـهم الخروج من النار ودخول الجنة بشفاعة الشافعين كما قالصلى الله عليه و سلمفي حديث الشفاعة الذي رواه أبو هريرة وأبو سعيد جميعا رضي اللـه عنهما أنهم يخرجون من النار يعرفون بآثار السجود فقد بين لك أن المستحقين للخروج من النار بالشفاعة هم المصلون.
أو لا ترى أن اللـه تعالى ميز بين أهل الإيمان وأهل النفاق بالسجود فقال تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ} وقد ذكرنا الأخبار المروية في تفسير الآية في صدر كتابنا، فقال اللـه تعالى: {وَإذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُواْ لاَ يَرْكَعُونَ} ، {وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ} . أفلا تراه جعل علامة ما بين ملة الكفر والإسلام وبين أهل النفاق والإيمان في الدنيا والآخرة الصلاة. " تعظيم قدر الصلاة : ( 2/1010 ).)
و هذا الكلام لم يعجب ربيعا فقال مخطئا الإمام ابن نصر : (وهذه زلة منه ، غفر الله له. وأحاديث أبي سعيد وأنس وأبي هريرة -رضي الله عنهم- في الصحيحين تدفع قوله هذا.) و قال: (أعتقد أن هذا الرجل – يقصد ابن نصر - لو نبّه إلى الشفاعات الأخرى التي نصّت عليها هذه الأحاديث لغيّر رأيه ولأخذ بما نصَّت عليه من الشفاعات الأخرى، ولغيّر رأيه هذا الذي تعلّقت به الفرقة الحدادية.) .

أما قول ربيع : (انظر كيف أجمع أهل الحديث على الأخذ بأحاديث الشفاعة.)
أخذهم بأحاديث الشفاعة لا يعني حكمهم بإسلام من ترك جميع العمل ، بل قالوا : إن تارك العمل الظاهر لا يصح إيمانه و لا يكون مسلما .
و قوله : (انظر كيف أخذوا بقول الله: "أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان ومثقال برة ومثقال شعيرة من إيمان".فسلموا بهذا النص الواضح الجلي عن الله بأن الله أخرجهم من النار بما في قلوبهم من الإيمان، ولو كان عندهم شيء أو أشياء من أعمال الجوارح لذكرها وأشهد أن الله لا يقول إلا حقاً ولا يشهد إلا بالحق، وأنه لا يظلم مثقال ذرة.وأن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لا يقول إلا حقاً، ولا يشهد إلا بالحق.وأنه قد نصَّ على أصناف يشفع فيهم –صلى الله عليه وسلم-، أولهم المصلون المزكون المؤدون للصيام والحج.وآخرهم من عنده أدنى أدنى أدنى من مثقال ذرة من إيمان.وبعده تأتي رحمة أرحم الراحمين، فيخرج من النار من قال: "لا إله إلا الله".فمن يقول بأن هذين الصنفين من المصلين، ويصر على ذلك مثل الخوارجالحدادية ويطعن فيمن آمن وأخذ بهما، فقد سلك مسلك الجهمية والمعتزلة والقدرية الرادين للنصوص القرآنية والنبوية والمحرفين والمعطلين لما دلّت عليه تلك النصوص التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.)
أما قول الله تبارك وتعالى إنه يخرج من النار من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان ومثقال برة ومثقال شعيرة من إيمان فإنا نسلم بكلام الله على مراد الله . و لم يقل الله تعالى إن الذي يترك العمل يكون مسلما ، أين هذا في الحديث ؟
و أما قول ربيع : إن عدم ذكر الله تعالى للأعمال دليل على خلوهم منها . فليس بصحيح ، و لو جرينا على هذا الاستدلال لقلنا إن الذين قالوا لا إله إلا الله و خرجوا بها النار خالون من الاعتقاد أيضا إذ لو كان عندهم شيء من أعمال القلوب لذكرها الله تعالى !!
و أما رميه لمن يقول إن هؤلاء الخارجين من النار بقولهم كلمة التوحيد من المصلين و يصر على ذلك بأنه خارجي حدادي و سلك مسلك الجهمية و المعتزلة و القدرية ...إلخ فهو إفك مبين و ضلال بعيد .
فكيف لو أتيناك – وقد فعلنا فيما مضى – بمن قال من الأئمة إن أحاديث الشفاعة لا تتناول تاركي الصلاة ؟
قال الشيخ ابن عثيمين : (وذلك مثل أحاديث الشفاعة التي فيها أن الله يخرج من النار من لم يعمل خيراً قط، فهل قال الرسول عليه الصلاة والسلام في أحاديث الشفاعة أنهم يخرجون من النار من لم يصل؟ لا، بل قال: من لم يعمل خيراً قط، فيقال: يستثنى من ذلك الصلاة؛ لأن النصوص دلت على أن تركها كفر والكافر لا يخرج من النار) .
فهل الشيخ ابن عثيمين خارجي حدادي جهمي معتزلي قدري ..؟؟؟
بل هذا شيخ الإسلام ابن تيمية يستدل بأحاديث الشفاعة نفسها على كفر تارك الصلاة ، قال رحمه الله : ( وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة وأبي سعيد وغيرهما فى الحديث الطويل حديث التجلي أنه إذا تجلى تعالى لعباده يوم القيامة سجد له المؤمنون وبقي ظهر من كان يسجد فى الدنيا رياء وسمعة مثل الطبق لا يستطيع السجود فإذا كان هذا حال من سجد رياء فكيف حال من لم يسجد قط وثبت أيضا فى الصحيح أن النار تأكل من ابن آدم كل شيء الا موضع السجود فإن الله حرم على النار أن تأكله فعلم أن من لم يكن يسجد لله تأكله النار كله وكذلك ثبت في الصحيح أن النبي يعرف أمته يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فدل على أن من لم يكن غرا محجلا لم يعرفه النبي فلا يكون من أمته ).
فهل شيخ الإسلام ابن تيمية خارجي حدادي جهمي معتزلي قدري ..؟؟؟
نعوذ بالله من الهوى و الجهل .

