المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإرهاب ودور المؤسسات الحكومية في علاجه


كيف حالك ؟

أحمد الشحي
03-02-2004, 01:59 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الإرهاب ودور المؤسسات الحكومية في علاجه
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد :
فإنه مما ابتليت به الأمة الإسلامية اليوم فتنة التكفير واستباحة دماء المسلمين أو المعاهدين والمستأمنين من الكفار الذين يعيشون في الدولة الإسلامية فأصبح المسلمون العقلاء في استياء من هذا الاتجاه الفاسد , وهمِّ وتفكير شديد في كيفية معالجته , بعد أن اصطلح الناس على تسميته بالإرهاب وهو حق إرهاب إذ فيه تخويف للأمنين واستباحة دماء المسلمين وغيرهم ممن عصمت الشريعة الإسلامية دماءهم ,لكن قد يغفل الكثير من المعالجين عن أمر فيظنون أن هذا فكر فاسد وليدُ العصر والحقيقة خلاف ذلك فإنه قديم وأهله معروفون عند المسلمين , إنهم فرقة يقال لهم الخوارج , خرجوا وعرفوا في عهد خلافة على بن أبي طالب رضي الله عنه كما ثبت ذلك فيما أخرج الإمامين عبدالرزاق الصنعاني في المصنف وأحمد بن حنبل في المسند من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ,حيث انحرفت هذه المجموعة عن فهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واعتزلت في منطقة قريبة من الكوفة يقال لها حروراء حتى وصل بهم الأمر أشرف الناس بعد الأنبياء وهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين اختارهم الله لصحبة نبيه , ثم ختموا هذا الإرهاب بمقاتلة الصحابة رضي الله عنهم كل ذلك فعلوه باسم الدين .
وقد جاءت الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة وأقوال السلف في إبطال هذا الداء فمن ذلك :
1- قول الله تعالى : ( ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاءه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيمأً ) النساء 93.
2- قوله تعالى : ( قل تعالوا اتلوا ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقهم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ) الانعام151.

قال الإمام البغوي رحمه الله حرّم الله تعالى قتل المؤمن والمعاهد إلا بالحق إلا بما يبيح قتله من ردة أو قصاص أو زنا يوجب الرجم ا.هـ
وقال القرطبي رحمه الله :
وهذه الآية نهى عن قتل النفس المحرمة المؤمنة كانت أو معاهدة إلا بالحق الذي يوجب قتلها .
3- قوله تعالى : ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً ) .
4- ما أخرج البخاري ومسلم من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يحل دم امرئ مسلم يشهد ألا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والمارق من الدين التارك للجماعة .
5- ما أخرج البخاري من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة ,وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً .
قال الشوكاني رحمه الله : ( المعاهد هو الرجل من جار الحرب يدخل الى دار الاسلام بأمان ويحرم على المسلمين قتله بلا خلاف بين أهل الاسلام حتى يرجع إلى مأمنه ويدل على ذلك أيضاً وقله تعالى ( وإن أحداً من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ) ا.هـ
ومما هو ملاحظ أن كثيراً من العقلاء في البلدان الاسلامية يسعون في معالجة هذا الإرهاب بطرق مختلفة متنوعة منها ما هو صحيح نافع ,ومنها ما هو على خلاف ذلك .
ومن جهة نظري أن هناك طرق نافعة إذا أحسن استخدامها وإعمالها في معالجة هذا الداء الخطير فإنها ستكون نافعة ومفيدة بإذن الله تعالى وهي تتلخص في تفعيل المؤسسات الحكومية في معالجة هذا الداء من خلال مؤسسات حكومية رئيسية هي :
1- وزارة التربية والتعليم .
2- وزراة الشؤون الإسلامية .
3- وزارة الإعلام والثقافة .

فهذه المؤسسات الحكومية الثلاث إذا أعملت جيدا في كل دولة إسلامية فإنها سيكون دور كبير في معالجة هذا الداء لكن في ضوء نقاط واشارات ينبغي أن تلحظ وتراعى في هذه المؤسسات أكتفي بالتنبيه عليها وهي على النحو التالي :

أولاً : ما يتعلق بوزارة التربية والتعليم وذلك وفق الأمور الآتية :

1- العناية التامة في اختيار مدرسي التربية والتعليم والعلوم الشرعية خصوصاً وغيرها من العلوم عموماً .
وذلك لأن هذا الجانب قد اخترق من قبل هؤلاء الإرهابيين حيث أصبحت لهم مكانة في كثير التربية والتعليم في الدولة الإسلامية فاستغلوا جانب التدريس في ربط الطلاب والطالبات بأشخاص معينين بأفكار فاسدة وتنظيمات سرية تسعى للفاسد وهي تدعي في إظهار تريد الإصلاح .
ومن ذكائهم في الباطل انهم لم يكتفوا بالدخول لتدريس العلوم الشرعية فقط بل تجاوزا ذلك , فاصبوا يدرسون علوماً أخرى متنوعة من خلالها يتم لهم اختيار من يرغبون من الطلاب والطالبات لربطهم بأفكارهم وتنظيماتهم.
2- العناية بالمقررات الدراسية الإسلامية مع التركيز على الجوانب المهمة التي انحرف إليها الإرهابيون والتكفيريون , وذلك من خلال إضافة الأمور الآتية في مناهج التربية الإسلامية :
أ – الموقف الشرعي من المسلم العاصي ومرتكب الكبيرة :
فيقرر في المناهج موقف أهل السنة والجماعة الذي ينص على عدم التكفير مرتكب الكبيرة وتدعيم ذلك بأدلة الكتاب والسنة بطريقة تناسب المستويات الدراسية ومراحلها الإعدادية والثانوية والجامعية .
ب – الموقف الشرعي من الحاكم المسلم فيقرر من خلال بيان أدلة الكتاب والسنة وطريقة الصحابة رضي الله عنهم في إثبات وجوب طاعة ولاة الأمر بالمعروف وقبول بيعته والصبر عليه ونحو ذلك من بيان أخطاء الكلام في ولاة الأمر أو الطعن أو نقض بيعتهم أو معصيتهم فيما أمروا به من معروف وغير ذلك .
ج- الموقف الشرعي في معاملة الكفار الذين يقيمون في بلدان اسلامية فيُقرر ما جاء من أدلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان عصمة دماء هؤلاء وغير ذلك من الأحكام التفصيلية التي بيت أحكام أهل الذمة والمعاهدين والمسـتأمنين .