ثم قال ربيع : ( حكاية شيخ الإسلام ابن تيمية إجماع الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين وسائر أهل السنة والجماعة على الأخذ بأحاديث الشفاعة، وأنه يخرج من النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان.)
مِن أخْذ شيخ الإسلام ابن تيمية بأحاديث الشفاعة تكفيرُه لتارك الصلاة ؟ فما رأي ربيع ؟ هل نلصق به جميع الأوصاف التي أراد إلصاقها بمخالفيه ؛ من عدم الإيمان بأحاديث الشفاعة و الأخذ بها و الاستسلام لها و...؟ هذا يلزمه ما دام لم يفهم من أحاديث الشفاعة كفر تارك الصلاة ؟
قال ربيع : ( قال –رحمه الله- في "مجموع الفتاوى" (1/318):"وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ أَنْكَرُوا شَفَاعَتَهُ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ فَقَالُوا : لَا يَشْفَعُ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْكَبَائِرِ عِنْدَهُمْ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُمْ وَلَا يُخْرِجُهُمْ مِنْ النَّارِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلُوهَا لَا بِشَفَاعَةِ وَلَا غَيْرِهَا وَمَذْهَبُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَسَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْفَعُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ وَأَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ أَحَدٌ ؛ بَلْ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ إيمَانٍ أَوْ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ".)
هذا في أهل الكبائر يا ربيع لا في تارك جميع أعمال الجوارح . فماذا دهاك ؟
و شيخ الإسلام يرى أن هذا الذي في قلبه مثقال حبة من إيمان أو مثقال ذرة من إيمان من أهل الصلاة كما مرّ .
ثم قال ربيع : (وقال بمضمون أحاديث الشفاعة الإمام ابن القيم –رحمه الله-.قال في كتابه "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح" (ص272-273):"إنه قد ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري في حديث الشفاعة:" فيقول الله -عز وجل- شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط قد عادوا حمما فيلقيها في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل فيقول أهل الجنة هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه"،فهؤلاء أحرقتهم النار جميعهم فلم يبق في بدن أحدهم موضع لم تمسه النار بحيث صاروا حمما وهو الفحم المحترق بالنار، وظاهر السياق أنه لم يكن في قلوبهم مثقال ذرة من خير فإن لفظ الحديث هكذا:"فيقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها خيرا، فيقول الله -عز وجل-: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض الله قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط"،فهذا السياق يدل على أن هؤلاء لم يكن في قلوبهم مثقال ذرة من خير ومع هذا فأخرجتهم الرحمة.ومن هذا رحمته سبحانه وتعالى للذي أوصى أهله أن يحرقوه بالنار ويذروه في البر والبحر زعماً منه بأنه يفوت الله سبحانه وتعالى فهذا قد شك في المعاد والقدرة ولم يعمل خيرا قط، ومع هذا فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ قال خشيتك وأنت أعلم فما تلافاه أن رحمه الله، فلله سبحانه وتعالى في خلقه حكم لا تبلغه عقول البشر وقد ثبت في حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال:"يقول الله -عز وجل-:أخرجوا من النار من ذكرني يوما أو خافني في مقام".فقد أخذ هذا الإمام بمضمون هذه الأحاديث مائة في المائة.وهو مذهب أهل السنة والحديث كما أسلفنا.)

قد رددتُ احتجاج ربيع بكلام ابن القيم هذا في كتابي " جناية ربيع " و لكنه للأسف لا يستفيد و يصر على فضيحته ، و أعيده للقارئ هنا : (قلت : لقد بلغ الخذلان بربيع مبلغا عظيما و لا حول و لا قوة إلا بالله . فهو يحتج بأي شيء مهما كان انتصارا لبدعته الإرجائية ، و التي هي الشهادة لتاركي العمل الظاهر بالإسلام و نفي تكفيرهم .
و من نماذج هذا الخذلان استدلاله بكلام ابن القيم الآنف الذكر ، و أنا أظن أن الرجل لم يقرأ يوما كتاب حادي الأرواح ، و إنما كتب كلمة " شفاعة" في محركات البحث ، فلما عثر على الكلام السابق أثبته من غير فهم لسياقه و لا سباقه و لا عما يتحدث ابن القيم .
إن كلام ابن القيم في حديث أبي سعيد على نقيض فهمك تماما ، فهو يرى أن عتقاء الله الذين يخرجهم الله برحمته من النار من الذين لم يعملوا خيرا قط ، يراهم كفارا غير مسلمين .
و ابن القيم – كما يعلمه صغار طلاب العلم – يقول بفناء النار في كتابه حادي الأرواح . و لو أنك قرأت صفحة واحدة قبل هذا النقل لعلمت ذلك .
بل إنك لو تمعنت في هذا النقل فقط لأدركت ذلك ، فهو يقول : (وظاهر السياق أنه لم يكن في قلوبهم مثقال ذرة من خير) يعني ليس في قلوبهم شيء من الإيمان ، و العجب أنك سودت هذه الجملة بخط سميك و جعلت تحتها سطرا !
فهل نفهم أنك تجعل تاركي أعمال القلوب بالكلية أيضا مسلمين !؟!؟!؟
لا حول و لا قوة إلا بالله .
و قولك: (فالظاهر أنه يعتقد أنهم من أهل التوحيد، وأنهم ليس عندهم شيء زائد على التوحيد أي يعتقد بظاهر الحديث أنهم لم يعملوا خيراً قط، والله أعلم)
عن أي توحيد تتحدث ؟ هو يقول ليس في قلوبهم و لا على جوارحهم خير و أنت تتحدث عن التوحيد ؟ إنه توحيد المرجئة إذن !
و ابن القيم أخذ بظاهر الحديث فعلا فحكم عليهم بالكفر ثم الخروج من النار !
و العبارات التي سودها ربيع و سطرها ظنا منه أنها تؤيده إنما هي ضده ، فقول ابن القيم (بغير عمل عملوه و لا خير قدموه) و قوله : ( فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط، فهذا السياق يدل على أن هؤلاء لم يكن في قلوبهم مثقال ذرة من خير ومع هذا فأخرجتهم الرحمة) و قوله : (لم يكن في قلوبهم مثقال ذرة من خير) كل هذا يَفهم منه ابن القيم رحمه الله أنهم كفار لم يعملوا لا بقلوبهم و لا ألسنتهم و لا جوارحهم خيرا ، و أنهم مع كفرهم ستنالهم رحمة الله ، و قد أطال في الاستدلال لهذا المذهب في هذا الكتاب ، و لست الآن بصدد بحثه .
أما حديث الذي أوصى أهله أن يحرقوه إذا مات ، و تسويد و تسطير ربيع لعبارة : (فهذا قد شك في المعاد والقدرة ولم يعمل خيرا قط) فهل يريد ربيع أن يُفهمنا أن الشك في المعاد و في صفة القدرة أيضا مما لا يؤثر في أصل الإيمان .
فإن كان ذلك كذلك فما هو الإيمان عند هذا الرجل ؟ لقد كنا معه في صراع مرير و هو يسقط عمل الجوارح ثم يريد مفاجأتنا بإسقاط الاعتقاد !؟
و العجيب أن ربيعا بعدما تجنى على أحاديث الشفاعة وأسقط بها العمل من الإيمان، يريد أن يتجنى على حديث الشاك في قدرة الله ليسقط الاعتقاد من الإيمان .
ولو أنه نظر في كلام أهل العلم – و ما أكثره – لعلم أنهم قد أجابوا عن هذا الحديث بأجوبة شتى ليس في جواب واحد منها القول بإسلام تارك العمل أو الاعتقاد .
و مما قالوا :
- أن الرجل مزج الشك باليقين كقوله تعالى : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) [سبأ 24] فصورته صورة الشك و المراد به اليقين .
- أنه من أهل الفترة حيث ينفع مجرد التوحيد .
- أنه جهل صفة من الصفات ، و تكفير جاهل الصفة محل خلاف .
- أنه ربما كان في شرعهم جواز العفو عن الكافر بخلاف شرعنا .
- أن الرجل كان في حالة من الذهول و الدهشة و الخوف و شدة الجزع ، فرفعت عنه المؤاخذة ، و هو نحو القائل الآخر الذي غلب عليه الفرح حين وجد راحلته : " أنت عبدي و أنا ربك " فلم يكفر بذلك الدهش و الغلبة و السهو .
و انظر تفصيل هذه الأقوال و غيرها في عارض الجهل من الصفحة 399 إلى 434 .
قال الشيخ أبابطين في الانتصار : (واحتج بعض من يجادل عن المشركين: بقصة الذي أوصى أهله أن يحرقوه بعد موته . على أن من ارتكب الكفر جاهلا لا يكفر, ولا يكفر إلا المعاند.
والجواب عن ذلك كله: أن الله سبحانه أرسل رسله مبشرين ومنذرين؛ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل .
وأعظم ما أرسلوا به , ودعوا إليه: عبادة الله وحده لا شريك له, والنهي عن الشرك الذي هو عبادة غيره.