ثانياً :ما يتعلق بوزارة الشؤون الإسلامية وذلك وفق الأمور الآتية :

1- العناية التامة في اختيار الوعاظ والأئمة والمؤذنين وهذا الجانب قد أخلّ به في البلدان الإسلامية إلا من رحم الله وسلمه ,ولهذا نلاحظ أنه قد استغلّ استغلالاً كبيراً من صنفين :
الأول :
أهل الأهواء والبدع ومنهم أهل الأفكار التكفيرية والتهيجية حيث دخلوا في هذه المؤسسات واستغلوها في نشر مبادئهم وأفكارهم في المجتمع وكان القبول قد هيأ لكونهم يمثلون جهة رسمية .
الثاني :
المرتزقة الذين لا همّ لهم إلا المال والوظيفة فلا يحملون همّ المحافظة على المجتمع وإنما غايتهم المال أو الراتب الشهري ,ولهذا فإن أمثال هؤلاء المرتزقة في الغالب يستغلون من قبل أهل الأموال الذين ابتلوا بالأفكار المنحرفة فيجعلونهم مطيّة لتخليص معاملاتهم وأمورهم وتحقيق أغراضهم ,ومن هنا أنبّه على النقطة الثانية وهي :
2- العناية في اختيار الموظفين الإداريين وحسن متابعتهم كيلا يُستغلوا في تحقيق أفكار وتنظيمات فاسدة أو جهات منحرفة .
3- قوة سيطرة وتحكم الوزارة على مكاتبها وأفرادها على مستوى كل دولة وذلك إن ضعف السيطرة له أثر كبير في فتح المجال لجهات أخرى للسيطرة على بعض الأعمال الخاصة بالوزارة ولهذا نجد في بعض المناطق من الدول الإسلامية لا تملك الوزارة عملية توزيع الخطباء على المساجد وإنما هي بيد بعض التنظيمات المنحرفة سيما تنظيم الإخوان المسلمين فهو تنظيم سياسي دقيق ماكر متخفِّ استمد كثيراً من الدبلوماسية المزعومة من الغرب ليقوي تنظيمه في فتح الثغرات في الجهات التي يرغب بها والله المستعان .
4- تفعيل دور الوعاظ والخطباء في هذا الجانب من أجل بيان أدلة الكتاب والسنة التي تبين فيها المسائل التي خالف فيها الإرهابيون وانحرفوا إليها عن طريق نشر المحاضرات الندوات والنشرات التي عرف أصحابها مواجهة هذا الفكر وكشفه .
5- إبعاد وإيقاف أصحاب الفكر الإرهابي عن مخاطبة المجتمع فلا يُمكنوا من خطب ولا محاضرات ولا دروس ولا غيرها .

ثالثاً : وزراة الإعلام والثقافة وذلك وفق النقاط الآتية :
1- ربط المحاضرات والندوات التي تتناول هذه المسائل عن طريق الإذاعات والصحف ونحوها من الوسائل التي تخاطب المجتمع.
2- تكثيف الفتاوى الشرعية التي تعالج هذه الجوانب من قبل أهل العلم المأمونين.
3- استئصال المنابع الثقافية للأفكار الإرهابية ومنع كتبهم ومصادرهم الثقافية وعدم السماح بنشرها أو طباعتها سيما كتب سيد قطب فإنها من المصادر الرئيسية التي أججت هذه الأفكار في الشباب المسلم في باب التكفير والخروج على ولاة الأمر .
هذا ما تيّسر ذكره من أمور ومسائل أرجوا أن تسهم في معالجة هذه القضية كما أسأل الله جل وعلا أن يجعلها باب لفتح الدراسات الشرعية المؤصلة في العلاج لهذه القضية المهمة الخطيرة من قبل أهل العلم وطلابه من أجل وضع حلول شرعية مدروسة تسهم في علاج هذه القضية والله الموفق فهو حسبنا ونعم الوكيل والحمد الله رب العالمين .

كتب/ أبو عبدالله أحمد بن محمد الشحي
الامارات العربية المتحدة

محب الأثري
03-03-2004, 12:58 AM
جزاك الله خير

وضاح اليعمري
03-03-2004, 11:36 PM
جزاك الله خيرا يا الشيخ احمد الشحي على نصيحتك المميزة ، و نتمى لك التوفيق و السداد .

أبي التياح الضبعي
03-04-2004, 02:37 AM
جزاك الله خير ياأحمد على هذا المقال

عا دل
03-04-2004, 11:21 AM
جزاك الله خير يا احمد الشحي ، و جعله الله في ميزان حسناتكم يوم القيامة .

و المعروف ان ابو عبد الله احمد الشحى انه من طلبة الشيخ مقبل - رحمه الله - و الشيخ عبيد الجابري - حفظه الله - وله جهد في الامارات في نصر السنة و الدفاع عن منهج السلف .

عبيد الأثري
04-15-2004, 02:29 PM
جزاكم الله خيراًِ وحفظ الله الاخ الشحي

12d8c7a34f47c2e9d3==