فإن كان مرتكب الشرك الأكبر معذورا لجهله، فمن هو الذي لا يعذر؟
ولازم هذه الدعوى: أنه ليس لله حجة على أحد إلا المعاند. مع أن صاحب هذه الدعوى لا يمكنه طرد أصله, بل لابد أن يتناقض؛ فإنه لا يمكنه أن يتوقف في تكفير من شك في رسالة محمد صلى الله عليه و سلم أو شك في البعث, أو غير ذلك من أصول الدين. والشاك جاهل!.
والفقهاء رحمهم الله: يذكرون في كتب الفقه حكم المرتد: وأنه المسلم الذي يكفر بعد إسلامه : نطقا, أو فعلا, أو شكا, أو اعتقادا . وسبب الشك: الجهل.
ولازم هذا: أنا لا نكفر جهلة اليهود والنصارى, ولا الذين يسجدون الشمس والقمر والأصنام لجهلهم, ولا الذين حرقهم علي ابن أبي طالب رضي الله عنه بالنار ؛ لأننا نقطع أنهم جهال!!... إلى أن قال : وأما الرجل الذي أوصى أهله أن يحرقوه، وأن الله غفر له, مع شكه في صفة من صفات الرب سبحانه : فإنما غفر له لعدم بلوغ الرسالة له. كذا قال غير واحد من العلماء .
ولهذا قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: من شك في صفة من صفات الرب ومثله لا يجهلها: كفر, وإن كان مثله يجهلها: لم يكفر.
قال: ولهذا لم يكفر النبي صلى الله عليه و سلم الرجل الشاك في قدرة الله؛ لأنه لا يكون إلا بعد بلوغ الرسالة. وكذا قال ابن عقيل, وحمله على أنه لم تبلغه الدعوة.
واختيار الشيخ تقي الدين في الصفات: أنه لا يكفر الجاهل، وأما في الشرك ونحوه: فلا ).
فتبين من هذا أنه من الخطإ البيّن الاحتجاج بهذه القصة على عدم تكفير تارك العمل بالكلية و الشاك في القدرة و المعاد ، إذ الدعوى أعم من الدليل . و كذا القول بأن الشك في المعاد و الشك في القدرة ليس كفرا كما أن ترك العمل ليس كفرا ضلال فوق ضلال و العياذ بالله .
أما قول ربيع: (الإمام ابن القيم بنى حكمه هنا على حديث أبي سعيد وأيده بحديث هذا الرجل الذي لم يعمل خيراً قط، وأمر أولاده أن يحرقوه...الحديث. ولا شك أنه يؤمن بأحاديث الشفاعة الأخرى والأحاديث الواردة في فضل لا إله إلا الله وفضل التوحيد).
قلت : ابن القيم في حادي الأرواح يرى خروج من لم يقل لا إله إلا الله و لا يؤمن بها من النار بناء على مسألة فناء النار . و ما تأييده بحديث الشاك في قدرة الله إلا لبيان سعة رحمة رب العالمين التي تشمل العصاة و المشركين .
فانظر أين فهمك و أين كلام ابن القيم ؟
و قولك : ( والذي نعرفه عن ابن القيم أنه كان يرى كفر تارك الصلاة. لكنه لما وقف أمام حديث أبي سعيد في الشفاعة وما تلاه لم يسعه إلا الاستسلام لها والصدع بمضمونها.)
قلت : و ما يدريك أن كلامه في حادي الأرواح متأخر عن كلامه في الصلاة و حكم تاركها ؟
أفلا يكون العكس ؟ و هو الظاهر . لأن كثيرا من العلماء يرون أن ابن القيم تراجع عن قوله بفناء النار الذي قرره في حادي الأرواح .
فلا ابن القيم تراجع عن تكفير تارك الصلاة و لا فهم من أحاديث الشفاعة ما فهمه ربيع....).
ثم قال ربيع : ( وأجزم أن أحاديث الشفاعة وأحاديث فضل التوحيد من أعظم أدلة جمهور أهل السنة الذين لا يكفرون تارك الصلاة.)
هذه دعوى بلا دليل و قد ذكرنا بعض كلام الأئمة في نفي الاستدلال بأحاديث الشفاعة على كفر تارك الصلاة كابن نصر و ابن عثيمين ، بل ذكرنا استدلال ابن تيمية بها على كفر تارك الصلاة .
فبأي شيء يجزم ربيع ؟ إنها أوهام في أوهام و الله المستعان .
ثم قال ربيع : ( ومثل هذا القبول يغيظ الحدادية، ويعتبرون هذا القبول إرجاء وأهله مرجئة، وقد يجعلونه من غلاة المرجئة.) .
الذي يغيظ ربيعا أنه لم يجد ما يؤيد بدعته من كلام السلف و لذلك يتهجم بهذه العبارات على مخالفيه ، فمت بغيظك يا ربيع !
ثم قال : ( وأختم هذا المقال بقول الإمام ابن القيم –رحمه الله- في "مقدمة حادي الأرواح" (ص15-16):"والله يعلم ما قصدت، وما بجمعه وتأليفه أردت، فهو عند لسان كل عبد وقلبه، وهو المطلع على نيته وكسبه، وكان جل المقصود منه بشارة أهل السنة بما أعد الله لهم في الجنة، فإنهما لمستحقون للبشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ونعم الله عليهم باطنة وظاهرة، وهم أولياء الرسول وحزبه، ومن خرج عن سنته فهم أعداؤه وحربه، لا تأخذهم في نصرة سنته ملامة اللوام، ولا يتركون ما صح عنه لقول أحد من الانام، والسنة أجل في صدورهم من أن يقدموا عليها رأيا فقهيا أو بحثا جدليا أو خيالا صوفيا أو تناقضا كلاميا أو قياسا فلسفيا أو حكما سياسيا، فمن قدم عليها شيئا من ذلك فباب الصواب عليه مسدود، وهو عن طريق الرشاد مصدود".)

قلت : الله أعلم بقصدك ، و لكنا نحاكمك بما ظهر منك ، و الذي ظهر أنك تنشر الإرجاء و تؤصل له ، و تهاجم أهل السنة و تنفر منهم ، بل و تراهم أفجر خلق الله ! و هذا دليل على عجزك و إفلاسك ، و لا نستبعد أبدا أن تكون مدسوسا بين أهل السنة و نشيطا ضمن المؤسسة الإرجائية السرية !
و ابن القيم رحمه الله في قوله بفناء النار و خروج الكفار منها بعد الفناء و دخولهم الجنة و استدلاله على ذلك بما ظهر له من الأدلة ، قد رجع عن قوله ، فالله يغفر لنا و له ، مع أنه لم يقل أبدا إن تارك العمل الظاهر مسلم ! بل يراه كافرا ، و هذا شيء من أقواله الصريحة في ذلك :
قال رحمه الله في(الفوائد): "الإيمان له ظاهر وباطن ، وظاهره قول اللسان وعمل الجوارح ، وباطنه تصديق القلب وانقياده ومحبته ، فلا ينفع ظاهر لا باطن له ، وإن حقن به الدماء وعصم به المال والذرية . ولا يجزىء باطن لا ظاهر لـه إلا إذا تعـذّر بعجز أو إكراه وخوف هلاك. فتخلف العمل ظاهراً مع عدم المانع دليل على فساد الباطن وخلوه من الإيمان".
وقال أيضا في (الفوائد) :"فكل إسلام ظاهر لا ينفذُ صاحبُه منه إلى حقيقة الإيمان الباطنة ، فليس بنافع حتى يكون معه شيء من الإيمان الباطن. وكل حقيقة باطنة لا يقوم صاحبُها بشرائع الإسلام الظاهرة لا تنفع ولو كانت ما كانت ، فلو تمزق القلب بالمحبة والخوف ولم يتعبد بالأمر وظاهر الشرع لم يُنْجه ذلك من النار ، كما أنه لو قام بظواهر الإسلام وليس في باطنه حقيقة الإيمان لم يُنْجـه من النـار".
وقال في الصلاة وحكم تاركها : (على أنا نقول : لا يصر على ترك الصلاة إصرارا مستمرا من يصدق بأن الله أمر بها أصلا ، فإنه يستحيل في العادة والطبيعة أن يكون الرجل مصدقا تصديقا جازما أن الله فرض عليه كل يوم وليلة خمس صلوات وأنه يعاقبه على تركها أشد العقاب ، وهو مع ذلك مصر على تركها ، هذا من المستحيل قطعا ، فلا يحافظ على تركها مصدق بفرضها أبدا ، فإن الإيمان يأمر صاحبه بها ، فحيث لم يكن في قلبه ما يأمر بها فليس في قلبه شيء من الايمان ، ولا تصغ الى كلام من ليس له خبرة ولا علم بأحكام القلوب وأعمالها.
وتأمل في الطبيعة بأن يقوم بقلب العبد إيمان بالوعد والوعيد والجنة والنار وأن الله فرض عليه الصلاة وأن الله يعاقبه معاقبة على تركها، وهو محافظ على الترك في صحته وعافيته وعدم الموانع المانعة له من الفعل، وهذا القدر هو الذي خفي على من جعل الإيمان مجرد التصديق وإن لم يقارنه فعل واجب ولا ترك محرم، وهذا من أمحل المحال أن يقوم بقلب العبد إيمان جازم لا يتقاضاه فعل طاعة ولا ترك معصية .... إلى أن قال : ( فالتصديق إنما يتم بأمرين: أحدهما اعتقاد الصدق، والثاني محبة القلب وانقياده ولهذا قال تعالى لإبراهيم {أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا}وإبراهيم كان معتقداً لصدق رؤياه من حين رآها فإن رؤيا الأنبياء وحي، وإنما جعله مصدقاً لها بعد أن فعل ما أمر به وكذلك قوله صلى الله عليه و سلم :" والفرْج يصدق ذلك أو يكذبه" فجعل التصديق عمل الفرج ما يتمنى القلب، والتكذيب تركه لذلك وهذا صريح في أن التصديق لا يصح إلا بالعمل. وقال الحسن : ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل. وقد روى هذا مرفوعاً ، والمقصود أنه يمتنع مع التصديق الجازم بوجوب الصلاة والوعد على فعلها والوعيد على تركها وبالله التوفيق
وقال : (وإذا كان الإيمان يزول بزوال عمل القلب فغير مستنكر أن يزول بزوال أعظم أعمال الجوارح، ولا سيما إذا كان ملزوماً لعدم محبة القلب وانقياده الذي هو ملزوم لعدم التصديق الجازم كما تقدم تقريره، فإنه يلزم من عدم طاعة القلب عدم طاعة الجوارح ،إذ لو أطاع القلب وانقاد أطاعت الجوارح وانقادت، ويلزم من عدم طاعته وانقياده عدم التصديق المستلزم للطاعة وهو حقيقة الإيمان.فإن الإيمان ليس مجرد التصديق - كما تقدم بيانه - وإنما هو التصديق المستلزم للطاعة والانقياد، وهكذا الهدى ليس هو مجرد معرفة الحق وتبينه، بل هو معرفته المستلزم لاتباعه والعمل بموجبه، وإن سمي الأول هدى فليس هو الهدى التام المستلزم للاهتداء، كما أن اعتقاد التصديق وإن سمي تصديقاً فليس هو التصديق المستلزم للإيمان. فعليك بمراجعة هذا الأصل ومراعاته) انتهى .

ثم قال ربيع : ( فيا أيها الحداديون ثقوا أننا لا نقدم على سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأياً فقهياً، أو بحثاً جدلياً، أو خيالاً صوفياً، ولا تناقضاً كلامياً، أو قياساً فلسفياً، أو حكماً سياسياً.بل نعض على سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسنة خلفائه الراشدين بالنواجذ.)
بل علماؤنا لما أصدروا فيك حكمهم على ثقة من أنك تقدم الهوى و العصبية و آراءك الشخصية و أقوال سلفك من المرجئة على سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم و سنة خلفائه الراشدين ، و دعواك خلاف ذلك تنقصه البينات ، بل البينات على خلافه .

و قوله : ( فيا أيها الحداديون خذوا بنصوص الشفاعة التي تدل دلالة واضحة كالشمس على الوعد العظيم للمؤمنين المستقيمين ونعيمهم، وتدل دلالة واضحة كالشمس على الوعيد الشديد والعذاب الأليم للمنحرفين، ثم تدل على فضل "لا إله إلا الله" كلمة التوحيد وسعة رحمة الله، التي يرحم بها من عنده أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من الإيمان والتوحيد.)
أهل السنة يؤمنون بالذي ذكرتَ و يؤمنون كذلك أن الذي عنده أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من الإيمان والتوحيد لا يخلو من عمل على جوارحه و هو الصلاة على الصحيح . فهل تؤمن أنت بذلك ؟ أم أن الإرجاء يمنعك ؟
و قولك : ( وأنتم تحتجون بكلام بعض الناس، ولكننا على منهج السلف لا نأخذ بكلام الناس إذا خالف النصوص النبوية الواضحة، والتي أخذ بها أهل السنة وفيهم أعلم بكثير ممن تتعلقون بأقوالهم.)
الحمد لله أنك عاجز عن التصريح بأسماء هؤلاء الناس الذين نحتج بهم ، و هم - إذ أنت عاجز عن ذكرهم - : علماء المملكة حفظهم البقية الباقية من علماء السلف ، و قبلهم الشيخان ابن باز و ابن عثيمين و قبلهما ابن حميد و محمد بن إبراهيم و بقية العلماء ممن في عصرهم ، و قبلهم أئمة الدعوة النجدية و على رأسهم الإمام محمد بن عبد الوهاب ، و هكذا مرورا بابن القيم و ابن تيمية إلى أن تصل للشافعي و أحمد و إسحاق بن راهويه و سفيان بن عيينة و عبد الله بن شقيق و أمثالهم و قبل هؤلاء صحابة النبي صلى الله عليه و سلم ، و قبل الجميع الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية .
فبهذا نحتج و الحمد لله ، و أنت يا ربيع ما لك سلف إلا عدنان عبد القادر و مراد شكري و علي الحلبي و أضراب هؤلاء ، و قبلهم داود بن جرجيس و يوسف الكويتي و عبد الكريم الأحسائي ، و قبلهم الجاحظ و العنبري المعتزلي و هلم جرا ، و العياذ بالله .
و قد بين سماحة المفتي حفظه الله المنبع الذي تأخذ منه عقيدتك و تقرر منه توجهاتك و بيّن سلفك ، فرُدّ على الشيخ المفتي إن استطعت !

ثم قال ربيع : ( ولم تقتصروا في القال والقيل على بعض العلماء، بل ذهبتم تحتجون وتأخذون بأقوال كل من هبَّ ودبَّ من أنصاف وأرباع العلماء.وترجفون على أهل السنة والحق بكتابات الكذابين والخونة والمجهولين مثل الزاكوري والحماماتي.ولن تغني عنكم هذه الأراجيف شيئاً في الدنيا والآخرة، بل ما فيها وما وراءها إلا الخسران المبين،والحق يعلو ولا يعلى عليه، (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)، (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ). اللهم انصر دينك وأعلِ كلمتك.وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.كتبه: ربيع بن هادي عمير19/8/1435هــ )
قلت : الآن بحمد الله بدأت تصرح بأولئك الناس الذين نحتج بهم و هم العلماء ! و هذا حق فنحن خلف العلماء الأكابر و لن نستبدل المرجئة بهم ، و نسأل الله أن يحفظهم لنا من كل سوء و ينصر بهم الملة .
و ما نحن إلا عالة عليهم نأخذ بكلامهم و نرد به على المخالفين كيفما كانوا ، و عيبنا عند ربيع أننا لم نتبعه في مذهبه و آثرنا عليه العلماء ، و هذا ليس بعيب عند من يعقل ، كما قال الشاعر :
بأبيه اقتدى عدي في الكرم ** و من شابه أباه فما ظلم
أما أننا كذابون و خونة فهذه دعوى يعجز ربيع عن التدليل عليها ، فنكله إلى الديان و عنده تجتمع الخصوم .
و أما أننا مجهولون فهذا لا يضيرنا بحمد الله لأننا معروفون عند من هو خير من ربيع ، بل و بعض من يعرفهم ربيع يعرفوننا و كانوا يثنون علينا .
و مسألة الجهالة لا دخل لها في الموضوع لأننا نناقش كلام ربيع و نرد عليه بصوارم الأدلة ، فإما أن يرد بعلم أو يسكت خير له .
و ليعلم ربيع أنه و إن ذهب أبو عاصم أو أبو عبد القدوس أو أبو عبد الله أو غيره من طلبة العلم ، بل و لو ذهب الشيخ المفتي أو الشيخ العبود أو الشيخ الجربوع أو الشيخ الراجحي أو الشيخ الفوزان ، فسيقيض الله للأمة من يبين لها الحق ، و الله سبحانه ناصر دينه أحب من أحب و كره من كره .
فنسأل الله أن يجعلنا من أهل الحق و أن يجنبنا الفتن .
و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه
أبو عبد الله يوسف الزاكوري
19/ 08/1435 هـ

ابن سيرين
07-01-2014, 08:04 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله و الصلاة و السلام علي رسول الله و بعد

فاردت ان اعلق علي كلام الاخ ابوعبدالله وفقه الله للصواب في مقاله مع انه نقد و رد علمي جيد علي اعتقاد المدخلي في احاديث الشفاعة الا انه لايخلو من بعض الأخطاء يجب ان نشير اليها كي لانخرج عن ضلال فنقع في ضلال اخر

ذكر الاخ فيما كتبه من اعتقاد ابن القيم رحمه الله في حادي الأرواح بفناء النار ثم رجوعه عنها و هذا نص كلامه

قلت : ابن القيم في حادي الأرواح يرى خروج من لم يقل لا إله إلا الله و لا يؤمن بها من النار بناء على مسألة فناء النار . و ما تأييده بحديث الشاك في قدرة الله إلا لبيان سعة رحمة رب العالمين التي تشمل العصاة و المشركين . انتهي كلامه

ثم يقول في مقام اخر ما نصه

قلت : و ما يدريك أن كلامه في حادي الأرواح متأخر عن كلامه في الصلاة و حكم تاركها ؟
أفلا يكون العكس ؟ و هو الظاهر . لأن كثيرا من العلماء يرون أن ابن القيم تراجع عن قوله بفناء النار الذي قرره في حادي الأرواح .انتهي كلامه

قلت بل ابن القيم لم يقل بفناء النار يوما و إنما مذهبه هو مذهب شيخه و هو خلود الجنة و النار و عدم فنائهما و هو في حادي الأرواح يسرد الأقوال و يحكي الخلاف ويسهب فيه ، و أطال النفس في أدلة القائلين في فناء النار حتى يرد على الذين يقولون بأنه لا خلاف معتبر في المسألة. فظن البعض أنه يختار هذا القول .

و لايلزم بان ما ذكره هناك هو اعتقاده و عقيدة ابن القيم التي ذكرنا من قبل واضحة في اجتماع الجيوش الاسلامية و هو من أواخر كتبه و يتفق مع ما قرره شيخ الاسلام في مجموع الفتاوي
هذا ينبغي ان يعلمه كل طالب علم ذي بصيرة في العلم و اكتفي بهذا عن تطويل الكلام .

ثم في مقام اخر حينما يرد الاخ علي المدخلي في اتهامه علماء اهل السنة بالحدادية نعلم جميعا انه يقصد الشيخ فالح الحربي اولا لانه هو و اتباعه يسمونه زورا و كذبا برأس الحدادية و هو برئ من الحدادية بل و هو اول من رد علي محمود الحداد و كشف اباطيله و هولاء يرمون كل من علي منهج اهل السنة بهذه الألقاب .

و بما انك اخي الكريم تجاهلت ذكر اقوال الشيخ فالح في المدخلي عفا الله عنك أظن ان هذا ظلم و إجحاف في حقه لانه هو اول من تكلم ببطلان مذهب ربيع و تحمل بسببه طعونا كثيرة ممن يدعون العلم من اتباع ربيع و الذين كانوا متأثرين بمنهجه او لم يكشف لهم اباطيله و الان قد انفضح برد كبار العلماء عليه و جميع اهل السنة حيث اتضح له منجه الباطل و الذي بدا يرد عليه فلان و فلان

و كانت تجدر الإشارة الي كتب و مقالات توجد في موقع الاثري او موقع الشيخ فالح الحربي في الرد علي المدخلي

بارك الله فيك

12d8c7a34f47c2e9d3==